• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / بحوث ودراسات
علامة باركود

ترجمة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي

ترجمة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2014 ميلادي - 6/7/1435 هجري

الزيارات: 66982

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشيخ العلامة المحقق

عبد الرحمن بن ناصر بن عبدالله بن سعدي التميمي

(1376-1307هـ) [1]


وهو أشهر شيوخ شيخنا:

محمد بن عثيمين وأكثرهم ملازمة له، فقد سمعته رحمه الله يذكر أن شيخه ابن سعدي أكثر شيوخه الذين لازمهم وانتفع بهم وأخذ عنهم، فقد طالت ملازمة ابن عثيمين لشيخه ابن سعدي رحمهما الله نحواً من ست عشرة سنة!

 

وكان بين الشيخ ابن سعدي وآل العثيمين قرابة - أعرفها شخصياً - حيث إن أخوال الشيخ ابن سعدي هم آل العثيمين، فوالدة الشيخ ابن سعدي هي فاطمة بنت عبدالله العبدالرحمن العثيمين. وكانت الصلة الاجتماعية والمصاهرة قوية بين أسرتي السعدي والعثيمين حيث يُعدُّ جدُّ الشيخ محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عثيمين خالاً للشيخ عبدالرحمن بن سعدي!

 

يقول الشيخ ابن عثيمين عن هذه العلاقة بشيخه ابن سعدي: ((... ثم إنني انتقلت إلى الجلوس في حلقة شيخنا عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - فهو الذي أدركت عليه العلم كثيراً؛ لأنه رحمه الله له طريقة خاصة في تدريسه، وهو أنه يجمع الطلبة على كتاب واحد، ثم يقوم بشرحه، حتى أحياناً رحمه الله نقرأ عليه في التفسير، فيفسر لنا القرآن الكريم، ما يعتمد على أي كتاب آخر! يفسره ويحلل ألفاظه، ويستنبط منه من فوائد. درسنا عليه -رحمه الله- وكان مركز دروسنا عليه في علم الفقه وقواعده وأصوله، وقد حصّلنا ولله الحمد منه شيئاً كثيراً، بالإضافة إلى ذلك كان يدرسنا في التوحيد أيضاً، ويدرسنا في النحو، وبقينا على هذا مدة معه -رحمه الله- وكان في الرياض أول ما بدأ التطور في الرياض، أحب والدي أن انضم إليه هناك، ولكن شيخنا رحمه الله عبدالرحمن بن سعدي كتب له يقول دعوا لنا هذا يكون من نصيبنا - هذا الولد يكون من نصيبنا - فجزاه الله عني خيرا؛ فبقيت عنده مدة ثم انقطعت عن الدراسة، لأنه حصل عند الناس نشاط في الأراضي في عمارتها في الأرض، مكان يقال له الوادي، وكنا نحن من الذين اشتغلوا في ذلك مدة، ولكن الله سبحانه وتعالى من بفضله فعدنا إلى الدراسة على الشيخ - رحمه الله -))[2].

 

هذا وقد لازم الشيخ محمد بن عثيمين شيخه ابن سعدي منذ نعومة أظفاره، وقبل بلوغه وأخذ عنه العلم، ومنه العقيدة، فحفظ على شيخه ودرس متون: "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، و"كتاب التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب. كما درس عليه "العقيدة الحموية الكبرى" و"كشف الشبهات" و"العقيدة التدمرية" و"نظم السفارينية" في العقيدة ودرس عليه في التفسير قواعد التفسير لشيخه المسمى "القواعد الحسان"، وحضر دروسه في التفسير ليلاً بالجامع الكبير بعنيزة الذي هو أصل تفسير الشيخ ابن سعدي المطبوع بعنوان: "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، وفي الحديث حفظ على شيخه ابن سعدي ودرس "عمدة الأحكام" للحافظ عبدالغني المقدسي و"بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للحافظ ابن حجر العسقلاني.

 

وفي الفقه حفظ ودرس على شيخه المتن الشهير المختصر في فقه الحنابلة رحمهم الله: "زاد المستقنع في اختصار المقنع" للشرف موسى الحجاوي.

 

كما درس على شيخه في علوم الآلة في اللغة العربية "ألفية ابن مالك" المسماة "الخلاصة" وفي أصول الفقه.

 

وطالع مع شيخه مذاكرة في مكتبة الجامع الكبير التي أنشأها الشيخ ابن سعدي كثيراً من المطولات من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب تلميذه ابن القيم وغيرهما من علماء الإسلام في فنون العلم المتنوعة: في العقيدة والشروح والفقه والتفسير والتاريخ...

 

هذا وقد تأثر الشيخ ابن عثيمين تأثراً كثيراً واضحاً بشيخه ابن سعدي، في تحقيق المسائل العلمية وترك التقليد واتباع الدليل الصحيح أو التعليل الصريح؛ وهذا من أعظم الثمار في الدنيا للعقيدة الصحيحة والإيمان الصادق، كما تأثر بشيخه في انتمائه للعقيدة السلفية، حيث تلقّى الشيخ ابن عثيمين الاعتقاد الصحيح من شيوخه، وخصوصاً شيخه ابن سعدي. كما كنت أسمع منه كثيراً عنايته بتصحيح النية وسلامة المقصد في العبادات والأخلاق والسلوك، ومن ذلك طلب العلم، وكيف كان الشيخ ابن سعدي يحثُّهم على ذلك ويدعوهم إليه مراراً، ويذكر عن شيخه أن من أعظم أسباب الانتفاع العام والخاص بعلمه مردّه والله أعلم إلى أمر النية وعظيم شأنها.

 

كما أثنى الشيخ ابن عثيمين على كتب شيخه، ومنها تفسيره، وميّزه على كثير من كتب التفاسير بسيره فيه على منهج السلف الصالح في العقيدة، حيث قال رحمه الله - في تقديمه لإحدى طبعات التفسير المجموعة في مجلد واحد كبير - بعد حمد الله والثناء عليه:

 

((..أما بعد: فإن تفسير شيخنا عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى المسمى "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة:

منها سهولة العبارة ووضوحها حيث يفهمها الراسخ في العلم ومَنْ دونه.

 

ومنها تجنب الحشو والتطويل الذي لا فائدة منه إلا إضاعة وقت القارئ وتبلبل فكره.

 

ومنها تجنب ذكر الخلاف إلا أن يكون الخلاف قوياً تدعو الحاجة إلى ذكره وهذه ميزة مهمة بالنسبة للقارئ حتى يثبت فهمه على شيء واحد.

 

ومنها: السير على منهج السلف في آيات الصفات فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه فهو عمدة في تقرير العقيدة.

 

ومنها دقة الاستنباط فيما تدل عليه الآيات من الفوائد والأحكام والحكم وهذا يظهر جلياً في بعض الآيات كآية الوضوء في سورة المائدة حيث استنبط منها خمسين حكماً وكما في قصة داود وسليمان في سورة ص.

 

ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة كما يتبين في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف ﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ﴾. ومن أجل هذا أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير أن لا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم.

 

وأسأل الله تعالى أن ينفع به مؤلفه وقارئه إنه كريم جواد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان. كتبه محمد الصالح العثيمين في 15 رمضان 1413هـ[3].

 

• ولما سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن أشهر وأوثق كتب التفسير التي يعتني بها طالب العلم، قال:

((أرى أن يقتني تفسير ابن كثير وتفسير شيخنا ابن سعدي رحمهما الله؛ لأنهما خير ما اطلعت عليه من كتب التفاسير، وهناك تفسيرات أخرى لطالب العلم الراقي كتفسير القرطبي وتفسير الشوكاني))[4].

 

وفي هذا الجواب المسدد يظهر أثر العقيدة؛ فإن تفسير ابن كثير وابن سعدي رحمهما الله صالحان لعامة طلاب العلم، وبالتالي العوام من باب أولى، وذلك لسلامتهما من القوادح العقدية، وسيرهما على طريقة السلف الصالح، وعنايتهما بالتوحيد بأنواعه.

 

ولما كان تفسير القرطبي والشوكاني غير سالمين هاتيكم المؤاخات، خصَّها الشيخ ابن عثيمين لطالب العلم الراقي، والذي عنده الحصيلة العلمية، والملكية التميِّزية بين الحق والباطل، ولما اشتملا على الفوائد الكثيرة العلمية فقهاً وأصولاً وقراءات.. الخ، أرشد إليهما.

 

• ولتوضيح هذا الأثر الجيل للعقيدة على الشيخ ابن عثيمين، وحفاوته بعلماء السلف الموثوق بهم، ومن أواخرهم شيخه ابن سعدي رحم الله الجميع، يؤكد هذا في موضع آخر، حيث يقول في معرض جواب طويل مفصل:

((... ليس هناك أحد مخصوص في فهم القرآن، بل فهم القرآن سيكون لكل أحد، لكن من كان بالله أعلم وله أتقى كان أقرب إلى فهم القرآن يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ﴾ [محمد: 17].

 

لكن هناك أناس يدعون أنهم أولياء، وأنه يفتح لهم في القرآن معانٍ باطنة لا يعرفها أحد[5]، ويجعلون ألفاظ القرآن رموزاً وإشارات لمعان، لا تفهم من ألفاظ القرآن بمقتضى اللغة العربية، ولا بمقتضى الحقيقة الشرعية، وهم الذي يسمون أنفسهم أهل العلم الباطن. فهؤلاء لا يقبل قولهم في تفسير القرآن، لأنه كذب على الله تبارك وتعالى..

 

إنني أكثر الوصية لإخواني طلاب العلم أن يُعنَوا بفهم القرآن الكريم، وأن يراجعوا عليه كلام العلماء في تفاسيرهم، وأعني بالعلماء: العلماء الموثوق بهم، كتفسير ابن جرير وابن كثير والقرطبي والشوكاني وما أشبههم، وكذلك تفسير شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمهم الله، وإن كان يوجد في مثل تفسير القرطبي بعض الشيء الذي ليس على ما ينبغي، وكذلك يُوجد في تفسير ابن جرير آثار ضعيفة، لكن البصير يعرف كيف يتصرف.. ))[6].

 

• ففي جواب لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله مع "نور على الدرب" حول التفاسير الموثوقة التي على منهج السلف الصالح، وبيان للمؤاخذات على بعض كتب التفسير، وتدرجاتها... بقول:

((أنا أرى أن من خير التفاسير تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله على ما فيه من بعض الآيات التي يختصر فيها اختصارا مخلاً، أو ربما يطويها ولا يتكلم عليها، لكن هذا قليل، إنما فيه فوائد ما تكاد تجدها في غيره، فهو صالح لطالب العلم، والنقص الذي فيه يمكن للإنسان أن يتلافاه بمراجعة تفسير ابن كثير أو غيره كفتح القدير للشوكاني، وإن كان فيه ما فيه لكنه طيب.

 

والذي يصلح للعوام تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي؛ لأنه ليس فيه إسرائيليات، ولا أسانيد ولا شيء يشوش عليهم، وتفسير الجلالين لطالب العلم جيد؛ لأنه في الحقيقة زبدة، وكما تعلم أنه يتمشى في مسألة الصفات على مذهب الأشاعرة فلا يوثق به فيرد قوله في ذلك، لكن في غير ذلك جيد جداً من حيث سبكه للقرآن، وتنبيهه في كلمات وجيزة على أمور تخفى على بعض طلبة العلم!، فإذا اجتمع الفتوحات الإلهية وهو ما يعرف بحاشية الجمل مع الجلالين كان طيباً))[7].

 

• ولما سُئل رحمه الله: ما ذا يستحسن أن يقرأ المبتدئ من كتب التفسير؟

أجاب: ((أحسن شيء إما تفسير الشيخ عبدالرحمن السعدي لأنه واضح وليس فيه تكلف ولا شيء، أو تفسير ابن كثير، والباقي من التفاسير كلها طيبة إن شاء الله، لكن بعضهم غلب عليه مذهب الأشاعرة)) [8].

 

• ولما سُئل رحمه الله أيضاً: كيف يتمكن طالب العلم من علم التفسير وما هي الطريقة المناسبة للتمكن من فن التفسير؟

أجاب مسدداً، فقال:

((على كل حال الله عز وجل يعين من شاء من عباده، لكن الطرق أن يعرف الإنسان معنى كلام الله من المفسرين الموثوقين في علمهم وفي دينهم وأمانتهم، لأن بعض المفسرين عنده علم جيد في التفسير لكنه لا يؤمن من جهة العقيدة، فأحسن التفاسير مما اطلعت عليه تفسير ابن كثير رحمه الله وتفسير ابن السعدي و تفسير القرطبي على أن فيه بعض الشيء، و تفسير الشوكاني أيضاً لا بأس به وأظنه لا يخلو من الملاحظات، والمسألة فهم يؤتيه الله من يشاء، ولهذا لما قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل خصكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشيء؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله تعالى من شاء في كتابه)) [9].

 

• وكذلك لما سُئل رحمه الله: ما هي كتب التفسير التي تنصحونني بقراءتها، وخصوصاً لطلبة العلم مأجورين؟

أجاب بهذا الجواب الدَّال على أثر العقيدة السلفية التي تلقاها عن شيوخه عليه في التمييز بين كتب العلماء، وفي التفسير خاصة، حيث قال:

((كتب التفسير الحقيقة تختلف مشاربها فتفسير ابن كثير من أحسن التفاسير لكنه رحمه الله لا يعتني كثيراً باللغة العربية يعني بالبلاغة وأوجه الإعراب وما أشبه ذلك وتفسير ابن جرير وهو أصل تفسير ابن كثير أيضاً مطول وفي الآثار الواردة فيه ما هو غثٍ وسمين فيحتاج إلى طالب علم يكون له معرفة بالرجال والأسانيد وهناك كتب تفسير جيدة لكن منهجها في العقيدة غير سليم كتفسير الزمخشري فهو جيد من حيث البلاغة واللغة لكنه ليس بسليم من حيث العقيدة وفيه كلمات تمر بالإنسان لا يعرف مغزاها لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد ويكون قد استسلم لها فيضل ولذلك أرى أن طالب العلم يأخذ تفسير ابن كثير ما دام في أول الطلب أو تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله أو تفسير أبي بكر الجزائري وهذا ما اطلعت عليه وقد يكون في تفاسير أخرى مثلها أو أحسن منها لكن هذا ما اطلعت عليه ثم إذا وفقه الله إلى علمٍ واسع وملكةٍ قوية يدرك بها ما لا يدركه في أيام الطلب فليراجع كل ما تيسر من التفاسير))[10].

 

• ولما سئل رحمه الله: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ بماذا توجهون المستمعين من كتب التفسير في قراءتها؟

أجاب موفقاً فقال:

((كتب التفسير في الواقع كثيرة ومتشعبة، والعلماء - رحمهم الله - كل يأخذ بجهة من جهات القرآن الكريم، ومنهم من يغلب عليه تفسير المعاني، بقطع النظر عن الإعراب والبلاغة وما أشبه ذلك، ومنهم من يغلب عليه مسائل الإعراب والبلاغة وما أشبه ذلك، ومنهم من يغلب عليه استنباطات من الآيات العلمية والعملية، فهم يختلفون. لكن من خير ما يكون من التفاسير فيما أعلم تفسير ابن كثير رحمه الله فإنه تفسير جيد سلفي، لكن يؤخذ عليه أنه يسوق بعض الإسرائيليات في بعض الأحيان ولا يتعقبها، وهذا قليل عنده؛ ومن التفاسير الجياد تفسير الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله فإنه تفسير سلفي سهل المأخذ ينتفع به حتى العامي ومن التفاسير الجياد تفسير القرطبي رحمه الله ومنها تفسير محمد الأمين الشنقيطي الجكني لا سيما في آخر القرآن الذي أدركه ومن التفسير الجياد في البلاغة والعربية تفسير الزمخشري لكن احذره في العقيدة فإنه ليس بشيء ومن التفاسير الجياد تفسير ابن جرير الطبري لكنه لا ينتفع به إلا الراقي في العلم هناك تفاسير أخري لا نعرفها إلا بالنقل عنها لكن الإنسان يجب عليه أنه إذا لم يفهم الآية من التفاسير أن يسأل عنها أهل العلم حتى لا يفسر القرآن بغير مراد الله تعالى به))[11].

 

• وسئل رحمه الله أيضاً: ما رأيكم يا شيخ في تفسير البغوي؟

فأجاب:

((تفسير البغوي جيد ولا بأس به، لكن أحث إخواني السامعين على مراجعة "مقدمة التفسير" لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تكلم عن التفاسير التي مرت به كلاماً جيداً فلتراجع)) [12].

 

• ولما سئل رحمه الله عن: طالب العلم الذي يريد أن يقرأ في التفسير ما هي أشهر كتب التفسير التي يقتنيها طالب العلم؟

أجاب:

((أرى أن يقتني تفسير ابن كثير - رحمه الله -، وتفسير شيخنا عبدالرحمن ابن سعدي، لأنهما خير ما اطلعت عليه من كتب التفاسير، وهناك تفسيرات أخرى لطالب العلم الراقي كتفسير القرطبي وتفسير الشوكاني)) [13].

 

• وفي سؤال آخر وجه لفضيلته رحمه الله: كتب التفسير تحدثت فضيلة الشيخ عن تأويل بعض هذه الصفات، طالب العلم الذي يريد أن يقرأ التفسير بماذا ترشدونه يا شيخ؟

أجاب مسدداً، ظهر فيه أثر العقيدة الصحيحة عليه حيث قال:

((أرشده إلى أن يتجنب جميع الكتب التي فيها التحريف، ثم إذا ترعرع فيما بعد وأحب أن يطلع ويرى ما ابتلي به بعض الناس من التحريف فلا حرج، أما في بداية الأمر فأخشى عليه الضلال إذا طالع الكتب التي فيها التحريف، كتحريف استوى بمعنى استولى، ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ بمعنى جاء أمر ربك، و ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ أي نعمتاه، وما أشبه ذلك من التحريف الباطل، هذا لا يمكن أن يقرأه المبتدئ، لأنه يضل ويهلك ونحن نؤمن بأن الله يجيء نفسه، لأن الله أضاف الفعل إلى نفسه، ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ وأنه استوى على عرشه حقا، وبأن له يدين حقيقتين قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ ، فالأمر واضح ولله الحمد، الأمر مثل الشمس في رابعة النهار، لكني أقول من لم يجعل الله له نورا فما له من نور)) [14].

 

• ولما سئل - رحمه الله - عن منهج السلف من الصحابة رضي الله عنهم في تعلم القرآن وهل يثاب الإنسان الذي يقرأ القرآن ولو لم يفهم معانيه؟

أجاب:

((القرآن الكريم مبارك، كما قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾، فالإنسان مأجور على قراءته، سواء فهم معناه أم لم يفهم، ولكن لا ينبغي للمؤمن أن يقرأ قرآناً مكلَّفاً بالعمل به بدون أن يفهم معناه، فالإنسان لو أراد أن يتعلم الطب مثلاً، ودرس كتب الطب، فإنه لا يمكن أن يستفيد منها حتى يعرف معناها، وتشرَح له، بل هو يحرص كل الحرص على أن يفهم معناها من أجل أن يطبقها، فما بالك بكتاب الله سبحانه وتعالى، الذي هو شفاء لما في الصدور، وموعظة للناس أن يقرأه الإنسان بدون تدبر وبدون فهم لمعناه؟ ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - لا يتجاوزن عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعاً، فالإنسان مثاب ومأجور على قراءة القرآن، سواء فهم معناه أم لم يفهم، ولكن ينبغي له أن يحرص كل الحرص على فهم معناه، وأن يتلقى هذا المعنى من العلماء الموثوقين في علمهم وأمانتهم، فإن لم يتيسر له عالم يُفهّمه المعنى فليرجع إلى كتب التفسير الموثوقة، مثل تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير وغيرهما من التفاسير التي تعتني بالتفسير الأثري المروي عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم))[15].

 

• ومن جوامع أجوبة شيخنا - رحمه الله - المظهرة لحفاوته بالعقيدة السلفية وعنايته بها، ونصحه للأمة بذلك، هذا الجواب الجامع والنصيحة اللائقة، حيث قال:

((ننصح جميع إخواننا المسلمين أن يعتنوا أولاً بكتاب الله عز وجل، بفهمه والعناية بتفسيره، وتلقي ذلك من العلماء الموثوقين في علمهم وأمانتهم، ومن الكتب كتب التفسير الموثوقة تفسير ابن كثير وتفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله، وغيرها من التفاسير التي يوثق بمؤلفيها في عقيدتهم وعلمهم، لأن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا لا يتجاوزون عشر آياتٍ من القرآن، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، ولأن ارتباط الإنسان بكلام الله عز وجل ارتباطٌ بالله سبحانه وتعالى، فإن القرآن كلام الله لفظه ومعناه، ولأن الإنسان إذا كان لا يفهم القرآن إلا قراءةً فقط فهو أمي، وإن كان يقرأ القرآن!، قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ﴾ [البقرة: 78] أي: إلا قراءة، فوصفهم بأنهم أميون، ولكن لا يعني ذلك ألا نهتم بقراءة القرآن، لأن قراءة القرآن عبادة، وقارئ القرآن له في كل حرفٍ عشر حسنات، قارئ القرآن له في كل حرف عشر حسنات، فهذا أول ما ينبغي للمسلم أن يبتدئ به، وهو فهم كتاب الله عز وجل؛ ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيبدأ بالكتب المختصرة مثل "عمدة الأحكام"، لعبد الغني المقدسي، فإنها أحاديث مختصرة من الصحيحين، وغالب ما يحتاج إليه الإنسان من الأحكام موجودٌ فيه، وكذلك الأربعون النووية للنووي -رحمه الله- وتتمتها لابن رجب -رحمه الله- ثم يرتقي إلى بلوغ المرام، ثم إلى المنتقى، وهكذا يبدأ شيئاً فشيئاً، أما في كتب العقيدة فمن أحسن ما كُتب وأجمعه وأنفعه "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإنها زبدة عقيدة أهل السنة والجماعة، وأما في الفقه فمن أحسن الكتب المؤلفة "زاد المستقنع في اختصار المقنع" على المذهب الحنبلي))[16].

 

• كما كان شيخنا ابن عثيمين رحمه الله كثير الإشادة بعلم شيخه ابن سعدي واتباعه العلم العمل، وتميِّزه بالسلوك والأخلاق الحميدة - والتي هي ثمرة إيمان صادق واعتقاد صالح مستقيم-، مما كنا نسمعه منه رحمهما الله مراراً في مجالس العلم، ومجالسه الخاصة. وهذا في الحقيقة من أقوى دلائل أهل السنة والجماعة العملية على شأن العمل في الإيمان.

 

فيقول الشيخ ابن عثيمين واصفاً ذلك في شيخه ابن سعدي:

((إن عباراتي لا تستطيع أن تلم بما كان عليه من العلم والأخلاق والإحسان العظيم؛ فأنا ما رأيت أحداً أحسن أخلاقاً منه، رجل متواضع يحب الفقراء ويحب الستر عليهم وكان متواضعاً للطلبة...الشيخ عبدالرحمن بن سعدي هو شيخي، وأنا أشهد له بسلامة العقيدة، وحسن الخلق، والعلم الصالح.. ونحن - والحمد لله - اكتسبنا من أخلاقه شيئاً كثيراً؛ لكن لم نلحق به حتى الآن.. وإنما بحسب ما يسر الله سبحانه؛ فالرجل رحمه الله دُرَّة زمانه، ولم نعلم أحداً مثله في حسن الخلق واللين والسعة))[17].

 

• ويصف الشيخ ابن عثيمين شيخه - رحمهما الله- ورحمته على طلبته ولين جانبه وحسن خلقه قائلاً:

((كان الشيخ عبدالرحمن - رحمه الله - متواضعاً للطلبة، يمازحهم ويهدي لهم أشياء قد لا تكون ذات قيمة جلباً لقلوبهم، وربما يجعل الجُعْلَ على حفظ بعض المتون، كما جعل على حفظ متن بلوغ المرام (100) ريال، وهي في ذلك الوقت قد تساوي (100 ألف) تقريباً في الوقت الحالي))[18].

 

• ومما يُستأنس به، فيذكر تبعاً لا استقلالاً عند أهل السنة والجماعة في آثار الصالحات الرؤى المنامية، المصدّقة والمؤيدة للأدلة الشرعية فقد سمعت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله غير مرة يذكر: ((أنه رأى شيخه ابن سعدي -رحمه الله- في المنام، فسأله عن أعظم ما نفعه الله به عنده، فقال: حسن الخلق...)).

 

• ومن ذلك أيضاً قول الشيخ ابن عثيمين عن شيخه:

((حدثني شيخنا المثابر عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - أنه ذُكر عن الكسائي إمام أهل الكوفة في النحو أنه طلب النحو فلم يتمكن، وفي يوم من الأيام وجد نملة تحمل طعاماً لها وتصعد به إلى الجدار وكلما صعدت سقطت، ولكنها ثابرت حتى تخلصت من هذه العقبة وصعدت الجدار، فقال الكسائي: هذه النملة ثابرت حتى وصلت الغاية، فثابر حتى صار إماماً في النحو))[19].

 

• ومن اتباعه للسنة وتقديمه لها، وحرصه عليها، وعنايته بها، تأثراً بشيخه ابن سعدي وكذا بشيخه ابن باز رحمة الله عليهما:

((إننا لا نأمر الناس باتخاذ الشَّعر؛ بل نقول: إن اعتاده الناس وصار الناس يتخذون الشعر فاتخذه؛ لئلا تشذ عن العادة، وإن كانوا لا يتخذونه كما هو معروف الآن في أهلنا فلا تتخذه؛ ولهذا كان مشايخنا الكبار: كالشيخ عبدالرحمن بن سعدي، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالعزيز بن باز، وغيرهم من العلماء لا يتخذون الشعر؛ لأنه ليس بسنة ولكنه عادة، ونحن نعلم أنهم لو رأوا أن هذا سنة لكانوا من أشد الناس تحرّياً لاتباع السنة، فالصواب: أنه تبعٌ لعادة الناس، إن كنت في مكان يعتاد الناس فيه اتخاذ الشعر فاتخذه، وإلا فلا))[20].

 

• ومن ذلك أيضاً قوله رحمه الله: ((وقد كان شيخنا عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله لا يصبغ لحيته بشيء، وكان مفتي هذه البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - كذلك لا يصبغ الشيب، وكذلك إخوانه، وكذلك كثير من العلماء فيمن شاهدناهم لا يصبغون، لكن السنة لا شك أنها ثابتة سواء فعلها العلماء أم لم يفعلوها أنه ينبغي للإنسان أن يغير الشيب لكن بغير السواد، أما السواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وجنبوه السواد))[21].

 

• ومن ذلك أيضاً قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن شيخه:

((ومن الذكريات والفوائد الفقهية: حثّ الأئمة على العناية بتطبيق السنة في تسوية صفوف المأمومين، حتى لو فرّط في هذه الأمر من فرط مِن بعض أئمة المساجد فإن السنة أحق بالاتباع، وأما مَنْ قال: إن الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - كان لا يفعل كذلك، فأنا أشهد على الشيخ -رحمه الله - أنه كا يتلفت إذا أقيمت الصلاة يميناً وشمالاً فإذا رأى تقدماً أو تأخراً قال: تقدموا يا طرف الصف أو تأخروا، هذا وأسأل الله للجميع التوفيق لما يرضيه))[22].

 

• ومن المواقف العملية التي تبيّن أثر شيخه ابن سعدي عليه في باب العقيدة، تحقيقاً للمسائل عن علم وبصيرة، وتحرياً للقول الصائب المُفصَّل والمدلل، قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((وهذه فائدة أخرى تتصل بعلوم اللغة والعقيدة وغيرهما، أو هي حول تعلم "أبا جاد"؛ فإن تعلم "أبا جاد" ينقسم إلى قسمين: الأول: تعلم مباح بأن نتعلمها لحساب الجُمَّل، وما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به، وما زال أناس يستعملونها، حتى العلماء يؤرخون بها، قال شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في تاريخ بناء المسجد الجامع القديم:

جد بالرضا وأعط المنى من ساعدوا في ذا البناء
تاريخه حين انتهى قول المنيب ((اغفر لنا))
والشهر في شوال يا رب تقبل سعينا

 

فقوله: "اغفر لنا" لو عددناها بحساب الجمل صارت 1362هـ. وقد اعتنى بها العلماء في العصور الوسطى، حتى في القصائد الفقهية والنحوية وغيرهما))[23].

 

• ومن تأثر الشيخ ابن عثيمين بشيخه ابن سعدي، وأثرّه عليه في العقيدة، اعتذاره عن العلامة ابن القيم في مسألة كثر الجدل من مسائل العقيدة والخلط فيها بين طلاب العلم وعظم الخوض فيها وهي مسألة القول بفناء النار المنسوبة للشيخين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، حيث يقول شيخنا في تفسيره لسورة البقرة على قوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.... ﴾ [البقرة: 31].

 

((ومن الذكريات كذلك تعليق للشيخ حول القول بفناء النار المنسوب لابن القيم، فإني أذكر تعليقاً لشيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله على كتاب: "شفاء العليل" لابن القيم؛ ذكر أن هذا القول من باب: لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة. وهو صحيح؛ كيف أن المؤلف - رحمه الله - يستدل بهذه الأدلة على القول بفناء النار مع أن الأمر فيها واضح؟! غريب على ابن القيم - رحمه الله - أنه يسوق الأدلة بهذه القوة للقول بأن النار تفنى! وعلى كل حال، كما قال شيخنا في هذه المسألة: "لكل جواد كبوة؛ ولكل صارم نبوة"))[24].

 

• ومن آثار الشيخ ابن سعدي على تلميذه: ابن عثيمين - رحمهما الله -، نصحه وتوجيهه الطلاب لكتب شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم، اللذان عما عقدان في منظومة سلف علماء المسلمين أنه لما سئل شيخنا ابن عثيمين رحمه الله عن كتابي "حادي الأرواح" و"الروح" لابن القيم رحمه الله، أجاب:

((إنهما كتابان عظيمان مفيدان، فيهما عبر، وفيهما أحكام فقهية، فهما من خير المؤلفات، وابن القيم رحمه الله كما هو معلوم للجميع رجل واسع الاطلاع، سهل العبارة سلسلها، وأنا أنصح إخواني طلبة العلم بقراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم الذي هو تلميذه وترى على يده علماً وعملاً ودعوة، وقد أوصى بهما شيخنا رحمه الله: عبدالرحمن بن سعدي، لأنه رحمه الله انتفع بكتب الشيخين انتفاعاً كبيراً، ونحن انتفعنا بهما، والحمد لله، فنشير على كل طالب علم أن يقرأهما لينتفع بهما))[25].

 

• ومن تأثر الشيخ ابن عثيمين بشيخه ابن سعدي في فنون العلم الأخرى الفقه، واللغة، والنحو، أسوق هذه النقول والمواقف عن شيخنا رحمه الله، التي تبيِّن هذا التأثر فيقول:

((...وأما في الفقه فينبغي لطالب بالعلم الحرص على حفظ المتون وأحسن ما نرى "زاد المستقنع في اختصار المقنع" وكان شيخنا عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - يوصينا به، ويقول: إنه من أجمع الكتب المختصرة، وكان شيخنا عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله - يحثنا على حفظه، ويدرسنا فيه، وقد انتفعنا به كثيراً ولله الحمد))[26].

 

• ويقول الشيخ ابن عثيمين أيضاً عن موقف آخر عن شيخه ابن سعدي في دراستهم عليه في فن النحو، في ألفية ابن مالك:

((وكذلك أثناء شرح ألفية ابن مالك في اللغة تحديداً عند قوله:

وأظهر إن يكن ضميرٌ خبرا
لغير ما يطابق المفسّرا

 

هذا البيت والذي بعده قرأناه على شيخنا عبدالرحمن بن السعدي مرات عدة وعجزنا عن فهمه وتركيبه، وتمثلنا بقول الشاعر:

إذا لم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع...))[27].

 

• ومن ذلك أيضاً قول الشيخ محمد بن عثيمين عن شيخه ابن سعدي رحمهما الله

حيث يقول:

((ومن المواقف والذكريات اللغوية عندما تم التطرق إلى الإشمام: وهو أن تأتي بحركة بين الكسرة والضمة، فتنطق القاف من (قيل) لا مضمومة ولا مكسورة، بل بحركة بينهما، والنطق بالإشمام أمر فيه صعوبة. وقد كان شيخنا عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله يُدَرِّسُنا في هذا الباب ولم نعرف كلنا لا نحن ولا هو؛ لأنه صعب جداً، لكن لعلَّ العرب الذين أَلِفوا هذه اللهجة تسهل عليهم، ونحن هنا في المملكة في بعض الجهات يتكلمون بلهجة لا نستطيع أن نتكلم بها، وهي عندهم سهلة، وهذا شيء معروف...))[28].

 

• ومن ذلك أيضاً هذا الموقف الذي نقله الشيخ ابن عثيمين عن شيخه ابن سعدي.

حيث قال:

((وأَما في رمضان فكان شيخنا يختم القرآن في التراويح والقيام ثم يدعو، أنا أحفظ عنه أنه كان إذا ختم القرآن وصار في آخر ركعة في التراويح رفع يديه، وجعل يدعو قبل الركوع، وكذلك في القيام للتهجد؛ لأن الناس في الأول كانوا يعتنون اعتناء بالغاً، ويحافظون على ختم القرآن ختمةً في التراويح وختمة في التهجد، ويحرصون على ذلك غاية الحرص، لكن الآن تغيرت الأوضاع فصار بعض الناس يرى أن هذه الختمة ليس لها أصل عن السلف، ومنهم من قال باستحبابها دون أن يقول إنها مستندة إلى نص، والأمر في هذا واسع، فمن دعا في الصلاة بعد الختم فلا حرج عليه إن شاء الله، ومن لم يفعل فهو أحسن))أهـ[29].

 

• ثم يقول الشيخ ابن عثيمين عن حق شيخه ابن سعدي رحمهما الله وما آتاه الله من الفضائل:

((وفي الختام فالشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي لم يعرف الناس قدره وما أسدى للأمة من العلوم الجمة إلا بعد وفاته - رحمه الله - فالرجل رحمه الله درة زمانه ولم نعلم أحداً مثله في حسن الخلق واللين والسعة؛ فنسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته وإياه، وأن يجمعنا في دار كرامته))[30].

 

ولا شك أن هذا أثر واضح جلي للعقيدة الصحيحة التي تلقاها الشيخ ابن عثيمين وتعلمها على شيوخه الإجلاء، في مقدمة كوكبتهم الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمهم الله.

 

• تأليفه أولاً في العقيدة:

•وقد تأثر شيخنا ابن عثيمين بشيخه في بدء تأليفه وتصنيفه، وكان أول ذلك في أبواب العقيدة من خلال دروسه عن شيخه في "الواسطية، حيث يقرر في لقاء إذاعي معه رحمه الله - عن تأليفه وسببها فقال رحمه الله: (( أولاً من ألف فقد استهدف، ولكن الذي شجعني على التأليف أمران:

أحدهما: أن المؤلف يحرص غاية الحرص على أن يتعمق في المادة التي يريد التأليف فيها، وهذه فائدة عظيمة للمؤلف، أضف إلى ذلك أنه إذا تعمق فيها وقيّد ما تعمق به في هذه المؤلفات فستمكث في نفسه أكثر.

 

الأمر الثاني: مما شجعني على التأليف: أنه في حياة شيخنا عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - كنا نقرأ عليه في "العقيدة الواسطة" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكنت أكتب كطالب أكتب عليها شرحا للآيات وللأحاديث، ولكلام شيخ عبدالرحمن رحمه الله وكان يشجعني على ذلك كثيراً ويأمرني بأن أستمر ويرغبني في هذا، ولذلك منذ ذلك الحين وأنا أحب أن أؤلف وكان لي ولله الحمد مؤلفات منها شيء قد طبع ومنها شيء لم يطبع فمنها أنني شرعت في تفسير آيات الأحكام واستنباط الأحكام منها، لا على سبيل النقل كما يفعله بعض الناس، ولكن على سبيل الاستنباط أولاً، لأن الذي ينبغي للمستدل للكتاب والسنة أن لا يعتمد على غيره فيما يستنبط، بل أن يستنبط أولاً بنفسه، ثم بعد ذلك يعرض ما استنبطه على ما استخرجه غيره من هذه الآيات والأحاديث من أجل أن يكون مبدعاً لا متبعاً، والإنسان إذا قصر نفسه على اتباع غيره فإنه يجمد ذهنه، ولا يستفيد من نصوص الكتاب والسنة ولذلك أنا أدعو إخواني من أهل العلم أن يكون دائماً الأصل الذي يبني عليه هو الكتاب والسنة والتحرر في الأفكار لكن بل الأصح التحرر في التفكير وجعل الفكر تابعاً لما دل عليه الكتاب والسنة، حتى يكون الإنسان متحرراً حقيقة، ثم بعد ذلك يعرض ما بدا له على استنبطه أهل العلم فلعله يجد خطأ فيما استنبط فيوفق بالرجوع إليه فكان لي همة في ذلك، وفعلاً كتبت في بعض الدفاتر عندي شيئاً من هذا من آيات الأحكام، بدأت من آية البقرة فاستنبطت أظن من آية القصاص أكثر من واحد وعشرين مسألة، فائدة، ولكن حصلت مشاغل كثيرة ولم أتمكن من إتمامه، ثم كان لي شروح على العقيدة الواسطية))أهـ[31].

 

هذا وأول كتاب طبع لشيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - هو تلخيص للحموية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية، والمسمى "فتح رب البرية بتلخيص الحموية" والمطبوع سنة 1382هـ، ثم توالت تواليفه العامة، والخاصة المتعلقة بمناهج التعليم المقررة في المعاهد العلمية في التوحيد والفقه...



[1] كُتب عن الشيخ ابن سعدي تراجم كثيرة متنوعة من أحسنها ترجمة تلميذه شيخنا عبدالله البسام رحمه الله في كتاب الحافل "علماء نجد خلال ثمانية قرون"(3/218-273) وكتاب "الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة" وهو "الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن سعدي وتلميذه ابن عقيل= لشيخنا عبدالله بن عقيل وثمة أطاريح عليا عديدة ((ماجستير ودكتوارة)) عن الشيخ ابن سعدي في جهوده العقدية والتربوية والعلمية والفقهية.

[2] من لقاء إذاعي بصوت الشيخ ضمن برنامج ((هؤلاء علموني))، والذي أُذيع في 15شوال 1403هـ.

[3] مقدمة طبعة د. عبدالرحمن اللوحق للتفسير ص11، ومقدمة طبعة فواز العميل للتفسير.

[4] فتاوى نور على الدرب (العلم) رقم 5 الوجه الثاني.

[5] يشير الشيخ إلى رموز التفسير الباطني عند الباطنية من غلاة الصوفية والأسماعيلية وغلاة الروافض، ومنها كذلك تفاسير الصوفية الإشارية فكلاهما مشكاة واحدة، وللأسف!.

[6] فتاوى نور على الدرب (التوحيد والعقيدة).

[7] لقاء المفتوح "شريط (32)ب".

[8] لقاء الباب المفتوح "شريط (220) وجه أ".

[9] لقاء الباب المفتوح "شريط (221) وجه ب".

[10] نور على الدرب "شريط (269)وجه أ ".

[11] نور على الدرب "شريط (329)وجه أ ".

[12] نور على الدرب "شريط (347)وجه ب ".

[13] نور على الدرب "شريط (360)وجه أ ".

[14] نور على الدرب "شريط (372)وجه ب ".

[15] نور على الدرب "شريط (85)وجه أ ".

[16] نور على الدرب "شريط (183)وجه ب ".

[17] فتاوى الحرم المكي 1412هـ شريط رقم 5.

[18] فتاوى الحرم المكي 1412هـ شريط رقم 5.

[19] كتاب العلم ص 62.

[20] لقاء الباب المفتوح رقم (126) السؤال رقم (16).

[21] اللقاء الشهري (30)، والحديث المشار إليه أخرجاه في الصحيحين في قصة مجئ أبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما للنبي عام الفتح وهو ثائر الرأس كأنه الثغامة!

[22] مجموع فتاوى ورسائل 13/33.

[23] القول المفيد على كتاب التوحيد (2/64). وبالمناسبة فإنه بقيت بقايا من العلماء ولا زالوا يحسبون الأعواد بحروف الجَمّل من أواخرهم شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله فكان يحسب بها في الأعداد، وفي تقسيمه للمواريث. وممن كان يستعملها أيضاً شيخنا حماد الأنصاري رحمه الله (1418)هـ.

[24] تفسير سورة البقرة آية 34 وانظر قول ابن القيم رحمه الله المزيل للاشكال الوارد على كلامه في "شفاء العليل" وغيره ما قرّره في آواخر كتبه: "الوابل الصيب" ص 49 من أن النار التي تفنى هي نار عصاة الموحدين فقط، في كلام صريح محقق، قسَّم فيه ابن القيم الدور ثلاثة:

1- دار الطيب المحض وهي الجنة، للمؤمنين.

2- دار الخبيث المحض وهي النار، للمنافقين والكاذبين. وهاتان الداران لا تفنيان.

3- دار لمن معه خبث وطيب، وهي الدار التي تفنى، هي دار عصاة الموحدين.

[25] فتاوى نور على الدرب. متفرقة.

[26] اللقاء الشهري شريط (38).

[27] شرح ألفية ابن مالك شريط رقم 36.

[28] شرح ألفية ابن مالك شريط رقم 33.

[29] فتاوى الحرم المكي. شريط رقم 5.

[30] فتاوى الحرم المكي شريط رقم 5.

[31] من لقاء إذاعي مع الشيخ - رحمه الله - ضمن برنامج ((هؤلاء علموني))، أُذيع في 15شوال 1403هـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صدر حديثاً (الفوائد المنتقاة من تفسير السعدي)
  • شيخ الحنابلة وآخر تلاميذ العلامة السعدي الشيخ عبدالله العقيل
  • العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي (1307هـ : 1376هـ)
  • القول الرشيد المجدي نظم عقيدة السعدي
  • ترجمة الشيخ المقرئ عبدالرحمن بن سليمان بن دامغ
  • ترجمة بهاء الدين أبي البقاء الشهير بابن الضياء
  • الشيخ عبدالرحمن بن سعد العياف رحمه الله (1343_1442هـ)

مختارات من الشبكة

  • ضوابط ترجمة معاني القرآن الكريم للغة أخرى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوسائل التكنولوجية الحديثة والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة في الوطن العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة فضيلة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الصحابي الصعب بن جثامة بن قيس بن ربيعة الليثي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • توجهات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حدائق الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أساسيات الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب