• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

من هدايات السنة النبوية (20) حديث استفتاء القلب (خطبة)

من هدايات السنة النبوية (20) حديث استفتاء القلب (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/8/2021 ميلادي - 10/1/1443 هجري

الزيارات: 22849

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من هدايات السنة النبوية (20)

حديث استفتاء القلب

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيم الْمَجِيدِ، الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ؛ أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَدَلَّهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، فَسَعِدُوا فِي الدَّارَيْنِ. وَعَمِيَ عَنْ هُدَاهُ أَهْلُ الْإِعْرَاضِ وَالْجُحُودِ وَالتَّكْذِيبِ، فَكَتَبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءَ الْأَبَدِيَّ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُتَفَلِّتُونَ، وَالْزَمُوا صِرَاطَهُ وَلَوْ زَاغَ عَنْهُ الزَّائِغُونَ؛ فَإِنَّ أَقْوَامًا يُذَادُونَ عَنْ حَوْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ تَبْدِيلِهِمْ وَتَغْيِيرِهِمْ، وَالْفِتَنُ كَثِيرَةٌ، وَالثَّبَاتُ عَزِيزٌ ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الِاسْتِهْدَاءُ بِنُورِ الْوَحْيِ يَمْنَحُ صَاحِبَهُ الْحَقَائِقَ، وَيُبْعِدُهُ عَنِ الْأَوْهَامِ وَالْأَبَاطِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَحْيَ حَقِيقَةٌ مُطْلَقَةٌ؛ ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فُصِّلَتْ: 42]، وَمَا صَحَّ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ فَهُوَ وَحْيٌ يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ؛ ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النَّجْمِ: 3-4].

 

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَجْمُلُ بِالْمُؤْمِنِ فَهْمُ مَعَانِيهَا، وَفِقْهُ أَحْكَامِهَا: حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِمَا يَحِلُّ لِي وَيُحَرَّمُ عَلَيَّ، قَالَ: فَصَعَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوَّبَ فِيَّ النَّظَرَ، فَقَالَ: الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَسُؤَالُ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ حِرْصًا عَلَى إِتْيَانِ الْحَلَالِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْحَرَامِ، وَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدَةً فِي مَعْرِفَةِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الْقَلْبِ الْعَامِرِ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، فَهُوَ مِيزَانٌ لِصَاحِبِهِ يَدْفَعُهُ لِلْبِرِّ وَالْحَلَالِ وَلَوْ نَفَّرَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَيَحْجِزُهُ عَنِ الْإِثْمِ وَالْحَرَامِ وَلَوْ زَيَّنَهُ النَّاسُ لَهُ.

 

وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَوَاهِدُ عِدَّةٌ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:

مِنْهَا حَدِيثُ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمِنْهَا حَدِيثُ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: يَا وَابِصَةُ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ، وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِثْمُ؟ قَالَ: إِذَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَمِنْهَا حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

 

فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْوَرَعَ مَحَلُّهُمَا الْقَلْبُ، كَمَا أَنَّ النِّفَاقَ وَالشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ أَيْضًا. فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ عَامِرًا بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى تَنَزَّهَ عَنِ النِّفَاقِ، وَتَحَصَّنَ مِنَ الشُّبُهَاتِ، وَاسْتَعْصَى عَلَى الشَّهَوَاتِ، فَكَانَ قَلْبًا سَلِيمًا مِنْ كُلِّ ذَلِكَ. وَقَدْ يَمْرَضُ الْقَلْبُ بِشَيْءٍ مِنَ النِّفَاقِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَهْوَاءِ، فَيَسْتَسْلِمُ لِلشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَإِمَّا اسْتَسْلَمَ صَاحِبُهُ لِهَوَاهُ، وَإِمَّا ثَابَ إِلَى رُشْدِهِ وَتَابَ.

 

وَالْأَحَادِيثُ الْآنِفُ ذِكْرُهَا دَلَّتْ عَلَى اسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ حِينَ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ، سَوَاءٌ فِي ثُبُوتِهَا أَوْ دَلَالَتِهَا، فَيَسْتَفْتِي قَلْبَهُ فِي الِاخْتِيَارِ بَيْنَهَا. وَمَحَلُّهُ لِعَامَّةِ النَّاسِ إِذَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يَدْرِي الْعَامِّيُّ أَيَّ فَتْوَى يَأْخُذُ بِهَا، فَيَسْتَفْتِي قَلْبَهُ فِي الِاخْتِيَارِ بَيْنَهُمَا.

 

وَاسْتِفْتَاءُ الْقَلْبِ لَهُ ضَوَابِطُ وَرَدَتْ فِي النُّصُوصِ، وَهِيَ:

أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ الْمُسْتَفْتَى عَامِرًا بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، سَلِيمًا مِنَ النِّفَاقِ وَالْأَهْوَاءِ، وَحُجَّةُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الْأَنْفَالِ: 29]؛ فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ «مَنِ اتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ وُفِّقَ لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ». وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ؛ وُجِّهَ الْخِطَابُ فِيهَا لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُمْ أَبَرُّ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَكْثَرُهُمْ خَشْيَةً وَتَقْوَى، فَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ وَإِصْلَاحِهِ؛ كَانَ قَلْبُهُ صَالِحًا لِاسْتِفْتَائِهِ فِي الْمُشْتَبِهَاتِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: «مَنْ أَكْثَرَ مِنْ مُوَاقَعَةِ الشُّبُهَاتِ أَظْلَمَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ، لِفِقْدَانِ نُورِ الْعِلْمِ وَنُورِ الْوَرَعِ، فَيَقَعُ فِي الْحَرَامِ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ. وَإِلَى هَذَا النُّورِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزُّمَرِ: 22]، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِظْلَامِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزُّمَرِ: 22]».

 

وَمِنَ الضَّوَابِطِ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ: أَلَّا يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا، فَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ بِسَبَبِ عَدَمِ الدَّلِيلِ، وَإِلَّا مَعَ الدَّلِيلِ فَلَا اسْتِفْتَاءَ لِلْقَلْبِ، بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِ وَلَوْ خَالَفَ هَوَى الْقَلْبِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُّوسِيُّ: «وَأَمَّا حَدِيثُ وَابِصَةَ: فَقَدْ وَرَدَ فِي بَابٍ يَحِلُّ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ، فَيَجِبُ تَرْكُ مَا يَرِيبُهُ إِلَى مَا لَا يَرِيبُهُ؛ احْتِيَاطِيًّا لِدِينِهِ، عَلَى مَا شَهِدَ لَهُ قَلْبُهُ بِهِ، فَأَمَّا مَا ثَبَتَ حِلُّهُ بِدَلِيلِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيمُهُ بِشَهَادَةِ الْقَلْبِ، وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ، فَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهَا بِشَهَادَةِ الْقَلْبِ».

 

وَمِنَ الضَّوَابِطِ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ: أَنْ يَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، أَمَّا إِنْ كَانَتْ وَاضِحَةً فَلَا اسْتِفْتَاءَ لِلْقَلْبِ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: «فَدَلَّ حَدِيثُ وَابِصَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى الْقُلُوبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ».

 

وَمِنَ الضَّوَابِطِ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ: أَنْ يَطْمَئِنَّ الْقَلْبُ وَيَسْكُنَ لِلْحُكْمِ، وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي أَحَادِيثِ اسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ، وَمِنْهَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: «فَمَا إِلَيْهِ سَكَنَ الْقَلْبُ، وَانْشَرَحَ إِلَيْهِ الصَّدْرُ، فَهُوَ الْبِرُّ وَالْحَلَالُ، وَمَا كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ، فَهُوَ الْإِثْمُ وَالْحَرَامُ».

 

وَإِذَا فَقِهَ الْمُؤْمِنُ أَحْكَامَ اسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ وَمَحَلَّهُ وَضَوَابِطَهُ هُدِيَ إِلَى الصَّوَابِ وَالْحَقِّ، وَكَانَ بَعِيدًا عَنِ الْخَطَأِ وَالْبَاطِلِ.

اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَلَا تَجْعَلْهُ مُلْتَبِسًا عَلَيْنَا فَنَضِلَّ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَسْتَنِدُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالشُّبُهَاتِ وَاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى أَحَادِيثِ اسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ؛ لِإِقْنَاعِ النَّاسِ بِأَهْوَائِهِمْ وَشُبُهَاتِهِمْ وَمُحَرَّمَاتِهِمْ، وَيَغْفُلُونَ عَنِ الضَّوَابِطِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَسْتَدِلُّونَ بِهَا، إِمَّا عَنْ جَهْلٍ وَإِمَّا عَنْ هَوًى. وَيَتَّكِئُونَ عَلَى الْمُتَشَابِهَاتِ لِإِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَلْتَمِسُونَ زَلَّةَ الْعَالِمِ لِيَجْعَلُوهَا سَيْفًا مُصْلَتًا عَلَى النُّصُوصِ فَيُعَطِّلُونَهَا بِزَلَّتِهِ. وَقَدْ حَذَّرَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْمَسْلَكِ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَفُقَهَائِهِمْ، فَرَوَى يَزِيدُ بْنُ عُمَيْرَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ؛ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟ مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ، فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ، وَأُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيمِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ، قَالَ يَزِيدُ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: مَا يُدْرِينِي -رَحِمَكَ اللَّهُ- أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ، وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟ قَالَ: بَلَى، اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الْحَكِيمِ الْمُشْتَهِرَاتِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: مَا هَذِهِ؟ وَلَا يُثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ، وَتَلَقَّ الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتَهُ؛ فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. «فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ لَا يَلْتَبِسُ أَمْرُهُمَا عَلَى الْمُؤْمِنِ الْبَصِيرِ، بَلْ يَعْرِفُ الْحَقَّ بِالنُّورِ عَلَيْهِ، فَيَقْبَلُهُ قَلْبُهُ، وَيَنْفِرُ عَنِ الْبَاطِلِ، فَيُنْكِرُهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» يَعْنِي: أَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِمَا تَسْتَنْكِرُهُ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَعْرِفُهُ، وَفِي قَوْلِهِ: أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا اسْتَقَرَّتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ تَقَادُمِ الْعَهْدِ وَتَطَاوُلِ الزَّمَانِ، فَهُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ مَا أُحْدِثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَنْكَرُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ».

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنَ اتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَادِّعَاءِ أَنَّ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ؛ فَإِنَّ النِّفَاقَ وَالْهَوَى أَيْضًا فِي الْقَلْبِ. وَلْيَسْعَ كُلٌّ مِنَّا لِصَلَاحِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ حَتَّى يَكْتَسِبَ نُورًا يَعْرِفُ بِهِ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، وَالْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَالْخَطَأَ وَالصَّوَابَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من هدايات السنة النبوية (16) موعود النبي صلى الله عليه وسلم في أمته
  • من هدايات السنة النبوية (17) المؤمن للمؤمن كالبنيان
  • من هدايات السنة النبوية (21): حرص المرأة على الزينة
  • من هدايات سورة الشعراء: مناظرة الكليم عليه السلام (خطبة)
  • من هدايات السنة النبوية (22) من خطب النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • قطاف حديثية من جوامع الكلم النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة النبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهجرة النبوية والأمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاتجاهات المعاصرة في علم السيرة النبوية: المناهج والتحديات والآفاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العناية بالشفتين في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • حف الشارب وإزالة شعر الإبطين والعانة في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • التمر غذاء ودواء في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • صحة العيون في السنة النبوية (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الألفاظ المضافة إلى الإيمان في السنة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/3/1447هـ - الساعة: 9:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب