• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ.د. مصطفى مسلم / علوم القرآن
علامة باركود

مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)

مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)
أ. د. مصطفى مسلم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/12/2013 ميلادي - 19/2/1435 هجري

الزيارات: 17361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)

معالم قرآنية في الصراع مع اليهود


ب- المجابهة الحربية مع اليهود:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على تأليف قلب اليهود المقيمين في المدينة، وذلك لفتح المجال أمامهم لتدبر دعوة الحق عن قرب، ولكف أذاهم عن المسلمين في بداية مرحلة جديدة والمسلمون يقدمون على تأسيس دولة وإقامة مجتمع إسلامي على أسس جديدة.


فكان الميثاق الذي كتبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحدد فيه المسؤوليات للفئات الثلاث: المسلمين واليهود والمشركين.

 

وكان من أهم البنود:

1- الدفاع المشترك عن المدينة تجاه من يقصدها بسوء مهما كان انتماؤه.

2- تحمل النفقات العامة والديات.

3- عدم إحداث شيء يناقض الميثاق، وعدم إيواء المحدثين.


ويظهر من تفصيلات الميثاق أن اليهود لم يكونوا حلفاً واحداً بل كانت لهم ولاءات متعددة وأحلاف مع أطراف، فمنهم من كان يوالي الخزرج ومنهم من يوالي الأوس ومنهم من يوالي بني النجار ومنهم من يوالي قبائل صغيرة..


لذا نصت الوثيقة على جميع هذه الأطراف تفصيلاً[1].


لم تكن المجابهة بين المسلمين واليهود في المدينة حرباً بالمعنى المعهود للحرب، وإنما كانت حملات تأديبية كلما كثرت دسائسهم وفسادهم داخل المجتمع الإسلامي.


1- حملة لتأديب بني قينقاع:

وكانت أول حملة تأديبية لليهود ما جرى ليهود بني قينقاع يقول كتّاب السيرة: لما كانت وقعة بدر أظهر يهود بني قينقاع البغي والحسد ونبذوا العهد والمدة فأنزل الله تعالى على نبيه: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخاف بني قينقاع[2].


وذلك لأنهم كانوا لا يخفون عداءهم للمسلمين، وكانوا يقولون: أغرَّ محمداً أنه غلب أعراباً لا عهد لهم بالحرب ولو لاقنا لوجدنا أننا الرجال[3].


وكانت الحادثة التي أوقدت الشرارة عليهم:

أن امرأة مسلمة قدمت بجلب لها فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين يهود بني قينقاع.


فسار إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل لواءه عمه حمزة بن عبدالمطلب، فحاصرهم خمس عشرة ليلة، قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر المنذر بن قدامة السالمي بتكتيفهم ليضرب أعناقهم.


فلما رأى رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول رجال بني قينقاع قد كتفوا لتضرب أعناقهم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج في الجاهلية، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلني، وعرف الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم لك[4].


فحكم فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإجلائهم من المدينة خلال ثلاثة أيام، على أن يصطحبوا معهم الذرية والنساء، وللمسلمين السلاح والأموال.


وكلف عبادة بن الصامت - وكان حليفهم في الجاهلية فتبرأ منهم عندما نقضوا العهد - بالإشراف على إجلائهم، فمضى بهم حتى سلكوا طريق الشام ونزلوا بأذرعات.


وفي موقف ابن أبيّ بن سلول وعبادة بن الصامت نزل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 51 - 56].


لقد كان لموقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود ومن رأس المنافقين أثر بالغ في نفوس الناس فبإبعاد بني قينقاع من المدينة كفّ شرهم وقطع دابر تآمرهم مع حلفائهم من المنافقين، وكان في ذلك إضعاف لموقف ابن أبيّ بن سلول ولو لم يجب طلبه بالكف عن قتلهم فلربما أثار فتنة هوجاء في المدينة خاصة وأن كثيراً من بني عوف من الخزرج كانوا يسمعون له مسلمهم ومشركهم عصبية، وكان الوقت مبكراً لكشف حقيقة ابن أبيّ، فقد حدثت فيما بعد أحداث عرّته تماماً أمام العقلاء من مؤيديه، بل وصل الحد إلى ولده وكان يسمى عبدالله أيضاً أن يطلب من رسول الله قتل أبيه إن كان قد حكم بقتله لأنه يخشى إن تولى غيره ذلك أن لا يستطيع رؤية قاتل أبيه فيقتله، فيكون قد قتل مسلماً بكافر فيدخله الله النار[5] ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول له المرة تلو الأخرى، سنحسن إلى أبيك ما دام بيننا، ولم يشأ أن يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه، نظراً لتظاهر المنافقين بالإسلام ولكي لا يتخذ ذلك سنة في الولاة من بعده فيقتلون مناوئيهم على الظنة، لقد كانت سياسة حكيمة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكف شر المفسدين ويقطع روافد الفتنة ويحصرها في موقعها، ويجنب المجتمع الإسلامي الاضطراب ولما ترسخ دعائمه ويشتد سوقه.


2- حملة التأديب لبني النضير:

والحملة الثانية التي قام بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضد اليهود ما كان من حملته ضد بني النضير:

فقد نشط المنافقون وشياطينهم من اليهود بعد غزوة بدر واتصل زعيم بني النضير كعب بن الأشرف بالمشركين من قريش يحثهم على الثأر لقتلاهم في بدر، ووعدهم بتقديم الدعم لهم، وليحمل قريشاً على الثقة بكلامه أثنى على أصنامهم ودينهم وارتد على عقبيه ليقول كلمته الفاجرة لقريش أنتم أهدى سبيلاً من المسلمين، فسجل القرآن عليه وعلى من معه من اليهود هذه الارتكاسة، في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 51 - 55].


ولم يقتصر نشاط زعماء بني النضير على ذلك، بل استطاعوا عن طريق حلفائهم من المنافقين أن يخذلوا الجيش الإسلامي في أحد فينسحب ابن أبيّ بثلث الجيش بعد مغادرتهم المدينة إلى أرض المعركة في أحد[6]. وهو يدعي أنه لن يحدث قتال كما أخبر القرآن الكريم عنهم. ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ [آل عمران: 166 - 167].


وكان شعر كعب بن الأشرف ينتشر بين المنافقين في المدينة، ويؤجج نار الحقد في قلوبهم وكانت شماتته بالمسلمين لما أصابهم يوم أحد، ومن المعلوم أن للكلمة دوراً في المعارك لا يقل عن دور الحلقة.


إلى جانب استهتاره بالقيم الإسلامية وتشببه بالنساء العفيفات من المؤمنات الطاهرات، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من لي بكعب بن الأشرف فقد آذى الله ورسوله"[7]. فكان أمر اغتياله وارتاح المسلمون من شره.


وفي هذا النشاط المحموم لليهود ضد الإسلام والمسلمين حدثت حادثة تآمرهم على قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما خرج إلى بني النضير يطالبهم بالمساهمة في ديات لزمت المسلمين نتيجة قتل خطأ ارتكبه أحد الصحابة[8]، وكان من بنود المعاهدة التي وقع اليهود عليها المساهمة في التكاليف التي تلزم السلطة الإسلامية في المدينة باعتبارهم من مواطني هذه السلطة[9].


فلما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه المؤامرة عن طريق الوحي رجع إلى المدينة وأرسل إليهم أن اخرجوا من المدينة فلا تساكنوني بها وأخبرهم بما تآمروا عليه من قتله ومحاولة إلقاء عمرو بن جحاش صخرة عليه من فوق الجدار.


وأجّلهم عشراً، وبينما هم يستعدون للجلاء ومنهمكون في إحضار الإبل أرسل إليهم رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن أبي سلول أن لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصونكم فإن معي ألفين من قومي وغيرهم يدخلون حصونكم ويموتون دونكم قبل أن يوصل إليكم، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان. فطمع بنو النضير واغتروا بهذه الوعود فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك. وكان على رأس يهود بني النضير بعد كعب بن الأشرف حيي بن أخطب، فنصحه بعض عقلاء اليهود أمثال سلام بن مشكم حيث قال له: منتك نفسك والله يا حيي الباطل، فإن قول ابن أبي ليس بشيء، وإنما يريد أن يورطك في الهلكة حتى تحارب محمداً فيجلس في بيته ويتركك، ألا ترى أنه أرسل إلى كعب بن أسد القرظي سيد بني قريظة أن تمدكم بنو قريظة، فقال له: لا ينقض رجل واحد منا العهد فأيس من بني قريظة، وأيضاً قد وعد حلفاءه من بني قينقاع مثل ما وعدك حتى حاربوا ونقضوا العهد وحصروا أنفسهم في صياصيهم وانتظروا ابن أبي فجلس في بيته وسار إليهم محمد حتى نزلوا على حكمه، فإذا كان ابن أبي لا ينصر حلفاءه ومن كان يمنعه من الناس ونحن لم نزل نضربه بسيوفنا مع الأوس في حروبهم[10] فقال حيي نأبى إلا عداوة محمد وإلا قتاله. فقال سلام بن مشكم: فهو والله جلاؤنا من أرضنا، وذهاب أموالنا وشرفنا وسبي ذرارينا مع قتل مقاتلينا. فأبى حيي إلا محاربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألقت بنو النضير له قيادها.


وتحدثت سورة الحشر - وتسمى سورة بني النضير أيضاً - عن هذه الحملة التأديبية لبني النضير، وعن موقف المنافقين الذين تمالؤوا مع اليهود حيث جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ * كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾ [الحشر: 11 - 17].


وبعد حصار دام بضعة وعشرين يوماً يئس يهود بني النضير من مناصرة المنافقين لهم فنزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضوا بالجلاء على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة[11] فخرجوا إلى خيبر وحزن المنافقون لخروجهم أشد الحزن[12] وكان هذا الإجلاء في السنة الرابعة للهجرة بعد غزوة أحد بأشهر لتبدأ مرحلة جديدة في نشاط اليهود من خلال القيادات التي انتقلت إلى خيبر بعد انتقال بني النضير إليها وكان نشاطهم ذا شقين تأليب القبائل العربية على المسلمين من خلال تحريك قريش وحلفائها ومن خلال تحريك بني قريظة وهي القبيلة اليهودية الثالثة التي كانت لا تزال تساكن المسلمين في المدينة، ولم تكن تعلم عن مناقضتها للعهود ولا تظاهر أحداً على المسلمين، ولكن حقد حيي بن أخطب ومن معه من يهود خيبر لم يكن ليترك بني قريظة بمنأى عن غدرهم وكيدهم وتآمرهم على المسلمين.


فكانت سبباً في مصرع بني قريظة كما سيتبين مستقبلاً.



[1] انظر نص الوثيقة في السيرة النبوية لابن هشام 2/242. مع حاشية الروض الأنف وانظر الفقرات المنقولة في هامش ص71، 72 من الكتاب.

[2] انظر طبقات ابن سعد 2/29.

[3] عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع يهود بني قينقاع في سوقهم ثم قال: يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله عليكم، قالوا يا محمد إنك ترى أنا قومك!! لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس، فأنزل الله فيهم قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 12].

انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/137، وفتح الباري 8/334 وتفسير ابن كثير 2/14، والكامل في التاريخ 2/137.

[4] انظر السيرة النبوية لابن كثير 3/6 والكامل في التاريخ 2/138.

[5] انظر ذلك في تفسير ابن كثير.. في تفسير سورة المنافقون: 4/372.

[6] ولعله السر في ورود ذكر أهل الكتاب في سياق الحديث عن غزوة أحد في سورة آل عمران حيث نهت الآيات الكريمة عن اتخاذ بطانة من دون المؤمنين، ومقابلة أهل الكتاب للمؤمنين بوجه وما تخفيه صدورهم من الحقد والبغضاء وإرادة السوء بالمؤمنين أعظم مما يصدر على ألسنتهم. انظر الآيات 118 - 120 من سورة آل عمران.

[7] انظر صحيح البخاري مع شرح فتح الباري 8/339.

[8] انظر الحادثة في السيرة النبوية لابن هشام 3/240 والسيرة الحلبية 2/560.

[9] انظر بنود المعاهدة فيما تقدم ص 71.

[10] كان بنو قينقاع حلفاء الخزرج في الجاهلية، أما بنو النضير وبنو قريظة فكانوا حلفاء الأوس.

[11] آلة الحرب.

[12] انظر أحداث غزوة بني النضير في سيرة ابن هشام 3/240 وزاد المعاد 2/110 والسيرة الحلبية 2/559 وتفسير ابن كثير: 4/340.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (1)
  • مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (2)

مختارات من الشبكة

  • طالبة المرحلة الثانوية وحاجات المرحلة العمرية وخصائصها(مقالة - ملفات خاصة)
  • مكانة كبار السن في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراحل النقد (مرحلة الالتفات والإحيائية)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • مراحل النقد (مرحلة الانبهار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • المرحلة الثالثة من مراحل الخطاب المكي في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرحلة الأولى من مراحل الخطاب المكي في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرحلة الثانية من مراحل الخطاب المكي في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرحلة الجامعية من أخطر مراحل العمر .. فانتبهوا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المرحلة الثالثة من مراحل الرمزية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مراحل دعوة السيد البدوي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب