• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / بحوث ودراسات
علامة باركود

الأنوثة في نصوص الوحيين

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي

المصدر: موقع: الإسلام اليوم
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/5/2011 ميلادي - 28/5/1432 هجري

الزيارات: 30809

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اقتضت حكمة الخالق جل شأنه أن تكون الخلائق مركبة من زوجين، والزوجية تقتضي الاختلاف بينهما، إما اختلاف تضاد أو اختلاف تشابه وتنوع.

 

ولذا قال الحق تعالى: ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49].

 

قال مجاهد بن جبر فيما رواه عنه الطبري: ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والإنس والجن.

 

والزوجية هنا تشمل المعنويات كالهدى والضلال، والخير والشر، والمحسوسات كالليل والنهار، والذكورة والأنوثة.

 

وقد أوضح ذلك الراغب الأصفهاني بقوله: "الزوج: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجه زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاد زوج.. وقوله: "خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ" فبين أن كل من في العالم زوج من حيث إن له ضداً أو مثلاً ما أو تركيباً ما، بل لا ينفك بوجه من تركيب، وإنما ذكر هاهنا زوجين تنبيهاً أن الشيء وإن لم يكن له ضد ولا مثل فإنه لا ينفك من تركيب جوهر وعرض وذلك زوجان" [المفردات/ صـ216].

 

والذكورة والأنوثة هما صورة من صور الزوجية المشار إليها؛ فما علاقة الأنوثة بالذكورة؟

هذا هو محور الحديث هنا، ونقصر الحديث على جنس البشر.

 

وذلك في النقاط التالية:

أولًا: أصل الخلقة:

جاءت نصوص الوحيين بإشارات كثيرة لا يخلو أكثرها من التفصيلات في شأن (بدء الخلق).

 

قال سبحانه: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ [السجدة: 4-9].

 

هكذا خلق آدم عليه السلام، ثم إن الله تعالى قدر أن يوجد له مخلوقاً يأنس به ويسكن إليه، فخلق منه زوجه حواء، كما أشارت إلى ذلك الآية الأخرى ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف:189].﴾

 

وجاء توكيد ذلك في أول سورة النساء ﴿ ا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].

 

وجاء في الأحاديث الصحيحة أن حواء خلقت من ضلع آدم، كما في حديث: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) [البخاري برقم 3331].

 

وهذا يفيد أمرين:

الأول: أن المرأة إنسان كالرجل.

الثاني: أنها جزء من الرجل وفرع منه.

 

ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة قوله عليه السلام: (إنما النساء شقائق الرجال) [رواه أبو داود/ 236].

 

قال الخطابي في معالم السنن 1/79: "أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع، فكأنهن شققن من الرجال".

 

وعلى هذا لا فرق في القيمة الإنسانية بين الرجل والمرأة، بل هما متساويان فيها، مما يجعلهما مشتركان في جملة الفضائل الإنسانية، التي أشارت إليها نصوص القرآن الكريم.

 

كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [الإسراء: 70].

 

وقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [البينة: 4].

 

ثانيًا: خصائص الأنوثة:

وبرغم تلك المساواة في القيمة الإنسانية أو أصل التكوين إلا أنه مما تقتضيه الحكمة الإلهية، والخلقة الطبيعية أن يكون الزوجان - الذكر والأنثى - مختلفين في بعض الخصائص والمكونات، كما تقتضيه الحال في كل زوجين من النبات والحيوان، فضلاً عن المتضادات كالخير والشر، والنفع والضر، والحب والبغض..إلخ.

 

ولو كان الرجل والأنثى سواء في كل شيء لم يكن في التعددية فائدة، لذلك لابد أن يقول العقل ومنطق الأشياء: إن بينهما اختلافاً في مجالي: الخلق والتكوين والخُلق والطبع.

 

وقد يكون من غير الممكن هنا تفصيل ذلك عند علماء الطب والتشريح، أو عند علماء النفس والأخلاق، لكنني أشير إلى ماله صلة وثيقة بالتشريع، وهو علم اللغة الذي عني أصحابه بالموضوع عناية واضحة وبالغة.

 

فابن سيده في (المخصص) بدأ بخلق الإنسان، وذكر اسم كل جزء فيه، ثم كل نعت فيه، بما يشمل الذكر والأنثى، ثم جاء بعنوان آخر هو: كتاب النساء، حيث أورد ما فيهن من خصائص وسمات، ثم نعوت وصفات، مما يحمد أو يذم.

 

وسبق ابن سيده علماء آخرون من أهل اللغة والأدب مثل الجاحظ وابن قتيبة، كما يلحظ ذلك في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة، حيث خص النساء بكتاب مستقل سماه (كتاب النساء).

 

بل إن الأصل اللغوي لكل من لفظتي (الذكر، والأنثى) تعطي أبعادًا للمفاهيم، فالذكر: مأخوذ من الذكرة، وهي القطعة من الفولاذ، ويقال: حديد ذكر: أي يابس شديد، ورجل ذكر: قوي شجاع.

 

أما الأنثى، فمأخوذ من الأنوثة وهي الليونة، يقال: أنّث في الأمر: لان ولم يتشدد، وأرض أنيثة: سهلة منبات. ينظر: المعجم الوسيط. مادتا: أنث وذكر.

 

ولعل من المناسب أن نتوقف عند بعض الخصائص التي وردت في الوحيين، والتي لا يختلف عليها مسلم يؤمن بالله و اليوم الآخر؛ لإيمانه وتسليمه بالوحي أولاً، ثم لكون الخصائص هذه حقائق أكيدة ثانيًا.

 

1- أن المرأة محل الزينة والجمال: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾ [آل عمران: 14].

 

وفي الحديث: (حبب إلي من الدنيا النساء والطيب) [رواه النسائي/ 3941]، وهو ما عبرت عنه تلك الشاعرة بقولها:

إن النساء رياحين خلقن لكم
وكلكم يشتهي شم الرياحين

 

2- والمرأة محل الحرث: ﴿ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223].

والجنين منذ مرحلة النطفة حتى ساعة الميلاد وهو يعيش في رحم أمه، وهو معنى الحرث.

 

3- وهي عرضة للطمث، والحمل والولادة والرضاع: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ﴾ [البقرة: 222]. ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [لقمان: 14]. ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15].

 

4- وفي جنس النساء نقص أكثر منه في جنس الذكور: ففي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج في يوم العيد إلى المصلى فمر على النساء فوعظهن وقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار) فقلن: وبم يا رسول الله، قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟) قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟) قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان دينها) [رواه البخاري/304 ، ومسلم برقم 132].

 

وهذا النقص أمر نسبي، في كل من الرجل والمرأة، ولكن في المرأة أكبر نسبة.

 

ومما يؤكد وجود النقص في الرجل، قوله عليه الصلاة والسلام: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) [رواه البخاري /3411، ومسلم /2431].

 

فإذا كان كثير من الرجال قد كمل، فإنه يقابلهم كثير آخرون ناقصون.

 

5- ومما يؤكد وجود خصائص في كل من الذكر والأنثى: قول الحق تعالى في سياق قصة مريم عليها السلام: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 35-36].

 

والشاهد هنا هو قوله تعالى: ﴿  وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾ وهو من تتمة كلام امرأة عمران، بعد الجملة الاعتراضية "وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ" وهي من كلام الرب تعالى.

 

قال الطبري: "فتأويل الكلام إذًا والله أعلم من كل خلقه بما وضعت، ثم رجع جل ذكره إلى الخبر عن قولها، وأنها قالت - اعتذاراً إلى ربها مما كانت نذرت في حملها فحررته لخدمة ربها (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)، لأن الذكر أقوى على الخدمة وأقوم بها، وأن الأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدس والقيام بخدمة الكنيسة، لما يعتريها من الحيض والنفاس".

 

6- والنساء لهن خصيصة في اللباس تختلف عن الرجال: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ ُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور:31].

 

ثالثًا: المسؤولية والتكليف: خلق الله الإنس والجن لعبادته، والقيام بالأمانة والعدل. ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

والإنس، والناس، والإنسان، كلها أسماء جنس يدخل فيها جميع عقلاء البشر من الذكور والإناث ممن يفهم الخطاب.

 

وجاءت نداءات متكررة ومتنوعة في القرآن الكريم تتضمن تكليفات إلهية. مثل: يا أيها الذين آمنوا، يا أيها الناس، يا بني آدم، يا أيها الإنسان. وهي خطابات للذكور والإناث، والقاعدة الشرعية في الخطاب أنه عام للذكور والإناث إلا ما جاء مستثنى.

 

لكن هل يدخل النساء في الخطاب بأصل الوضع، أم يدخلن بالتغليب؟ خلاف بين الأصوليين.

 

قال ابن القيم في رده على نفاة القياس عندما قالوا: "إن الإسلام سوَّى بين الرجل والمرأة في العبادات البدنية والمالية كالوضوء والصلاة والصوم والزكاة والحج، وفي العقوبات كالحدود، ثم جعلها على النصف من الرجل في الدية والشهادة والميراث والعقيقة".

 

فعلق ابن القيم على هذه المقولة بقوله: "هذا من كمال شريعته وحكمتها، ولطفها؛ فإن مصلحة العبادات البدنية ومصلحة العقوبات، الرجال والنساء مشتركون فيها، وحاجة أحد الصنفين إليها كحاجة الصنف الآخر، فلا يليق التفريق بينهما، نعم فرقت بينهما في أليق المواضع بالتفريق، وهو الجمعة والجماعة.. وكذلك فرقت بينهما في عبادة الجهاد التي ليس الإناث من أهلها، وسوت بينهما في وجوب الحج لاحتياج النوعين إلى مصلحته، وفي وجوب الزكاة والصيام والطهارة.." [أعلام الموقعين 2/145].

 

وابن القيم يفصل هنا مواطن التسوية والتفرقة بين الجنسين.

 

والنصوص الشرعية واضحة وقاضية في كلا الأمرين والمقام لا يتسع لإيراد التفصيلات، لكن نشير إلى أهم مواطن الاختلاف بين الجنسين مما لا نزاع فيه بين أهل العلم في الجملة.

 

ففي نظري أن القضايا والأحكام ذات العلاقة لها أنواع:

1- تخفيف الحكم على المرأة من الوجوب إلى ما دونه، مثل: صلاة الجمعة، والجماعة، والجهاد.

 

2- إسقاط الحكم التكليفي عنها، مثل: عدم قضاء الصلاة بسبب الحيض والنفاس، وعدم النفقة على الزوج والأولاد.

 

3- تأجيل الحكم التكليفي وتأخيره، مثل: صيام رمضان بسبب الحيض والنفاس.

 

4- تمييز المرأة بأحكام تتعلق بأنوثتها: كالحجاب، وإباحة التحلي بالذهب والحرير، وعدم حلق شعر الرأس، وإرضاع الأطفال وتربيتهم.

 

5- وضع أحكام احتياطية لصالح المرأة، مثل: عدم السفر إلا مع ذي محرم، وعدم الخلوة بالرجل الأجنبي إلا مع ذي محرم، وعدم التبرج، و عدم الاختلاط في غير مواطن الحاجة.

 

6- إسناد الأعمال القيادية للرجل دون المرأة، مثل:

أ- قوامة الرجل على المرأة، ولزوم طاعة الزوج بالمعروف.

ب- ولاية النكاح.

ج- الولايات العامة للمجتمع (كالإمامة، والإمارة، والوزارة).

 

7- تحديد أنصبة أقل من الرجل، في الميراث، والديات والشهادة.

 

8- منحها حقوقاً مادية مثل: المهر، والنفقة.

 

وكل هذه الأحكام الخاصة بالمرأة، والتي تميزت بها عن الرجل هي عند التدقيق عين الحكمة ومقتضى العقل الصحيح ومساحة هذه المقالة لا تتسع للتفصيل.

 

رابعًا: الجزاء:

لا تكاد تختلف المرأة عن الرجل في مجال (الجزاء) دنيويًا كان أو أخرويًا.

 

فالثواب والعقاب يستوي فيه الجنسان.

قال سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

يقول الطاهر بن عاشور: قوله: ﴿ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ [آل عمران: 195] تبيين للعموم الذي دلت عليه (من) الموصولة، وفي هذا البيان دلالة على أن أحكام الإسلام يستوي فيها الذكور والنساء، عدا ما خصصه الدين بأحد الصنفين".

 

وقد ثبت أن جبريل عليه السلام قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (اقرأ على خديجة السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب) [البخاري رقم/3820].

 

ولما قالت أم سلمة رضي الله عنها: يا نبي الله، مالي أسمع الرجال يذكرون في القرآن، والنساء لا يُذكرن أنزل الله: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].

 

خامسًا: المرأة والعلم:

الخطاب الشرعي الحاث على التعلم والتحصيل، عام يشمل الذكور والإناث، ومن أمثلة هذا الخطاب:

أ- قوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19].

 

قال البخاري فبدأ بالعلم.

 

والخطاب وإن كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- فهو متناول لأمته، كما يقول ابن حجر.[ فتح الباري/ 1/160].

 

والأمة: اسم جنس يشمل الذكر والأنثى اتفاقًا.

 

ب- قوله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) [البخاري رقم/71].

 

فـ (من) شرطية وهي تعم الذكور والإناث، بلا نزاع يذكر. [ينظر شرح الكوكب المنير(3/240)].

 

"وإذن فلا خلاف في مشروعية تعليم الأنثى، لكن في الحدود التي لا مخالفة فيها للشرع" [الموسوعة الفقهية الكويتية 7/77].

 

ومن المحذورات هنا: اختلاط الطلاب والطالبات، وخلع الحجاب، والتبرج، وتعليم الأنثى ما لا يليق بها كرياضة الأجسام، والموسيقى، والعلوم العسكرية.

 

وكان كثير من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة عالمات فاضلات، مجيدات لكثير من فنون العلم.

 

وكما قال أحمد شوقي:

هذا رسول الله لم
ينقص حقوق المؤمنات
العلم كان شريعة
لنسائه المتفقهات
ردن السياسة والتجارة
والشؤون الأخريات

 

سادسًا: المرأة والعمل: إذا كانت للأنثى تلك الخصائص السابقة، ولها تلك الاستثناءات التي أوردناها، فالنتيجة المنطقية أن يكون مجال العمل متناسباً معها.

 

وإذا كان كثير من الأعمال مشتركًا بين الرجل والمرأة فلا يمنع ذلك وجود أعمال أخرى لها خصوصية ذكورية، أو أنثوية.

 

والقاعدة هنا: أنه بقدر ما يشترك الجنسان في المعاني الإنسانية، يكون العمل مشتركاً بينهما، وبقدر ما بينهما من الفروق يكون اختصاص العمل.

 

وإذا كان من خصائص الرجل القوة والشدة والمغامرة فإن كل عمل يحمل هذه الخصائص لا يتحمله سوى الرجل في الغالب.

 

وإذا كان من خصائص الأنثى النعومة والعاطفة فإن كل عمل يحمل هذه الخصائص لن يتناسب إلا مع المرأة في الغالب أيضاً، وبهذا التكامل تستقر الحياة وتقوم على سوقها.

 

أما إذا ا فترضنا عدم صحة تلك القاعدة، وأسندت كل الأعمال إلى الرجل، أو إلى المرأة، فلابد أن يكون الخلل والقلق والفوضى لمصادمة الفطرة، والواقع، والشرع.

 

أما من حيث الفطرة، فلو قيل للرجل: أمامك ثلاثة مجالات للعمل، لتختار واحداً منها، وهي:

1- حضانة الأطفال.

2- قبالة النساء (توليدهن).

3- العمل في مجال العسكرية والأمنية.

 

ترى أي المجالات سيختار؟

أعتقد أنه لا محل للتردد هنا، بل سيختار المجال الثالث.

 

وهكذا بالنسبة للمرأة لو خيرت بين تلك الأعمال فإنها قد تختار الأول أو الثاني أما الثالث فلا.

 

وأما من حيث الواقع، فإن المرأة والرجل مازال كل منهما يمارس الأعمال التي تناسب شخصيته عند أمم الشرق والغرب.

 

وبرغم المناداة بتحرير المرأة، وتحرر نساء الغرب في الجملة، إلا أن السلوك الاجتماعي يفرض التنوع، ويملي على كل من الرجل والمرأة أعمالًا ومجالات محددة، ويفرض عليها فروضًا لا ينفكان عنهما.

 

وأما من حيث الشرع فهو محور الحديث هنا، وعرضنا ما وسعنا عرضه.

 

وبناء على ما تقدم فهل يمكننا أن نفهم أو نفسر طبيعة الحياة بين الجنسين بأنها تجنح إلى المنافسة على مجالات العمل، أو وجود التعارض بين متطلبات كل منهما ومصالحه؟

 

أظن أن النتيجة هنا واضحة، وهي أنه لا تعارض بين مصالح المرأة ومصالح الرجل، بل كل منهما يكمل الآخر.

 

ولعل مما يؤكد هذه الحقيقة، هو طبيعة العلاقة الخاصة (الجنسية)، حيث تقوم على حاجة كل منهما للآخر، وعدم إمكان الاستغناء عنه، عقلاً، وفطرة، وواقعًا.

 

حيث لا يمكن تصور مجتمع مكون من رجال فقط، أو من نساء فقط، كما لا يمكن تصور وجود أسرة مكونة من رجال فقط، أو نساء فقط، اللهم إلا في حالات خاصة وعارضة، فقد لا يوجد في البيت إلا رجال، أو نساء لأسباب قاهرة، كالكوارث ونحوها.

 

وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وما شرع الزواج إلا لتلك الأغراض، كيما تسير الحياة وفق نظام سليم ومحكم.

 

فلا جرم أن ذلك كله يفيد شدة حاجة كل من الجنسين إلى الآخر، وأن في كل منهما نقصاً يكمله الآخر.

 

وأن العلاقة بينهما هي علاقة تكامل ليس إلا، نظراً إلى وجود التشابه بينهما.

 

إنها الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها.

 

والقول بغيرها لا يخلو من أحد أمرين:

أحدهما: أن تكون العلاقة بينهما علاقة ندية.

الثاني: أن يكونا متطابقين ومتماثلين.

 

هذا هو التقسيم المنطقي في هذه المسألة.

 

ولو قيل: إن العلاقة بينهما علاقة الند لنده، لأصبح بينهما من التنافر والتنافس والمشاحة ما يصعب معه التعايش إلا بالمجاملات والمعاهدات، كما يلحظ ذلك في طبيعة العلاقة بين التجار، والطلاب، والأمم والحضارات.

 

ولو قيل: إنهما متطابقان لم يكن أحدهما محتاجاً إلى الآخر، بل تكون العلاقة بينهما كالعلاقة بين الرجلين، أو بين المرأتين.

 

فلم يبق إذن إلا أن تكون العلاقة بينهما علاقة تكامل نظراً للتشابه الكبير بينهما.

 

والآية السابقة، تؤكد هذه الحقيقة ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].

 

يقول محمود الألوسي (ت. 127هـ) عند هذه الآية خلق لكم أي من أجلكم، ﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾ فإن خلق أصل أزواجكم حواء من ضلع آدم عليه السلام متضمن لخلقهن من أنفسكم... فمِن تبعيضيةٌ، والأنفس بمعناها الحقيقي، ويجوز أن تكون مِن ابتدائية والأنفس مجاز عن الجنس، أي خلق لكم من جنسكم لا من جنس آخر، قيل، وهو الأوفق بقوله تعالى: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ أي لتميلوا إليها، يقال: سكن إليه: إذا مال، فإن المجانسة من دواعي النظام والتعارف كما أن المخالفة من أسباب التفرق والتنافر. [روح المعاني 21/30].

 

و على هذا فإن إقحام المرأة في ميدان الرجل الذي لا يليق إلا به، هو تكليف للمرأة بمالا يناسبها، بل ربما لا تطيق.

 

سابعًا: المرأة والإغراء: أشرنا من ذي قبل إلى أن من خصائص المرأة الليونة والنعومة والتجمل، وهذا يجعلها محط اهتمام الرجل وميوله إليها، وتعلق قلبه بها، ما لم تكن من محارمه، وهي حقيقة لا مرية فيها؛ ولأجلها جاءت النصوص الشرعية المحذرة من الفتنة بالنساء، والتعلق بهن بالطرق غير المشروعة.

 

ومن هذه النصوص:

أ- قوله عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) [البخاري رقم/ 5096 ومسلم رقم/ 2740] ، فالمرأة فتانة بلا شك، وهو ما أشار إليه جرير بقوله:

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله أركانًا

 

ب- قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) [مسلم /رقم 2742].

 

ومعنى (اتقوا النساء) أي احذروهن بأن تميلوا إلى المنهيات بسببهن وتقعوا في فتنة الدين لأجل الافتتان بهن. [مرقاة المفاتيح لملا علي قاري 6/190].

 

وعلى هذا فليس معنى اتقاء النساء اعتزالهن بترك الزواج وتكوين الأسرة، بل المقصود اتقاء الفتنة المؤدية إلى المحظور، وهو معنى اتقاء الدنيا أيضاً.

 

ج- ما جاء في الحديث (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان). [الترمذي /رقم 1173، وقال: حديث حسن غريب]، ومعنى "عوره" كما في المفردات للراغب: "العورة: سوأة الإنسان، وذلك كناية، وأصلها من العار، وذلك لما يلحق في ظهوره من العار أي الذمة، ولذلك سمي النساء عورة".أ.هـ.

 

د- قوله عليه السلام: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه) [مسلم /رقم 1403].

 

قال النووي: "قال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعل الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والتلذذ بالنظر إليهن، وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له" [شرح صحيح مسلم 9/178].

 

قلت: وصورة الشيطان ليست لها جاذبية، بل هي مكروهة للنفس السوية، بعكس المرأة، فلعل المقصود الصورة المعنوية الجاذبة للشهوة.

 

وبناء على ما تقدم فالمرأة لديها الجاذبية للرجال، وهي محط أنظارهم ورغباتهم، والأمر الذي يفرض واجبات على كل من الرجل والمرأة، تحول بينهما وبين الجريمة.

 

أما الرجل فواجبه أن يغض البصر، ويحذر الخلوة بالمرأة، أو يدخل على النساء بدون استئذان، أو يكن في حال من التبرج والزينة، وألا يتعامل مع النساء إلا بحشمة ووقار، سواء في كلامه، أو في تصرفاته.

 

وأما المرأة فواجبها ألا تخرج متبرجة أو متطيبة أو تبدي زينتها لغير محارمها، أو تخضع بالقول للرجل، وألا تختلط بالرجال إلا في المواضع الضرورية.

 

بل إن الإسلام احتاط للمرأة بأكثر من ذلك، فأسند أمر الولاية والمحرمية إلى الرجل (القوي بطبيعته) ليكون راعياً وسنداً لها في كل مواطن الخطر أو الريبة، مثل السفر، والخلوة بالرجل.

 

ففي الحديث الصحيح: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وأني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: (انطلق فحج مع امرأتك) [البخاري /رقم 1862 ومسلم /رقم 1339].

 

ولنتخيل المرأة وهي تواجه مثل هذه المأزق، كيف يكون وضعها؟

وكيف تستطيع الخلاص - وهي وحيدة أو معها امرأة مثلها - من براثن المجرمين العابثين؟

 

الحقيقة أنها في وضع لا يحسد عليه، وشواهد الحال أكثر مما يخطر في البال.

 

ولله در تلك المرأة الشريفة التي كانت تطوف بالبيت وكانت جميلة، فأبصر بها عمر بن أبي ربيعة الشاعر المشهور، فجعل يكلمها ويتابعها، فقالت لزوجها: إني أحب أن أتوكأ عليك إذا رحت إلى المسجد، فراحت متوكئه على زوجها، فلما رآها عمر بن أبي ربيعة ولى، فقالت: على رسلك يا فتى، ثم أنشدت:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي مربض المستثفر الحامي

[ينظر: عيون الأخبار المجلد الرابع 109].

 

ثامنًا: آراء متباينة نحو المرأة:

المرأة مخلوق عجيب، احتار الرجال من سائر الأمم والأجيال في معرفة كنهه وطبيعته، ومن ثم التعامل معه.

 

وليس غرضنا هنا تتبع هذه النظرات والنظريات والفلسفات عند الأمم وأهل الملل والنحل، ولكن المهم أن نتوقف عند آراء ونظرات أهل ملتنا وبني جلدتنا، فذلك ما ينسجم مع طبيعة هذا البحث.

 

وفي تقديري أن هذه الآراء أو المواقف يمكن إجمالها في ثلاثة:

الأول: الموقف المتشدد:

الذي ينظر إلى المرأة نظرة مطبوعة بالارتياب والحقارة، والتشاؤم، فبالارتياب يعامل المرأة بالشك وسوء الظن، حتى لو كانت من صالحات الأقارب والجيران.

 

وكأن القاعدة لديه: الاتهام حتى تثبت البراءة.

 

وبالحقارة يعامل المرأة كأنها مخلوق دنيء، لا صلة له بالإنسانية، فهو يتحاشى ذكر المرأة في أحاديثه، أو ذكر اسمها أو أن ترافقه في المناسبات والاجتماعات، ولو كانت أماً أو زوجة، وهو لا يعرف من المرأة إلا أنها ناقصة وسفيهة، وقرينة الكلب والحمار.

 

وبالتشاؤم يعامل المرأة كأنها شيطان، ويرى أن كل معصية أو مصيبة في الدنيا فسببها المرأة؛ لأنها حبالة الشيطان، ويروون في ذلك أثراً غير معروف (النساء حبائل الشيطان).

 

الموقف الثاني: الموقف المتساهل الجافي: الذي ينظر إلى المرأة بإحدى رؤيتين:

أولاهما: الرؤية المادية (الجنسية).

 

الثانية: الرؤية الفلسفية القائمة على المساواة مع الرجل.

 

أما الرؤية الأولى؛ فهي تنظر إلى المرأة نظرة متعة جنسية ليس إلا، وكأنها خلقت لا لشيء إلا لاستمتاع الرجل وقضاء وطره، بأي أسلوب كان، مشروعاً أو غير مشروع.

 

وعلى المجتمع أن يتسامح في ذلك، فلا يلزم المرأة بحجاب، ولا يمنعها من مخالطة الشباب، ولا يخشى على عفتها أو بكارتها أو سمعتها.

 

وأما الرؤية الثانية: فإنها لا تختلف كثيراً عن الأولى، إلا أنها تنظر بعين العقل المجرد من وحي السماء، فالمرأة إنسان كالرجل، والإنسان جنس واحد لا يجوز التمييز بين عناصره.

 

فإذا كان لا يجوز التمييز بين الأسود والأبيض؛ فكذلك لا يجوز التمييز بسبب الجنس، ولا بسبب الدين.

 

وأظن أن النتيجة عند هؤلاء منطقية، فما دام الدين لا أثر له في المفاضلة بين الناس، بحيث يتساوى المسلم مع غير المسلم، أيا كانت ديانته يهودية أو نصرانية، أو بوذية، أو إلحادًا...الخ.

 

فالناس سواسية في الحقوق عند أصحاب هذا المبدأ، وإن كان مبدأ نظريًا لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، بل إن أصحابه أول من يخرق هذا المبدأ، فيقدمون المتأخر، ويؤخرون المتقدم، ويفاضلون بحسب أهوائهم ويقربون من شاءوا ويُقْصون من شاءوا، فيقعون في التناقض.

 

والدليل على ذلك أنهم في الوقت الذي يحتفون به بأصحاب الشذوذ الفكري ويجعلون منهم نماذج مثالية، فهم في الوقت نفسه يقصون أهل الاستقامة ويزدرونهم ويسفهون آراءهم، وإن كانوا نساء.

 

الموقف الثالث: الذي توسط في هذه القضية، بين أهل الغلو، وأهل الجفاء.

 

فينظر إلى المرأة نظرة تقدير واحترام، وأنها شقيقة الرجل، ولها حقوقها الكاملة المتناسبة مع أنوثتها.

 

وأن الأنوثة ليست صفة ذم، بل وليست صفة نقص، فإن العرب تقول: امرأة أنثى: أي كاملة.

[الفيروز آبادي ص210].

 

وأما النقص الموجود فيها، فهو نسبي، أي بالنسبة إلى الرجل.

 

وليس المقصود أن كل رجل هو أكمل من كل امرأة وأفضل منها، كلا؛ بل المقصود أن جنس الرجال أكمل من جنس النساء.

 

وإلا فقد يوجد من النساء من هو أكمل من آلاف الرجال.

 

وهل تقاس مريم ابنة عمران، أو آسية امرأة فرعون أو خديجة أو عائشة أو أم سلمة بأمثال فرعون وهامان وقارون وأبي جهل وأمية بن خلف؛ بل أمم الكفر والضلال؟ اللهم لا.

 

بيد أن التشريعات الإلهية إنما تنظر إلى الأعم الأغلب.

 

ودين الإسلام وهو يضع الأنصبة في مكانها فإنه لا يقر الدعاوى الفارغة التي تستغل عواطف المرأة وتسوقها إلى براثن الرذيلة، تحت ذرائع المساواة والتحرير، والحرية.

 

وإذا جاز أن يقع ذلك في مجتمعات لا تؤمن بالله واليوم الآخر، ومن قبل دعاة الإلحاد والإباحية فإنه لا عذر للمجتمعات المسلمة، ولا لأي مسلم أو مسلمة أن ينخدع بتلك الدعاوى المزخرفة والمزيفة.

 

وأخيرًا، أوجه نظر الباحث المنصف، الذي ينشد الحق والحقيقة، إلى أنه لا يمكن فهم المنهج الإسلامي نحو الأنوثة إلا بالوقوف على جملة النصوص الشرعية وشروحاتها وبياناتها اللغوية المتصلة بالموضوع، وعند ذلك تكتمل الرؤية، وتتضح الصورة.

 

أما أخذ بعض النصوص دون بعض وانتقاء بعضها فذلك منهج خداج لا يعطي الصورة الصحيحة عن الإسلام.

 

والله ولي التوفيق.

 

تاريخ نشر المادة في مصدره: الاربعاء 7 ربيع الثاني 1425هـ الموافق 26 مايو 2004، الثلاثاء 13 ربيع الثاني 1425هـ الموافق 01 يونيو 2004.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طعن المستشرقين في الوحي والرسالة
  • من كتاب الوحي

مختارات من الشبكة

  • صورة مصر في قصائد نصوص المرحلة الابتدائية والإعدادية بجمهورية مصر العربية (نصوص مختارة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أنوثة المرأة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نصوص وفهوم (2): {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنوثة اللغة عند الشيخ "عبدالقاهر الجرجاني"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أريد إثبات أنوثتي(استشارة - الاستشارات)
  • أبحث عمن يحتويني ويشعرني بأنوثتي(استشارة - الاستشارات)
  • أنوثتها (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • زوجي يمارس العادة السرية ويدفن أنوثتي(استشارة - الاستشارات)
  • المفهوم الصحيح للأنوثة(استشارة - الاستشارات)
  • الوحي وحي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
1- المزيد
ناصر داخلي - مصر 06-12-2012 01:46 PM

نريد المزيد من مثل هذا التناول الموسوعي وجزاكم الله خيرا زورونا في صفحة (المقصد رحمة للعالمين)

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب