• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / الثقافة الإعلامية
علامة باركود

أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (4)

أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (4)
د. محمد عبدالعزيز إبراهيم داود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2011 ميلادي - 26/12/1432 هجري

الزيارات: 9075

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ومن أخطار البث الإعلامي المباشر التي بدأنا الحديث عنها في الحلقة الماضية[1]:

انتشار الجريمة والعُنف والمخدرات:

إنَّ نعمةَ الأمن من أجلِّ النِّعَمِ التي أنعَمَ الله بها على الإنسان، ولن يَشعُر بهذه النِّعمة إلا بين ظِلال الإسلام الذي يُحقِّق الأمنَ بين الإنسان ونفسه من خِلال تطهيرها بالعبادة والطاعة، فتصفو من الأكدار والأدران، ويتحقَّق أمنُ الأسرة عبْر تعاليم الإسلام الذي يُنظِّم العلاقة بين أفرادها، ثم تتَّسِعُ دائرةُ الأمن لتشمَل المجتمع كله الذي يتَعاوَن أفرادًا وجماعات وفْق هدْي القُرآن الكريم في قوله - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

 

ولقد كان تطبيقُ الحدود في الإسلام على الجرائم المتعلِّقة بالنفس والعِرض والمال والعَقل هو سِياج الأمْن في المجتمع المسلم، كما كان تَضافُر أبناء الإسلام في إنكار المنكر وإقرار المعروف يُمثِّل ظاهرةً أمنيَّة فريدةً انفَرَدَ بها الإسلام عن كافَّة الأديان والتشريعات الأخرى، ولقد امتنَّ الله على قريش بنعمتي: الإطعام من الجوع والأمْن من الخوف؛ قال - تعالى -: ﴿ لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4].

 

وهذه خصوصيَّة لقريش قبلَ إسلامها، أمَّا بعدَ دُخول الناس في دِين الله أفواجًا أصبح الأمن سمةً بارزة من سِمات المجتمع المسلم؛ قال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

 

هذا، وعلى الرغم ممَّا يَشهَدُه العالم المعاصر من التفوُّق العِلمي والتقدُّم المادي وغُروره بما توصَّل إليه، فإنَّ عَواصِف الخوف تَعصِف به، وعوامل القلق النفسي والتوتُّر العصبي تقلق مَضجَعَه، والحروب الدامية التي تَكوِي بلَظاها الشُّعوب تُثِير الخوف والذُّعر، حتى تحوَّلت الكرة الأرضيَّة إلى ساحةٍ للحروب الدامية والفتن الهوجاء، ويضرم لهيبها الدول الكبرى لتستَنزِف خيرات الشُّعوب النامية، ولتُحوِّلها إلى سوق للسلاح وحقل لتجارب الأسلحة الفتَّاكة، ولكي تتقبَّل الشعوب هذا الصِّراع الدامي المخيف وتتسابَق إليه، عمدَتْ أجهزةُ الإعلام المرئيَّة والمسموعة والمقروءة.

 

والدعوة غير المباشرة إليه عبْر الأفلام البوليسيَّة التي تبرز المجرم في صُورة بطلٍ مقاتل شُجاع، والضحيَّة إنسانٌ بَرِيء ساذجٌ أو من خِلال الأفلام التي تعتَمِدُ على الخيال؛ فتبرز مَن يُقاتل الأسود أو يصرع العديد من الرجال بالبطولة والشهامة، ولا تخلو هذه الأفلام من احتِساء الخمور أو تدخين المخدرات.

 

وفي إمكان القارئ الفاضل: أنْ يقلب صَفحات الجرائد المصريَّة ليقَعَ بصَرُه على إعلانات الأفلام مثل[2]: المطاردة الشيطانيَّة، وادي الموت، المهاجر، منزل الرعب المجسم، إجازة مع ميت، الانتقام، الحسناوات الشرسات، الفرقة الانتحاريَّة، الطاغية، الحوت صديقي، الطيب والشرس والجميلة، المعبد الملعون، شياطين في المدينة، الباطنية، الشَّرِس.

 

وهذه قَطَراتٌ من سيلٍ جارف وحمم مُتدفِّقة من أفلام العُنف والجِنس والمخدرات، وإذا كان هذا يُعرَض في دُور السينما حيث يذهب الناس إليها، فما بالنا حينما تُعرَض هذه الأفلام عبرَ البث الإعلامي المباشر وتقتَحِمُ كلَّ منزلٍ دُون رَقيبٍ؛ حتى أصبح العنف لا يخلو من برامج التلفاز، يقول الأستاذ أحمد بهجت: "إنَّ العُنف في المسلسلات والأفلام قد أثَّر على سُلوك المواطن، حتى صارَتْ أسهل الحلول وأقلها تكلفة هو العُنف"[3].

 

ويرى الدكتور إبراهيم إمام: "احتمال أنَّ جميع الأطْفال قد يتعلَّمون نماذِجَ سلوكيَّة مُعادية للمجتمع بسبب وَسائِل الإعلام، ويَقومُ الأطفال بتقليد السُّلوك الإجرامي في الظُّروف التي تكونُ فيها المعابر الاجتماعيَّة ضعيفة أو غير عامِلَة"[4].

 

ولَمَّا عُرِضَ فيلمٌ عنيفٌ على مجموعةٍ من الأطْفال ثم قُدِّمتْ لهم دُمًى تُشبِه تلك التي عُرِضَتْ في الفيلم فعامَلُوها كما عاملها الممثِّلون، فمزَّقوها إربًا إربًا، وأعطيت نُسَخٌ أخرى من هذه الدُّمى لأطفالٍ لم يُشاهِدوا الفيلم فلم يُعامِلوها بعُنْفٍ"[5].

 

وفي الولايات المتحدة أكَّدت دِراسةٌ قامَ بها معهد جالون عام 1954 "أنَّ 70% من الآباء يُلقُون باللَّوْمِ على قصص الجريمة وبرامج العُنف في الإذاعة والتلفاز، وقد اتَّضح من خِلال الدِّراسات الميدانيَّة وجودُ علاقة حتميَّة بين العُنف كما يُشاهِده الطفل على الشاشة الصغيرة وبين السُّلوك العدواني الموجَّه نحو المجتمع، ويرى رجالُ القضاء ورجالُ الصحَّة النفسيَّة ورجالُ التربية في الغرب أنَّ أفلام العُنف كانت السبب في وُجود العديد من الأفراد خلْف القُضبان الحديديَّة أو نُزَلاء مستشفيات الأمراض العقليَّة هنا، وقد نشَرتْ وسائلُ الأعلام العديدَ من الجرائم نفَّذَها مُرتَكِبوها وفْق ما شاهَدُوه.

 

هذا، وإذا كانت المجتمعات الأوربيَّة والولايات المتحدة تَمُوجُ في بحارٍ من العُنف وعِصابات المافيا حتى أنَّه في أمريكا تُرتَكب جريمةُ عنفٍ كلَّ عدَّة دَقائق، فإنَّ الشُّعوب النامية تسبَح في بحارٍ من الدِّماء بسبب الحروب الأهليَّة والفتن الطائفيَّة أو الصِّراع للوصول لكُرسيِّ الحكم، فحينما يُنقَل هذا كلُّه عبْر الأقمار الصناعيَّة لينحرف بالسُّلوك ويعصف بكلِّ مَشاعِر الحبِّ الاجتماعي والتعاوُن والترابُط التي أحكَمَ الإسلام نسيجَه عبْر أربعة عشر قرنًا من الزَّمان، لا شكَّ أنَّ الخطَر سيكونُ جسيمًا والعواقب - لا قدَّر الله - لا تُحمَد عُقباها بسبب البثِّ المباشر.

 

قال الطبيب النفسي (ستيفن يانا) الأستاذ بجامعة كولومبيا: "إذا كان السِّجن هو جامعة الجريمة فإنَّ التليفزيون هو المدرسة الإعداديَّة للانحِراف، وتدلُّ الإحصائيَّات الأخيرة التي أُجرِيتْ في أسبانيا 39% من الأحْداث المنحرفين، قد اقتبَسُوا أفكارَ العُنف من مُشاهَدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانيَّة.

 

وفي دِراسةٍ لسلبيَّات التلفزيون العربي ذكَر باحثٌ أنَّ 41% ممَّن أُجرِي عليه الاستبيان يرَوْن أنَّ التلفزيون يُؤدِّي إلى انتشار الجريمة 47% يرَوْن أنَّه يُؤدِّي إلى النَّصب والاحتيال.

 

وذكَر الدكتور حمود البدر: أنَّه من خِلال إحدى الدِّراسات التي أُجرِبتْ على 500 فيلمٍ طويل تبيَّن أنَّ موضوع الحبِّ والجريمة والجِنس يُشكِّل 72%، وتبيَّن من دِراسةٍ أخرى حول الجريمة والعُنف في مائة فيلم وجود 168 مشهد جريمة أو محاولة قتل، بل إنَّه وجد في 13 فليمًا فقط 73 مشهدًا للجريمة.

 

وقد قام دار نشار بدراسة مجموعةٍ من الأفلام التي تُعرَض على الأطفال فوجد أن 27، 4 % تتناول الجريمة[6].

 

فإذا كان الأطفال يقضون ما بين 12 ساعة إلى 24 ساعة أسبوعيًّا أمامَ التلفاز، فماذا سيكونُ حالهم خِلال الغزْو الإعلامي المباشر؟ وكيف يكون وقْع أفلام الجِنس ومسلسلات الرعب، وحلقات الملاكمة والمصارعة على عقولهم الصغيرة؟ وما الآثار التي تنعكس من خِلال هذا التدمير الإعلامي على الفرد والأسرة والمجتمع؟ لا شكَّ أنَّ انعِدام الحسِّ الدِّيني وفقدان الذَّوق الأخلاقي وإصابة الغيرة والحميَّة في مَقتَلٍ والاستهانة بالعرض والشرف هي سماتٌ بارزة وآثارٌ خطيرة للعُنف عبْر الأقمار الصناعيَّة.

 

سابعًا: فقْد الهويَّة  الإسلاميَّة وصبْغ المجتمعات الإسلاميَّة بالصبغة الأوربيَّة:

لقد صاغ الإسلام أمَّة ذات طابع خاص ونمط معيَّن في العقيدة والشريعة والأخلاق، وهي تحملُ على عاتقها هداية الأمم إلى دِين الفطرة وقيادة الشُّعوب بمنهجٍ واضح وفكرٍ مستقل.

 

أمَّةٌ ترفُض التفكير وتأبَى التبعيَّة، وهي كماء النهر العذْب الفرات حينما يلتَقِي بماء البحْر المالح الأُجاج.

 

فيستمرُّ النهر في مَسِيرته لا يأبَهُ بالأمواج المالحة العاتية التي تحوطُه من كلِّ جانب.

 

هذا، ولقد كان اختيار مكة المكرمة مهبطًا للوحْي وبدءًا للدعوة والمدنيَّة المنورة قاعدة لبناء دولة الدعوة الإسلاميَّة بعيدًا عن الحضارات المعاصرة، ولا سيَّما دولتي الفرس والروم؛ حتى لا يزعُم أنَّ الإسلام تأثَّر بأيٍّ منهما، ولقد تفرَّد الإسلام وتميَّز في شَعائِره وعِباداته وتقاليده وعاداته على غيره من الأديان والملل والنحل المعاصرة، ولقد كانت شخصيَّة المسلم التي صاغَها القُرآن الكريم وهدْي الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - هي الملاذ الآمن والقلعة الشامخة والحصن الحصين الذي تكسَّرت عليه رماح الأعداء عبر التاريخ، وما من معركةٍ من المعارك التي خاضَها المسلمون عبْر تاريخهم وهم مُتوشِّحون بشخصيَّتهم ومُعتَصِمون بعقيدتهم، إلا كان النصر حليفهم، وما عرفوا الهزائم في ساحات الوغى أو مَيادين الحياة إلا حينما فقَدُوا هويَّتهم وذابت شخصيَّتهم، وقد حدَّد القُرآن الكريم معالم استِقلال شخصيَّة المسلم وعدم ذوبانها وتبعيَّتها لدِين أو حَضارة مُنافية للإسلام؛ فقال الحق - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 1 - 6].

 

فالعبادة في اللغة[7]:

الطاعة مع الخضوع، ومنه طريقٌ مُعبَّد إذا كان مُذلَّلاً بكثْرة الوطء وعابدون؛ أي: دائنون، وكلُّ مَن دان الملك فهو عابدٌ له، وأنَّ سبب نزول سورة الكافرون ما زال قائمًا حينما يتزَعَّم دُعاة التغريب الدعوةَ إلى الانفِتاح الغرْب والأخْذ من عاداته وتقاليده تحت ستار الحضارة الإنسانيَّة أو تقارُب الأدْيان أو امتِزاج الثقافات، فقد ذكَر ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس[8] أنَّ سبب نُزولها أنَّ الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبدالمطلب وأميَّة بن خلف لقوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: يا محمد، هلمَّ فنعبُد ما تعبُد، ونشرك نحن وأنت في أمرنا كله؛ فإنْ كان الذي جئتَ به خيرًا ممَّا بأيدينا كنَّا قد شارَكْنا فيه وأخَذْنا بحظِّنا منه، وإنْ كان الذي بأيدينا خيرًا ممَّا بيدك كنت قد أشرَكْتنا في أمرنا وأخذت بحظِّك منه، فأنزَلَ الله - تعالى -: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1].

 

فتَذوِيب الشخصيَّة الإسلاميَّة وطمْس مَعالِمها من أهْداف الكافرين منذ فجْر الإسلام وحتى الآن.

 

"قال شهيد الإسلام الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن"[9].

 

﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6].

 

"أنا هنا وأنتم هناك، ولا مَعبَر ولا جِسر ولا طريق، مُفاصَلةٌ كاملة شاملة وتميُّزٌ واضح دقيق... أنَّ التوحيد منهجٌ والشرك منهجٌ، ولا يلتقيان".

 

هذا، وإنَّ من الآثار المدمرة للغزو الإعلامي فقدان الهويَّة الإسلاميَّة وضَياع معالم الشخصيَّة الإسلاميَّة، وذلك من خِلال ما يُذاع أو يبثُّ من نقْل الحياة الأوربيَّة والنُّظم الاجتماعيَّة والسُّلوك الأخلاقي، وفرْض العادات والتقاليد التي تتنافَى وعقيدة الإسلام عبر بثٍّ إعلامي مُثير ومُؤثر يقتحم البيوت ويحتلُّها أثناء الليل وأطراف النهار.

 

ولقد عبَّر الأستاذ فهمي هويدي عن هذا الخطَر حينما بدَأ البث المباشر في تونس، وهي أوَّل دولةٍ عربيَّة سارَعتْ لاستقباله قال[10]: "خرَج الاستِعمار الفرنسي من شوارع تونس عام 1956م، ولكنَّه رجَع إليها عام 1989م، لم يرجعْ إلى الأسواق فقط، ولكنَّه رجَع ليُشارِكَنا السكن في بيوتنا والخلوة في غُرفتنا، والمبيت في أَسِرَّة نومنا، رجع ليقضي على الدِّين واللغة والأخْلاق، كان يقيمُ بيننا بالكُره، ولكنَّه رجَع لنستقبله بالحب والترحاب، كنَّا ننظُر إليه فنمقته أمَّا الآن فنتلذَّذ بمشاهدته والجلوس معه، إنَّه الاستعمار الجديد لا كاستعمار الأرض وإنما استعمار القلوب، إنَّ الخطَر يُهدِّد الأجيال الحاضرة والقادمة، يُهدِّد الشباب والشابَّات، والكُهول والعفيفات، والآباء والأمَّهات".

 

إنَّ النمَط الغربي في التبرُّج والسفور والاختلاف قد أدَّى إلى انفِراط عِقد الحياة الأسريَّة العفيفة، التحرُّر من القيود الدينيَّة والاجتماعيَّة وعدم الاكتراث بها، أبرز الرجل الغربي في صورة الرجل الأسطورة؛ سواء كان سياسيًّا أو رياضيًّا أو ممثلاًّ، كلُّ هذا من جرعات مُكثَّفة وضغْط إعلامي مُؤثِّر يأخُذ بالعُقول ويسحر النُّفوس؛ ممَّا ينتج عنه فقدان الذات الإسلاميَّة وضَياع مَعالِمها الشخصيَّة، وحِينذاك تَقَعُ فريسة للدول الغربيَّة تسيرُ في ركابها وتأتمر بأمرها، وتصبغ حياتها بصِبغة الحضارة الماديَّة الغربيَّة، وتفقد أهمَّ مقومات وُجودِها؛ وهو تميُّزُها وتفرُّدها واستقلالُها.

 

ثامنًا: التمزُّق الأسري وتعميق التفاوت الاجتماعي:

المجتمع الإسلامي يقومُ على الروابط الأسريَّة، وذلك بإحكام وتوثيق العلاقة بين الأدباء والأبناء؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23].

 

ثم اتَّسعَتْ دائرة المودَّة والرحمة لتشمَل ذوي الأرحام والجيران؛ قال - تعالى -: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

 

كما أحكَمتِ السُّنَّة النبويَّة الشريفة المجتمعَ كلَّه برباطٍ وثيقٍ وتعاوُن مستمر وعلاقات متبادلة؛ كما جاء في الحديث الصحيح: ((المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضه بعضًا)).

 

ولم يكنْ هذا توجيهًا نظريًّا فقط، بل أُحكِم ذلك بمنهجٍ عمليٍّ دقيق يحكُم المجتمع المسلم؛ حتى يَصعُب تمزيقه والنيل منه كما شرع الإسلام الميراث، وحبَّب إلى نفْس المسلم الإنفاقَ في السَّرَّاء والضَّرَّاء كما وطَّد العلاقات الاجتماعيَّة من خِلال الدعوة إلى الاستئناس بزيارات الأهل والأصدقاء، ووضَع ضوابطها كما جاء في سورة النور؛ حتى غدا المجتمع المسلم نسيجًا محكمًا طوال التاريخ.

 

هذا، وإنَّ من أخطر مَظاهِر البث الإعلامي سواء كان مباشرًا أو غير مباشر تفكُّك الأسْرة وانفِراط عِقدِها حتى ولو كان يضمُّها منزلٌ واحدٌ، فإنَّ أفراد الأسْرة تختلف ثقافاتهم وتتنوَّع مُيولهم، فلكلِّ فردٍ برنامج يُشاهِده أو مسلسل يُتابِعه، أو مُباراة رياضيَّة يحرص عليها، ويمكُث الأفراد الساعات الطوال أمام الشاشة الصغيرة مشدودين إليها مسحورين بها، فلا تشعُر الزوجة بحاجة زوجها العائد من عمله إلى الهدوء والراحة، كما لا يلتَفِتُ ربُّ البيت إلى مشاكل أولاده في المدرسة؛ إذ بمجرَّد أنْ يعودَ من عمله يُلقِي بجسمه على مقعدٍ أمام التلفاز يُتابِع ما انقطع من المسلسلات، والأولاد أيضًا تتوزَّع رغباتهم ما بين المذاكرة والمشاهدة، وهكذا تَضعُف رابطة الأسرة التي يشمَلُها سقف واحد، ثم تستمرُّ عوامل التمزُّق تحكم قبضتها؛ لتلقي بظِلال التمزُّق على ذَوِي الأرحام والأصدقاء، وبذلك يَفقِد المجتمع المسلم أهمَّ مُقوِّماته وهو التَّرابُط الاجتماعي.

 

قال - تعالى -: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 22 - 24].

 

هذا بجانب ما تُشاهِدُه الأسرة من عَرْضٍ مُثِير لأحدَثِ الأزياء وأفخم الأثاثوالمفروشات والسيارات الفارهةِ، وصُوَر الحياة المترفة في المأكل والمشرب، والدعاية المثيرة والجذَّابة لهذا كله؛ ممَّا يُحدِث تمزُّقًا بسبب واقع الأسْرة الاقتصادي المؤلم وأعباء الحياة اليوميَّة المُرهِقة، وبين ما يشاهد ممَّا يزيد حدَّة الحقد بين أفراد المجتمع الواحد وتشعل نار العَداوة والبَغضاء وتبذر بذور الكراهية؛ ممَّا يُنذِر بالاضطراب والثورات التي تَعصِف بالآمِنين وتحطم البناء الاجتماعي وتُمزِّقه، وهذا ما يهدف إليه أعداءُ الإسلام، ولقد وجَدُوا ضالَّتهم المنشودة خِلالَ البثِّ بالأقمار الصناعيَّة.

 

الذي يجدُ الآن مناخًا صالِحًا لاستقباله وتشوقًا من فئاتٍ كثيرة لإرْساله ويتلهَّفون لالتِقاط القنوات الفضائيَّة، والأمَّة لا تدري أنَّها تحفر قُبورًا للتَّرابُط الاجتماعي والأمن الوطني والاستقرار السياسي؛ قال - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم: 28 - 30].

 

هذه - عزيزي القارئ - بعضُ أخطار البثِّ الإعلامي، وما ذكَرْناه على سبيل المثال لا الحصر، فهناك أخطارٌ أخرى تتربَّص بالمجتمع المسلم وتعصف بكلِّ جوانبه؛ مثال:

1- تعزيز النِّزاعات الماديَّة لدى الإنسان والتوجُّه نحو شهوتي: البطن والفرج.

2- الترويج للإباحيَّة والاختلاط والسُّفور.

3- تشجيع المرأة المسلمة على تقليد المرأة الأوربيَّة في كلِّ مظاهر حَياتها.

4- تعوُّد المسلم على ظاهرة عدَم احترام الوقت.

5- إثارة دَوافِع الاستِهلاك الترفي من خِلال الإعلانات التجاريَّة.

6- نشْر مفردات لغويَّة أجنبيَّة بين أبناء المجتمع لتحلَّ محلَّ اللغة العربيَّة.

7- تعميق الشُّعور بالتخلُّف لَدَى المسلم ودفْعه لليأس بسبب ما يُشاهِد من تقدُّم في كلِّ جوانب الحياة الماديَّة لدَى الغرْب.

8- الترويج للسُّلوك العدواني والعُنف وبخاصَّة لدى الأطفال.

9- الإسهام في هُبوط مستوى التعليم بسبب الانشغال بمشاهدة التلفاز.

10- اهتزاز القِيَم والأخلاق؛ كاحترام المدرس أو عالِم الدِّين، وطاعة الآباء؛ بسبب ما يُعرَض من البرامج الترفيهية التي تنالُ من هؤلاء (كمدرسة المشاغبين)  أو التهكُّم على عالِم الدين والتمرُّد على الآباء بدَعوى الحريَّة الشخصيَّة.

 

ممَّا سبق يتَّضح جوانبُ الخطَر بسبب البثِّ عبْر الأقمار الصناعيَّة، ومع هذا فإنَّه توجد بعض الفوائد بسبب البث المباشر وغير المباشر؛ كبعض البرامج الثقافيَّة والعلوم الاستطلاعيَّة للكون، ومتابعة أحداث العالم، وعرْض نماذج للسُّلوك السُّويِّ وغير السويِّ من خِلال بعض المسلسلات، غير أنَّ التوجُّه الدِّيني لهذه البرامج يَكاد يكونُ ضعيفًا، وما يعرض وفْق تعاليم الإسلام وآداب الشرع نسبته لا تتجاوز 3%  منه، وُضِعَتْ في القنوات الوطنيَّة حِفظًا لماء وجهِ القائمين على الإعلام ولكي لا يُتَّهموا بِخُلُوِّ برامج الإعلام من الإسلام، وحتى البرامج الدينيَّة فإنَّ توجُّهها سياسيٌّ أكثر منه دِيني؛ بمعنى: أنَّها تحترمُ التوجُّه السياسي الوطني أو الدولي، بغضِّ النظَر عن مُوافَقته للإسلام أو مُخالَفته.

 

وكذا تبدو أجهزةُ الإعلام؛ سواء منها المباشر وغير المباشر ظاهرها البريق وباطنها الحريق.



[1] http://www.alukah.net/Culture/0/35925

[2] "الأهرام" ص 2 عدد الجمعة 4 نوفمبر 1994.

[3] "الأهرام" 20/10/1984.

[4] "الإعلام الإذاعي والتليفزيوني"؛ د. إبراهيم إمام، ص 134.

[5] "الإنسان حيوان تليفزيوني"؛ محسن محمد، ص 315.

[6] "البث المباشر حقائق وأرقام"، ص72.

[7] "لسان العرب" ص 2778، ط الشعب.

[8] "تفسير القرطبي"، ص 7315، ط الشعب.

[9] في ظلال القرآن، تفسير الجزء الثلاثين، ص 273، ط الأولى.

[10] جريدة الأهرام 27/9/1989م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (1)
  • أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (2)
  • أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (3)
  • أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (5)
  • أخطار البث الإعلامي المباشر على الإسلام وطرق مقاومته (6)
  • قنوات البث المباشر

مختارات من الشبكة

  • بشرى البث الثالث لمصحف الشيخ الحصري المرتل في إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة مع بداية بث إرسالها(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شخصية الإعلامي اللغوية (الإعلامي واللغة العربية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • هولندا: بث مباشر لمحاضرات تعليمية ومسابقات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الشائعات.. أخطار وموبقات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخطار محدقة بالمرأة (قصيدة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • أخطار التدخين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أخطار الربا وأضراره(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • كيف نجابه أخطار العولمة؟(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • في أخطار المعاصي ( خطبة )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • المسلمون في الغرب: أخطار وتحديات(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- شكرا
mymh1404 - الهند 12-08-2012 03:28 PM

جزيت خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب