• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (2)

قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (2)
عراقي محمود حامد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2014 ميلادي - 28/2/1436 هجري

الزيارات: 7607

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هارون وتحقيق النصوص، ومعالجة قضاياه

قراءة في كتابه: قطوف أدبية - دراسات نقدية في التراث (2)


تقليب كلمة (تراث) مبنى ومعنى:

المشتَغِل بتَحقِيق النُّصوص التراثيَّة يَلزَمه أنْ يتبيَّن جيِّدًا أصلَ كلمة (التراث)، ومدلولها، ومعناها؛ إذ كيف يشتَغِل بتحقيق ما لا يكون له في ذهنِه تصوُّرٌ كاملٌ من حيث مَبناه ومَعناه؟!

 

وقد عالَج الأستاذ هارون تحقيقَ كلمة (التراث)، فقال: "فلسنا نجدُ في موادِّ لغتنا العربية مادة (تَرَثَ)، كما أنَّه ليس في معاجمنا العربيَّة من الموادِّ المبدوءة بالتاء، والمختومة بالثاء المثلثة، إلاَّ ثلاث مواد لا تزيد ولا تنقص"[1].

 

وذكَر أنَّ الأولى: مادة (تفث)، والثانية: (تلث)، والثالثة: (توث).

 

ثم يقول: "وهنا يتدخَّل التراث الصَّرفي الذي يَقضِي بأنَّ بعض الكلمات المبدوءة بالتاء قد تكون تاؤها مُبدَلة من الواو، كالتخمة: وهي الأزمة الناشئة عن ثقل الطعام، قالوا: أصلها: "وُخمة"؛ فلذا نَلقاها في مادة (وخم) لا (تخم)، وكذلك (التُّهمة) نجدها في (وَهم)"[2].

 

ثم ذكَر أنَّ التكلان أيضًا أصلها: الوكلان، وكذا (تترى) أصلها (وترى)، و"التُّقى" و"التقية" و"التقوى" كلها مأخوذة من الوقاية[3].

 

ويَسأل هارون متعجبًا: "إذًا من أين جاءت كلمة (التراث)؟!".

 

ويُجِيب: "إنَّها مأخوذةٌ من مادَّة (ورث)، التي تدور معانيها حولَ حصول المتأخِّر على نصيبٍ مادي أو معنوي ممَّن سبَقَه؛ من والد، أو قريب، أو مُوصٍ، أو نحو ذلك، وفي الكتاب العزيز: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ ﴾ [النمل: 16]"[4].

 

ويُرجِّح أنَّ أقدم نصٍّ وردت فيه كلمة (التراث) كان في قوله - تعالى -: ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ﴾ [الفجر: 19]؛ بمعنى: أنهم كانوا يَأكُلون الميراث، ويمنَعُونه أصحابَه.

 

ثم يقول: "وممَّا ورَد في الشِّعر القديم قولُ سعد بن ناشب، وهو شاعرٌ إسلاميٌّ كان بلال بن أبي بردة قد هدَم داره؛ لأنَّه أصابَ دمًا في قوم:

فَإِنْ تَهْدِمُوا بِالغَدْرِ دَارِي فَإِنَّهَا
تُرَاثٌ كَرِيمٌ لاَ يُبَالِي العَوَاقِبَا[5]

 

وعليه "أجمع اللغويون على أنَّ التراث ما يُخلِّفه الرجل لورثته، وأنَّ تاءَه أصلها الواو؛ أي: الوراث"[6].

 

ثم يبيِّن أنَّ الصرفيِّين يذكرون العلَّة في هذا، وهي: أنَّ العرب لحظُوا أنَّ الواو، وهي الحرف الضعيف، جديرةٌ بأنْ يُوضَع بدلها في أوائل تلك الكلمات حرف هو أجلد منها، وهو التاء التي اختِيرَتْ بديلاً.

 

وعلى هذا استطاع الصرفيُّون في حذقٍ أنْ يضعوا كلمة (التراث) في مادة (ورث).

 

وهكذا ظلَّت كلمة (التراث) محدودةَ المعنى والاستِعمال، تَنُوب عنها أختها (الميراث) في كثيرٍ من الأمر، إلى أنْ دخَلنا في هذا العصر الحديث، فألفَيْنا هذه الكلمة تَشِيع بشُيُوع البحث والتَّنبيش عن الماضي، ماضي التارِيخ، وماضي الحضارة والفُنون والآداب، والعلم والقصص، وكل ما يمتُّ إلى القديم بصلةٍ"[7].

 

وصارت تُطلَق على "تلك الآثار المكتوبة الموروثة التي حَفِظَها التاريخُ كاملةً أو مبتورةً فوصَلتْ إلينا، وليس هناك حدودٌ مُعيَّنة لتاريخ أيِّ تراثٍ كان، فكلُّ ما خلَّفه المؤلِّف بعد حَياته من إنتاجٍ يُعَدُّ تراثًا فكريًّا"[8].

••••

 

استنباط منهجه في التحقيق:

يُعتَبَر هارون شيخ المحقِّقين بما قدَّمَه من جُهدٍ كبيرٍ عظيمٍ في مَجال تَحقِيق بعض نصوص التُّراث، وباعث نهضته، خاصَّة بعد الأضواء الكاشفة التي سلَّطَها عليه في كتابه: "تحقيق النصوص ونشرها"، الذي ظهَرتْ طبعتُه الأولى سنة 1374هـ، والذي وُلِد ثمرة تجارِبه الشخصية التي ضمَّ إليها تجارب شيوخه وأقرانه وزُمَلائه، حتى أصبحَتْ قواعد التحقيق معروفة ومتَّفقًا عليها.

 

وليس التحقيق كما يَظنُّ مَن لم يُعالِجه، ولم يتحقَّق بقواعده - أمرًا يسيرًا، من السَّهل أن يقوم به أيُّ أحد، بل هو كما يقول هارون: "أمرٌ جليل يَحتاج من الجهد والعناية إلى أكثر ممَّا يحتاج إليه التأليف، وقديمًا قال الجاحظ في كتابه "الحيوان": ولربما أراد مؤلِّف الكتاب أنْ يُصلِح تصحيفًا أو كلمةً ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرِّ اللفظ، وشريف المعاني، أيسَر عليه من إتمام ذلك النَّقص، حتى يردَّه إلى موضعه من اتِّصال الكلام"[9].

 

ولبيان منهجه في التحقيق:

نجد أنَّه عند كلامه على الأمور التي تُعِين على إقامة النصِّ وتُجنِّب المحقق مَزالِق سوء الأداء، يقول:

"أول تلك الأمور: التمرُّس بقراءة المخطوط؛ فإنَّ القراءة الخاطئة لا تُنتِج إلاَّ خطأ، وبعض كتابات الأقدَمِين يحتاج إلى مِراسٍ طويل، وخِبرة خاصَّة..."[10].

 

إلى أنْ يصل إلى الأمر الثاني فيقول: بأنه "التمرُّس بأسلوب المؤلِّف، ومعرفة لَوازِم ذلك الأسلوب، والوقوف على ما يُؤثِره من العِبارات والألفاظ...

 

وأدنى صُوَر التمرُّس بأسلوب المؤلِّف أنْ يَرجِع المحقِّق إلى أكبر قدرٍ يستَطِيع الحصولَ عليه من كتب المؤلِّف؛ وذلك ليَزداد خبرةً بأسلوبه وظروفه...

 

والأمر الثالث من مقدِّمات تحقيق المتن: هو الإلمامُ بالموضوع والقَضايا التي يُعالِجها المخطوط؛ حتى يُمكِن أنْ يفهم النص فهمًا سليمًا...

 

والأمر الرابع من وسائل تحقيق المتن: هو المراجع العلميَّة ذات العلاقة المباشرة بالمخطوط... والتي يُمكِن تصنيفها على الوجه التالي:

1- كتب المؤلف نفسه مخطوطها ومطبوعها.

 

2- الكتب التي لها علاقة نسب بالكتاب؛ كالشروح والمختصرات والتهذيبات...

 

3- وهناك ضَرْبٌ آخَر من المراجع التي لها علاقة حميمة بالكتاب، وهي الكتب التي اعتَمدتْ في تأليفها اعتِمادًا كبيرًا على الكتاب، وهذه كثيرًا ما تحتَفِظ بالنصِّ الأصلي للكتاب الأوَّل...

 

4- ومن المراجع المُعِينة على إقامة النصِّ، وتجنُّب المحقِّق مزالق سوء الأداء، عكس المراجع السابقة، وهي المراجع التي استَقَى منها المؤلِّف...

 

والأمر الخامس ممَّا يُعِين على صحَّة الأداء: هو الرُّجوع إلى الكتب المُعاصِرة للمؤلِّف التي تُعالِج نفس موضوعِه، أو تُعالِج موضوعًا قريبًا منه، فممَّا لا ريبَ فيه أنَّ الأجواء العلميَّة المُتعاصِرة تُلقِي أصدقَ الأضواء وأعلاها على تَحقِيق النص.

 

والأمر السادس من الأمور التي تُعِين على صحَّة الأداء، ولا يستَطِيع المحقِّق فراقَه أو مُجانَبته: هو المَراجِع اللغوية؛ إذ هي المقياس الأوَّل الذي تَسِير به صِحَّة النص، والدَّليل الأوَّل كذلك الذي يَقُودُنا إلى حسن فهْم النصِّ وتصوُّره[11].

 

ومن قواعد تحقيق النصوص: كيف نُرجِّح روايةً على أخرى؟ وكيف نُصحِّح الأخطاءَ والتحريفات؟ وكيف نَضبِط النُّصوص؟ وكيف نُعلِّق عليها؟ وما مدَى أهميَّة علامات التَّرقيم؟ وما المكمِّلات الحديثة التي ينبَغِي أنْ يَظهَر بها الكتاب؟ وغير ذلك كثير[12].

 

ويبيِّن هارون أهميَّة الفهارس، وأنَّه لا بُدَّ من كشَّافات تُفصِح عمَّا في الكتاب، وتُجلِّي ما فيه من كنوز؛ فيقول: "ولعلَّ أشنع ما يقع في هذا الفن أنْ يخرج الكتاب مجرَّدًا من الفهارس الفنيَّة، أو تُوضَع له فهارس غير ذات جدوى"[13].

 

ويدعو إلى الوسطية في إيراد التعليقات والحواشي، وكان من رواد هذه المدرسة التي ترفع شعار: "الزائد أخو الناقص"، فلا ينبغي أن يترك النص بلا إضاءة، وكذلك لا يُقبل أن يطيل المحقق في تعليقاته وحواشيه؛ كأنه يستعرض ثقافته، فيذهل القارئ عن الكتاب الأصلي، ويشتت ذهنه.

 

وكذلك في الدراسة التي تُقدِّم للنص لا بُدَّ أن تكون بغير إيجاز مخل، ولا طول ممل، فلا ينبغي للمحقق أن يتزيد في تقديمه للمخطوطة بصورة تطغى على صورة الكتاب نفسه[14].

 

وأيضًا كان من منهجه: التوسُّط في استِعمال علامات الترقيم، ولقد امتَدَح أحمد زكي باشا بأنَّه أوَّل مَن أشاع علامات الترقيم الحديثة في المطبوعات العربيَّة، إلاَّ أنَّه أخَذ عليه أنَّه كان يُبالِغ في استِعمال تلك العلامات، ولا سيَّما في الشعر الذي كان يختم كلَّ بيتٍ مستقلٍّ فيه بنقطةٍ يضَعُها في نهايته[15].

 

هذه الأمور العامَّة التي تُعِين على إقامة أيِّ نصٍّ، وتُجَنِّب المحقِّقَ مَزالِقَ سوء الأداء؛ لكنَّ كلَّ كتابٍ أثناءَ تحقيقه يَحتاج لرسْم منهجٍ معيَّن حسب مادَّة المخطوط، ويَفرِض على المحقِّق خطوات خاصَّة به؛ لذلك يقول هارون: "عند تحقيقي لكتاب "الحيوان"؛ للجاحظ، هالَنِي تنوُّع المعارف التي يتضمَّنها هذا الكتاب الموسوعي، ووجَدتُ أنِّي لو خبطت على غير هدًى لم أتمكَّن من إقامة نصِّه على الوجه الذي ينبَغِي أنْ يكون عليه، فرسمتُ لنَفسِي منهجًا بعد قراءتي للكتاب سبعَ مرَّات، منها ست مرَّات اقتَضاها مُعارَضتِي لكلِّ مخطوطٍ من مخطوطاته على حِدَةٍ، ومرَّة سابعة كنتُ فيها أقرَؤُه لتَنسِيق فقراته، وتبويب فُصوله، فكنتُ بذلك واعيًا حافِظًا لكثيرٍ ممَّا ورَد فيه.

 

وبعدئذٍ لَجَأتُ إلى مكتبتي أتصفَّح تصفُّحًا ما أحسب أنَّ له علاقة بالكتاب، وأُقيِّد في أوراقٍ ما أتوقَّعه مُعِينًا للتصحيح، أو التخريج، حتى استَوى لي من ذلك قدرٌ صالِحٌ من موادِّ التحقيق أو التعليق.

 

ولكنَّ هذا كلَّه لم يكن ليُغنِيني عن الرُّجوع إلى مَراجِع أخرى غير التي حسبتُ أو توقَّعتُ، فكانت عدَّة المراجع التي اقتَبستُ منها نصوصًا للتحقيق والتعليق فحسب نحو 290 كتابًا، غير المراجع التي لم أقتَبِس منها نصوصًا، وهي تُساوِي العددَ السابق أو تَفُوقُه"[16].

 

لا يمكن أنْ يتصدَّى العالم لتحقيق نصوص التراث إلاَّ إذا تحقَّقتْ فيه أسس، ذكَرَها الأستاذ هارون، نُجمِلُها فيما يَلِي:

"أوَّل تلك الأُسُس: هي إيمان مَن يَتصدَّى لتَحقِيق التُّراث إيمانًا كامِلاً به، مع احتِرامِه له وتقديره...

 

والأمر الثاني الذي يجب أنْ يتحقَّق في ناشِر التُّراث: هو أنْ يكون على صلةٍ وثيقةٍ بباقي جميع فُروعِه، فنحن لا نستَطِيع أنْ نَضَع في يد عالمٍ كيميائي أو طبيب عبقري مخطوطًا أدبيًّا ليقوم بتحقيقه، ولكنَّنا نستطيع أنْ نضع في يد أديب مرموق هذا المخطوط مهما يكن نوعُه؛ ليعالج إخراجه على وجهٍ مُرضٍ...

 

فالصلة الوثيقة الواسعة بالتُّراث شرطٌ ضروري لِمَن يتصدَّى للجِهاد في هذا الميدان.

 

والأمر الثالث أمر خُلُقي يتمثَّل في أمرين: الأمانة، والصبر، فكما تشترط الأمانة فيمَن تكلفه استثمار مالك والتصرُّف فيه، تكون الأمانة شرطًا فيمَن يعهد إليه أمرُ مخطوطٍ ما، كلُّ كلمةٍ منه وكلُّ حرفٍ بمثابة أجزاء الآثار ودَقائقها التي يُحافِظ العُلَماء والمُؤرِّخون على كلِّ قطعةٍ منها، مهما يكن قدرُها، وثمرة هذه الأمانة تأدية فكر المؤلِّف وأسلوبه، وتأدية فكر عصره الذي عاشَ فيه، والجو الذي لابَس المادَّة العلميَّة أو الأدبيَّة لهذا المخطوط.

 

أمَّا الصبر، فهو من تَمام الأمانة أيضًا، فالتعجُّل في تحقيق المخطوط ينتَهِي بلا ريبٍ إلى الإخلال بالأمانة العلميَّة التي تقتَضِي التريُّث في الحكم على الصورة الصحيحة التي ينبَغِي أنْ تُمثِّل النصَّ في أوج سلامته ومطابَقته للحقيقة"[17].

 

فلا بُدَّ أنْ يكون المحقِّق صَبُورًا مُثابِرًا، يَقِظًا مُنتَبِهًا جِدًّا، سَخِيًّا بوقته، باذِلاً جهدَه؛ إذ "تحقيق نصوص التراث مُحتاج إلى مُصابَرة ومُثابَرة، وإلى يقظةٍ وانتِباه عظيمَيْن، وإلى سَخاء في الجهد الذي لا يضنُّ على الكلمة الواحدة بيومٍ واحدٍ أو أيَّامٍ معدودات"[18].

 

ويَجمَع مهمَّة المحقِّق في هذه الكلمة: "المهمُّ بصفةٍ عامَّة أنْ تخرج لنا النصوص التراثيَّة في صورةٍ أقرب ما تَكون إلى الصحَّة، وفي ثوب مُناسِب من مُجارَاة العَصر، وعلى وجهٍ تتحقَّق به أقصى فائدةٍ يحصل عليها القارئ والباحث عند دراسته لهذا المخطوط"[19].

••••


أعمال المستشرقين، ورأيه فيهم:

الاستِشراق: مصطلحٌ أطلَقَه الغربيُّون على الدِّراسات المتعلِّقة بالشرقيِّين؛ شعوبهم، وتاريخهم، وأديانهم، ولغاتهم، وأوضاعهم الاجتماعية، وبلادهم، وأرضهم، وحضارتهم، وكل ما يتعلق بهم.

 

ولا يستَطِيع منصفٌ جَحْدَ جهودِ هؤلاء المستشرقين في نفْض الغبار عن كثيرٍ من تراثنا النادر الثَّمِين، ولا إنكار ما أصَّلُوه وأدخَلُوه في فنِّ تحقيق النُّصوص.

 

ويرصد هارون بكلِّ إنصافٍ وحَصافةٍ جُهودَ المستشرقين في العناية بالتُّراث، ويُحلِّلها، ويُقارِن بينها وبين جهود أجدادنا؛ فيُبيِّن أنَّ تحقيق النُّصوص وتوثيقها فَنٌّ عربيٌّ أصيلٌ، يتجلَّى في مُعالَجة أسلافنا الأقدَمِين لرواية كتب الحديث، واللغة، والشِّعر، والأدب، والتاريخ في دقَّةٍ وأمانةٍ ونظامٍ بارع.

 

ولكنَّ المستَشرِقين تبنَّوا إحياءَ هذا الفنِّ في هذه العصور القريبة، والجهد العلمي الذي بذَلُوه لا يُستَطاع إنكارُه؛ إذ كانوا أساتذة الجِيل الحاضِر في الطريقة العلميَّة التي جَرَوا عليها.

 

فنشَرُوا عُيونًا ثمينةً من عُيون التُّراث العربي قبل أنْ تَظهَر في الشرق العربي بعشرات السنين، في أمانةٍ علميَّةٍ دقيقةٍ اقتبَسُوها من أسلافنا مقرونةً بعنايةٍ خاصَّةٍ بالفهارس الفنيَّة.

 

وهذا كان شأنَ جمهور أسلافنا أيضًا، فكُتُب الرجال عندنا تَنالُ ترتيبًا فهرسيًّا ممتازًا مقرونًا بالإحالات الذكيَّة، كما أنَّ مُقابَلة المخطوطات ومُقارَنتها ميزةٌ عربيَّة سابقة، عرَفَها آباؤنا الأوَّلون.

 

عرَفُوا مِنَّا كلَّ شيءٍ، ثم عُدنا نحن إليهم؛ لنعرف ونتعلَّم ما عرَّفناهم من قبلُ، والفضلُ لا يُنكَر؛ ﴿ مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ [يوسف: 65].

 

ونَبَغَ من بينهم عُلَماء أُمَناء نَوابِغ، قامُوا بنَشْر عُيُون ثمينة من التُّراث العربي على الوجه الأمثَل، ومنهم:

(وستنفلد) الألماني: الذي ألَّف وحقَّق نحو مائتي كتابٍ بين صغيرٍ وكبيرٍ، منها كتاب "سيرة ابن هشام"، و"معجم ما استعجم"، الذي نشَرَه مكتوبًا بخطِّ يده مطبوعًا بمطبعة الحجر (ليتوجراف).

 

و(بيفان) الهولندي: ناشِر "نقائض جرير والفرزدق"، مُذيَّلة بالفهارس المُبتَكرة والتعليقات، ومنها تفسيره وفهرسته للألفاظ التي لم تُذكَر في المعاجم المُتداوَلة، وهو ممَّا يُذكَر له بالتقدير.

 

وكذلك (تشارلس لايل) الإنجليزي: مُحقِّق "شرح المفضليات"؛ لابن الأنباري، مع ترجمةٍ شعريَّة لها باللغة الإنجليزيَّة، ومن عجبٍ أنَّه استطاع أنْ ينظم هذه الأساليب والمعاني الجاهليَّة، في ثوبٍ شعريٍّ إنجليزي قشيب.

 

ولا نستَطِيع أنْ نغفل فضل المستشرق الألماني المقعد (رودلف جاير) مُحقِّق ديوان الأعشيْن (22 شاعرًا)، الذي أَسْماه: "الصبح المنير في شعر أبي بصير"، في عناية فائقة وتخريج مستفيض.

 

وتَظهَر عنايتُه الفائقة في تخريج هذه الأشعار من (569) مرجعًا، مع مُقابَلات كاملة لرواية النصوص بيتًا بيتًا، وكلمة كلمة.

 

ويتولى (وليم رايت) الإنجليزي نشر "كامل" المبرد لأوَّل مرَّة في حذقٍ وإتقان، في أجزاءٍ ثلاثةٍ مع حَواشٍ وفهارس وافِيَة تَمامَ الوَفاء، وهو في سنِّ الرابعة والثلاثين، وذلك قبل أنْ تَظهَر الطبعة المصرية بنحو ربع قرن.

 

وأعجوبة الأعاجيب أنْ يقوم على إحياء "كتاب سيبويه" مستشرقٌ فرنسي شابٌّ هو (هَرْتويغ دُرِنبُرغ)، وقد نشَر الكتاب في سنة 1881م؛ أي: قبل أنْ تظهر طبعة بولاق بعشرين سنة.

 

ويذكر أنَّ (جوستاف بان) أخرج "شرح المفصل"؛ لابن يعيش، مُقابَلاً بمخطوطات ليبزج وأكسفورد والآستانة في سنة 1882م، وذلك قبل أنْ تظهر الطبعة المصريَّة لمحمد منير الدمشقي بنحو نصف قرن.

 

ويُضِيف بأنَّ أروع مُحاوَلاتهم في إحياء التراث ونقله إلى داخل لغتهم هو ما قام به المستشرق العبقري الدكتور (ج. يان)، من ترجمته نص كتاب سيبويه كاملاً إلى اللغة الألمانيَّة، مع إضافات وتعليقات بالعربية، مُقتَبَسة من شروح السيرافي والشنتمري وغيرهما، وظهَرتْ تلك الترجمة في خمسة مجلدات ضَخمة من سنة (1895 - 1900)[20].

 

وفي ثنايا حديث هارون عن "إحياء التراث وما تَمَّ فيه" تحدَّث عن المحقِّقين في مصر والعالم العربي، ثم ذكَر أنَّ جهود المستشرقين مستمرَّة، وقال: "وإلى جانب هذه الجهود العربيَّة والشرقية، لا نَزال نَلمَس صنيع إخواننا المستشرقين المُعاصِرين في خدمة التراث العربي، ونذكر من أفاضلهم - وهم كثيرون -:

1- (أ. ليفي بروفنسال الفرنسي) حقَّق طائفة من الكتب، من ألمعها كتاب "نسب قريش"؛ لمصعب الزبيري.

 

2- أمبرتو رتزيتانو الإيطالي "ديوان الفنلوبي الصقلي".

 

3- أنس خالدوف الروسي "المنازل والديار"؛ لأسامة بن منقذ.

 

4- أوسكار لوفجرين السويدي "الإكليل"؛ للهمداني ج1، 2.

 

5- إيفان فاجنر الألماني "ديوان أبي نواس".

 

6- الآنسة إيلزة ليختن شتيتر الأمريكيَّة، كتاب "المحبر"؛ لابن حبيب.

 

7- شارل بلات الفرنسي، له نشاطٌ ظاهر في نشر كتب للجاحظ؛ منها: "البغال"، و"التربيع والتدوير"، و"الجواري والغلمان".

 

8- شارل كوينس الفرنسي، يقوم الآن بتحقيق كتاب "الجيم"؛ لأبي عمرو الشيباني.

 

9- كراتشكوفسكي الروسي، له ما يربو على أربعمائة وخمسين أثرًا بين مصنف ومترجم ومفسر ومنقود باللغات الروسية والفرنسية والألمانية والعربية، ومن تحقيقاته: "الأخبار الطوال"؛ للدينوري، و"طبقات الشعراء"؛ لابن المعتز، و"كتاب البديع"؛ لابن المعتز.

 

10- الأب هويني الهولندي، له "المجموع المحيط بالتكليف"؛ للقاضي عبدالجبار"[21].

 

وعند ذكر هارون لأبرز هيئات ومُؤسَّسات نشر الكتب، ذكَر من ضِمن هذه الهيئات والمؤسَّسات: جمعيَّة المستشرقين الألمانيَّة بتركيا سنة 1918م.

 

وقال: "ويرجع تاريخها الأوَّل إلى سنة 1845م؛ حيث أُسِّست في ألمانيا في مدينة هالة، ثم أنشَأت فروعًا لها في الشرق، أهمها فرع الآستانة سنة 1918م، تولَّى الإشرافَ عليه وتأسيسَ مكتبته المستشرق هلموت ريتر، وقامَ مع غيره بنشْر طائفةٍ من كتب التُّراث المهمَّة؛ منها: "مقالات الإسلاميين"؛ للأشعري، و"الوافي بالوفيَات"؛ للصفدي؛ بتحقيق: ريتر ثم ديدرنج، و"المحتسب"؛ لابن جني؛ بتحقيق: برجستراسر.

 

ثم فرع القاهرة الذي سُمِّي بمعهد الآثار، وكان يُدِيرُه رويمر، الذي حقَّق الجزء التاسع من "كنز الدرر وجامع الغرر"؛ للداودي.

 

ثم معهد الدراسات الشرقيَّة في بيروت سنة 1960م.

 

ومن جهوده: إعادة نشر الجزء الأول من "الوافي بالوفيات"؛ للصفدي، و"طبقات المعتزلة"؛ بتحقيق السيدة: فليتسردي فالد، من معهد إستانبول، وكتاب "النحاة"؛ للمرزباني؛ بتحقيق: سلايم، من جامعة فرانكفورت"[22].

 

وأثناء حديث الأستاذ هارون عن جُهود حسام الدين القدسي ذكَر أنَّه سَمِعَ أنَّه كان يَنسَخ الكتاب بنفسه، ثم يَجمَع حروفَه بيده، ثم يُصحِّحه، ثم يدفع به إلى المطبعة، ويُشِير في الحاشية أنَّه: "ممَّا يُسجَّل مُشابهًا لهذا العمل ما قام به المستشرق الأسباني (قديره فرنسسكو) مع زميلَيْه اللذَيْن قاما بإخراج المكتبة الأندلسيَّة نسخًا وتحقيقًا وجمعًا وطبعًا"[23].

 

وفي مقالِه عن كتاب "كليلة ودمنة" نقد وتعليق، ذكَر أنَّ الدكتور عبدالوهَّاب عزَّام تحدَّث عن طبعات الكتاب فذكَر:

1- طبعة المستشرق دي ساسي الذي كانت طبعته أصلاً من أصول الطبعات المصريَّة الكثيرة، وهي نسخة مُلفَّقة من عدَّة نُسَخ.

 

2- ثم طبعَتي اليازجي وطبارة، وهما مُلفَّقتان من طبعة دي ساسي ومخطوطات ومصوَّرات أخرى.

 

3- ثم طبعة شيخو، وهي أوَّل طبعة في اللغة العربية تُقدِّم للقراء نصًّا كاملاً غير مُلفَّق من كتاب "كليلة ودمنة"، وأصلها مخطوط سنة 739هـ، وقد طبَعَه شيخو كما هو، لم يُصحِّح أغلاطه، ولم يُوضِّح غامضه؛ ليكون أمام المستشرقين صالحًا للمُقارَنة والنقد.

 

ثم تحدَّث عن النسخة التي نقلت عنها الطبعة الحديثة وهي في مكتبة أيا صوفيا بإسطنبول، كُتِبت سنة 618هـ، فهي أقدم من كلِّ المخطوطات التي وصَفَها المستشرقون، وأقدَم من نسخة شيخو المكتوبة سنة 739هـ، وهذه النسخة مُفعَمة بالتحريف والتصحيف والأسقاط وخطأ الرَّسم، وتستَطِيع أنْ تَعُدَّ في النموذج المصوَّر من الصفحة الأولى فقط نحو اثني عشر تحريفًا وتصحيفًا"[24].

 

ولقد انتَقَد الأستاذَ عبدالوهاب عزام أنَّه لم يتوخَّ ما يقتضيه النشر العلمي من إثبات الأصل والتنبيه عليه، ثم قال: "وأمامنا جهودُ المستشرِقين ناطقة بِمَدَى تقديرهم لهذه الناحية التاريخيَّة الفنيَّة، فلا تَكاد تجد كتابًا نشَرُوه إلاَّ وقد أثبَتُوا أصلَه أو أصولَه إنْ كان ذا نسخٍ مختلفة"[25].

 

وبعدَ حديث الأستاذ هارون عن كتاب "الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر"، قال: "وهذا الكتاب جديرٌ بإعادة نشره والتعليق عليه والإفادة منه، وإنْ كان المستشرق الفرنسي دي ساسي قد عُنِي بنشره متنًا، وترجَمَه سنة 1811م، ومن قبله قام إدوارد بوكوك الإنجليزي بترجمَتِه إلى اللاتينيَّة، ثم نشره توماس هايد متنًا وترجمةً، في إكسفورد سنة 1702م"[26].

 

وفي إجابته عن سؤال: ما الوجهُ الغائب من مكتبة التراث؟ بيَّن أنَّه هناك وجوهًا كثيرة غائبة من مكتبة التراث، ثم قال: "ولقد حاوَل قُدَماء المستشرقين من قبلُ أنْ ينشروا كلَّ كتابٍ أو جزء من كتاب يقَع بين أيدِيهم، ونظْرة إلى كتاب "المستشرقون"؛ للأستاذ نجيب العقيقي تُظهرنا على مختلف الاهتِمامات التي كانت تستَرعِي نظرَ هؤلاء العُلَماء، فلم يكن عندهم إيثارٌ لضربٍ من ضروب التُّراث على آخَر، بل كان كلُّ همِّهم - وهم المكفيُّون أمرَ معاشهم وحياتهم - أنْ يَنشُروا كل شيء؛ وذلك لتُستَكمَل صورة التُّراث، ولتبدو ظاهرة من مختلف جوانبها ونَواحِيها"[27].

 

وفي مقالِه حولَ تيسير دِراسة علم النَّحو، ذكر أنَّ مدرسة المستشرقين إنَّما قامت على هذا النحو الأصيل، وأنَّ من المُؤسِف أنْ نجد المستشرقين قد سبَقُونا إلى رعاية عُلومِنا وتقديرها، وأنْ نلفيهم قد تقدَّمونا بعشرات السنين، وظهَرتْ عيونهم على أمَّهات كتب النَّحو قبل أنْ تظهر عليها عيوننا، فكتاب سيبويه سبَق إلى نشره المستشرق (ديرنبرغ) مع تعليقات ومقدِّمة باللغة الفرنسيَّة في باريس سنة 1881م، على حين كانت طبعته المصريَّة سنة 1900م، و"شرح المفصل"؛ لابن يعيش، نشَرَه المستشرق (ياهن) في ليبسك سنة 1876م، ولم تره المطبعة العربيَّة إلا متأخرًا[28].

 

وأخيرًا يُعقِّب على أعمال المستشرقين إجمالاً فيقول: "هذه صورةٌ مُشرِقة لإخواننا الأعاجِم الذين منَحُوا لغتنا العزيزةَ من الوَفاء والإعزاز والصون، ومن الخدمة الصادقة الشريفة - ما يجبُ أنْ تخجَلَ له بعض الزعانف العربيَّة الذليلة، التي تُحاوِل في إصرارٍ مَرِير أنْ تهدم أصولاً لا تَعرِفها، وأنْ تُشوِّه جمالاً عَزَّ على الدَّهر أنْ يُستباح

 

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا
فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

 

أقولها بسماحةٍ هؤلاء الذين يُحاوِلون هدمَ الأهرام: حاوِلُوا ما استطعتُم، واجتَهِدوا ما وَسِعَكم الجهد، وأعمِلُوا معاوِلَكم المتوالية المتتالية في بِنائِها المَتِين الشامخ، فستظلُّ الأهرام هي الأهرام، شامخةً ساخرةً ممَّن تخيَّلوا ثم خالوا.

 

وأعود فأقول: إنَّه قد بلَغ مِقدار هذه الكتب المحيَّاة، وتلك البحوث التي أُدِيرت حولها ما يربو على (8000) كتاب وبحث"[29].

••••


صَنِيع أحمد زكي باشا (1867م - 1934م):

أشادَ هارونُ - رحمه الله - بالدَّور الكبير الذي قامَ به الأستاذ الكبير العلاَّمة أحمد زكي باشا في خِدمة التُّراث، ووصَفَه بأنَّه أوَّل مَن قدَّم لنا باكُورَة المنهج الحديث في تحقيق النُّصوص، كما كان أوَّل نافِخٍ في بُوق إحياء التراث على النَّهج الحديث، فيقول: "ولا نستَطِيع أنْ نغفل فضْل صاحب الجهد الأوَّل في تَوجِيه ذلك الإحياء - أي: إحياء التراث العربي والإسلامي - هذه الوجهة الجديدة التي عاصَرناها وكانت نواةً لأعمالنا، وهو العلاَّمة الجليل أحمد زكي باشا (1867م - 1934م)، الذي قدَّم لنا باكورةَ المنهَج الحديث في تحقيق النصوص، كما كان أوَّل نافِخٍ في بُوق إحياء التراث على النَّهج الحديث.

 

وقد قام بتحقيق كتابَي "أنساب الخيل"؛ لابن الكلبي، و"الأصنام"؛ له أيضًا، وقد طُبِعَا في المطبعة الأميرية سنة 1914م باسم لجنة إحياء الآداب العربية، التي عُرِفت فيما بعد باسم (القسم الأدبي).

 

ولعلَّ هذَيْن الكتابَيْن مع كتاب "التاج في أخلاق الملوك"؛ للجاحظ، الذي حقَّقه أيضًا بالمطبعة الأميريَّة في سنة 1914م من أوائل الكتب في هذا الشرق العربي التي كتب في صدرها كلمة (بتحقيق)، كما أنَّ تلك الكتب قد حظيَتْ بإخراجها على أحدَثِ المناهج العلميَّة للتحقيق، مع استِعمال المُكمِّلات الحديثة من تقديم النص إلى القرَّاء، ومن إلحاق الفهارس التحليليَّة.

 

يُضاف إلى ذلك أنَّه أوَّل مَن أشاع إدخال عَلامات التَّرقِيم الحديثة في المطبوعات العربيَّة، وألَّف في ذلك دستورًا في كتاب سماه: "الترقيم في اللغة العربية"، طُبِع في بولاق في زمنٍ مُبكِّر جدًّا، هو سنة 1913م، وإنْ كان يُؤخَذ عليه أنّه كان يُبالِغ في استِعمال تلك العلامات، ولا سيَّما في الشِّعر الذي كان يختم كلَّ بيتٍ مستقلٍّ فيه بنقطةٍ يضَعُها في نهايته"[30].



[1] "قطوف أدبية" ص12.

[2] "قطوف أدبية" ص 12.

[3] راجع: "قطوف أدبية" ص12.

[4] "قطوف أدبية" ص: 77.

[5] "قطوف أدبية" ص: 78.

[6] "قطوف أدبية" ص: 77.

[7] انظر: "قطوف أدبية" ص 13، و78.

[8] "قطوف أدبية" ص29.

[9] "قطوف أدبية" ص14.

[10] "قطوف أدبية" ص15.

[11] انظر: "قطوف أدبية" ص14 - 24، باختصار شديد.

[12] "قطوف أدبية" ص91.

[13] "قطوف أدبية" ص91.

[14] راجع: "قطوف أدبية" ص91.

[15] انظر: "قطوف أدبية" ص40.

[16] "قطوف أدبية" ص28.

[17] "قطوف أدبية" ص89 - 91، باختصار.

[18] "قطوف أدبية" ص28.

[19] "قطوف أدبية" ص91، 92.

[20] راجع: "قطوف أدبية" ص37- 39، وص68- 70.

[21] "قطوف أدبية" ص62، 63، باختصار، من مقال: "إحياء التراث وما تَمَّ فيه" والذي نُشِر في مجلة "المجلة" عدد يونيه سنة 1966م.

[22] "قطوف أدبية" ص44.

[23] "قطوف أدبية"، انظر: ص48، وحاشية رقم 1 بها.

[24] "قطوف أدبية" ص 216 بتصرُّف واختصار.

[25] "قطوف أدبية" ص: 217.

[26] "قطوف أدبية" ص86، باختصار.

[27] "قطوف أدبية" ص92، السائل هو الأستاذ/ يوسف نوفل المحرِّر بمجلة "الفيصل"، في مقابلة وحوار معه، نشرت تحت عنوان "حضارتنا وإحياء التراث" في العدد 54 من المجلة بتاريخ ذي الحجة سنة 1401هـ أكتوبر سنة 1981م.

[28] "قطوف أدبية" ص 150 باختصار وتصرُّف.

[29] "قطوف أدبية" ص71.

[30] مقدمة "قطوف أدبية" ص4 وراجع أيضًا ص39، 40.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (1)
  • قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (3)
  • قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (4)
  • قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (5)
  • قراءة في كتاب عبدالسلام هارون: قطوف أدبية (6)

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة كتاب: مع كتاب "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" في قناة المجد الفضائية(مادة مرئية - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • مخطوطة الجزء الأول والثاني من كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع ( شرح كتاب التبصرة )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قراءة في كتاب " ملاحظات علمية على كتاب المسيح في الإسلام "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب كيف تقرأ كتابا: الطريقة المثلى للاستفادة من القراءة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • قراءة في كتاب الموجز في تاريخ البلاغة لمازن المبارك: ملخص لأهم معطيات الكتاب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطوف تربوية من كتاب العيال لابن أبي الدنيا(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب