• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الباب الوسطاني وما حوله

الباب الوسطاني وما حوله
أ. د. عماد عبدالسلام رؤوف


تاريخ الإضافة: 15/9/2012 ميلادي - 28/10/1433 هجري

الزيارات: 17676

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الباب الوسطاني وما حوله


أسوار بغداد وأبوابها الأولى:

لابد للباحث في تطور المداخل المحصنة لمدينة بغداد أن يجعل من أسوار مدينة السلام، ونعني بها مدينة المنصور تحديداً، منطلقاً له، فهذه المدينة التي أسسها الخليفة المنصور في منتصف القرن الثاني للهجرة، كانت تمثل، فيما يظهر، خلاصة خبرات العرب في مجال بناء المدن في عهود قبل الإسلام، وما بعده، إضافة إلى خبراتهم المستمدة من واقع ما شاهدوه من مدن حصينة أخرى قُدِّر لهم فتحها. وفي الواقع فإن هذه المدينة وتحصيناتها، ظلت تمثل أنموذجًا حياً للعمارة العباسية في بغداد إبان القرون التالية، ويعود سبب ذلك في تقديرنا إلى أن طبيعة البيئة فرضت استخدام مواد متماثلة تقريباً، كما أن الموقع نفسه فرض أنواعا متشابهة من الحلول لمشكلة الدفاع عن الذات على رغم تعاقب العصور.


أسس المنصور مدينة السلام في الجانب الغربي من بغداد الحالية، في منطقة العطيفية تقريباً، عند قرية ترقى إلى عهود سحيقة عرفت باسم بغداد، وأحاطها بسورين، يحاذي أولهما (من الخارج) مسناة وخندق، ويبلغ عرض السور من أسفل 50 ذراعاً[1] (والرقم مبالغ فيه إلاّ إذا أضيف إليه عرض الخندق)، ومن أعلاه 20 ذراعاً، وقدر ارتفاعه بين 24و28 ذراعاً، وللسور دُعامات تزيده قوة. وله أربعة أبواب كبيرة متعامدة، متناظرة، ينفذ كل منها على نحو منحرف (زاوية قائمة) إلى دهليز طوله ثلاثون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً، وكل هذا الانحراف، أو الازورار يقصد به إمكان السيطرة على المداخل من قبل المدافعين، أو الحيلولة دون استخدام المهاجمين ألآت لغرض كسر الأبواب، وهو اسلوب شاع استخدامه فيما بعد في المنشآت العربية وغيرها، والراجح أن العرب كانوا أول من ابتكره.

وثم سور داخلي ينفذ إليه هذا الدهليز، سمي بالسور الأعظم، وهو أكثر ارتفاعاً من سابقه، وقد اختلف المؤرخون في ارتفاعه والراجح أنه 35 ذراعاً، وكان ثمة 28 برجاً حصيناً، كل منها على هيأة نصف اسطوانة، بين كل باب وآخر من أبواب المدنية الأربعة: باب خراسان وباب الشام وباب الكوفة وباب البصرة، فيما عدا ما بين بابي البصرة والكوفة، فقد كان بينهما، بسبب غير معلوم لنا، 29 برجاً، وتقدر المسافة بين كل برج وآخر بنحو 136 ذراعاً. وبين السورين الأول والأعظم، فضاء (فصيل) يمكن استخدامه لأغراض الدفاع. وينفذ من كل باب إلى دهليز آخر طوله 20 ذراعاً، وعرضه 12 ذراعاً، في آخره رحبة مربعة طول ضلعها 20 ذراعاً، تعلوها قبة عالية، ويتصل بضلعي الرحبة الجانبيتين بابان، أما الباب الرئيس فيفضي إلى رحبة المدينة نفسها[2]. ويشبه هذا الأسلوب في بناء المداخل المحصنة ما وجد في حصن الاخيضر، فثم مدخل يؤدي إلى رحبة، وعلى جانبيها حجرتان مستطيلتان للحرس، وتفضي الرحبة إلى دهليز (بطول 13متراً)، ومنه إلى الرحبة تعلوها قبة، تخرج منها ثلاثة عقود، الشرقي والغربي يؤديان إلى مجاز كبير سقفه قبو، والجنوبي يفضي إلى البهو، إلاّ أن مدخل الأخيضر يتميز بأن له باب حديدي ينزلق رأسياً ويرفع بواسطة الحبال[3]، بينما لم نعلم أن لمداخل مدينة السلام مثل هذا النوع من الأبواب.


اقتضت الضرورات الدفاعية، فضلاً عن مقتضيات التوسع المديني، تأسيس مدن أخرى، بعضها في جوار المدينة المدورة، وبعضها على مبعدة منها، حملت جميعاً، رسمياً، اسم مدينة السلام، وعرفت على المستويات الأخرى باسم بغداد، تلك القرية الصغيرة الواقعة إلى الجنوب من مدينة المنصور.

وكانت أولى تلك المدن، الرصافة، التي أسسها المهدي العباسي بأمر من أبيه المنصور في الجانب الشرقي من دجلة، إزاء المدينة المدورة، وتحتل أرضها حالياً محلات الاعظمية، بامتداد جنوبي لا يتجاوز محلة رأس الحواش. ومن المؤسف أن المؤرخين سكتوا عن أوصاف أسوار هذه المدينة الجديدة، وأبوابها، والذي نرجحه أنهم ما فعلوا ذلك إلاّ لأنهم لم يجدوا فيها ما يختلف عن المدينة السابقة بشيء، ومعنى هذا إن تحصينات الرصافة، بخندقها، وأسوارها، وأبوابها، حذت حذو النموذج الأول الذي وصفناه، فلم يجرِ فيه من التغيير ما استدعى لفت انتباه المؤرخين، وهم الذين يسجلون عادة ما يلفت انتباههم، لا كل ما هو موجود فعلاً. وفي الواقع فان المتغير الوحيد في هذه المرحلة هو ما فرضه الموقع الجديد، فالرصافة، كانت -خلافاً لمدينة السلام- تقع على شاطئ دجلة مباشرة، وهذا يعني أن سورها الشاطئي كان يستند إلى مسناة ضخمة عالية تختلف عن المُسَنيات التي تقع عند الخنادق الصناعية، ولكن أحداً لم يزد هذه الناحية تفصيلاً.

وكان توسع السكن في بغداد جنوباً، لا سيما في جانبها الشرقي، قد فرض على الخلفاء التالين تشييد أسوار جديدة تحمي التجمعات السكنية الآخذة بالنمو المطرد، حتى باتت تؤلف مدناً بذاتها، وان لم تسمى بذلك. ففي سنة 251هـ/ 865م أنشأ الخليفة المستعين بالله سورين ضمّا معظم التجمعات السكنية في الجانبين الشرقي والغربي في عهده، فكان السور الأول يضم محلات الشماسية والرصافة والمُخَّرم، وهذا يعني أن السور بلغ من الطول ما يحيط بمنطقة تمتد من أعلى الصليخ إلى الصرافية والعلوازية حالياً، أما في الجانب الغربي فقد أحاط السور المستعين بجميع المحلات التي نشأت حوالي المدينة المدورة وهي تمتد اليوم فقد أحاط سور المستعين بجميع المحلات التي نشأت حوالي المدينة المدورة، وهي تمتد اليوم من انعطاف دجلة بأعلى العطيفية شمالاً، وحتى جامع قُمرية في الكرخ جنوباً. وتمدنا مصادر ذلك العصر بأسماء عدد من الأبواب التي كانت على هذين السورين، إلا أنها تسكت عن وصف تلك الأبواب وتحصيناتها الدفاعية، والراجح عندنا أن طول هذه الأسوار، وكثرة أبوابها، إزاء السرعة التي أنجز بها بناؤها، ثم اندثارها السريع نسبياً، يدل على أنها لم تكن بالمستوى الذي لاحظناه من إتقان البناء، وضخامة الأُسس، وروعة التصميم. والراجح أنها لم تخرج في تصميمها العام، وهيئتها، عن الأنموذج العباسي الأول الذي تجلى في مدينة المنصور قبل قرن واحد من تاريخ إنشائها، إلا أنه لا يستبعد ظهور تطورات محددة في تصميم البوابات، دليلنا إلى ذلك أن أسوار المستعين كانت تفصل بين مساحات مسكونة سكناً طبيعياً، أو فضاءات لم تسكن بعد، فهي تالية لها، بينما كانت أسوار المدينة المدورة جزءاً أساسياً من المدينة نفسها، أنشأت معها، وعدت جزءاً هاماً من تكوينها العماري، فلا نتوقع أبواب سور المستعين إلا أن تكون جزءاً ظاهراً في السور، كهيئة برج مربع أو مستدير، تعلوه قبة الباب. ولنا أن نلاحظ إن هذا التصميم هو الذي سيجري اتخاذه، وإن بأشكال مختلفة، في المرحلة التالية. ويفهم مما ساقه المؤرخون انه كان لبعض هذه الأبواب شدّاخات بعرض الطريق، فيها العوارض والألواح والمسامير الطوال الظاهرة، ولبعضها الآخر باب معلق بمقدار الباب ثخين، قد أُلبِسَ بصفائح الحديد، وشد بالحبال كي إن وافى أحد ذلك الباب أرسل عليه الباب المُعلق، وقتل من تحته، وجعل على الباب عرّادة، وعلى الباب الخارج خمسة مجانيق كبار وانه جعل لكل باب دهليزاً بسقائف تسعمائة، فارس ومائة رجل"[4]وواضح أن اتخاذ سقائف على كل دهليز، يدل على أن هذا الدهليز كان مكشوفاً، وهو بهذا يشبه أن يكون ممراً محصناً بجدارين عاليين، ربما زوِّدا بفتحات لغرض رمي السهام، ومواد أخرى، وسنرى أن هذا التصميم للمداخل سيجد تطبيقاً في القناطر المكشوفة التي لبعض أبواب سور بغداد الشرقية، ومنها باب الظفرية (الباب الوسطاني).

أسوار بغداد الشرقية وأبوابها:

إن ظاهرة تسوير الأحياء والمحلات في بغداد، كانت ملازمة لحالات الفوضى التي تتعرض إليها بين حين وآخر، ومن الطبيعي أن تكون المحلات التي تنشأ فيها قصور الفئة العليا في المجتمع، أو مؤسسات الدولة الرئيسية، أكثر مدعاة للتسوير والتحصين. وكان قصر اتخذه المأمون متنزهاً له على شاطئ دجلة، في جنوب المُخرم، قد أصبح بمرور الوقت المقر الرسمي للخلفاء المتأخرين، ثم عُرف بقصر التاج نسبة لهيئة أواوينه التي يقف بعضها فوق بعض كهيئة التاج (ويقدر موقعه اليوم في منتصف شارع النهر على دجلة)، وسرعان ما أنشأ الخلفاء والأمراء وأفراد من البيت العباسي قصورهم حوله، واقتضى وجود الخليفة وكبار موظفيه في هذا المكان أن تنقل مؤسسات الدولة المهمة إليه كالوزارة والمخزن وبيت المال وغيرها، فأصبحت هذه المنطقة -التي عرفت بدار الخلافة- مركز ثقل الدولة كلها، وفيه تجمعت ثروات الخلفاء الشخصية وثروة الدولة على حدٍ سواء، فاقتضى الأمر تسويرها بسور عالٍ حماية لها من أي احتمال طارئ، بينما تجمعت حوالي هذا السور محلات ناشئة، كانت يوماً بساتين وحقول، ضمت التجمعات التجارية والسكنية، وتخللتها دروب وأسواق وطرقات، وهكذا نما السكن في الجانب الشرقي مما كوَّن، إبان القرنين الخامس والسادس للهجرة، محلات كثيفة متكاملة الوظائف، حتى وصفت كل محلة منها -على حد تعبير ياقوت- بأنها تقرب أن تكون مدينة كاملة[5]. ومن الثابت انه كانت بين دار الخلافة وما حولها أبواب محصنة تفتح يومياً لمختلف الأغراض، وتغلق ليلاً، ومن المؤسف أننا لا نملك وصفاً دقيقاً لأي منها، إلا أننا نستطيع من تحديد وظائف كل باب منها أن نتصور تصوراً عاماً، شكلها. فباب الغَرَبة، وهو أول أبواب دار الخلافة من أعلاها (شريعة شارع أسامة ابن زيد) وصف بأنه شاهق البناء، وباب بدر (ساحة مرجان) كان في أعلاه منظرة (مجلس في شرفة عالية)، وكان لباب العامة أبواب من حديد ضخمة، وباب البستان كان عليه، هو أيضاً، منظرة تطل على البساتين المجاورة. إن هذه الأوصاف، على قلتها، تذكرنا ببعض ما كانت عليه أبواب مدينة السلام، حيث لكل باب من أبواب المدينة التي على السور الأعظم قبة معقودة عظيمة مذهبة وحولها مجالس ومترفقات يجلس فيها فيشرف على كل ما يعمل به، وأما أبواب الحديد، فتذكرنا بما نقله المنصور إلى مداخل مدينة من أبواب من النوع نفسه، وبما أنه لم يكن ثم فصائل، لعدم وجود غير سور واحد، فمن المعقول أن أبواب دار الخلافة كانت تقوم على هيئة أبراج اسطوانة عالية منفردة، داخلها سلالم يصعد منها إلى شرفاتها التي في أعلاها، وترتكز هذه الأبواب، من جانبها، على جدار السور نفسه.

ونتيجة لكثافة السكن حوالي دار الخلافة، ورغبةً في إحاطة دار الخلافة بسور خارجي آخر، فقد بوشر في مستهل حكم الخليفة المستظهر بالله 487-512هـ/ 1094- 1118م بإنشاء آخر أسوار بغداد، ليحيط بجميع المحلات الناشئة حوالي دار الخلافة، كان الشروع في إنشاء هذا السور في سنة 488هـ / 1095م، واستمر العمل في عهد المستظهر، ولم يمكن انجاز العمل كله في عهده، لضخامة السور، وطوله، وتعدد أبوابه، وأبراجه، فتواصل بناؤه في عهد خلافة المسترشد بالله 512- 529هـ / 1118- 1135م، ثم أنشأت مسناة حول خندقه في عهد الخلفاء التالين، أسوة بما عرفته أسوار مدينة السلام، والرصافة في العهود السابقة.

وكان للسور عدد من الأبراج اختلف المؤرخون في تقديرها، فهي بين 114برجاً و150 أو 163برجاً، ونعتقد أن سبب هذا الاختلاف يكمن في أن السور لم يتخذ شكل مستقيم منتظم، وإنما كانت فيه بروزات في أماكن معينة، وقد عدها بعضهم أبراجاً بينما لم يفعل آخرون ذلك. وقدروا طول هذا السور في القرن الثامن عشر بـ12400أو 12200ذراعاً ثم قدر -على نحو أدق- في القرن التاسع عشر بـ(10600ياردة = 9692متراً)[6].


وقد وصف ابن الجوزي هذا السور فقال:خرج الوزير عميد الدولة أبو منصور محمد ابن جهير في سنة ثمانٍ وثمانين وأربعمائة فخَطّ السور على الحريم وقلده (كذا والصحيح: قدّره)، وتقدّم (أي أمر) بجبايات المال الذي يحتاج إليه من عقارات الناس ودورهم، وأذن للعوام في الفرجة والعمل، فحمل أهل المحال السلاح وجاءوا بالأعلام والبوقات والطبول ومعهم المعاول والسلات وأنواع الملاهي، فعملَ أهل باب المراتب فيلاً من البواري المُقيَّرة، وتحته قوم يسيرون به، وعملوا زرافة كذلك. وأتى أهل (محلة) قصر عيسى بسميرية (وهي ضرب من السفن) كبيرة وفيها ملاحون يجدفون، وهي تجري على هاذور (بمعنى: أهزوجة) قد عملوه، وأتى أهل سوق يحيى بناعورة تدور معهم في الأسواق، وعمل أهل سوق المدرسة قلعة خشب تسير على عجل وفيها الغلمان يضربون بقسي البندق، وأخرج قوم عنزاً على عجل وفيها حائك، والخبازون جاءوا بتنور وتحت ما يسيره، والخباز يخبز ويرمي إلى الناس. وكان بناء السور مائة قامة (أي طول ما بني منه في عهد هذا الخليفة)، فلم يزل كذلك (أي أن البناء توقف عند هذا الحد) حتى عزم المسترشد على بنائه في سنة سبع عشرة وخمسمائة، فتقدم بجباية العقار الذي للناس فحصل منه مال كثير، فضج الناس (أي اعترضوا) فأعيد عليهم، وأنفق عليه من ماله، وأذن للناس في الخروج للفرجة والبناء فخرجوا على تلك القاعدة، فكان كل أسبوع يعمل أهل محلة، وجعل للسور أربعة أبواب، وعرضه اثنان وعشرون ذراعاً، ثم أن دجلة زادت زيادة عظيمة في سنة أربع وخمسين (وخمسمائة) في خلافة المقتفي لأمر الله، وانفتح القورج (وهو نهر كان شمالي بغداد) وأحاط الماء بالسور، وانثلمت منه ثلم عجزوا عن سدها، فاتسعت فتهدم معظم محال بغداد، فتقدم المقتفي بعمل مسناة حول السور فعمل بعضها وتوفي، وولي المستنجد فعملوا منها قطعة وتوفي، وولي المستضيء فعمل بمقدار ما عمل في زمن الخليفتين[7]. قلنا: وقد جدد الخليفة الناصر لدين الله هذا السور وشيد باب الظفرية وباب الحلبة على ما سنذكر فيما يأتي.

يتضح من هذا النص ما يأتي:

1-إن السور الذي يتحدث عنه هو سور بغداد الشرقية. ومن ثم فلا يمكن أن تحمل عبارته "فخط السور على الحريم" على محمل انه يعني حريم دار الخلافة، وهو سور داخلي يفصل بين دار الخلافة وسائر محلات بغداد.


2- إن عمل السور استغرق مدة خلافة سبعة خلفاء عباسيين، هم على التوالي:

أ-احمد المستظهر بالله بين المقتدي (487- 512هـ/1075- 1094م).


ب-الفضل المسترشد بالله ابن المستظهر (512- 529هـ / 1118- 1135م).

جـ-منصور الراشد ابن المسترشد (529-530هـ/1135- 1136م).


د-محمد المقتفي لأمر الله ابن المستظهر (530- 555هـ/1136- 1160م).

هـ-يوسف المستنجد بالله ابن المقتفي (555- 566هـ/1160- 1170م).


و- احمد الناصر لدين الله ابن المستضيء (575- 622هـ / 1180- 1225م).


3-إن عدد السنين التي استغرقتها أعمال البناء بلغت نحو 134 سنة، تتخللها مدد توقف العمل فيها.

4- إن وضع أعمال بناء السور تحت إشراف الوزير، وهو بمعنى رئيس الوزراء في الوقت الحاضر، يدل على أن فكرته وبناءه، وتزيينه، جرى من قبل مسؤولين، عالي الخبرة في مثل هذه المجالات، يرتبطون بالخليفة مباشرة، وهو ما يماثل عمل الدوائر الهندسية المرتبطة برئاسة الدولة في العصر الحاضر.

5-إن العمل في بناء السور كان تطوعياً بحثاً اضطلع به أهل المحلات بغداد، ولذا فقد كان العمل يجري وسط احتفالات شعبية حافلة.


6-إن عرض السور بلغ 22 ذراعاً، أي 11 متراً، وواضح انه قصد به عرض قاعدته، وبضمنها الخندق وهو رقم يقل-على أي حال- عن عرض أسوار مدينة المنصور المدورة، بيد أن لنا أن نلاحظ إن مواد بنائه كانت جميعاً من الآجر والجص، بينما كان الآجر المصنوع من اللبن غير المشوي يدخل في أسوار المنصور.

7-إن للسور خندق حُفر معه، إلاّ أن هذا الخندق كان خلواً من مسناة تدعم السور وتحميه من مياه الخندق وما يتدفق إليه من مياه أخرى بسبب ارتفاع مناسيب دجلة، مما أدى إلى إلحاق الضرر ببعض أجزاء السور في فيضان سنة 554هـ، وقد أضيفت مسناة له في نهاية عهد المقتفي، بعد أكثر من ستين عاماً، والفارق بيوالتي سبقتها أنها أنشأت بعد حفر الخندق بمدة، بينما كانت تلك المسنيات جزءاً من السور نفسه، تنشأ مع إنشائه، وهذا يعني أن إضافات مستحدثة كانت قد زيدت على كل باب من أبواب السور لتناسب المسناة المستجدة، ولكن هذه الإضافات ما كانت لتغير من التصميم العام للأبواب بسبب أن الأخيرة كانت قد شيدت على خندق حفر كنوع من الدفاعات المستضافة إليه، ومن ثم فإنها جزء من ذلك التصميم.

8-لا يوضح النص الجزء الذي شيده المسترشد (وهو أقدم الأجزاء بناءاً) من السور، وإنما يكتفى بالقول انه بلغ مائة قامة، أي 200 متراً تقريباً (القامة هي الباع= 199,5 سنتمتراً) ويصعب التكهن بموقع هذا الجزء، والذي نتصوره انه كان القسم الأعلى (الشمالي) من السور، ابتداءاً من ضفة نهر دجلة قرب مبنى وزارة الدفاع حالياً وحتى باب السلطان (باب المعظم) أو ما بعده بقليل. يدلنا على ذلك أن الباب السلطان هو أول الأبواب ذكراً في مصادر العصر، وان معظم التجمعات السكنية عنده، بينما كان السكن في الأجزاء الجنوبية في ذلك العهد غير كثيف، حيث تكثر البساتين والمزارع هناك.


أبواب السور:

وكان للسور أربع أبواب، فالباب الشمالي سمي بباب السلطان (وقد عرف فيما بعد بباب المعظم، وموقعه في وسط شارع الرشيد إزاء جامع الازبك اليوم)، ويوجد بينه وبين شاطئ دجلة الأعلى 12 برجاً، والباب الثاني عرف بباب الظفرية (وهو الذي سمي في العهود المتأخرة بالباب الوسطاني، وسيأتي الكلام عليه) يوجد بينه وبين الباب الأول 24 برجاً، والباب الثالث هو باب الحلبة، سمي بذلك لوجود حلبة للسباق هناك قبل إنشاء السور (وعرف بباب الطلسم، وقد أزيل في الحرب العالمية الأولى، ويقع بقرب طريق محمد بن القاسم السريع)، وبينه وبين الباب الوسطاني 26 برجاً، والباب الرابع، وهو الأخير، باب البصلية، أو باب كلواذى (وهو الباب الشرقي، وكان يقع في مدخل شارع الخلفاء، وبين باب الحلبة 36 برجاً، وبينه وبين شاطئ دجلة 4 أبراج، وكان يسلك منه إلى قرية كلواذى الواقعة عند ساحة الحرية حالياً)[8].


وقد لبثت هذه الأبواب شاخصة حتى ما بعد نقض السور نفسه في عهد والي بغداد مدحت باشا سنة 1870، ثم أزيل تدريجياً حتى لم يبق منها في الوقت الحاضر إلا باب الظفرية (الباب الوسطاني). ففي 11 آذار سنة 1917 نسف الجنود العثمانيون المنسحبون من بغداد باب الحلبة (باب الطلسم) بسبب خشيتهم من أن يقع ما خزنوه فيه من بارود بيد القوات البريطانية المتقدمة لاحتلال المدينة، وفي عشرينات هذا القرن جرى نقض باب السلطان (باب المعظم) وفي أيار 1937م هدمت أمانة العاصمة باب كلوااذى(الباب الشرقي) تماشياً مع نزعة التحديث على ما فهمها المسؤلون عن خدمات بغداد عهد ذاك، فلم يبق من هذه الأبواب التاريخية غير صور فوتوغرافية التقطت لها من قبل مصورون هواة وسياح، وذلك قبل أن تجري لها أي دراسة أثرية أو معمارية، ففقدت بذلك بغداد أكثر معالمها جمالاً وأهمية تكشف دراسة الصور والرسوم الخاصة بأبواب بغداد عن أنها مثلت عدداً من أنواع التحصينات الدفاعية للمداخل، ومع أنها بنيت جميعاً بمواد متماثلة هي الآجر الكبير، والجص، والنورة، فان كل باب منها يختلف عن الأخر من حيث التصميم اختلافاً ملفتاً للنظر، فباب الحلبة (باب الطلسم) الذي شيده الخليفة الناصر لدين الله كما دلت كتابة كانت تزين مدخله، سنة 618هـ/ 1221م، يتمثل بكونه برجاً اسطوانياً ضخماً، له بابان، الأول ينفذ إلى خارج السور، وله قنطرة طويلة بموازاة الخندق، وملتصقة بحافته الخارجية، والأخر ينفذ منه إلى داخل المدينة، وهو مشابه تماماً للباب الوسطاني[9]باستثناء الحلي البنائية التي تعلو بابه الداخلي (ومنها اكتسب اسمه في العهود المتأخرة، إلى ما اعتقد انه طلسم يزين أعلاه)[10]. وكان ثمة برج يقع قريباً منه، عرف ببرج العجمي، دخل منه المغول بغداد محتلين في شتاء سنة 656هـ/ 1258م، وربما كان وصف المؤرخين لبرج العجمي بالضعف يعود، في جانب منه، إلى تصميمه البسيط، وعدم وجود ما يدعمه من تحصينات ساندة، فما كان منه إلا أن انهار على يد الغزاة.


أما باب السلطان (باب المعظم) فالصور التي وصلتنا له، تدل على انه اتخذ شكل حصن صغير، مستطيل الشكل، يتوسطه باب له عقد بشكل نصف دائرة، وفوق الباب من خارجه شرفة صغيرة للدفاع عنه، وفي جانبيه حجرتان أو حجرات للحرس، ويتقدم الباب من الجانبين، ويتصل به، برجان عاليان، لهما مزاغل لرمي السهام ونحوها[11]. ويصفه بعض من عاصره بأنه بشكل إيوان طويل مفتوح الجهتين، ذو أربع أطواق، بين هذين عضادات نصف كروية، لا يشبه الأبواب الأخرى[12].ويذكر عبد الحميد عبادة أن تحت مبني هذا الباب سرداب مظلم كبير على قدر مساحة الباب المذكور، كانت توجد في قعره ثلاثة قبور مبنية بالآجر والجص[13]، ومن الصعب تفسير وجود هذا السرداب الكبير تحت مبنى الباب مباشرة إلا أن يكون مخزناً للسلاح ونحوه، ويلاحظ خلو الباب الوسطاني من سرداب مثله. هذا بينما يظهر باب كلواذى طويلا، وعلى جانبيه حجرات عدة، وله سلالم يصعد بها إلى أعلاه حيث تجري عمليات الرصد والمدافعة برمي السهام ونحوها، ويظهر أن سعة المكان ومتانته هي التي كانت وراء اختيار البريطانيين له لان يكون كنيسة خاصة بهم في مدة احتلالهم للعراق. ولا يعلم في أي من الخلفاء جرى تشييد هذا الباب، وإذا كان افتراضنا ان العمل بالسور قد بدأ من نقطة في أقصى المدينة الشمالي، صحيحاً، ففي وسعنا القول بأن بناء باب كلو أذى، على النحو الذي ظل قائماً في العهود التالية، كان في مرحلة أخيرة من مراحل بناء ذلك السور.


باب الظفرية (الباب الوسطاني):

يرجح انه من أنشأ الخليفة الناصر لدين الله، مثله في ذلك مثل باب الحلبة (باب الطلسم) الواقع في الجهة نفسها من سور بغداد، والمشابه له في التصميم والشكل العام، والدعاء الوارد جزء منه على هذا الباب يشبه أدعية أخرى قيلت في هذا الخليفة، وهو ثاني أبواب بغداد، بعد باب السلطان (باب المعظم)، نسب إلى محلة كان يقع بقربها تسمى الظفرية، كانت قد نشأت عند بستان سميت قراح ظفر، والقراح اصطلاح بغدادي- بحسب نص ياقوت- يعني البستان، وظفر اسم رجل من مماليك الخلفاء،[14]وواضح من هذا إن الباب أنشئ أصلاً عند بستان لرجل هذا اسمه، ولما كان مستحيلاً أن تسقى هذه البستان إلا من بعض فروع الأنهار المستمدة من نهر (بين) الآخذ من نهر الخالص، فإن من المنطقي أن يكون البستان مما يرقى إلى عهد سابق على إنشاء سور بغداد الشرقية يوم كانت بساتين هذه النواحي تُسقى من تلك الفروع.


يتألف الباب الوسطاني من برج ذي مظهر اسطواني الشكل من الخارج، بينما له ثمانِ أوجه من داخله، وفي كل وجه منها دخلة في الجدار، بعمق 75،. متراً، عدا الدخلة المقابلة للمدينة، وهي في الجهة الجنوبية الشرقية، فثم فتحة الباب المُطل عليها، والدخلة المقابلة للفضاء الخارجي، وهي في الجهة الشمالية الغربية، حيث توجد فتحة الباب الخارجي، ويعلو كل من هاتين البوابتين (قوس إنائي معقود ذي رأس مدبب، ويبلغ نصف قطر هذا البرج من الداخل بزخارف هندسية جميلة بارزة في الآجر، كما زُيِّن جانباً الباب بصورة أسدين جالسين نحتت بشكل بارز على الآجر أيضاً. ويعلو البرج من الأعلى، من جهته الشرقية، شريط من الكتابة بخط النسخ الجيد، تقرأ منه العبارة الآتية (.. ولازالت دعوته الهادية للدين قواماً وللإسلام نظاماً ولدولته القاهرة سكينة وللأمة عصاماً ومنزلته للسلام بإشراق أنوار سعد..). وهو مبني بآجر بمقياس (16× 16× 5سم)، ويستقر على أسس متينة بعمق 3أمتار. ولما كان هذا البرج يقع وسط مساحة مائية كبيرة نسبياً، وهي قسم من خندق المدينة، فقد أضيفت إليه قنطرتان لكل منهما فتحتان على هيئة أواوين معقودة، تكفيان لانسياب المياه من تحتهما، والقنطرة الرئيسية التي تصل بين المدينة والبرج محصنة بجدارين عاليين في أسفلهما صفان من أواوين، ستة في كل جانب، ويعلو هذين الصفين ممران مكشوفان لاستخدامها من الجنود الذين وكل إليهم أمر الدفاع وذلك برميهم النشاب من فتحات خاصة (مزاغل) تقع في أعلى كل ممر. ويبلغ عرض القنطرة مترين، وهي أكثر ارتفاعاً من القنطرة الأخرى، المُوصلة إلى الفضاء الخارجي، وذلك- فيما يبدو- لجعل الجنود فيها يسيطرون على حركة الداخلين إلى المدينة.


وتتصل القنطرة من جانبيها بسور بغداد، ويبلغ عرضه 2,5 متراً، وهو مبني بالآجر المربع (الطابوق الفرشي) المرصوص، لغرض إعطائه المتانة الكافية للمحافظة عليه من احتمالات النقب المعادي، أو من تأثير وجود المياه في الخندق المجاور، ويبلغ طول قطعة السور التي كشف عنها، في أعمال الصيانة التي أجرتها المؤسسة العامة للآثار والتراث سنة 1979، نحو 100متراً، وللسور أبراج كبيرة، تم الكشف منها في السنة المذكورة عن أحدهما، فإذا هو يتخذ شكل نصف اسطوانة مجوفة، طول قطرها 8متراً.

وتحيط بالخندق، من على مسافة 32,5 متراً عن الركن الأيمن لمدخل الباب الخارجي، مسناة تأخذ شكل قوس كبير، مكوناً نصف دائرة قطرها 7,13 متراً. ويبلغ عرض هذه المسناة مترين ونصف، معززة بإحدى عشرة دعامة بين كل دعامة وأخرى حوالي 7,83متراً، ويبلغ عمق المسناة نحو 3,5 متراً، وهي مبنية بآجر بقياس (23×23×7سم) ولكنها شيدت على مصطبة مدرجة تتألف من سبع درجات ارتفاع كل منها بارتفاع قطعة آجر البناء(5سم) وبعرض (20سم) أي أنها تبرز 70سم عن وجه الجدار، وبارتفاع يناهز 50 سم، وثمة صفوف من الآجر بمقاييس مختلفة وهو ما يدل على إجراء عدد من الترميمات عليه في الحقب المتأخرة. وتصل القنطرة الخارجية بين الباب الخارجي للبرج والحافة الشرقية (اليسرى) لهذه المسناة، وهي تتصل بهذه الحافة اتصالاً وثيقاً بطريقة (الشد والحل)، وفيما عدا هذا التقوس الذي أريد به إحاطة برج الباب بالماء من كل اتجاه فإن المسناة تأخذ شكلاً موازيا للسور نفسه.


والملاحظ أن تصميم هذا الباب وموقعه جعله أكثر أبواب بغداد حصانة وقدرة على الدفاع، فالباب يمثل تطويراً لفكرة البرج الأسطواني المقبب، الذي يرقى إلى قبته بسلالم ليشرف منها على الفضاء المجاور، إلا انه زاد عليها بأن جعل مدخله الداخلي يتعامد، على شكل زاوية قائمة، مع مدخله الخارجي، فهو إذن قد راعى أيضاً أسلوب المداخل المزورة التي عرفتها مدينة السلام منذ تأسيسها في القرن الثاني للهجرة، وزاد مصمم هذا الباب من حصانته بأن قدم للباب من الداخل بقنطرة عالية مكشوفة كما أن إحاطة برج الباب بمساحة مائية واسعة زاد من هذه الحصانة إذ لم يكن ممكناً الوصول إلى السور إلا بعد اجتياز قنطرتين، على التعاقب.


إن تصميم باب الظفرية المركب من عدة أفكار بنائية في تحصين مداخل المدن، يجعله يحتل أهمية عالية بين أبواب مدينة بغداد الأخرى، والمعاصرة له من حيث زمن الإنشاء، وهو تصميم يتيح لمستخدمي الباب، ببرجه وقنطرته الحصينة، ومواضع الرصد والرمي فيه، وخندقه العريض، قدرة عالية في الدفاع والمطاولة وإلحاق أكبر الأذى في القوات المهاجمة، كما من شأنه ستر حركة المدافعين عنه من رصد المهاجمين. ولذلك ففي وسعنا القول، أن هذا الباب يمثل ذروة ماتفتق عنه ذهن المهندس العراقي، من وسائل دفاعية، ليس في مدينة بغداد فحسب، وإنما في غيرها من المدن التي تقع في سهول منبسطة، حيث تنعدم العوارض الطبيعية، إلا مايشاد فيها من خنادق وأبراج. ولابد لنا هنا أن نسجل إعجاب الرحالين الأوربيين الذي مروا به بحسن تصميمه وجودة مواده البنائية، فهذا بكنكهام يذكر، في أوائل القرن التاسع عشر، أنه كان يتميز بالفخامة، وبجودة الآجر الذي شيد به، وأن دقة تركيبه يضارع أي بناء قديم كان قد شاهده قبلاً[15].


موقع الباب في العصر العباسي:

أشرنا إلى أن باب الظفرية كان يجاور محلة الظفرية، واليها نُسب، وان هذه المحلة كانت قبل أن تعمر بستاناً، فلنا أن نتصور المنطقة، في عهد إنشاء الباب، قد توزعت فيها البساتين، فإلى الجنوب من الباب كان ثمة قراح ابن رزين، وقراح القاضي وقراح أبي الشحم، وهذه كلها بساتين غناء، تجاورها بيوت الناس، وتقع في حوافها القصية مقابرهم.


وكانت ثمة مقبرة كبيرة، واسعة، تعترض الذهاب من وسط بغداد الشرقية إلى الباب، عرفت بباب أبرز، أو بيبرز، ومن الصعب تصور حدود هذه المقبرة الآن، بسبب انها لم تكن مُسوَّرة، بل تتصل بفضاءات عدة، وجدت فيها مقابر أخرى، فقد اعتاد سكان محلات الجانب الشرقي دفن موتاهم في النواحي القاصية من محلاتهم، وكانت تلك النواحي تتصل بفضاء واحد متصل يفصل بين المحلات من جهة وسور بغداد عند إنشائه من جهة أخرى. وتمتد تلك المقابر جنوباً حتى مقبرة اليهود القديمة (ساحة النهضة اليوم) ومقبرة الغزالي حالياً. ويبدد منها وحشة تلك المقابر منظر نهر كان يتفرع من نهر (بين) الآخذ مياهه من نهر الخالص، يسمى نهر المُعلّى، نسبة إلى أحد كبار القادة في عهد الرشيد، وكان هذا النهر "يدخل البلد" ويمضي إلى (باب بيبرز) أو باب أبرز، ومن هناك يمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء (قرب جامع مرجان الحالي)، ثم يدخل قصر الخلافة المسمى الفردوس، في دور فيه ويصب في دجلة[16].


وكان يمكن للذهاب من وسط بغداد الشرقية إلى باب الظفرية أن يسلك طريقاً يجتاز به عدداً من المحلات والبساتين، حتى يفضي به الى مقابر باب أبرز المذكورة آنفاً، وهناك يسلك سبيلاً وسط تلك المقابر وما انتثر بينها من بيوت حتى يصل إلى قراح ظفر، حي يرتفع قبالته سور بغداد، ويشمخ أمام ناظريه برج باب الظفرية المذكور.


وقد وصف ياقوت هذا الطريق على نحو ظاهر الدقة، فقال: "إنك تخرج من رحبة القصر (وهو جامع الخلفاء) مشرقاً، حتى تتجاوز عقد المصطنع (عند قاضي الحاجات في الشورجة)، وهو باب عظيم في وسط المدينة، فهناك طريقان، أحداهما يأخذ ذات الشمال مقدار رمية سهمٍ إلى درب يقال له درب النهر عن يمين القاصد إلى قراح ابن رزين، ثم يمتد قليلاً ويشرق فحينئذ يقع في قراح ابن رزين، فإذا سار في وسطه فمن يمينه درب النهر واللوزية، وعن يساره المحلة المقتدية التي استحدثها المقتدي بالله، ثم يمر في هذه المحلة، اعني قراح ابن رزين، نحو شوط فرس جيد، فحينئذ ينتهي إلى عقد هناك وباب، فإذا خرج منه وجد طريقين، احدهما يأخذ ذات الشمال، يفضي إلى المحلة المعروفة بالمختارة، فيتجاوزها إلى مقبرة باب ابرز وطولها غالباً للشمال، فإذا انتهت المحلة وقع في محلة تعرف بقراح ظفر...


فإذا ما نقلنا هذا الوصف إلى لغة خطط بغداد اليوم، قلنا أن الذهاب إلى باب الظفرية، كان يخرج من الرحبة المحيطة بجامع الخلفاء في شارع الخلفاء الحالي، لينفذ منها إلى عقد قاضي الحاجات في وسط سوق الشورجة، فيجد أمامه طريقان، الجنوبي منهما هو عقد القشل وصبابيغ الآل بامتداد يصل إلى محلة باب الشيخ، والشمالي منهما يمضي فيجتاز محلة قنبر علي فالتوراة وأبي سيفين، ثم يمضي في طريقه مجتازاً محلات الفضل والمهدية والسيد عبد الله وقمر الدين، حتى ينتهي إلى شارع الشيخ عمر فيجتازه إلى حيث جامعه ومقبرته، ومن هناك ينفذ إلى الباب المذكور. وليس من المحدد تماماً ما إذا كان الباب سبباً في يتخذ هذا الطريق امتداده حتى يصل منطقته، مجتازاً معظم محلات القسم الشمالي من بغداد الشرقية، أم أن اختيار مكان الباب جرى أصلاً لأنه يقع على طريق المذكور. ويمكن القول بأنه لا تزال ثم معلومات خططيه كثيرة تنقصنا في فهم العلاقات بين التجمعات السكنية ومواقع الأبواب في ذلك العصر.


وفي عهد قريب تال لتاريخ إنشاء باب الظفرية، شهدت المنطقة تشييد مَعلم جديد، سيكون له حظ من العناية والاهتمام، على المستويات الرسمية والشعبية في القرون التالية، ذلكم هو مرقد الإمام الشيخ أبي حفص عمر البكري السهروردي، المدرس في مدارس بغداد، والسفير لدى دار الخلافة، المتوفي سنة 632هـ. وقد ذكر صاحب كتاب الحوادث انه "دفن في الوردية في تربة عملت له هناك على جادة سور الظفرية"[17]، وإذ ذكر ياقوت أن الظفرية محلة تقع في غربي باب ابرز[18]فتكون جادتها، هي بالتحديد، الشارع المتفرع من شارع الشيخ عمر والمنتهي إلى الباب الوسطاني، وتكون الظفرية مقابلة لجامع الشيخ عمر السهروردي، بينما يكون قراح ظفر، ومقبرة باب أبرز هي الأرض التي شيد عليها الجامع المذكور، وما نشأ حولها من مقبرة واسعة تنسب إليه.


المنطقة في العهود التالية:

يظهر أن ضرراً ملموساً لم يلحق بباب الظفرية في أثناء اقتحام المغول بغداد بسبب أنهم لم يدخلوها منه أصلاً، وفي سنة 656هـ/1266م اختار حاكم العراق علاء الدين عطا ملك الجويني أرضاً وصفت بأنها بظاهر بغداد، تجاه باب الظفرية والحلبة ليبني عليها قصراً ورواقات وحماماً، واستجد حوله بستاناً عظيماً غرس فيه أنواع النخل والأشجار والأثمار حتى الفستق، وغرم عليه مالاً كثيراً[19]إلاّ أن إهمال سلطة الاحتلال صيانة السور، وتعرضه المستمر إلى خطر الفيضان، كلما زاد منسوب المياه في دجلة، أدى إلى تضعضعه، فحينما غرقت بغداد غرقها الفادح سنة 775هـ/1373م، تعرَّض هذا السور إلى ضرر كبير، مما اضطر السلطان أويس الجلائري، حاكم العراق عهد ذاك، إلى عمارته[20]، وفي الواقع فإن سور بغداد الشرقية كان يؤدي مهمتين معاً، أولاهما عسكرية دفاعية، والأخرى لحماية بغداد من أخطار الفيضان، والمهمة الأخيرة هي التي أدت بالولاة العثمانيين المتأخرين، بعد إزالة أجزاء كبيرة منه، إلى التعويض عنه بإنشاء السدة الشرقية، التي لبثت إلى أواسط الستينات من القرن العشرين.


ونتيجة لتقلص المساحة المسكونة داخل أسوار بغداد الشرقية، ومن ثم زوال المحلات القاصية عن مركز المدينة، كقراح ظفر والظفرية وما يجاورهما من محلات، فقد نسي-تدريجيا- اسم باب الظفرية، وأخذ يعرف باسم جديد هو الباب الوسطي[21]، والباب الوسطاني، وذلك لأنه كان يتوسط المسافة بين باب كلو أذى (وقد عرف في العصور المتأخرة بالباب المظلم لاندثار كلواذى نفسها) وباب السلطان (الذي عرف أيضا بباب المعظم)، وهذا بعد أن أغلق العثمانيون باب الحلبة (باب الطلسم) القريب في الجهة نفسها بعد سنة 1048هـ/1638م.


وكان الباب قد عرف في القرن التاسع للهجرة (الخامس عشر للميلاد) باسم جديد هو (اغجه قابو) ويعني الباب الأبيض[22]، ويظهر أن سبب هذه التسمية يعود إلى لون الجَص الذي شيد به، وتمييزاً عن باب كلواذى، الذي عرف في هذا العصر أيضا بقرانلق قبوسي، أو قره قابي، أي باب السواد، أو الباب الأسود[23]، وذلك لحريق وقع فيه -فيما يظه- فأسوَد لونه بتأثير الدخان. وفي العصر العثماني عرف الباب بتسمية جديدة، هي (باب سفيد)، وتعني الباب الأبيض أيضاً[24]. وقد شهد الباب، كما شهد السور نفسه، ترميمات مختلفة في القرون التالية، فلاحظ الرحالة بكنكهام أن السور الذي يحيط ببغداد يحمل من الدلائل ما يبرهن على انه قد تم تشييده وإصلاحه في فترات عديدة متباينة، وإن أقدم جزء فيه هو أفضل الأجزاء،[25]وكان قد ذكر بأن أفضل تلك الأجزاء هو بُرجا من الباب الوسطاني وباب الطلسم.


ومن ناحية أخرى، شهد القرن الذي أعقب احتلال المغول بغداد اهتماماً متزايداً بمرقد الشيخ السهروردي المجاور للباب الوسطاني، ففي سنة 735هـ/1335م جدد الوزير غياث الدين محمد بن الوزير فضل الله الخواجة رشيد الدين عمارة هذا المرقد تجديداً شاملاً، ولا يعلم على وجه اليقين ما إذا كانت القبة المخروطية من بنائه، أم انه اكتفى بتجديدها، ولكن من الراجح أن الجامع الكبير الذي بجواره أضيف إلى المرقد في عهد تال، وان هذا الجامع شهد معظم توسعاته وإضافاته في العهود العثمانية، ومنها أن أميراً من سلالة عباسية، هو إسماعيل باشا[26]أمير العمادية وأعمالها، أضاف إليه طارمة في الجهة الشمالية منه، وطاق مرتفع مشرف على الصحراء[27]، والذي نذهب إليه إن هذا الطاق هو واجهة الجامع الخارجية التي لما تزل قائمة اليوم. وفي سنة 1320هـ/1902م أعيدت عمارة الجامع وأقيمت منارته الحالية، ثم تعددت تعميراته في السنين التالية ومازال يحظى بنوع من اهتمام.


ومن المنشآت المهمة التي شهدها المكان، في أوائل عهد الدولة العثمانية في العراق مشروع كبير لمياه الشرب، أنشأه سنة 1084هـ/ 1673م والي بغداد حسين باشا السلحدار (1083-1085هـ)، وكان هذا المشروع يتمثل في رفع قناة على عقود عديدة تتصل بدولاب تحركه الدواب (كَرْد) يرفع المياه إليها من عند شريعة الميدان (بين نادي الضباط الأعوان المندثر وبيت الحكمة حالياً)، وتمضي هذه القناة المرفوعة فوق محلات بغداد، لترفد في الماء عدداً من السقايات المنتشرة في القسم الشمالي من بغداد، حتى تنتهي إلى جامع السهروردي، فتغذي سقايته بالماء، وما يتبقى يذهب إلى بستان وارف الظلال كان عند الجامع، أنشأه هذا الوالي[28]، وكان هذا البستان يمثل المساحة الخضراء الوحيدة في تلك المنطقة التي خلت من العمران إلاّ من المقابر، وآخر ما يمر به من الخارج من بغداد، قبل أن يجتاز الوسطاني، متخذاً طريقه إلى نواحي شرقي بغداد وما بعدها، وورد الإشارة في وقفية حسين باشا السلحدار إلى الباب الأبيض (وهو الباب الوسطاني نفسه) بوصفه أحد حدود الأرض التي أوقفها على الساقية المذكورة[29]، وقد ظهر البستان في صورة لبغداد رسمها السائح الهولندي دابر، في أواخر القرن السابع عشر، ولبثت بقايا هذه القناة ماثلة حتى أواخر القرن التاسع عشر.


اتخذ العثمانيون من موضع قريب من الباب الوسطاني مخزناً للبارود، عرف (بالبارود خانة)، ووردت الإشارة إليه في وقفية حسين باشا السلحدار المؤرخة في سنة 1084هـ، وفي خارطة بغداد سنة 1324هـ/1908م للسيد رشيد الخوجة، تعيين لموقع (البارود خانه)، فإذا بها قريبة من سور بغداد الشمالي، إلى الغرب من جامع الشيخ عمر.

زود الباب في العصر العثماني بعدد من المدافع، قدر عددها بين 6-7 مدافع، وكان من بينهما مدافع ضخمة لها دور في الدفاع عن بغداد في أثناء حصار نادر شاه لها سنة 1156هـ/1743م، ولكن جرى سحبها في ما بعد لتحتل مواضع دفاعية أخرى[30].


وتشير النصوص التاريخية المرتقية الى العصر العثماني الى وجود عدد من الربايا (التوابي) العسكرية قرب الباب الوسطاني، أهمها تابية الفتح، وتعرف أيضاً بتابية الشيخ عمر، وهي تبعد عن جامع الشيخ السهروردي بمسافة تسعين متراً، على الطريق الموازي للسور الشمالي، ومنها ايضاً تابية الآغا، وتابية التراب، وكانت على بعض هذه التوابي بطارية مدفعية أقامها والي بغداد أحمد باشا بن حسن باشا (حكم من 1136 إلى 1147هـ/1723-1747م للدفاع عن بغداد لتلك الناحية[31]. وقد وردت مواقع هذه التوابي في خوارط السياح ابان العهود العثمانية[32].


ونتيجة لتوسع الدفن حوالي جامع السهروردي، وعدم اتخاذه شكلاً منتظماً، ربما لعدم وجود مناطق سكنية مجاورة، فقد أخذ الناس بدفن موتاهم حوالي الباب، وعلى اكتاف خندقه، وفوق بقايا السور المتصل به، ومع أن وجود آجر هذه المنشآت كان يوفر مادة بناء متاحة دائماً لبناء الأضرحة، إلاّ أن دفن الموتى في هذه الأماكن أدى، من جهة أخرى، إلى حفظها من النقض والهدم، على خلاف ما حدث لأجزاء السور الأخرى التي نقضت بأمر من والي بغداد مدحت باشا سنة 1288هـ/ 1870م. لأن وجود القبور عليها كان يمنع الطماعين بالتنقيب عن قطع الآجر ونقلها لاستخدامها في بناء المساكن، وهو ما كان يجري عادة المدن والأحياء التي يتصادف وجودها قرب مدن أثرية داثرة، ولذا فليس غريباً أن تبقى أجزاء من السور ماثلة حتى يومنا هذا تحت ركام من بقايا القبور، ففي وسعنا ان نقول أن الأموات نجحوا في حفظ ما عجز عن حفظه الاحياء!.


الباب الوسطاني ومنطقته اليوم:

على الرغم من توقف الدفن على بقايا سور بغداد، حوالي الباب الوسطاني، منذ عدة عقود من السنين، إلاّ أن المنطقة لم تكتسب من مظاهر التطور شيئاً، اللهم إلاّ بعد أعمال الصيانة المتقطعة التي قامت بها مديرية الاثار القديمة، منذ الثلاثينات، لجسم الباب نفسه، والتي استمرت في مواسم تنقيبية مختلفة، واتخاذ الباب متحفاً عسكرياً بعض الوقت، بيد ان هذه الأعمال انصرفت- بالضرورة- إلى ترميم الباب ومسناته وخندقه، ولم تشمل العناية بالمقتربات الاخرى فضلاً عن المنطقة بصورة شاملة. وبالمقابل فان هذه المنطقة فقدت، إبان العقدين الأخيرين، الكثير من ملامحها الجمالية، فقد أقيم على مبعدة عشرات الامتار من الباب طريق سريع مرفوع على أعمدة خرسانية، فبدد هذا الطريق من هدوء المكان، وقضى على ما كان يحيط بالباب من فضاءات تمنح المشاهد مجالاً رحباً لتأمل الباب والشواخص المختلفة من حوله. كما أن هذا الطريق، بثنياته وقواعده، أوجد امكنة جديدة استغلتها فئة من الناس لجمع القمامة أو فرزها، مما حول المنطقة الى مكان موحش تجمع فيه مختلف المواد التي يتم الحصول عليها عن هذا السبيل وغيره.


مقترحات ختامية:

وفي ختام بحثنا هذا نود أن نتقدم ببعض المقترحات على النحو الآتي:

1-ضرورة العمل على ترميم الباب الوسطاني ترميماً شاملاً، وبمواد قريبة من مواصفات مواده البنائية الأصلية.


2-العمل على نقل رفات الموتى الذين دفنوا حول الباب، من عقود عدة، الى مقابر أخرى.

3-إظهار السور المتصل بالباب من جهتيه، وبخاصة في الجزء الشمالي، الذي يستدير فيه، باتجاه باب المعظم، والكشف عن قواعد الابراج الكبيرة هناك.

4-اكمال بناء السور وأبراجه في تلك الجهات ليصل الى ارتفاعه المفترض، ويمكن الاهتداء الى ذلك بالصورة الفوتغرافية والرسوم التي نفذها سياح ومصورون مروا بالمنطقة.

5-الكشف عن بقايا خندق بغداد، وإخلائه مما تراكم فيه من أتربة وبقايا قبور، وبناء مسنياته.


6-إخلاء المنطقة كلها من المتجاوزين عليها من الفئات المشار اليهم، وتنظيفها من مخلفاتهم.

7-تبليط المساحة الممتدة من جامع الشيخ عمر السهروردي، الى الباب الوسطاني وما حوله، بالطابوق الفرشي الكبير، وتسويرها، لتكونا حَرَماً مشتركاً للمبينين، وتخصيص أماكن كافية لوقوف السيارات.

8-العمل ما امكن على دراسة وضع الدور التي شيدت على نحو سريع، مقابل جامع الشيخ عمر السهروردي، للنظر في استملاكها واضافتها للحرم المذكور.


9-اقامة متحف صغير، في داخل برج الباب، يضم نماذج مختلفة لاسلحة ومعدات وملابس عسكرية، لتمكين الزوار من استعادة الجو التاريخي الذي كان عليه هذا المبنى في العصور السالفة.

10-اظهار التوابي القريبة من الباب، بإزالة ما عليها من بقايا قبور، ويحبذ وضع نماذج من مدافع قديمة عليها، لتستعيد وضعها السابق بوصفها قواعد متقدمة لحماية بغداد من أعدائها.

11-اقامة منظومة اضاءة كاملة تشتمل شواخص المنطقة بوصفها وحدة تاريخية واحدة، وبضمنها الباب الوسطاني، ومسناته، والخندق، والربايا (التوابي)، وواجهة جامع الشيخ عمر السهروردي، وقبته المخروطية، ومئذنته.


12-يمكن الافادة من تطوير المنطقة على النحو الذي وصفنا في اقامة عروض صوت وضوء، تحكي بالكلمة والمؤثرات الاخرى تاريخ بغداد، وبخاصة تاريخها العسكري، وما خاضهُ أهلها، وجيشها، من معارك ضدة الغزاة الطامعين، وتلقي الضوء على جوانب مشرقة من حضارتها وفنونها المعمارية. كما يمكن ان تتحول المنطقة الى مركز جذب للزوار، من أهل بغداد، ومن السياح العرب والاجانب، فضلاً عن تنظيم رحلات مدرسية لتعريف الناشئة بجانب مهم من الحضارة الاسلامية. ويمكن بهذا الصدد يمكن تقديم خدمات سياحية شعبية، مثل اقامة خيم سياحية، وتقديم وجبات سريعة، مما يعيد روح (الكسلة البغدادية) التي كان البغداديون يتخذونها في العهود السالفة، وفي ذلك كله مما يحقق ايرادات مالية لادامة المكان والإنفاق على مرافقه.


13-اتخاذ منطقة الباب الوسطاني موقعاً لإقامة احتفالات رسمية وشعبية بمناسبة بمرور 800 سنة تقريباً على بناء باب الظفرية (الباب الوسطاني)، وعده رمزاً لصمود بغداد بوجه اعدائها. ويمكن اصدار طابع بريدي يخلد المناسبة، ووسائل تعريفية واعلامية مختلفة، ومن المناسب أن يخصص الاحتفال السنوي بيوم بغداد، بعد أن تفرغ الجهات المعنية من العناية الشاملة بالمنطقة، لإحياء هذه الذكرى المهمة.


خاتمة ودعوة!

إن العناية بآثار الأمة الماضية يحمل في معاناة التقدير العميق لقيمها الخالدة، ويرمز الى همة هذا الجيل، والأجيال المقبلة، المقابلة، للنهوض بها، لتؤدي دورها الحضاري والانساني من جديد. ولا نشك في ان احياء الباب الوسطاني، مظهراً وتاريخاً، ورمزاً، سيكون نقطة انطلاقة فذة لإيلاء اهتمام مماثل بآثار بغداد العظيمة الداثرة واهمها- على الاطلاق- القيام بحملة عملية شاملة يستعان من أجل انجاحها بالوسائل التقنية المتطورة، من اجل العثور على بقايا الاسس المدورة في الجانب الغربي، وهي مدينة السلام، وهي قبة الاسلام، التي شيدها الخليفة أبو جعفر المنصور قبل نحو اثني عشر قرناً مضت، ولا شك في أن العثور على بقايا هذه المدينة وهي النواة الاولى لبغداد التي كانت مركز العالم المتحضر في العصور الوسطى، سيكون له دوي حضاري وإعلامي كبير، وربما سيكون الحدث الأكثر أهمية في تراث الإنسانية في هذا العصر.


ملحق مسرد بأهم الحوادث التي شهدها باب الظفرية (الباب الوسطاني) وما حوله:

488هـ/1095م البدء بأعمال بناء سور بغداد الشرقية بإشراف الوزير عميد الدولة ابن جهير.

 

517هـ/1123م استئناف الخليفة المسترشد بالله أعمال البناء في سور بغداد الشرقية.

 

552هـ/1156م سور بغداد الشرقية يصمد في وجه حصار السلطان محمد السلجوقي على عهد الخليفة المقتفي بأمر الله، ويتمكن البغداديين بإفشال هجوم الجيش المعادي الذي حاول تسلق السور بنحو أربعمائة سلم، وسد الخندق بغرائر وأزقاق محشوة حصى ورملاً. خروج جيش الخليفة من باب الظفرية وتعرضه على الأعداء مرات عديدة.

 

554هـ/1158م انثلام سور بغداد الشرقية بسبب ارتفاع مناسيب المياه في نهر القورج القريب من باب الظفرية.

 

568هـ/1172م إصلاح سور بغداد الشرقية.

 

569هـ/1173م تفطر سور بغداد الشرقية وحدوث ثغرات فيه بسبب ارتفاع مياه نهر القرج.

 

618هـ/1221م تجديد الخليفة الناصر لدين الله للسور وبناء باب الحلبة، والراجح انه انشأ باب الظفرية أيضاً في التاريخ نفسه.

 

632هـ/1128م وفاة الشيخ الزاهد عمر السهروردي ودفنه على جادة محلة الظفرية تجاه باب الظفرية، وبناء قبة مخروطية على ضريحه.

 

665هـ/1266م تشييد حاكم العراق عطا ملك الجويني قصراً ضخماً وسط بستان عظيم استجد بظاهر بغداد تجاه باب الظفرية والحلبة.

 

735هـ/1335م تجديد عمارة ضريح الشيخ عمر السهروردي.

 

850هـ/1447م اقتحام قوت جلائرية يتقدمها القائد رستم ترخان وأميرانشاه وأمير شيء الله بغداد، من ناحية باب اغجا قابو (باب الظفرية)، وكسروا بابه.

 

1048هـ/1638م تكليف السلطان العثماني مراد الرابع الوزير الاعظم محمد باشا باقتحام الباب الوسطاني، وتشديد الجيش العثماني هجومه على الحامية الصفوية المستمكنة وراءه ودك تابية الباب الوسطاني وتسويتها بالأرض، وكذلك التابيات المجاورة.

 

1084هـ/1637م انشاء والي بغداد حسين باشا السلحدار مشروعاً لنقل الماء من دجلة الى سقاية جامع الشيخ السهروردي، ثم لسقي بستان هناك قرب الباب الوسطاني.

 

1146هـ/1733م أقام والي بغداد احمد باشا بطاريتين مدفعيتين قرب الباب الوسطاني للدفاع عن بغداد إزاء حصار نادر شاه.

 

1175هـ/1761م ترميم قائم مقام بغداد عثمان أفندي بن علي بن مراد العمري الموصلي سور بغداد.

 

1249هـ/1833م تعمير والي بغداد علي رضا باشا اللاظ جامع الشيخ عمر السهروردي.

 

1273هـ/1856م بناء الأمير إسماعيل باشا العباسي واجهة جامع الشيخ عمر السهروردي المقابلة للباب الوسطاني.

 

1287هـ/1870م نقض والي بغداد مدحت باشا سور بغداد الشرقية، وتحويل الباب الوسطاني مقراً لسرية الدباغة من (فوج الأعمالات) الذي أسسه مدحت باشا آنذاك.

 

1921م اتخاذ الباب الوسطاني سجناً للخارجين عن القانون.

 

1938م بدء مديرية الآثار القديمة بصيانة الباب الوسطاني.

 

1939م تحويل الباب الوسطاني إلى متحف للأسلحة القديمة، وافتتاحه في 10 حزيران من ذلك العام.

 

1957م- 1958 قيام مديرية الآثار بتعلية برج الباب الوسطاني وصيانته.

 

1960م قيام مديرية الآثار بتوزيع المسطبة الأمامية التي يقوم عليها الممر الغربي (القنطرة الموصلة إلى الباب من جهة المدينة)، و(توزير) أكتاف القناطر التي تقوم عليها ممرات البرج، وإحاطة البرج وممراته برصيف من الخرسانة.

 

1961م الكشف عن مسناة الخندق المحيط بالباب الوسطاني، وأسسه وطريقة اتصاله بقنطرة الباب الخارجية.

 

1965م ردم المستنقع المجاور، وتسييج أرض الباب وبناء الجدار لعزل المنطقة عن المقبرة المجاورة، وإجراء ترميمات عامة في أعالي البرج من الخارج، وتصليح بياض القبة والجدران من الداخل.

 

1965م إخلاء الباب الوسطاني من متحف الأسلحة القديمة.

 

1969- 1970م التنقيب عن جدار الخندق، والكشف عن امتداد الجدران، وأجزاء من السور واحد الأبراج. واستظهار السور الداخلي والخارجي في هذه المنطقة وأجزاء من الخندق.

 

1977-1978م استظهار أسس القنطرة الكبيرة من كلا الجانبين، ثم بناء الأجزاء المتبقية منها بالأسلوب القديم نفسه، والقنطرة المجاورة، والمباشرة بتكملة أجزاء السور الذي يعلوهما والاستمرار بصيانة السور الخارجي من جهته اليسرى، وترميم وإصلاح الفتحات العليا (المزاغل) في أعلى البرج، وتبليط سطحه بالطابوق الفرشي الحديث. وصيانة عشرين متراً من السور المحيط بالبرج، والبالغ طوله 100متر. وأعمال صيانة مختلفة أخرى، وصبها بمادة الاسمنت المقاوم، والتنقيب عن سور بغداد الشرقية من نقطة اتصاله ببرج الباب الوسطاني، باتجاه باب الطلسم المندثر، وقد تم الكشف عن أسس هذا السور ودعاماته لمسافة خمسة عشر متراً، إضافة إلى الكشف عن أسس هذا السور من الجهة الشمالية باتجاه باب المعظم لمسافة عشرين متراً، واكتشاف أحد الأبراج الكبيرة للسور وصيانته، وصيانة العقود المدببة في القنطرة الخارجية للباب الوسطاني.

 

1985 استمرار أعمال الصيانة في سور الباب وبرجه، وبناء 123متراً مربعاً خلف نقاط العمل، وتطبيق 78 متراً مربعاً بالطابوق الفرشي، وأعمال بناء في السور الدائري المحيط ببرج الباب من الجهة الجنوبية.

 

المدينة المدورة وتظهر فيها مداخلها المحصنة المزورة.

 

جانب خارجي من الباب الوسطاني

 

جانب داخلي من الباب الوسطاني

 

الباب الشرقي (باب كلواذى)

 

جانب من باب الطلسم المندثر

 

المدخل المغلق لباب الطلسم

 

جانب من باب الطلسم

 

الطلسم الذي فوق باب الطلسم

 


[1] - جميع الإشارات هنا إلى الذراع يقصد بها الذراع السوداء العباسية= 54,04سم

[2] اليعقوبي: البلدان ص18.

[3] يراجع علي مهدي محمد: الاخيضر، بغداد 1969.

[4] الطبري: تاريخ ج3 ص 1551طبعة ليدن.

[5] معجم البلدان، مادة قراح.

[6] ينظر سعاد هادي العمري: بغداد كما وصفها السياح الأجانب ص15.

[7] ابن الجوزي: مناقب بغداد 17، والمنتظم ج9 ص81 و244.

[8] حاجي خليفة: جهان نامه، نقلاً عن بغداد كما وصفها السواح الأجانب ص 15.

[9] محمد رؤوف الشيخلي: مراحل الحياة في الفترة المظلمة ج1 ص 55.

[10] في أثناء القيام بحفر أسس قواعد طريق محمد ابن القاسم الدائر حول بغداد الشرقية سنة 1979- 1980، عثر على أسس بناء متين على هيئة قوس كبير من الآجر، فظن البعض أنه أسس باب الحلبة (باب الطلسم)، وقامت المؤسسة العامة للآثار والتراث باستظهار 85% من هذه الأسس البالغ طولها 100 م، لتبدو شاخصة للعيان، وبما أن هذه الأسس بلغت من الطول ما لايناسب والمعلومات المتوفرة عن حجم باب الطلسم، وهو لايزيد أن يكون برجاً اسطوانياً مثله مثل الباب الوسطاني، فقد ذهبت الهيئة العامة في الموقع في تقرير لها إلا أن هذه الأسس هي للمسناة الخارجية التي كانت تحيط بالخندق الذي يقع برج الباب في وسطه.

[11] صورة الباب كما رسمها بيكنكهام سنة 1816.

[12] محمد رؤوف الشيخلي: مراحل الحياة للفترة المظلمة ج1 ص55

[13] العقد اللامع في آثار بغداد والمساجد والجوامع، بتحقيقنا، بغداد 2004، ص114.

[14] معجم البلدان، مادة قراح،

[15] رحلة بكنكهام سنة 1816 ترجمة سليم طه التكريتي ج1 ص192

[16] ابن الجوزي:مناقب بغداد، بغداد 1342، ص19.

[17] الحوادث المنسوب لابن الفوطي، ص103، بتحقيقنا بالمشاركة، بيروت 1997.

[18] ج4 ص61

[19] كتاب الحوادث ص389

[20] عباس العزاوي: تاريخ العراق بين احتلالين ج2 ص133.

[21] أحمد الغرابي: عيون أخبار الأعيان، نسخة باريس، الورقة 210.

[22] عبد الله بن فتح الله الغياث البغدادي: التاريخ الغياثي، تحقيق طارق الحمداني، بغداد 1975، ص248.

[23] أحمد سوسة ومصطفى جواد: دليل خارطة بغداد، بغداد 1958، ص272.

[24] عبادة: العقد اللامع ص102.

[25] رحلة بكنكهام، ترجمة سليم طه التكريتي ج1 ص191.

[26] هو إسماعيل باشا الثاني بن محمد طيار باشا، آخر امراء العمادية وأعمالها، انتهى حكمه بسقوط إمارته سنة 1258هـ/ 1842م. ينظر كتابنا: المعجم التاريخي لإمارة بهدينان، أربيل 2010، ص39-44.

[27] محمود شكري الآلوسي: مساجد بغداد وآثارها، بغداد 1924، ص54.

[28] مرتضى آل نظمي: كلشن خلفا، ترجمة موسى كاظم نورس، بغداد 1971، ص277

[29] كتابنا: معالم بغداد في القرون المتأخرة بغداد 2000، ص279..

[30] رحلة نيبور إلى العراق، ترجمة محمود الأمين، بغداد 1966، ص31.

[31] عبد الرحمن السويدي: تاريخ حوادث بغداد والبصرة، بتحقيقنا ، ط:2، بغداد 1987، ص97.

[32] انظر اطلس بغداد للدكتور أحمد سوسة، بغداد 1951، خوارط نيبور، وجونز، ورشيد الخوجة ص 14،15،16.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تفسير: (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • زمن الرويبضة والحيرة في السبيل!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أبواب الجنة الثمانية وأسماؤها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصعب وأشكل باب من أبواب علوم القرآن(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب التثويب في الفجر، باب من أذن فهو يقيم)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب كراهية الأذان بغير وضوء، باب الإمام أحق بالإقامة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • الطريق الصحيح للاستئذان المشروع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لقاء الباب المفتوح مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب