• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    الحج: أسرار وثمرات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل بعض أذكار الصباح والمساء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    المال الحرام
    د. خالد النجار
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

التغير الذي نريد

أحمد بن محمود الداهن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/7/2009 ميلادي - 21/7/1430 هجري

الزيارات: 14729

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التغيير الذي نريد
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



إنَّ إحدى مهمَّات الرُّواد في الأمَّة، وهم الأكثر حساسيَّة تجاه المتطلِّبات المتجدِّدة للحياة المعاصرة: هي تغيير المجال الإدراكي لوعي المجتمع، بإعادة ترتيب الأولويَّات، وتصحيح التَّصوُّرات، والتَّذكير بالأمور المنسيَّة، وشحذ أذهان النَّاس تجاه القضايا المحوريَّة في حياة الأمَّة، أي: تربية الإنسان المؤمن بالتَّغيير، بهدف استئناف حياة إسلاميَّة بشتَّى الجوانب.

فالتَّفكر والتَّدبُّر والنَّظر إلى المستقبل هو الذي يغذِّي الحماسة للتَّغيير واتِّقاء سوء العاقبة، والتَّغيير دائمًا ينطوي على قدر من المشقَّة؛ ولكن حلاوة النَّصر على النَّفس ونشوة اجتياز العقبات تُنسي المرء طعم المعاناة، وهو ينتظر إضافةً إلى ذلك من الله حسنَ العاقبة.

والإنسان الذي يواجه مشكلة، ويعتقد أنَّ بإمكانه حلَّها هو إنسان يؤمن بالتَّغيير، والتَّغيير هو انتقال من حالة لا يرضى عنها إلى حالة يُؤمن بها، وهذا الانتقال يخضع لقانون (الهدف - الوسيلة - طاقة الإنسان).

وهذا القانون لا يعمل بطريقة سحريَّة خارقة غامضة الأسباب؛ بل يخضع لسنن واعتبارات كونيَّة؛ بل التَّغيير نفسه سنَّة من السُّنن، والسُّنن الكونيَّة تعمل عملها في نفوس البشر ومجتمعاتهم، وتُؤتي ثمارها لمن عمل بها، ووفَّاها حقَّها، والتزم بها كائنًا من كان، وليس من مهمَّة البشر خلق السنن؛ لأنَّهم لا يقدرون على ذلك، وإنَّما على البشر أن يكتشفوا هذه السنن، وأن يجتهدوا في البحث عنها؛ شوقًا إلى كشفها والاستفادة منها، وأن يشكروا الخالق المنعم بها.

فنحن عندما نعلم أنَّ مشاكلنا خاضعة لسنن يُمكن كشفها، يكون سلوكنا إيجابيًّا في الإقبال على العمل بجدٍّ؛ لأنَّنا واثقون أنَّ بإمكاننا حلَّها، كالمريض الذي يطلب من الطبيب أن يشخِّص له الأسباب التي هي وراء حالته، ومن ثمَّ يصف له العلاج المناسب.

والعقل الذي أنكر أو جهل السُّنن يبقى في حيرة، وإذا بدأ يعمل، يمكن أن يتركه في منتصف الطَّريق، ويمكن أن يصرفه عنه أي صارف تافه، ويسهل عليه ذلك؛ لأنَّه لا يشعر أنَّه ترك أمرًا يتوقف حلُّ المشكلة عليه، فهو لم يتعوَّد حلَّ المشاكل، وإنَّما يراها معلَّقة ومُزمنة، بينما العقل المتبصِّر الذي لم يعد يرى غموضًا في الأسباب، على مستوى المشكلة أيًّا كانت، إنما يدرك أنها تخضع لقانون ثابت وسبب واضح، يتَّسم سلوكه بالإيجابيَّة ويقبل على العمل بجدٍّ، ويزداد ثقة وطمأنينة كلَّما تعوَّد التَّعامل مع هذه السُّنن.

والنَّجاح في التَّغيير يعتمد على تحقيق أركان القانون النَّاظم له، كلٌّ بشروطه وَفْق توازن محكم، فإن نحن أغفلنا ذلك اختلَّ توازن القانون، وفقدنا من ثَمَّ الاتِّجاه، وضللنا الطَّريق.

الهدف:
إنَّ رسم أهداف محدَّدة هو أولى خطوات التَّغيير، فإذا استطاع المرء أن يحدِّد الهدف، فقد اجتاز نصف الطَّريق، وكلَّما كان الهدف واضحًا ثابتًا بيِّنًا، كانت الأقدام ثابتة والسَّعي حثيثًا، فوضوح الهدف سبيلُ التَّخلص من الدُّروب الجانبية.

وسلامة العقيدة سبيل وضوح الرُّؤية، وسبب البحث عن نظام الكون وسننه، فصاحب العقيدة والمبدأ يسترشد بعقيدته ومبادئه في صياغة أهدافه؛ حيث يتمُّ توصيف الهدف من خلال موقع هذا الهدف في منظومة الإنسان العقديَّة، فبالنِّسبة للمؤمن تكون مرجعيَّة التَّوجيه والتَّسيير - أي: تحديد الأهداف - في سياق التَّغيير الشَّرعيِّ لتَحقيق الغاية الشَّرعية - هي الوحيَ، وتحديد وتحرير مصدر التَّلقي ومرجعيَّة التَّوجيه هو قاعدة الانطلاق الأولى في مسيرة التَّغيير، وهو الذي يكفل انطلاق التَّغيير من الثَّوابت التي فيها مصالح الأمَّة الدُّنيويَّة والأخرويَّة.

الوسيلة:
الوسيلة هي الأداة التي تمكَّن الإنسان من الانتقال من الهدف إلى الغاية، وهي ثمرة التَّخطيط، فحين يبذل الإنسان جهده في تصوُّر الأوضاع والإمكانات الحاضرة من أجل وضع برامج واضحة؛ بغية الوصول للهدف، يكون قد ابتكر الوسائل، والوسائل هي الأخرى يجب أن تخضع للعقيدة، والمبادئ التي تخضع لها الأهداف.

وإنَّ من معوِّقات التَّغيير الأساسية فيما يتعلَّق بالوسيلة: ألاَّ يهتدي الإنسان إلى علاقة المتاح بالغاية المنشودة، بأن أهمل الوسيلة الموجودة وحطَّ من قيمتها، وكان لا يتمكَّن من الوسيلة التي يرى لها الفائدة والجدوى، فنتج لديه أن لا فائدة من العمل، فيدخل في إجازة مفتوحة.

إنَّ إدراك المسلم لهذه القضيَّة الجوهريَّة يجعله يُقْبل على ما بين يديه من وسيلة موجودة بكل جدٍّ وصبر واستمرار، دون أنْ يصرفه أحد عن غايته؛ لأنَّه يعرف: ماذا يعمل؟ وأين يؤدِّي عمله؟

ولكن لا بدَّ من التَّأكيد على أنَّ التَّعامل مع الوسائل والأساليب يجب أن يتمَّ على أنَّها غير مقصودة لذاتها، ومن ثم فإنَّ قيمتها من قدرتها على تحقيق الأهداف التي وُضعت من أجلها.

طاقة الإنسان ودوره في التغيير:
لقد علَّمنا القرآن أن تغيير الذََّات هو أساس كلِّ تغيير، وأنَّ تغيير السُّلوك والمواقف يمكن أن يؤدِّي للتغيير، حتَّى في أحوال الطََّبيعة، نلمس هذا في قوله - تعالى -: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 -12].

وفي قول الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] دلالة واضحة على أنَّ تغيير النَّاس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم سبب لتغيير الله ما بهم، وَفْقَ ما صارت إليه نُفُوسهم وأعمالهم، وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون؛ ولكن ما يقع عليهم يترتَّب على ما يكون منهم، ويجيء لاحقًا له في الزَّمان بالقياس إليهم.

فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنَّته أن تترتَّب مشيئة الله بالبشر على تصرُّف هؤلاء البشر، وأن تنفذ فيهم سنَّته؛ بناءً على تعرُّضهم لهذه السُّنة بسلوكهم.

فالتَّغيير الذي ينبغي أن يحدث أولاً هو التَّغيير الذي جعله الله مهمَّة القوم وواجبهم، والمراد بما بالأنفس يعني: الأفكار، والمفاهيم، والظُّنون، في مجالي الشُّعور واللاشعور.

ومن المفارقات أنَّنا نتطَّلع لتغيير الواقع بشوق دون أن يخطر في بالنا أنَّ ذلك لن يتمَّ إلاَّ إذا حدث التَّغيير بما بالأنفس، هذا ونحن مطمئنون إلى ما بأنفسنا، ولا نشعر أنَّ ما فيها هو الذي يعطي حقَّ البقاء لهذا الواقع الذي نريده أن يزول، ونحن نشعر بثقلِ وطأته علينا؛ ولكن لا نشعر بمقدار ما يُسهمه ما في أنفسنا؛ لدوامه واستمراره.

وهذه الصِّفة التي يثبتها الله - تعالى - للنَّفس، من إمكانية أن يغيِّر النَّاس ما بهذه النُّفوس - هي من صنع الله ومن إلهامه، وتتولد من الأفكار التي يضعها البشر بالنَّفس، صفات تتعلَّق بالقوم، وهذه الصِّفات أيضًا من خلق الله - تعالى - كالغنى والفقر والعزَّة والذلَّة... فالله جعل للإنسان سلطانًا على تغيير ما بالنَّفس، الذي هو مجال جهد الإنسان.

وفي الآية إشارة إلى أنه ليتحقَّق التَّغيير لا بدَّ من تغييرين: تغيير القوم، وتغيير الله، لا بدَّ من توفرهما معًا، وملاحظة الارتباط بين التَّغييرين، وتمكُّن الإنسان من استخدام سنن التَّغيير، يعطي للإنسان سيطرة على سنَّة التَّاريخ، وسيطرةً على صنعه وتوجيهه.

كما لا بدَّ من أسبقيَّة التَّغيير الذي يحدثه القوم؛ لأنَّ بين هذين التَّغييرين ترابطًا، فإذا وقع التَّغيير الذي يخلقه الله، دلََّ ذلك قطعًا على أن التَّغيير الذي يقوم به القوم قد سبق أن حدث؛ لأنَّ الله - تعالى - اشترط هذه الأسبقيَّة،   كما أنَّه إذا تحقَّق التَّغيير الذي يقوم به القوم، فإنَّ التَّغيير الذي يخلقه الله سيتمُّ على أساس وعد الله - تعالى - الذي لا يخلف الميعاد وسنَّته التي لن تجد لها تحويلاً.

وهذا التَّعهد إنما هو في مجال القوم - أي: الجماعة أو المجتمع - لا في مجال الفرد، وفي مجال الدُّنيا لا في مجال الآخرة، كما أنَّه لا يلزم أن يحدث التَّغيير للفرد الواحد إن غيَّر ما بنفسه، وإن كان يُمكن أن يحدث ذلك في بعض الأمور الخاصَّة، مثل: السُّلوك الفردي، وعلى كلٍّ فإن هذه السُّنَّة هي سنَّة اجتماعية لا فردية، هذا يعني أنَّ هناك حدًّا أدنى من حيث الكم، يجب أن يتغيَّر بالمجتمع؛ ليتحقَّق من ثَمَّ الوعد، وعندها حتَّى ينال الفرد نصيبه من هذا التَّغيير.

وهذا يقودنا إلى ضرورة من ضرورات الرُّؤية الإسلامية في المجتمع المسلم بأنَّ مهمَّة الفرد المسلم لا تقتصر في هذه الحياة على تغيير أحواله، وإنَّما تتعداها إلى ضرورة تغيير أمَّته، وإصلاح أحوال مجتمعه عن طريق الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وبذل النُّصح للمسلمين، وتطهير الحياة الاجتماعية من الشَّرِّ والفساد، وقد أثنى الله - تعالى - على هذه الأمة بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].

وفي "صحيح البخاري" من حديث ‏ ‏النُّعمان بن بشير - ‏‏رضي الله عنهما - عن النَّبي - ‏ ‏صلَّى الله عليه وسلَّم -‏ ‏قال: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، نَجَوْا ونجوا جميعًا))‏.

وفي السُّنن من حديث قيس بن حازم قال: قام أبو بكر - رضي اللَّه عنه - فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثمَّ قال: يا أيُّها النَّاس، إنَّكم تقرؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، وإنَّا سمعنا رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ النَّاس إذا رأوا المنكر لا يغيِّرونه، أوشك أن يعمَّهم اللَّه بعقابه))؛ رواه أصحاب السنن إلا النسائي، واللفظ لابن ماجه.

وسئل حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - عن ميت الأحياء، فقال: "الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه".

ويقودنا هذا بدوره إلى حيثيَّة أكثر عمقًا، وهي أنَّ وعي المجتمع قائم على عمليَّة توازن دقيقة، وكل فرد فيه له ثقله في هذه العمليَّة، بشكل يشبه إلى حدٍّ بعيد توازن الطَّائرة الشِّراعية في الجوِّ، فلولا أنَّ كلاًّ من مكوِّناتها محسوب بدقَّة، من حيث وزنُه وموضعه لاختلَّ توازنها، سوى أنَّ المجتمعَ ذاته هو الذي يقوم بتنظيم وعيه، من خلال اعتبار كلِّ فرد مسؤولاً، على قدر ما أوتي من إمكانات ومواهب.

وبكلام آخر:
على المسلم أن يجدَّ في نقل الإمكانات والمواهب والملكات التي أوتيها من حيِّز الطَّاقة والاستعداد إلى حيِّز التَّطبيق والواقع، على قاعدة أنَّ الإنسان سيُسأل يوم القيامة -فيما يسأل - عن عمره فيم أفناه؟ ولا بدَّ لذلك من الوعي بالذَّات عن طريق معرفة إمكاناتنا الخاصَّة، والوقوف على إمكاناتنا الكامنة، وحقيقة المشكلات التي نعانيها، والمصاعب التي تواجهنا، والبحث عن طرق جديدة لاكتساب المعرفة واستخدامها، وتوفير الوقت والمال لذلك.

وعلى الجانب النَّفسي والخُلقي لا بدَّ من إزالة ما تراكم على النَّفس من الصَّدأ والرَّين، وتحريرها من الآصار والأغلال التي طرأت عليها؛ للوصول إلى الإشراق الرُّوحي وصفاء القلب والأنس بالله، والمعاني التي ينبغي أن تحتلَّ مكانًا متميزًا جدًّا في شخصيَّة المسلم، والنُّبل والتَّسامي الخلُقي، والسَّيطرة على النَّزوات وإيثار الآخرين، وإنَّ مما يساعدنا في تحقيق ذلك أمورًا؛ منها: إخلاص النية لله - تعالى - والتَّقرب إليه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، والرِّضا بما يقضيه الله - تعالى - والشُّكر على آلائه، والصَّبر على ابتلاءاته، وما يليها من الرَّجاء والخوف من الله، والتَّوكُّل عليه، والإنابة إليه.

ولنكن على يقين من أنَّ ما هو كامن في نفوس البشر من طاقات هو أعظم بكثير من كلِّ الإنجازات التي تحققت؛ لكن تلك الطَّاقات تحتاج إلى تجسيد من خلال الوعي والإرادة، والتَّوظيف والبرمجة الذَّاتية، ومقاومة الأهواء والرَّغبات.

فليحاول الواحد منَّا أن يكون قدوة في جانب من شخصيته ومسيرة حياته، إن شقَّ عليه أن يكون قدوة في جميع شأنه - ولاشكَّ أنَّ ذلك ليس سهلاً ولا متاحًا لمعظم البشر - فأمَّة الإسلام بحاجة ماسَّة إلى مثل هؤلاء ينيرون طريقها، وممَّا يعين في ذلك الاهتمام بالتَّحسينات البالغة الصِّغر والمتتابعة المتراكمة، فهي توصل إلى نتائج عظيمة غير متوقعة.

أو يحاول أن ينهمك في مشروعٍ جزئي مع من يثق بدينه وإخلاصه، وليوجهوا كل طاقاتهم بعد ذلك إلى هذا المشروع مهما كان صغيرًا في المعيار النِّسبي.

فالسرُّ البديع في هذه الآية الكريمة أنها لم تهمل أحدًا في سياق مشروع التَّغيير، ولم تستثنِ أحدًا من مسؤولية التَّغيير، فالكلُّ له حقُّ تلقِّي التَّوجيه، والكلُّ عليه مسؤولية الاستجابة، بحسب ما هو فيه من موقع ومقدرة وتوفيق من الله تعالى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ركائز التغيير الذاتي
  • مسارات التغيير الذاتي
  • فقد الهوية وأثره على السلوك
  • من صور التغيير التربوي في الإسلام
  • من أين نبدأ؟
  • إرادة التغير

مختارات من الشبكة

  • صـلاة الكسوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التغير الدلالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التغير من منظور أدبي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التغير في المفاهيم التربوية: التعليم مدى الحياة أم التعليم من أجل المساهمة في وظيفية الحياة؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قانون التغير(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قاعدة لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان (دراسة تأصيلية تطبيقية)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تغير الفتوى بتغير الأعراف والعادات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • توطيد الأسلمة في أوساط معلمنة .. التغير مسار العقل(مقالة - موقع د. محمد بريش)

 


تعليقات الزوار
5- مقال جميل
شركة اليمامة - السعودية - مشروع الدرعية 05-08-2009 09:35 AM

مقال جميل وشجره كبيره ثمارها النفع إن شاء الله

ادام قلمك الذهبي براقاً وحاضراً

4- مقال أكثر من رائع
د. سمير الوتار - السعودية 15-07-2009 03:59 PM

لا فض قلمك، وجزاك الله خيراً، ونتمنى أن تنتشر مفردات التغيير الفعال بين الشباب لتصبح حقيقة في المستقبل.

3- رجو الاستزاده
Ahmad Hamwi - Saudi Arabia 15-07-2009 12:46 PM

الاخ أحمد

السلام عليكم

أرجو لك التوفيق والمزيد من المقالات السديدة .
وجزاك الله خير والاستاذ جودت سعيد ألف خير .

2- مقال جميل ورائع
مع التغير نحو الأفضل - السعودية 14-07-2009 08:47 PM

لا شك بأن كل فرد لديه قدرات كامنة ولكن قليلون من يمتلكون الارادة القوية والعزم الصادق للتغير جعلنا الله أصحاب همم وارادات صادقة نسعى بها الى الافضل دائما مقالك جميل يا أبا محمود وأطلب منك الاستمرار وفقك الله لكل خير وسدد خطاك .

1- كلام جميل
محمد عبد الحميد خطاب 14-07-2009 04:14 PM

كلام جميل وكلام معقول ما اقدرش أقول حاجه عنه ولكن ياريت نطبقه

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/11/1446هـ - الساعة: 15:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب