• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

تقويم فكر إقبال وآرائه

تقويم فكر إقبال وآرائه
د. فهمي قطب الدين النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/11/2014 ميلادي - 7/2/1436 هجري

الزيارات: 13658

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقويم فكر إقبال وآرائه


رأي بعض معاصريه في فكره وشخصيته:

لا شكَّ في أن آراء المعاصرين لشخصٍ ما، في فكره وعقيدته وشخصيته، أصدق ممن يعيش في غير عصره؛ لأن المعايشة تُذهِب الكُلْفة، وتُظهِر أخلاقَ الإنسان الحقيقية التي يُحاول إخفاءها، فضلاً عن أن معرفة فِكْر شخصيَّةٍ ما من خلال ما يكتب، أو يَنظِم من الشعر، خاضعة لفَهْم وإدراك حقيقة هذه الكتابة أو هذا الشعر، ومعرفة الظروف التي أحاطت بهذه الكتابة وهذا الشعر كافَّة.


من هنا كانت آراء المعاصرين القريبين لإقبال أقربَ إلى الحق والصدق من آراء غيرهم ممن لم يره مُطلَقًا ولم يسمع منه، أو من رآه قليلاً ولم يُعايشه فترة طويلة، ونختار هنا بعض الأقوال في محمد إقبال، قبل أن نتعرَّض لمناقشة الأفكار والآراء بشكل علمي، من قِبَل بعض المفكرين الإسلاميين في العالم الإسلامي:

أ- مولانا شبلي النعماني:

يُكلِّل إقبالاً بالزهور في حفل المؤتمر التعليمي الإسلامي لعموم الهند المنعقِد في عام 1911م ويقول: "إن تكريم الشعب لرجل مَكرُمة كبيرة، ولا شك أن إقبالاً يستحقُّ تلك المكرمة".


ب- محمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان، قال عند وفاة إقبال:

"لقد كان إقبال شاعرًا منقطع النظير، طبَق صيتُه الآفاق، وسوف تبقى كلماته، وإن مساعيَه لأمته وبلده لتَضعُه في مصافِّ أكابر الهند، وإن وفاته خسارة كبيرة للهند عامة، والمسلمين خاصة".


وقال في خطاب بذكرى إقبال في جامعة البنجاب سنة 1940م:

"إن حييتُ حتى رأيتُ للمسلمين دولةً قائمة في الهند، فخيِّرت بين الرئاسة العليا في تلك الدولة المسلمة وبين كتب إقبال، لم أتردَّد في اختيار الثاني"[1].


ج- مولانا أبو الكلام آزاد، قال عند وفاة إقبال:

"إن الهند الحديثة لم تستطع إنتاج شاعر مثله، وإن وفاته خسارة للشرق بأكمله وليست للهند فحسب، وبالنسبة لي شخصيًّا، فإنني فقدتُ صديقًا قديمًا من أعز أصدقائي"[2].


د- وقال السيد سليمان الندوي عند وفاة إقبال:

"يوجد فينا كثير ممن يواسي الأمة، ومن يُصادِق الجماعة المسلمة، ولكن الحقيقة أن التعليم الحديث قد أنشأ فينا خلال مدة السبعين سنة الماضية اثنين فحسب من المسلمين الصادقين المحبِّين للأمة، وهما: محمد علي جوهر، ومحمد إقبال - رحمهما الله رحمة واسعة"[3].


هـ- أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان قال:

"إنه يوجد لدى إقبال تَطوُّر مستمر في الأفكار، فنجده مثلاً يؤيد مصطفى كمال، ويُظهِر أنه رجل عبقري مثالي، ولكن عندما رأى تفاصيل الأحوال عدَل عن رأيه، وفي الحقيقة هناك ثلاثة أطوار في حياة إقبال، وقد عاد قلبه وفكره مسلمًا كاملاً في الطور الثالث والأخير من حياته"[4].


و- أبو الحسن الندوي، رئيس ندوة العلماء ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، قال في كتابه "روائع إقبال"[5]:

"إني لا أعتقد في إقبال عصمةً ولا قداسة ولا إمامة ولا اجتهادًا في الدين، إنني لم أزل، والحق أحق أن يقال في كل دور من أدوار حياتي وثقافتي، معتقدًا أنه لا يَزيد على أن يكون تلميذًا من تلاميذ الثقافة الإسلامية النجباء الأذكياء، درسها دراسة مُخلِصة، وكان لا يزال في حاجة إلى التعمق والرسوخ فيها، إنني أعتقد أنه صاحب فكرة واضحة وعقيدة راسخة عن خلود الرسالة المحمديَّة وعمومها، وعن خلود هذه الأمة وصلاحيتها للبقاء والازدهار، وعن كرامة المسلم وأنه خُلِق ليقود ويسود.


وأخيرًا لا آخِرًا، وجدتُه شاعرَ الطموح والحب والإيمان، وأَشهد على نفسي أني كلما قرأتُ شعرَه جاش خاطري، وثارت عواطفي، وشعرت بدبيب المعاني والأحاسيس في نفسي، وبحركة للحماسة الإسلامية في عروقي، وتلك قيمة شعره وأدبه في نظري"[6].


ط- الدكتور إحسان حقي الشامي صديق إقبال:

يقول - وقد رافَقه مدة طويلة في حياته -: "عُرِف محمد إقبال في الشرق والغرب منذ نعومة أظفاره، وطار صيتُه في الآفاق، حيثما حلَّق شعره الذي تُرجِم إلى لغات كثيرة، وكتب عنه كثير من العلماء أشياء كثيرة.


ولكن محمد إقبال لم يكن شاعرًا فقط، بل كان عالمًا في واحد، وعبقريًّا في شخص، فهو شاعر فذ، وزعيم سياسي مرموق، فنواحيه إذًا عديدة، والكلام عنه لا يَنفد.


كان محمد إقبال مِثل كل الفلاسفة والمفكِّرين، كثير التفكير، كثير التدبر، قليل الكلام، كان سكوته وقودًا لما يَعتلِج في نفسه من أمور يَنفِثها شعرًا وحِكَمًا، وكان أمر المسلمين شُغلَه الشاغل، ووضْعهم يؤلمه ويُعذِّبه، وقد أدرك بثاقب رأيه وبُعْد نظره الخطرَ الذي يُهدِّد مسلمي الهند، فأيقظ المسلمين وحذَّرهم من التمادي في السير في مجال القومية، الذي ابتدعه الهنادكة؛ ليقضوا على المسلمين"[7].


ك- رأي المفكر الإسلامي محمد قطب:

يقول الأستاذ محمد قطب في كتابه "منهج الفن الإسلامي": "إقبال فيلسوف مسلم مفكِّر، وله في عالم الفلسفة والفِكر إنتاج ليس بالقليل، ولكنه كذلك شاعر، وفي غير قليل من شعره يَمتزِج الشعر بالفلسفة، وتَلمَس بصورة واضحة أنه يَصوغ أفكاره - أو بالأحرى تَجارِبه الفلسفية - في شعره، لكنه حتى عندئذٍ لا يُعطيك تجرِبة فلسفية ذهنيَّة، وإنما يعطيك تجربة عاناها في شعوره، وانفعل بها وِجدانه، وجاشت بها نفسه، فعبَّر عنها في نَسقٍ مُنغم موزون، ولم يُعبِّر عنها بالنثر.


ثم إن له إلى جانب ذلك شعرًا خالصًا تَحرَّر من جفاف الفكر، ومن قيد الذهن، وانطلق في خفَّة وطلاقة يُعبِّر عن حرارة الوِجدان، وهو في معظم حالاته يُعبِّر عن تَصور مسلم، وإن شاب هذا التصورَ أحيانًا اختلاطٌ من تصورات صوفية هندية وغير هندية، تخرج به قليلاً أو كثيرًا عن التصور المستقيم للإسلام.


وأشد ما يَروعه من الفكرة الإسلامية الصافية، وأشدها ما تنفعل به نفسك كذلك، وهو الحركة الحية في كل شيء في هذا الوجود.


إنه لا يوجد شيء ساكن على الإطلاق، لا في الأحياء ولا في غير الأحياء، كل شيء حي، وكل شيء مُتحرِّك، وكل شيء يقتحم الكون لكي يوجد؛ لأنه طاقة والطاقة لا تُطيق السكون، وإن أراد شيءٌ لنفسه السكونَ، فقد أراد الموت، وقد خرج بذلك من الناموس.


وشيء آخر من الفكرة الإسلامية الصافية يَروعه كذلك وتنفعل نفسه، هو النفس الإنسانية، الإنسان في حِسِّ إقبال طاقة كونيَّة ضخمة، تتمثَّل فيها كل طاقات الوجود، إنها قَبَس من النور، قبس من القدرة الخالقة؛ وذلك معنى أن الإنسان خليفة الله في الأرض، وهو بذلك أثمن ما في الوجود كله، وأقدر ما في الوجود كله، وذلك حين يَستمِدُّ من الله، فهكذا خُلِقت الروح الإنسانية أو النفس، بحيث تستمد من قوة الأزل والأبد؛ فتُشرِق وتَشتعل، وتصبح طاقة كونية مريدة فاعلة"[8].


رأي بعض المفكرين الغربيين في فكره:

أ- السير هاملتون جب[9]:

يُلاحِظ (جب) أن إقبالاً في مساعيه الهادفة إلى إيجاد تفسير للإسلام يَجُر الباحث الإسلامي عبر مياه عميقة الأغوار، وبعد أن يُبرِز (جب) أهم جوانب فلسفة إقبال، يؤكِّد أن عُمْق إقبال وجرأته لم يكن لهما تأثير بعيد في مجموع التفكير الإسلامي الحديث، وأنه لولا شهرته كزعيم هندي مسلم وكشاعر كبير، لما أمكنه أن يَنشُر مؤلفًا ككتاب "تجديد التفكير الديني في الإسلام" الذي يحتوي كثيرًا من الآراء الثورية.


أما إقبال في نظر (جب) ونظرِ الغربيين جميعًا، فهو مؤلِّف بالغ الأهمية؛ لأنه يُشخِّص الاتجاه المتطرِّف لحركة التجديد الإسلامي الحديث، فهو يتناول النقاط الجوهرية في الإسلام؛ كوجود الله، والحرية الأخلاقية، ومسؤولية الإنسان، وخلود النفس.


ب- العلامة أنا ماري شيمل - هولندا:

زارتْ باكستان، وكتبتْ عن إقبال كتاب "أجنحة جبرائيل"، الذي يحتوي على دراسة في المُثُل العليا الدينية للسيد محمد إقبال، ويحتوي الكتاب أيضًا على حياة إقبال ومصادر ثقافته، ومما قالته:

"إن باكستان عندما تشكلَّت عدَّت إقبالاً أباها الروحي، وإن إقبالاً يرى الدين أسمى من الشعر، وهو بحركة دائمة من الفرد إلى المجتمع، ويُفسِّر إقبال الإيمان بأنه الطريق الحيوي للاتصال بالكون، فهو في نظره من الدين الحركي الديناميكي، ومما يقوله: إني أومن إيمانًا لا شك فيه بأن العالم شاهدٌ على وحدة الله المُطلَقة، وبذلك تكون أهميتنا بين الأقوام واضحة"[10].


مناقشة بعض آراء إقبال:

هناك مسائل أثارها إقبال في بعض محاضراته ودواوينه، مِثل بعض التفسيرات للقرآن الكريم، وكلامه عن اليوم الآخر والجنة والنار، والقضاء والقدر، فمنهم من قَبِلها من إقبال، ومنهم من ردَّها ولم يقبلها منه.


ومحاولتي مناقشة هذه المسائل على ضوء ما فَهِمتُه من فِكْر إقبال وما كتبه وما نظَمه في شعره، وعلى الرغم من علمي القليل بالنسبة لأكابر العلماء إلا أنها محاولة من طالب علم محب لإقبال، وأدعو الله السداد في الرأي وطلب الحق في كل أمر:

أ- مسألة تفسير إقبال لمعنى الروح والاجتهاد:

فقد لاحظ الدكتور محمد البهي أن إقبالاً أخطأ في تفسير الروح الواردة في القرآن الكريم، وأنه ليس معناها النفس البشريَّة، كما يقول إقبال، وإنما معناها (القرآن)[11]، وأرى أن الدكتور البهي هو المخطئ في هذا التفسير، وليس إقبالاً كما يتَّضِح للقارئ الكريم.


فالرُّوح التي وردت في الآية الكريمة: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85]، فسَّرها إقبال بالنفس البشرية، وهكذا ورد تفسيرها في أمهات التفاسير مثل تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير وغيرهما، ولا أدري من أين جاء الدكتور البهي من أن الروح المسؤول عنها في الآية هي القرآن، أما كلمة الروح بمعنى القرآن، فقد وجدت في سورة الشورى الآية 52؛ قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]، يقول المفسرون سمَّى الله القرآن رُوحًا؛ لأن فيه حياة النفوس من موت الجهل[12].


أما اشتقاق إقبال كلمة الاجتهاد في الآية القرآنية: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69].


فإقبال لم يُخطئ فيها، وهو يَستنِد إلى أقوال بعض المفسرين؛ إذ إن الجهاد الوارد في هذه الآية، ليس كما فسَّره البهي من أنه القتال؛ لأن هذه الآية نزلت قبل فرْض الجهاد والقتال.


قال الشوكاني ينقُل عن ابن عطية في تفسيره هذه الآية: إنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته[13].


وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير: "أي مَن جاهد بالطاعة، هداه الله سبيل الجنة، وفيه وجه آخر حكمي، وهو أن يكون المعنى ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾؛ أي: الذين نظروا في دلائلنا ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾؛ أي: لنُحصِّل فيهم العلم بنا"[14].


وهذا التفسير يدل على أن إقبالاً له وجه حقٍّ في اشتقاقه لكلمة الاجتهاد من الجهاد الواردة في الآية.


فإذًا لا نستطيع مجاراة الدكتور البهي في قوله: إن تفسير إقبال لبعض الآيات القرآنية تفسير عامي.


ب- قضية تأييد إقبال للحركة الكمالية في تركيا في بدايتها:

ويظهر هذا واضحًا في كتابه تجديد التفكير الديني في الإسلام، وفي كتيب آخر نشره إقبال بعنوان: الجواب على أسئلة نهرو، والذي يحتوي على دفاعٍ طويل عن الإصلاحات الكمالية في تركيا، ويُحاول فيها أن يُثبِت أن تلك الإصلاحات لم تكن غير إسلامية.


وقد استغلَّ المبشرون النصارى والمستشرقون الغربيون وتلاميذهم في العالم الإسلامي هذه الكلمات عن إقبال ليُعزِّزوا حُججَهم المدمِّرة ضد القيم الإسلامية، وأسوأ ما في الأمر أن العالم الذي يتكلَّم اللغة الإنكليزية، والذي يجهل أشعاره بالأردية والفارسية يعتقد أن هذين الكتابين يمثِّلان بدقة أفكار العلامة إقبال، وبذلك يُسبِّبان ضررًا لا يُمكِن إصلاحه للمسألة نفسها، التي آمن بها الكاتب نفسه، وناضَل بحماسة من أجلها.


ولكنَّ إقبالاً نقَض جميع هذه الآراء في أواخر أيامه، واعتبر التجرِبة الكمالية في تركيا لا شيء سوى تقليدٍ أعمى للمادية الغربيَّة على أشد صورة، بشكل آلي، فقد جاء في ديوان "ضرب الكليم" تحت عنوان (صريع الفرنج):

مِن تجلِّي الفرنجِ نلتَ وجودًا
فهُمُ منك هيكلاً قد أقامُوا
ومن الذات هيكلُ التربِ خالٍ
أنت غمدٌ مُذَهَّبٌ لا حسامُ
• • •
ووجودُ الإلهِ عندك ريبٌ
وأرى الريبَ في وجودِك أنتَا
إنما الكونُ جوهرُ الذات يُجلى
فانظرنْ أيَّ جوهرٍ قد دفنتَا[15]

 

ج- مسألة الجبر والاختيار أو القضاء والقدر:

يُبيِّن إقبال رأيه في القدرِ وعمله في الإنسان، حين بحث مفهوم الزمان في كتابه (تجديد التفكير الديني في الإسلام)؛ إذ يؤكِّد إقبال أن الإنسان حرٌّ مختار، وأن النفس شخصيَّة حرة، وهناك آيات واضحة الدلالة في هذا المعنى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7].


وفي الحق أن القرآن يُقِر حقيقة كبيرة الأهمية من حقائق النفس الإنسانية، تلك هي الارتفاع والانخفاض في قدرة الإنسان على اختيار أفعاله، وهو يَحرِص على بقاء القدرة على حرية الاختيار في الفعل بوصفها عاملاً ثابتًا لا يَتناقص في حياة النفس[16].


ويُوضِّح إقبال أسباب شيوع الجبرية في العالم الإسلامي، ويُرجعها إلى أسباب فلسفية، وأسباب سياسية، وأسباب حيوية، يقول:

"ولكنك قد تقول: أليس صحيحًا أن نوعًا من القول بالقدرِ قد شاع في العالم الإسلامي خلال قرون عدة؟ وهذا صحيح، وله من ورائه تاريخٌ يحتاج إلى أن يتناول على حِدة، حسبنا الآن أن نبيِّن أن القول بالقضاء الذي يحمله نقَّاد الغرب للإسلام في كلمة (القِسمة) يَرجِع بعض سببه إلى التفكير الفلسفي، وبعضه إلى مقتضيات السياسة، وبعضه ما لحِق القوة الحيوية التي كان الإسلام قد بعثها في أتباعه أول الأمر من ضعْف تدريجي"[17].


وبعد استعراضنا لأقوال إقبال في محاضراته التي جمعها في كتاب "تجديد التفكير الديني في الإسلام" وفي دواوينه الشعرية، نجد إقبالاً فيها يرى أولاً أن الإنسان مخيَّر تخييرًا كاملاً، ثم يرجع إلى أن الإنسان بين الاختيار والجبر؛ مخيَّر من جِهة، ومسيَّر من جهة أخرى، وكلتا الروايتين لإقبال نجدها في القرآن الكريم.


فالرواية الأولى نجدها في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].


ويقول تعالى: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14، 15].


ويقول تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10].


وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [النساء: 111].


وإقبال ذكَر آيات عدة شواهد على حرية الإنسان واختياره.


والرواية الأخرى نجدها في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر: 54 - 56].


وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الإنسان: 29، 30].


وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 165، 166].


وإقبال في كلتا الروايتين لم يخرُج من التصور الإسلامي في القَدرِ، فالإنسان في التصور الإسلامي حرٌّ مختار ضِمن المشيئة الإلهية المُطلَقة، وقدر الله يتحقَّق من خلال إرادة الناس وعملهم في ذات أنفسهم، وما يُحدِثونه فيها من تغييرات ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وكون[18] مردُّ الأمر إلى المشيئة المطلَقة، لا يُبطِل هذا ولا يُعطِّله، فالأمران يجيئان مجتمعين أحيانًا في النص القرآني الواحد، كما رأينا آنفًا.


وإقبال حينما رأى شيوع الجبريَّة المطلقة في العالم الإسلامي، واستكانة المسلمين لقوى الظلم والطغيان والاستعمار باسم القضاء والقدر، أراد أن يَهُزهم بعنف؛ ليُوقِظهم من نومهم الطويل، ويُرجِعهم إلى ذاتهم وإلى حقيقة التصور الإسلامي في معنى القدر، الذي لا يتناقض مع حرية الفرد واختياره.


هذه هي أهم المسائل حول فِكرِ إقبال وآرائه، وأنا لا أدَّعي أن إقبالاً معصوم عن الخطأ، فكلٌّ يُصيب ويخطئ، إلا الأنبياء ورسل الله، إلا أن إقبالاً كان - فيما أرى - مسلمًا مخلصًا في إسلامه، وكانت غايته فيما جاهَد بقلمه ولسانه، بفكره وشعره - خيرَ الإسلام والمسلمين، ومات على هذا - رحمه الله تعالى.

 


[1] محمد إقبال سيرته وفلسفته؛ لعزام ص: 78.

[2] محمد إقبال والحضارة الغربية (مرجع سابق)، ص: 98 نقلاً عن:

THE POET OF THE EAST, ENVER BEG QAUMI KUTUB KHANA LAHORE (1939).

[3] انظر: إقبال؛ سيد سليمان ندوي، كي نظر مين، ترتيب أختر راهي، الناشر بزم إقبال لاهور، ط 1978م - ص: 117.

[4] انظر: إقباليات؛ للمودودي، ترتيب سميع الله وخالد همايون - ص: 33.

[5] روائع إقبال؛ للندوي (ص: 16، 17، 18).

[6] المصدر السابق (ص: 16، 17، 18).

[7] "الأعلام الخمسة للشعر الإسلامي"؛ الأعظمي والشعلان (ص: 137،140).

[8] منهج الفن الإسلامي، (ص: 184)، محمد قطب، دار الشروق، بيروت، القاهرة ، ط6، 1403هـ/ 1983م.

[9] محمد إقبال مفكرًا إسلاميًّا؛ لمحمد الكتاني (مرجع سابق) (ص110، 111- 113)، وانظر الاتجاهات الحديثة في الإسلام؛ لجب (ص: 113).

[10] الأعلام الخمسة للشعر الإسلامي (مرجع سابق) (ص: 131، 132).

[11] الفكر الإسلامي الحديث وصِلته بالاستعمار الغربي؛ للدكتور محمد البهي (مرجع سابق)، (ص: 437).

[12] ارجع إلى: تفسير الطبري وتفسير ابن كثير؛ وذلك لتفسير الآيتين في سورة الإسراء وسورة الشورى.

[13] انظر: فتح القدير للشوكاني، تفسير الآية 69 من سورة العنكبوت.

[14] انظر: التفسير الكبير للرازي، تفسير الآية 69 من سورة العنكبوت.

[15] ضرب الكليم؛ لإقبال، تعريب عزام (ص: 21).

[16] المرجع السابق (ص: 125، 126).

[17] المرجع السابق (ص: 127).

[18] خصائص التصور الإسلامي؛ لسيد قطب (ص: 123).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشاعر محمد إقبال وصلته بالعرب
  • هم فلسطين والعرب عند محمد إقبال
  • بعث الروح الإسلامية في أمم الشرق عند محمد إقبال
  • الشاعر محمد إقبال وخطابه لأمة العرب

مختارات من الشبكة

  • معيقات التقويم التربوي وضرورة التطوير(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التقويم المصري بالأندلس في عصر الخلافة الأموية: دراسة في كتاب تقويم قرطبة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيفية تقويم كتاب: ما أهم عناصر التقويم؟(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • المسلم بين التقويمين الميلادي والهجري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أنواع التقويم في التدريس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فكر محمود محمد طه ومنهجه وآراؤه: دراسة تحليلية نقدية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بين فكر الأزمة وأزمة الفكر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشواهد النحوية والتصريفية في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري ت (328هـ) دراسة وتقويما(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دستور النقد وتقويم الأفكار: لطائف من آداب المناقشة العلمية والجدل البناء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • معايير تقويم مناهج الإصلاح المعاصرة(مقالة - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب