• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الثقافة والطبيعة

الثقافة والطبيعة
أسامة الدواح و خالد شرفاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/5/2017 ميلادي - 13/8/1438 هجري

الزيارات: 50537

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الثقافة والطبيعة


نعيش اليومَ في عالمٍ أقصى ما قد نقول فيه: إنه عالم المتغيرات بامتياز، تغيُّر طال كلَّ ما يوجد حول الإنسان من أشياء مادية، بل حتى ما يوجد بداخله من أفكار ومعتقدات وأحاسيس.


لقد تأثر الإنسان اليوم كثيرًا بأنماطِ الحياة الجديدة التي لا تعترف بالحدود مهما كانت؛ إذ ذابت كلُّ الفوارق والحواجز بين الشعوب حتى صار العالم "بيتًا واحدًا"، ولنا أن نتساءل عن أسباب كلِّ هذا التغير والتبدل، فنقول:

أليس الإنسان المسؤولَ الأوَّل عن كل ما يحصل حوله؟

أليسينشد التغيير والثورة على التقليد؟

ألم تكن الحرية مشعلَ الحداثة والتغيير؟

ألم يكن التواصل والتعارف اللامشروط بين الشعوب مطمحَ كل الشعوب؟


كلها أسئلة مطروحة وغيرها من التساؤلات التي تعبِّر عن حقيقة وجود الإنسان وعن طبيعة علاقاته بغيره، وعن رغباته وحاجاته إلى ضمان وجودٍ سليمٍ نحو التغير والتطور، وبِناء صرح حضاري من التعايش والانفتاح.


شاعت كثيرًا عبارة "الحوار" في العالم الحديث؛ تكريسًا لكل قيم التعارف والتضامن، والتواصل والسلم بين الأمم، في ظل عالم "العَوْلَمة" الذي طَغَت عليه المصلحة والسيطرةُ، فهي باعتبارها ظاهرةً مميزة كرَّست سيادة القطب الواحد تقتلُ الاختلاف الذي هو سُنة الكون، فالاختلاف الإنسانيُّ بكل تجلياته، إن على مستوى الأفكارِ، أو العادات، أو السلوكات، أو القيم، أو اللغة، أو الدين، أو العِرق، أو اللون...، وغير ذلك مما يميزُ الوجودَ الإنساني من بيئة لأخرى - يدعونا إلى التأملِ جيدًا إن كان العالم الجديد قد احترم كلَّ شكلٍ من أشكال التعدد والاختلاف بين البشر داخل منظومة العَوْلَمة.


إن كل مظهر ثقافيٍّ هو تجلٍّ لطبيعة وجود الإنسان ولتفاعله مع الواقع المحيط به؛ فالثقافة هي كل منظم وَفْق حدود الدين واللغة والبيئة؛ مما يجعل كل ثقافة تعبيرًا عن "هُوِيَّة" معينة، هذا بغضِّ النظر عن المشترَكِ بين الثقافات.


هنا تدعو الحاجة إلى إعادة النظر في كلِّ الأشكال الثقافية التي نادت بها الحياة الجديدة، والتي عمِلت على ترسيخها، حتى كان الأمر أشبهَ بمحاولة تشييدِ نمطٍ ثقافي واحد على حساب التعدُّد والتنوع، الذي هو سِمةٌ ثقافية تضمنُ حياة الثقافة واستمرارَها، وإلا فإن الكثير مما نعرفه من سلوكات وعاداتٍ سيموتُ قسرًا.


إن الثقافة أهمُّ ما يميز الإنسان ويطبع وجودَه كفاعل ومتفاعل، باعتباره فردًا أو جماعة؛ إذ هي مجال رحب واسعٌ من الممارسات والمواضعات التي يعيش فيها الفرد منذ ولادته، منذ تلك اللحظة يجد نفسه أمامَ عالمٍ من الرموز يحكمُها نظامٌ اجتماعي من المقولات الثقافية، وليجد نفسه مرة أخرى في صراعٍ حتميٍّ مع طبيعته وفطرته، وهذه الطبيعة الخارجية التي لا حدودَ لها، فكيف يعيش الإنسان بين طبيعتين؟ هل يولد صفحةً بيضاء، أم يتضمن في وعيِه الجمعيِّ خبراتِ الأسلاف؟ وهل تمارس الثقافة سلطة على الطبيعة والفطرة؟ وما هي حدود التعلم والاكتساب؟


وبصفة عامة: كيف يتحدَّد وجود الإنسان ويتشكَّل؟

لقد صار محل صراع وتجاذب بين طبيعتِه وفطرته وبين واقعه والمحيط به؛ هذا الواقع الذي ذابت فيه القيمُ وانصهَرَت الأعراف، وتفاعلت بسببه العادات والممارسات، فأنتجت سلوكات خلَّاقة حينًا، ومشوهة حينًا آخر.


فتاريخ الفكرِ يشهَدُ صراعًا قائمًا بين مجموعة من المفاهيم والقضايا، ويطرح إشكالياتٍ شائكةً وشائقة في الآن نفسه، تجعل الباحث يخوضُ في نقاشات عميقة، يسبرُ أغوارَ كل القضايا الخافتة والمشعَّة، التي تجعل الكثير من الدارسين والمثقفين مؤرَّقي البال، مشغولي التفكير والتخمين، ولعل أهم هذه النقاشات هو نقاشُ الصراع أو التعايش والتكامل بين ما هو فطريٌّ وبين ما هو مكتسب، وهذا ما يحيلُنا مباشرة على قضية الطبيعة والثقافة، فلا مناصَ من البَدْء بخطوةٍ علمية هامة في معالجة ونقاش مثل هذه المواضيع، وذلك بشرح وتعريف مفاهيم مركَّبة ومتشعبة تكون بمثابة الفضاء المؤسس للموضوع، وأَجْرَأَتها سبيل من سبل اتباع خارطة الطريق لرصِّ أفكارٍ وتصوراتٍ تعطي للموضوع طعمَه ونكهته المميزة، فأهمُّ مصطلحين يمكننا التوقف عليهما، وإدراك كُنْههما وجوهرهما: الطبيعة والثقافة.


فما المقصود بهما؟

وما هي العلاقة التي تربط الاثنين، وكذا أهم نقاط الاختلاف والائتلاف التي تميِّزهما؟

يرى كل من الأستاذ محمد سبيلا وعبدالسلام بن علي، أنه لا بد من رفع التباس وغموضٍ أساسي أولًا، وذلك بالتمييز بين معنيين للطبيعة، "فهناك الطبيعة الخارجية، وهي الموجودات الماثلة في العالم الخارجي؛ كالأشياء المصنوعة من طرف الإنسان، والطبيعة الداخلية أو البشرية، وهي مجموع القوى والسمات الجبِلِّية في الإنسان، كما تعني الجانبَ الطبيعي في الإنسان من رغبات وغرائزَ وغيرها؛ أي: ما يمس الجانب البيولوجيَّ في الإنسان بالخصوص"؛ (الطبيعة والثقافة؛ محمد سبيلا وعبدالسلام بن علي ص8).


فالطبيعة بتعبيرٍ آخر: كل ما هو فطريٌّ غريزي أو عضوي، ويمكن القول أيضًا: إنها ذلك البُعْد البيولوجي أو القاسم المشترك بين الإنسان والحيوان على مر القرون والأزمان؛ حيث تعتبر بمثابة البداية الأولى للإنسان أو البيئة الأولى التي احتضنَتْه وتربَّى وترعرع في كنفها، وغرَست فيه مجموعةً من السلوكات التي طبعت شخصيته، بالرغم من عديد التغيرات التي طالها زمكنانيًّا"، ونجد أنفسنا أمام فكرتينِ كبيرتين عنها؛ "الطبيعة كقدرة كونية شاملة، والطبيعة كماهية"؛ (الطبيعة والثقافة ص8).


فالطبيعة إذًا - وكما يتضح - مفهومٌ فكري فلسفي محض، عالجه مجموعةٌ من الفلاسفة منذ عصر الإغريق مع "أفلاطون" وأرسطو، وصولًا إلى الفلسفة الحديثة المعاصرة مع "كلود ليفي ستراوش" و"مارتن هايدغر" وآخرين، وهذا دليلٌ كافٍ على أن المفهوم شائكٌ ومعقَّد، أو يمكننا القول: إنه مفهوم زئبقيٌّ ينزلق من أيدينا كلما أردنا الإمساك به؛ حيث يمكن دراسته من عدة جوانب؛ فلسفية، واجتماعية، وأنثروبولوجية، ونفسية...، إلخ.


حيث دعا هايدغر في فلسفته للعودة إلى الفكرة القديمة عن الطبيعة، كما تصوَّرها الفلاسفة قبل السقراطيون؛ حيث تقول الفكرة: إن الطبيعة شيء مقدَّس ومبدأ للقوة والنمو؛ أي: إنها نقطة استلهام الإنسان لقواه وكل طاقاته التي تدفعه نحو التفكير.

وعليه؛ فالطبيعة هي المرحلة التي تسبق مرحلةَ الثقافة، أو بالأحرى هي المنبع الذي تتدفَّق منه شلالات الثقافة المنهمرة.


فما المقصود بالثقافة؟

لقد قدَّم مجموعةٌ من الباحثين والمفكِّرين عدةَ تعريفات للثقافة، فاقت مائة تعريف، تنوَّعت واختلفت حسب المرجعيات والأيديولوجيات، وهذا ما يُضفِي على المفهوم طابعَ التعقيد والتشعب، فهذا المفكر الجزائري مالك بن نبي - رحمه الله - في كتابه (مشكلة الثقافة) يقول:

"تتعرَّف الثقافة بصورةٍ علمية بأنها مجموعةٌ من الصفات الخُلقية والقِيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لاشعوريًّا العَلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي وُلد فيه، فهي إذًا المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته"؛ (مالك بن نبي، مشكلة الثقافة، فصل الحرفية في الثقافة).


حيث يضم هذا التعريف بين دفتَيْه خواصَّ الإنسان، سواءً الفردية أو المجتمعية؛ مما يجعل لكلٍّ من الإنسان والمجتمع فلسفةً خاصة في تدبير أمور الحياة.


وفي خضمِّ تسليط الضوء على أبرزِ دلالات وتعاريف الثقافة، لا بد لنا في هذا المقام من إماطة اللثام عن تعريف إدوارد تايلور، الذي يعدُّ مِن المفكرين الذين أقنعوا في شرحهم لمفهوم الثقافةِ؛ حيث يقول: "الثقافة أو الحضارة بمعناها الإنساني الأوسع: هي ذلك الكل المركَّب الذي يشمل المعرفة، والمعتقدات، والفن، والأخلاق، والقانون، والأعراف، والقدرات، والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوًا في المجتمع"، لقد عبَّر تايلور من خلال هذا التعريف عن شموليةِ الحياة الاجتماعية للإنسان، وعليه؛ إذا كانت الطبيعة غريزةً فطرية في الإنسان، فإن الثقافةَ مكتسبةٌ، وتُكتسب بعدَّة طرق؛ كالعلم مثلًا.


فكيف يمكننا التمييزُ بين الطبيعة والثقافة؟ وما هي أهم المؤشرات التي توحي باختلافهما أو ائتلافهما؟

إذا كانت الطبيعة - كما سبقت الإشارة - هي ما تميَّز به الإنسان من صفات فطرية وغريزية، والثقافةُ هي تلك الصفات المكتسبة، وإذا كانت من عادات وأعراف الإنسان أن يعرف الأشياء بأضدادها - أمكننا القول: إن الطبيعة ضد الثقافة، فالإنسان الذي يوجد على الفطرة وعلى الغريزة، ضد الإنسان المتحضر أو الذي اكتسَب الثقافة بكل مكوناتها.


فمهما كانت محاولات السوسيولوجيين الذين ألهمَتْهم أفكارُ عصر التنوير في فرنسا وغيرها من البلدان غيرَ مرْضية، فإنها حاولت على الأقل أن تعالج هذا الموضوع.


حيث يرى الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر - وهو أبرز مَن درسوا التطور الاجتماعيَّ الذي يعكس بدوره تغيرات العوامل الطبيعية للمادة والطاقة - أن الثقافة حسب رأيِه تسمو على الطبيعة، مع أنها ناتجة منها، وأن الإنسان في المجتمعات البدائية يتأثَّر بشكل أساسي بالبيئة العضوية، وبمعنى آخر يتأثر بالعالم الطبيعي فقط، ويقول:

"أعراف الأمس البسيطة والمعدودة أصبحت... متعددةً وواضحة وثابتة، ثم تطوَّرت كذلك المنتجات ببطءٍ إلى ما نَصِفُه بالجمالي، فارتَقَينا من القلائد المصنوعة من عظام الأسماك، إلى الأثواب المتقنة الصنع والبهية التي لا حدود لتنوُّعِها، ومن أناشيد الحرب المتنافرة ظهَرت السيمفونيات والأوبرا، وبدلًا من العلامات البدائية في الكهوف ظهرت المعارض الفنية بتفاصيلها، ومِن سرد أعمال الزعماء البطولية بالمحاكاة والتقليد، نشأت الملاحم والدراما والقصائد الغنائية، والأعمال الشعرية الهائلة، والأدب القصصي، والسِّيَر الذاتية والأعمال التاريخية"؛ (مدخل إلى سوسيولوجيا الثقافة؛ دفيد إنغليز وجون هيوسون، ص 35 - 36).


تتَّفِق الطبيعة مع الثقافة في كونهما قوةً وقدرة يستخدمها الإنسان بُغيةَ التكيُّف والتأقلم مع المواقف التي يصطدم بها.

ويختلفان في نقاطٍ عدَّة؛ من أبرزها:

الفطرة والاكتساب، ففطرية الإنسان تولَد معه منذ وجوده على هذه البسيطة؛ حيث إنها مشتركةٌ لدى جميع بني البشر، في حين - وكما سبقت الإشارة - أن الثقافة تُكتسب عن طريق التعليم، بالإضافة للتربية وعوامل أخرى، وتتميَّز بكونها قابلةً للفهم والإدراك؛ حيث يلعبُ الإبداع دورًا أساسيًّا في صقلِها وتطويرِها، فهي تمثِّلُ النِّتاج الذي أنتجَه الإنسانُ بقُوَاه البدنية أولًا، والعقلية ثانيًا.


يقول الفيلسوف موان: "إذا أردنا الإفلاتَ مِن هذه الدوامة، فإنه يتعيَّن علينا أن نقوم بعملية لحم إبستمولوجية بين علوم الحياة والعلوم الاجتماعية، ومِن أجل ذلك يتعيَّن أن نبدأ بتفسير كيف يكون الإنسان كائنًا بيولوجيًّا - ثقافيًّا كليةً؟

وأن نقول: إن الإنسان كائنٌ بيوثقافي، ليس معناه فقط المجاورةَ بين هذين اللفظين، بل إبراز أن كليهما يتعاونانِ في إنتاج بعضهما، وأنهما يفتحان الطريق أمام قضية ثنائية.


كل فعل إنساني هو فعل بيوثقافي (الأكل والشرب، الارتباط بشخص آخر، الغناء والرسم والرقص، والتفكير والتأويل)، فكل فعل إنساني هو بنفس الوقت فعلٌ بيولوجي كليةً، وفعل ثقافي كلية"؛ (الطبيعة والثقافة؛ محمد سبيلا، إبراهيم بن علي ص 13 - 14).


إن كل فعل إنساني هو مزيجٌ مختلَطٌ بين الثقافة والطبيعة، أو إنه فعلٌ مكيف ثقافيًّا، مِثل الأكل والنوم، وحتى الابتسام أو البكاء، فمثلًا ابتسامة الياباني تختلف عن شهقة الضحك عند الأمريكي، وأكثر أمر سيئ يثير الاستغراب أن الأفعالَ البيولوجية الطبيعية هي بحدِّ ذاتها أفعالٌ قابلة للذوبان والانصهار في الثقافة، فهذا هو الثالوث البيولوجي الأهم في حياة الإنسان: الميلاد، والموت، والزواج، كلها مظاهرُ طبيعيةٌ، لكن تنصهر وتصطبغ بصبغةِ كل ثقافة على حدةٍ، وذلك باختلاف طقوس وتقاليد كل واحدة من الثلاثة.


وأيضًا على سيبل المثال لا الحصر في المجتمع المغربي، نُلفِي تَمَظْهُرات بيولوجية في ممارستنا لطقوس بعض العادات والتقاليد؛ كالاحتفال بـ"عاشوراء"، فنحن نمزجُ بين الثقافي والبيولوجي في هذه المناسبة، فالتراشق بالماء الذي هو من الطبيعة، يقوم به المغاربة لطرد النحس والأرواح الشريرة، ويظنون بأن تعويم الأطفال في الصباح الباكر يُسرِع مِن نموهم بعيدًا عن الأرواح الشريرة، أما عادة إشعال النار، والتي هي أيضًا من جنس بيولوجي، أو ما يسمى بـ"الشعالة"، فدليلٌ على التخلص من الذنوب، ومن التعاسة وسوء الحظ، بالإضافة إلى ذبح الأضاحي وغمرها في التراب؛ كدلالة على الانتماء إلى التراب الذي منه خُلق الإنسان، فكل هذه المظاهر البيولوجية انصهَرت في مظاهرَ أخرى ثقافية؛ لتُعلِن عن عَلاقة تكاملية بينهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعريف الثقافة الإسلامية
  • مفهوم الثقافة الإسلامية
  • تاريخ الثقافة الإسلامية
  • تعريف الثقافة الإسلامية
  • نشأة علم الثقافة الإسلامية
  • الثقافة التي نحتاج إليها
  • مسرحية: حوار في الطبيعة

مختارات من الشبكة

  • تطور الكتابة التاريخية بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المسلم بين الثقافة الإسلامية والثقافة المزيفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القضايا التاريخية بين ميزاني الثقافة الغربية والثقافة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عن ثقافة الأزمة وأزمة الثقافة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقة بين التربية والثقافة: إشكالية الممارسة والتطبيق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف الثقافة الإسلامية والفرق بينها وبين العلم والمدنية والحضارة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • ثقافة التخلف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الثقافة العربية ووحدتها (3/4)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بين الطبيعة الإنسانية الإسلامية والطبيعة الصهيونية والصليبية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • الثقافة التربوية ومفهوم التربية الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب