• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

التشخيص في الرسم الإسلامي

التشخيص في الرسم الإسلامي
أ. صالح بن أحمد الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/9/2015 ميلادي - 7/12/1436 هجري

الزيارات: 14532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التشخيص في الرسم الإسلامي


على الرغم من الخط العام الذي رأيناه في موقف الفنان المسلم من الرسم التشخيصي، وبعده عنه، في كل عصوره، وفي جميع أمصاره، حتى كان موقفه ذاك دعامة قوية من دعامات وحدة الفن الإِسلامي..


على الرغم من ذلك فقد وجدت رسوم تشخيصية في قصور أو تحف تنسب إلى عهود إسلامية. كما وجدت رسوم أخرى زينت بها بعض المخطوطات..


فما هو تعليل ذلك؟

وقبل أن نبدأ الحديث عن هذا الموضوع نحب أن نؤكد أن تلك الرسوم - التي أحب بعض الكتاب أن يبالغ في كثرتها، كما أحب بعضهم أن يبالغ في تجريد بعضها من الفضيلة - لم تكن بهذه الكثرة، وإنما كانت نسبتها شديدة الضآلة، كنسبة الشواذ إلى القاعدة العامة، بل هي أقل من ذلك[1].


كما نحب أن نؤكد أن الخروج على القاعدة لا يجرحها، ما دام ذلك بنسبة قليلة، فتلك سنَّة الله تعالى أن لا يكون الالتزام كاملًا من قبل الناس جميعًا فلسنا في عالم ملائكي، وهذا الخروج بدوره - حينما تكون نسبته إلى المسلمين صحيحة - يؤكد لنا أن ترك المسلمين للتصوير التشبيهي لم يكن عن عجز - كما ظن بعضهم - وإنما كان عن التزام.


نقول بعد هذا، إن التصوير التشبيهي وجد في مجالين.

• التصوير على الجدران، كرسوم تزينية للأبنية.

• التصور التزييني لبعض الكتب.


ونتناول كلًا من المجالين بشيء من الإِيضاح.

 

التصوير على الجدران:

تتحدث كتب الفن عن التصوير على الجدران، في صدد حديثها عن فن البناء، ومن المتفق عليه أن المساجد قد خلت من الصور التشبيهية، ولكنها وجدت في بعض القصور.


ويحظى العهد الأموي بعناية خاصة من الدارسين، فقد سلطت الأضواء عليه، إذ فيه بدأ بناء القصور وتشييدها. ومن أشهر هذه القصور: قصر عمره، الذي بناه الوليد بن عبد الملك، وقصر الحير الغربي الذي بناه هشام بن عبد الملك.


ونحب أن نقف على القصر الأول[2] في دراسة وافية، تكون نموذجًا لما ينبغي أن يكون في تحقيق الأمور ووضعها في نصابها. وكان بودنا أن نفعل ذلك بالنسبة لتلك القصور جميعها ولكن ذلك يخرج بنا عن هدف الكتاب وغايته.


وفي سبيل ذلك، ننقل ما كتبه الدكتور عفيف بهنسي عن هذا القصر، فهو مثال لما كتب عنه في بقية الكتب[3]، كما هو مثال، في الوقت نفسه، لما كتب عن القصور الأخرى.

 

قال الدكتور بهنسي:

قصير عمره:

اكتشف عام 1898م العالم "الواموزيل" قصير عمره، الذي يقع على بعد حوالي خمسين كيلومترًا إلى الغرب من الرأس الشمالي للبحر الميت، وهو يتألف من حمام ومنزل، يرجعان إلى العصر الأموي، وعلى التحديد إلى عهد الوليد بن عبد الملك (705 – 715م) سادس الخلفاء الأمويين.. ولقد درس هذا البناء دراسة موسعة، وهو يشبه الحمامات التي كانت معروفة في هذه المنطقة منذ عهد الرومان..


ولقد استدل على تاريخ بناء هذا القصر من خلال صورة الملوك الستة إذ أن أحدهم وهو إمبراطور بيزنطة كتب فوقه اسم قسطنطين. وهو الامبراطور الذي كان يعاصر عبدالملك. وثمة صورة أخرى كتب فوقها روذريق الذي حكم لسنة واحدة وقتل في إحدى المعارك مع الجيوش الأموية عام 711م، ولكن الرسوم ترجع على الغالب إلى عهد هشام.


الرسوم الجدارية في قصير عمره:

أما الرسوم الجدارية التي اكتشفها موزيل، والتي نشرتها للمرة الأولى أكاديمية فيينا ضمن مجلد مطبوع ومزود بألواح ملونة، كان قد رسمها بالألوان الفنان مليش الذي رافق موزيل عام 1901م، هذه الرسوم تعتبر أفضل الرسوم الجدارية التي عثر عليها في القصور الأموية الأخرى نظرًا لتنوعها ولدلالتها التاريخية والعلمية ولأسلوب فنها. ومع ذلك فإن هذه الرسوم ما زالت تحتاج إلى المزيد من الدراسة لإِبراز أهميتها الواسعة..


إن من أبرز المواضيع التي عالجها المصور في هذا القسم من القصر أو المدينة الأموية، وهو الحمام، تعطينا فكرة عن الهدف من بناء هذه المجموعة السكنية التي تخص الخليفة وجماعته، فلقد حفلت الجدران برسوم ملونة تمثل:

• مشاهد الصيد، وبعضها يمثل الصيد وذبح الظباء دون أن يبدو بوضوح أمير الصيد.

• كذلك تظهر مشاهد استحمام، وتمارين رياضية.

• وأوضاع مصارعة ومنازلة.

• وبعض الصور لنسوة عاريات في أوضاع مختلفة أو ضمن مجموعات متجانسة.

• ولقد عثر على رسوم آلهة اسطورية إغريقية للفلسفة والتاريخ والشعر.


وثمة ثلاثة مواضيع متميزة لا بد من عرضها مستقلة وهي:

1- مشهد سماء مزينة بالنجوم والكواكب. وقد رسمت داخل قبة قسم المشلح في الحمام..


2- وفي نهاية الرواق الأوسط لقاعة الدخول الكبرى، عثر على صورة جدارية للخليفة جالسًا على عرش ومحاطًا بهالة ومعه مرافقوه، ويضم المشهد صور وحوش بحرية هائلة وصورة طير مائي...


ومن الصور الهامة، المشاهد الموجودة على السقوف المعقودة والمقسمة إلى أفاريز مربعة وكل مربع يتضمن مشهدًا من مشاهد العمل العادي، مثل الفخاري والنجار والمزارع..


3- والمشهد الثالث الذي أثار كثيرًا من الجدل، صورة ستة ملوك عليها كتابات عربية وإغريقية تميز أربعة منهم وهم قسطنطين وروذيق - آخر ملك قوطي في إسبانيا - والنجاشي - ملك الحبشة - وخسرو، ملك الساسانيين، ويعتقد أن الملكين الآخرين هما امبراطور الصين وحاكم هندي أو تركي.


ولقد رأى (أوليغ غرابار): أن هذه الصور تمثل الملوك الذين هزموا على يد عبد الملك بن مروان..


على أن أصول الرسم في قصير عمرة تعطينا دليلًا على تأثيرات كلاسية كانت قد تركت بصماتها في المنشآت التي أحدثت خلال العصر الروماني والبيزنطي في البلاد..

 

ولذلك فإنه ليس من شك إطلاقًا في هوية الفنان الذي رسم هذه الصور فهو عربي آرامي، أو عربي مسلم من سكان البلاد ولقد صور حسب الطريقة التقليدية التي كانت سائدة، ويؤكد (ايتنهاوزن) ذلك بقوله:

"لقد تبين عند التدقيق في الرسوم الجدارية في قصير عمره أن الكتابات الإِغريقية التي نقشت كانت معرضة للخطأ والحذف. وأن الرسام عندما أراد أن يكتب بالعربية لم يكن ذلك صعبًا عليه، ولكن بعض الكتابة العربية ما زالت متعلقة بالحروف الآرامية. مما يدل على أن السكان العرب الأصليين، وليس ضروريًا أن نسأل ما إذا أصبحوا مسلمين، قد قاموا فعلًا بنقش هذه الرسوم، وهو أمر بديهي، ولكن هذه الوقائع تزيده وضوحًا"[4].

 

مناقشة:

بعد الوقوف على المعلومات السابقة عن هذا القصر، نستطيع القول بأن (موزيل) أخطأ في نسبة هذا القصر إلى الوليد، بل أخطأ في نسبته إلى العهد الأموي والإِسلامي. إن غالب المعطيات السابقة تتجه إلى أن هذا القصر المكشف هو من الأبنية المشادة قبل ظهور الإِسلام، ولعله من الأبنية التي شيدها الغساسنة التابعون للحكم الروماني.


ونستطيع تأييد هذا الرأي بالمعطيات السابقة نفسها:

1- ورد في الوصف السابق: أن هذا الحمام يشبه الحمامات التي كانت معروفة في هذه المنطقة منذ عهد الرومان.


كما سبق القول بأن تأثيرات كلاسية قد تركت بصماتها عليه، تلك البصمات المعروفة في العصر الروماني والبيزنطي.


فلماذا لا يكون هذا البناء واحدًا من هذه الأبنية الرومانية؟


2- إن الكتابة المستعملة في هذا القصر هي: الإِغريقية، وحينما استعملت الكتابة العربية كانت ما زالت متعلقة بالحروف الآرامية.


ولم يكن هذا ليحدث لو كان البناء أمويًا، فقد أخذت العربية شكلها المستقل بعد كتابة القرآن الكريم.


ثم إذا كان البناء عربيًا فلمن يكتب الفنان بالإِغريقية؟ وما فائدة ذلك؟


3- إن صور المصارعة هي وليدة المجتمع الروماني، وهي معروفة به، فما هو مبرر وجودها في قصر عربي؟


4- وصور النساء العاريات؟ ما بالها؟


قد يقبل وجود صور، ويقبل وجود صور نسائية، أما أن تكون الصور لنساء عاريات!! فذلك أمر مستبعد كل البعد.


إن الوليد لو لم يخف الله تعالى، لكان له من خشية المسلمين ما يردعه عن الإِقدام على الأمر بذلك أو قبوله، ولو كان ذلك على سبيل المداراة لهم، خاصة وإن فيهم من يتتبع مثالب الأمويين ويعد عليهم سقطاتهم. فما زلنا في القرن الأول، وما زالت الأعين مفتوحة على كل انحراف يصدر عن بني أمية.


إن الوليد ما كان ليقبل بهذا الأمر - مهما يكن أمر إيمانه - سياسيًا واجتماعيًا، فما كانت الأوضاع لتسمح له بذلك وما زال بعض الصحابة على قيد الحياة والتابعون هم أهل العصر.


ومع ذلك لو رجعنا للتاريخ نسأله عن هذا الخليفة لوجدنا فيه من الصفات الذاتية ما يحول بينه وبين ذلك.


جاء في كتاب الكامل لابن الأثير: "كان الوليد عند أهل الشام من أفضل خلائفهم، بنى المساجد: مسجد دمشق، ومسجد المدينة - على ساكنها السلام - والمسجد الأقصى، ووضع المنائر، وأعطى المجذمين، ومنعهم من سؤال الناس، وأعطى كل مقعد خادمًا، وكل ضرير قائدًا، وفتح في ولايته فتوحًا عظامًا، منها الأندلس وكاشفر والهند.."[5].


إن من كان هذا شأنه في حرصه على بناء المساجد واهتمامه بعظمة الإِسلام ما كان ليخدش دينه بقبول تلك الصور في مكان يقيم فيه.


إن تصوير النساء العاريات ونحت تماثيلهن كذلك سمة من سمات العهد الروماني.. ولا يتصور أن تكون من إنتاج الفن الإِسلامي.. علمًا بأن هذا الأمر لم يحدث في العصور المتأخرة البعيدة عن الأجيال الفاضلة، فكيف يحدث في القرن الأول؟!![6].


5- ورسوم الآلهة الإِغريقية، ما شأنها؟!


قد يغض النظر عن رسوم النسوة العاريات، فذلك مرجعه التهاون في تنفيذ أوامر الإِسلام، أما القبول بوجود رسوم لآلهة الإِغريق فذلك أمر يمس العقيدة، ولا مجال للتسامح فيه. إذ لا يتصور إلا من إنسان ارتكس في الشرك بعد الإيمان بالله الواحد سبحانه. وهذا أمر لا يقبله الوليد لنفسه بحال من الأحوال.


لماذا لا نكون منطقيين مع أنفسنا، فنقول إن القصر بني في عصر كان فيه لهذه الآلهة وجود واحترام، أي قبل ظهور الإِسلام.


6- ونقف على صورة السماء المزينة بالنجوم والكواكب: إنها لم توضع عبثًا كما لم ترسم آلهة الإِغريق عبثًا.. فكلها ذات صلة بالواقع الاجتماعي والعقيدي للعصر الذي رسمت فيه.


كان سكان دمشق القدامى من الكلدانيين يعبدون الكواكب[7].. ولما اجتاحت النصرانية المناطق الرومانية في مطلع القرن الرابع الميلادي قبلت من الناس إيمانهم بالمسيح ولم تمانع في بقاء العقائد السابقة، وهكذا استمرت الوثنية في ظل النصرانية، كما هو معروف.


وإذن فالصورة لها مساس شديد بعصر ما قبل الإِسلام.


7- ورسوم الرياضة، أليست هي السبيل إلى الكمال الجسماني، الذي كان الاهتمام به أحد مظاهر الحياة الرومانية.


كانت تلك بعض المؤكدات التي لا يمكن إغفالها، والتي ترجح ترجيحًا قويًا أن هذا القصر ليس هو (قصير عمرة) وإنما هو قصر أنشئ قبل الإِسلام.


واستكمالًا للبحث نعود لمناقشة الدليل الذي بني عليه (موزيل) رأيه، وتابعه الآخرون دون مناقشة.


انطلق موزيل في استدلاله - كما يقول الدكتور بهنسي - من تحديد تاريخ بناء القصر، والذي استدل عليه من الصورة السداسية - التي أطلق عليها اسم أعداء الإِسلام - حيث وجد فيها اسم قسطنطين فوق أحد هؤلاء الستة، وقسطنطين هو الإِمبراطور الروماني الذي عاصر الوليد. كما كتب اسم روذريق فوق صورة أخرى، وهو الذي حكم لسنة واحدة وقتل في إحدى المعارك مع الجيوش الأموية عام 711م.


وإذن فالاستدلال يقوم على ذكر هذين الاسمين في الصورة التي لا تحمل أي تاريخ.


وقبل المناقشة نحب أن نورد ما كتبه الأستاذ أنور الرفاعي عن هذه الصورة، وقد وضع لها رسمًا تخطيطيًا. قال:

"صورة تعرف باسم أعداء الإِسلام، وقوامها ستة أشخاص ذوي ملابس فاخرة، مرسومين في صفين، ثلاثة في الصف الأول، وثلاثة في الصف الثاني. وفوق أربعة منهم كتابات بالعربية والإِغريقية لا تزال باقية. فالأول من اليسار في الصف الأمامي، فوقه كلمة قيصر بالعربية واليونانية لا تزال باقية، فهو امبراطور بيزنطة، والثاني في الصف الخلفي فوقه كلمة يظن أنها لوذريق آخر ملوك القوط في اسبانيا، والثالث في الصف الأمامي فوقه كلمة كسرى، فهو ملك الفرس، والرابع في الصف الخلفي فوقه كلمة النجاشي فهو ملك الحبشة. والملاحظ أن تصميم هذه الصور ساساني"[8].


والملاحظ في هذا النص، دقة الوصف، ووضوح التفصيل مما يجعل الثقة فيه أكبر من الثقة في النص الذي أورده الدكتور البهنسي.


نقول بعد هذا:

إذا ذهبنا إلى ما ذكره الرفاعي، فلا إشكال في كون اللوحة قديمة قبل الإِسلام، ذلك أن اسم (روذريق) ليس واضحًا وتقديره في باب الظن والتخمين، أما بقية الأسماء فهي ألقاب مناصب وليست أسماء أعلام، و(قيصر) كل حاكم رومي، و(كسرى) كل حاكم فارسي، و(النجاشي) كل حاكم حبشي، وعلى هذا فالصورة تدل على ملوك العصر الذي رسمت فيه وليس هناك ما يدل على أنها بعد الإِسلام.


وحتى لو ذهبنا مع الدكتور بهنسي إلى أن اسم الحاكم الروماني (قسطنطين) فليس بالضرورة هو الذي عاصر الوليد، فقد حكم الدولة الرومانية أكثر من قسطنطين. أحدهم باني القسطنطينية. وعلى هذا فليس في اللوحة ما يدل على تاريخ ما.


ثم إن (روذريق) قد حكم سنة واحدة، وذلك لا يرفعه إلى مكانة الملوك الآخرين ولا يجعله في مصافهم إلا إذا كان القصر قد بدئ بالبناء به بعد تنصيبه وانتهي منه قبل قتله، وهو احتمال بعيد.


ثم إن صور الأشخاص عندما تعلق في القصور فذلك من باب التكريم، وهذا هو الأصل في هذا الأمر، فقد اتخذ الناس قديمًا صور الصالحين والمكرمين لديهم.. ثم عبدوهم.. فهل كان اتخاذ هذه الصور من قبل الوليد من باب التكريم..؟ قد يقول قائل، إنه وضعها لبيان عظمته بانتصاره على هؤلاء.. فنقول: لو كان الأمر كذلك لكان ينبغي أن يكون وضعهم في الصورة مما يوحي بذلك.. ولكنهم ظهروا في الصورة مكرّمين في ملابس فاخرة.


يترجح أن هذه الصورة إذن، للملوك في عصر ما قبل الإِسلام، في قصر روماني بني قبل الإِسلام.


وأما صورة الوليد ومرافقيه، فإن كان التقدير صحيحًا، ولم تكن صورة للمسيح وأتباعه بدلالة الهالة التي أحيط بها، فذلك يعني أن الوليد وجد هذا القصر قائمًا فاتخذه مكانًا له[9]، فرسمت تلك الصورة له. يؤيد هذا أن الصورتين محل الإِشكال - صورة الخليفة، والصورة السداسية - ليستا من مدرسة واحدة. "فصورة الستة تظهر فيها آثار الفن الساساني الفارسي، بينما يظهر على الصورة الأخرى طراز الفن الهيليني، كما يقول الأستاذ الرفاعي"[10].


على أن وجود صور الوحوش في الصورة يرجح احتمال كونها للمسيح فذلك نوع من المعجزات أن يجتمع إليه الناس والوحوش..


وإذن فليس ما ذهب إليه (موزيل) بشأن هاتين الصورتين هو الاحتمال الوحيد، وإذا تعارضت الأدلة سقطت، فتبقى أدلتنا السابقة قائمة على ما ذهبنا إليه وهو أن هذا القصر ليس هو قصير عمرة بل هو قصر آخر بني قبل الإِسلام، يؤيد هذا قول الدكتورة نعمت إسماعيل: "ولم يتأكد للآن بصفة قاطعة نسبة هذا القصر الذي اكتشفه موزيل عام 1895 إلى الوليد"[11].

 

الآثار.. وسوء النية:

لقد أطلنا هذه المناقشة، والذي دعانا لذلك هو أن الاحتمالات التي يضعها بعض المستشرقين تتحول عند بعضنا إلى مسلمات، ثم تبنى عليها الأحكام.. وتتحول الجزئية إلى قاعدة عامة..


فكل تلك الأمور التي استعرضناها لم تستوقف الذين كتبوا في هذا الموضوع، وأصبحت نسبة القصر إلى الوليد مسلمة من المسلمات حتى ذهب بعض الكتاب يبني عليها وعلى أمثالها الأحكام[12].


إن هذا الإِغفال المتعمد لمناقشة تلك الأمور يجعلنا نستبعد حسن النية لدى هؤلاء، ويذكرنا بما كتبه الدكتور محمد محمد حسين عن اهتمام المستشرقين بالآثار والبواعث التي تدفعهم إلى ذلك[13].


إن إثبات نسبة مثل هذه الصور للأمويين تعني إثبات عدم التزامهم بالإِسلام، وأن التفلت من أوامره حصل في وقت مبكر، والإِيحاء - من جانب آخر - بأن الخروج على أوامر الإِسلام لا مانع منه ما دام الخلفاء أنفسهم قد خرجوا عليه[14]. أو أنه شيء غير معقول فلا بد من الخروج عليه[15]...


إننا لا ننكر وجود أناس من الفنانين لم يلتزموا بأوامر الدين، فذلك أمر متوقع في جميع مجالات الحياة ومنها الفن، ولكنا لا نريد أن نثبت أشياء قامت على الوهم والتخمين.


قد يحدث - أو قد حدث - أن الفنان الذي لم يلتزم بالإِسلام - وهم قلة كما هو معروف - رسم الأشخاص أو ذوات الأرواح، فرسم الغزال والأسد.. والإِنسان.. ولكنه لم يحدث أن بلغت به الجرأة إلى حد رسم النساء العاريات والآلهة الأسطورية في قصر خليفة مسلم.. والقرن الأول لم يمض بعد، هذا الأمر الذي لم يحدث في العهود المتأخرة حينما بعد الناس عن تطبيق الإِسلام..!!


إننا بحاجة إلى منطق العقل، وألا نكون إمعات..



[1] قال الدكتور عبد المنعم رسلان في صدد حديثه عن قلة التصوير التشخيصي لدى المسلمين: "ومهما يكن من أمر فإن ما وصل إلينا من تصوير، سواء كان على الفسيفساء أو كان صورًا مائية مرسومة على الجص يعتبر قليلًا. فليس لدينا من الصور المائية على الجص سوى الرسوم التي نسخت من صور قصير عمره.. وصورتين عثر عليهما سنة 1936م بقصر الحير الغربي الذي شيده هشام بن عبد الملك سنة 724م - 743. هذا إلى جانب بعض الصور القليلة التي عثر عليها في الحفائر الأثرية في نيسابور بإيران، وهي التي تولتها هيئة متحف (المتربوليتان) بين سنة 1936 - 1939م وهي تنسب إلى القرن الثاني أو بداية القرن الثالث الهجري. وإلى جانب ما ذكرنا هناك بعض الصور التي كشف عنها في حفريات مدينة سامرا، وقام الأستاذ هرتسفلد بدراستها، أما في مصر فقد كشفت الحفائر التي قام بها متحف الفن الإِسلامي سنة 1932م بجوار حمام أبي السعود عن حمام فاطمي زخرفت بعض حنايا جدرانه بصور مائية على الجص كان قد تطرق بعض التلف إليها".

[الحضارة الإِسلامية في صقلية وجنوب إيطاليا ص 111 - 112 تأليف عبد المنعم رسلان. ط 1 عام 1401هـ. جدة].

[2] اخترنا هذا القصر للدراسة لأنه الأكثر دراسة واهتمامًا من قبل المؤلفين، فما من كتاب في الموضوع إلا ويشير إليه..

[3] انظر: الفن الإِسلامي. أبو صالح الألفي ص 149 - 151، وفلسفة الجمال تأليف الدكتور محمد علي أبو ريان ص 240 وغيرهما كثير...

[4] الفن العربي الإِسلامي في بداية تكوينه. عفيف بهنسي. دار الفكر بدمشق ط 1.

[5] الكامل 5/ 9.

[6] والأمر المستغرب أن الكتاب الذين أتيح لنا الاطلاع على كتبهم يبرزون هذه النقطة بالذات ويسلطون عليها الأضواء؟!.

[7] قال ابن كثير في حديثه عن مسجد دمشق: "وكان أصل موقع هذا الجامع قديمًا معبدًا بنته اليونان الكلدانيون الذين يعمرون دمشق، وهم الذين وضعوها وعمروها أولًا. فهم أول من بناها، وقد كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتميزة: القمر وعطارد والزهرة والشمس والمريخ والمشتري وزحل..". [البداية 9/ 159].

[8] تاريخ الفن عند العرب والمسلمين. ص 97 أنور الرفاعي.

[9] قال الأستاذ الرفاعي: "... وفي العهد الأموي استعمل الخلفاء والأمراء بعض القصور الرومانية الموجودة في دمشق وغيرها كما بنوا قصورًا كثيرة" المصدر السابق ص 95.

[10] المصدر السابق ص 99.

[11] فنون الشرق الأوسط في العصور الإِسلامية. د. نعمت إسماعيل علام ط 2 دار المعارف بمصر ص 30.

[12] وكمثال على ذلك ننقل ما كتبه الدكتور عفيف بهنسي حيث قال: "إن الحديث عن رسام عربي يستدعي، عند البعض، السؤال عن وجود فن رسم تمثيلي، ومن المؤكد أن هذا السؤال قد وجد جوابه منذ زمن طويل. ولم يعد القول بتحريم التصوير عند المسلمين مقبولًا، وخاصة بعد أن أوضحت المكتشفات الأثرية أعمالًا فنية تصويرية تمت بأمر الخلفاء أنفسهم، دون خوف أو حرج وها نحن نرى في سورية، ومنذ زمن الأمويين قصورًا حافلة بالصور والرسوم مثل قصر الحير وقصير عمره.." [جمالية الفن العربي ص 57 - 58].

[13] لفت الدكتور محمد محمد حسين النظر في كتابه (الإِسلام والحضارة الغربية) إلى اهتمام المستشرقين الزائد، ومن ورائهم حكوماتهم.. بالآثار في البلدان الإِسلامية.. وبين أن البواعث وراء ذلك متعددة منها بعث القوميات.. الأمر الذي يربط الناس بماضيهم البعيد أي ما قبل إسلامهم... وفي هذا تفكيك لعرى الأخوة الإِسلامية.. وهناك أهداف أخرى.

وقد وصل هذا الاهتمام من الحكومات إلى درجة ذكره في صك انتداب الحكومة البريطانية على فلسطين حيث قالت المادة 21 (.. أن تضع الدولة المنتدبة وتنفذ في السنة الأولى من تاريخ تنفيذ هذا الانتداب قانونًا خاصًا بالآثار والعاديات).

[الإسلام والحضارة الغربية. مؤسسة الرسالة. بيروت ط 4 ص 139 - 141].

[14] انظر التعليق قبل السابق.

[15] كتب الدكتور محمد أبو ريان بصدد حديثه عن حكم التصوير، بقول: "ولعلنا نتساءل .. هل كان المنع أو التحريم الديني سببًا معطلًا لفعل الأمور المنافية للشرع؟..

إنه لا يمكن إصدار حكم قطعي بهذه السهولة على موضوع خطير كهذا، يتعلق بقدرات الشعوب وإنتاجها الفني، ومن الصعب أن تتوقف القدرات الفنية وهي من لوازم حضارات الشعوب كنتيجة لنهي أو تحريم.."!! [فلسفة الجمال. محمد علي أبو ريان ص 235 - 236].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التصوير الإسلامي فن متميز
  • التصوير في الإسلام
  • ظواهر التصوير عند المسلمين
  • الرسم في المخطوطات

مختارات من الشبكة

  • استخدامات الأشعة السينية التصوير والملاحظة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اختبار دقيق لتشخيص فقدان الذاكرة(مقالة - المترجمات)
  • إجراءات التقويم التشخيصي والدعم العلاجي المرتبطة بتدريس اللغات الأجنبية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أرجو تشخيص حالتي(استشارة - الاستشارات)
  • وهن الأمة: مرض مزمن أم سوء تشخيص؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تشخيص مشكلة الإشراف التربوي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تشخيص عام للحالة التي سبقت إعلان الدعوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبحاث علمية لإمكانية تشخيص مرض الزهايمر في مراحله الأولية(مقالة - المترجمات)
  • قياس وتشخيص الإعاقة البصرية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حمى الملاريا في إفريقيا .. الواقع والتشخيص والعلاج (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب