كتاب " ما يلزم الملوك من العدل " ليس لابن الجوزي

كتاب "ما يلزم الملوك من العدل" ليس لابن الجوزي

وقفتُ على مخطوطٍ مصورٍ، أصلُه في المكتبة الوطنية في براغ في التشيك كُتِبَ على غلافه:

"كتاب ما يلزم الملوك من العدل والتحذير من الجور. جمع الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى وعفا عنه".

وهو بخط جميل، ويقع في" 96" صفحة.

وقد قرأتُهُ وفحصتُهُ، فلم أرَ فيه طريقة ابن الجوزي في التأليف من حيث الترتيب والتبويب، ولا نَفَسَهُ، ولا أسلوبَهُ، ولا كلماتِهِ، وهو مجموعة من الأحاديث والأخبار والقصص مسرودة سرداً، من غير مقدمة، ومن غير التزام بالصحة، ولا بالإسناد، ولا بالعزو إلى مصدر! وكثيرٌ من ذلك بصيغة: رُوي وذُكر وقيل وحُكي، مع تعليقٍ يسيرٍ، لا يمكنُ أن يكون من كلام ابن الجوزي.

ولم يُذكَرْ لابن الجوزي كتابٌ بهذا العنوان.

نعم له "مواعظ الملوك والسلاطين"، وسمي في نسخة: "الشفاء في مواعظ الملوك والخلفاء"، وهو غير هذا الكتاب تماماً، وقد وقفت عليه، وهو مؤلف من عشرة أبواب.

ولعل جامع هذا المخطوط استفاد بعضَ القصص من كتب ابن الجوزي، أما المخطوطُ فليس له قطعاً.

وأَستعرضُ هنا محتوياته، وكلماته، ليظهر للقارئ ما أقول:

• بسم الله الرحمن الرحيم

نذكرُ ما يلزم الملوكَ والولاةَ من العدل والتحذير من الجور.

1-فأولُ ذلك ما ورد في حديث رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال:

• ما مِنْ عبدٍ ولاه الله أمر رعيته فغشَّهم...

• مَنْ ولي أمور المسلمين ولم يحفظهم...

• رجلان من أمتي يُحرمان شفاعتي...

• ما مِنْ رجلٍ ولي أمر عشرة...

• يُؤتى بالولاة يوم القيامة...

2- ورُوي عن أمير المؤمنين عمر أنه تبع جنازة فتقدَّم رجل فصلى على الجنازة... (وفي الخبر أن ذلك الرجل هو الخضر!)

3- وكان عمر كل ليلة يطوف مع العسس حتى يرى خللاً يتداركه وكان يقول: لو تركت عنزٌ جربى على جانب ساقية لم تدهن لخشيت...فانظر أيها الملك الغافل إلى عمر واحتياطه وعدله، وما وصل أحدٌ إلى تقواه وصلابته...

(أقول: انظر إلى هذا الأسلوب!!)

4- وروي أن شقيقاً البلخي الزاهد رحمه الله دخل على هارون الرشيد...

5- وكان سليمان بن عبد الملك خليفة فتفكَّر يوماً وقال: قد تنعمتُ في هذه الدنيا طويلاً فكيف يكون حالي في الآخرة؟ وأنفذ إلى أبي حازم...

(أقول: وفي القصة خلطٌ شديدٌ إذ فيها أنَّ عبد العزيز بن مروان هو ولد سليمان بن عبد الملك هذا!!!).

6 - وذُكِرَ أن زين العابدين علي بن الحسين خرج يوماً إلى المسجد فسبّه رجلٌ فقصده غلمانه ليضربوه...

وأنشد لبعض أهل الأدب:

إذا القرشيُّ لم يشبه قريشاً *** بفعلهم الذي بذَّ الفعالا

فعكليٌّ له أدبٌ ودينٌ  *** لذي العقلاء خيرٌ منه حالا

فانظر يا أخي إلى أخلاق هذا السيد.

7- وقال عليه السلام: كلكم راع...

8- وروي عن صدقة بن إبراهيم المقابري قال: .... بينما عمر بن عبد العزيز ذات يوم جالساً إذ قال لجاريته: روحيني...

9- وممَّا رُوي عن وهب بن منبه أنه كان في بني إسرائيل ملك عظيم الشأن...

(قصة الملك المتكبر وموته والرجل الصالح وموته).

10- ورُوي أن أبا جعفر المنصور خطب يوماً فجاءت ذبابة فسقطت على شفته فآذته، فنزل من المنبر ودخل إلى داره، ثم أحضر الأعمش رحمه الله قال له: ما الحكمةُ في خلق الذباب؟

(وفي الخبر قصة سجين همداني).

11- وحُكِيَ عن عمر بن عبد العزيز أنه ولَّى ولده محمداً بعض مدائن الشام...

12- ورُوِيَ أن أنساً دخل على الحجَّاج فسلم عليه فقال له الحجاج: إيه إيه يا أُنيس...

13- ورُوِيَ أن سليمان لما قدم إلى المدينة لزيارة قبر النبي صل الله عليه وسلم بعث إلى أبي حازم...

14- ودخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك فقال: أتحتمل مني نصيحتي؟

15- رُوِيَ أن عمارة بن حمزة كان جالساً إلى جانب المهدي فتظلم منه رجل...

16- قام رجلٌ إلى المنصور فقال: إن الطفل لا يعرف إلا أمه...

17- قيل: خرج بهرام يتصيد فوقع على راعي غنم تحت شجرة وهو حاقن...

18- جلس أنو شروان يومَ عيدٍ والناسُ على سماطه فلما رفع وحضر الشراب...

19- وقعد معاوية يوم عيد ووضع الطعام والمال للجوائز...

20- خرج سليمان بن عبد الملك ليتنزه وبُسِط له في الصحراء مع ندمائه...

ولبعضهم في هذا المعنى:

لا تبخلنَّ بدنيا وهي مقبلةٌ ** فليس ينقصها التبذير والسرفُ...

21- ورُفِعَ إلى المنصور أنَّ شيخاً عنده ودائع لبني أمية...

22- شكى فتية من قريش عمهم إلى والي المدينة...

23- رُوِيَ أنَّ موسى سأل اللهَ في مناجاته أن يريه عدله...

24- قيل لذي القرنين: أي شيء في ملكك أنتَ به أكثر سروراً...

25- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يحب الإحسان...

26- قال قتادة: الظلم ثلاثة أضرب...

27- قحط الناس في زمن عمر بن عبد العزيز فوفد عليه وفد فقام خطيبهم...

28- سُئِلَ ملكٌ زال عنه ملكه عن سبب ذلك قال: لاغتراري بالدولة...

29- استأذن وزيرُ هرمن في التجارة فأنكر عليه وقال: إنِّ الملك إذا عمل التجارة أسقط قدره...

30- كان لنوح قاضي مرو ابنةٌ جميلةٌ خطبها ساداتٌ فلم يزوجها... فزوجه بها فأولدها عبد الله وهو ابن المبارك شيخ الحديث فانظرْ إلى ثمرة التقوى والصدق مع الله تعالى.

31- ونزل على عبد الله بن المبارك عشرة أضياف ولم يكن عنده غير فرسه...

32- شكوا أهل الكوفة عاملاً لهم...

33- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف على أمتي من أعمال ثلاثة...

34- قيل: كتب عامل عمر بن عبد العزيز إليه: إن مدينة حمص محتاجة إلى إصلاح بنائها...

35- وكان يُقال: ليس شيء أقرب لتغيير نعمة...

36- قال كعب لابن عباس: قرأتُ في الكتب المنزلة: الظلم يخرب الديار...

37- قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمسة غضب الله عليهم...

38- قال وهب بن منبه: إذا همَّ الوالي بالجور...

39- قيل لبعض الحكماء: أي الناس أحق بالملك؟ قال: أحسنهم سياسة...

• وجاء في آخره: "تم الكتاب في 13 من رمضان سنة 1059هـ على يد أحمد بن محمد الصفدي الحنفي". فهل هو الجامع أم هو الناسخ فحسب؟ الله أعلم[1].