• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    ومضات نبوية: "لا أنساها لها"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الإمتاع في تحقيق قولهم: طلع البدر علينا من ثنيات ...
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الإسلام العظيم رحمة للعالمين (خطبة)

الإسلام العظيم رحمة للعالمين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2025 ميلادي - 20/5/1447 هجري

الزيارات: 4837

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام العظيم رحمة للعالمين

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَتَمَّهُ وَأَكْمَلَهُ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلِتَتِمَّ النِّعْمَةُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [الْمَائِدَةِ: 3]، فَجَعَلَهُ دِينًا كَامِلًا فِي تَشْرِيعَاتِهِ، رَائِقًا فِي أَحْكَامِهِ، خَالِدًا فِي عَظَمَتِهِ، بَاقِيًا بِبَقَاءِ وَحْيِهِ عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ، وَتَعَاقُبِ الْعُصُورِ وَالْأُمَمِ وَالشُّعُوبِ، رَغْمَ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا، وَتَعَدُّدِ لُغَاتِهَا، وَتَبَايُنِ أَقْطَارِهَا.

 

وَمَا دَخَلَتِ الْأُمَمُ الْكَثِيرَةُ فِي الْإِسْلَامِ أَفْوَاجًا تَتْرَى، وَاتَّسَعَتْ دَائِرَةُ الْإِسْلَامِ – فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ – إِلَّا بِعَظَمَةِ التَّشْرِيعِ، وَاحْتِرَامِ الْحُقُوقِ، وَالْعَمَلِ بِقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْعِظَامِ، وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ طَبَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ مَلِكِهِمْ وَصُعْلُوكِهِمْ، وَصَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ.

 

وَلِذَا كَانَتْ بَعْضُ الْأُمَمِ – فِي السَّابِقِ – تَقْتَبِسُ مِنْ تَعَالِيمِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَتُقَدِّمُهَا عَلَى بَعْضِ قَوَانِينِهَا الْوَضْعِيَّةِ، فَأَنْصَفَ الْإِسْلَامَ كَثِيرٌ مِنْ عُقَلَائِهِمْ، وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ مَدَنِيَّةَ أُورُوبَّا الْحَدِيثَةِ قَدِ اسْتَضَاءَتْ بِتَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، وَاقْتَبَسَتْ مِنْ مَشَاعِلِهِ.

 

وَلَقَدْ كَانَ النَّاسُ – وَمَا زَالُوا – يَتَحَارَبُونَ؛ وَكُلَّمَا تَقَدَّمَتْ بِهِمُ الْحَضَارَةُ فُتِنُوا فِي صُنْعِ عَتَادِ الْحَرْبِ وَالتَّخْرِيبِ وَالتَّدْمِيرِ، يُقَوِّضُونَ بِمُخْتَرَعَاتِ الْعِلْمِ وَالْحَضَارَةِ مَا أَبْدَعَ الْعِلْمُ وَالْحَضَارَةُ، وَيَهْدِمُونَ الْيَوْمَ مَا بَنَتْهُ الْأَجْيَالُ مِنْ قَبْلُ.

 

وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ مِنَ الْحَرْبِ إِلَّا تَوْسِيعَ الرُّقْعَةِ، وَبَسْطَ السُّلْطَانِ، وَإِرْوَاءَ الظَّمَأِ وَالتَّشَفِّيَ، وَاسْتِعْبَادَ الضَّعِيفِ، وَالِاسْتِئْثَارَ بِخَيْرَاتِ بِلَادِهِ! وَكَثِيرًا مَا عَلَتْ صَيَحَاتُ الدَّعْوَةِ إِلَى السَّلَامِ، لَكِنَّهَا تَذْهَبُ دُخَانًا فِي الْهَوَاءِ.

 

وَلَيْسَ صِرَاعُ الْعَالَمِ الْيَوْمَ – وَهُوَ صِرَاعٌ يُهَدِّدُ الْبَشَرَ بِالْهَلَاكِ، وَيُعَرِّضُ الْحَضَارَةَ لِلدَّمَارِ – نَاشِئًا عَنْ بَوَاعِثَ سَامِيَةٍ، أَوْ غَايَاتٍ رَاقِيَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ صِرَاعٌ مَبْعَثُهُ وَهَدَفُهُ الْغَلَبَةُ وَالسَّيْطَرَةُ، وَالِاسْتِئْثَارُ بِالسُّلْطَانِ وَالْخَيْرَاتِ.

 

وَمِنْ هُنَا نَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ: بِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ دِينُ رَحْمَةٍ بِالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 107]، وَهُوَ دِينُ الْخَيْرِ لِلْعَالَمِينَ مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، وَلَا يَجْحَدُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَحَدَ الْحَقِيقَةَ؛ ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 40]، أَوْ كَانَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ؛ ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾ [لُقْمَانَ: 32]. وَتَظْهَرُ خَيْرِيَّةُ الْإِسْلَامِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ فِي حِفْظِ حُقُوقِهِمْ، وَصَوْنِ كَرَامَتِهِمْ، وَمُعَامَلَتِهِمْ بِالْحُسْنَى؛ ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 46].

 

وَالْبَشَرِيَّةُ فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَمُثُلِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَتَعَالِيمِهِ وَقِيَمِهِ؛ إِذْ هُوَ وَحْدَهُ الْكَفِيلُ بِحَلِّ أَزَمَاتِ وَصِرَاعَاتِ الْحَضَارَاتِ، وَمُعَالَجَةِ مُشْكِلَاتِ الْأُمَمِ، وَمُعَانَاةِ الشُّعُوبِ، وَمُسْتَعْصِيَاتِ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ دِينٌ يُعْنَى بِالْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، وَبِالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَهَذَا مَا تَفْتَقِرُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْأُمَمِ الَّتِي لَا تَعْرِفُ إِلَّا الشَّقَاءَ وَالضَّنْكَ فِي الْحَيَاةِ؛ بَلْ لَقَدْ أَصْبَحَ الْإِسْلَامُ ضَرُورَةً مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْحَيَاةِ الْهَانِئَةِ السَّعِيدَةِ.

 

وَالْإِسْلَامُ دِينٌ عَالَمِيٌّ؛ فَهُوَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَرِسَالَتُهُ عَالَمِيَّةٌ بِكُلِّ مَا تَحْمِلُهُ مَعَانِي الْعَالَمِيَّةِ؛ ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 158]؛ جَاءَ الْإِسْلَامُ لِتَحْرِيرِ الْبَشَرِيَّةِ كُلِّهَا مِنَ الِانْحِرَافَاتِ، وَالضَّلَالَاتِ، وَالْعُبُودِيَّاتِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْإِسْلَامُ يَوْمًا خَاصًّا بِقَبِيلَةٍ أَوْ جِنْسٍ أَوْ طَائِفَةٍ؛ بَلْ هُوَ مَنْهَجٌ عَامٌّ شَامِلٌ كَامِلٌ، لِلْبَشَرِيَّةِ جَمِيعًا، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ – رَحِمَهُ اللَّهُ –: (بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَفْضَلِ الْمَنَاهِجِ وَالشَّرَائِعِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الْكُتُبِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأَكْمَلَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْهِمُ النِّعْمَةَ، وَحَرَّمَ الْجَنَّةَ إِلَّا عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِسْلَامَ الَّذِي جَاءَ بِهِ)[1].

 

وَبِالرَّغْمِ مِنْ تَقَدُّمِ الْعَالَمِ غَيْرِ الْإِسْلَامِيِّ صِنَاعِيًّا وَزِرَاعِيًّا وَحَضَارِيًّا؛ فَإِنَّ هُنَاكَ جَوَانِبَ نَقْصٍ كَثِيرَةً فِي تِلْكَ الْحَضَارَةِ وَالْمَدَنِيَّةِ الْحَدِيثَةِ، أَهَمُّهَا الْفَرَاغُ الرُّوحِيُّ، وَانْحِرَافُ الْعَقِيدَةِ، وَالْإِغْرَاقُ فِي الْمَادِّيَّاتِ، وَهَجْرُ الْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ.

 

وَالْمُسْلِمُونَ الْيَوْمَ عَلَيْهِمْ وَاجِبٌ عَظِيمٌ نَحْوَ هَذَا الْعَالَمِ الْمُتَنَاقِضِ؛ يَتَمَثَّلُ فِي الْقِيَامِ بِنَشْرِ دِينِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ بِشَتَّى الْوَسَائِلِ الْمُتَاحَةِ، فِي إِظْهَارِ سَمَاحَةِ الْإِسْلَامِ، وَبَثِّ قِيَمِهِ الْعَالِيَةِ، وَنَشْرِ مَبَادِئِهِ وَأَخْلَاقِهِ السَّامِيَةِ، وَإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْإِسْلَامِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الْأَنْعَامِ: 122].

 

وَمِنْ عَظَمَةِ الْإِسْلَامِ وَرَحْمَتِهِ بِالنَّاسِ: أَنَّهُ شَرَعَ أَحْكَامًا، وَسَنَّ سُنَنًا خَاصَّةً فِي التَّعَامُلِ مَعَ طَوَائِفِ الْأَدْيَانِ الْأُخْرَى؛ فَنَظَّمَ شُؤُونَ الْعَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ مَعَهُمْ، وَتَسَامَى فِي التَّعَامُلِ مَعَهُمْ فِي أَقْضِيَتِهِمْ، وَمُسَاكَنَتِهِمْ، وَمُنَاكَحَتِهِمْ، وَأَطْعِمَتِهِمْ، وَلِبَاسِهِمْ، وَفِي التَّطَبُّبِ عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلنَّاسِ إِلَّا وَسَبَقَ إِلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَاخْتَصَّهُ بِأَحْكَامِهِ، وَشَرَعَ لَهُ آدَابًا وَقِيَمًا.

 

وَالْإِسْلَامُ يُؤْثِرُ السِّلْمَ عَلَى الْحَرْبِ؛ فَالصُّلْحُ مَعَ الْعَدُوِّ أَصْلٌ مُهِمٌّ مُقَرَّرٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْحَرْبُ فَهِيَ طَارِئَةٌ، وَمَبْدَأُ الْمَيْلِ إِلَى السِّلْمِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: عَدَمُ اغْتِصَابِ وَاحْتِلَالِ أَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ، وَتَوَافُرُ الْمَصْلَحَةِ الْحَقَّةِ فِي السِّلْمِ.

 

وَكُلُّ الْحُرُوبِ الَّتِي خَاضَهَا الْمُسْلِمُونَ؛ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا هُمُ الْمُعْتَدَى عَلَيْهِمْ، فَالْقِتَالُ فِي الْإِسْلَامِ ضَرُورَةٌ، وَالضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدَرِهَا فِي قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ[2]؛ لِذَا فَإِنَّ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ قَائِمَةٌ عَلَى تَخْفِيفِ وَيْلَاتِ الْحُرُوبِ – بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَالِالْتِزَامِ بِقَوَاعِدِ الرَّحْمَةِ وَالْفَضِيلَةِ، وَالْأَخْلَاقِ الْعَالِيَةِ، وَالْعَدَالَةِ الْمُطْلَقَةِ.

 

فَالْقِتَالُ فِي الْإِسْلَامِ أَغْرَاضُهُ إِنْسَانِيَّةٌ سَامِيَةٌ؛ لَا تَشُوبُهُ نَزْعَةٌ مَادِّيَّةٌ، أَوِ اقْتِصَادِيَّةٌ، أَوِ اسْتِعْمَارِيَّةٌ، أَوْ تَسَلُّطِيَّةٌ، وَإِنَّمَا هَدَفُهُ التَّمَكُّنُ مِنْ نَشْرِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَإِقَامَةِ نِظَامٍ عَادِلٍ؛ وَلِهَذَا حَرَصَ الْإِسْلَامُ عَلَى تَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ - قَبْلَ الْقِتَالِ، وَإِعْلَانِ الْحَرْبِ؛ فَلَمْ يُقَاتِلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي مُخْتَلِفِ غَزَوَاتِهِ، إِلَّا بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالْإِنْذَارِ، وَسَارَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى هَذَا النَّهْجِ؛ فَلَا هَدْمَ، وَلَا تَخْرِيبَ، وَلَا قَطْعَ لِلْأَشْجَارِ، وَلَا تَدْمِيرَ لِلْمَبَانِي، وَلَا اعْتِدَاءَ عَلَى الْمَدَنِيِّينَ، وَلَا تَمْثِيلَ بِالْقَتْلَى، وَلَا تَشْوِيهَ لِلْجُثَثِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ.. أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ عَلَاقَةَ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، قَائِمَةٌ عَلَى الْعَدْلِ، مُتَمَيِّزَةٌ بِالتَّسَامُحِ فِي الْمُعَامَلَةِ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِيمَانِ، فَإِنْ قَبِلُوهُ أَصْبَحُوا مُسْلِمِينَ، وَإِنْ رَفَضُوهُ؛ طَلَبَ مِنْهُمْ دَفْعَ الْجِزْيَةِ، وَعَقَدَ مَعَهُمْ عَقْدَ الذِّمَّةِ، وَأَصْبَحُوا مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، لَهُمُ الْحُقُوقُ نَفْسُهَا، وَعَلَيْهِمُ الْوَاجِبَاتُ نَفْسُهَا، إِلَّا فِي الْعَقِيدَةِ وَالدِّينِ؛ مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 256].

 

وَكُلُّ إِنْسَانٍ – فِي الْإِسْلَامِ – حُقُوقُهُ مَصُونَةٌ بِالتَّشْرِيعِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ، وَبِهَذَا يَتَوَافَرُ التَّطَابُقُ فِي حُقُوقِ الْإِنْسَانِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا مَا يَنْقُصُ الْمَوَاثِيقَ الْحَدِيثَةَ الَّتِي يَقْصُرُ الْعَمَلُ فِيهَا كَثِيرًا عَنِ الْقَوْلِ!

 

وَالْأُمَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ – الْيَوْمَ - فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى الْفِقْهِ فِي الدِّينِ، وَفَهْمِ وَاقِعِ الْحَيَاةِ، وَإِدْرَاكِ طَبِيعَةِ الْمُؤَامَرَاتِ الَّتِي تُدَبَّرُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهَا مُؤَامَرَاتٌ تَسْعَى إِلَى تَجْرِيدِ التَّشْرِيعِ الْإِسْلَامِيِّ مِنَ التَّصَوُّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَاقْتِلَاعِ هَذِهِ الْمَفَاهِيمِ، وَتَرْسِيخِ الْعِرْقِيَّةِ وَالطَّائِفِيَّةِ وَالْقَبَلِيَّةِ مَكَانَهَا، حَتَّى يَسْهُلَ فَرْضُ الْهَيْمَنَةِ عَلَى دِيَارِ الْإِسْلَامِ؛ عَسْكَرِيًّا، وَاقْتِصَادِيًّا، وَثَقَافِيًّا، فَتَفْقِدَ هُوِيَّتَهَا، وَقُدْرَتَهَا عَلَى التَّنْمِيَةِ، وَتَفْقِدَ مَعَهَا إِحْسَاسَهَا بِالذَّاتِ وَالْكَيَانِ، وَتُصْبِحَ لُقْمَةً سَائِغَةً لِلْعَدُوِّ الْمُتَرَبِّصِ، وَالْقُوَى الْعَالَمِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى لِلسَّيْطَرَةِ وَاقْتِسَامِ النُّفُوذِ.

 

وَيَجْدُرُ بِنَا أَنْ نَعْلَمَ: أَنَّ الْقُوَى الْعَالَمِيَّةَ – وَهِيَ تُحَاوِلُ الْيَوْمَ فَرْضَ هَيْمَنَتِهَا عَلَى دُوَلِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ – اتَّجَهَتْ إِلَى إِحْيَاءِ النَّزَعَاتِ الْقَبَلِيَّةِ، وَالنَّعَرَاتِ الْعُنْصُرِيَّةِ، وَالْخِلَافَاتِ الدِّينِيَّةِ؛ لِتَرْسِيخِ فِكْرَةِ التَّشَتُّتِ وَالتَّمَزُّقِ دَاخِلَ الْكَيَانَاتِ الْوَطَنِيَّةِ، كَمَا اتَّجَهَتْ إِلَى تَفْعِيلِ الْوَلَاءَاتِ الْعَقَدِيَّةِ، وَالِانْتِمَاءَاتِ الْمَذْهَبِيَّةِ.

 

وَهَذَا يُوجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: التَّوَجُّهَ بِصِدْقٍ لِحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ الَّتِي يَعَانُونَ مِنْهَا؛ انْطِلَاقًا مِنْ مَبَادِئِ الْإِسْلَامِ، وَتَجْرِبَةِ التَّارِيخِ، وَنَشْرِ الْقِيَمِ الْخُلُقِيَّةِ، وَمُحَارَبَةِ التَّمَزُّقِ، وَمُوَاجَهَةِ التَّخَلُّفِ بِجَمِيعِ أَشْكَالِهِ وَمَظَاهِرِهِ، وَاسْتِشْرَافٍ صَادِقٍ لِلْمُسْتَقْبَلِ.



[1] الحسبة في الإسلام، (ص8).

[2] انظر: أصول السرخسي، (1/248)؛ الموافقات، (4/59).





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى 1442هـ (الإسلام العظيم)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
  • فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
  • الصاحب الأمين.. قامع المرتدين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تكريم المرأة في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الإسلام بالمرأة وحفظه لحقوقها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السماحة في التعاملات المالية في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/7/1447هـ - الساعة: 9:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب