• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (17)

شرح العقيدة الواسطية (17)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/12/2015 ميلادي - 22/2/1437 هجري

الزيارات: 13363

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (17)

إثبات رؤية الله بالأبصار يوم القيامة


وَقَوْلِهِ: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]:

فيها إثباتُ صفةِ رؤية الله عز وجل عيانًا بالأبصار يوم القيامة، وهي صفة التجلِّي لله عز وجل، وقد دلَّ عليها القرآنُ في آيات كثيرة، وقد جمَعها الشيخ هاهنا في أربع آيات، وفي القرآن جاءت خمسُ آيات على إثبات رؤية الله:

1- وأصرحُ ما جاء في القرآن على أن الله يُرى في الآخِرَة آية القيامة: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22]؛ مِن النَّضْرة، وهي الكمال والبهاء والحُسْن؛ لأنها ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 23].

 

ووجهُ أنَّ هذه الآيةَ أصرَحُ ما دلَّ في القرآن على النظر إلى وجه الله - ثلاثةُ أدلة:

أوَّلاً: أضاف النظر إلى الوجوه التي هي مُشتمِلة على العينين.

 

ثانيًا: عدَّى النظر بـ (إلى)، والنظر إذا تعدى بإلى فإنَّ معناه الْمَعايَنة بالبصَر، وإذا تعدَّى النظر بنفسِه فإن معناه الانتظار: ﴿ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ﴾ [الحديد: 13]، وإذا تعدى النظر بحرف (في) فمعناه التفكُّر.

 

ثالثًا: أنه أخلى الآيةَ عن قرينةٍ صارفة لهذا الظاهر عن مَعناه المتبادر، فقال: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22]؛ أي: إنها كاملة في حسنها، وبهائها، وجمالها؛ لأنها إلى ربها ناظرة.

 

2- وَقَوْلِهِ: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴾ [المطففين: 35].


3- ومن الأدلة على إثبات رؤية الله قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، والإمام الشافعي - ويُروى أيضًا عن مالك - جاءَته رقعةٌ (ورقةٌ) مِن صعيد مصر، يَسألونه عن هذه الآية، فقال: "لَمَّا حُجِبَ أعداؤه بالسُّخْطِ - أي: بسبب سخط الله عليهم - دل على أن أولياءه يرَونه بالرضا"، قال عن أهل سِجِّين الكفار: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]؛ حُجِبُ هؤلاء عن الله سُخطًا عليهم، فدل على أن أولياءه يرَونه بالرِّضا.

 

4- ولهذا لَما ذكر الأبرارَ أهلَ عليين قال: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [المطففين: 23، 24]، وأعظم نعيم يرتدُّ على وجوههم إنما يكون بنظَرِهم إلى وجه الله تعالى؛ لا حرَمَنا الله هذه النعمة وهذه المنزلة.

 

5- وَقَوْلِهِ: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، وَقَوْلِهِ: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35].


وهذا مما جاء في إثبات رؤية الله تعالى؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم - كما روى مَسلم في الصحيح من حديث صُهيب رضي الله عنه - فسَّر الزيادة بأنها النظرُ إلى وجه الله تعالى[1]، ويفسرها آية: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]، والمزيدُ هو رؤية وجه الله إذا كشف الحجاب عن وجهه، وهذا يكون في يوم الجمعة لعامَّة أهل الجنة، ويكون لِخُلَّص أهل الجنة في اليوم مرَّتَين؛ يَرونه صُبحًا وعَشيًّا.

 

أما الأحاديث في إثبات الرؤية فقد بلَغَت مبلغ التواتر، رَواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثرُ من ثلاثين صحابيًّا، كلها باللفظ الصريح الدالِّ على رؤية الله، ودل على ذلك إجماعُ أتباع الأنبياء والمرسلين على أن الله يُرى، ودلَّ على ذلك العقل الصحيح؛ فإن ربًّا آمَنَّا به في الدنيا ولم نرَه - لِعَجْزِنا نحن، لا لخفائه سبحانه وتعالى - لا بد أن يكون هناك دارٌ أخرى يَرى المؤمنون ربَّهم، وجاء في الجنة أنَّ فيها ما لا عينٌ رأت، ومما لم ترَه العيون في الدنيا؛ تعالى ربُّنا.

 

المنحرفون في صفة الرؤية لله عز وجل:

والذين خالَفوا في الرؤية هم الجهميَّة، والمعتزلة، والإمامية، والخوارج؛ فقد أنكروا رؤية الله، والخوارج هم الإباضيَّة؛ لأنهم هم الذين تَقمَّصوا، وتحمَّلوا مذاهبَ الاعتزال، أما الأوائل الصفوية، والأزارقة، والنجدات - فانحرافهم في مسألة تكفير المؤمن وفي مرتكِب الذنب.

 

والأشاعرة أثبَتوا أن الله يُرى، لكن قالوا: يُرى لا في جِهة. فتناقَضوا؛ لأن مِن مذهبهم إنكارَ العلوِّ، فأشغَب عليهم، وضَحِكَ عليهم الجهميةُ المعتزلة، فقالوا: كيف يُرى لا في جهة؟! هذا هو المتناقِض، فلا أنتم الذين وافَقتُمونا في نفي الرؤية كما نفَيتُم العلوَّ مِثلَنا، ولا أنتم الذين وافَقتم أهلَ السُّنة في إثبات العلو كما أثبتُّم الرؤية! فصاروا مُذبذَبين بين ذلك؛ لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، وهذا هو أثر التناقض الذي يُجرُّ إليه مَن خالف وحادَ عَن جادَّة الوحيين؛ عن جادة الأنبياء، وجادة الطريق المستقيم.

 

مقامات رؤية الله عز وجل:

والأدلة في إثبات رؤية الله كثيرة، ولكن مما نُلخِّصه في الرؤية أن الرؤية لها ستَّةُ مقامات:

1- المقام الأول: رؤية الله في الدنيا. وهذه لن تكون لأحد؛ بأن يُرى الله في الدنيا عيانًا أبدًا، والدليل فيها قولُه تعالى لموسى: ﴿ لَنْ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: 143]، وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وَتَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ))[2].

 

2- المقام الثاني: رؤية الله للكفار. والكفار لا يرون الله أبدًا؛ لا في الدنيا، ولا في الآخرة.

 

3- المقام الثالث: رؤية الله للمنافقين. والمنافقون سيَرَون الله عز وجل يوم يَكشِف سبحانه عن ساقه، كما في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ [القلم: 42، 43]، وكما جاء في حديث أبي سعيدٍ الخدري، لكنهم يتَحسَّرون ويتأذَّون ويتعذَّبون بهذه الرؤية، فلا يتنعمون بها كما هو لأهل الإيمان، وهذه رؤية الله في العَرَصات يراه المؤمنون والمنافقون؛ فهي للمؤمنين نعيم، وللمنافقين عذاب؛ لِمَا جاء في الحديث: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَنْ كَانَتْ تَعْبُدُ[3]، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّجَرَ الشَّجَرَ، وَالْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَالشَّمْسَ الشَّمْسَ، فَيَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ بِصُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهُ بِهَا...)).


فالله تعرَّف إلينا بأسمائه وصفاته، فصُورته بما تعرَّف به إلينا، وهذا كما أن الدجَّال يأتي الناسَ في الدنيا بصورةٍ عوراء، ويقول: أنا ربُّكم! فيُكذِّبه الموحِّدون المؤمنون، فيأتيهم الله بصورة غير الصورة التي يَعرفونه بها، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت لستَ ربَّنا؛ يُنكِرونها؛ لأن أثر إيمانهم بأسماء الله وصفاته التي تعرَّفَ الله بها إليهم، وعَرَّفَه بها رسوله صلى الله عليه وسلم إليهم: ((ثُمَّ يَأْتِيهُمْ بِصُورَتِهِ التَّيِ يَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَخِرُّ الْمُؤْمِنِينَ للهِ سُجَّدًا، فَيَذْهَبُ الْمُنَافِقُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْجُدُوا، فَتَكُونُ ظُهُورُهُمْ كَخَشَبَةٍ لا تَسْتَطِيعُ هَوِيًّا)).


4- المقام الرابع: رؤية الله في الجنان؛ وهي لأهل الإيمان خاصة، وهم في قُربِهم من الله كقُربهم من الخطيب يوم الجمعة، وعامة أهل الجنة يرَون الله في يوم المزيد، يوم الجمعة، وخُلَّصُهم يرون الله في اليوم مرتين.

 

5- المقام الخامس: رؤية الله في المنام؛ والصَّحيحُ أن الله يُرى في المنام، يراه الإنسان في منامه في الدنيا، لكن هذه الرؤية في المنام من باب ضرب المثل، بحسَب اعتقاد هذا الرائي؛ فإن كان مِن أهل التشبيه رأى الله بصورة التشبيه، وإن كان من أهل التعطيل رأى الله بصورة التعطيل، وإن كان مِن أهل الإيمان والإثبات رأى الله بما يُناسب إيمانَه واعتقاده؛ ولهذا فقد تواتر عن بعض أئمة السُّنة أنهم رأَوُا الله في المنام، يرَون الله على هيئة نورٍ يُكلِّمهم ويُخاطبهم، وممن رأى اللهَ الإمامُ أحمد قال: "رأيتُ ربِّي في المنام، فقلت: يا رب! ما أفضلُ ما تَقرَّب العبادُ به إليك؟ فقال: كلامي يا أحمدُ. فقلت: يا ربِّ! بفهمٍ، أو بغير فهم؟ قال: بفهم وبغير فَهم". ورؤية الله في هذه المقامات تكون تثبيتًا من الرُّؤى الصالحة:

أ- لا يجوز أن يُعتقد أن الله في ذاته، وفي صفاته، وفي أسمائه كما رآه الرائي في منامه.

ب- لأن المنام ضربُ مثل، ينعكس بانعكاس اعتقاده، وما قام في قلبه.

ج- أن رؤية كل إنسانٍ هي بحسب عقيدته في الله، وأسمائه وصفاته.

 

6- المقام السادس: رؤية النبيِّ ربَّه في ليلة المعراج، وهل رأى ربه، أم لم يره؟ الصحيح أنه لم يرَ ربَّه بعينَيْ رأسه، وإنما رأى النبي ربه بقلبِه؛ كما دل عليه حديثُ معاذٍ عند أهل السنن؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَا يَخْتَلِفُ الْمَلأُ الأَعْلَى؟ فَقُلْتُ: لا أَعْلَمُ. فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ عَلَى ظَهْرِي، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، فَقُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ))[4]؛ فهذه رؤيا قلبية وليست رؤية بصرية.

 

ولما سأل أبو ذر رضي الله عنه - والحديث في الصحيح - قال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: ((نُورٌ، أَنَّى أَرَاهُ؟!)). وفي رواية قال: ((رَأَيْتُ نُورًا))[5]، وهو نور الحجاب، ولما سأل مسروق عائشة رضي الله عنها فقال: يَا أُمَّاهُ، أَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ؟ قَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعْرِي مِمَّا قُلْتَ - أي: إنه أصابتني القُشَعْريرةُ - مَنْ أَخْبَرَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ))[6]، وهذه المسألة من المسائل التفصيلية المتعلقة بالعقيدة، والتي وقع فيها خلاف سائغٌ بين العلماء؛ بِناءً على فقههم، وما بلغَهم من الأدلة؛ ومثلها أيضًا مسألة الفرق بين النبيِّ والرسول، والمقام المحمود، ولا يجوز أن تُتَّخَذ ذريعة للشِّقاق والنزاع بين أهل السنة والجماعة، كما لا يجوز أن تُتَّخذ شبهة لدعوى خلاف أهل السنة في مسائل العقيدة؛ لما سبق التنويه عليه.

 

سبب عدم رؤية الله عز وجل:

والسبب في أننا لا نطيق أن نرى الله في الدنيا بأبصارنا هو عَجزُنا وضَعفُنا، لا خَفاءُ ربِّنا جلَّ جلالُه؛ بدليل أن الله تجلَّى للجبل الأصَمِّ الصُّلبِ الأشَمِّ، الذي لا ثوابَ له ولا عِقاب، فلما تجلى الله له ما أطاق الجبلُ هذا التجلِّيَ، فاندكَّ وتهدهد، وغدا ترابًا، ولهذا غُشِي على موسى، ولو كان غير موسى لطار قلبه من جسده، فدل على أنَّ الناس والمؤمنين خاصة، وخُلَّص المؤمنين من أنبياء الله ورسله لم يرَوُا الله في الدنيا؛ لعجزنا وضعفنا، لا لخفاء ربِّنا علينا، ولهذا يوم القيامة يُكَمِّلُ الله ضعفنا وقُوانا فنُطيق النظر إليه، بل ويتلذَّذ المؤمنون بالنظر إلى وجه سبحانه وتعالى، وفي الحديث: ((تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ)). وهذا في صحيح مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

 

تشبيه رؤية المؤمنين لله برؤية الشمس والقمر في الدنيا:

جاء في حديث أبي سعيد، وجرير بن عبد الله البجلي، وأبي هريرة - وكلها في الصحيحين - تشبيه رؤيتنا لله برؤية الشمس والقمر[7]، فهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، أي: لفعلنا لرؤيتنا ربنا برؤية الشمس ليس دونها سحاب، والقمر ليس دونه حجاب. ووجه تشبيه رؤيتنا لله برؤية الشمس والقمر عدة أوجُه:

1- الأول: أن الشمس والقمر يُرَيان من العلو، وربُّنا سبحانه وتعالى سيُرى وهو في عُلوِّه.

 

2- الثاني: أن الشمس والقمر كلٌّ منهما واحد، والرَّاؤون له كثيرون، لا يُضامون؛ فلا يُصيبهم ضَيم، ولا يُضارون؛ فلا يصيبهم ضرر في رؤيتهما، والله واحد، وسيَراه كلُّ أهل الجنة، من غير أن يُصيبهم ضيمٌ ولا ضرر، ولله المثل الأعلى؛ فلو أنه جاء موكبُ مَلِك، أو عالم، أو شريف فإن الذين يرَونه بوضوح الذين أمامه، وأما الذين في الخلف فإنهم يتَناطعون برِقابهم حتى لعلَّهم يرَون، أو لا يرون ويُصيبهم ضيم، أما الله تعالى فإنه سيُرى رؤيةً واضحة: ((سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ لا تُضَامُّونَ))[8]؛ أي: ليس يصيبكم ضيم، أو مضامة، أو مزاحمة في الرؤية.

 

3- الوجه الثالث: الشمس والقمر يُريان بوضوح لا خَفاء فيه، بشمسٍ ليس دونها حجاب، وببدرٍ ليس دونه سحاب، وربُّنا كذلك سيُرى بوضوح.

 

4- الوجه الرابع: أنَّ رؤيتنا للشمس والقمر رؤيةُ مُقابَلة، بلا إحاطةٍ ولا إدراك، وكذلك رؤية المؤمنين لله تعالى بلا إحاطةٍ ولا إدراك، وفرقٌ بين الرؤية والإدراك؛ فإن الإدراك هو الإحاطة بالمرئيِّ من جميع الجها،. أما الرؤية فلا، وقد قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62]، وقوله: ﴿ كَلَّا ﴾ ليست نفيًا للرؤية، بل هي نفي للإدراك، أما الرؤية فقد أثبَت الله تعالى أنَّ كل جمعٍ رأى الآخَر، فرأى فرعونُ وملؤه موسى وقومَه، ورأى موسى وقومُه فرعونَ وملأَه، فلما تراءى الجمعان: (جمع موسى مع جمع فرعون) قال أصحاب موسى: إنا لمدرَكون؛ أي: الآن يُحيطون بنا، الآن يُدرِكوننا. قال: كلا. والنفي للإدراكِ لا للرؤية، فدل على أن الإدراكَ قدرٌ زائد على الرؤية.

 

وَهَذَا الْبَابُ فِي كِتَابِ اللهِ كَثِيرٌ، مَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ طَالِبًا لِلْهُدَى مِنْهُ تَبَيَّنَ لَهُ طَرِيقُ الْحَقِّ:

هذا الباب (باب الأسماء والصفات) في القرآن كثير، لكن يَحتاج إلى مَن يتدبَّر القرآن، ويتأمل فيه، ويستبصر، ويقرؤه قراءةَ المعتَنِي المتأمِّل المتفكر، بشرط أن يكون طالبًا للحق - لا للشُّبَه ولا لِمَا يُخالِفُ مذهبه - والهدى، عندئذٍ يتبيَّن له طريق الحق، وهذا فيه أصلٌ عظيم: أنَّ مَن قرأ النصَّ أو الدليل؛ يطلب منه الهدى، يُوفَّق للهدى، أما من طلب الدليل ليوافق مذهبه، أو ليوافق أصلَه فهو هنا ما طلب الدليل، وإنما طلب ما يَنصُر قوله، وهذا التعصب، وهذا لا يُوَفَّق للهدى، وإن وُفِّق للحقِّ أحيانًا لكنه بهذا المنهج لا يُوفق للهدى.

 

والمؤلف بهذا يَعتذر عن أنه لم يُحط بجميع الأدلة الدالة على الصفات، وإنما أتى بهذا على جهة التمثيل، وأحال بالبقية إلى كتاب الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول - في حديث هو الأصل في الحوالة، ولم يأتِ في الحوالة في الصحيحين -: ((وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ))[9]، قد أحال على مَليءٍ على كلام الله تعالى، فلا بد أن نَقبَل هذه الحوالة.



[1] رواه مسلم (181)، عن صهيب رضي الله عنه.

[2] رواه البخاري (4581)، ومسلم (183)، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

[3] رواه البخاري (4581)، ومسلم (183)، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

[4] رواه أحمد والترمذي (3235)، من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، وصححه الألباني.

[5] رواه مسلم (178).

[6] رواه البخاري (4855)، ومسلم (177)، وغيرهما.

[7] رواه البخاري (7437، 7439، 554، 573)، ومسلم (182، 183، 633).

[8] رواه البخاري (7437، 7439، 554، 573)، ومسلم (182، 183، 633).

[9] رواه أحمد في المسند (2/ 463)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح العقيدة الواسطية (11)
  • شرح العقيدة الواسطية (12)
  • شرح العقيدة الواسطية (13)
  • شرح العقيدة الواسطية (14)
  • شرح العقيدة الواسطية (15)
  • شرح العقيدة الواسطية (16)
  • شرح العقيدة الواسطية (18)
  • شرح العقيدة الواسطية (19)
  • شرح العقيدة الواسطية (20)

مختارات من الشبكة

  • التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية لعبد العزيز الرشيد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سعد بن ناصر الشثري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح العقيدة الواسطية(محاضرة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • شرح العقيدة الواسطية (39)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (38)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (37)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (36)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (35)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (34)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب