• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: صلاة الاستسقاء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    هل الكلب طاهر أم نجس؟ دراسة فقهية موجزة
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    البصيرة في زمان الفتن - منهجية رد المتشابهات، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    من نعم الابتلاء بالمرض (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إن للموت لسكرات (خطبة)
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خلاف العلماء في حكم لبن الميتة وإنفحتها
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: توازن شخصيته ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    وقاحة التبرير (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الإخلاص (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سنة الحياة..
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    دلالة السياق في تنوع الحركات في البنية نفسها في ...
    د. صباح علي السليمان
  •  
    تأملات في بعض الآيات (1) بنات العم والعمات، ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    عذاب القبر حق
    صلاح عامر قمصان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

القلب السليم (خطبة)

القلب السليم (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2022 ميلادي - 1/4/1444 هجري

الزيارات: 43331

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القلب السليم


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَلِيمِ؛ مَلَأَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَأَنَارَهَا بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَسَلَّمَهَا بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَصْلَحُ الْخَلْقِ قَلْبًا، وَأَزْكَاهُمْ نَفْسًا، وَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَخْشَاهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْصَحُهُمْ لِعِبَادِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَفَقَّدُوا قُلُوبَكُمْ؛ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ صَلَاحُ الْقُلُوبِ، ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 46]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سَلَامَةُ الْقَلْبِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَطْلَبَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَأَنْ يَصْرِفَ لِصَلَاحِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ جُلَّ وَقْتِهِ وَجُهْدِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلْبَ فِي الدُّنْيَا مَحَلُّ السَّعْدِ وَالْبُؤْسِ، وَالْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالْقَلَقِ. وَفِي الْآخِرَةِ سَلَامَةُ الْقَلْبِ سَبَبٌ لِلْفَوْزِ الْأَكْبَرِ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَنَّتِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 88-89]. وَالْقَلْبُ السَّلِيمُ هُوَ الَّذِي سَلِمَ مِنْ أَدْوَاءِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ: «وَلَا تَتِمُّ لَهُ سَلَامَتُهُ مُطْلَقًا حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ شِرْكٍ يُنَاقِضُ التَّوْحِيدَ، وَبِدْعَةٍ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَشَهْوَةٍ تُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَغَفْلَةٍ تُنَاقِضُ الذِّكْرَ، وَهَوًى يُنَاقِضُ التَّجْرِيدَ وَالْإِخْلَاصَ».

 

وَالْقَلْبُ يَحْيَا وَيَمُوتُ كَمَا يَحْيَا الْجَسَدُ وَيَمُوتُ، وَلَا قِيمَةَ لِجَسَدٍ بِقَلْبٍ مَيِّتٍ، بَلْ يَكُونُ شُؤْمًا عَلَيْهِ، فَيُعَذَّبُ بِسَبَبِهِ. وَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ حَيٌّ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَقَلْبُ الْكَافِرِ مَيِّتٌ بِالْكُفْرِ وَالْجُحُودِ. وَسَلَامَةُ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ تَكُونُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَكَمَا أَنَّ الْمَرْءَ يَعْتَنِي بِسَلَامَةِ جَسَدِهِ بِاجْتِنَابِ كُلِّ شَيْءٍ يَضُرُّهُ، وَإِذَا مَرِضَ طَلَبَ لَهُ الْعِلَاجَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ بِاجْتِنَابِ مُفْسِدَاتِ الْقُلُوبِ، وَهِيَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْبِدَعُ وَالْمَعَاصِي، وَإِذَا وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ بَادَرَ بِعِلَاجِهِ. وَلِلْقَلْبِ الْحَيِّ السَّلِيمِ عَلَامَاتٌ مَبْثُوثَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، يَعْرِفُ بِهَا الْعَبْدُ مَدَى سَلَامَةِ قَلْبِهِ:

فَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: الطُّمَأْنِينَةُ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَشْمَلُ الْقُرْآنَ تِلَاوَةً وَسَمَاعًا، وَسَائِرَ الْأَذْكَارِ، وَأَحْكَامَ الشَّرْعِ عُمُومًا، فَيُحِبُّهَا، وَيَفْرَحُ بِهَا، وَيَسْتَرْوِحُ لَهَا، وَيَدْعُو إِلَيْهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرَّعْدِ: 28]. «أَيْ: تَسْكُنُ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَيَسْتَقِرُّ فِيهَا الْيَقِينُ». بِخِلَافِ الْقُلُوبِ الْمَيِّتَةِ بِالْكُفْرِ أَوِ الْمَرِيضَةِ بِالنِّفَاقِ؛ فَإِنَّهَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَشْمَئِزُّ؛ ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 45].

 

وَالْقُلُوبُ السَّلِيمَةُ مَعَ اطْمِئْنَانِهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ أَيْضًا قُلُوبٌ وَجِلَةٌ عِنْدَ ذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ، فَجَمَعَتْ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، فَتَطْمَئِنُّ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِ وَعْدِهِ وَتَرْغِيبِهِ وَعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، وَتَوْجَلُ عِنْدَ ذِكْرِ وَعِيدِهِ وَتَرْهِيبِهِ وَشِدَّةِ بَطْشِهِ، وَأَلِيمِ عَذَابِهِ، وَسُرْعَةِ انْتِقَامِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 34-35]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 60-61]. وَكَذَلِكَ تَوْجَلُ الْقُلُوبُ السَّلِيمَةُ وَتَتَأَثَّرُ بِالتَّذْكِيرِ وَالْمَوَاعِظِ؛ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَتَأَثَّرُونَ بِهَا؛ لِسَلَامَةِ قُلُوبِهِمْ، وَفِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ...» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: مَحَبَّةُ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، وَمُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَبُغْضُ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَمُعَادَاةُ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 7]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 22].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: الْخَشْيَةُ وَالْإِنَابَةُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 33]. وَالْإِنَابَةُ هِيَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْأُمُورِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ [الرُّومِ: 33]. وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْصُوفٌ فِي الْقُرْآنِ بِسَلَامَةِ الْقَلْبِ، كَمَا أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْإِنَابَةِ: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾ [هُودٍ: 75]، وَالتَّذْكِرَةُ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُنِيبُ: ﴿ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ﴾ [غَافِرٍ: 13].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: اللِّينُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخُشُوعُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 23]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الْحَدِيدِ: 16].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: الصَّبْرُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمَصَائِبِ؛ ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التَّغَابُنِ: 11]. فَمَنْ صَدَّقَ أَنَّ الْمَقَادِيرَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْيَقِينِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، فَيُسَلِّمُ لِقَضَائِهِ سُبْحَانَهُ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: تَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32]، وَالْمُرَادُ بِالشَّعَائِرِ: أَعْلَامُ الدِّينِ الظَّاهِرَةُ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: مَحَبَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرُهُ، وَمَحَبَّةُ أَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 3]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 10].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: سُرْعَةُ الْإِفَاقَةِ وَالِاسْتِدْرَاكِ وَالِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ بِالْغَفْلَةِ وَالْفَتْرَةِ وَالنِّسْيَانِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانِ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: ثَبَاتُهُ وَنُزُولُ السَّكِينَةِ عَلَيْهِ فِي أَحْوَالِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ الَّتِي تَنْقَلِبُ فِيهَا الْقُلُوبُ، وَتَتَغَيَّرُ فِيهَا الْقَنَاعَاتُ، وَيَجْزَعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. وَثَبَاتُ الْقَلْبِ وَسَكِينَتُهُ تَكُونُ بِقَدْرِ سَلَامَتِهِ مِنْ أَمْرَاضِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَبِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِسْلَامِ وَالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَتِلْكَ السَّكِينَةُ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَصْحَابِ الْقُلُوبِ السَّلِيمَةِ؛ ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الْفَتْحِ: 4]، وَثَبَّتَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ يَوْمَ الْهِجْرَةِ: ﴿ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التَّوْبَةِ: 40]، وَثَبَّتَ سُبْحَانَهُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِنْدَمَا هُزِمُوا فِي حُنَيْنٍ، فَقَلَبُوا الْهَزِيمَةَ إِلَى نَصْرٍ بِتَثْبِيتِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 26].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ بِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ﴾ [الْحَدِيدِ: 27]. وَلِذَا فَإِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الْهُدَى. وَفِي وَصْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الْفَتْحِ: 29].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ: نَظَافَتُهُ مِنْ قَذَرِ الْأَخْلَاقِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَفَقَّدَ قَلْبَهُ، وَيَعْرِفَ مَا فِيهِ مِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقُلُوبِ فَيُحَافِظَ عَلَيْهَا وَيَزِيدَهَا، وَمَا فِيهِ مِنْ أَمْرَاضٍ وَعِلَلٍ وَأَدْوَاءٍ فَيَسْعَى فِي عِلَاجِهَا؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْقُلُوبِ يَجْلِبُ رِضَا عَلَّامِ الْغُيُوبِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القلب السليم (خطبة)
  • القلب السليم في سطور
  • خطبة: القلب السليم
  • القلب السليم (إلا من أتى الله بقلب سليم) (خطبة)
  • القلب السليم
  • القلب السليم (خطبة)
  • القلب السليم
  • القلب الذي يتوق إلى النجاح

مختارات من الشبكة

  • حين يستحي القلب يرضى الرب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة النيبالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: صلاة الاستسقاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من نعم الابتلاء بالمرض (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/5/1447هـ - الساعة: 13:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب