• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإقبال على الخير من علامات التوفيق
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: الوقت في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إشراقة آية: قال تعالى: {ثم أدبر واستكبر}
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    خطبة: استسقاء
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    اللطيف الخبير
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الذنوب وآثرها وخطرها (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    خطبة: التواضع
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    إجارة الحمام
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    من مائدة الصحابة: سودة بنت زمعة رضي الله عنها
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    رحلة على مركب الأمنيات (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سجين بلا قيود
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    الفضول وحب الاستطلاع
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    لمحة في بيان ما ذكر في القرآن في علو منزلة الخليل ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الناكصون على أعقابهم (5) أخبار رجلين مرتدين

الناكصون على أعقابهم (5) أخبار رجلين مرتدين
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2020 ميلادي - 18/6/1441 هجري

الزيارات: 20886

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الناكصون على أعقابهم (5)

أخبار رجلين مرتدين

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، سَاتِرِ الْعُيُوبِ، لَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَى، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبَ وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَهُ فِي خَلْقِهِ بَرَاهِينُ لِلْحَائِرِينَ، وَلَهُ فِي عِبَادِهِ آيَاتٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ «وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ» وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ -وَهُوَ الْمَعْصُومُ- يَخَافُ تَقَلُّبَ الْقُلُوبِ، وَكَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَالْتَزِمُوا شَرْعَهُ، وَاسْتَجِيبُوا لِأَمْرِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ؛ فَإِنَّ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ يُفَارِقُونَ الْحَقَّ وَقَدْ عَرَفُوهُ، وَيَزْهَدُونَ فِي الْإِيمَانِ وَقَدْ ذَاقُوهُ، وَيَرْكَبُونَ الْبَاطِلَ وَقَدْ مَيَّزُوهُ، وَلَكِنَّهُ تَقَلُّبُ الْقُلُوبِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى، وَالْإِعْجَابُ بِالرَّأْيِ، وَلَا يَهْلَكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الْأَنْفَال: 24- 25].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَخْبَارُ الْمُفَارِقِينَ لِلْإِيمَانِ، النَّاكِصِينَ عَلَى الْأَعْقَابِ؛ يَنْبَغِي أَنْ تُقْرَأَ وَتُعْرَفَ؛ حَذَرًا مِنْ مَسَالِكِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَحِمَايَةً مِنَ السُّقُوطِ فِي الْبَاطِلِ، قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَهَذِهِ أَخْبَارُ رَجُلَيْنِ آمَنَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَاهَدَاهُ، وَحَضَرَا تَنَزُّلَ الْوَحْيِ، فَسَبَقَ عَلَيْهِمَا الْكِتَابُ فَنَكَصَا عَلَى عَقِيبَيْهِمَا، وَارْتَدَّا عَنْ إِيمَانِهِمَا، وَمَاتَا عَلَى رِدَّتِهِمَا، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الرَّدَى بَعْدَ الْهُدَى. وَكَانَ فِي أَخْبَارِهِمَا عِبْرَةٌ أَيُّ عِبْرَةٍ؛ لِئَلَّا يَغْتَرَّ عَامِلٌ بِعَمَلِهِ فَيَظُنَّ أَنَّهُ فِي مَنْجَاةٍ مِنْ تَقَلُّبِ الْقُلُوبِ؛ وَلِكَيْ يُكْثِرَ الْمُؤْمِنُ الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الثَّبَاتَ، فَمَا أَضْعَفَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَاسْتَبْدَلَ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ.

 

أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، كَاتِبًا لِلْوَحْيِ، قَدْ شَرَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ الْجَلِيلَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْعِزِّ وَالشَّرَفِ، وَخَبَرُهُ يَرْوِيهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: «كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَرَفَعُوهُ، قَالُوا: هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا» أَيْ: طَرَحَتْهُ الْأَرْضُ وَرَمَتْهُ مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ إِلَى خَارِجِهِ؛ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ رَآهُ، فَيَعْلَمَ كَذِبَهُ، وَيُوقِنَ بِصِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ مِنْ أَبْهَرِ الْمُعْجِزَاتِ؛ إِذْ لَمْ يُحْكَ فِي الدَّهْرِ مِثْلُهَا.

 

وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ الْآخَرُ: فَرَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْلَمَ، ثُمَّ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهَرَبَ خَوْفًا مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ لَحِقَ بِالرُّومِ فَتَنَصَّرَ.

 

أَكْرَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَكَانَ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يُلْقِي عَلَى النَّاسِ خِطَابَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ؛ كَمَا رَوَى عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: «كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ هُوَ الَّذِي يَصْرُخُ يَوْمَ عَرَفَةَ تَحْتَ لَبَّةِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْرُخْ، وَكَانَ صَيِّتًا، أَيُّهَا النَّاسُ، أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ فَصَرَخَ، فَقَالُوا: نَعَمْ، الشَّهْرُ الْحَرَامُ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَرَغْمَ هَذِهِ الْكَرَامَةِ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ زَمَنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَشَرِبَ الْخَمْرَ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ رِدَّتِهِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ خَطَرَ الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ عَلَى الْعَبْدِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُهَا وَعَدَمُ الِاسْتِهَانَةِ بِهَا، فَرُبَّمَا قَادَتْهُ إِلَى الْكُفْرِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْخَمْرِ: إِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الشَّرَّ لِشَارِبِهَا، وَتُزَيِّنُ لَهُ سُوءَ الْعَمَلِ، بِذَهَابِ عَقْلِهِ الَّذِي يُقَيِّدُهُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي، فَلَا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ عَلَى تَصَرُّفَاتِهَا وَتَجَاوُزَاتِهَا، فَإِذَا غَطَّى عَقْلَهُ بِالْخَمْرِ لَمْ يَتَوَرَّعْ عَنْ عَمَلِ أَيِّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَسْتَحِ مِنْ أَيِّ أَحَدٍ، وَكَمْ مِنْ خَمْرَةٍ دَارَتْ فِي رَأْسِ صَاحِبِهَا فَأَوْرَدَتْهُ الْمَهَالِكَ، وَأَوْجَبَتْ لَهُ الْعُقُوبَةَ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَنَعُوذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ زَيْغِ الْقُلُوبِ، وَفَسَادِ الرَّأْيِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 8]، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَنَمُّوا إِيمَانَكُمْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَزَكُّوا نُفُوسَكُمْ بِالْقُرُبَاتِ؛ فَإِنَّ لِلنُّفُوسِ إِقْبَالًا وَإِدْبَارًا، فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوَافِلِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الْفَرَائِضِ، وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَجَاهِدُوهَا عَلَى ذَلِكَ الْعُمْرَ كُلَّهُ تُفْلِحُوا ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 69].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي أَخْبَارِ النَّاكِصِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ عِبَرٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ، وَآيَاتٌ لِلْمُتَّعِظِينَ. وَلِلنُّكُوصِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ يَأْتِي النُّكُوصُ عَلَى أَهْوَنِ الْأَسْبَابِ؛ فِتْنَةً لِصَاحِبِهِ. وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ سُوءَ نِيَّةٍ فِي صَاحِبِهِ، أَوْ فَسَادًا فِي قَلْبِهِ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِشُبْهَةٍ، مِمَّا يُوجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَفَقَّدَ قَلْبَهُ، وَيَسْعَى فِي إِصْلَاحِهِ، وَأَنْ يَتَعَاهَدَ نِيَّتَهُ، وَيُخْلِصَ فِي عَمَلِهِ؛ لِيَكُونَ عَمَلًا خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى.

 

وَقَدْ يَقَعُ الْعَبْدُ فِي ذَنْبٍ يُوجِبُ حَدًّا، فَيَهْرُبُ مِنَ الْحَدِّ بِالْكُفْرِ كَمَا حَصَلَ لِرَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ؛ فَإِنَّهُ ارْتَدَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ. مَعَ أَنَّ عَذَابَ الْحَدِّ فِي الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ جَزَاءِ الْكُفْرِ فِي الْآخِرَةِ؛ إِذْ كُفْرُ الْمُرْتَدِّ أَشَدُّ مِنْ كُفْرِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ الْحَقَّ فَفَارَقَهُ.

 

هَذَا؛ وَمَعَ شِدَّةِ جُرْمِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ تُقْبَلُ إِذَا رَجَعَ عَنْهَا وَتَابَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَدْهَمَهُ الْمَوْتُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 86 - 89].

 

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ نَدِمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ أَنْ سَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 86]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 89]، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَأَسْلَمَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ تَقَلُّبَ الْقُلُوبِ، وَأَنْ يَلْهَجَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ، وَإِذَا أَغْرَاهُ الشَّيْطَانُ فَوَقَعَ فِي ذَنْبٍ فَلَا يُجَاوِزُهُ إِلَى الرِّدَّةِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُزَيِّنُهَا لِلْعَاصِي، وَقَدْ أَهْوَى الشَّيْطَانُ بِعُصَاةٍ فِي أَوْدِيَةٍ سَحِيقَةٍ مِنَ الرِّدَّةِ وَالنِّفَاقِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَمُحَارَبَةِ الْإِسْلَامِ.

 

وَعِصْيَانُ الْعَبْدِ مَعَ إِيمَانِهِ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ رِدَّتِهِ وَنِفَاقِهِ وَاسْتِكْبَارِهِ وَمُحَارَبَتِهِ لِدِينِهِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ تَوَّابٌ غَفُورٌ، وَمَهْمَا عَظُمَ الذَّنْبُ فَإِنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّهُ وَتُزِيلُ أَثَرَهُ، وَالْمُوَفَّقُ مَنْ لَزِمَ التَّوْبَةَ دَهْرَهُ، وَالْمَحْرُومُ مَنْ فَارَقَهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الناكصون على أعقابهم (1) (آتيناه آياتنا فانسلخ منها)
  • الناكصون على أعقابهم (2) أمية بن أبي الصلت
  • الناكصون على أعقابهم (3) عقبة بن أبي معيط
  • الناكصون على أعقابهم (4) ابن خطل وابن صبابة

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير للعالمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علة حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة))(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • هضم النفس في ذات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطعوا على أنفسهم طريق العودة إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدين والتدين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة إخبار الأحياء بأخبار الإحياء(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب أخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي (ت 646هـ / 1248م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/5/1447هـ - الساعة: 12:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب