• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

السلطان المفترى عليه عبدالحميد الثاني

عبدالعال سعد الشليّه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/8/2010 ميلادي - 12/9/1431 هجري

الزيارات: 20702

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السُّلطان عبدالحميد الثاني هو السلطانُ الرابع والثلاثون مِن سلاطين الدولة العثمانية، وآخِر مَن امتلك سلطةً فِعلية منهم.

 

وُلد في شعبان سنة 1258هـ/ 21سبتمبر (أيلول) 1842م، وتلقَّى السلطان عبدالحميد تعليمَه بالقصر السلطاني، وأتْقن من اللُّغات: الفارسية والعربية، وكذلك دَرَس التاريخ وأحبَّ الأدب، وتعمَّق في علم التصوُّف، ونظَم بعض الأشعار باللغة التركية العثمانية.

 

والسلطان عبدالحميد هو ابن السلطان عبدالمجيد الأوَّل، وأمُّه هي واحدةٌ من زوجات أبيه العديدات، واسمها "تيرمزكان قادين" الجركسية الأصل، تُوفِّيت عن 33 عامًا، ولم يتجاوز ابنُها عشر سنوات، فهو الابنُ الثامن بيْن أبنائه عمومًا، والثاني في الذُّكور، والثاني أيضًا بيْن أبناء عبدالمجيد الذين تولَّوا السُّلطة والخِلافة، فعهِد بعبدالحميد بعدَ وفاة أمه إلى زوجةِ أبيه "بيرستو قادين"، التي اعتنتْ بتربيته، ولم تكن قد رُزِقت أولادًا، وأَوْلتْه محبتها؛ لذا منحَها عند صعوده للعرش لقَب "السلطانة الوالدة".

 

وعُرِف عنه مزاولةُ الرياضة، وركوب الخيل، والمحافظة على العبادات والشعائر الإسلامية، والبُعد عن المسكرات والميْل إلى العُزلة، وكان حذرًا كتومًا جدًّا، قليلَ الكلام، كثيرَ الإصغاء، من الصعْب غِشُّه، وكان محافظًا على التقاليدِ الإسلامية الشرقية العثمانية التركية، وكان مِن مؤيِّدي المحافظة عليها، وتدرَّب على استخدام الأسلحةِ، وكان يُتقن استخدامَ السيف، وإصابة الهدَف بالمُسدَّس، وكان مُهتمًّا بالسياسية العالمية، ويُتابع الأخبارَ عن موقِع بلاده منها بعِناية فائقة، ودِقَّة نادرة.


تُوفي والده وعمره 18 عامًا، وصار وليَّ عهدٍ ثانيًا لعمه.

 

تولَّى السلطانُ عبدالحميد الثاني الخِلافة، في 11 شعبان 1293هـ، الموافق 31 آب (أغسطس) 1876م، وكان عمره آنذاك 34 عامًا إلا 19يومًا، وتبوَّأ عرش السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال، حيث كانتِ الدولة في منتهَى السُّوء والاضطراب، سواء في ذلك الأوْضاع الداخلية والخارجية.

 

التشويه والافتراء:

قال الأستاذ علي عبدالعال في مقال له: كاد أنْ يُجمِع العُدولُ مِن كتَّاب وباحِثي التاريخ على أنَّ تاريخ السلطان عبدالحميد الثاني نالَه من التشويهِ والافتراء ما لم تنلْه شخصية تاريخية على الإطلاق، حتى جاوزَ ذلك الحدَّ المعقول، فأُلصق به من الدكتاتورية والاستبداد والطغيان ما جَعَل أكبرَ جبابرة البشرية يتضاءلون جوارَه، وفي ذلك مِن الافتراء على الرجل الكثير والكثير، ولَمَّا كان السلطان عبدالحميد عَلَمًا على وجود الدولة العثمانية؛ نظرًا لطول الفترة التي قضاها حاكمًا لها - أكثرَ من ثُلُث قرن - فكان كلُّ حاقدٍ أو طاعن على الدولة التي ظلَّت تحتضن الخِلافة الإسلامية حتى أوائل القَرْن العشرين يرَى في السلطان الذي هو رأسُ الدولة الهدف الذي يَنبغي أن تُصوَّب له سهامُ الحِقد، فأَلْصقوا بالرجل كلَّ نقيصة، وشوَّهوا تاريخَه وطَعنوا فيه؛ ا.هـ.

 

وذَكَر السلطان عبدالحميد - رحمه الله - في مذكراته: "منذ إبعادي عن العَرْش حتى الآن كتَبوا ضدِّي مجموعةً من المقالات، وعديدًا من الكتب يقطر الدم مِن قلم أعدائي، فما أكثرَ ما لم أعملْه!"؛ ا.هـ.

 

كان للسلطان عبدالحميد منطلق فِكري وعقدي:

كان للسلطان عبدالحميد منطلَقٌ فِكري وعقدي، تمثَّل في أنَّ الإسلام - كما جاء في مذكراته - "هو الرُّوح التي تَسري في جِسم البشرية فتُحييها، وتغزو القلوبَ فتفتحها"، ويرَى "أنَّ القوةَ الوحيدة التي ستجعلنا واقفين على أقدامِنا هي الإسلام"، "وأنَّنا أُمَّة قوية بشرْط أن نكونَ مخلِّصين لهذا الدِّين العظيم".

 

وعرَف اليهود أنَّ طريق السلطان محفوفٌ بالخطَر، إذًا فلْيُزل السلطان، وليفتح الطرق أتباعُهم، يقول الأستاذ طه الولي: "كانتْ غايةُ اليهود إزاحةَ السلطان عبدالحميد مِن طريقهم الموصل إلى فلسطين؛ ولذلك تمكَّنوا مِن رِشوة بعضِ رجال الدِّين، ودفْع المناوئين له إلى الثورةِ عليه، والتخلُّص نهائيًّا منه؛ تمهيدًا للتخلُّص من الإسلام نفسِه فيما بعد، وقد واتتْ هذه الحرَكة الارتجاعية أملَها بالنصْر لليهودِ لتحقيقِ مطامعهم".

 

سياسته ومشاريعه:

ذكَر مصطفى عاشور في مقاله عن السلطان عبدالحميد: أنَّ السلطان عبدالحميد الثاني - رحمه الله - كان يرَى ضرورةَ العمل على توحيدِ القُوَى الإسلامية لمجابهةِ الرُّوح الاستعمارية الطامِعة في الدولة العُثمانية؛ لذلك سعَى إلى طرْح شِعار الجامعة الإسلامية، وجَعْلها سياسةً عُليا لدولة الخِلافة، فعمل على تدعيمِ أواصرِ الأُخوة بيْن مسلمي الصِّين والهند وإفريقيا، ورَأى في ذلك الشعارِ وسيلةً لتوحيد الصفوف حولَه وحول دولته في الداخلِ والخارج، فاستعان بمختلف الرِّجال والدُّعاة والوسائل؛ لتحقيقِ غرَضِه، فأقام الكلياتِ والمدارس، ورَبَط أجزاءَ الدولة بـ30 ألف كيلومتر من البَرق والهاتف، وبنَى غوَّاصة، وقامت تجارِب الغواصة من ماله الخاص، وفي ذلك الوقت لم تكن إنجلترا تملِك سفينةً تسير تحتَ الماء، وعُنِي بتسليح الجيش.

 

إلاَّ أنَّ أعظم مشروعاته الحضارية هو سِكَّة حديد الحِجاز؛ لتيسيرِ الحَجِّ على المسلمين، بحيث يستعاض بهذا المشروع عن طريقِ القوافل الذي كان يستغرق السفرُ به أربعين يومًا، وانخفضتِ المدة بالخطِّ الحديدي إلى أربعةِ أيام.

 

وقد خَلَق هذا المشروعُ العملاق - الذي وصلت تكلفتُه 3 ملايين جنيه، وقد استغرَق إنجازُه سبعَ سنين من 1320 - 1327 هـ - حماسةً دِينيةً بالِغة بعدَما نَشَر عبدالحميد الثاني بيانًا على المسلمين يدعوهم فيه للتبرُّع، وافتتح القائمة بمبلَغ كبير؛ فتهافتِ المسلمون من الهند والصين وبقية العالَم على التبرُّع، باعتبارِ أنَّ هذا المشروع هو مشروعُ المسلمين أجمعين، وتبرَّع السلطان بمبلغ (320) ألف لِيرة من ماله الخاص. وتبرَّع شاه إيران بخَمْسين ألفًا، وأرسل خديوي مصر عبَّاس حِلمي الثاني كميات كبيرة مِن موادِّ البناء، وتألَّفت في سائرِ الأقطار الإسلامية لجانٌ لجمْع التبرعات.

 

وأصدرتِ الدولة العثمانية طوابعَ (تمغات) لمصلحة المشروع، وجمعتْ جلود الأضاحي، وبِيعت وحُوِّلت أثمانها إلى ميزانية الخطّ، وبذلك انتقلتْ حماسة إنشاء الخطِّ الحجازي إلى العالَم الإسلامي، وكان مسلِمو الهند من أكثرِ المسلمين حماسةً له، ولم تقتصر تبرُّعات وإعانات المسلمين على الفتراتِ التي استغرقَها بناء الخط فحسبُ، بل استمرَّ دفعُها بعدَ وصوله إلى المدينة المنورة؛ أملاً في استكمالِ مَدِّه إلى مكة المكرمة.

 

وقد وصَل أوَّل قطار إلى المدينة المنورة في (22 رجب 1326هـ = 23 أغسطس 1908م)، وأقيم الاحتفالُ الرسمي لافتتاح الخطِّ الحديدي بعدَ ذلك بأسبوع؛ ليصادفَ تولي السلطان عبدالحميد الثاني السلطنة.

 

أسْدَى الخطُّ الحجازي خِدماتٍ جليلةً لحُجَّاج بيت الله الحرام؛ حيث استطاع حجَّاج الشام والأناضول قطعَ المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيَّام فقط بدلاً مِن أربعين يومًا، مع العِلم أنَّ الوقت الذي كان يستغرِقه القطار هو (72) ساعة فقط، أما بقية الأيَّام الخمسة، فكانت تضيع في وقوفِ القطار في المحطات، وتَغيير القاطرات.

 

استمرَّتْ سِكَّة حديد الحجاز تعمل بيْن دمشق والمدينة المنورة ما يقرُب مِن تِسع سنوات، نقلت خلالَها التجَّار والحجَّاج.

 

من أهم إنجازاته:

في وسط هذه التيَّارات والأمواجِ المتلاطِمة تَقلَّد السلطان عبدالحميد الحُكم، وبدأ في العملِ وَفقَ السياسة الآتية:

1- حاول كسْبَ بعض المناوئين له، واستمالتَهم إلى صفِّه بكلِّ ما يستطيع.

2- دعَا جميع مسلمي العالَم في آسيا الوسطى، وفي الهند والصين وأواسط إفريقيا وغيرِها - إلى الوَحْدة الإسلامية، والانضواءِ تحت لواء الجامعة الإسلامية، ونشر شعارَه المعروف "يا مسلمِي العالَم اتَّحدوا"، وأنشأ مدرسةً للدُّعاة المسلمين سرعانَ ما انتشر خرِّيجوها في كلِّ أطراف العالَم الإسلامي الذي لقِيَ منه السلطان كلَّ القَبول والتعاطف والتأييد لتلك الدَّعوة، ولكِن قُوَى

الغرب قامتْ لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها.

3- قرَّبَ إليه الكثيرَ من رجال العلم والسياسة المسلمين، واستمع إلى نصائِحهم وتوجيهاتهم.

4- عمِل على تنظيمِ المحاكم، والعمل في "مجلة الأحكام العدلية" وَفقَ الشريعة الإسلامية.

5- قام ببعض الإصلاحات العظيمة، مثل القضاء على معظَم الإقطاعات الكبيرة المنتشِرة في كثيرٍ من أجزاء الدولة، والعمل على القضاء على الرِّشوة وفساد الإدارة.

6- عامَلَ الأقليات والأجناس غيرَ التركية معاملةً خاصة؛ كي تضعفَ فكرة العصبية.

7- اهتمَّ بتدريبِ الجيش، وتقويةِ مركز الخلافة.

8- حَرَص على إتْمام مشروع خطِّ السكَّة الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة؛ لِمَا كان يراه مِن أنَّ هذا المشروع فيه تقويةً للرابطة بين المسلمين.

 

عبدالحميد والدول الكبرى:

كان السلطانُ شخصيًّا غيرَ مرغوب فيه بالنِّسبة للدول الأوروبية؛ لأنَّه يُمسِك في قبضته ملايينَ النَّصارى، وبصِفته خليفةً للمسلمين، فإنَّ له نفوذًا وسلطانًا رُوحيًّا على رعايا الدول الأوروبية المسلمين.

 

لم يكن مِنَ الممكن لأيٍّ من الدول الكبرى أن تقتطعَ أجزاءً من الدولة العثمانية في أوروبا أو البلقان في ظلِّ وجود عبدالحميد الثاني؛ لذا أخذتْ فِكرة إسقاطه تكتسب ثقلاً كبيرًا بيْن أعدائه.

 

وفي مذكرات السلطان عبدالحميد يقول - رحمه الله - في رسالةٍ كتبها بعد خلْعِه مِن الحكم إلى شيخه: "محمود أبو الشامات": "إنَّني لم أتخلَّ عن الخِلافة الإسلامية لسببٍ ما سوى أنَّني بسبب المضايقة مِن رؤساء جمعيةِ الاتحاد المعروفة، باسم جون تورك، وتهديدهم اضطررتُ وأُجبِرتُ على ترْك الخلافة، إنَّ هؤلاء الاتحاديين قد أصرُّوا علي بأنْ أُصادِق على تأسيسِ وطن قومي لليهود في الأرْض المقدَّسة، ورغم إصرارِهم فلم أقبلْ بصورة قطعية هذا التكليفَ، وأخيرًا وعدوا بتقديم 150 مليون ليرة إنجليزية ذهبًا، فرفضتُ هذا التكليف.

 

لقدْ خدمتُ الملَّة الإسلامية، والأمة المحمديَّة ما يَزيد على ثلاثين سَنة، فلم أُسوِّد صحائف المسلمين آبائي وأجدادي مِن السلاطين والخلفاء، وبعدَ جوابي القطعي اتَّفقوا على خَلْعي وأبلغوني أنَّهم سيبعدونني إلى (أسلانيك)، فقبلتُ هذا التكليف الأخير، وحمدتُ المولى، وأحمده أنِّي لم أقبلْ أن ألطِّخَ الدولة العثمانية والعالَم الإسلامي بهذا العارِ الأبدي، الناشِئ عن تكليفهم بإقامةِ دولة يهودية في الأراضِي المقدَّسَة".

 

ويلاحظ أنَّ السلطان عبدالحميد كان بعيدًا عن سَفْك الدماء، أو أسلوبِ الاغتيالات وتَصْفية معارضيه، وكان لا يلجأُ إلى عقوبةِ السجن إلاَّ في القليل، ثم يُغيِّرها بالنفي؛ ا.هـ.

 

قال جمال الدين الأفغاني في السلطان عبدالحميد:

"إنَّ السلطان عبدالحميد لو وُزِن مع أربعةٍ مِن نوابغِ رجال العصْر لرجحهم ذَكاءً ودهاءً وسياسة، خصوصًا في تسخيرِ جليسه، ولا عجبَ إذا رأيناه يُذلِّل لك ما يقام لملكِه مِن الصِّعاب من دول الغَرْب، ويخرج المناوئ له مِن حضرته راضيًا عنه، وعن سِيرته وسَيْره، مقتنعًا بحُجَّته، سواء مِن ذلك الملِك والأمير والوزير والسفير...".

 

ويقول أيضًا: "أمَّا ما رأيتُه من يقظة السلطان ورُشْده، وحَذَرِه، وإعداده العُدَّة اللازمة لإبطالِ مكايد أوروبا، وحُسْن نواياه، واستعداده للنهوضِ بالدولة الذي فيه نهضةُ المسلمين عمومًا، فقد دفعَني إلى مدِّ يدي له، فبايعتُه بالخِلافة والملك، عالِمًا علمَ اليقين، أنَّ الممالك الإسلامية في الشَّرْق لا تَسْلَم مِن شِراك أوروبا، ولا من السعي وراءَ إضعافها وتجزئتها، وفي الأخيرِ ازدرائها واحدةً بعدَ أخرى، إلا بيقظةٍ وانتباه عمومي، وانضواء تحتَ راية الخليفة الأعظم...".

 

من أقوال السلطان عبدالحميد:

"انصَحُوا الدكتور (هرتزل) بألاَّ يتَّخذ خطواتٍ جديةً في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلَّى عن شِبرٍ واحد من أرض فلسطين، فهي ليستْ مِلكَ يَميني، بل مِلكُ الأمَّة الإسلامية، ولقد جاهَدَ شَعْبي في سبيلِ هذه الأرض ورَواها بدَمِه، فليحتفظِ اليهودُ بملايينهم، وإذا مُزِّقتْ دولة الخِلافة يومًا، فإنَّهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثَمَن، أمَّا وأنا حيٌّ فإنَّ عملَ المِبْضع في بَدَني لأهونُ عليَّ مِن أنْ أرى فلسطين قد بُتِرتْ من دولة الخِلافة، وهذا أمرٌ لا يكون، إنِّي لا أستطيعُ الموافقةَ على تشريحِ أجسادنا ونحن على قَيْد الحياة"؛ ا.هـ.

 

وقال - رحمه الله -: "يجبُ تقويةُ روابطنا ببقيةِ المسلمين في كلِّ مكان، يجب أن نقتربَ مِن بعضنا البعض أكثرَ وأكثرَ، فلا أملَ في المستقبل إلا بهذه الوَحْدة، ووقتها لم يَحِنْ بعدُ، لكنَّه سيأتي اليوم الذي يتَّحد فيه كلُّ المؤمنين، وينهضون نهضةً واحدةً، ويقومون قومةَ رجلٍ واحد، يُحطِّمون رقبةَ الكفَّار"؛ ا.هـ.

 

لقد خَدَم السلطانُ عبدالحميد - رحمه الله - الأُمَّةَ الإسلامية مدَّةَ ثلاثين عامًا، وعلى الرغم مِن ضعْف الدولة العثمانية في عهودِها الأخيرة، وتكالب الأعداء عليها مِن جميعِ الجِهات أن يقومَ بخِدْمات جلَّى للبلاد، فاقتْ ما قام به أقرانُه مِن السلاطين المتأخِّرين... إلخ.

 

وبعدَ هذا السَّرْد الموجَز نعتذِر للقارئ الكريم أنَّنا لم نأتِ على كثيرٍ من جوانبِ حياة هذا الرجل البَطل، الذي ظلَّ وفيًّا لأمَّته؛ لأنَّ الإتيان على ذلك يطول، ولا تسمح لنا هذه الزَّاوية بهذا الأمْر.

 

فرَحِم الله السلطانَ عبدالحميد الذي ظلَّ وفيًّا لأمَّته إلى آخِر الرَّمَق، وقد وافاه الأجَل في 10 شباط عام 1918 م.

 

أحمد شوقي يرثي السلطان عبدالحميد الثاني:

ضَجَّتْ عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنَابِرٌ
وَبَكَتْ عَلَيْكَ مَمَالِكٌ وَنَواحِ
الهِنْدُ وَالِهَةٌ وَمِصْرُ حَزِينَةٌ
تَبْكِي عَلَيْكِ بِمَدْمَعٍ سَحَّاحِ
وَالشَّامُ تَسْأَلُ وَالعِرَاقُ وَفَارِسٌ
أَمَحَا مِنَ الأَرْضِ الخِلافَةَ مَاحِ
وَأَتَتْ لَكَ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَمًا
فَقَعَدْنَ فِيهِ مَقَاعِدَ الأَنْوَاحِ
يَا لَلرِّجَالِ لَحُرَّةٍ مَوْءُودَةٍ
قُتِلَتْ بِغَيْرِ جَريرَةٍ وَجُنَاحِ
إِنَّ الَّذِينَ أَسَتْ جِرَاحَكِ حَربُهُمْ
قَتَلَتْكِ سَلْمُهُمُ بِغَيرِ جِرَاحِ
هَتَكُوا بِأَيدِيهِمْ مُلاءَةَ فَخْرِهِمْ
مَوْشِيَّةً بِمَوَاهِبِ الفَتَّاحِ
نَزَعُوا عَنِ الأَعْنَاقِ خَيرَ قِلادَةٍ
وَنَضَوْا عَنِ الأَعْطَافِ خَيْرَ وِشَاحِ
حَسَبٌ أَتَى طُولُ اللَّيَالِي دُونَهُ
قَدْ طَاحَ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَصَبَاحِ
وَعَلاَقَةٌ فُصِمَتْ عُرَى أَسْبَابِهَا
كَانَتْ أَبَرَّ عَلائِقِ الأَرْوَاحِ
جَمَعَتْ عَلَى البِرِّ الحُضُورَ وَرُبَّمَا
جَمَعَتْ عَلَيْهِ سَرَائِرَ النُزَّاحِ
نَظَمَتْ صُفُوفَ المُسلِمِينَ وَخَطْوَهُمْ
فِي كُلِّ غَدْوَةِ جُمْعَةٍ وَرَوَاحِ
هُوَ رُكْنُ مَملَكَةٍ وَحائِطُ دَولَةٍ
وَقَرِيعُ شَهْبَاءٍ وَكَبْشُ نِطَاحِ
عَهْدُ الخِلاَفَةِ فِيَّ أَوَّلُ ذَائِدٍ
عَنْ حَوْضِهَا بِبَرَاعَةٍ نَضَّاحِ
حُبٌّ لِذَاتِ اللَّهِ كَانَ وَلَمْ يَزَلْ
وَهَوًى لِذَاتِ الحَقِّ وَالإِصْلاَحِ

 

كما رثاه شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي:

وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ الْخَلِيفَةَ رَحْمَةً
إِلَى النَّاسِ إِنَّ اللَّهِ لِلنَّاسِ يَرْحَمُ
أَقَامَ بِهِ الدَّيَّانُ أَرْكَانَ دِينِهِ
فَلَيْسَتْ عَلَى رُغْمِ العِدَا تَتَهَدَّمُ
وَصَاغَ النُّهَى مِنْهُ سِوَارَ عَدَالَةٍ
بِهِ ازْدَانَ مِنْ خَوْدِ الحُكُومَةِ مِعْصَمُ
وَكَمْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَآثِرٌ
بِهِنَّ صُنُوفُ النَّاسِ تَدْرِي وَتَعْلَمُ
وَيَشْهَدُ حَتَّى الْأَجْنَبِيُّ بِفَضْلِهِ
فَكَيْفَ يُسِيءُ الظَّنَّ مَنْ هُوَ مُسْلِمُ
سَلاَمٌ عَلَى الْعَهْدِ الحُمَيْدِيِّ إِنَّهُ
لَأَسْعَدُ عَهْدٍ فِي الزَّمَانِ وَأَنْعَمُ

 

انظر المزيد:

(تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون - تاريخ الدولة العثمانية يلمازأوزتونا - مذكرات السلطان عبدالحميد - مذكرات الأميرة عائشة - صحوة الرجل المريض - الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط: لعلي محمَّد الصلابي - الموسوعة الحرَّة ويكيبيديا).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (1/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (2/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (3/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (4/4)
  • السلطان مراد الأول
  • السلطان مراد الثاني

مختارات من الشبكة

  • السلطان عبدالحميد " الخليفة المفترى عليه "(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • تركيا: افتتاح مسجد السلطان عبدالحميد في مدينة قيصري(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التعليم في بلاد الشام في عهد السلطان عبدالحميد الثاني(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • هل صحيح أن السلطان عبدالحميد فرط في فلسطين؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفكر العسكري عند السلطان ألب أرسلان السلجوقي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السلطان مراد الأول.. مشروع الدولة العلية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قاعدة: السلطان ولي من لا ولي له: دراسة فقهية تأصيلية تطبيقية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دعاء لقاء العدو وذي السلطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مدرسة جامع السلطان امتداد لمدرسة الإمام أبي حنيفة (دورها وتعيين موقعها)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السلطان شهاب الدين الغوري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب