• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

رحيل النبي عليه الصلاة والسلام

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: تاريخ الخطبة: 6 من ربيع الأول 1429هـ.

تاريخ الإضافة: 21/3/2008 ميلادي - 13/3/1429 هجري

الزيارات: 59843

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحيل النبي عليه الصلاة والسلام

وصاياه للأمة قبل موته


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70-71].


أما بعد: فإن خير الكلام كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس: تعظم المصيبة بالأموات على قدر الانتفاع بهم في الحياة، وتشتد رزية الناس بفقدهم بقدر حاجتهم إليهم.


ومن الناس من يموت فلا يفتقده أحد، بل من الناس من يكون موته راحة للأحياء على الأرض كموت الكافر والفاجر الذي يضر الناس ولا ينفعهم شيئا؛ كما جاء في الحديث: (أن الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ يَسْتَرِيحُ من نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إلى رَحْمَةِ الله، وَأن الْعَبْدَ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ منه الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) متفق عليه.


ومن الناس مَنْ فَقْدُه ثُلْمَة، وموتُه موتُ أمة؛ كالقادة العادلين المخلصين، والعلماء العاملين الربانيين. والعلم يقبض بقبض العلماء، وعلامة هلاك الناس ذهاب علمائهم، وهو نقص الأرض من أطرافها، وفي عصر الإمام البخاري قال محمد البيكندي: ((لو قدرتُ أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت؛ فإن موتي يكون موتَ رجل واحد، وموتَه ذهابُ العلم)).


إذا كان هذا يقال في حق من تعلموا الشريعة فبلغوها للناس، فماذا يقال في الرسل عليهم السلام وهم أعلم الناس؟ وماذا يقال في فَقْدِ نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الخلق بالله تعالى، وأنصحهم لعباده؟


لقد كانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبة أصيبت بها هذه الأمة، كل المصائب وإن عظمت فهي دونها، وكل الرزيا مهما كانت لا تبلغ مبلغها؛ فأعظم خير حُزْنَاهُ وهو الإيمان كان على يديه، وأعظم شر اجتنبناه وهو الكفر كان حَذَرُنَا منه بسببه عليه الصلاة والسلام.


نفعنا الله تعالى به أكثر من انتفاعنا بآبائنا وأمهاتنا وأزواجنا وأولادنا وأموالنا والناس أجمعين، وليس لأحد علينا من الفضل والمنة بعد الله تعالى قَدْرَ ما له صلى الله عليه وسلم علينا، فكانت وفاته عليه الصلاة والسلام هي أعظمَ مصيبة أصيب بها الصحابة رضي الله عنهم، وهي أعظم مصيبة أُصبنا بها بعد ألفٍ وأربع مئةٍ وتسعةَ عشر عاما من وفاته، وهي أعظم مصيبة يصاب بها مؤمن إلى آخر الزمان؛ فصلوات ربي وسلامه عليه صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الليل والنهار.


لقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته هذا المعنى العظيم؛ ليسلي أصحابه رضي الله عنهم بفقده حين دنا أجله، واشتد مرضه، وعلم بقرب وفاته؛ كما روت عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: (فَتَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الناس أو كَشَفَ سِتْرًا فإذا الناس يُصَلُّونَ وَرَاءَ أبي بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ على ما رَأَى من حُسْنِ حَالِهِمْ ورجاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ فقال: يأيها الناس أَيُّمَا أَحَدٍ من الناس أو من الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عن الْمُصِيبَةِ التي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي فإن أَحَدًا من أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عليه من مُصِيبَتِي) رواه ابن ماجه.


ومن نصحه عليه الصلاة والسلام لأمته، وشفقته عليهم، ورحمته بهم: وصيته لهم بوصايا عظيمة، والعادةُ أن المريض يُشَغَل بمرضه عن غيره، ورسولُ الله ما شغله ما هو فيه من شدة الكرب، ووطأة المرض، واستقبال الموت عن الوصية للأمة بما يحتاجونه.


وما وصاهم بهذه الوصايا في مرض موته إلا لأهميتها، أو لاحتمال غفلة الناس عنها، أو جهلهم بها، وهذا يؤدي إلى تفريطهم فيها؛ فمن أخذ بهذه الوصايا العظيمة انتفع بها أعظم النفع، فهي آخر وصايا من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، ومن تلكم الوصايا العظيمة: إحسان الظن بالله تعالى؛ كما روى جَابِرٌ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يقول: (لَا يَمُوتَنَّ أحدُكم إلا وهو يُحْسِنُ بِالله الظَّنَّ) رواه مسلم.


ومما حُفِظ من وصاياه في مرضه عليه الصلاة والسلام أنه نهاهم عن القراءة في الركوع والسجود، وأمرهم بتعظيم الرب في الركوع، وبالدعاء في السجود؛ كما روى ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: (كَشَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أبي بَكْرٍ فقال: (أَيُّهَا الناس إنه لم يَبْقَ من مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أو تُرَى له، ألا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ اقرأ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أو سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ عز وجل وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) رواه مسلم.


وآخر مرة صعد فيها المنبر كانت في مرضه ذلك، أوصى الأمة فيها بالأنصار رضي الله عنهم؛ كما في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: (مَرَّ أبو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ رضي الله عنهما بِمَجْلِسٍ من مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ فقال: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النبي صلى الله عليه وسلم مِنَّا، فَدَخَلَ على النبي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قال: فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم وقد عَصَبَ على رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قال: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ولم يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلك الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه ثُمَّ قال: (أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي وقد قَضَوْا الذي عليهم وَبَقِيَ الذي لهم فَاقْبَلُوا من مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ) رواه البخاري. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: كرشي وعيبتي، أي: خاصتي وموضع سري.


وفي حديث ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: (خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه بِمِلْحَفَةٍ قد عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ حتى جَلَسَ على الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه ثُمَّ قال: أَمَّا بَعْدُ فإن الناس يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ حتى يَكُونُوا في الناس بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ في الطَّعَامِ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شيئا يَضُرُّ فيه قَوْمًا وَيَنْفَعُ فيه آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ من مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عن مُسِيئِهِمْ فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري.


وأوصى صلى الله عليه وسلم بثلاث وصايا حَفِظ راويها اثنتين ونسي الثالثة؛ كما روى سعيد ابن جبير رحمه الله تعالى أنه سمع ابنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يقول: (يَوْمُ الْخَمِيسِ، وما يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ ثُمَّ بَكَى حتى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، قلت: يا ابَن عَبَّاسٍ، ما يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قال: اشْتَدَّ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ فقال: ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَتَنَازَعُوا ولا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا: ما له أَهَجَرَ، اسْتَفْهِمُوهُ، فقال: ذَرُونِي فَالَّذِي أنا فيه خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إليه فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ قال: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ من جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ ما كنت أُجِيزُهُمْ وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ إِمَّا أَنْ سَكَتَ عنها، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا) رواه الشيخان، والناسي للثالثة هو سليمان الأحول الراوي عن سعيد بن جبير. وأفاد شُرَّاح الحديث بأنها الوصية بالقرآن، أو الوصية بالصلاة، أو بإنفاذ جيش أسامة، أو النهي عن اتخاذ قبره وثنا يعبد.


أما الوصية بالصلاة فجاءت مع الوصية بالمماليك والإحسان إليهم في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: (كانت عَامَّةُ وَصِيَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وهو يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ: الصَّلَاةَ وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) رواه أحمد وابن ماجه.


وهذه الوصية العظيمة هي آخر وصاياه؛ كما في حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: (كان آخِرُ كَلَامِ النبي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) رواه ابن ماجه. وفي حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: (كان من آخِرِ وَصِيَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ وما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حتى جَعَلَ نبي الله صلى الله عليه وسلم يُلَجْلِجُهَا في صَدْرِهِ وما يَفِيضُ بها لِسَانُهُ) رواه أحمد وابن ماجه.


لقد تضمن مجموع ما نُقِل من وصاياه في مرض موته عليه الصلاة والسلام أمورا عدة:

منها ما يتعلق بالعقيدة وهي الوصية بإحسان الظن بالله تعالى.


ومنها ماهو في العبادات وهي الوصية بالصلاة وبيان ما يقال في الركوع والسجود.


ومنها ما له صلة بالأخلاق وحسن المعاملة كوصيته بالأنصار رضي الله عنهم؛ اعترافا بجميلهم، وفاء لهم على إجابتهم لدعوته، ونصرتهم لدينه.


وكذلك وصيته بالمماليك، ويدخل في ذلك الخدم والعمال وضعفة الناس.


ومنها ماهو من قبيل السياسة الشرعية وهي الوصية بإجازة الوفود وإكرامهم سواء كانوا مسلمين أم كفارا؛ وذلك لتأليفهم على الإسلام، أو لانتفاع الأمة بهم، أو لكفِّ شرهم.


وكذا الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، والمقصود بذلك أن لا يكون لهم شوكة وسلطان يقيمون بها دينهم، ويظهرون شعائرهم؛ كما جاء مفسرا في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: (كان آخِرُ ما عَهِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: لاَ يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ) رواه أحمد.


وكون الصلاة آخر وصاياه يدل على فخامة شأنها، وعظيم أمرها، وقد كرَّر صلى الله عليه وسلم الوصية بها كما جاء في بعض الروايات، فمن ضيعها أو فرط فيها بتركها أو تأخيرها عن وقتها أو تخلَّف عن صلاة الجماعة، أو قصَّر في استكمال شروطها أو أركانها أو واجباتها فقد ضيع من وصية النبي صلى الله عليه وسلم بقدر تفريطه.


والواجب على المسلم العناية بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم كلها؛ وذلك بتعلمها، وفهم معانيها، والعمل بها؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ما وصى بها إلا لأهميتها، وعظيم مكانتها في دين الله تعالى، فمن أخذ بها حاز  الخير في الدنيا والآخرة ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [الحشر:7]. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وراقبوه، والزموا طاعته ولا تعصوه، واعلموا أن التعبير الحقيقي عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم يكمن في اتباع سنته، ولزوم هديه؛ فهو أكمل الهدي وأحسنه ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران:31]  ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ﴾ [النساء:80].


ولقد أخطأ كثير من المسلمين في هذا الزمن حين ظنوا أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم دليل على محبته. وفي مثل هذه الأيام تنتشر مظاهر هذه الاحتفالات في مشارق الأرض ومغاربها، وتنقل شعائرها إلى المسلمين عبر الفضائيات والإذاعات؛ مما يرسخ هذه البدعة المنكرة عند كثير من جهلة المسلمين. وتتضمن هذه الاحتفالات إنشاد المدائح التي فيها غلو وربما تضمنت شركا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تغلوا فيه كما غلت النصارى في المسيح عليه السلام.


ومن الموافقات العجيبة في باب البدعة: أن النصارى أحدثوا الاحتفال بمولد المسيح عليه السلام في المائة الميلادية الرابعة، كما أحدث بنو عبيد الباطنيون الاحتفال بمولد محمد صلى الله عليه وسلم في المائة الرابعة الهجرية!!


والعجيب أيضا أن الفِرَق الصوفية ومن وافقها من عامة الناس في الاحتفال بهذه البدعة ومثيلاتها لم يكن لهم موقفٌ مشرف حين اعتدى كفرةُ الغرب على النبي صلى الله عليه وسلم برسومهم الخبيثة. وفي أول ظهور هذه الرسوم الخبيثة قبل سنتين  رصد بعض المهتمين أكثر المواقع الصوفية على الشبكة العالمية فلم يجد فيها إدانة ولا استنكارا لهذه الرسوم ولا شيئا يتعلق بها، وإلى الآن لم نر للمتصوفة الذين يصيحون بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتفلون بمولده وهجرته وإسرائه جهدا يذكر في التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو نصرته أو الذب عن عرضه!! فهل يا ترى انحصر جهدهم في الدعاية لأنفسهم بهذه الاحتفالات التي يبتزون بها أتباعهم، ويخدعون بها عامة المسلمين؟!


إن المنة العظمى من الله تعالى على عباده هي ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وليست بمولده، وبهذا تنزلت الآيات القرآنية؛ فإبراهيم عليه السلام دعا ربه بذلك فقال ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة:129] وفي القرآن نص على ذلك ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [آل عمران:164]  وفي آية الجمعة ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة:2].


فالأهمية الكبرى هي لبعثته صلى الله عليه وسلم لا لمولده؛ لأنه مكث بعد مولده أربعين سنة كان الناس فيها على الشرك والجاهلية، ولم يتغير من حالهم شيء.


وما كان الخير العظيم على أهل الأرض، والدعوة إلى التوحيد، ومحاربة الشرك إلا بعد أن بعثه الله تعالى إلى الناس نبيا ورسولا، وهذا بحمد الله تعالى مما أعمى الله تعالى المبتدعة عنه، فاحتفلوا بالمولد وليس هو تاريخ التغيير في الأرض، وعَمُوا عن البعثة وهي تاريخ التغيير في الأرض؛ مما يدل على ضعف رأيهم، وقلة توفيقهم!! ومن أحدث في الإسلام حدثا فهو بعيد عن التوفيق والسداد، وعمله مردود عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليس فيه فَهُوَ رَدٌّ) رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها.


ألا فاتقوا الله ربكم أيها المسلمون، واستمسكوا بسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، والزموا هديه، وخذوا بوصيته، وذبوا عن عرضه، وانصروه بما تستطيعون من أنواع النصرة، وأعلى ذلك وأقواه الدعوة إلى دينه، وإظهار سنته التي أغاضت الكفار والمنافقين فسخروا به وبدينه؛ لعجز باطلهم أمام الحق الذي جاء به، ولا تغتروا ببهرج المحتفلين بالموالد ونحوها ولو كثروا، وزينوا باطلهم، ونشروه في أرجاء الأرض؛ فإن الحق حقٌ وإن قلَّ أتباعه، وإن الباطل باطل ولو كثر أنصاره، والحق يعرف بالدليل من الكتاب والسنة، وليست الكثرة دليلا صحيحا على الحق ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام:116].


وصلوا وسلموا على نبيكم.....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تذكر رحيلك من الدنيا برحيل رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحيل كائن زجاجي... قراءة في العتبات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة المسجد النبوي 24 / 9 / 1434 هـ - قبل رحيل رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 15/9/1433 هـ - قرب رحيل رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحيل النبي عليه الصلاة والسلام (1)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • رحيل النبي عليه الصلاة والسلام (2)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • متى سنفرح بالرحيل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بوادر رحيل الرسول – صلى الله عليه وسلم - بين العامة والخاصة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرحيل لدار البقاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعداد للرحيل (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب