• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات
علامة باركود

هل كل شيء يبعث على الفرحة حرام؟

هل كل شيء يبعث على الفرحة حرام؟
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/12/2016 ميلادي - 29/3/1438 هجري

الزيارات: 29697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ ملخص السؤال:

شابٌّ كثيرُ الملَل، مشكلتُه أنه كلما حاول أن يضيعَ وقته في أي شيء يجده محرماً أو فيه بعض الحرام..

 

♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ كثير الملَل، مشكلتي أنني كلما حاولتُ أن أضيعَ وقتي في أي شيء أجد أن مشاهدته حرام؛ فمشاهدة الأفلام حرام، ومشاهدة الأفلام الوثائقية حرام لوجود الموسيقا فيها، ومشاهدة القنوات العلمية المشهورة حرام لوجود الموسيقا فيها، وقراءة الروايات الأجنبية أغلبها حرام لغلبة الطابع الرومانسي عليها! حتى لعب (البلاي ستشين) قال لي الشيخ: حرام؛ لأنَّ الصور المجسَّمة فيها مُضاهاة لخلْقِ الله، وسماع "الأغاني الدينية" حرام لوجود الموسيقا فيها، حتى مواعيد بعض الرياضات تدخُل مع وقت الصلاة، فلا أستطيع أن أذهبَ في تلك الفترة.


الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فهَوِّن عليك بني العزيز، ودَعْ عنك كل هذا الجزَع؛ فإنَّ الله عز وجل إذا حَرَّم شيئًا جعَل في الحلال أضعاف أضعافه، فحرَّم من المشروبات المُسكِر فقط، وأباح كلَّ ما عداه مِن المشروبات، وحرَّم مِن المطعومات الخنزير والميتة، وأباح جميع بهيمة الأنعام، بل كلَّ ما في الأرض؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].


وتأمَّلْ سلمك الله كلمة: ﴿ لَكُمْ ﴾، ومدلولها العميق القاطع، أنَّ الله أنعم على الإنسان وخَلَقَهُ مالكًا لما في الأرض جميعًا، ومنحه نعمة الاستحلاف والتكريم.

وحرَّم من الألعاب القمار وما يؤول إليه، وأباح البقية، والمفارقةُ العجيبة بني العزيز أنَّ كل ما ذكرتَه في رسالتك وأنت تظنُّ أو تتعجب مِن حُرمته - المفارقةُ أنه مِن الحلال الخالص، حاشَا الموسيقا، فالأفلامُ العلمية والوثائقية والبرامج الثقافية والرياضة وما شابه ذلك، مِن الأمور المباحة، لو أنك خفَّضتَ مِن صوت الموسيقا كلما سمعتها لانتهت المشكلة.


وكذلك قراءة القصص أكثرها مباح، ما دامتْ تهدف إلى خيرٍ، حتى وإن كانتْ أحداثُها غير حقيقية؛ فقَدْ ثَبَتَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((حدِّثوا عن بَني إسرائيلَ ولا حَرَجَ))؛ رواه البخاري، وزاد ابنُ أبي شيبة في "مُصنَّفه": ((فإنه كانتْ فيهم أعاجيب))، قال في "تحفة المحتاج": "هذا دالٌّ على حِلِّ سَماع تلك الأعاجيب للفُرجة لا للحجة، ومنه يُؤخَذ حِلُّ سماع الأعاجيب والغرائب؛ مِن كل ما لا يتيقن كذبه؛ بقصد الفرجة، بل وما يتيقن كذبه، لكن قُصد به ضربُ الأمثال والمواعظ، وتعليم نحو الشجاعة، على ألسنة آدميين أو حيوانات". انتهى.


والمعيارُ الصحيحُ هو ألا تشتملَ الروايات أو القصص على ما يُضاد الشرع، وبخاصة ثوابت الدين، وألا تكونَ القصصُ مُثيرةً للشهوات، ومُهَيِّجةً للغرائز؛ كالقصص التي تُصَوِّر العلاقات المحرمة، أو تحث على الفواحش والمنكرات بما تَحويه من الفِسقِ والمنكر، هذا النوعُ تحديدًا يَنشُره أعداءُ الإسلام لتشيعَ الرذيلة بين الشباب، وتهدم أخلاقهم، وتشوه العقول، وتلوث الثقافة، والله تعالى سيَسأل الجميع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه؛ كما في الحديث الصحيح.


أما ألعاب (البلاي ستشين)، فمِن اللهو المباح، وصورُها المجسَّمة لا تدخل في حد التصوير المحرَّم، فهي برامجُ إلكترونية بلغات برمجةٍ معروفة عند أهل الاختصاص، والصورُ التي تحتويها تختلف من لعبة لأخرى، فبعضها مُركَّب ببرامج (الفوتوشوب)، وكيفما كانتْ فهي مباحةٌ؛ لأنها أشبه ما تكون بالصورةِ في المرآة؛ حيث تنتهي الصورة بمجرد غلق الجهاز، أو الخروج من البرنامج، والصورة المحرمة يُشترط أن تكون مطبوعةً؛ سواء على ورق أو قماش أو غيرهما، أو منحوتة، وإنما يشترط فقط ألا تحتويَ تلك الألعاب على الصور العاريةِ للبنات؛ ككثير من الألعاب المنتشرة في تلك الأيام.


أما ممارسةُ الرياضة فحلالٌ على الأصل المذكور، وكل ما تحتاج إليه أيها الابن الكريم هو معرفة الضوابط الشرعية لها؛ حتى لا تقعَ في محذور شرعي، وذكر تلك الضوابط لها لا يُحرمها.


وأهم الضوابط: خلوها من القمار، أو ما يُعرف بالرهان بين اللاعبين، وألا تستغرقَ مِن وقتك الكثير، فضلًا عن أن تستغرقه كله، حتى لا تدخل في قوله جل وعلا: ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ [الأنعام: 70]، ويمكنك أيها الابن الكريم أن تُنَظِّمَ وقتك بين الأمور المفيدة، فتجعل جزءًا للعب، وآخر للطاعة، وجزءًا للقراءة... وهكذا.


هذا، وكن على ثقة أيها الابن الحبيب أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل هدي؛ فعَبَد الله حق العبادة؛ لأن الله قد جمع له بين علم اليقين وعين اليقين، مع الخشية القلبية واستحضار العظمة الإلهية على وجهٍ لم يجتمع لغيره، حتى قال لعائشة: ((إنَّ أتقاكم وأعلمكم بالله لأنا))، فخشيةُ الله إنما تكون على مقدار العلم بالله؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ولم يعلم أحدٌ كعلم النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يخش كخشيته أحدٌ مِن الخلق، مع علمه ما يجب عليه من الطاعة والشكر، ويقينه ما يستقبل من أهوال يوم القيامة، وما يعاينه العبادُ مِن مساءلة الله عباده عن مثاقيل الذر، وعن الفتيل والقطمير، ولذلك قال: ((أما والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا)).


ومع هذه الخشية وهذا اليقين كان صلى الله عليه وسلم يَضحك ويمزح، ويختار المستحسنات، وسابَقَ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرتين، وكان يأكل اللحم، ويُحب الحلوى، ويستعذب له الماء، ولما أراد بعضُ أصحابه المبالغة والغلو في العبادات أو تحريم الحلال، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراشٍ، حذَّرهم وقال: ((أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوَّج النساء، فمَن رغب عن سنتي فليس مني))، وعن سعد بن أبي وقاص أن عثمان بن مظعون أراد أن يتبتَّل، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أجاز له ذلك لاختصينا.


وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا عبدالله بن عمرو، بلغني أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؛ فلا تفعل؛ فإن لجسدك عليك حظًّا، ولعينك عليك حظًّا، وإن لزوجك عليك حظًّا؛ صُم وأفطر))، وكان الحبشة يَلعبون عنده صلى الله عليه وسلم بحرابهم؛ فدخل عُمر، فأهوى إلى الحصى فحصبهم بها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((دعهم يا عمر))، وقالت عائشة رضي الله عنها: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو)).


ودخل عليه أبو بكر يوم فطر أو أضحى، وعند عائشة قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بُعاث، فقال أبو بكر: مزمار الشيطان مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعهما يا أبا بكر، إن لكلِّ قومٍ عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم)).


وقال عبدالله بن مسعود: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام، مخافة السآمة علينا"، وبوَّب البخاريُّ لهذا الحديث بقوله: "الموعظةُ ساعة بعد ساعة"؛ والأحاديث السابقة رواها جميعًا البخاريُّ ومسلمٌ.


وزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالتْ: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كل؟ قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ، فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نَمْ، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليَا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صَدََق سلمان))؛ رواه البخاري، وروى مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي، قال: قلتُ: يا رسول الله؛ نافَقَ حنظلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما ذاك؟))، قلتُ: يا رسول الله، نكون عندك تُذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراهما رأي عين؛ فإذا خرجنا مِن عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرًا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافَحَتْكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة، ثلاث مرات)).


ولو ذهبنا يا بني نتتبَّع الأحاديث التي ورَد فيها أن الإسلام العظيم جاء بكل ما يكسر الملالة، وأن المباح فيه أضعاف الحرام، لعجزنا، وطال المقام بنا، وإنما نشير إشارة بما يفيد الغرض، وبعض الناس لقلة علمهم يتسرعون في تحجير ما وسعه الله، وتحريم ما أباحه، فالإنسان عدو ما يجهل.


وكان يكفينا أن نذكرَ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الدين يُسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسَدِّدوا وقاربوا، وأبشروا ويسِّروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة))؛ رواه النَّسائي.


هذا؛ وسأنقل لك كلامَ أحد أئمة المسلمين، وهو الإمام أبو الفرج ابن الجوزي حيث يقول: "فلا بد مِن التلطف بالبدن، بتناول ما يُصلحه، وبالقلب بما يدفع الحزن المؤذي له، وإلا فمتى دام المؤذي عجل التلَف، ثم يأتي الشرع بما قد قاله العقل، فيقول: إن لنفسك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، فصم وأفطر، وقم ونم، ويقول: كفى المرء إثمًا أن يضيع من يقوت، ويحث على النكاح...، ويكثر من التزوج، وكان يتلطف ببدنه، فيختار الماء البائت، ويحب الحلوى واللحم، ولولا مساكنة نوع غفلة لما صنف العلماء، ولا حفظ العلم، ولا كتب الحديث؛ لأن من يقول: ربما مت اليوم كيف يكتب وكيف يسمع ويصنف؟!


فلا يهولنكم ما ترون مِن غفلة الناس عن الموت، وعدم ذكره حق ذكره، فإنها نعمةٌ مِن الله سبحانه، بها تقوم الدنيا ويصلح الدين، وإنما تذم قوة الغفلة الموجبة للتفريط وإهمال المحاسبة للنفس، وتضييع الزمان في غير التزود، وربما قويت فحملت على المعاصي، فأما إذا كانت بقدر كانتْ كالملح في الطعام لا بد منه، فإن كثر صار الطعام زعافًا.


إلى أن قال: لما سطَّرتُ هذا الفصل المتقدم، رأيتُ إذكار النفس بما لا بد لها في الطريق منه، وهو أنه لا بد لها مِن التلطف، فإنَّ قاطعَ مرحلتين في مرحلة خليقٌ بأن يقف، فينبغي أن يقطع الطريقَ بألطف ممكن، وإذا تعبت الرواحل نهض الحادي يُغنيها، وأخذ الراحة للجد جد، وغوص السباح في طلب الدر صعود.


ودوام السير يحسر الإبل، والمفازة صعبة، ومَن أراد أن يرى التلطف بالنفس فلْينظُر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يتلطف بنفسه، ويُمازح ويخالط النساء، ويُقبِّل ويمص اللسان، ويختار المستحسنات، ويستعذب له الماء، ويختار الماء البارد، والأوفق من المطاعم؛ كلحم الظهر والذراع والحلوى، وهذا كله رفق بالناقة في طريق السير.


فأما مَن جرد عليها السوط، فإنه يوشك ألا يقطع الطريق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى))، واعلم أنه ينبغي للعاقل أن يغالط نفسه فيما يكشف العقل عن عواره، فإن فكر المتيقظ يسبق قبل مباشرة المرأة إلى أنها اعتناق بجسد يحتوي على قذارة، وقبل بلع اللقمة إلى أنها متقلبة في الريق ولو أخرجها الإنسان لفظها!


ولو فكَّر في قرب الموت وما يجري عليه بعده، لبغض عاجل لذته، فلا بد من مغالطة تجري لينتفع الإنسان بعيشه، كما قال لبيد:


واكذبِ النفسَ إذا حَدَّثْتَهَا
إنَّ صِدْقَ النفسِ يُزرِي بالأَمَلْ

وقال البُستي:

 

أَفِدْ طبْعَك المَكدودَ بالهَمِّ راحَةً
براحٍ، وعلِّله بشيءٍ مِن المَزْحِ

ولكن إذا أعطيتَه المَزْحَ فلْيَكُنْ
بمقدارِ ما نعُطي الطعامَ مِن الملحِ

وقد كان عمومُ السلف يخضبون الشيب لئلا يرى الإنسان منهم ما يكره، وإن كان الخضاب لا يعدم النفس علمها بذلك، ولكنه نوع مُخادعة للنفس، وما زالت النفوسُ ترى الظاهر، وإنما الفكر والعقل مع الغائب، ولا بد مِن مغالَطة تجري ليتم العيش.


ولو عمل العامل بمقتضى قصر الأمل ما كتب العلم ولا صنف...، ولا بد للتعب مِن راحةٍ وإعانةٍ، والله عز وجل معك على قدر صِدق الطلب، وقوة اللجأ، وخلع الحول والقوة، وهو الموفق". اهـ من صيد الخاطر (ص:253- 255).


فالإسلام يا بني العزيز هو دينُ الله الخاتم، وشموليته وواقعيته لم تغفلْ طبيعة الإنسان، وما جبل عليه مِن حب اللعب وعدم الاستمرار على الجد بطريقة دائمة، بل ساعة وساعة، فوازِنْ بين الجانب الروحي والمادي حتى لا يطغى أحدُهما على الآخر كما حدَث في الديانات المُحرَّفة.


وفقك اللهُ لكل خير





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين الالتزام والاطلاع على الحرام
  • تقلب أحوال العبد
  • استثمار اللعب لتنمية ذكاء الطفل
  • معنى حديث: ((كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل))
  • عمري يضيع بين اللعب والحب

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: فرحت المدينة النورة بقدومه حتى أضاء منها كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أكد الله وقوع البعث ليزيل من النفس كل شك ويكشف عنها كل شبهة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاط باليهود الفساد من كل جانب، وأخذ عليهم الشيطان كل سبيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جرائم فاقت كل وصف وتعدت كل حد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب