• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الهسكالاة: حركة اليهود الإصلاحية وتحولاتها الصهيونية

الهسكالاة: حركة اليهود الإصلاحية وتحولاتها الصهيونية
عبدالقادر عقاب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2014 ميلادي - 21/2/1436 هجري

الزيارات: 49517

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهسكالاة

حركة اليهود الإصلاحية وتحولاتها الصهيونية


شهدت العقود الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي بروزَ حراك فكريٍّ شمل التقاليد والأعراف والاعتقادات اليهودية، كان دافعه ظهور حركة إصلاحية، وهي نتيجة طبيعية لتحرر العقل من الخرافة؛ حيث استطاعت أن تضع تعديلات وإصلاحات وتغييرات داخل المجتمعات اليهودية، وأكَّدت الحركة الإصلاحية على أنَّ الديانة اليهودية لم تكن أبدًا جامدةً، بل هي تقليد متطوِّر باستمرار.

 

فما المقصود بالحركة اليهودية الإصلاحية (الهسكالاة)؟

ولماذا ظهرت على ساحة الفكر الديني اليهودي في العصر التنويري؟

وما هي عوامل ودوافع ظهورها؟

ومَن هُم أبرز رُوَّادها وأعلامها المؤسِّسين لها والداعين إليها؟

وما مدى استجابة اليهود لهذه الحركة؟

وهل لها علاقة بالحركة الصهيونية؟

 

سنحاول - بإذن الله - في هذا البحث القصير أن نُجيب على هذه التساؤلات، عسى الله أن ينفع بها من له اهتِمام بالتاريخ اليهودي.

 

مفهوم حركة التنوير اليهودي (الهسكالاة):

مفهومها لغة: Haskalah كلمة عبرية مشتقة من الجذر العبري "سيخيل"، ومعناها "عقل" أو "ذكاء"، ثم اشتقت منها كلمة "سيكيل" بمعنى "نور"، ثم استخدمت الكلمة بمعنى "استشارة"، والاسم منها: "مسكيل"، وجمعها: "سيكليم"؛ بمعنى: المتنورين أو دعاة التنوير[1]، كما تعني بالعبرية: المعرفة، الثقافة، الدراية، العلوم المدنية، الحكمة.... [2]، وتَعني أيضًا: التَّفهُّم واليقظة والنهضة.

 

مفهومها اصطلاحًا: ذكر المؤرِّخون الذين اعتنوا واهتمُّوا بتاريخ اليهود عدَّةَ مفاهيم للحركة التي ظهرت مُنتصَف القرن 18 م، واستمرَّت قوية حتى 1880 م، وقد تباينت أقوالُهم قليلاً في بعض الجزئيات، ولكنَّهم اتَّفقوا في الأساسيات، ومِن بين تلك التَّعاريف نذكر:

(الهسكالاة): تعبِّر عمومًا عن بداية حركة بين اليهود في أواخر القرن 18م، كانت تهدفُ إلى تبنِّي ثقافات ومعارف المجتمعات التي يَقطنون بها، والتَّخلي عن كُلِّ خُصوصيَّة يتميَّزون بها، وبمفهوم محدَّد ترمز إلى دراسة الكتاب المقدَّس العبري (التوراة)، والشِّعر، والعُلوم.... والآداب العبرية، كما تُعرف باستبدال دراسة التلمود بدراسة المواد الحديثة (العلمانية)، مع معارضة التَّعصُّب والخرافات؛ للارتقاء بالمجتمع اليهودي من أجل مواكبة التَّطوُّر الأوروبي[3].

 

وانتشرت حركة (الهسكالا) من ألمانيا جنوبًا إلى النِّمسا، وشرقًا إلى بوهيميا وبولندا وروسيا، على أن التحرُّر السياسي النَّهائي ليهود أوروبا لم يأتِ إلا مع الثورة الفرنسية.

 

اليهوديَّة الإصلاحية مفهومها وأسباب ظهورها ونشأتها:

اليهودية الإصلاحية: مفهومها: هي اتجاه ذو أبعاد فكريَّة وسياسية واجتماعية وثقافية، يَرمي إلى صبغ وتكييف مواقف اليهود وعقائدهم وتطبيقاتهم الدينيَّة لمطالب وأفكار وقيَم الجماعات الغربية الحديثة[4]، وتُسمَّى أيضًا باليهودية الليبرالية واليهودية التقدُّمية.

 

انشق اليهود الإصلاحيُّون من داخل حركة (الهسكالاة) وقد مرُّوا بأطوار عديدة، تجسَّدت في عقد المؤتمرات واللِّقاءات، والاهتمام بالعلم والمعرفة؛ حيث شيِّدت المدارس والمعابد التي كان لها الفضل الكبير في تخرج الحاخامات الذين تبنَّوا أفكار الحركة من خلال التعليمات التي تلقوها في هذه المعاهد.

 

وهي مرحلة التغيير والنهضة الدينية والفكرية التي شملت التراث اليهودي في جميع مجالاته، حتى يكونَ منفتحًا على العالم التنويري الأوروبي الذي يُمجد العقلَ، ويعتبره أساس المعرفة والأخلاق بدلاً عن الدين، وفي المقابل الثورة ضد الأعراف والتقاليد الدينية التي رزح اليهود تَحتها مدةً طويلةً جعلتْه في الركب الأخير من التطور والحضارة الإنسانية، فكان على المجتمع اليهودي - الذي يعيش بين أسوار الجيتو[5] في انعزال تام عن العالم - أن يُساير هذا التنوير الذي حَرَّر العقول الأوروبية، وأن يَكسر كل الأغلال والقيود التي تَحبسه عن الانفتاح، وأن يُحطم أسوار الجيتو، ويُقلص نُفوذَ الكهَنة الذين جعلوه يَنحسِر ويتراجع عن مُواصلة مُمارساته المختلفة في جميع مناشط حياته.

 

وأفضلُ رأي وقول يُعبر عن هذا الانفتاح والتحرر مأثورةُ (يهودا ليف جوردون) الشاعر المعبر عن أفكار الهسكالاة، وهي المأثورةُ التي وردت في نهاية قصيدته "استيقظ يا شعب"، التي كتبها عام 1863م، والتي يقول فيها مخاطبًا الفرد اليهودي: "كُن يهوديًّا في بيتك.. إنسانًا خارج بيتك"، فهذه المأثورة تُلخِّصُ جوانب المجابهة مع السلطة الدينية؛ حيثُ تكشفُ عن الهدف الرئيسي لحركة الهسكالاة[6]؛ أي: إن اليهودية عقيدةٌ دينيةٌ لليهودي، وعليه أن يَتبعهَا في حياته الخاصة، ولكن يجب أن يَندمجَ في الشعب الذي يَعيش فيه، وأن يَأخذَ بعاداته وثقافته.

 

عوامل ظهور الحركة الإصلاحية ونشأتها:

العوامل الداخلية:

• رفضُ ومحاربةُ السلطة الحاخامية التي كانت تُهيمنُ على الحياة اليهودية بشكل عام، وفي هذا يقول المؤرخ اليهودي دبنوق: "إن المؤسسةَ الحاخامية قد أعطت لليهود حكومة دينية، وليس عقيدةً دينيةً، إنها عقَّدت الحياةَ اليهودية بعدد كبير من العادات والتقاليد والتفصيلات والمحظورات في الممارسة الدينية، والتي كان من الصعب الالتزامُ بها، وأكثرُ هذه الأحكام ليس لها علاقةٌ بالعقيدة، كان هؤلاء الحاخاميون مستعدِّين لإصدار قرارات بالطرد من اليهودية لكل من تعرف عن التفسير المتشدد للشريعة اليهودية الذي ارتضاه الحاخاميون وفرضوه على اليهود، ومِن أجل أن يُحافظوا على هذا الشكل من اليهودية فقد أحاطوها بهالة من القُدسية يَخشى اليهوديُّ العادي أن يَمسها، أو أن ينتقدَها خوفًا من سلاح الطرد الديني، الذي يُلَوِّح به الحاخاميون في وجهه"[7].


• ظهور نخبة يهودية مثقفة، على رأسها (موسى مندلسون)، ثم أتباعُه من بعده، آلمها كثيرًا وضعُ اليهود المُزري ومعاناتهم[8]، وقد تأثرت هذه النخبة بالتعاليم الأوروبية التحررية، التي شاعت مع انبعاث الثورة الفرنسية[9]؛ حيث جهدت في إقناع أكبر عدد من اليهود بمبادئهم، عسى أن يُساهم في خروجهم من الانعزال والانغلاق، والانفتاح على الثقافة والحضارة الأوروبية، ثم المطالبة بعد ذلك بحقوقهم المدنية والعدالة الاجتماعية كغيرهم من المواطِنين.

 

العوامل الخارجية:

• الإصلاح الديني البروتستانتي: تأثَّرت اليهودية بالإصلاح الديني المسيحي؛ فظهرت اليهوديةُ الإصلاحيةُ في ألمانيا، وهي نفسها مهد الإصلاح الديني اليهودي؛ ففي سنة 1782م أصدر جوزيف الثاني (1780 - 1790) [10] - إمبراطور النمسا المجرية (المجر، النمسا، مورافيا، غاليسيا) التي كانت تضُمُّ مجموعةً يهوديةً كبيرةً - براءة التسامح التي كانت تهدف إلى تحديث ودمج المجتمع ككل، وإلغاء انعزالية اليهود[11].

 

• التأثر الكبير بفلسفة التنوير الأوروبي: وقد شملت جميعَ المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، التي أرست مبادئ العلمانية، ومن أهمها: تمجيد العقل وجعله المصدر الأول للمعرفة، وإخضاع الدين لسلطانه، وتَعتبر العلمانية التمسُّك بالدين سببًا في الجهل والتخلف البشري، والركود المعرفي والحضاري، وبالتالي تقلص دور الحاخامات؛ حيث تأثروا هم كذلك بالمبادئ الإصلاحية، وهذا قد ساعد في تشجيع الشك الفلسفي والفكر الإلحادي.

 

• الثورة الصناعية وسيادة القيَم النفعية؛ فاليهود عناصر مالية وتجارية ناشطة، وهي وإن عرفت في مراحل معينة جمودًا وتخلُّفًا فكريًّا، فإنها لم تعرف الجمودَ الاقتصادي يومًا، بل إن الدول الأوربية كانت تُرحب بالجماعات اليهودية الغنية كي يُساهموا في تمويل الخزينة بالضرائب المرتفعة، ومختلف المشاريع الاقتصادية والتجارية عن طريق الصيارفة، وبالتالي إنعاش سوق الاقتصاد والمال.

 

• قامت الحركة الإصلاحية كرد فعل للاضطهاد والتهميش النصراني الأوروبي: الذي اجتاح المُجتمعات اليهودية، وخاصة في دُول شرق أوروبا؛ حيث سعت إلى تقليص حجم المُعاناة والظلم اللذَين كانا يعاني منهما اليهودُ زمنًا طويلاً، وخاصة في العصور الوسطى.

 

أهم المؤسسين:

موسى مندلسون: فيلسوف يهودي ألماني 1729م - 1786م[12].

يُعتبر موسى مندلسون مؤسس الحركة الإصلاحية اليهودية؛ حيثُ استطاع أن يؤثر في الطوائف اليهودية من خلال دعوته إلى التخلي عن العقائد اليهودية والطقوس الدينية القديمة؛ حيثُ أعادَ من جديد صياغة العقيدة اليهودية، وعالج مسألةَ التسامُح الديني، وهاجمَ التعصُّب اليهودي، ومنهم اليهود المحافظون، وحثهم على الخروج من عُزلتهم وانطوائهم، والاندماج في الثقافة الأوروبية التنويرية، وأكد أن العقيدةَ اليهودية ليست منظومةً عقائدية مُغلَقة على ذاتها، وتحت وصاية الرب، وكان له الدور الكبير والمؤثر في ذلك بفضل نشره لترجمة أسفار موسى الخمسة للغة الألمانية؛ حيث تركت أثرًا واضحًا لصالح اليهود عند النصارى الأوربيين؛ ولذا عدل الإصلاحيون فكرة (التوراة)؛ فهي عندهم مجرد نصوص أوحاها اللهُ إلى العبرانيين، فيجبُ تقديسُها، لكن عليها أن تتكيَّف مع الأزمنة والبيئات المختلفة[13]، والهدف الذي يسعى إليه مندلسون هو تخليص اليهود من وضعهم المأساوي المتخلف؛ حيث جهدَ في نهضة المجتمع اليهودي تربويًّا وتعليميًّا، ومُحاولة دَمجهم في الثقافة الأوروبية للخروج بهم من الانغلاق وراء أسوار الجيتو.

 

ومع مطلع القرن التاسع عشر حصل اليهود على حقوقهم المدنية كاملةً في دُوَل أوروبا الغربية، وكانت ردة فعلهم أن استحسنوا هذا الترحيب الأوروبي، فاندمجوا اندماجًا كاملاً؛ حيث سعَوْا إلى التفاني في خدمة أوطانهم، وأسهموا في ترقية كثير من المؤسسات الاقتصادية والسياسية والثقافية.

 

المبادئ التي دعت إليها الحركة الإصلاحية:

• يجب على اليهود الاندماج في إنسانية العصر، والخروج من قوقعة العنصرية.

 

• اليهودية ليست جنسية، وإنما هي عقيدةٌ ودينٌ فقط.

 

• وجوبُ انتماء اليهود إلى أوطانهم التي يعيشون فيها؛ لكي يحصلوا على حقوق المواطنة التي تَقتضي الاندماج التام في جميع المؤسسات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وإعلان الولاء للوطن والتحدث بلغتِه.

 

• الكتاب المقدَّس ليس وحيًا مِن الله، بل هو من صُنع الإنسان، وهو مِن أعظم الوثائق المدنية لا أوحدها، بمعنى أن وثائق الأديان الأخرى ليسَت مرفوضةً كلها، بل هي من نوع الكتاب المقدَّس وإن قلت عنه درجة في الحسن أو الخطأ.

 

• لا صلاحية ضرورية لأي شيء في الكِتاب المقدَّس سوى القانون الأخلاقي الذي يهتم بالحياة، أما بقية الشرائع والمعتقَدات والطقوس التي لا تتواءم مع متطلبات العصر الحديث فهي مَرفوضة.

 

• لا يُقام أي اعتبار للتشريعات التي تَعتني بالملبس والمشرب وطهارة الكهنة.

 

• عدمُ الاعتراف بقضية المسيح المنتظر، واعتبارها قضية الأمل الإنساني العالمي الذي يُحقِّق العدالة بين جميع شعوب العالم.

 

• تعريف اليهود على أنهم طائفة دينية لا قومية.

 

• إنكار عقيدة البعث والحياة الآخرة.

 

• التعاون مع جميع الأديان، لا سيَّما الدين النصراني والدين الإسلامي، باعتبارهم أن الدِّين اليهودي دينٌ منفتحٌ يسعى بمبادئه إلى الموافَقة مع مُفترضات ومبادئ العقل.

 

• السعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية التي جاء بها العصر التنويري لحل مشاكل الشعب اليهودي[14].

 

أهم التغيرات الإصلاحية في مجال العبادات والطقوس اليهودية:

• تقليصُ الأدعية والصلوات إلى أدنى حد مُمكن، وتجويز تلاوتها بلغات اليهود القومية.

 

• التخلي عن الترانيم الشعرية العبرية والآرامية القديمة، وإدخال الآلات الموسيقية والإنشاد الجماعي من الجنسين في المعبد، والترنُّم بألحان حديثة مؤلَّفة ومكتوبة خصيصَى لطقوسهم وعباداتهم، وبإدخال (الأرغن) في المعبد اليهودي تقليدًا للكنائس.

 

• رفض وإنكار قضية بناء الهيكل في القدس الشريف، وإطلاق لفظ الهيكل على كل معبد من معابدهم، في خطوة لربط اليهودي بموطنه الذي يعيش فيه.

 

• إباحة الاختلاط بين الجنسين في الصلاة داخل المعبد (الهيكل).

 

• تعليم الإناث، والمساواة بينهن وبين الذكور في حق التعليم الديني والعبادات.


• الاهتمام والعناية بالوعظ والإرشاد الدينيين داخل المعابد، واختيار حاخام (الحزان) الذي يتمتع بقدر كبير من العلم والبلاغة والفصاحة؛ حتى يستطيع التأثير في الجماهير بواسطة دروسه وخطبه، ويسمى عندهم (مطيف).

 

• لا يلبَسون البارموكا أو غطاء الرأس الصغير، ولا يلزمون نساءهم بغطاء رؤوسهن أثناء الصلاة، ولا يلبسون الشال أو (التاليت) على أكتافهم، مع عدم ممانعتهم لمن يلبسها.

 

• أنكروا المعتقد الذي يقول: إن الخلاص معناه إقامة دولة إسرائيل؛ فالخلاصُ يكون في الدنيا بتحقيق المساواة في الحقوق المدنية، وهذا الاعتقاد كان قبل أن يتحولوا إلى الصِّهيَونية.

 

الانحسار والتحول إلى الصهيونية:

يبدو أن المبادئ والتعاليم التي دعت إليها الحركة - مثل التسامح والتقارب والإخاء بين اليهودي وغيره من مختلف الديانات - لم يقدَّر لها أن تنتشر على أرض الواقع الأوروبي، وهذا الأخير اختلف عن الواقع الذي تزامن مع ظهورها ونضجها؛ فأوربا الأخوة والمساواة والحرية أصبحت الآن تتبنى رؤى ونظريات مناقضة لما كانت عليه: "تقسم الناس إلى الأنا والآخر"[15] "المركزية الإثنية، تمجيد العِرق، النظرية العنصرية...".

 

ولقد تراكمت عوامل وأسباب عديدة ساهمَت في تقويض صرح اليهودية الإصلاحية، وجعلته أمرًا لا يمكن له أن يتحقَّق، ومِن أهمِّها:

• عدم تفاعل يهود روسيا كثيرًا مع حركة التنوير (الهسكالاة)؛ حيث قام الروس بعمليات الدمج والتحديث التي تميزت بالفوقية، والتنفيذ القسري، الذي أدى إلى ظهور:

• الفكر العنصري اليهودي، وبروز اللاسامية [16].

 

• أدت مشاركة اليهود القوية في قيادة الحركات اليسارية إلى زيادة عداء وكُره السلطات القيصرية الملكية الروسية لهم؛ فانفجرت العداوةُ ضدهم بشكل واضح بعد اغتيال قيصر روسيا ألكسندر الثاني 1881[17]، الذي قُتل بانفجار قنبلة أحد الثوار البولنديين، واكتشاف امرأة يهودية تُدعى هيسيا هيلفمان Hessa Helfman كانت ضمن الأشخاص الذين اشتركوا في مؤامرة الاغتيال بمعية أشخاص آخرين يحملون أسماء يهودية، حينئذ أخذت الصحافة تشير إلى المؤامرة اليهودية السريَّة ضد روسيا.

 

الحركة الصِّهيونيَّة:

يبدو أن ظاهرة انتشار القومية في أوربا، لم تسمح لمبادئ الإصلاحيين أن تنتشر، فتوجه الميلان إلى كفة الحركة الصهيونية التي ترفضُ الاندماج؛ بحيث يمكن القول: إن الهسكالاة عندما وجدت الظروف المواتية تحولت إلى صهيونية[18].

 

ظهرت الحركة الصهيونية تحت اسم (أحباء صهيون) في ثمانينيات القرن التاسع عشر مناهضةً كل من يطمس الهوية اليهودية أو يحاول إدماجها في المجتمع الأوروبي العلماني، وارتكزت أهدافها على محورَينِ اثنين؛ مقاومة الاندماج، ومحاولة الإبقاء على التميُّز العُنصري والنقاء العِرقي، والسعي بجدية لإعادة قضية الشعور القومي، والتأكيد على مفهوم الأمة اليهودية، إلى جانب مُخطَّطها الأساسي، وهو استيطان فلسطين، وهذا ما يتعارض مع تعاليم الحركة الإصلاحية التي ظهرت من أجل القضاء على هذه المبادئ والمعتقدات التي جعلت اليهود يُعانون الاضطهاد والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في بيئة منعزلة تَفتقِر إلى عوامل ووسائل النهوض والتطور الحضاري، والصعود إلى سُلم رقي المجتمعات المدنية التي تضمن لأفرادها العيش الكريم والحياة الطيبة تحت ظل العدالة الاجتماعية الشاملة في أي وطن أو دولة ما داموا يَنقادون إلى قوانينها ويُعلنون انتماءَهم لها، وفي ضوء هذه التطورات الحديثة التي عايشتها الدول الأوروبية نشأت الحركة الصِّهيونيَّة كردِّ فعلٍ لتلك التحولات والتغيرات، ومُحاولة جادة لحل الإشكالية اليهودية؛ حيث انطلقت معتبرةً أن الشعب اليهودي شعبٌ مستقل متميزٌ عن بقية العالم، لا يقبل الاندماج والتعايش مع بقية المجتمعات، والذي اختاره الرب واصطفاه مِن بين سائر الشعوب ليَحمل رسالته الداعية إلى السِّلم والأمان، والتي تتضمن تحقيق الوعد التوراتي بعد مَجيء الماشيح المخلص في آخر الزمان ليَرجع إلى أرض الميعاد التوراتي، وبذلك يُمكن له أن يَسُود ويحكم العالم، ويتخذ من جبل صهيون منطلقًا له، والذي يتأمل هذه الأفكار والمعتقدات يجدُها تنطلق من جانب ديني صرف، ثم بعد ذلك تحوَّل المسارُ شيئًا فشيئًا بسبب التأثر العلماني الذي فَرَض سيطرته بقوته ونفوذِه وشُموليتِه، وتحول المعتقد الديني إلى معتقد قومي إثني يُنادي بالقومية والعرقية العُنصرية، وأصبحت أهدافُه وأبعادُه واضحةً تهدفُ إلى إنهاء حالة المنفى والشتات، والعودة إلى أرض الأجداد، وقد ترجمت هذه الأطروحة إلى الشعار العنصري المعروف: "أرض بلا شعب.. لشعب بلا أرض".


"لذاكانت الحركة الصهيونية تقدم مَشروعها القومي في مواجهة صارخة مع حركة التنوير اليهودي (الهسكالاة)، فقد كانت تهدف إلى تجميع (الغيتوات) المنتشرة في العالم، أو ما يُسمى عادة (الديسابورا)، أو الشَّتات اليهودي في (غيتو) واحدٍ كبيرٍ يكون فريدًا في نوعه، وهو على حدِّ تسميتِهم إسرائيل الكبرى"[19].

 

خلاصة:

من خلال ما سبَق، نستطيع أن نَستنتِج أن حركة اليهود الإصلاحية قد ساهمت في ظهور الصِّهيَونية من عدة جوانب، أبرزها ثلاثة، وهي:

• تراجع اليهودية الإصلاحية جعل اليهود يَقتنعون بأن الحل الوحيدَ للمسألة اليهودية هو تأسيس وطن قومي يكون في فلسطين، خاصةً في ظل الظروف التي كانت تعيشُها أوربا، والتي حالت دون اندماجهم.

 

• ساهمَت علمنة اليهودية أو إصلاحها في هدم بعض الأفكار التي كانت تَقِف عقبة أمام تحقق الصِّهيونية، أهمها فكرة "المسيح المخلص".

 

• ظهرت الصِّهيَونية كرد فعل ضد الاندماج الذي قام به الكثير من اليهود، والذي أصبح - في نظرهم - يهددها بانمحاء الهوية اليهودية.



[1] المسيري موسوعة اليهود والصهيونية (03 / 1203) .

[2] فؤاد حسنين علي، الأدب العبري المعاصر، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1972، ص41.

[3] The jewish Encyclopedia , Israel , 1966 ,vol 12 , p

[4] Michael A. Meyer, “Reform Judaism”, Encylopedia of Religion, ed. Mircea Eliade, (New York: Mac Millan Publishing Company, 1987), vol 12, p. 254.

[5] يعود أصل الكلمة إلى (بورجيتو) الإيطالية التي تعني قسما صغيرًا من المدينة، وبصفة عامة يطلق الغيتو على "الأحياء التي يسكنها مجموعة من الأشخاص الذين يَنعزلون بسبب لونهم أو وضعهم الاجتماعي، أو بحكم سياسة التمييز العنصري، ولا يستندون على قوانين تحميهم"؛ ينظر: With louis, the ghetto, the university of chicago, Chicago, press,1956, p13

[6] إبراهيم البحراوي: جريدة المصري اليوم 2006 / 10 / 31.

[7] جعفر هادي حسين، اليهود الحسيديم؛ نشأتهم، تاريخهم، عقائدهم، تقاليدهم، ط01، دار القلم، دار الشامية، دمشق، بيروت، 1994م، (ص: 11).

[8] Epstein (Isidore), le judaisme origines et histoirs, traduit de l’anglais par. I.jospin, petite bibliothèque payot 106, France 1980 pp271 , 272

[9] بشري قيسي، موسى مخول: الحروب والأزمات الإقليمية في القرن 20 (أوربا، آسيا)، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 1997، (ص: 178).

[10] من أشهر حكام أوربا من أطلق عليهم "المستبدون المستنيرون" حاول قدر المستطاع أن يصلح الإمبراطورية النمساوية المجرية، وأن يحدِّثها بعد أن تلقى تعليمه من كتابات فولتير والفلاسفة الفرنسيين؛ موسوعة المعرفة، شركة إنماء للنشر والتسويق، (مج 2 / 14).

[11] Epstein, op.cit, p17

[12] جورج طرابيشي: معجم الفلاسفة، دار الطليعة، بيروت (ص: 640).

[13] إسماعيل راجي الفاروقي: المِلَل المعاصرة في الدين اليهودي (ص: 45)؛ موسوعة اليهود والصهيونية (2 / 146).

[14] الملل المعاصرة في الدين اليهودي: (ص: 59).

[15] المسيري: موسوعة اليهود (03 / 1208).

[16] هي ترجمة العبارة الإنجليزية Antisemitism، والمعنى الحرفي لها هو: ضد السامية، والمقصود بها: معاداة اليهود، أو "نبذ اليهود من المجتمع"، وأول من استخدم هذا المصطلح هو الصحفي الألماني ولهام مارا سنة 1873؛ "عبدالوهاب الكيلاني وآخرون، الموسوعة السياسية، ط 3، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1936" (5 / 379).

[17] المرجع نفسه، (1 / 99).

[18] موسوعة اليهود والصهيونية (3 / 1209).

[19] أمل فؤاد عبيد، الحوار المتمدن - المحور: دراسات وأبحاث في التاريخ والتراث واللغات، العدد: 1760 - 2006 / 12 / 10 - 07:16.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفة هادئة في فلسطين!
  • تحولات الشعرية في الأندلس لرشا غانم

مختارات من الشبكة

  • تنمية العمل الاجتماعي: الإصلاح والمعاملة الإصلاحية(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الشيخ الدمشقي هيثم إدلبي وجهوده الإصلاحية في دير عطية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • موقف المستشرقين من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفروق بين منهج أئمة الدعوة الإصلاحية ومنهج مخالفيهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية (‏PDF‏)‏(كتاب - آفاق الشريعة)
  • التدابير الإصلاحية قبل التحكيم لحل المنازعات الأسرية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ عبدالرحمن عبدالله بكير: فكره وجهوده الإصلاحية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • قالوا عن الأسباب الإصلاحية للشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإمام الشوكاني وموقفه من الدعوة السلفية الإصلاحية (3/3)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإمام الشوكاني وموقفه من الدعوة السلفية الإصلاحية (2/3)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- الإصلاحية والصهيونية
عبدالله السنكي - العراق 01-01-2016 08:36 PM

تقرير مفيد

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب