• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

العقل والأخلاق عند ابن تيمية

العقل والأخلاق عند ابن تيمية
د. فهمي قطب الدين النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/4/2014 ميلادي - 26/6/1435 هجري

الزيارات: 38712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقل والأخلاق


سنوضِّح هذه الفقرة من صلة العقل بالأخلاق من خلال ثلاث نقاط:

1- الأساس العقلي للسلوك الأخلاقي.

2- الإلزام الخلقي ومصدره.

3- السلوك الأخلاقي ودوافعه.

 

1 - الأساس العقلي للسلوك الأخلاقي:

إن للعقل البشري أثرًا فاعلاً ومهمًّا في حياة الإنسان الأخلاقية، وفي اختيار السلوك الأخلاقي في الحياة الاجتماعية الإسلامية، في كيفية التعامل مع الناس وتنظيم العَلاقات معهم؛ لذلك كان من وظائف العقل عند الإمام ابن تيمية التمييز بين الحسن والقبيح، والنافع والضار، فيقترب من الحسن والنافع، ويبتعد عن القبيح والضار، يقول ابن تيمية: "أخصُّ خصائص العقل عند الإنسان أن يعلمَ ما ينفعه، ويفعله، ويعلم ما يضره وما يتركه"[1].

 

ويؤكِّد ابن تيمية على أن أثر العقل في إدراك الحسن والقبيح نابعٌ من القوة الفطرية لدى الإنسان، يقول: "الناس إذا قالوا: العدل حسن، والظلم قبيح، فهم يَعْنُون بهذا أن العدل محبوب للفطرة يحصل لها بوجوده لذةٌ وفرحٌ، نافع لصاحبِه ولغير صاحبه يحصل به اللذة والفرح وما تتنعَّم به النفوس"[2].

 

وهذه القوة الفطرية نابعةٌ من تكوين النفس الإنسانية الأولى؛ حيث خلقها الله - عز وجل - وعَرَّفها الخير والشر ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، وهداها أيضًا إلى طريقي الفضيلة والرذيلة، ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 8 - 10].

 

وهكذا - كما يقول ابن تيمية - فإن "الناس بفطرتهم يميلون إلى الصفات الخيِّرة؛ مثل العدل والخير والجمال، كما ينفِرون بفطرتهم من الاتجاهات الخلقية الشاذة والمنحرفة؛ إذ يشعرون بغرابتها عن فطرتهم، وهذا الميل أو النفور يعزِّزه إدراك العقل الصريح التام لدوافع الميل، ودواعيه من خير أو سرور أو لذة أو غير ذلك.

 

ومن هذا يتَّضِح أن أثر الفطرة يكمله إدراك العقل، وأنه ليس بينهما تنافر بأي حال من الأحوال"[3].

 

ولذا يقرِّر ابن تيمية أن الإنسان "إذا كان تام العقل، علم أن العلم والعدل والصدق ينفعه، وتصلح به نفسه، وتلتذ، وأن الكذب والظلم يضره، ويفسد نفسه ويؤلمها"[4].

 

وفكرة الأساس العقلي للسلوك الأخلاقي يصورها القرآن الكريم حين يتحدث عن موقف أصحاب النار حين يقولون: ﴿ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]، وحين يتحدث عن موقف المنافقين حين تتوزعهم الأهواء وتباعد بينهم الغايات، بقوله: ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14].

 

2 - الإلزام الخلقي ومصدره:

يرد في هذا المقام سؤالان:

• هل بقيت الفطرة نقية خالصة حتى يكون تأثيرها فاعلاً في المجال الخلقي؟

• وهل خَلُص العقل من المؤثرات الخارجية غير الخلقية حتى يقرِّر ما هو خير؟

 

والواقع يثبت أنهما انحرفا عن طريقهما، ومن هنا كانت الحاجة إلى التوجيه الإلهي من خلال الرسل - عليهم السلام.

 

ولذا نستطيع أن نقول: إن مصدر "الإلزام الخلقي هو قوة الإيمان المعتمدة على العقل الخالص، والفطرة المستقيمة، مع الاحتكام إلى نور الشرع"[5].

 

ويقول ابن تيمية: "فإن مبنى العقل على صحة الفطرة وسلامتها، ومبنى السمع على تصديق الأنبياء - صلوات الله عليهم"[6].

 

وكل من الفطرة السليمة والشريعة يكمل بعضها بعضًا للوصول إلى العمل الأخلاقي الصالح، يقول ابن تيمية: "وذلك الأمر والنهي والوعد والوعيد (في الشرع) هو تكميل للفطرة، وكل منهما عون على الآخر، فالشريعة تكميل للفطرة الطبيعية، والفطرة الطبيعية مبدأ وعون على الإيمان بالشرع والعمل به، والسعيد مَن دان بالدِّين الذي يصلحه، فيكون من أهل العمل الصالح في الآخرة، والشقي مَن لم يتبع الدِّين ويعمل العمل الذي جاءت به الشريعة"[7].

 

وهكذا نتوصل إلى أن مصدر الإلزام الخلقي يقوم على أسس ثلاثة:

1- الفطرة.

2- والعقل.

3- ثم الشرع الذي يعطي الحكم النهائي على العمل الأخلاقي.

 

3 - السلوك الأخلاقي ودوافعه:

مر معنا أن من معاني العقل عند ابن تيمية أنه علم يحصل بالغريزة، وأيضًا: العمل بهذا العلم[8]، فإذا لم يعمل بهذا العلم فلا يُعَد عاقلاً، وهكذا فإن العقل هو الذي يدفع إلى العمل الصالح، وعدم العمل بما يقتضيه العقل، يعد من الجهل الذي يُودِي بصاحبه إلى الشقاء، قال -تعالى-: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]، ويقول القرآن عن المنافقين: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14]؛ فالعقل إذًا هذه القوة الباطنة في الإنسان، هو الذي يوجه الإنسان إلى الخير والعمل الصالح، ويبعده عن الشر والرذيلة، وهذا ما عبَّر عنه القرآن الكريم حينما صوَّر حال الكافرين: ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الطور: 32]، وهذه الآية تبيِّن قاعدة مهمة لدوافع السلوك الأخلاقي لدى الإنسان، هذه القاعدة المستندة على العقل المستنير بهدى الشرع، وهكذا فإنَّ العقل قوَّة دافعة نحو السلوك الخلقي، ولا "يسمى عاقلاً إلا مَن عرَف الخير فطلبه، والشر فتركه"[9].

 

وهكذا نجد أن القوة العقلية المفطورة في الإنسان، يمكن أن تغلب القوى الأخرى المفطورة فيه أيضًا؛ مثل قوة الشهوة وقوة الغضب، وبهذه الغلبة يسمو الإنسان حتى يصبح خيرًا من الملائكة، يقول ابن تيمية - رحمه الله - "قوى الإنسان ثلاث: قوة العقل، وقوة الغضب، وقوة الشهوة...، فأعلاها القوة العقلية التي يختص بها الإنسان دون سائر الدوابِّ، وتشركه فيها الملائكة، كما قال أبو بكر عبدالعزيز من أصحابنا وغيره: خُلق للملائكة عقول بلا شهوة، وخُلق للبهائم شهوة بلا عقل، وخُلق للإنسان عقل وشهوة، فمَن غلَب عقلُه شهوتَه، فهو خير من الملائكة، ومن غلَبت شهوتُه عقلَه، فالبهائم خيرٌ منه"[10].

 

ويبيِّن ابن تيمية أن لهذه القوى رذائل وفضائل، رذائل ينحطُّ بها الإنسان حتى يصل إلى درجة البهيمة، وفضائل يسمو بها حتى يصلَ إلى درجةٍ أفضل من الملائكة.

 

ومن رذائل هذه القوى:

• الكفر الذي هو اعتداءٌ وفساد في القوَّة العقلية الإنسانية.

• وقتل النفس الذي هو اعتداء وفساد في القوة الغضبية.

• والزنا الذي هو اعتداء وفساد في القوة الشهوية[11].

 

أما فضائل هذه القوى، فهي:

• فضيلة العقل والعلم والإيمان، التي هي كمال القوة المنطقية.

• وفضيلة الشجاعة التي هي كمال القوة الغضبية، وكمال الشجاعة هو الحِلم.

• وفضيلة العفَّة التي هي كمال القوة الشهوية.

• وفضيلة العدالة التي هي صفة منتظمة للثلاث المذكورة آنفًا.

 

ويعدُّ ابنُ تيمية أن الشجاعة والعفَّة والعدالة هي الأخلاق العملية للمسلم[12].

 

ولكن هل كل ما نراه خيرًا هو خير، وما نراه شرًّا هو شر بحسب عقولنا؟ ألا يحتاج الإنسان إلى ضابط للعقل يهديه إلى الحسن والقبح، والخير والشر؟

 

هنا يأتي دور الوحي، الذي يوجه العقل إلى الطريق المستقيم، والله - عز وجل - بوَحْيه يهدِي العقل لكل ما هو خير وما هو شر؛ لأنه هو خالقه، وهو العليم به ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].

 

وعلمُ الإنسان محدود، وإدراكه محدود، وحواسُّه محدودة، أما الغيب، فلا يعلمه إلا الله، وما قد يتصوَّره أنه خير قد يحوي في باطنه الشر، وما يتصوَّر أنه شر، قد يكون الخير فيه، قال -تعالى-: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

ويعالج ابن تيمية - رحمه الله - مسألةً دقيقة تتعلق بالسلوك الأخلاقي ودوافعه الفطرية، تدور هذه المسألة حول عمل الإنسان الأخلاقي النابع من هذه الدوافع الفطرية، ويقوم به الإنسان لمجرَّد محبَّته للأمور الحسنة، لا يعملُه لوجهِ الله -تعالى- فهل يقدحُ هذا في عمله؟ وهل عملُه من الرياء أو الإشراك بالله - عز وجل؟

 

يجيب ابن تيمية عن هذه المسألة الدقيقة فيقول: "فيما إذا كان في العبد محبَّة لما هو خير وحق ومحمود في نفسه، فهو يفعله لما فيه من المحبة له، لا لله ولا لغيره من الشركاء، مثل أن يحب الإحسان إلى ذوي الحاجات، ويحب العفو عن أهل الجنايات، ويحب العلم والمعرفة وإدراك الحقائق، ويحب الصدق والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وصلة الرحم، فإن هذا كثير غالب في الخلق في جاهليتهم وإسلامهم، في قوَّتَي النفس العلمية والعملية، فإن أكثر طلاب العلم يطلبونه محبَّة؛ ولهذا قال أبو داود للإمام أحمد بن حنبل: طلبت هذا العلم - أو قال: جمعته لله؟ فقال: لله عزيزٌ، ولكن حبِّب إليَّ ففعلته.

 

وهذا حال أكثر النفوس، فإن الله - عز وجل - خلق فيها محبة للمعرفة والعلم وإدراك الحقائق، وقد يخلق فيها محبة للصدق والعدل والوفاء بالعهد، ويخلق فيها محبة للإحسان والرحمة للناس، فهو يفعل هذه الأمور لا يتقرب بها إلى أحد من الخَلق، ولا يطلب مدح أحد، ولا خوفًا من ذمه، بل لأن هذه الإدراكات والحركات يتنعَّم بها الحي ويلتذُّ بها، ويجد بها فرحًا وسرورًا، كما يلتذُّ بمجرد سماع الأصوات الحسنة، وبمجرد رؤية الأشياء البهجة، وبمجرد الرائحة الطيبة"[13].

 

وبعد أن يذكر ابن تيمية وجودَ هذه الدوافع الفطرية للسلوك الأخلاقي عند الإنسان بعامة، يقوِّم هذا السلوك بالميزان الإسلامي العادل المنصف، وبمحاكمة عقلية سليمة، فيقول: "إن محبة هذه الأمور الحسنة ليس مذمومًا ولا محمودًا، ومَن فعل هذه الأمور لأجل المحبة لم يكن مذمومًا ولا معاقبًا، ولا يقال: إن هذا عمله لغير الله، فيكون بمنزلة المرائي والمشرك، فذاك هو الشرك المذموم، وأما مَن فعلها لمجرد المحبة الفطرية، فليس بمشرك، ولا هو أيضًا متقربًا بها إلى الله، حتى يستحق عليها ثواب من عمل لله وحده، بل قد يثيبه عليها بأنواع من الثواب: إما زيادة فيها من أمثالها، فيتنعَّم بذلك في الدنيا؛ ولهذا كان الكافر يُجزَى على حسناته في الدنيا وإن لم يتقرب بها إلى الله، ولو كان فعلُ كل حسن إذا لم يفعل لله مذمومًا يستحق به صاحبه العقاب لما أُطعم الكافر بحسناته في الدنيا إذا كانت تكون سيئات لا حسنات، وإذا كان قد تنعَّم بها في الدنيا ويُطعم بها في الدنيا، فقد يكون من فوائد هذه الحسنات ونتيجتها وثوابها في الدنيا أن يهديَه الله إلى أن يتقرَّب بها إليه، فيكون له عليها أعظم الثواب في الآخرة...

 

وهذا معنى قول بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله، وقول الآخر لما قيل له: إنهم يطلبون الحديث بغير نيَّة، فقال: طلبهم له نية، يعني نفس طلبه حسن ينفعهم"[14].

 

ويختم ابن تيمية هذا التصور الإسلامي الدقيق للأساس الفطري للأخلاق، بقوله: "وعلى هذا فما ذكره الإمام أحمد[15] "عن نفسه هو حسن، وهو حال النفوس المحمودة المستقيم حالها، ومن هذا قول خديجة - رضي الله عنها - للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لتصل الرَّحِم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَقرِي الضيف، وتحمِلُ الكَلَّ، وتكسِبُ المعدوم، وتُعِين على نوائب الحق"، فهذه الأمور يفعلُها محبَّة لها، خُلق على ذلك وفُطر عليه، فعلمت أن النفوس المطبوعة على محبةِ الأمور المحمودة وفعلِها لا يُوقِعُها الله فيما يضاد ذلك من الأمور المذمومة، لما قال لها: ((قد خشيتُ على نفسي))، قالت: كلاَّ والله لا يخزيك الله أبدًا... الحديث"[16].

 

ويربطُ ابنُ تيمية - رحمه الله - بين الدوافع الفطرية للأفعال المحمودة في نفسها وحركة الإرادة الإنسانية النابعة منها، والثواب والعقاب والأمر والنهي الذين هم تكميل للفطرة، ويتوصَّل إلى أن الشريعة تكميل للفطرة الطبيعية، والفطرة الطبيعية عون على الإيمان بالشرع والعمل به... يقول: "وهذا الحب والإحساس الذي خلقه الله في النفوس هو الأصل في كل حسن وقبح، وكل حمد وذم، فإنه لولا الإحساس الذي يعتدُّ به في حب حبيب وبغض بغيض لما وُجِدت حركة إرادية أصلاً تحرِّك شيئًا من الحيوان باختياره، ولما كان أمر ونهي وثواب وعقاب، فإن الثواب إنما هو بما تحبُّه النفوس وتتنعَّم به، والعقاب إنما هو ما تكره النفوس وتتعذَّب به، وذلك إنما يكون بعد الإحساس، فالإحساس والحب والبغض هو أصلُ ما يوجد في الدنيا والآخرة من أمور الحي، وبه حسن الأمر والنهي والوعد والوعيد، وذلك الأمر والنهي والوعد والوعيد هو تكميل للفطرة، وكل منهما عون على الآخر؛ فالشريعة تكميل للفطرة الطبيعية، والفطرة الطبيعية مبدأ وعون على الإيمان بالشرع والعمل به، والعبد من دان بالدِّين الذي يصلحه، فيكون من أهل العمل الصالح في الآخرة، والشقي مَن لم يتبع الدِّين ويعمل العمل الذي جاءت به الشريعة، فهذا هذا والله أعلم"[17].



[1]الرد على المنطقيين ص 429.

[2]المرجع السابق ص 430.

[3]النظرية الخلقية عند ابن تيمية، د. محمد بن عبدالله عفيفي ص 68.

[4]الرد على المنطقيين ص 430.

[5] النظرية الخلقية عند ابن تيمية ص 81.

[6]الرد على المنطقيين ص 323.

[7]مسألة فيما إذا كان في العبد محبة، لابن تيمية ص 452.

[8]فتاوى الرياض 7/539.

[9]الإيمان الكبير، لابن تيمية ص 43.

[10]فتاوى الرياض 15/428، 429.

[11]المرجع السابق 15/430.

[12]المرجع السابق.

[13]رسالة فيما إذا كان في العبد محبة، لابن تيمية ص 445.

[14]المرجع السابق ص 450.

[15]المذكور آنفًا عندما قال: "للهُ عزيزٌ، ولكن حبِّب إليَّ ففعلته".

[16]رواه البخاري في عدة مواضع؛ منها: رقم 4953، كتاب التفسير، سورة اقرأ.

[17]المرجع السابق ص 452.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نصوص لابن تيمية لم ترد في دراسة العقل
  • المصطلحات والتعريفات للألفاظ الواردة في دراسة العقل عند ابن تيمية (1)

مختارات من الشبكة

  • مفهوم العقل في اللغة والاصطلاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل والقلب أين موقع "العقل" من جسم الإنسان؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل المظلوم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مقتضيات تعظيم الوحي(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • صور من ذكاء وكمال عقل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية العقل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العلاقة بين القرآن والعقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل والشرع ( العقل والذكاء )(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العقل والشرع ( العقل والتأويل )(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب