• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

هل حقا كان خط الرافعي رديئا؟

هل حقا كان خط الرافعي رديئا؟
فضل محمد الحميدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/1/2022 ميلادي - 18/6/1443 هجري

الزيارات: 4661

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هَلْ حقًّا: كانَ خطُّ الرَّافِعيّ رَدِيئًا؟

فضل محمّد الحميدان[1]

 

ما زِلْنَا كلّما قرَأْنا عبارةَ الأستاذ سعيد العريان رحمه الله [2]:

" وكانَ الرَّافِعيّ رديءَ الخطّ لا يكادُ يُقرأُ إلا بعدَ علاجٍ ومعاناةٍ، فكانَ الأستاذُ مهدي (أستاذُه في اللغة العربية) يسخَرُ منهُ قائلاً:" يا مصطفى، لا أحسَبُ أحداً غيري وغيرُ اللهِ يقرأُ خطّكَ"، وقدْ ظلَّ خطُّ الرَّافِعيّ رَدِيْئًا إلى آخرِ أيّامِهِ"[3].

 

[صورةُ الاقتباس كما هو في كتاب العريان" حياة الرّافعيّ"- ص 28 ]


= استحضرْنَا في الذاكرة ما كان ويكون على صفحات التّواصل كلّها، من اشتجارِ الأقلام بين محبّيه، وقارئي أدبِهِ، حول هذه الفكرةِ الباقية ما بقي الرّافعي وأدبِهِ.

وخلاصة اشتجارِ هذهِ الأقلامِ واحترابِها تَغْدو بسؤالٍ واحدٍ وتروحُ:

هَلْ حَقًّا: كَانَ خطُّ الرَّافِعيّ رديئًا؟

وأمّا قبلُ..

فإنّه من البديهةِ القولُ: إنّ مَنْ قرأ ما كتبَ العريان حولَ هذه المسألةِ لا بدَّ وأن يوافقَهُ رأيه، فالعريانُ صِنْوُ الرّافعيّ[4]، ومُترجِمُ حياتِهِ، وصديقُ دربِه، والشاهدُ على أسرارِ أكثرِ مقالاته، وكاتبها عنه: الرّافعيّ يُملي عليه، وهو يكتبُ....

 

وهنا يطالعُني في مناقشةِ هذه القضيّةِ تساؤلاتٌ منطقيّةٌ تُمهّدُ لها:

• هل الخطُّ، وصورتُهُ، والحكمُ عليه، أمرٌ يختلفُ النّاس في تقييمِهِ، وتذوّقِهِ، والحكمِ عليه؟

 

• وهل للخطِّ، عند الكاتبِ الواحدِ، صورةٌ واحدةٌ، تأتي منه متماثلةً متشابهةً كما هي، بجلّها وجليلها، في أحوالهِ كلِّها، على هيئةٍ واحدة: في راحتِه وتعبِهِ، وفي غضبِهِ وهدوئِه، وفي بطئه وعَجَلَتِهِ؟

 

• وهل خطُّ المرءِ في صِغَرِهِ باقٍ برسمهِ حتّى في كِبَرِه ونضُوجِهِ واكتمالِ أدواتِهِ؟

 

• وسؤالٍ بآخرةٍ، وهو أهمّها: هلْ من فرقٍ بينَ جمالِ الخطِّ ورداءَته من جهة؟ وبين صعوبَةِ الخطّ وتشابكِهِ وتعقّده من جهةٍ ثانية؟

 

= كلُّ هذهِ الأسئلةِ ستساعدُنا في إبرازِ تصوّر ربما يكونُ مختلفًا عمَّا فُهم من كلام العريان وتقريره عن خطّ الرّافعيّ.

وبعدُ..

فإنّهُ لا بدّ، قبلَ أن نشير إلى النماذجِ الخاصّة بخطّ الرّافعيّ وتحليلِها وإتمامِ مناقشتِها، = أن نُلمِحَ إلى حقائقَ تتعلّقُ بالخطّ وصفاته وصلاته بصاحبِهِ: رسمًا وتنظيمًا، وجمالًا وقبحًا، إذ إنَّ العربَ قد عَرَفُوا أسرارَ الخطِّ، وعرّفُوها، ودَرَسُوا حالاتِها، ودرّسُوها، فقالوا: الخطُّ لسانُ اليد[5]، وقال معهمُ ابنُ سيرينَ رحمه الله تعالى جميعًا:" أجودُ الخطِّ أبينُهُ"[6].


ولنا أن ننظرَ، في هذه الدّراساتِ العِلميّة الماتعةِ، الحالةَ النفسيّة للكاتب حين يرسمُ حروفَهُ على بياضِ الصفحات؛ ننظرُها في حالاته المختلفةِ: بين الرّاحة والتَّعب، وبينَ الرّضا والغَضَب، وبينَ السّرعة والبطء، واهتمامُهُ بموضوعِه الذي يكتبُ فيه وانعدامُ هذا الاهتمامِ، فلكلٍّ من هذه الأحوالِ أثرُها الكبيرُ في طريقةِ رسمِ الحرف وترجمتِه: مكتوبًا على الورق، ومرسومًا على سوادِ صفحاتِ الكتابة، وهــــذا كلُّهُ مبنيٌّ على أسسِ علم الجرافولوجي الخاصّ بالخطّ وأنواعِهِ.


ووفْقَ هذا العلمِ (الجرافولوجي )؛ فإنَّ أصحابَ الخطوطِ غيرِ المقروءةِ غالبُهم العلماءُ؛ حيثُ أكّدَ الدكتور هاشم بحري، أستاذ الأمراض النفسية بجامعة الأزهر[7]، أنّ أصحابَ الخطوطِ غيرِ المقروءةِ همُ الأكثرُ إبداعًا، وأنّ صاحبَ الخَطِّ المنظَّمِ، والمرتّبِ أفكارَهُ = لديه نظامٌ ونهْجٌ محدّدٌ يسيرُ عليهِ، وأرجو أن يربطَ القارىءُ هذا بحالِ الرّافعيِّ وخطّهِ كما وصفه العريان..


ويقول الدكتور هاشم بحري: إنَّ شخصيةَ الإنسانِ عبارةٌ عن سلوكياتٍ تَظْهَرُ من خلال أشكالٍ وطرقٍ مختلفة، من ضمنها طريقةُ الكلام والكتابة، فالخطُّ جزءٌ من الشَّخصية، حيثُ نجد أنَّ كلَّ خطٍّ مرتبطٌ بعددٍ من الصِّفاتِ السُّلوكية، إذْ إنّ تحليلَ خطِّ اليد يكشفُ الكثيرَ من الملامح والصّفاتِ المتعلّقةِ بشخصيةِ الإنسان، ومنها: العصبيةُ، الكتمانُ، الطُّموحُ، الغرورُ، الكذبُ، البخلُ، والقدرةُ على إنجاز كثيرٍ من الأعمالِ إلى جانبِ العديد من الصِّفات الأخرى.

 

وإنَّ مطالعةَ نماذجَ من خطِّ الرَّافِعيّ، من زمنٍ سابقٍ لتلكَ الفترةِ التي كان يُملي فيها على العريان، أي قبل زمانِ تعرّفِهِ عليه، وهو عام 1932م[8] = تأخذُنا إلى حقيقةٍ تخالفُ هذا التّقريرَ الذي جاء في ترجمةِ صاحبِهِ وتلميذِهِ الأستاذ سعيد العريان له.

 

ولنا مثلًا أن ننظرَ أولًا في هذا النموذجِ الذي كتبَه الرَّافِعيّ عام 1929م؛ أي قبل ثلاثةِ أعوام من زمنِ تَعَرُّفِ العريان عليه= لنرى أنّ سماتِ خطِّ الرّافعيّ ههنا تعكسَ، في رسْمِ خطِّه، وضوحَ الحرفِ، بل: وجمالَه كذلك، لا تعقيدَه وقبحَهُ ورداءَتَه؛ فهو يجمع فيه، كما في النّموذجِ ههنا، بين خطَّيْ: الرّقعة بحدّة أكثرِ زوايا الحروف فيه، والفارسيِّ بامتداد نهاياتِ هذه الحروف فيه، واستدارة بطونها، ولك، أيّها القارئ أنْ تتبيّنَ ما أقولُهُ بتأمّل يسير لهذا النّموذج:


وبالعودةِ إلى الدّكتور هاشم بحري في مقالِهِ؛ فإنّه قد أشارَ إلى أنّه يُمكِنُ، ومن خلالِ علمِ (الجرافولوجي)، التَّوَصُّلُ بأكثرَ من طريقةٍ لملامحِ الشَّخصية، حيث يمكنُ دراسةُ تَبَاعُدِ الأسطرِ وتقاربِها، وشكلِ الخطِّ من حيث الانحناءُ أو التَّقويس، أو ميلُ الكلماتِ وتباعدُ الأحرفِ، ولذلك يمكنُ من خلال هذا العلمِ قراءةُ الدّماغ على الوَرَق.


وعن ميلِ الكلماتِ إلى التَّقارب والتَّمدُّدِ والتَّقوُّس بحيثُ تصبحُ القراءةُ محتاجةً للتّدقيقِ والتّحليل كأنّما تقرأُ مخطوطًا؛ فلنا أنْ نفسّرَ هذا النموذجَ من رسائل الرَّافِعيّ للعريان:

 

= فالمتأمّل في الرّسالة أعلاهُ يلحَظُ جمالَ الحَرْفِ عندَ الرّافعي، ودقّةَ كتابتِهِ، ولكنّ تداخلَ هذا الحرفِ مع سابقه ولاحقه، واقترابِ المسافات فيما بينَهُ وبين جيرانيه= تجعل من قراءته أمرًا ليس باليسير على القارىء البسيطِ المتعجّل، وخاصّة ذلكَ القارئ الذي لا يدري صورَ الخطوطِ، وطريقَ تفرعاتِ صورِ الحروف فيها، ومَنْ يُدَقِّقْ يِجِدْ أنَّ الرَّافِعيّ يكتبُ رسالتَهُ ليُخبرَ بها صاحبَهُ العريانَ بوفاةِ زوجةِ أخيه في دمنهور، والرّسالة بتاريخ 1936م.


إذًا، فإنّ هذهِ النّماذجَ التي مرّت بنا من خطّ الرّافعيّ لا تعكس، كما ترى أيّها القارىءُ، قُبْحَ الخطّ عندَه أو رداءَتَه، فهي نماذجُ تعكسُ جمالَ حرف الرَّافِعيّ وحسنَهُ، وتعكس، كذلك، صورةً من صعوبةِ قراءته، وهذا لا ينكرُهُ منكِرٌ رشيدُ النَّظَر، لكنّهُ فَرْقٌ كبيرٌ في الحكم على خطٍّ: بينَ الرّداءة مع القبحِ وعدمِ الوضوح، وبين الصُّعوبةِ في قراءته مع جمالِ حرفِهِ وموسيقى حركتِهِ، فما زلنا نرى اللوحاتِ الفنيةَ الباهيةَ التي نتحدى أنفسنا، وبعضنا بعضًا في قراءتها لتداخُلِ حُروفِها، وصعوبةِ تصويرِها، فصعوبةُ قراءَتها لا تنفي عنها جمالَها وموسيقى حروفها، وهذا برأيي إشكالُ قضيةِ خطِّ الرّافعي، فهو خطٌّ جميلُ الحرف، لكنّه لتداخُل هذا الحرفِ مع سابقِهِ ولاحقِهِ غدا صعبَ القراءة، لا رديئَها.


ولنا أن نأخذَ نموذجًا آخرَ كتبه الرَّافِعيُّ على عَجَلٍ، وهي رسالةُ تَوْصِيَةٍ في العَريان كما يتّضح، ولنا أن نلاحظَ حروفَها كيف اضطربَتْ، وابتعدَتْ عن الاستقامة في تمديداتِ بعضِ حروفِها، لكنها بقيت واضحةً مقروءةً، لا مُستغلقةً خافيةً، أو قبيحةً رديئةً:

[ أقدّمُ إليكم صاحبنَا الشّيخ سعيد العريان، مع التّحيات الطّيبة]

 

وهذا نموذج آخرُ أيضًا من رسائله لأبي ريّة في 20 ديسمبر سنة 1920، أي قبل معرفتِهِ للعريان باثني عشر عامًا، يقول [9]:

" طنطا، في 20 ديسمبر سنة 1920


أيّها الفاضل الأديبُ:

السّلامُ عليكم، وبعد فإنّي أشكر لكَ ما أطريْتَ، وأحمدُ إليكَ كما أثنيتَ، وأرجو أن تكونَ أهلًا لخيْرِ ما وصَفْتَني به إن شاء اللهُ؛ فإنّ الأدبَ يرقُبُ نوابغَهُ دائمًا من بينِ المُعجبينَ به، والرّاغبينَ فيه وذوي الحرص عليه.


أمّا ما سألتَ من أمرِ كُتُبِ النّحو والصّرف، فيشُقُّ عليَّ أن أدلّكَ على غرضِكَ منها، لأنّي لستُ على بيّنةٍ من قوّتِكَ في فهْمِ كُتُبِ القومِ والبصر بها، غير أنّك لو سألتني عن أنفعِ وأمْتَعِ كتابٍ طُبِعَ في النّحو لدللْتُكَ على " شرح الكافية للرّضي"، وهو كتابٌ ضَخْمٌ ليسَ في كُتُبِ العربيّة ما يساويه بحثًا وفلسفةً. وللرّضي أيضًا شرحٌ على الشّافية في الصّرف، هو كصِنوهِ في النّحو، لا يعدِلُهُ غيرُهما، فاشترِهما، وضُمَّ إليهما كتاب" متن التّوضيح" لابن هشام وشرحه، فإنْ لم تنتفع بالأوّلين انتفعتَ بالآخرين.


وإلى اللهِ الدّعاء في توفيقِكَ وتسديدكَ، واذكرْ (أذكرُ) أنّي مُعجَبٌ برغبَتِكَ في الأدب وإخلاصِكَ لأهلِهِ، والسّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته.

مصطفى صادق الرّافعي".


وفيما يلي صورة خطّ الرّافعي:

 

وهو خطٌّ بائنٌ عمّا فيه من معانٍ، لطيفُ الرّسم، باهي الحرف، تبوحُ صورُه بوضوحِهِ، بل بحسنِهِ وورائِه، فأين الرّداءةُ منه، وأين السّوءُ والقبح فيه.

 

وبعدُ أيّها القارئونَ...

فلكم أنْ تنظروا إلى الخَتْمِ الإشاري الذي تلا كلمةَ (الطّيّبة)، فهي رسمٌ اعتادهُ الخطّاطون في نهايةِ جُمَلِهم.. أفلا يُنبيكَ هذا بأنّ للرافعيِّ الأديبِ المُلهم خطًّا يحاكي إبداعَهُ الأدبيّ، ويحولُ مضاهاةَ علمِ صاحبِهِ وتقدّمِهِ؟


هذا، ولا بدّ لنا أن نعلمَ أنّ الجمالَ والقبحَ في الخطّ أمرٌ نِسبيٌّ، ووَفْقًا لعلم الخطّ (الجرافولوجي)= فإنَّ الخطَّ الجميلَ هو الخطُّ المقروء، وتحليلُ الشّخصيةِ فيه يتمُّ من خلال شَكْلِ الخطّ بِصَرْفِ النّظَرِ عن كونهِ جميلًا أو قبيحًا، كما نجد أنّ الشّخص الذي يكون خطُّهُ منظَّمًا ومرتَّبًا تكونُ أفكارُهُ مرتَّبةً، ولديهِ نظامُ ونَهْجٌ مُحدَّدٌ يسيرُ عليه، أمّا الشّخصيةُ التى يكونُ خطّها غيرُ مقروء فإنَّ ذلكَ يشير إلى أنّها تبدعُ أكثرَ من غيرِها من الشّخصياتِ الأخرى التي قد تتميّزُ بالخطّ الجميل[10].


وفي الخِتَامِ أدعوكم إلى المقارنةِ بين خطِّ العريان، والخطِّ المنسوبِ للرّافعي في اللوحات السّابقة، لتروا أنّ للرّافعي في خطّه، كما له في أدبِهِ، أحوالًا من الوضوحِ والتّعقيدِ، والقُرْبِ من القارىء والبعدِ عنه، فإنّ له في خطّه أحوالًا مشابهةً، وهذا التنوّعُ في صورة الخطّ للإنسان الواحد، بين الوضوحِ والتّعقيد، قد لاحظهُ العلماءُ والخطّاطون، وقد كنتُ عَرَضْتُ نماذجَ من خَطّ شيخِنا الرَّافِعيّ على غيرِ خبيرٍ بالخطّ العربيّ، فأكّدوا لي جميعُهم أنّها للرّافعي نفسِهِ، وذلكَ مِنْ خلال تَتَبُّعِ روحِ حرفِهِ وحركتِهِ، وطريقةِ تغيُّرِهِ حتّى في الصّفحة الواحدةِ كما ستجدُ في مقدّمتهِ لديوانِهِ في النّموذج أدناهُ...


وأترُكُ بين أيديكم ههنا نموذجين من خطّ العريان، تأمّلوهما، فهم يظهرانِ أنّ العريانَ كانَ كاتبًا خطّاطًا بديعَ الحرفِ، ولستُ أستبعدُ أنّ جزءًا من حكمِهِ على خطّ أستاذِهِ الرّافعيّ قد جاءَ من مقارنتِهِ خطّهُ الباذجَ الواضحَ المنظّمَ بخطّ الرّافعيّ، وهذا يقعُ في حياتِنا ونظرتنا في أحكامِنا على ما حولنا من الصّورِ والمشاهد، ثم قارنوها بخط الرَّافِعيّ، لتعلموا أنهما طريقانِ منفصلان، وخطّان متباينان، فخطُّ الرّافعيّ موصومٌ بختمِهِ عليهِ، على الرّغم من تبدّلِ حروفِهِ رسمًا بين نموذجٍ وآخر، وقد شرحتُ هذا في مطلعِ هذهِ المقالة..


 

 

ثم انظروا خطَّ الرَّافِعيّ ههنا:

 

وفي خِتامِ الخِتَام...

فإني أعتقدُ أنّ وسْمَ خطِّ الرَّافِعيّ بالرّدَاءةِ إنما هو سَبْقُ قَلمٍ مِنَ العريان رحمه الله جاءَ على طريقِ الفكاهةِ والتّنفيس على القارئ، وإنّه إنّما أراد بالرّداءة، والله أعلمُ، الصّعوبةَ في القراءة، فهو لمْ لم يُرِدْ جمالًا ولا قُبحًا، ولعلّه ساقَ هذهِ القصّةَ بهذهِ الطّريقةِ الفُكاهيّة، في سياقِ لقاءِ الأستاذ مهدي خليل[11]، أستاذ الرّافعيّ في المرحلة الابتدائيّة، من باب إمتاع القارىء وتسليتِهِ بهذا النّمَطِ من النكتة التي يحبُّها القارىء العربيّ، وتبعثُ في نفسِهِ النّشاط للاستمرارِ في القراءةِ والإفادَةِ، فكيف إن كانتْ هذه النكتةُ متلّقةً بكاتبٍ جادٍّ ملهِمٍ كأستاذه الرَّافِعيّ.


وعلى كلِّ حال، فإنّهُ لَفَرْقٌ زمنيّ طويلٌ بين تقريرِ الأستاذ مهدي خليل في السّنةِ التي كان فيها الرَّافِعيّ طالبًا بين يديهِ في الابتدائية- وليكن عمرُه وقتها ثماني سنين أو اثنتي عشرة سنة (تقريبًا من 1888- إلى 1894م)- وبين خطّه بعد عام (1903) مثلًا، وهو عامُ صدورِ ديوانِهِ الأوّل الذي احتفى به، واحتفى به وبصاحبِهِ النّاس.


ومرّةً أخرى، فبقاء خطّه إلى أواخرِ حياته صعبُ القراءة، لا رديءَ الصّورة = هو ما يتهيأ لي في تحليلي هذا، خاصة مع اضطراب روح الرَّافِعيّ ودوامِ ثورتِها وقلقِها وبحثها = هذه الرّوح الطّلُعَة التي لا تقف عن حركتها وتعبها وانشغالها بقضايا الأمّة وأدبها وتاريخها، ثم إنّ صَمَمهُ المبكّر في الثلاثين؛ عزّ العمر وسحره واختياله، وثورتَه الفكريّة الدّائمة على ما كان في عصره من العدول عن حقيقة الدين الحنيف، والأدب الرّصين، والفكر المتنور الموصول ببيان الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلّم= قد زادَ في قلقِهِ المستمرّ، واحتراب قلمِهِ مع أندادِه، وكثرة ذلك كثرةً جعلتْه حينَ يكتب يترجمُ كل ذلك بخطٍّ صعْبِ المراسِ، كفكرهِ ولغتِهِ وبيانِهِ، ولك أن أبوحَ بخاطر: إنّني لا أرى خطَّ الرّافعيّ إلا خطًّا كُتبَ موصولًا بعظمةِ أدب صحبِهِ وامتدادِه في التّاريخ= لا أراه إلا مخطوطاتٍ معتقّةً وكأنّها كُتبتْ في القرن الرابع أو الخامس والسّادس، ذلك العصر الذّهبي للمعرفةِ والإنجاز، ومن هذا فرداءَتهُ هي تاريخيته واتّصال طريقة كتابتِهِ بزمن الفحولة المسكونةِ في أدبه: أدب الأربعةَ عشرَ قرنًا كما يقول الطنطاويّ، وهذا عندي حسنٌ جديدٌ من حُسْنِ الرّافعي وجمالِهِ.


واتركْ كلّ ما كتبتُهُ ههنا وتذكّر أنّ عملَ الرّافعي من بداية وظيفتِهِ في محكمة طنطا حتّى وفاتِهِ= هو (كاتب محكمة طنطا)، فكيف لمنْ كان كاتبُ المحمكة أن يكونَ رديءَ الخطّ للحدّ الذي لا يقرؤه القارىء!!.


هذا، وإنَّ في حياةِ الرّافعيّ لغيرَ خبرٍ يشي بأنّ النّاس كانتْ تقرأ خطََ الرّافعيّ من غير صعوبةٍ، فلم تشتكِ من رداءةٍ فيه أو صعوبة، ولك في خبر مقدّمتهِ لديوانِهِ الأوّل مثلٌ وتقريبٌ.. وغير ذلك كثير...


المصادر والمراجع:

• أبي ريّة، محمود، رسائل الرّافعي، د.ط، (مصر، الدار العمرية، د.ت).

• حسين، قاسم، رحلة مع الخطّ العربي، روافد وذكريات، ط1، (مركز أوال للدّراسات والتوثيق، 2019).

• شوحان، أحمد، رحلة الخطّ العربي، ط1، (دمشق، اتحاد الكتّاب العرب، 2001م).

• العريان، سعيد، حياة الرَّافِعيّ، ط3، (مصر: المكتبة التّجارية الكبرى، 1955م).

• كسّاب، وليد، تحت الرّماد- محمّد سعيد العريان، ج 1، كتاب المجلة العربيّة، العدد 262، 1438هـ، ص 117.

• كسّاب، وليد، مقالات الرَّافِعيّ المجهولة، ج 1، كتاب المجلة العربيّة، العدد 242، 1438هـ

• كسّاب، وليد، مقالات الرَّافِعيّ المجهولة، ج 2، كتاب المجلة العربيّة، العدد 249، 1438هـ.

 

مواقع الكترونية:

https://twitter.com/sh7ahm/status/1276766349671510016?lang=fr

https://almesryoon.com

https://majles.alukah.net/t127306



[1] كاديمي وباحث سوري في اللغة والأدب، من كتبه: من وحي الرّافعي، دار المقتبس 2019م، والدلالة وضوابط تطوّر المعنى، دار الغوثاني 2021م.
[2] العريان، سعيد، حياة الرّافعي، ط3، ( مصر: المكتبة التّجارية الكبرى، 1955م)، ص 28.
[3] الرّديءُ من الأعمالِ ونحوِها: السَّيِّءُ، ومن معانيها: الفاسدُ، والضّعيفُ، ولا يخفى أنّ الخطّ الرّدِيءَ هو السّيّءُ، وسوءُهُ أنّهُ لا يُقرَأُ ولا يَبينُ.
[4] ِنْو الشّخص: أخوه وشقيقُهُ لأمّهِ وأبيهِ، وقد أردتُ هنا شدّةَ قربِهِ منه. المعجم التاريخي (صنو).
[5] سين، قاسم، رحلة مع الخطّ العربي، روافد وذكريات، ط1، (مركز أوال للدّراسات والتوثيق، 2019)، ص12.
[6] أحمد، شوحان، رحلة الخطّ العربي، ط1، ( دمشق: اتحاد الكّاب العرب، 2001م)، ص 14.
[7] ينظر كلامُهُ في الرابط الخاص بجريدة ( المصريون) في فهرس مصادر هذه المقالة.
[8] العريان، سعيد، حياة الرّافعي، ص 12.
[9] أبي ريّة، محمود، رسائل الرّافعي، د.ط، ( مصر، الدار العمرية، د.ت)، ص 13-14.
[10] ينظر مقال مجلة المصريين، الرابط في فهرس المصادر.
[11] توفّى الأستاذ مهدي خليل رحمَهُ الله عام 1944م، كما يذكر العريان في حياة الرّافعي ص 28.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (على السَّفُّود) لشيخ أدباء العربية الرافعي
  • الرافعي في الكتب والدراسات
  • أدبنا كيف ندرسه (الرافعي مثل وقدوة)
  • مصطفى صادق الرافعي (1297 – 1356هـ)
  • الرافعي
  • نجوى الرافعي
  • من رسائلي إلى الرافعي (2)
  • بين الرافعي والشاعر محمد بركات.. قلت في الحزن..
  • الرافعي بعيون تلميذه محمود شاكر

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب