• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (26)

شرح العقيدة الواسطية (26)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2016 ميلادي - 11/5/1437 هجري

الزيارات: 10614

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (26)


فَصْلٌ

وَقَدْ أَيْضًا دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وبِكُتُبِهِ وَبِرُسُلِهِ الإِيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، وَكَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، يَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ كَمَا يَشَاءُ الله سبحانه وتعالى.

فَصْلٌ:

هذا تفصيلٌ من الشيخ في المسائل التي وقع فيها الخلافُ الكبير بين أهل السُّنة والجماعة وبين المنحرِفين عنهم من أهل الأهواءِ والبدع في مسائل الصفات؛ كمسألة كلام الله، ومسألة عُلوِّه تعالى، وهذه المسألة؛ مسألة رؤية الله بالأبصار في الدار الآخرة.


وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وبِكُتُبِهِ وَبِرُسُلِهِ:

علاقة الإيمان برُؤية الله تعالى بالإيمانِ بالكتب والإيمانِ بالرُّسل مسألةٌ متعلِّقة بالصفات؛ متعلقة بالله؛ بأنَّ الله يُرى لأنه يتجلَّى، وعلاقتها بالإيمان بالكتب أنه جاء التصريح برؤية الله في الوحيينِ؛ في كتابه القرآن، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي وحيٌ ثانٍ، وقد دلَّت عليها أدلةٌ كثيرة؛ منها خمس آيات: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، وهي أصرحُ آيةٍ في القرآن في إثباتِ رؤيةِ الله عيانًا بالأبصار بثلاث اعتبارات:

أولاً: أن الله أضاف النَّظر أولاً إلى الوجوه، والوجوهُ مُشتمِلة على العينين.


وثانيًا: عدَّى النظَر بـ (إلى)، فقال: ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾، والنظر إذا تَعدَّى بـ (إلى) لم يحتمل إلا المعاينةَ بالبصَر.


وثالثًا: أخلى الآيةَ عن قرينةٍ صارفة ومُعارِضةٍ لهذا المعنى.


من آيات إثبات رؤية الله قولُه تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، وقد فسَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الزيادةَ بأنها النظر إلى وجه الله؛ كما في حديث صُهيبٍ عند مسلم.


ومن الأدلة أيضًا قوله تعالى: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]؛ فإن المزيد هو الزيادة، وهو النظر إلى وجهه تعالى.


وقوله تعالى - في آيةِ سورة المطففين عن أهل سِجِّين -: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]؛ أي: يوم القيامة، فلما حُجِب أعداؤه في السُّخط دلَّ على أن أولياءه يرَونه في الرِّضا.


ثم لَمَّا ذكر الأبرار أهل عِلِّيين قال: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [المطففين: 23، 24]، وهذه يُفسِّرها آيةُ القيامة ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].


والأحاديث قد بلغَت مبلغَ التَّواتُر، وعلاقة رؤية الله بالإيمان بالرسل لأن الرسل عليهم السلام أخبَروا أُممَهم بذلك، فَرَدُّ هذه الأحاديث تكذيبٌ للرسل، وهذا يَقدُح في الإيمان بالرسل.


الإِيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ؛ كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، وَكَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ:

قوله: "عيانًا" يُخرِج الرؤيةَ القلبيَّة، والرؤيةَ المنامية، وقوله: "بأبصارهم" يُخرج رؤية القلوب؛ فهذا فيه التصريح بأنهم يرونه عيانًا، وساق لفظه كما جاء في حديث جرير وأبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهم: ((يَرَوْنَهُ كَمَا يَرَوْنَ الشمس صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، وَمِثْلَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ))[1] ، ومر شرحُ لا يُضامون، ولا يُضامُّون، ولا يُضارُّون على ثلاثة ألفاظ جاءت في الأحاديث.


يَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَهُمْ فِي عَرَصَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ، كَمَا يَشَاءُ الله سبحانه وتعالى.

أي: إن كيفيَّة الرؤية لا نَعلمُها، وإنما على الصفة التي يَشاؤها الله، لكن أُخبِرْنا بأن المؤمنين يرَون الله فنؤمنُ بذلك؛ لا نتكلَّف، لا نتنطع، لا نتدخل فيما لم نُعطَ مِنه علمًا (الكيفيَّة)، أما الرؤية فنثبتها كما أثبتها الله لنفسه، وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم.


ومَقامات رؤية الله ستَّة:

رَاتِبُنَا مِنَ الرِّبَاطِ سِتُّ ♦♦♦ وَمَنْ يُرِدْ زِيَادَةً يُزَتُّ


أوَّلاً: رؤية الله في الدنيا، وهذه ممتنعة؛ لضعف الرائي، لا لخفاء المرئي.


وثانيًا: ورؤية الكافرين لله، وهي ممتنعة؛ لأن الله حجَبهم عنه: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15].


ثالثًا: رؤية المنافقين، ويَرَون اللهَ في العرَصات، لكن رؤيةَ تحسُّر، لا يتنعمون فيها كما دلَّ عليها حديثُ أبي سعيدٍ الطويلُ وهو في الصحيحين.


رابعًا: رؤية النبيِّ صلى الله عليه وسلم لله ليلةَ المعراج، وهذه منتفِيَة؛ لم يَرَه بعينَي رأسه.


خامسًا: رؤية المؤمنين لله في الآخرة في العرَصات أوَّلاً، ويوم يدخلون الجنة. وهذه ثابتة، وهي التي أنكرَها المنحرِفون.


سادسًا: رؤية الله في المنام.


انحرَف في الرؤية عدَّةُ فِرَق:

أولاً: المشبِّهة الممثِّلة، وأثبتوا أن الله يُرى كما يُرى المخلوق، فهذا من تشبيهِهم وتمثيلِهم، وقولُهم باطل، وهو كفرٌ؛ لأنهم شبَّهوا الخالقَ بالمخلوق.


ثانيًا: جمهور المعطِّلة من الجهمية والمعتزلة ومَن تبعهم من الإمامية والإباضية؛ فإن العلماء إذا قالوا: "الخوارج يُنكِرون الرؤية" فإنهم يريدون بهم الإباضية، أمَّا متقدِّمو الخوارج فلَم يُنكِروها؛ كالأزارقة، والصفرية، والنجدات؛ لم يُنكِروا رؤية الله، وإنما أنكرَها الإباضية لَمَّا تأثروا بالمعتزلة.


فجمهور المعطلة ينكرون الرؤية، ويَذهبون إلى أنَّ الله لا يُرى.


والأشاعرة قالوا: إن الله يُرى، لا في جِهة. فصاروا أُضحوكةً للمعتزلة؛ قالوا: كيف يُرى لا في جهة؟! الذي يُرى لا في جهة هذا مستحيل؛ لأنَّ الأشاعرة يَنفون عُلوَّ الله، فلا يُريدون أن يُثبتوا أن الله يُرى مِن فوق، فوقَعوا في التناقض.


ونكَّت رحمه الله بقوله: "يرونه سبحانه وهم في عرصات يوم القيامة"؛ وذلك كما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَقُولُ اللهُ - جَلَّ وَعَلا - يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ؛ فَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ يَتْبَعُ الشَّمْسَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْحَجَرَ يَتْبَعُ الْحَجَرَ، فَيَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهِمْ مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ بِصُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهُ بِهَا)). وهذا فيه إثبات الصورة لله، وأن لله صورةً، وهي صفةٌ من صفاته، والصورة تأتي بمعنى الهيئة (مجموع الصفات)، والله تعرَّف إلينا بأسمائه وصفاته ((فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ لَسْتَ بِرَبِّنَا)). كما أنكَر الموحِّدون الدجَّالَ أن يَكون ربَّهم في الدنيا؛ لأنه أعورُ والله ليس بأعورَ، ((ثُمَّ يَأْتِيهِمْ بِصُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَهُ بِهَا (التي آمنوا بها) وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، إِلاَّ الْمُنَافِقَ يَبْقَى ظَهْرُهُ كَالْخَشَبَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ))[2] وذلك تأويل قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ [القلم: 42، 43].


المقام الثاني: مقام رؤية الله في الجنة؛ يوم يجمعهم الله تعالى إلى يوم المزيد، وجاء في الأثر: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَرَى اللهَ فِي الْجَنَّةِ مَرَّتَيْنِ غُدْوَةً وَعَشِيًّا)).


فَصْلٌ

وَمِنَ الإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الآخِرِ الإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا يَكونُ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَيُؤْمِنُ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ، فَأَمَّا الْفِتْنَةُ: فَإِنَّ النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ فَيُقَالُ للرَّجُلِ: ((مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيُثَبِّتُ اللهَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ؛ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: اللهُ رَبِّي، وَالإِسْلامُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّيَ. وَأَمَّا الْمُرْتَابُ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ. فَيُضْرَبُ بِمَرْزَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلا الإِنْسَانُ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ)).


وَمِنَ الإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الآخِرِ:

الإيمان باليوم الآخر أصلٌ من أصول الإيمان، وركنٌ من أركانه الستة، والإيمان باليوم الآخر هو الإيمانُ بما يكون بَعدَ الدنيا، والإيمان باليوم الآخر يتضمن الإيمان باثنتي عشرة مرحلة (مسألة) وهي:

1- الإيمان بأشراط الساعة؛ لأن أشراط الساعة من الإيمان باليوم الآخر.

2- الإيمان بالنَّفختَين: نفخة الصَّعق والفزَع، ونفخة البعث وقيام الناس لرب العالمين.

3- الإيمان بالبرزخ وما يكون فيه من الفتنة والعذاب والنعيم؛ كما صدَّرها الشيخ.

4- الإيمان بالحشر؛ حَشْر الأبدان، والأرواح، والأجساد لرب العالمين.

5- الإيمان بالشفاعات بأنواعِها، وأعظمُها الشفاعة العظمى.

6- الإيمان بالحساب، وهو تعريف الناس مقاديرَ أعمالهم.

7- الإيمان بتطاير الصحف؛ فمِن آخذٍ كتابَه بيمينه، ومن آخذٍ كتابه بشماله.

8- الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحوض المورود، ولكل نبي حوض.

9- الإيمان بالميزان.

10- الإيمان بالصراط، وهو الجسر المنصوب على متن جهنم.

11- الإيمان بالقنطرة بعد الصراط.

12- الإيمان بالجنة والنار.


هذه هي مقتضَيات، أو مَراحلُ الإيمان باليوم الآخر؛ فالإيمان باليوم الآخر تضمن الإيمان بهذا كلِّه، ولأن هذا من الغيب، والغيبُ يَفتقِر إلى الوحي؛ فقد جاءنا ذلك في الوحي، ولهذا يسمِّي المتكلمون هذه المسائلَ - ما يتعلق بالقبر وأشراط الساعة وما يكون بعد الموت - بالسَّمعيات؛ لأنها مأخوذةٌ مِن السمع، لا مجال للعقل فيها.


ومسائل العقيدة في تصنيفها عند المتكلمين ثلاثةُ أشياء: إلهيَّات، ونبوَّات وهو الإيمان بالأنبياء، وسمعيَّات وهو الإيمان بالأمور الغيبية؛ هكذا يقسمون العقيدة، أما أهل السُّنة فيقسمونها على أساس حديث جبريل، فليُفطَنْ لهذا، فإذا مرَّ علينا هذا من السمعيات، أو النبوات، أو الإلهيات - فإن هذا أصلُه اصطلاحُ المتكلِّمين، وليس اصطلاحَ أهل السُّنة السَّلفيِّين؛ السائرين على نهج السلف الصالح.


قوله: ومن الإيمان باليوم الآخر:

هذه (مِن) التبعيضيَّة.


الإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَكونُ بَعْدَ الْمَوْتِ:

وقال هذا القولَ مع أنه جاء في القرآن الإيمان بما يكون بعد الموت من إخراج الروح: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ﴾ [الأنعام: 93]، وقال في إثبات عذاب القبر: ﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ﴾ [الطور: 47]؛ أي: قبلَ عذاب الآخرة. ودون ذلك في البرزخ؛ لأن مِن الكفار مَن مات في الدنيا وهو لم يُعذَّب لا بقتلٍ، ولا بغيره، ومثل قوله: ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46].


الإيمان بكلِّ ما أخبَر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم يشمل القرآنَ والسُّنة، وأيضًا الإيمان بما أخبر به الرسول من حديثه؛ لأنه أخبرنا تفصيلاً بعد إجمالِ ما في القرآن؛ لأنه مر معنا أن السنة تفسر القرآن، وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عنه.


فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ:

ومما يكون بعدَ الموت الفتنةُ في القبور، وهو السؤال، وعذابُ القبر ونعيمُ القبر على من يستحقهما، أما الفتنة فهذه لكلِّ أحد، إلا مَن جاء الشرع باستثنائِه، ومِنهم سعدُ بن مُعاذ رضي الله عنه؛ فقد جاء في الحديث: ((أَنَّهُ أُمِنَ الْفَتَّانَ)). ومنها ما رواه الإمام أحمد بإسناد جيد من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ لَيْلَتَهَا أُمِنَ مِنَ الْفَتَّانَ)). ومن هؤلاء ما روي في المسند والطبراني وغيرهما - والحديث محلُّ بحث عند أهل العلم -: ((أَنَّ مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ صَلاةً فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم لا تَفُوتُهُ تَكْبِيرَةُ الإِحْرَامِ كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ الفَتَّانِ وَمِنَ النِّفَاقِ))؛ بمعنى أننا نصدق أن كل من استثناه النبي من الفتان فإنَّه يُستثنَى منه، وليس المعنى أنه لا يُسأل، بل يُسأل، لكن السؤال عليه لا يكون فتنة، وإنما يكون مثبتًا.

 

فَأَمَّا الْفِتْنَةُ: فَإِنَّ النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَيُقَالُ للرَّجُلِ:

الفتنة في القبور هي السؤال مِن الملَكين العظيمين، والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيحين قوله: ((إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ لتُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا))[3] وفي رواية: ((إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ)). وليس له مرادٌ خاصٌّ بأمته كما فَهِمه بعض المتكلمين، وإنما هذا لعموم الأمة؛ لأن الفتنة في القبر ثبتَت عند اليهود وعند النصارى، ومرَّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين وإذا هي تُعَذَّب، والفتنة لفظٌ عام؛ يشمل العذاب ويشمل السؤال، لكن هاهنا المراد به السؤال.


((مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيُثَبِّتُ اللهَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ. فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: رَبِّيَ اللهُ، وَالإِسْلامُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّي)).


وهذه الأسئلة الثلاثة قد تواترَت بها الأحاديثُ تواترًا معنويًّا: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ ولأنها أسئلة عظيمة بَنَى عليها شيخ الإسلام رسالته العظيمة (ثلاثة الأصول)، مبنيَّةً على ما سيُسأل عنه الإنسان في قبره: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ وفي أهوال القبور يَذهب حِفْظُ الحافظ، وذكاء الذكي، وفطنة الفطين، وَلَمَاعَةُ الألمعي ولو كان في الدنيا مِن أحفظ الناس، وأذكى الناس، وأقدر الناس؛ لِما يراه عند خروج روحه من جسده من هول المطلَع، ثم في سؤال الملَكين يذهب معه كلُّ علمٍ حَفِظه، إلا مَن ثبَّته الله عز وجل؛ ولهذا جاء في قوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾؛ أي: إنه يُسأل الآن في الدنيا بالنسبة إلينا وإن كان الميت قد مات وهو مقبورٌ ﴿ وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]؛ أي: يوم القيامة في العَرَصات عند السؤال.


وهذه الجملة التي ساقها الشيخُ إنَّما لَخَّصها من الأحاديث، وقد جاءت الأحاديثُ متواترةً بهذا المعنى، وأوسَعُها وأطولُها حديثُ البرَاءِ بن عازبٍ رضي الله عنه، الذي رواه بعضُ أهل السنن، ورواه أحمد، ورواه ابنُ حِبَّان والحاكمُ في صحيحيهما؛ قال البراء: انْطَلَقْنَا فِي جَنَازَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَبَلَغْنَا الْقَبْرَ وَلَمَّا يُلْحَدْ لَهُ، ثُمَّ جَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ، وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ عُودٌ يَنْكُثُ بِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: ((اسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ))... ثم ذكَر الحديث بطولِه: ((إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ كَفَنِ الْجَنَّةِ، وَحَنَوطٌ مِنْ حَنُوطِهَا، فَجَلَسُوا عِنْدَ رَأْسِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ: يَا أَيَّتُهَا الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ))، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((فَتَخْرُجُ رُوحُهُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ - أي: بكل سهولة - وَيَخْرُجُ مَعَهَا كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ وُجِدَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، فَإِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ لَمْ تَدَعْهَا الْمَلائِكَةُ فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَتَضَعُهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَذَلِكَ الْحَنُوطِ الَّذِي هُوَ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُرْتَفَعُ بِهَا فَلا يُمَرُّ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ قَالُوا: مَنْ هَذِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ؟ فَيُقَالُ: رُوحُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ؛ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ الَّتِي يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَتُشَيِّعُهَا الْمَلائِكَةُ، حَتَّى يَبْلُغَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فيُفْتَحُ لَهَا، وَتُشَيِّعُهَا مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ الْجَبَّارَ فَوْقَ عَرْشِهِ)). وهي في تشييع من ملائكة الرحمن كرامة وإكرامًا لروح المؤمن الموحِّد، ((فَإِذَا بَلَغَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ يَقُولُ - جَلَّ وَعَلا -: أَعِيدُوا رُوحَ عَبْدِي فِي جَسَدِهِ؛ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيُقْعَدُ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، وَإِنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِ مُشَيِّعِيهِ رَاجِعِينَ إِلَى أَهْلِيهِمْ))[4]؛ أي: بعدَما وارَوْه بالتراب؛ ولهذا قال عمرُو بن العاص رضي الله عنه عند احتضاره: إِذَا أَنَا مِتُّ، وَوَارَيْتُمُونِي فِي التُّرَابِ، فَامْكُثُوا عَلَى قَبْرِيِ قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا؛ أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ وَأَنْظُرُ بِمَا أُرَاجِعُ رُسُلَ رَبِّي. دل على أن السؤال بعد الدفن مباشرة، وهذا معنى قولِه صلى الله عليه وسلم: ((سَلُوا لأَخِيكُمُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ))؛ ولهذا يُستحب بعد الدفن الوقوف يسيرًا، وسؤال الله لهذا الميت المؤمن بالثبات.


جاء في حديث البراء: ((فَيُسْأَلُ الْمُؤْمِنُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ)). جاء في لفظ عند أبي داود، وعند الحاكم، وعند ابن حبان سؤال رابع: ((وَمَا يُدْرِيكَ؟))، وفي لفظٍ: ((وَمَا عِلْمُكَ؟))؛ أي: ما عِلمُك بما أجبتَ؟ ((فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ فَعَرَفْتُهُ. فَيُنَادِي مُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: صَدَقَ عَبْدِي، فَافْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِها وَطِيِبهِا وَنَعِيمِهَا، ويُفْتَحُ لَهُ بَابٌ صَغِيرٌ إِلَى النَّارِ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَنْزِلاً مِنَ الْجَنَّةِ. فَيَعْظُمُ عِنْدَئِذٍ سُرُورُهُ وَحُبُورُهُ، وَيَأْتِيهِ شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟! فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي لا يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ. فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ. ويُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، فَيَقُولُ: رَبِّي أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ))؛ لأن أهنأ ليلة ينامها الإنسان في الدنيا ليلة عُرسه، وهذا من باب التقريب بالتشبيه، لا من باب المطابَقة؛ فإنَّ المؤمن في قبره أهنأُ مِن هذه الليلة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.


((وَأَمَّا الْمُرْتَابُ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ. فَيُضْرَبُ بِمَرْزَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ، إِلا الإِنْسَانُ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ))[5]..


الكافر والمنافق يُسأل: مَن ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ الكافر يقول: هاه! لا أدري. ولو كان من أذكى الناس، وأفطن الناس، رأى من هولات القبور ما لا قدرة له عليه، والمنافق الذي أظهر في الدنيا خلاف ما يبطن يَقُولُ: هَاه هَاه لا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يقولون كذا وكذا.


ومن المسائل في هذا أن السائلَين الملَكين اللَّذينِ يَسألان العباد يَختلفان، فهُما للمؤمن مِن ملائكة الرحمة، لكن للكافر والمنافق والفاجر مِن ملائكة العذاب؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الكافر: ((فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ مَهِيبَانِ، مَهِيلانِ، يَطَآنِ الأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، أَعْيُنُهُمَا كَبَرْقٍ خَاطِفٍ، وَأَصْوَاتُهُمَا كَرَعْدِ قَاصِفٍ، فَيُقْعِدَانِهِ فَيَسْأَلانِهِ: مَنْ رَبُّكَ، وَمَا دِينُكَ، وَمَنْ هَذَا الرَّجُل الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟))... حديث البراء بن عازب.


فرَّقَ بين الملَكين في وصفِهما، فلم يَذكُر هذا الوصفَ في المؤمن وذكَره في الكافر؛ ولهذا جاء في الأحاديث الأخرى أن الملكين اللذين يسألان الكافر والمنافق والفاجر يُقال لأحدهما: مُنكر. ويقال للآخر: نكير. وهذان الاسمان يَدُلان على عظمتهما، وعلى شناعتهما، وعلى عظيم هيبتهما.


فيصيح الكافرُ صيحةً عند ضربه تَسمعُها مخلوقاتُ الله إلا الثَّقلَين الإنس والجن، ولهذا نلاحظ أن المقابر لا يكون حولها كثير من البهائم، وإنما تفزع منها؛ لأنها تسمع ما لا يسمعه الإنس والجن المكلَّفون.



[1] رواه البخاري ( 7437، 7439، 554، 573 )، ومسلم ( 182، 183، 633 ).

[2] رواه البخاري (4581)، ومسلم (183)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

[3] رواه مسلم (2867)، وأحمد (5/ 190)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

[4] رواه أحمد (4/ 287 - 295 - 296)، وأبو داود (4753) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

[5] رواه الإمام أحمد (4/ 287)، وأبو داود (4753)، وصححهما ابن خزيمة في كتاب التوحيد، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح العقيدة الواسطية (20)
  • شرح العقيدة الواسطية (21)
  • شرح العقيدة الواسطية (23)
  • شرح العقيدة الواسطية (24)
  • شرح العقيدة الواسطية (25)
  • شرح العقيدة الواسطية (27)
  • شرح العقيدة الواسطية (28)
  • شرح العقيدة الواسطية (29)
  • شرح العقيدة الواسطية (30)
  • شرح العقيدة الواسطية (31)

مختارات من الشبكة

  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هذه هي عقيدتنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سعد بن ناصر الشثري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح العقيدة الواسطية(محاضرة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • شرح العقيدة الواسطية (39)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (38)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب