• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تقوية القول في تفسير الآية بعدم نقل بعض المفسرين ...
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    القرآن واللغة العربية والحفاظ على الهوية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    آهات الندم (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    بين المحكم والمتشابه - تأصيل قرآني لاجتهاد ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    فقد حبط عمله.. (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    من مائدة التفسير: سورة التكاثر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صفة العينين
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    شموع (115)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    خطوات عملية تكون سببا في الثبات على ما كان السلف ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    جمال الإحسان إلى الجيران (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    المحرومون من الهداية
    د. جمال يوسف الهميلي
  •  
    الفرع الثامن: ما يستثنى جواز لبسه من الحرير من ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    علامات صحة القلب وسعادته
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تخلق بأخلاق نبيك (صلى الله عليه وسلم)... تكن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    ادعوا الله بصالح أعمالكم وأخلصها (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    مواطن القرب من الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سحرة فرعون وزوجته وماشطة ابنته (خطبة)

سحرة فرعون وزوجته وماشطة ابنته (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/3/2019 ميلادي - 29/6/1440 هجري

الزيارات: 38976

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الثابتون على الحق (3)

سحرةُ فرعون وزوجتُه وماشطةُ ابنتِهِ

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الدِّينِ؛ فَالْقُلُوبُ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَسَلُوهُ الاسْتِقَامَةَ عَلَى الدِّينِ، وَالثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا كَلَمْحِ الْبَصَرِ، وَإِنَّ الْخُلْدَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النَّحْلِ: 77].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ حُفِظَتْ أَخْبَارُهُمْ فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى فِيهِ، حَتَّى لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى غَيْرَ مُغَيِّرِينَ وَلَا مُبَدِّلِينَ، وَلَمْ يَبِيعُوا دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا مَهْمَا كَانَ، بَلِ اشْتَرَوْا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَآثَرُوا الدَّارَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا. وَلِعَظِيمِ مَكَانَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِيَقْتَدِيَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِمْ حَالَ الْبَلَاءِ؛ خَلَّدَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَهُمْ، وَنَوَّهَ سُبْحَانَهُ بِثَبَاتِهِمْ، وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ سِيَرِهِمْ، وَجَعَلَ الْأُمَّةَ تَعْرِفُ أَخْبَارَهُمْ بِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

 

وَمِنْ أُولَئِكَ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ: سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ، الَّذِينَ جُمِعُوا مِنْ شَتَّى الْمُدُنِ وَالْأَقْطَارِ لِمُبَارَزَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَزِيمَتِهِ، وَكَانُوا فَرِحِينَ بِاخْتِيَارِ فِرْعَوْنَ لَهُمْ، مُغْتَبِطِينَ بِحَاجَتِهِ إِلَيْهِمْ، يَرْجُونَ مُكَافَأَتَهُ وَالْقُرْبَ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُمْ سُرْعَانَ مَا اتَّبَعُوا الْحَقَّ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ، وَآمَنُوا بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُعْجِزَةٌ وَلَيْسَ سِحْرًا، وَخَرُّوا لِلَّهِ تَعَالَى سُجَّدًا، فَأُسْقِطَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ، وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالصَّلْبِ بَعْدَ التَّعْذِيبِ، فَلَمْ يَرُدَّهُمْ تَهْدِيدُ فِرْعَوْنَ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ حَتَّى لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى شُهَدَاءَ مُقَتَّلِينَ وَمُقَطَّعِينَ، وَيَا لَهُ مِنْ حَظٍّ عَظِيمٍ، وَفَوْزٍ كَبِيرٍ أَنْ يُعَذَّبَ الْعَبْدُ وَيُقَطَّعَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى دِينِهِ، فَذَلِكَ مِنْ أَعْلَى مَنَازِلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 113 - 126].

 

وَفِي مَقَامٍ آخَرَ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ عَلَى الْحَقِّ لَمَّا صَمَدُوا أَمَامَ تَهْدِيدِ فِرْعَوْنَ وَوَعِيدِهِ ﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [طه: 71 - 72].

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كَانُوا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَحَرَةً، وَفِي آخِرِ النَّهَارِ شُهَدَاءَ». فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَسْكَنَهُمْ جَنَّتَهُ.

 

وَمِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الثَّابِتَاتِ عَلَى الْحَقِّ: امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ الَّتِي عَاشَتْ فِي بَيْتِ الطَّاغِيَةِ الَّذِي عَبَّدَ النَّاسَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَتْ تَحْتَ كَنَفِهِ، وَكَانَتْ عِصْمَتُهَا بِيَدِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَثَلًا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لِلْمُؤْمِنَاتِ الثَّابِتَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ رَغْمَ الصِّعَابِ ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التَّحْرِيمِ: 11]. وَهِيَ الَّتِي أَنْقَذَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُلْقِيَ فِي الْيَمِّ فَعَثَرَ عَلَيْهِ آلُ فِرْعَوْنَ، فَاتَّخَذَتْهُ وَلَدًا لَهَا، وَتَرَبَّى فِي حِضْنِهَا، وَشَرُفَتْ هِيَ بِتَرْبِيَتِهِ وَرِعَايَتِهِ، وَكَفَى بِهَا شَرَفًا أَنْ يَتَرَبَّى فِي حِضْنِهَا رَسُولٌ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 9]. وَعُذِّبَتْ عَلَى إِيمَانِهَا حَتَّى مَاتَتْ؛ كَمَا رَوَى سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تُعَذَّبُ بِالشَّمْسِ، فَإِذَا انْصَرَفُوا عَنْهَا أَظَلَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَكَانَتْ تَرَى بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ»، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَتَدَ فِرْعَوْنُ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى ظَهْرِهَا رَحًى عَظِيمًا حَتَّى مَاتَتْ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُمَا.

 

وَلِفَضْلِهَا وَشَرَفِهَا نَوَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِكْرِهَا، وَذَكَرَ فَضْلَهَا وَكَمَالَ عَقْلِهَا؛ فَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مِنْ ضِمْنِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ هُنَّ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَمِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الثَّابِتَاتِ عَلَى الْحَقِّ: مَاشِطَةُ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ؛ فَإِنَّهَا عُذِّبَتْ عَذَابًا شَدِيدًا بِطَبْخِ أَوْلَادِهَا أَمَامَهَا، وَمَا رَدَّهَا ذَلِكَ عَنْ دِينِهَا، حَتَّى أُلْقِيَتْ هِيَ مَعَهُمْ، وَمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنِ امْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَهَانَتْ عَلَيْهِمْ نُفُوسُهُمْ فِي ذَاتِ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلَادِهَا. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ. قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا، فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ -وَهِيَ الْقِدْرُ الْكَبِيرَةُ-، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلَادُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَتَدْفِنَنَا. قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلَادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَاحِدًا وَاحِدًا، إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ، كَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهْ، اقْتَحِمِي، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاقْتَحَمَتْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَعْمُرَ قُلُوبَنَا بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى مَا هَدَانَا إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَأَنْ يُحْيِيَنَا مُسْلِمِينَ، وَيَتَوَفَّانَا مُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُلْحِقَنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قِرَاءَةُ سِيَرِ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ سَبَبٌ لِلثَّبَاتِ عَلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا سِيَرُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فَهُمْ أَثْبَتُ النَّاسِ عَلَى الْحَقِّ. أُوذُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُبَدِّلُوا أَوْ يُغَيِّرُوا. وَمِنَ الْحِكَمِ فِي قَصِّ الْقَصَصِ تَثْبِيتُ قُلُوبِ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ عَلَى الْحَقِّ ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هُودٍ: 120].

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي ثَبَاتِهِمْ عَلَى الْحَقِّ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90].

 

وَأُمِرْنَا نَحْنُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَنْ نَتَأَسَّى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ إِمَامُ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ وَمُقَدَّمُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ، وَجَاءَ الْأَمْرُ بِهَذَا التَّأَسِّي فِي ثَنَايَا الْحَدِيثِ عَنْ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ الَّتِي زُلْزِلَتْ فِيهَا الْقُلُوبُ، وَزَاغَتْ فِيهَا الْأَبْصَارُ، مِنْ شِدَّةِ تَكَالُبِ الْأَعْدَاءِ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَثَبَتَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَثَبَتَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبَشَّرَهُمْ فِيهَا بِالنَّصْرِ وَالْفُتُوحِ وَالْغَنَائِمِ، وَفِي سِيَاقِ قِصَّةِ الْأَحْزَابِ: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21].

 

فَتَعَلَّمُوا الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ مِنْ سِيَرِ أَفَاضِلِ الْبَشَرِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاكتشاف المذهل في معنى لفظة فرعون
  • سحرة فرعون
  • مؤمن آل فرعون
  • قصة موسى وفرعون والسحرة
  • ماشطة ابنة فرعون (1)
  • ماشطة ابنة فرعون (2)
  • سحرة فرعون وملكة سبأ: لحظة إيمان وعروج
  • من الذي ورث أموال فرعون وقومه بعد غرقهم؟
  • هل فرعون ذكي ؟
  • الثابتون على الحق (2) مؤمن آل فرعون
  • قصة سحرة فرعون لعنه الله
  • فوائد من قصة إسلام سحرة فرعون

مختارات من الشبكة

  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة الملكين وتبرئته من جريمة السحر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اعتداء تحت تأثير السحر(استشارة - الاستشارات)
  • كتاب: كيف تتخلص من السحر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ابتليت بالزنا.. وأمارسه بكثرة(استشارة - الاستشارات)
  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذاك اليوم سم ولا سحره(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • آهات الندم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقد حبط عمله.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال الإحسان إلى الجيران (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/6/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب