• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نفحات.. وأشواق (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    إذا ذكرت الله في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإسلام دعا إلى حماية أموال غير المسلمين
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    المسح على الخفين والجوربين ونحوهما
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    بيان نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    المبالغة في تشقيق العلم
    عمرو عبدالله ناصر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

صفات الأنبياء {فبهداهم اقتده} (خطبة)

صفات الأنبياء {فبهداهم اقتده} (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2024 ميلادي - 1/7/1446 هجري

الزيارات: 5140

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفات الأنبياء ﴿ فبِهُداهم اقتده ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَصِفَاتُ الْأَنْبِيَاءِ صِفَاتٌ مُلَازِمَةٌ لَهُمْ، لَا تَنْفَكُّ عَنْهُمُ الْبَتَّةَ، فَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا تَتَبَدَّلُ تَحْتَ تَأْثِيرِ الظُّرُوفِ أَوِ الْمَوَاقِفِ، أَوِ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهَؤُلَاءِ الرُّسُلُ الْكِرَامُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا يَكُونُونَ إِلَّا ذَوِي نَسَبٍ، وَنُبُوَّتُهُمْ مَحْضُ هِبَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَتْ وِرَاثَةً وَلَا مُكْتَسَبَةً، وَهُمْ صَادِقُونَ فِي حَيَاتِهِمْ مِنْ صِغَرِهِمْ وَحَتَّى نُبُوءَتِهِمْ، وَيُبْتَلَوْنَ فِي دَعْوَتِهِمْ، وَتَكُونُ الْعَاقِبَةُ الْحَسَنَةُ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ؛ وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90]، وَمِنْ أَهَمِّ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ:

1-كَمَالُ عُبُودِيَّتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى: فَالْعُبُودِيَّةُ أَعْظَمُ الْمَقَامَاتِ الَّتِي يَصِلُ إِلَيْهَا الْخَلْقُ فِي سَيْرِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْبِيَاءَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ نَمَاذِجَ حَيَّةً لِلْعُبُودِيَّةِ الْحَقَّةِ؛ لِيُقْتَدَى بِهِمْ؛ فَهُمْ مُتَذَلِّلُونَ لِلَّهِ رَبِّهِمْ، خَاشِعُونَ خَاضِعُونَ لَهُ، أَوَّابُونَ تَوَّابُونَ لِجَلَالِهِ، حَازُوا السَّبْقَ فِي هَذَا الْمَيْدَانِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ امْتَدَحَهُمْ بِصِفَةِ الْعُبُودِيَّةِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 1]؛ وَقَالَ: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص 30]؛ ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 171-172].

 

2- الصِّدِّيقِيَّةُ: وَهِيَ صِفَةٌ أَسَاسِيَّةٌ تَحَلَّى بِهَا جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهِيَ صِفَةٌ جَامِعَةٌ لِتَمَامِ الْعِلْمِ الْكَامِلِ، وَالْيَقِينِ الثَّابِتِ، وَالْفَهْمِ التَّامِّ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا يَرْتَقِي أَحَدٌ إِلَى مَرْتَبَةِ النُّبُوَّةِ إِلَّا إِذَا جَاوَزَ الصِّدِّيقِيَّةَ، وَلَمْ يُعْهَدْ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِمْ، حَتَّى إِذَا قَالُوا بِالنُّبُوَّةِ صَدَّقَهُمْ قَوْمُهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَصَفَ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ بِالصِّدِّيقِيَّةِ: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 41]؛ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 56]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ﴾ [الْأَحْزَابِ:8] قَالَ مُجَاهِدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَرَادَ بِهِمُ الرُّسُلَ).

 

3- الصَّلَاحُ وَالْإِصْلَاحُ: قَالَ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا رُتْبَةَ أَعْظَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَرْءِ صَالِحًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا وَيَكُونُ فِي جَمِيعِ ‌الْأَفْعَالِ ‌وَالتُّرُوكِ مُوَاظِبًا عَلَى النَّهْجِ الْأَصْلَحِ، وَالطَّرِيقِ الْأَكْمَلِ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمَقَامَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، فِي أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَفِي أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ)؛ فَالْأَنْبِيَاءُ صَالِحُونَ مُصْلِحُونَ؛ صَلُحَتْ قُلُوبُهُمْ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَجَوَارِحُهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ بِذِكْرِهِ الدَّائِمِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَهِيَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُمُ الْبَتَّةَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 170].

 

4- الدَّعَاءُ وَالْخُشُوعُ: دُعَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِرَبِّهِمْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ قُوَّةِ يَقِينٍ، وَعَظِيمِ ثِقَةٍ وَعِلْمٍ بِقُدْرَةِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَأَنَّهُ لَا يَعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلِذَا دَعَوْهُ فِي ظُرُوفٍ ظَنَّهَا النَّاسُ ضَرْبًا مِنَ الْمُسْتَحِيلِ، وَدَعَوْهُ لِكَشْفِ الضُّرِّ وَالْمَكْرُوهِ؛ عِنْدَمَا تَقَطَّعَتْ بِهِمُ السُّبُلُ، وَدَعَوْهُ عِنْدَ النَّوَازِلِ وَالْخُطُوبِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 75-76].

 

وَمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ دُعَاءٍ إِلَّا وَتَحَقَّقَتِ الْإِجَابَةُ – وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَنَلْحَظُ فِي خِتَامِ أَدْعِيَتِهِمْ مَجِيءَ الْإِجَابَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا ﴾ فَهِيَ تُنْبِئُ عَنِ الِاسْتِجَابَةِ عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ؛ لِسَبْقِهَا بِحَرْفِ الْعَطْفِ (الْفَاءِ) الَّذِي يُفِيدُ التَّعْقِيبَ.

 

5- التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ: لَيْسَتِ التَّوْبَةُ نَقْصًا، بَلْ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الْكَمَالَاتِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي الْعَبْدَ بِمَا يَتُوبُ مِنْهُ، لِيَحْصُلَ لَهُ بِذَلِكَ مِنْ تَكْمِيلِ الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مَعْصُومُونَ مِنَ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَنْ نَزَلَ مِنْ مَنْزِلِ التَّوْبَةِ، وَقَامَ فِي مَقَامِهَا؛ ‌نَزَلَ ‌فِي ‌جَمِيعِ ‌مَنَازِلِ الْإِسْلَامِ).

 

وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ؛ لِكَمَالِ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ، وَكَمَالِ مَحَبَّتِهِ لَهُ، وَافْتِقَارِهِ إِلَيْهِ، وَكَمَالِ تَوْبَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

6- الصَّبْرُ وَعَدَمُ الْيَأْسِ: الصَّبْرُ زَادُ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ طَابَعُهُمْ جَمِيعًا، كُلٌّ حَسَبَ دَرَجَتِهِ فِي سُلَّمِ الِابْتِلَاءِ، فَلَقَدِ امْتُحِنُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ بِصُنُوفِ الْمِحَنِ؛ فَلَمْ تَزِدْهُمْ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ، وَتَصْمِيمًا وَعَزْمًا، وَامْتَدَحَ اللَّهُ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ خَاصَّةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِبُرُوزِهَا لَدَيْهِمْ، فَقَالَ فِي شَأْنِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾ [ص: 44]؛ ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 85].

 

وَلَمَّا سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴾ [يُوسُفَ: 110] قَالَتْ: «لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا، هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَالْيَأْسُ فِي الْآيَةِ عَائِدٌ إِلَى أَتْبَاعِ الرُّسُلِ، وَلَيْسَ إِلَيْهِمْ.

 

7- الْعَزْمُ وَالْحَزْمُ: الْمُهِمَّةُ الَّتِي كُلِّفَ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ تَحْتَاجُ إِلَى عَزِيمَةٍ كَبِيرَةٍ، وَهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ هُمْ أَصْحَابُ عَزْمٍ وَحَزْمٍ، فَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيًّا إِلَّا كَانَ ذَا عَزْمٍ وَحَزْمٍ، وَرَأْيٍ، وَكَمَالِ عَقْلٍ، وَذُكِرَ هَذَا الْوَصْفُ – فِي الْقُرْآنِ – مُقْتَرِنًا بِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ؛ بِمَا أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ صُنُوفِ الْمِحَنِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الْأَحْقَافِ:35]، وَأَسْمَاؤُهُمْ- كَمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ.

 

8- الْقُوَّةُ وَالْبَصِيرَةُ فِي الدِّينِ: وَيُقْصَدُ بِالْأَيْدِي: الْقُوَّةُ وَالصَّلَابَةُ، فَاللَّهُ تَعَالَى وَهَبَ أَنْبِيَاءَهُ الْقُوَّةَ فِي إِدْرَاكِ الْحَقِّ، وَالْقُوَّةَ عَلَى تَنْفِيذِهِ؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ مِنْ مُتَطَلَّبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «‌أُولِي ‌الْقُوَّةِ ‌وَالْعِبَادَةِ، وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ»، وَقَالَ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ: «‌أُعْطُوا ‌قُوَّةً ‌فِي ‌الْعِبَادَةِ، وَبَصَرًا فِي الدِّينِ»، فَكَانُوا أَقْوِيَاءَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، أَقْوِيَاءَ فِيمَا يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ فِتَنٍ وَبَلَاءٍ.

 

وَهَذِهِ الْقُوَّةُ شَامِلَةٌ لِكَافَّةِ الْأُمُورِ؛ فَهُمْ أَقْوِيَاءُ فِي الْأَخْذِ بِالشَّرْعِ وَتَبْلِيغِهِ، أَقْوِيَاءُ فِي التَّوْحِيدِ؛ وَمَا يَتَفَرَّعُ مِنْهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، أَقْوِيَاءُ فِي مُوَاجَهَةِ الْمِحَنِ وَالْمَوَاقِفِ الصَّعْبَةِ، أَقْوِيَاءُ فِي أَبْدَانِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ:

9- الذِّكْرُ الْجَمِيلُ، وَالثَّنَاءُ الْحَسَنُ: الْأَنْبِيَاءُ لَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، وَمَنْ نَسَبَ إِلَيْهِمْ مَا يَشِينُ سِيرَتَهُمُ الْعَطِرَةَ، فَقَدْ كَفَرَ بِهِمْ؛ لِأَنَّنَا لَا نَجِدُ فِي سِيرَتِهِمْ إِلَّا الْمَدْحَ وَالثَّنَاءَ، وَقَدْ خَلَّدَ اللَّهُ ذِكْرَهُمُ الْحَسَنَ لِلْعَالَمِينَ؛ قَالَ تَعَالَى – بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَصَصَهُمْ: ﴿ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [ص: 49]؛ أَيْ: أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَحَاسِنِهِمْ هُوَ ذِكْرٌ لَهُمْ، وَشَرَفٌ عَظِيمٌ يُذْكَرُونَ بِهِ أَبَدًا، وَيَكْفِيهِمْ شَرَفًا وَرِفْعَةً أَنَّهُمْ مُضَافُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دَائِمًا، فَلَا يُقَالُ إِلَّا: "أَنْبِيَاءُ اللَّهِ"، وَ "رُسُلُ اللَّهِ".

 

وَقَدْ دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 84]، فَأَبْقَى اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ ثَنَاءً حَسَنًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الصَّافَّاتِ:78]، وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَهَذَا الثَّنَاءُ الْحَسَنُ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ: نُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى وَهَارُونَ، وَإِلْيَاسَ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

 

10- الْمُسَارَعَةُ فِي الْخَيْرَاتِ: وَهِيَ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الطَّاعَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهَا، مَعَ الرَّغْبَةِ فِيهَا، وَالسَّبْقُ إِلَيْهَا بِلَا تَرَدُّدٍ، أَوْ إِبْطَاءٍ؛ وَهَذَا حَالُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، قَالَ تَعَالَى عَنْ أَنْبِيَائِهِ- بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ وَمَدَحَهُمْ: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:90]؛ أَيْ: يُبَادِرُونَ إِلَيْهَا، وَيَفْعَلُونَهَا فِي أَوْقَاتِهَا الْفَاضِلَةِ، وَلَا يَتْرُكُونَ فَضِيلَةً إِلَّا انْتَهَزُوا الْفُرْصَةَ فِيهَا.

 

11- الْأَمَانَةُ، وَالْفَطَانَةُ: اتَّصَفَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِصِفَةِ الْأَمَانَةِ؛ وَهِيَ مِنْ لَوَازِمِ النُّبُوَّةِ وَأَسَاسِهَا، فَهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى الْوَحْيِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِمْ، أُمَنَاءُ فِي تَبْلِيغِهِ، دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 39]، وَكَانَ كُلُّ رَسُولٍ مِنْهُمْ يُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَةَ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ يُبَلِّغُ قَوْمَهُ؛ لِأَنَّهَا تُعِينُهُ عَلَى تَبْلِيغِ رِسَالَاتِ اللَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى- عَلَى لِسَانِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 68]، فَكَانَ هَذَا شِعَارًا لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ، وَلْنَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَأْمَنُونِي؟ وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؛ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَجَبَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ الْكِرَامَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى الذَّكَاءِ وَالنَّبَاهَةِ، وَآتَاهُمُ الْعُقُولَ الرَّاجِحَةَ، وَالذَّكَاءَ الْفَذَّ، وَاللِّسَانَ الْمُبِينَ، وَالْبَدِيهَةَ الْحَاضِرَةَ فَبَلَغُوا مِنَ الرُّشْدِ وَالْفَهْمِ، وَقُوَّةِ الْحُجَّةِ الذُّرْوَةَ الْعُلْيَا، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ أَحَدٌ دَرَجَتَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 51]؛ آتَاهُمْ ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 258].

 

وَأَخِيرًا؛ بَلَغَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذُّرْوَةَ الْعُلْيَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَجُمِعَتْ كُلُّهَا فِي شَخْصِهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ الْخَلْقِ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ؛ فَهُوَ أَفْضَلُ الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ، وَأَفْضَلُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ، وَأَفْضَلُ الْعَابِدِينَ لَهُ، وَأَفْضَلُ الْعَارِفِينَ بِهِ، وَأَفْضَلُ التَّائِبِينَ إِلَيْهِ، وَتَوْبَتُهُ أَكْمَلُ مِنْ تَوْبَةِ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ- وَبِهَذِهِ الْمَغْفِرَةِ نَالَ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَمَالِ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ، وَكَمَالِ مَحَبَّتِهِ لَهُ، وَافْتِقَارِهِ إِلَيْهِ، وَكَمَالِ تَوْبَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ؛ صَارَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مكارم الأخلاق من صفات الأنبياء والصالحين
  • اللهم ارزقنا صفات الأنبياء - الاعتداء في الدعاء
  • والله الغني وأنتم الفقراء (خطبة)
  • أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات اليهود: قتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أقسام صفات الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحال والصفة من نسب واحد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صفات عباد الرحمن: من برنامج يدعون إلى الخير(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الدرس الرابع والعشرون: صفات اهل الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيثار من صفات المفلحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات المصطفى صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/2/1447هـ - الساعة: 12:6
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب