• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

الفيزياء في الحضارة الإسلامية

الفيزياء في الحضارة الإسلامية
أ. د. عبدالحليم عويس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/9/2018 ميلادي - 24/12/1439 هجري

الزيارات: 30351

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفيزياء في الحضارة الإسلامية


يُعَرِّف ابن خلدون العلومَ الطبيعية أو الفيزياء بأنها: "العلوم التي تبحث عن الجسم من جهة ما يلحقه من الحركة والسكون".

وكما يذكر دونالد هيل فهناك نوعان من الفيزياء: تأمُّلية (نظرية)، وعملية.

 

وقد نزع هذان المدخلان إلى التقارب منذ الثورة العلمية في أوروبا (القرن السابع عشر الميلادي)، واتَّجها على أن يصبح كلاهما مكملًا للآخر.

 

أما في العصور الوسطى، فقد كان المدخلُ التأملي هو الأكثر اعتبارًا بين العلماء؛ بسبب النفوذ الهائل لأرسطو الذي أهمل دور الملاحظة، ومع ذلك فقد بلغ التبجيل لأرسطو حدًّا جعل تأثير أفكاره محبطًا للفكر الإبداعي، وفي الوقت نفسه كان هناك في العالم الإسلامي عددٌ من العلماء العظماء الذين أخذوا بالأسلوب العملي، وحققوا بعملهم هذا نتائج بالِغة الأهمية في مجال البحوث الفيزيائية[1].

 

وقد بدأ علم الفيزياء في الحضارة الإسلامية - شأن غيره من العلوم التجريبية - بترجمة التراث العلمي الفيزيائي في الحضارات السابقة، ولا سيما الحضارة الإغريقية، ومِن أهم المراجع اليونانية في علم الفيزياء والتي ترجمت مبكرًا إلى اللغة العربية، كتاب "الحركات" وكتاب "الحيل"، وكلاهما لأرسطوطاليس، وكتاب "رفع الأثقال"، وكتاب "في الأشياء المتحرِّكة من ذاتها"، من تأليف (أيرن)، وكتاب في "الآلات الحربية" لهيرون الصغير، ومنها أيضًا كتاب "الثقل والخفة" لأوقليدس، وكتاب "ساعات الماء التي ترمي بالبندق" لأرشميدس، وغيرها كثير، وقد درس علماءُ العرب والمسلمون هذه المؤلَّفات، ووقفوا على محتوياتها، ثم أدخلوا تغييرات بسيطة على بعضها، وتوسَّعوا في البعض الآخر، واستطاعوا أن يزيدوا عليها زيادات تُعتبر أساسًا لبحوث الطبيعة المتنوعة[2].

 

وفيما يلي نبذة مختصرة عن أبرز منجزات المسلمين في فروع علم الفيزياء:

أ- علم الحيل أو الميكانيكا:

في العصور اليونانية المتأخرة كرَّس عددٌ من العلماء بعضَ اهتمامهم للميكانيكا بنوعيها؛ (ميكانيكا الجوامد، وميكانيكا الموائع)، وهم: أرشميدس (ت 212 ق. م)، وفيلون البيزنطي (نحو230 ق. م)، وهيرون الإسكندري (عاش حتى 60م)، ومينيلاوس (نحو 100م)، وبابوس الإسكندري (أوائل القرن الرابع الميلادي).

 

وكانت أعمال هؤلاء الرجال معروفةً جيدًا للمسلمين، وأهمها رسائل أرشميدس المختلفة حول الإستاتيكا والهيدروستاتيكا، وقد كان كتاب "الميكانيكا" لهيرون مهمًّا أيضًا، وتم إحياؤه بترجمة عربية ممتازة على يد قسطا بن لوقا في القرن التاسع الميلادي، وتضم محتوياته حركة ثقل معلوم بقوة معلومة بواسطة تروس ومسائل هندسية، والحركة على مستوى مائل، وتوزيع الأحمال على عدد من الدعامات، والآليات الخمس البسيطة واستعمالاتها فرادى أو مجتمعة، والفائدة الميكانيكة، ومراكز الثقل (الجاذبية) لأشكال مختلفة، ورفع الآلات والضغوط[3].

 

ومن أشهر العلماء المسلمين الذين كتبوا في علم الميكانيكا:

أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي (الفيلسوف البغدادي الشهير) (ت 252هـ/ 867م)، وقد اهتمَّ الكندي اهتمامًا كبيرًا بعلم الميكانيكا، حتى إن العلماء كانوا يعتمدون على نظرياته عند القيام بأعمال البناء، كما حدث عند حفر الأقنية بين دجلة والفُرات.

 

أبناء موسى بن شاكر البغدادي: محمد وأحمد وحسين:

ولقد كان ثلاثتهم من كبار علماء الرياضيات والفلك في بيت الحكمة ببغداد، يقول القفطي: "كانوا أبصرَ الناس بالهندسة وعلم الحِيَل، ولهم في ذلك تآليف عجيبة، تُعرف بحيل بني موسى، وهي شريفة الأغراض، عظيمة الفائدة، مشهورة عند الناس".

 

ويصف ابن خلِّكان (كتاب الحيل) الذي صنفه الإخوة الثلاثة بأنه عجيب نادر، يشتمل على كل نادرة، وقد يكون هو الكتاب الأول الذي يبحث في الميكانيكا، ولقد وقفتُ عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها، وهو مجلد واحد".

 

ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب جمع فيه مؤلِّفوه علم المكيانيكا القديمة إلى جانب تجاربهم الخاصة، ويحتوي على مائة تركيب ميكانيكي؛ عشرون منها ذات قيمة علمية.

 

وقد برع علماء الحِيَل أو الميكانيكا في عمل آلات الحركة، وفي صناعة الأواني العجيبة ذات المنافع الكثيرة، ونعني بها: الآلات والأواني التي ابتكرها علماء بغداد للمنفعة العامة؛ كتدبير المنزل، أو آلات الحرب والري، والآلات الفلكية والساعات.

 

وتذكر المؤلِّفة الألمانية (زيغريد هونكه) في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب): أن أحمد بن موسى بن شاكر (أحد الإخوة الثلاثة) تفنَّن في الهندسة الميكانيكية، فاخترع تركيبًا ميكانيكيًّا يسمح للأوعية أن تمتلئ تلقائيًّا كلما فرغت، ويجعل القناديلَ ترتفع فيها الفتائل تلقائيًّا كلما أتت النار على جزء منها، ويُصب فيها الزيت تلقائيًّا، ولا تنطفئ عند هبوب الريح عليها، كما ابتكر آلة ميكانيكية للزراعة والفلاحة تُحدث صوتًا بصورة تلقائية كلَّما ارتفع الماء إلى حدٍّ معيَّن في الحقل عند سقيِه، واخترع عددًا كبيرًا من النافورات التي تظهر صورًا متعددة بالمياه الصاعدة"[4].

 

أبو عبدالله الخوارزمي:

وكتابه "مفاتيح العلوم" يحظى بأهمية خاصة، فهو موسوعةٌ للعلوم، والمقالة الثامنة منه مخصصة للميكانيكا، وتنقسم إلى قسمين:

أولهما: بعنوان "في تحريك الأثقال بقوة أقل والآلات المستخدمة لذلك الغرض": ومن ثم يتَّضِح أنه مستوحى مِن "هيرون"، لكن ما جاء في كتاب "مفاتيح العلوم" أكثر إيجازًا من نظيره في كتاب "الميكانيكا" لهيرون، وقد اقتصر الخوارزمي في مدخل (مادة) كل آلة على مناقشة أصل اسم الآلة وتاريخه (أتيمولوجيا الاسم)، مع وصف موجز لتركيب الآلة، والغرض منها، وحدَّد كل مدخل في عدة جُمل، وتشمل موضوعات هذا الفصل: الرافعة، ونقطة الارتكاز، والبكرة، والأسفين واللولب.

 

أما القسم الثاني من المقالة الثامنة، فهو يُعنى بالمكونات المستخدمة في الآلات البارعة الحيل (Ingenious devices)، وآلات أخرى[5].

 

أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري (ت 529هـ/ 1134م):

وهو عالم عراقي، عُني بعلم الميكانيكا، وصنَّف فيه كتاب "الحيل" أو "الجمع بين العلم والعمل"، وقد اهتمَّ في هذا الكتاب اهتمامًا كبيرًا بالمسائل العلمية لعلم الهيدروليكا، والآلات المتحركة بذاتها.

 

ب- علم المناظر والضوء "البصريات":

ويُعنَى هذا العلم بالبحث في نظرية الضوء وخواصِّه وظواهره وتطبيقاته والأجهزة البصرية بمختلف أنواعها، ويعرف علم المناظر في اليونانية باسم "أوبطيقا"؛ بمعنى البصريات.

 

ومن أهم الكتب اليونانية التي ترجمها العرب في علم البصريات كتاب "تحرير المناظر" لأوقليدس، وكتاب "البصريات" لبطليموس، ويعد الفيلسوف أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي (ت 252هـ/ 866م) من أوائل المشتغلين بهذا العلم في الحضارة الإسلامية؛ فهو كما يذكر دونالد هيل أول كاتب عربي يُعنَى بعلم البصريات.

 

ومن مصنفاته في هذا العلم رسالة في "اختلاف المناظر"، ورسالة أخرى في "المناظر الفلكية"، ورسالة في "اختلاف مناظر المرآة"، وصنَّف أيضًا رسالة في "عمل المرايا المحرقة"، ذكر فيها أنه يعرف عشرين شكلًا لها، وأوضح كيفية صنع المرآة المحرقة التي ينعكس منها أربعة وعشرون شعاعًا على نقطة واحدة، وكيف تكون النقطة التي تتجمع فيها الأشعة على أي بُعدٍ مِن وسط سطح المرآة، وقد دعَّم ذلك بالرسوم الهندسية.

 

وللكندي رسالة في "مطرح الشعاع"، نوَّه فيها إلى أن أرشميدس صنع مرايا مقعرة كرية الشكل، واستخدمها لحرق سفن العدو التي اقتربت من (سيراكوزة) بجزيرة صقلية.

 

ومن كتبه المهمة المبتكرة في هذا الحقل العلمي رسالة في "اللون اللازوردي المحسوس من جهة السماء"، ردَّ فيها اللونَ إلى غياب أو حضور نور الشمس، وأرجع زرقة السماء إلى إظلامِها، وإلى ذرَّات الغبار والبخار وضوء الشمس، على اعتبار أن اللون ما هو إلا نتيجة إدراكنا لتفاعل هذه الأشياء[6].

 

أما أشهر علماء البصريات في الحضارة الإسلامية غير مدافع، فهو الحسن بن الهيثم البصري البغدادي المصري، (ت 403هـ/ 1039م)، وُلِد الحسن بن الهيثم في عام (354 هـ/ 965م) في البصرة، وهو أحد علماء ثلاثة يَزدهِي بهم تاريخ العلم كله، وهم ابن سينا، وابن الهيثم، والبيروني، وهو بين علماء الطبيعة (الفيزياء) الإسلاميين يعتبر الأرفع شأنًا، والأعلى كعبًا، والأرسخ قدمًا.

 

وقد دأب ابن الهيثم على تحصيل العلوم الفلسفية والطبية والفلكية والرياضية؛ قرأها قراءة تدبر وتفكير ودراسة، وعُني بتلخيصها وشرحها، ثم ألف فيها العديد من الكتب والرسائل، والتي بلغت في مجموعها ما يزيد على المائتين في شتى مجالات المعرفة والعلوم، فبلغت في العلوم الرياضية (25) كتابًا، وفي الهندسة (21) كتابًا، وفي الحساب (3) كتب، وفي الطبيعة (الفيزياء) (24) مجلدًا، وفي الفلك (24) كتابًا، وفي الطب كتابين، وفي الفلسفة والمنطق وعلم النفس ما يزيد على أربعين مؤلفًا.

 

وتدل كتابات ابن الهيثم على استقلالِه الفكري، وقد أخذ ابن الهيثم بالاستقراء والمشاهدة والاستنتاج؛ مما وضعه في مقدمة علماء الطبيعة النظرية؛ بما وضع في ظواهر الضوء من نظريات في الإبصار، وقوس قُزَح، وانعكاس الضوء وانعطافه، كما يضعه منهجُه ذلك في المقدمةِ في علم الطبيعة، بما أجراه من بحوث مبتكرة في علم الضوء، وخاصة عندما أبطل الآراءَ القديمة في علم الضوء، والتي تقوم على أن رؤية الأشياء تتم بخروج شعاع من العين إلى الجسم الذي تبصره؛ فأكد أن الأشياء المرئية هي التي تعكس الأشعة على العين فتبصرها بواسطة عدستها.

 

وهكذا جعل ابن الهيثم علم الضوء يتَّخِذ صفةً جديدة، وينشأ نشأة أخرى غير نشأته الأولى، فكانت نظرياته هي الأساس الذي قام عليه علم الضوء الحديث.

 

ويعتبر كتاب "المناظر" لابن الهيثم من أكبرِ الكتب استيفاءً لبحوث الضوء، وأرفعها قدرًا، وهو يجري في عرضِه للمادة العلمية على غرار أحدث الأساليب العلمية القائمة على التجرِبة والمشاهدة والاستنتاج.

 

وقد أجمع علماء الغرب المحدَثون على أن المسلمين تفوَّقوا تفوقًا باهرًا في ميدان الفيزياء؛ وبخاصة ما يختص بالعدسات، والبصريات، والصوت، والمغناطيسية، والجاذبية، فقد سبَقوا علماءَ الإغريق.

 

وكان لكتاباتِ ابن الهيثم تأثيرٌ كبير على علماء الغرب؛ أمثال روجر بيكون، وكيلر، وغيرهما، بالنسبة لعلم الضوء والبصريات، فابن الهيثم هو أول مَن كتب في أقسام العين، كما كتب في خصائص العدسات والمرايا، وفسَّر كثيرًا من الظواهر الضوئية في الطبيعة؛ مثل انكسار الضوء الذي يصل إلينا منبعثًا من الأجرام السماوية، والهالة التي ترى أحيانًا حول الشمس والقمر.

 

ويقول دونالد هيل - منوهًا بفضل ابن الهيثم في مجال علم البصريات -: "الحقيقة أن كتاب (المناظر) يعد إلى حدٍّ بعيد هو الأعظم تأثيرًا من بين أعمال ابن الهيثم، ونظرًا لطبيعة كتاب ابن الهيثم البالغة التعقيد، بما تجمعه من اعتبارات فيزيائية ورياضية وتجريبية وفسيولوجية وسيكولوجية بطريقة متكاملة منهجيًّا - فإن تأثيره فيمَن جاء بعده من علماء البصريات - سواء في العالم الإسلامي أو في الغرب - كان عظيمًا دون أدنى مبالغة"[7].

 

كما كتب الخازن البصري أبحاثًا في المرايا وأنواعها وحرارتها، وله كتاب مشهور في علم الطبيعة هو "ميزان الحكمة"؛ الذي ترجم إلى عدة لغات أوروبية، وقام ابن سينا بدراسات جديدة في الحركة والطاقة والفراغ والضوء، وكتب الخوارزمي في الروافع "الميكانيكا"، كما كتبوا في الصوت وصداه[8].

 

ج - الساعات الشمسية والمائية:

تعدُّ صناعة الساعات مِن أهم ما أبدَعه المسلمون في عالم الميكانيكا، وكانت الساعات الشمسية النقَّالة مِن أكثر ابتكاراتهم فنًّا وأصالة، وكانت تعرف عندهم بساعة الرحلة، وكانت دائرية الشكل؛ في وسطها محور لتحديد موضع الشمس والوقت.

 

وقد اقتصرَت الفائدة في استعمال الساعة الشمسية (المزولة) على أيام الصحو، أما في أيام الغيم والمطر، فقد تعذر استعمالها؛ لأنها تقوم أساسًا على الظل، ومِن ثمَّ اضطر العلماء إلى استنباط الساعة المائية لحل المشكلة الوقتية، ولعل أبا يوسف الكندي (الفيلسوف البغدادي) كان أول مَن ألف رسالة في عمل ساعات مائية، على صفيحة تنصب على السطح الموازي للأفق[9].

 

وقد تقدَّمت صناعة الساعات في العالم الإسلامي في القرون الثلاثة (السادس والسابع والثامن) للهجرة، وتخصَّص بعض المهندسين في صنع آلاتها؛ مثل: علي بن تغلب بن أبي البيضاء (ت 683هـ/ 1284م)، ومما ينسب إليه تدبير الساعات المعلقة على أبواب المدرسة المستنصرية في بغداد، ويقال: إنه هو الذي صنعها.

 

د - الروافع ومراكز الأثقال:

وقد كان للعلماء المسلمين بحوثٌ نفيسة في دراسة الروافع وعملها، وكان لديهم عدد غير قليل من آلات الرفع، وكلها مبنيَّة على قواعد ميكانيكية تمكنهم من جرِّ الأثقال بقوى يسيرة.

 

وقد ذكر محمد بن موسى الخوارزمي (ت 236هـ/ 851م) في كتابه (مفاتيح العلوم) بعضَ التفاصيل عن هذه الآلات؛ مثل آلة المحيط، والبرطيس، والبيرم، والأسفين، واللولب، وغيرها، وهي كلها تعتمد على الارتكاز والمحاور.

 

أما علم مراكز الأثقال: فقد صنَّف فيه من العلماء:

أبو سهل الكوهي البغدادي (ت 405هـ/ 1014م)، وكان له السبق في دراسة مركز الأثقال؛ حيث استخدم البراهينَ الهندسية لحلِّ كثيرٍ مِن المسائل التي لها عَلاقة بإيجاد مركز الثقل، وكانت مثل هذه الدراسات تنال عناية عظيمة مِن طرف معظم علماء بغداد.

 

ويذكر (محمد عبدالرحمن مرحبا) في كتابه "الموجز في تاريخ العلوم عند العرب" أن أبا سهل الكوهي تلقَّى ما عند اليونان من معلومات هزيلة في حقل مراكز الأثقال، فجاء ببحوث جديدة في هذا الحقل؛ منها كيفية استخراج ثقل الجسم المحمول، وكذلك بحوث قيمة في المبادئ التي تقوم عليها الروافع.

 

الموازين:

وقد أدَّى التعمق في دراسة مراكز الأثقال ونظريات الروافع إلى اهتمام المسلمين بعلم الموازين دراسةً وتأليفًا وصناعةً، فعَرَفوا منها أنواعًا متعددة كالميزان العادي، والميزان المعروف بالقرَسْتون (الميزان ذي العاتق)، ويعرف أيضًا بالقبان، الذي جاء وصفه في رسائل إخوان الصفا (وهم جماعة فلسفية، عاشوا في البصرة وبغداد في أواخر القرن الرابع الهجري).

 

ومن العلماء البغدادين الذين صنفوا في الموازين وعلم الأوزان:

1 - ثابت بن قرة الحراني البغدادي (ت 288ه/ 900م)، صنَّف كتابين: أحدهما: كتاب "صفة استواء الوزن واختلافه وشرائط ذلك"، والثاني: كتاب "القرَسْطون".

 

2 - أبو بكر محمد بن زكريا الرازي البغدادي (المتوفى 320ه/ 932م)، وهو عالم موسوعي كبير، تقدَّم ذكرُه في علم الطب، وقد صنَّف عددًا من الكتب في علم الميكانيكا؛ منها "كتاب في أن للجسم حركةً من ذاته، وأن الحركة معلومة"، و"كتاب الحيل"، وصنف كذلك في الموازين كتاب "الميزان الطبيعي"[10].

 

ه - الجاذبية الأرضية:

درس علماء الفيزياء المسلمون قوةَ التثاقل الناشئة عن الجاذبية الأرضية، وسموها الميل الطبيعي، مفترضين أن لكل جسمٍ مكانه الطبيعي في منظومة الكون، فإذا ما أخرج منه قسرًا، نزع إلى استعادة مكانه الطبيعي.

 

ومن أبرز العلماء المسلمين الذين درَسوا تساقط الأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية:

• ثابت بن قرة الحرَّاني البغدادي (ت 288هـ).

• وأولاد موسى بن شاكر المنجم.

• وأبو الوفا البوزجاني البغدادي (ت 389هـ).

• والبيروني (ت 441هـ).

• وابن سينا (ت 428هـ).

• والخازني (ت 550هـ).

• وأبو البركات هبة الله بن مَلْكا البغدادي (480 - 560هـ)، وغيرهم.

 

وهؤلاء جميعًا حاوَلوا أن يُعلِّلوا العديد من خواصِّ الجذب؛ "فالمَدَرة - كما يقول ثابت بن قرة الحراني البغدادي - تعود إلى السفل؛ لأن بينها وبين كتلة الأرض مشابهة في كل الأعراض، من البرودة واليبوسة والكثافة، والشيء ينجذب إلى مثله، والأصغر ينجذب إلى الأعظم، وإلى المجاور الأقرب، قبل انجذابه إلى مجاوره الأبعد".

 

وقد ردَّ البيروني على المعترضين على دوران الأرض حول محورها؛ لأنها في زعم المعترضين لو دارت حول نفسها لطارت من فوق سطحها الأحجار، واقتلعت الأشجار؛ فردَّ عليهم بأن الأرض تجذب ما فوقها نحوَ مركزِها.

 

وكان للخازني دورٌ جليل في علم الجاذبية، وشرح في تجارب كثيرة كيف أن جميع أجزاء الجسم تتجه إلى مركز الأرض عند سقوطها؛ وذلك بسبب قوة الجاذبية، وعرف كذلك نسبة السرعة المتصاعدة في سقوط الأجسام، فذكر في كتابه "ميزان الحكمة" أن الجسم الثقيل هو الذي يتحرَّك بقوة ذاتية أبدًا إلى مراكز العالم، أي: إن الثقل هو الذي له قوة تحركه إلى نقطة المركز.

 

ومن الدراسات التي خاض فيها العلماءُ المسلمون، وتتعلَّق بظاهرة الجاذبية، بحثُهم في حركة المقذوفات؛ مِن حيث إن حركتها إلى أعلى تعاكس فعل عجلة الجاذبية الأرضية، أو أن القوة القسرية التي قُذف بها الجسم تعمل في تضادٍّ مع قوة الجاذبية، وقد بحث هذه المسألة أبو البركات هبة الله بن مَلْكا البغدادي (ت 560هـ/ 1164م) في كتابه "المعتبر في الحكمة"[11].

 

وهكذا مهَّد العلماء المسلمون السبيل ببحوثهم ودراساتهم أمام العالم الإنجليزي (نيوتن) (ت 1727م)؛ لكي يصوغ قانون الجاذبية الأرضية، وبهذا قدَّموا للتقدُّم الإنساني العلمي يدًا لا يجحدها إلا العنصريون المتعصبون، الذين يرون أنفسهم مركز الكرة الأرضية، أما غيرهم، فمجرد حواشٍ وأشباه آدميين!



[1] دونالد. ر.هيل: العلوم والهندسة، ص (87، 88).

[2] د. طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (259).

[3] دونالد. ر.هيل: العلوم والهندسة، ص (89).

[4] د. طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (259، 260).

[5] دونالد. ر.هيل: العلوم والهندسة، ص (90).

[6] د. طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (266).

[7] دونالد. ر. هيل: العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، ص (107، 108).

[8] د/ إسماعيل أحمد ياغي: أثر الحضارة الإسلامية في الغرب، ص (73)، وما بعدها.

[9] د/ طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (260).

[10] د/ طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (261، 262).

[11] د/ طه عبدالمقصود: الحضارة الإسلامية، ص (265).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفيزياء الفلكية وفيزياء الجسيمات
  • عالمة الفيزياء.. ريم الطويرقي
  • تاريخ علم الفيزياء عند المسلمين
  • واجب المسلمين نحو الحضارة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • معوقات استخدام معلمي ومعلمات الفيزياء في المرحلة الثانوية بمدينة نجران لتقنية الواقع المعزز في التدريس (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أساسيات الفيزياء: 450 مثال وتمرين محلول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفيزياء الحديثة طريق للإيمان - حوار الفيزيائي الشهير بيتر بسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فتى الفيزياء المشاكس - مقابلة أجراها بيرن (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • من مشاهير علماء الفيزياء المسلمين.. الخازن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • علماء المسلمين واكتشاف قانون الجاذبية(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • مربِّي الأجيال الأسـتاذ الفيزيائي أحمـد ذو الغـنى(مقالة - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • ساعدوني على ترتيب أولوياتي وتحقيق طموحاتي(استشارة - الاستشارات)
  • بنية المادة في فيزياء الكوانطا ومآلاتها الإبستمولوجية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • محتارة بين تخصص الطب والفيزياء(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب