• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (4)

تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (4)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/7/2013 ميلادي - 2/9/1434 هجري

الزيارات: 10316

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (4)


قال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].


جاء النص بحصول التقوى معدى بحرف (لعل) المفيدة للترجي؛ لأن الملتزم شرائع الله يقوى رجاؤه في التقوى لفعله أسبابها، فالتزام عبادته في الصوم وغيره من تنفيذ المأمور جامع لأسباب التقوى، ولهذا ختم الله آية الأمر بعبادته على الإطلاق بالتقوى في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]. وختم آيات القصاص بقوله: ﴿ لعلكم تتقون ﴾ [البقرة: 179] وختم الآية الأولى من فرضية الصيام بذلك. ثم ختم موضوع الصيام بقوله: ﴿ لعلهم يتقون ﴾ [البقرة: 187].


وها هنا فوائد من أحكام الصيام ينبغي ذكرها لتعميم الفائدة:

حادي عاشرها: الحقنة ومداواة المأمومة وهي الشجة في الرأس تصل إلى أم الدماغ، والجائفة وهي جراحة تصل إلى الجوف تكلم عليها بعض الفقهاء رحمهم الله فجعلوا دواءها من المفطرات بقياس يصعب إثباته؛ لعدم وجود العلة ولوجود الفارق المفسد للقياس.


وقد أبطل الشيخ ابن تيمية قياسهم من وجوه كثيرة، وحقق عدم الإفطار بعلاج الجائفة والمأمومة؛ لأن الذي يصل إلى الدماغ أو الجوف ليس مغذياً ولا نافعاً للدم ولا يقصد به ذلك، وإنما هو علاج ضروري قد يرشح بعض أجزاء منه إلى ذلك. وقد كان المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجرح أحدهم في الجهاد أو في غيره جروحاً مأمومة أو جائفة ونحوهما مما يضطرون إلى علاجها، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم خبر بمنعهم أو تنبيههم على أنها مفطرة لصومهم، فعلم إباحة علاجها على الإطلاق دون استثناء أو تحفظ، وكل ما تعم به البلوى لا بد أن يبين الرسول صلى الله عليه وسلم حكمه بياناً عاماً شافياً، إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهو الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم، بين لأمته ما هو أخف من ذلك بكثير، بل بين لهم آداب قضاء الحاجة، فلو كان هذا مما يضر أمته في عبادتها لاستحال سكوته بدون بيان.


وأما الحقنة فقالوا: لا تفطر إذا كانت من طريق الإحليل، وتفطر إذا كانت من طريق الدبر. والشيخ ابن تيمية جعلها لا تفطر من كلا الطريقين. وكلام الفقهاء أحوط، خصوصاً وأنه يوجد في هذا الزمان حقن غذائية توصل من الدبر إلى الأمعاء.


هذا وإني لم أنقل كلام الشيخ حرصاً على الاختصار من جهة، ولكونه مطبوعاً مشهوراً في رسالة خاصة بالصيام، وفي فتاويه المشهورة في المجلد الخامس والعشرين.


وفي هذا الزمان ظهر حقنات طبية تسمى بالإبرة، وقد يضطر الصائم إليها، وبعض العلماء قال بتحريمها والإفطار بها، وبعضهم جوزها وحكم بعدم الإفطار بها، وينبغي إمعان النظر فيها وفي مادتها، فهي نوعان: نوع يحقن من العضل (الورك) ونوع في الوريد (إبرة عرق). كما أن فيها ما يحمل التغذية للبدن، وفيها ما هو دواء صرف.


فعلى المفتي أولاً مراعاة الضرورة الداعية إليها، فإن كانت ضرورة ملحة لا تتحمل التأخير إلى بعد الغروب وكانت علاجاً صرفاً ساغ له الإفتاء بجوازها قياساً على علاج المأمومة والجائفة، أو قياساً على الحقنة من الإحليل، وإن كان فيها غذاء ينتعش به البدن، ويتغير بسببه جهاز الهضم ودورته، فالأولى أن يسلك الاحتياط، وكذلك ما لا يضر تأخيره إلى الليل فليؤخر.


أما الحقنة من الوريد فلا شك في تأثيرها على المعدة وسائر الأجهزة الداخلية، فلا يجوز استعمالها نهاراً؛ لأن الصوم ينتهي عند الليل ولا يتكرر في السنة، فينبغي الاحتياط والتحفظ.


ثاني عشرها: ليلة القدر ترجى في الأوتار من العشر الأواخر، وأحراها ليلة السابع والعشرين أو الحادي والعشرين، وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج، بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم فإن ليلة الإسراء والمعراج أفضل في حقه وأكمل حظاً. وقد غيب الله عنا علم ليلة القدر لنجتهد طيلة العشر في التهجد والقراءة والضراعة، ولا يجوز إحياء غيرها، كليلة الإسراء أو النصف من شعبان، فإنه لم يرد فيها نص صحيح ولا حسن، بل هي بدعة.


ثالث عشرها: يسن صوم التطوع وأفضله صوم يوم وإفطار يوم إذا لم يحصل فيه إرهاق أعصاب، ولا قعود عن واجب، ولا تعطل عن معيشة، ولا إضرار بنفس أو أهل أو مال، كما يسن صيام يوم الإثنين والخميس، وصيام أيام البيض من كل شهر، وصيام عشر ذي الحجة لغير الحاج وأفضلها يوم عرفة وهو كفارة سنتين، وصوم عاشوراء على تفصيل فيه، ويكره إفراد شهر رجب بالصوم، وكذا يوم الجمعة والسبت، إلا أن يوافق عادة مسنونة، ولم يرد حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف في أي عمل يعمل في شهر رجب سوى أحاديث منكرة مكذوبة باتفاق أهل النقل، ولم يعتمر صلى الله عليه وسلم في رجب قطعاً، وما نسب عنه فهو غلط بتحقيق أهل النقل، وكذا ليلة النصف من شعبان لم يرد فيها ما يعتمد عليه قطعاً، ولا في ليلة المولد أو المعراج، فجميع ما يفعل فيهما بدعة لم يرد بها نص ولا فعل صحابي أو أحد من التابعين.


رابع عشرها: وردت أخبار كثيرة مكذوبة في يوم عاشوراء من أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وأنه يوم استواء السفينة على الجودي، ويوم رد يوسف على يعقوب، وإنجاء موسى وقومه من الغرق، ونجاة إبراهيم من النار، وفداء إسماعيل، وشفاء أيوب، وغير ذلك من الأكاذيب التي روجها المبتدعة المبطلون والجهال المقلدون، وقد وضعوا حديث التوسعة: ((من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة))[1]. وقد قرر الحديث أنه مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقد عزاه نواصب الكوفة إلى رواية سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن المنتشر عن أبيه، وإبراهيم كوفي، وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان متناقضتان في المذاهب: طائفة تزعم موالاة الحسين وأهل بيته رضي الله عنهم وتجعل يوم عاشوراء مأتماً للندب والنياحة وإنشاء قصائد الحزن وإعادة دعوى الجاهلية بأبشع مظهر، وعارض هؤلاء طائفة النواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته، وهم ما بين ضلال وجهال، قابلوا الكذب بالكذب، والفاسد بالفاسد، والشر بالشر، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور من مندوبية الكحل والخضاب والزينة وتوسيع النفقات وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحوها من البدع.


ولم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئاً من هذه الأمور، لا شعائر الحزن والترح، ولا شعائر السرور والفرح، ولكنه صلى الله عليه وسلم لما استقر بالمدينة وجد اليهود يصومون هذا اليوم، فقال لهم: ((ما هذا؟)) فقالوا: هذا يوم نجى الله فيه موسى من الغرق، فقال: ((نحن أحق بموسى من اليهود)) فصامه وأمر بصيامه. وكذلك كانت قريش تعظمه في الجاهلية، ويقال: إن صومه كان مشروعاً على من قبلنا، وإنه استمر صيامه حتى نسخ الله وجوبه بصوم رمضان.


وقال ابن تيمية:

اليوم الذي أمر الناس بصيامه كان يوماً واحداً، فلما كان العام القابل فرض صوم رمضان فنسخ صيام عاشوراء، ثم في آخر عمره بلغه تعظيم اليهود له بإنجاء موسى فيه من الغرق، فقال: ((نحن أحق بموسى منهم، لئن أحياني الله لاصومن التاسع مع العاشر))، وهذا لحرصه على مخالفة اليهود، ولا يشابههم في اتخاذه عيداً، وكان من الصحابة والعلماء من لا يصومه، ولا يستحب صومه، بل يكره إفراده بالصوم، والصحيح استحباب صيامه.


قال ابن القيم في زاد المعاد:

مراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، وأما التاسع فمن نقص فهم الآثار. اهـ.

 

نعود إلى الحديث التوسعة المكذوب فنقول: قد قال حرب الكرماني في مسائله: سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: ((من وسع على أهله يوم عاشوراء)). فلم يره شيئاً. قال ابن تيمية: وأعلى ما عندهم أثر يروى عن إبراهيم بن المنتشر، قال فيه سفيان بن عيينة: جربناه منذ ستين عاماً فوجدناه صحيحاً، وإبراهيم من أهل الكوفة، ولم يذكر ممن سمع هذا ولا عمن بلغه، فلعل الذي قال هذا من أهل البدع الذين يبغضون علياً وأصحابه، ويريدون أن يقابلوا الشيعة بالكذب مقابلة البدعة بالبدعة.


وأما قول ابن عيينة فلا حجة فيه، فإن الله أنعم عليه برزقه، وليس في إنعام الله بذلك ما يدل على أن سبب ذلك هو التوسيع يوم عاشوراء. وقد وسع الله على من هم أفضل الخلق من المهاجرين والأنصار، ولم يكونوا يقصدون أن يوسعوا على أهليهم يوم عاشوراء بخصوصه. وهذا كما نرى كثيراً من الناس ينذرون نذراً لحاجة يطلبها فيقضي الله حاجته فيظن أن النذر كان هو السبب. اهـ بتصرف.


قلت: كثيراً من يوسع الله على الفسقة الذين لا يقيمون لعاشوراء وزناً كما لا يقيمون لغيره، ثم إن يوم عرفة ويوم النحر أفضل من عاشوراء باتفاق الأمة، ولم يرد نص بالتوسعة على الأهل فيهما، مع أن التوسعة فيهما أولى وأفضل، لكن لما لم يكن للمبتدعين حاجة نفس فيهما لم يختلقوا لهما حديثاً، ثم إن التوسعة مطلوبة من ولي الأسرة في كل وقت حسب إمكانه. فما معنى تخصيص عاشوراء على غيره في الأيام التي هي أفضل منه، بل حتى شهر رمضان الذي هو أفضل وأفضل لم يرد فيه تخصيص بالتوسعة.


خامس عشرها: سئل الشيخ ابن تيمية عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان. والليالي العشر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.


قال ابن القيم:

وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر، فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.


سادس عشرها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان؛ لأنه يطعم ويسقى ليس كأمته كما نص على ذلك، فيكره صيام شعبان لأمته، لأنه يضعفهم عن صوم رمضان، ولكن صيام وسطه أيام البيض، أو صوم الاثنين والخميس لمن جعلها عادة، فهو مندوب ولا يضعف عن صيام رمضان.


سابع عشرها: ذكر الشيخ ابن تيمية قاعدة مهمة في الدين فقال: ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها في المشاق حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء: لا، ولكن الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله، فأي العملين كان أحسن وصاحبه كان أطوع وأتبع كان أفضل، فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل.اهـ

 

ثامن عشرها: من أفطر في رمضان عامداً مستحلاً له بلا عذر مسوغ ولا جهل بالتحريم وجب قتله، والجاهل يعرف حتى يمتثل، والفاسق التارك للصوم بلا جحود ولا استحلال يعاقبه الإمام أو نائبه حسبما يراه من إصلاح حاله وفق اجتهاده، ومن زنى في رمضان يحده الإمام حد الزنا، أو يقتله إن كان مستحلاً له.


تاسع عشرها: الصيام عباده لله وحده لا يجوز إيقاعه لغير الله، فمن صام لغير الله من أجل وطن أو انتصار لشخص أو قوم فهو مشرك شركاً أكبر إذا أصر بعد تبليغه بحكم الله كان كافراً يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة الكفار. فصوم بعض الزعماء وغيرهم من أدعياء القومية والوطنية غضباً للوطن، أو نصرة لمن يرونه وطنياً، ونحو ذلك مما جلبته المذاهب الغربية هو شرك قد يؤدي إلى الكفر كما بيناه، فالصوم عبادة دينية محضة من صرفها لغير الله فقد خرج من الدين.


العشرون: ما يفعله الجهال والمترفون من مشابهة النصارى والمجوس في أعيادهم أو مستقبل صيامهم أو نهايته من أنواع الطبخ أو الهدايا أو المراسيم والمهرجانات، فهو حرام، ومخالطتهم في أعيادهم تعتبر من شهود الزور الذي مدح الله المؤمنين بتركه. قال الضحاك في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72]. قال: عيد المشركين.


وروى بإسناده عن ابن سلام عن عمرو بن مرة: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72] لا يماكثون أهل الشرك على تركهم ولا يخالطونهم، وذلك منه ما هو مكروه، وما هو حرام، وما هو مخل بالعقيدة والعياذ بالله، فالطعام الذي يعمل في مستقبل صيامهم أو نهايته مكروه فعله من المسلمين، وإهداؤه لهم حرام لتشجيعهم، وأما مشاركتهم في أعيادهم ومخالطتهم بها فحرام لتشجيعهم على الباطل وترك التميز الواجب عنهم.


وأما قول القائل: المعبود واحد وأن كانت الطرق مختلفة، وغير ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن أن الملة النصرانية ونحوها من ملل الكفر موصلة إلى الله، وقد ذم الله أهلها وسماهم مفترين، وأما تضمن استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله فهذا كفر بالله ورسوله وكتابه، إذ كيف يجعل دين النصارى ونحوه موصلاً إلى الله، والله يحكم بكفرهم ويأمرنا بقتالهم في قوله: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [المائدة: 17]، ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ﴾ [المائدة: 73]؟!!


ويقول في الآيات (29-33) من سورة التوبة: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ﴾ إلى قوله: ﴿ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 29-33].


ويقول في سورة مريم: ﴿ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 90-92].


فكيف يجرؤ مسلم على استحسان شيء من دينهم الباطل، أو يزعم أنه موصل إلى الله؟ هذا عين الكفر والضلال. وقد سبق في تفسير سورة الفاتحة أن سلوك الصراط المستقيم يقتضي مخالفة جميع أهل الكفر ومجانبتهم، وعدم التشبه بهم، أو الالتقاء معهم في أي شيء من شؤون الحياة، وإدخال السرور عليهم بمشاركتهم في أعيادهم، والتبريك لهم حرام لتشجيعهم على باطلهم وانتقاصهم للمسلمين بهذه الميوعة.


وقد ورد الحديث الصحيح: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[2].


وقد قال عمر لأبي موسى: (لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أذنيهم إذ أقصاهم الله).


ونص العلماء على كراهة أكل ما ذبحوه في أعيادهم كراهة تحريم أو تنزيه على قولين مشهورين.


وقد ذكر جمهور الأئمة أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحة عيدهم، لا لحماً ولا دماً ولا ثوباً، ولا يعارون ما يمتطون إليه في عيدهم، ولا يعاونون على شيء من دينهم، لأن ذلك من تعظيم شركهم، وعونهم على كفرهم، فكما أن المسلم لا يحل له أن يعنيهم على شرب الخمر بعصرها أو نحوها، فكيف يعينهم على ما هو من شعائر الكفر؟ وإذا كان لا يحل له أن يعينهم إذا كان هو الفاعل لذلك؟ فهذا كلام محققي العلماء في ذلك، فكيف بمؤاخاة النصارى ونحوهم باسم الوطنية أو القومية، فمؤاخاتهم أو الدعوة لها مناقضة لملة إبراهيم عليه السلام من الأساس.


الحادي العشرون: لا يجوز للزوجة صيام نفل بدون إذن زوجها؛ لأن واجب حقه في بدنها أولى من صيام التطوع، فيجب عليها الإفطار منه إذا أراد.


وهنا فائدة: وهي أن المتطوع بفعل لا يجب عليه إتمامه إلا الحج فقط.


الثاني والعشرون: ورد الترغيب بصوم ست من شوال؛ لأن يجبر ما حصل من الخلل في صيام رمضان، ولأن الحسنة بعشر أمثالها، فيكون المتابع لرمضان بها كمن صام الدهر.


وقد وردت النصوص بذلك، لكن اختلف العلماء هل تصام متتابعات أو مفرقات، فالإمام مالك يرى تفريقها محاذراً من أن يبتدع الجهال والمتنطعون عيداً ثانياً بعد اختتامها. وقد صدقت فراسته رحمه الله، فاتخذوا عيداً سموه عيد الإبرار، فماذا يكون عيد الفطر؟!


الثالث والعشرون: شرع الله صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وهذا مبني على أن فلاح العبد متوقف على زكاة نفسه وطهارتها بما شرع الله من صلاح الأقوال والأعمال، وزكاة الفطر من بينها، فهي إذاً مؤهلة للمؤمن لأن ينال الفلاح، فصدقة الفطر فضلها عظيم، وقد قال بعض المفسرين إنها المقصودة من قول الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 14، 15] فأناط الفلاح بها وبصلاة العيد، فهي واجبة على كل عين من أعيان المسلمين صغاراً وكباراً تزكية لنفوسهم جميعاً، وتوسعة على الفقراء في العيد، صيانة لكرامتهم وحفظاً لعزتهم من ذل السؤال، أو حصول البؤس بالجوع، وليكون المجتمع الإسلامي سعيداً مرحوماً.


وقد روى الإمام مالك في الموطأ والشيخان في صحيحهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين))[3]. وروى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام بر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب))[4].


وعند بعض العلماء يجوز الإطعام من غالب قوت البلد. وبعضهم يرى إخراج القيمة. وبعضهم يرى الاقتصار على هذه الأصناف الخمسة التزاماً لنص الحديث. وهو رأي جميل سديد. ولكن من نظر إلى واقع الفقراء وكونهم يبيعون التمر ونحوه بأقل من نصف قيمته، فيقل انتفاعهم بما شرعه الله لهم، فإنه يرى إخراج القيمة أحسن للفقراء وأقوم لأداء هذه الشعيرة.


الرابع والعشرون: قضاء رمضان للمفطر بعذر ينبغي ألا يتساهل في تأخيره اغتناماً لفرصة صحته وقوته، فإن أخره إلى شعبان تحتم عليه الإسراع بالقضاء بقدر ما عليه، ومن لم يزل عذره حتى وافاه رمضان آخر فالواجب في حقه الإطعام والله أعلم. فهذه جملة ميسرة من حكم الصيام وأحكامه ضمنتها هذا التفسير والحمد لله.

 



[1] [منكر] روي هذا الحديث عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم بطرق شديدة الضعف جداً، ومنكرة، وأخرجه البيهقي في الشعب: [3791].

[2] [مرسل] أخرجه أبو داود: [4031]، والإمام أحمد: [2/50، 92]، وغيرهما وقد رجح أبو حاتم إرسال الحديث عن طاوس.

انظر العلل لأبي حاتم: [1/319] [956].

[3] أخرجه البخاري، كتاب أبواب صدقة الفطر، باب: فرض صدقة الفطر، [1503]، ومسلم: [983].

[4] أخرجه البخاري، كتاب: أبواب صدقة الفطر، باب: صدقة الفطر صاع من طعام، [1506]، ومسلم: [985].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (1)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (2)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (3)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (188)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (189)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (193)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الفاتحة وسورة البقرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تفسير الجلالين (من سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب