• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

مظاهر اليسر في الصوم (4) النهي عن صوم الأبد

مظاهر اليسر في الصوم (4) النهي عن صوم الأبد
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2025 ميلادي - 6/9/1446 هجري

الزيارات: 6661

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مظاهر اليسر في الصوم (4)

النهي عن صوم الأبد

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَجَعَلَهُ جُنَّةً لِلْعِبَادِ مِنَ الْعِصْيَانِ، وَسَبِيلًا لِرِضَا الرَّحْمَنِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ لِلْعِبَادِ مِنَ الدِّينِ أَيْسَرَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكِتَابِ أَحْسَنَهُ، وَأَكْمَلَ لَهُمْ دِينَهُمْ، وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَنَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ وَالرَّهْبَنَةِ، فَكَانَ دِينُهُ مُلَائِمًا لِلْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْفَظُوا صِيَامَكُمْ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَلْسُنِ؛ فَإِنَّهَا تُخَرِّقُ الصِّيَامَ، وَتُذْهِبُ أَجْرَهُ، حَتَّى لَا يَبْقَى لِلْعَبْدِ مِنْ صِيَامِهِ شَيْءٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ ‌وَالْعَمَلَ ‌بِهِ ‌وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى صِيَامَ رَمَضَانَ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَعْذِيبَ الْعِبَادِ، وَلَا يُفِيدُهُ سُبْحَانَهُ صِيَامُهُمْ شَيْئًا، إِنْ هُوَ إِلَّا مَحْضُ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ ‌تَبْلُغُوا ‌نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَحِينَ شَرَعَ سُبْحَانَهُ صِيَامَ التَّطَوُّعِ أَرَادَ التَّيْسِيرَ عَلَى عِبَادِهِ بِفَتْحِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمُكَفِّرَاتِ، وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَتَكْمِيلِ نَقْصِ فَرِيضَةِ الصِّيَامِ بِنَوَافِلِهَا؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مُحَاسَبَتِهِ لِعَبْدِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ النَّاقِصَةِ: «انْظُرُوا هَلْ ‌لِعَبْدِي ‌مِنْ ‌تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَهَذَا مَظْهَرٌ عَظِيمٌ مِنْ مَظَاهِرِ التَّيْسِيرِ فِي الصَّوْمِ.

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ التَّيْسِيرِ فِي الصَّوْمِ: النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ الْأَبَدِ؛ وَهُوَ صَوْمُ الدَّهْرِ، فَلَا يُصْبِحُ مُفْطِرًا أَبَدًا، فَإِنْ صَامَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَقَدْ أَتَى مُحَرَّمًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَإِنْ صَامَ الْعَامَ كُلَّهُ وَلَمْ يُفْطِرْ إِلَّا فِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِعْلُهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَقَدْ يَصِلُ فِعْلُهُ إِلَى الْبِدْعَةِ إِذَا كَانَ قَصْدُهُ مِنْ صِيَامِهِ التَّبَتُّلَ وَالزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا، وَحِرْمَانَ نَفْسِهِ فِي النَّهَارِ مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، فَإِنْ أَدَّى صِيَامُهُ لِتَضْيِيعِ وَاجِبَاتِ أَهْلِهِ وَبَيْتِهِ فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ فِعْلِهِ؛ وَلِذَا أُمِرَتِ الْمَرْأَةُ أَلَّا تَصُومَ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ حَاجَتَهُ مِنْهَا، وَلَوْ صَامَتْ وَهُوَ يُرِيدُهَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُفْطِرَ لِتَسُدَّ حَاجَتَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُهْمِلَ حَاجَةَ أَهْلِهِ بِحُجَّةِ التَّعَبُّدِ بِالصِّيَامِ؛ لِأَنَّ الْعَفَافَ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَكْبَرُ لِلنِّكَاحِ، فَلَا يُضَيِّعُهُ بِنَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ، بَلِ النِّكَاحُ عِبَادَةٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌وَفِي ‌بُضْعِ ‌أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى، قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا صَامَ ‌مَنْ ‌صَامَ ‌الْأَبَدَ، مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بِأَشَدِّ مَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُوَ صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ، وَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ لَمَّا كَبِرَتْ سِنُّهُ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ؛ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَلَيْتَنِي ‌قَبِلْتُ ‌رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا، وَأَحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قَالَ: وَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمْرٌ، قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِمَّا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ قَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: لَا صَامَ، وَلَا أَفْطَرَ -أَوْ قَالَ: لَمْ يَصُمْ، وَلَمْ يُفْطِرْ- قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟! قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نَهْيٌ صَرِيحٌ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، وَفِيهَا أَنَّ أَفْضَلَ صِيَامِ التَّطَوُّعِ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا وَيُفْطِرَ يَوْمًا، وَالْخَيْرُ فِي هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّكُمْ فِي شَهْرِ التَّقْوَى؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 183].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قَدْ يُزَيِّنُ الشَّيْطَانُ لِبَعْضِ الْمُتَعَبِّدِينَ أَنَّهُمْ يُطِيقُونَ أَكْثَرَ مِمَّا أَرْشَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّاعَاتِ، أَوْ أَنَّ ذُنُوبَهُمْ كَثِيرَةٌ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى مُكَفِّرَاتٍ أَكْثَرَ مِمَّا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَيُخَالِفُونَ الْهَدْيَ النَّبَوِيَّ؛ كَمَنْ يَصُومُونَ الدَّهْرَ، وَهَذَا الِاجْتِهَادُ وَقَعَ لِنَفَرٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَجَرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا ‌أَصُومُ ‌الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَبْيَنِ أَحَادِيثِ التَّيْسِيرِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَعَدَمِ الْحَرَجِ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، فَهُوَ دِينُ السَّمَاحَةِ وَالْيُسْرِ، وَمُلَاءَمَةِ الْفِطْرِ، وَعَدَمِ الْإِثْقَالِ عَلَى النَّفْسِ بِمَنْعِهَا مِنَ الْمُبَاحَاتِ، وَالتَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَالْحَذَرِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا وَرَدَ.

 

وَمَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ أَوِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ فَهُوَ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ؛ فَيُؤْجَرُونَ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ، وَلَا يُتَابَعُونَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لَمْ تَبْلُغْهُمْ، وَكَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ أُمَّتَهُ أَنَّ أَفْضَلَ صِيَامِ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ؛ فَهَذَا يَعْنِي عَدَمَ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ زَادَ خَرَجَ عَنْ حَدِّ فَضِيلَةِ صِيَامِ التَّطَوُّعِ، فَإِمَّا وَقَعَ فِي الْمَكْرُوهِ أَوْ فِي الْحَرَامِ بِحَسَبِ حَالِهِ.

 

وَهَذَا مَظْهَرٌ عَظِيمٌ مِنْ مَظَاهِرِ يُسْرِ الشَّرِيعَةِ وَسَمَاحَتِهَا فِي الصِّيَامِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِدِينِهِ، وَعَلَّمَنَا شَرِيعَتَهُ، حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مظاهر اليسر في الصوم (1): التدرج في فرض الصيام (خطبة)
  • مظاهر اليسر في الصوم (2): الفطر لأهل الأعذار
  • مظاهر اليسر في الصوم (3) تعجيل الفطور وتأخير السحور

مختارات من الشبكة

  • مظاهر اليسر في عبادة العمر(مقالة - ملفات خاصة)
  • مقتضى يسر الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. مضاعفة الحسنات دون السيئات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. إباحة المحظورات عند الضرورة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. إلحاق الرخص بالفرائض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. وحدة المصدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مظاهر وحدة المسلمين في عبادة الصوم(مقالة - ملفات خاصة)
  • تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مظاهر العيد في بلاد المسلمين(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهم مظاهر محبة القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب