• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

حقيقة الزمن (2)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: أُلقيت بتاريخ: 26/12/1429هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2008 ميلادي - 3/1/1430 هجري

الزيارات: 21034

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقيقة الزمن (2)

﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ ﴾ [الإسراء: 12]


الحمد لله الكريم الوهاب، العزيز الغفار؛ جعل في الكون منَ الآيات والبراهين ما يدل على عظمته وقُدْرَتِه، وحُسن خلقه وتدبيره؛ ﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾[1].

 

نحمده على وافِر نعمِه، وجزيل عطاياه، ونَشْكُره على عظيم منِّهِ وهدايته، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له؛ جعل الدنيا دار ابتلاء لعبادِه، وظرفًا لأعمالهم، ويوم القيامة يُجْزَوْن بها؛ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾[2].

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أعرف الخلق بالله - تعالى - وأتْقاهم له، وأعلمهم بحقيقة الدُّنيا ومصيرها، كان - صلى الله عليه وسلم - يدعو، فيقول في دعائِه: ((اللهمَّ بعلمكَ الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيِنِي ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفَّنِي إذا علمت الوَفَاةَ خَيْرًا لي))، صَلَّى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه؛ تَرَضَّى عنهم ربُّهم - سبحانه - في كتاب يُتلى إلى يوم القيامة، وإن رغمتْ أنوف الكارهينَ لهم، والحاقدين عليهم؛ ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾[3]، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعدُ:

فأوصِي نفسي وإيَّاكم بتقوى الله - تعالى - فإنَّ كلَّ عام ينقضي علينا، فإنه من أعمارنا، وهو مستودع أعمالنا، وهو شاهدٌ علينا، فتزوَّدُوا مِنَ الأعمال الصالحة ما يُقرِّبكم إلى الله - تعالى - واحْذَرُوا الدنيا وزينتها وفتنتها، فإنها وإنِ اخْضَرَّتْ لأهلها، يوشك أن تصفَرَّ وتزول، ويوشك جامِعُها أن يترك ما جَمَع، ويوشك بانِيها أن يفارقَ ما بنى، ولا يبقى إلاَّ العمل؛ ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾[4].

 

أيها الناس:

الزمن آيةٌ احتارَ فيها البَشَرُ، وعجبوا منها أشد العَجَب، ومع أنهم يعيشون في الزمن، فإنهم لا يدركون كُنْهَه، ولا يعرفون بدايته ونهايته، وتخبطوا فيه تخبُّطًا كبيرًا، وأنكر أقوام منهم أنَّ للزمن بداية ونهاية؛ ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾[5].

 

والكلامُ عنِ الزمن وآياته وعلاماته وآثاره طويلٌ جدًّا، ويكفي أنَّ الآيات القرآنية التي ذَكَرَتِ الزمنَ أو شيئًا منه قاربتْ أربعمائة آية، وأقسم الله - تعالى - بِجُمْلَةٍ مِن علاماته وأجزائه، وسميتْ سورٌ في القرآن ببعضه وبعض علاماته؛ كـ﴿ الفَجْر ﴾، و﴿ الشمس ﴾، و﴿ اللَّيْل ﴾، و﴿ الضُّحَى ﴾، و﴿ العَصْر ﴾، وغيرها.

 

ومِن أجزاء الزَّمن: الليلُ والنهار، وعلامتهما: الشَّمس والقمر، فالقمر لِلَّيل، والشمس للنَّهار، جاء ذكرهما كثيرًا في كتاب الله - تعالى - لأهمية ذلك عند البَشَر، فالنَّهار والليل هما زمن العمل، والبناء للدُّنيا وللآخرة.

 

إنَّ الليل والنهار آيتانِ على وُجُود الخالق - سبحانه - وعلى عظيم قدرته، وعلى حُسن خلقه وتدبيره، جاء ذِكْرهما في القرآن كثيرًا في سياق بيان قدرة الله - تبارك وتعالى - ولُزُوم التفَكُّر في خلقه، وصرف العبادة له وحده دون سواه؛ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾[6]، وقال: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾[7]، وقال: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ ﴾[8]، وقال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾[9].

 

والليل والنهار والشمس والقمر آيات مُسَخَّرات لأهل الأرض، فلا يطالها البشر، ولا يقدرون على تغييرها أو تأخيرها، ولا يستطيعون الإفسادَ فيها كما أفسدوا في الأرض؛ بل هي آيات مسخرات للأقوياء والضُّعفاء، والأغنياء والفقراء، والسادة والعبيد؛ بل ومسخرات للحيوان، والطير والزواحف، كلهم ينتفعون بها، ولا يملك أحدٌ منَ الناس - مهما كانت قوته - أن يحولَ بين أهل الأرض، وبين الانتفاع بالليلِ والنهار، والشمس والقمر، ونجد النَّص على آيةِ التسخير هذه في جُملةٍ منَ الآيات القرآنية؛ ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ﴾[10]، وقال: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾[11]، وقال: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ﴾[12]، وقال: ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ﴾[13]، وقال: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾[14].



وكون الليل ظلامًا، والنهار ضياءً آيةٌ منَ الآيات العجيبة، ونعمة منَ الله - تعالى - على عبادِه، ففي الضياء يعملون ويكدحون، وفي الظلام ينامون ويرتاحون، وقد ذكَّرنا الله - تعالى - بهذه الآية والنِّعمة في عدد منَ الآيات؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [15]، وقال: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾[16]، وقال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ﴾[17]، وقال: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾[18]، وقال: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾[19].

 

وذكر لنا ربُّنا - سبحانه وتعالى - أنه لو شاء لجعل الدنيا ليلاً بلا ضياء، ولو شاء لجعلها نهارًا بلا ليل؛ ولكنه - عز وجل - رحم عباده، فعاقب بين الليل والنهار؛ ليستقيمَ عيشُهم، وتعمر أرضهم، وتصلح أحوالهم؛ ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[20].

 

وتَعَاقُبُ الليل والنهار، ودخولُ كل واحد منهما في الآخر حتى يمحوه، وأخذ كل واحد منهما من زمن الآخر صيفًا وشتاء - كلُّ ذلك آياتٌ عظيمة، تدلُّ على أنَّ المتصرِّفَ فيهما بذلك هو الله وحده لا شريك له، وأن أيةَ قوَّة - مهما بلغتْ - لا تستطيع أن تمنعَ تعاقبهما، ولا أن تأخذَ منَ الليل للنهار، ولا منَ النهار لليل؛ ولذلك يضبط الناس حياتهم ومعاشهم ونومهم على وفق ساعات الليل والنهار؛ لعجزهم عن تغيير ذلك أو تعديله، ونجد هذا المعنى العظيم مذكورًا في كتاب الله - تعالى - في عدد منَ الآيات؛ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾[21]، وفي آية أخرى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾[22]، وفي ثالثة: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾[23]، وفي رابعة: {﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾[24]، وفي خامسة: ﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾[25].



ولعظمة هاتينِ الآيتينِ - الليل والنهار - أَقْسَمَ الله - تعالى - بهما في كتابه العزيز؛ ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾[26]، وأقسم - سبحانه - بعلامتيهما الشمس والقمر؛ ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴾[27].

 

والمُلاحَظ - أيها الإخوة - تقديمُ الليل على النهار في الآيات القرآنية، والعرب كانوا يجعلون النهار تبعًا للَّيل، وعلى هذا جاءتْ أغلب أحكام الشريعة في الصيام، والفطر، والأعياد، وغيرها، بينما كان الأعاجم يقدِّمون النهار على الليل.

 

والشريعةُ الغَرَّاء حَدَّدتْ بداية الليل، مِن غروب الشمس إلى طُلُوع الفجر، وبداية النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ كما جاء في نصوص الصيام: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾[28]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقبل اللَّيل مِن ها هنا، وأدبر النَّهار مِن ها هنا، وغربت الشَّمس، فقد أفطر الصَّائم))؛ رواه الشيخان.

 

أيُّها الناس:

إنِّي ساجد فاسجدوا معي كما جاء في السنة، أعوذ بالله منَ الشيطان الرجيم: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾[29].

 

بارَكَ الله لي ولكم في القرآن العظيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا طيبًا كثيرًا مُباركًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداهم إلى يوم الدِّين.

 

أما بعد:

فاتَّقُوا الله - عباد الله - وأطيعوه، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾[30].

 

أيُّها المسلمون:

الليلُ والنهار، والشمس والقمر آياتٌ بيناتٌ على وجود الله - تعالى - وربوبيته وألوهيته، وأنه - سبحانه - المتصَرِّف في الكون دون سواه، وأغلب الآياتِ التي وَرَدَ فيها ذكر الليل والنهار، والشمس والقمر، جاءتْ في سياق الثناء على الله - تعالى - وذِكْر ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأُمِرَ العبادُ بِلُزُوم توحيده لا شريك له، وذُيِّلَتْ هذه الآيات بالتفكُّر والاعتبار؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾[31]، وقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[32]، وقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾[33]، وقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾[34]، وقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾[35].

 

ومِن عظيم الاعتبار بالليل والنهار: أن نعلمَ أن تعاقبهما يُنقص أعمارنا، ويُقَرِّب آجالنا، ويعجل آخرتنا، وأن كلَّ عام يمضي فهو لنا أو علينا، بما أودعناه مِن أعمالنا، وكان السَّلَفُ الصالح والعلماء والحكماء يعلمون ذلك، ويعملون صالحًا بِمُقْتضاه، ويعظون الناس به.



قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما نَدِمْتُ على شيء ندمي على يوم غربتْ شمسُه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي".

وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "ابن آدم، إنكَ لم تزل في هدم عمرك منذ ولدتك أمك".

 

وقال عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى -: "إنَّ الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما".

 

وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: "ابن آدم، إنكَ بين مطيَّتينِ يوضعانك: الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل، حتى يُسلمانك إلى الآخرة".

 

وقال داود الطائي - رحمه الله تعالى -: "إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإنِ استطعتَ أن تقدِّم في كلِّ مرحلة زادًا لما بين يديها، فافْعل".

 

وقال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى -: "ينبغي للإنسان أن يعرفَ شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قُربة، فيقدم الأفضل فالأفضل منَ القول والعمل".

 

واعلموا - يا عباد الله - أنه لا راحة في الدُّنيا، إن هي إلاَّ عمل فيما ينفع، أو فيما يضر، والراحة الكاملة في الجنَّة، فالسعيدُ مَن أتى ما ينفعه، وجانَب ما يضره.

 

جاء رجل مِن أهل خراسان إلى الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - فقال: "يا أبا عبدالله، قصدتكَ من خراسان؛ أسألك عن مسألة، قال له: سَلْ، قال: متى يجد العبدُ طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة".

 

أسألُ الله - تعالى - أن يُوفِّقنا لفِعْل الخيرات، واكتساب الحسنات، وأن يجعلَنا منَ المعتبرين بِتعاقُب الليل والنهار.

 

وصلُّوا وسلموا على نبيِّكم.

 


[1] السجدة: 6، 7.

[2] الزلزلة: 7، 8.

[3] الفتح: 18.

[4] الحديد: 20.

[5] الجاثية: 24.

[6] آل عمران: 190.

[7] يونس: 60.

[8] الإسراء: 12.

[9] الأنبياء: 33.

[10] الأعراف: 54.

[11] إبراهيم: 33.

[12] النحل: 12.

[13] فاطر: 13.

[14] الزمر: 5.

[15] يونس: 67.

[16] الإسراء: 12.

[17] الفرقان: 47.

[18] النمل: 86.

[19] النبأ: 10، 11.

[20] القصص: 71 - 73.

[21] الحج: 61.

[22] المؤمنون: 80.

[23] النور: 44.

[24] الفرقان: 62.

[25] يس: 37.

[26] الليل: 1، 2.

[27] الشمس: 1، 2.

[28] البقرة: 187.

[29] فصلت: 37، 38.

[30] البقرة: 123.

[31] البقرة: 164، النحل: 12.

[32] الرعد: 3.

[33] النحل: 79، النمل: 86.

[34] يونس: 67، الرُّوم: 23.

[35] آل عمران: 13، النور: 44.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقيقة الزمن (1)
  • حقيقة الزمن (3)
  • الوقت وخطر السفر إلى الخارج
  • دبلوماسية الزمن والعيد
  • قيمة عنصر الزمان بين الإدراك الخارجي والشعوري
  • الحياة عبر الزمن

مختارات من الشبكة

  • وقفة مع الباحثين عن الحقيقة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • معنى العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الألمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الإنجليزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشرق والغرب: منطلقات العلاقات ومحدداتها (الحقائق)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • دروس منتقاة من سورة الحجرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكتابة في زمن الرقميات بين الوهم والحقيقة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عنه أتحدث(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حقيقة الجمال(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ماذا تعني الدعوة الإسلامية؟ وما حقيقتها؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب