• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الخليل عليه السلام (7) ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من الببت ﴾

الخليل عليه السلام (7) ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من الببت﴾
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/6/2022 ميلادي - 15/11/1443 هجري

الزيارات: 15749

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخليل عليه السلام (7)

﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

يَعْظُمُ الرِّجَالُ بِعَظِيمِ أَعْمَالِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ؛ فَيُثْنَى بِهَا عَلَيْهِمْ، وَتُحْفَظُ سِيَرُهُمْ، وَتُذْكَرُ مَآثِرُهُمْ، وَيُقْتَفَى أَثَرُهُمْ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ الْخَلِيلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُسْوَةً لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ؛ لِجَمِيلِ أَوْصَافِهِ، وَجَلِيلِ أَعْمَالِهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 4].

 

وَلِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ جَلِيلَةٌ عَظِيمَةٌ؛ فَهُوَ الَّذِي دَعَا إِلَى التَّوْحِيدِ، وَنَبْذِ الشِّرْكِ، وَكَسْرِ الْأَصْنَامِ، وَنَاظَرَ عُبَّادَ الْأَوْثَانِ، وَهَمَّ بِذَبْحِ ابْنِهِ طَاعَةً لِلرَّحْمَنِ، وَابْتَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامَ؛ فَكَانَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ، وَكَانَ الْخَلِيلُ قُدْوَةً لِأَهْلِ الْإِيمَانِ.

 

وَبِدَايَةُ بِنَائِهِ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَضَعَ هَاجَرَ وَابْنَهَا إِسْمَاعِيلَ فِي مَكَّةَ وَهِيَ وَادٍ مَهْجُورٌ لَا مَاءَ فِيهِ، وَرَضِيَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ بِذَلِكَ لَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَدَعَا الْخَلِيلُ بِدَعَوَاتٍ مُبَارَكَاتٍ اسْتَجَابَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:«... ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 37]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلَمَّا كَبِرَ إِسْمَاعِيلُ وَبَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ؛ زَارَهُ أَبُوهُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَأَعْلَمَهُ بِعَزْمِهِ عَلَى بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]، قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلُ، أَوْ كَمَا قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]. حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَهَذَا الْفِعْلُ الْجَلِيلُ مِنَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ لِأَهَمِّيَّتِهِ؛ وَلِيَتْلُوهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ ذَلِكَ: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 127]؛ فَقَوَاعِدُ الْبَيْتِ أَسَاسَاتُهُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ وَأَفْضَلِهَا، وَكُلُّ مَنْ صَلَّى إِلَى الْبَيْتِ أَوْ طَافَ بِهِ أَوْ عَكَفَ عِنْدَهُ؛ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَجْرٌ عَلَى ذَلِكَ. وَمَعَ ذَلِكَ كَانَا يَسْأَلَانِ اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ، رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدِهِ إِلَى وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ: «يَقَرَأَ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ ثُمَّ يَبْكِي. وَيَقُولُ: يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، تَرْفَعُ قَوَائِمَ بَيْتِ الرَّحْمَنِ وَأَنْتَ مُشْفِقٌ أَنْ لَا يَقْبَلَ مِنْكَ».

 

وَمِنْ دُعَاءِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَثْنَاءَ بِنَاءِ الْبَيْتِ: الدُّعَاءُ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْإِسْلَامِ لَهُ وَلِمَنْ آمَنَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَمَعْرِفَةِ الْمَنَاسِكِ، وَدَعَا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَحْتَاجُ إِلَى التَّوْبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ وَزَمَانٍ، فَيَتُوبُ مِنْ ذَنْبٍ اقْتَرَفَهُ، وَمِنْ طَاعَةٍ قَصَّرَ فِيهَا أَوْ أَخَلَّ بِهَا أَوْ لَمْ يَتَزَوَّدْ مِنْهَا. كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ دَعَا وَهُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 128].

 

وَمِنْ مَحَبَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأُمَّةِ الْإِسْلَامِ الْخَاتِمَةِ أَنَّهُ دَعَا لَهَا بِنَبِيٍّ يُعَلِّمُهَا الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَيُزَكِّي عَقَائِدَهَا وَشَرَائِعَهَا وَأَخْلَاقَهَا بِالْوَحْيِ الرَّبَّانِيِّ؛ فَكَانَتْ بِعْثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِجَابَةً لِدَعْوَةِ أَبِيهِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْخَلِيلُ كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 129]، وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى، وَبُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

 

فَسَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

حِينَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَكَرَ دُعَاءَهُ وَهُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ؛ أَعْقَبَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِبَيَانِ سَفَهِ مَنْ رَغِبَ عَنْ مِلَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْتِزَامَ مِلَّتِهِ وَصِيَّتُهُ وَوَصِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ فَمَنْ حَادَ عَنْهَا حَادَ عَنِ الْخَيْرِ إِلَى الشَّرِّ، وَعَنِ التَّوْحِيدِ إِلَى الشِّرْكِ، وَعَنِ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِي إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 130-133].

 

وَهَذَا الْإِسْلَامُ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَاتَ عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، هُوَ الَّذِي بُعِثَ بِهِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ، وَقَاتَلَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ. وَكُلُّ مَنْ رَغِبَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ فَقَدْ رَغِبَ عَنْ مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكُلُّ مُحَاوَلَةٍ لِدَمْجِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ الْخَلِيلَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَدْيَانِ الْمُحَرَّفَةِ أَوِ الْمُخْتَرَعَةِ فَهِيَ مُحَاوِلَةٌ لِلَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَجَمْعِ التَّوْحِيدِ مَعَ الشِّرْكِ، وَذَلِكَ مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَلَنْ يَقَعَ قَدَرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَأَذَّنَ بِحِفْظِ الْإِسْلَامِ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَالضَّيَاعِ. وَلَكِنْ يَضِلُّ بِهَذِهِ الْمَنَاهِجِ الْمُنْحَرِفَةِ مَنِ اتَّبَعَ أَهْلَ الضَّلَالِ فِيهَا، فَأَرْخَى سَمْعَهُ لَهُمْ، وَفَتَحَ قَلْبَهُ لِضَلَالِهِمْ، وَاسْتَبْدَلَ بِدِينِهِ دُنْيَاهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ * وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67 - 69]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ، غَيْرُ الْمُشْرِكَةِ وَلَا الْيَهُودِيَّةِ وَلَا النَّصْرَانِيَّةِ...» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

فَحَقِيقَةُ الْإِسْلَامِ هِيَ الِاسْتِسْلَامُ الْكَامِلُ لِلَّهِ تَعَالَى، بِالتَّمَسُّكِ بِدِينِهِ، وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ، وَالِامْتِثَالِ لِأَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ؛ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النِّسَاءِ: 125].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخليل عليه السلام (1) (ملة إبراهيم حنيفا)
  • الخليل عليه السلام (2)
  • الخليل عليه السلام (3) (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله)
  • الخليل عليه السلام (4) ﴿ جاء ربه بقلب سليم ﴾
  • الخليل عليه السلام (5) تغيير دين الخليل
  • الخليل عليه السلام (6) {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
  • الخليل عليه السلام (8): {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (9): { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه }
  • بين الخليل عليه السلام وأبيه (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (10) {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة}
  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة الدعاء للذرية
  • الخليل عليه السلام (11) {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى}

مختارات من الشبكة

  • الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل -عليه السلام-(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخليل إبراهيم عليه السلام في الكتاب والسنة: دعوته وهجراته ورد شبه المستشرقين(رسالة علمية - ملفات خاصة)
  • الخليل إبراهيم عليه السلام في الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة البر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مثير الغرام وخلاصة الكلام في فضل زيارة سيدنا الخليل عليه السلام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ثناء الخليل عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من دعوات الخليل عليه السلام (٢) ويليه من فضل عشر ذي الحجة(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من دعوات الخليل عليه السلام ووصيته لبنيه (١)(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • مخطوطة فضل زيارة الخليل عليه السلام وموضع قبره وقبور أبنائه الكرام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الصفات التي اتصف بها الخليل - عليه السلام - في مجتمعه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب