• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    سنة التدافع وفقهها (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    علة حديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    لا تكونوا عجلا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

نملة قرصت نبيا (خطبة)

نملة قرصت نبيا (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/10/2025 ميلادي - 16/4/1447 هجري

الزيارات: 6925

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نملة قرصت نبيًا


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ[1] فَأُحْرِقَتْ[2]، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ؛ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ!» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ؛ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. جَاءَ الْإِسْلَامُ بِالرَّحْمَةِ لِكُلِّ الْخَلْقِ؛ إِنْسًا وَجِنًّا، وَحَيَوَانًا وَطَيْرًا؛ فَإِنَّ رَحْمَتَهُ تَعَدَّتْ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَنَهَى عَنِ الْقَتْلِ عَبَثًا، أَوْ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ حَافَظَ عَلَى مَصَالِحِ النَّاسِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْأَذَى، وَلِذَلِكَ عَاتَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَمَّا أَحْرَقَ قَرْيَةَ النَّمْلِ – وَهُوَ مَكَانُ تَجَمُّعِهِمْ – بِسَبَبِ أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ؛ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ!»؛ يَعْنِي: مِنْ أَجْلِ أَنَّ نَمْلَةً وَاحِدَةً قَرَصَتْكَ تُحْرِقُ أُمَّةً كَامِلَةً مِنَ النَّمْلِ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى!

 

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يُقَالُ: ‌إِنَّ ‌لِهَذِهِ ‌الْقِصَّةِ ‌سَبَبًا: وَهُوَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِذُنُوبِ أَهْلِهَا، فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا، فَقَالَ: يَا رَبِّ، قَدْ كَانَ فِيهِمْ صِبْيَانٌ وَدَوَابُّ، وَمَنْ لَمْ يَقْتَرِفْ ذَنْبًا، ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَرَتْ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّةُ، فَنَبَّهَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَنَّ الْجِنْسَ الْمُؤْذِيَ يُقْتَلُ؛ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ، وَتُقْتَلُ أَوْلَادُهُ؛ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الْأَذَى. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

 

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَمْ يُعَاتَبْ إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ؛ بَلْ جَوَابًا لَهُ، وَإِيضَاحًا لِحِكْمَةِ شُمُولِ الْهَلَاكِ لِجَمِيعِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، فَضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ بِذَلِكَ؛ أَيْ: إِذَا اخْتَلَطَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِهْلَاكَ بِغَيْرِهِ، وَتَعَيَّنَ إِهْلَاكُ الْجَمِيعِ طَرِيقًا إِلَى إِهْلَاكِ الْمُسْتَحِقِّ؛ جَازَ إِهْلَاكُ الْجَمِيعِ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ؛ كَتَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ)[3].

 

وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ ذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ‌فِيهِ ‌جَوَازُ ‌قَتْلِ ‌النَّمْلِ، وَجَوَازُ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ، وَلَمْ يَعْتِبْ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ؛ بَلْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى نَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً»؛ أَيْ: فَهَلَّا عَاقَبْتَ نَمْلَةً وَاحِدَةً هِيَ الَّتِي قَرَصَتْكَ؛ لِأَنَّهَا الْجَانِيَةُ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَهَا جِنَايَةٌ، وَأَمَّا فِي شَرْعِنَا فَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ لِلْحَيَوَانِ)[4].

 

مَسْأَلَةٌ: الْحَشَرَاتُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْبَيْتِ؛ كَالنَّمْلِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْبَعُوضِ، وَالذُّبَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهَا؟

يَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. فَإِنْ كَانَتْ مُؤْذِيَةً؛ فَدَفْعُ عَادِيَتِهَا بِالْقَتْلِ جَائِزٌ.

 

فَإِذَا لَمْ يُؤْذِ النَّمْلُ - بِالْقَرْصِ أَوْ بِإِتْلَافِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ، وَإِنْ آذَاكَ جَازَ قَتْلُهُ - بِغَيْرِ الْحَرْقِ؛ كَاسْتِعْمَالِ الْمُبِيدَاتِ.


قَالَ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذِهِ الْحَشَرَاتُ إِذَا حَصَلَ مِنْهَا الْأَذَى تُقْتَلُ، لَكِنْ بِغَيْرِ النَّارِ؛ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبِيدَاتِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ؛ كَالنَّمْلِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْبَعُوضِ، وَالذُّبَابِ، وَالسِّبَاعِ، دَفْعًا لِأَذَاهَا. أَمَّا إِذَا كَانَ النَّمْلُ لَا يُؤْذِي؛ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ أَذًى؛ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِالْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ)[5].

 

وَقَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (النَّمْلُ وَغَيْرُ النَّمْلِ إِذَا آذَى، وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِقَتْلِهِ؛ فَلْيُقْتَلْ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ - لَا إِفْسَادُ الْبِنَاءِ، وَلَا إِفْسَادُ الطَّعَامِ، وَلَا تَنْكِيدُ النَّوْمِ عَلَى الصِّبْيَانِ أَوْ عَلَى الْإِنْسَانِ؛ فَلْيَتْرُكْهُ. لَكِنْ إِذَا حَصَلَ مِنْهُ أَذِيَّةٌ، وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِالْقَتْلِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ)[6].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- لَمْ يُعَاتَبْ هَذَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ؛ بَلْ عُوتِبَ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ: فَإِنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى مُعَاقَبَةِ النَّمْلَةِ الَّتِي قَرَصَتْهُ وَحْدَهَا، لَمَا حَدَثَتِ الْمُعَاتَبَةُ، وَلَكِنَّهُ عُوتِبَ لَمَّا شَدَّدَ فِي مُعَاقَبَةِ النَّمْلِ؛ فَدُلَّ عَلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ.

 

2- الْعِقَابَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْجُرْمِ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِ فَاعِلِهِ.

 

3- لَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَرْنَا بِقَرْيَةِ نَمْلٍ فَأُحْرِقَتْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

 

4- فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ كُلِّ مُؤْذٍ[7].

 

5- التَّحْذِيرُ مِنَ التَّعَدِّي فِي الِاقْتِصَاصِ: وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ - وَإِنْ شَرُفَتْ مَنْزِلَتُهُ - أَنْ يَتَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَدَّ الْمَشْرُوعِ؛ فَإِنَّ هَذَا - وَهُوَ نَبِيٌّ - لَمْ يُسَامَحْ فِي الْحَيْفِ عَلَى نَمْلَةٍ، وَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ[8].

 

6- يَنْبَغِيَ لِلْإِنْسَانِ أَلَّا يُبَالِغَ فِي الْانْتِقَامِ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْعٍ آذَاهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ ‌الصَّبْرَ ‌وَالصَّفْحَ)[9].

 

7- الْحَذَرُ مِنْ آثَارِ الْغَضَبِ: فَهُوَ ثَوَرَانٌ فِي النَّفْسِ يَحْمِلُهَا عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الْبَطْشِ وَالِانْتِقَامِ.

 

8- أَهَمِّيَّةُ الْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا: لِذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

9- الْأُمَمُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ جِدًّا: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 38]. وَقَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيْ: ‌جَمِيعُ ‌الْحَيَوَانَاتِ، الْأَرْضِيَّةِ وَالْهَوَائِيَّةِ؛ مِنَ الْبَهَائِمِ، وَالْوُحُوشِ، وَالطُّيُورِ، كُلُّهَا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ خَلَقْنَاهَا؛ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ، وَرَزَقْنَاهَا كَمَا رَزَقْنَاكُمْ، وَنَفَذَتْ فِيهَا مَشِيئَتُنَا وَقُدْرَتُنَا، كَمَا كَانَتْ نَافِذَةً فِيكُمْ)[10].

 

10- النَّمْلُ يُسَبِّحُ تَسْبِيحًا حَقِيقِيًّا بِصَوْتٍ: لِقَوْلِهِ: «أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ»، فَهُوَ تَسْبِيحُ مَقَالٍ وَنُطْقٍ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ النَّمْلِ، بِأَنَّ لَهَا مَنْطِقًا، وَفَهِمَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ النَّمْلَةِ الَّتِي سَمِعَهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ إِذْ قَالَتْ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ﴾ [النَّمْلِ: 18، 19]؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلنَّمْلِ نُطْقًا وَقَوْلًا، وَلَكِنْ لَا يَسْمَعُهُ النَّاسُ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُسْمِعَهُ؛ مِمَّنْ خَرَقَ لَهُ الْعَادَةَ؛ كَمَا حَصَلَ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ عَدَمُ الْمُدْرَكِ فِي نَفْسِهِ[11].

 

11- فِعْلُ الْبَعْضِ قَدْ يَجُرُّ الْوَيْلَاتِ عَلَى الْكُلِّ: فَالْمُعْتَدِيَةُ هِيَ نَمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكِنِ الَّذِي عُوقِبَ قَرْيَةُ النَّمْلِ، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الْأَنْفَالِ: 25]، بَلْ تُصِيبُ فَاعِلَ الظُّلْمِ وَغَيْرَهُ، وَتُتَّقَى هَذِهِ الْفِتْنَةُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَمْعِ أَهْلِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَأَلَّا يُمَكَّنُوا مِنَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ بِقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ.

 

12- مَنِ احْتَرَزَ مِنْ قَتْلِ نَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُفَكِّرُ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ: أَوْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ أَنْ يَعِيثَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.



[1] قَرْيَةُ النَّمْلِ: مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِنَّ، ‌وَالْعَرَبُ ‌تُفَرِّقُ ‌فِي ‌الْأَوْطَانِ؛ فَيَقُولُونَ لِمَسْكَنِ الْإِنْسَانِ: وَطَنٌ. وَلِمَسْكَنِ الْإِبِلِ: عَطَنٌ. وَلِلْأَسَدِ: عَرِينٌ وَغَابَةٌ. وَلِلظَّبْيِ: كِنَاسٌ. وَلِلضَّبِّ: وِجَارٌ. وَلِلطَّائِرِ: عُشٌّ. وَلِلزُّنْبُورِ: كَوْرٌ. وَلِلْيَرْبُوعِ: نَافِقٌ. وَلِلنَّمْلِ: قَرْيَةٌ. انظر: فتح الباري، (6/ 358).

[2] أنكرَ صِحَّةَ هذا الحديث أحد الجهلاء النَّكِرات؛ بدعوى أنه يتنافى مع مِثالِيَّةِ النبي، وكونه قدوةً لقومه في حُسن التَّصرُّف!

[3] فتح الباري، (6/ 358).

[4] شرح النووي على مسلم، (14/ 118).

[5] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، (7/ 145).

[6] لقاء الباب المفتوح، (127/ 15).

[7] انظر: فتح الباري، (6/ 358).

[8] انظر: الإفصاح عن معاني الصحاح، لابن هبيرة (6/ 153).

[9] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5/ 542).

[10] تفسير السعدي، (ص255).

[11] انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5/ 543).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إنا أعطيناك الكوثر (خطبة)
  • ولقد كرمنا بني آدم (خطبة)
  • العدل والمساواة في الإسلام (خطبة)
  • المعجزة الخالدة (خطبة)
  • الكعبة المعظمة (خطبة)
  • سماحة الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من عظماء الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موعظة الإمام مالك بن أنس للخليفة هارون الرشيد رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذب عن نبينا صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/5/1447هـ - الساعة: 14:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب