ترجمة بهاء الدين أبي البقاء الشهير بابن الضياء

ترجمة بهاء الدين أبي البقاء الشهير بابن الضياء

نسبه:

محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد بن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن علي بن إسماعيل، أبو البقاء بن شهاب أبي العباس، وأبي الخير بن الضياء أبي عبدالله بن العز العمري الصاغاني[1] الأصل، المكي الماضي القرشي، فقيه حنفي، يعرف بابن الضياء كأبيه العلامة أحمد بن الضياء.

ولادته:

من مواليد ومنشأ مكة، بتاريخ التاسع من محرم سنة (789هـ - 1387م).

طلبه للعلم:

حفظ القرآن الكريم ومتونًا، وتلا على أبي عمرو علي الشمس الحلبي، ثم جمع السبع على محمد الصعيدي، وتعلَّم الفقه بمكة على يد والده الضياء، ثم تشعَّب في العلوم الأخرى أخذًا عن ابن حجر ومن هم في طبقته، والمحب أحمد بن أبي الفضل وعلي بن أحمد النويريين[2]، وابن صديق والشمس بن سكر والزين المراغي... وغيرهم، ثم سافر مرات إلى القاهرة، فقرأ على شرف الدين محمد بن الكويك الكثير، وعلى الجمال الحنبلي والشمس الزراتيتي ومثله الشامي... وآخرين، وأخذ النحو بمكة عن الشمس المعيد، وبالقاهرة عن العز بن جماعة، وعن الأخير أخذ الأصول والمعاني والبيان، وعن والده ابن الضياء والنجم السكاكيني، لكنه أكثر أخذًا من الأصول عن الشمس بن الضياء السنامي، والشهاب أحمد الغزي الشامي الشافعي، والشمس البرماوي، وجمع مختصر ابن الحاجب عن الإمامين المذكورين قبل البرماوي، ثم أخذ أصول الدين عن والده والشمس بن الضياء، وتلخيص المفتاح على النجم الواعظي، وأجازه أحمد بن حسن السويداوي وأحمد بن عبدالغالب الماكسيني، ورسلان بن أحمد الذهبي، وسعد السبكي، وعبدالرحمن بن الشحنة، وابن الملقن وابن حاتم؛ مما أهَّله بعدُ للتدريس والإفتاء موافقةً مِن قِبَل السراج والشهاب وآخرين، ثم نال بعد ذلك من العلوم الأخرى نصيبًا كبيرًا وحظًّا وافرًا.

مناصبه:

♦ أفتى ودرس وتفنَّن في التعليم عدة سنين، فتصدَّر للقضاء بمكة مدة سنتين نيابة عن أبيه، إلا أنه أُقِيل وعُزِل أثناء ذلك نحو ثلاثة أشهر، بمرسوم تلقَّاه أمير مكة صحبة السيد علي، ثم أضيف إليه نظر الحرم والحسبة، لكنه انفصل عنهما، وانفرد بمنصب القضاء إلى وفاته، مخلفًا وراءه أخاه أبا حامد في شغر منصبه.

مصنفاته:

♦ من كتبه: (شرح مجمع البحرين) في الفقه، صنَّفه في أربعة مجلدات، (البحر العميق في مناسك حج البيت العتيق) في أربعة أجزاء أيضًا، والربع الأخير منه فيه بعض حوادث مكة والكعبة والمسجد الحرام، و(شرحان على الوافي) مطول ومختصر في الفقه، و(الأدب المعنوي في شرح مقدمة الغزنوي) أيضًا مجلدان في الفقه، و(شرح البزدوي) في أصول الفقه، وصل فيه إلى القياس، و(المتدارك على المدارك) في التفسير توقَّف عند سورة يوسف، لكن نُقل أن والده أكمله، و(الشافي في مختصر الكافي) [3] غير مكمل، و(تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام)، قال عنه الإمام مصطفى حاجي خليفة: "وهو رسالة في كراسة ثم اختصرها"[4]، و(النكت على الصحيح) في الحديث النبوي، و(تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف)، و(المتدارك على المدارك في التفسير) كتب منه القليل، قال عنه الإمام شمس الدين السخاوي: "وله نظم كتبت منه في معجمي أبياتًا" ^[5].

ثناء العلماء عليه:

قال عنه الإمام السخاوي رحمه الله: "كان إمامًا علَّامة متقدمًا في الفقه والأصلين والعربية، مشاركًا في الفنون، حسن الكتابة والتقييد، عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء، بحيث بلغني عن أبي الخير بن عبدالقوي أنه قال: "أعرفه أزيد من خمسين سنة وما دخلت إليه قطُّ إلا ووجدته يطالع أو يكتب، حدث ودرس وأفتى وصنف، وأخذ عنه الأئمة كالمحيوي عبدالقادر المالكي، وعظمه جدًّا، وبالغ البقاعي في الإساءة عليه وعلى أخيه"[6]، وصفه في التبر المسبوك بقوله: "وكان إمامًا علَّامة متقدمًا في الفقه والأصلين والعربية، مشاركًا في الفنون، حسن الكتابة والتقييد، عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء، حدَّث ودرَّس وأفتى وصنَّف، وانتفع به جماعة"[7].

قال عنه الإمام ابن أبي عذيبة: "قاضي مكة المشرفة وعالم تلك البلاد ومفتيها على مذهبه، مع الجودة والخير والخبرة بدنياه، سافر وطوف البلاد، ومع ذلك لم تَفته وقفة بعرفة منذ احتلم إلى أن مات ودخل بيت المقدس مرتين"[8].

♦ أخبر عنه الإمام يوسف بردي الأتابكي بقوله: "ولما جاورت بمكة في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، صحبني وصار بيننا مودة أكيدة، وحضرت دروسه في عدة علوم، وأجاز لي بجميع ما يجوز عنه روايته، وبجميع مصنفاته، ورأيته رجلًا وفقه الله لطلب العلم، لا يكل ولا يمل من الاشتغال والإشغال والتصنيف"[9].

وفاته:

توفي بمكة - موطن ولادته - في ذي القعدة سنة (854هــ -1450م).

مصادر الترجمة ومراجعها:

1- الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، تأليف: خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين (بيروت - لبنان)، ط: الخامسة عشرة أيار/ مايو 2002 م، ج: (5)، ص: (332).

2- الأنساب للإمام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، حقق نصوصه وعلق عليه: محمد عوامة، مكتبة ابن تيمية القاهرة، ط: الثانية (1400هـ - 1980م).

3- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع؛ للقاضي العلامة شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، مواليًا له: الملحق التابع للبدر الطالع؛ للمؤرخ محمد يحيى زبارة اليمني، دار الكتاب الإسلامي القاهرة، ج: (2)، ص: (120، 121)، رقم: (407).

4- التبر المسبوك في ذيل السلوك؛ تأليف محمد بن عبدالرحمن السخاوي، مراجعة: أ. د. سعيد عبدالفتاح عاشور؛ تحقيق: د. لبيبة إبراهيم مصطفى، أ. نجوى مصطفى كامل، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية (القاهرة)، 2005م.

5- درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة؛ تأليف تقي الدين أحمد بن علي المقريزي؛ تحقيق وتعليق، د: محمود الجليلي، دار الغرب الإسلامي (بيروت - لبنان)، ط: الأولى (1423هـ - 2002م)، ج: (03)، ص: (359)، رقم: (1302).

6- الدليل الشافي على المنهل الصافي؛ تأليف جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي، تحقيق وتقديم: فهيم محمد شلتوت، مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع (القاهرة)، ج: (2) ص: (585 - 586)، رقم: (2010).

7- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع؛ للإمام المؤرخ الناقد شمس الدين محمد بن عبدالرحمن السخاوي، دار الجيل بيروت، ط: الأولى (1412هـ - 1992م).

8- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون؛ للعالم الفاضل الأديب المؤرخ عبدالله حاجي خليفة، دار إحياء التراث العربي، (بيروت - لبنان).

9- اللباب في تهذيب الأنساب؛ تأليف عز الدين بن الأثير الجزري، مكتبة المثنى بغداد.

10- المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي؛ تأليف: يوسف بن تغري بردي الأتابكي جمال الدين أبو المحاسن، تراجم: قارا بن مهنا بن عيسى، محمد بن تمام بن يحيى، تحقيق وصناعة الحواشي: د. محمد محمد أمين، تقديم: د. سعيد عبدالفتاح عاشور، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية (القاهرة)، 2002 م.