• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حكم الأضحية
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل يوم النحر
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    إمساك المضحي عن الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

وبشر المؤمنين (خطبة)

وبشر المؤمنين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/9/2024 ميلادي - 19/3/1446 هجري

الزيارات: 10954

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وبَشِّر المؤمنين


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالْبِشَارَةُ وَالْبُشْرَى: هِيَ الْخَبَرُ السَّارُّ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [يُونُسَ: 64]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ﴾ [هُودٍ: 69]. يُقَالُ: ‌بَشَّرْتُ ‌فُلَانًا أُبَشِّرُهُ تَبْشِيرًا؛ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْخَيْرِ.

 

وَاسْتَبْشَرَ فُلَانٌ: إِذَا وَجَدَ مَا يُبَشِّرُهُ مِنَ الْفَرَحِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 170]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 67].

 

وَالْبَشِيرُ: هُوَ الْمُبَشِّرُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾ [يُوسُفَ: 96]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ ﴾ [الرُّومِ: 46]؛ أَيْ: تُبَشِّرُ بِالْمَطَرِ. وَقَدْ أَفْرَدَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ "رِيَاضِ الصَّالِحِينَ" بَابًا سَمَّاهُ: (اسْتِحْبَابُ التَّبْشِيرِ وَالتَّهْنِئَةِ بِالْخَيْرِ).

 

ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْبِشَارَاتِ الَّتِي بَشَّرَ بِهَا بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ؛ فَهَذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَشَّرَهُ اللَّهُ ابْتِدَاءً بِإِسْمَاعِيلَ – عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 101]؛ ثُمَّ جَاءَتِ الْبِشَارَةُ لِزَوْجِهِ سَارَّةَ - عَلَى لِسَانِ الْمَلَائِكَةِ: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هُودٍ: 71-73].

 

وَزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا وَهَنَ الْعَظْمُ مِنْهُ، وَاشْتَعَلَ رَأْسُهُ شَيْبًا؛ جَاءَتْهُ الْمَلَائِكَةُ تُبَشِّرُهُ بِهَذَا الْخَبَرِ السَّارِّ: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 39].

 

وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ الطَّاهِرَةُ الْبَتُولُ، بَشَّرَتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ؛ وَلِذَا تَعَجَّبَتْ مِنْ ذَلِكَ غَايَةَ الْعَجَبِ: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 45-46].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ بِشْرٍ وَسَعَادَةٍ، وَطُمَأْنِينَةٍ وَتَفَاؤُلٍ بِالْخَيْرِ، وَبَثٍّ لِلثِّقَةِ وَالسُّرُورِ فِي النُّفُوسِ، حَتَّى يَنْفَتِحَ النَّاسُ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ بِهِمَّةٍ وَنَشَاطٍ؛ لِيَنَالُوا الْمُبَشِّرَاتِ الَّتِي وَعَدَهُمْ بِهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، وَأَوَّلُ هَذِهِ الْمُبَشِّرَاتِ مَا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَشِّرَ بِهِ الْمُوَحِّدِينَ، الْمُنِيبِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزُّمَرِ: 17-18]. فَمَنِ اسْتَجَابَ لِسَمَاعِ الْقَوْلِ الْحَسَنِ، وَاتَّبَعَ سَبِيلَ الرَّشَادِ، وَانْصَاعَ لِلْحَقِّ، وَابْتَعَدَ عَنِ الْبَاطِلِ؛ اسْتَحَقَّ الْبِشَارَةَ مِنَ اللَّهِ بِالْقَبُولِ.

 

وَبَشَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ الطَّائِعِينَ؛ بِالْفَوْزِ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ، وَالتَّمَتُّعِ بِالْجِنَانِ: ﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 21-22]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يُونُسَ: 62-64]، قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَمَّا الْبِشَارَةُ فِي الدُّنْيَا: فَهِيَ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالْمَوَدَّةُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، وَمَا يَرَاهُ الْعَبْدُ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِهِ، وَتَيْسِيرُهُ لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ، وَصَرْفُهُ عَنْ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ).

 

وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ: فَأَوَّلُهَا الْبِشَارَةُ عِنْدَ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ، وَفِي الْقَبْرِ مَا يُبَشَّرُ بِهِ مِنْ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَفِي الْآخِرَةِ تَمَامُ الْبُشْرَى؛ بِدُخُولِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ).

 

وَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ اسْتَقَامُوا عَلَى دِينِ اللَّهِ؛ تَأْتِيهِمْ بِشَارَاتٌ طَيِّبَةٌ – عَلَى أَلْسِنَةِ الْمَلَائِكَةِ – عِنْدَ نِهَايَةِ آجَالِهِمْ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فُصِّلَتْ: 30-32].

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 47]، قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (ذَكَرَ الْمُبَشَّرَ بِهِ؛ وَهُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ؛ أَيِ: الْعَظِيمُ الْجَلِيلُ، الَّذِي لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ؛ مِنَ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا، وَهِدَايَةِ الْقُلُوبِ، وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَكَشْفِ الْكُرُوبِ، وَكَثْرَةِ الْأَرْزَاقِ الدَّارَّةِ، وَحُصُولِ النِّعَمِ السَّارَّةِ، وَالْفَوْزِ بِرِضَا رَبِّهِمْ وَثَوَابِهِ، وَالنَّجَاةِ مِنْ سَخَطَهِ وَعِقَابِهِ.

 

وَهَذَا مِمَّا يُنَشِّطُ الْعَامِلِينَ؛ أَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، مَا بِهِ يَسْتَعِينُونَ عَلَى سُلُوكِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ - وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ حِكَمِ الشَّرْعِ، كَمَا أَنَّ مِنْ حِكَمِهِ: أَنْ يَذْكُرَ -فِي مَقَامِ التَّرْهِيبِ- الْعُقُوبَاتِ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى مَا يُرْهَبُ مِنْهُ؛ لِيَكُونَ عَوْنًا عَلَى الْكَفِّ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ). وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 25]؛ فَامْتَثَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ رَبِّهِ، فَبَشَّرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ بِالْجَنَّةِ؛ كَمَا فِي شَأْنِ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ، وَقَالَ – فِي شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «افْتَحْ لَهُ؛ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ - فِي شَأْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ - فِي شَأْنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «افْتَحْ لَهُ؛ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ يُبَشِّرَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَصَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِالتَّبْشِيرِ وَالْإِبْشَارِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ؛ مِنْهَا: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ؛ قَالَ لَهُمَا: «ادْعُوَا النَّاسَ، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِالتَّبْشِيرِ بِفَضْلِ اللَّهِ، وَعَظِيمِ ثَوَابِهِ، وَجَزِيلِ عَطَائِهِ، وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ، وَالنَّهْيُ عَنِ التَّنْفِيرِ؛ بِذِكْرِ التَّخْوِيفِ، وَأَنْوَاعِ الْوَعِيدِ مَحْضَةً مِنْ غَيْرِ ضَمِّهَا إِلَى التَّبْشِيرِ).

 

فَيَجِبُ عَلَى الدُّعَاةِ تَبْشِيرُ النَّاسِ بِمَا يَسُرُّهُمْ؛ فَذَلِكَ أَدْعَى لِقَبُولِ الْحَقِّ، وَالِانْقِيَادِ لَهُ. وَمِنَ الْأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ: تَبْشِيرُ الْمَرْضَى، وَأَهْلِ الْبَلَاءِ، وَالتَّائِبِينَ الْمُقْبِلِينَ عَلَى الطَّاعَةِ، وَتَشْجِيعُهُمْ عَلَى الْعِبَادَاتِ، وَفِعْلِ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكُ تَنْفِيرِهِمْ، وَلْنَجْعَلْ طَرِيقَنَا الْبِشَارَةَ، فَنُبَشِّرُ أَنْفُسَنَا، وَنُبَشِّرُ غَيْرَنَا.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. اعْتَادَ الْبَعْضُ: النَّظَرَ إِلَى الْآخَرِينَ بِمِنْظَارٍ أَسْوَدَ، وَالتَّرْكِيزَ عَلَى الْجَوَانِبِ السَّلْبِيَّةِ - مَعَ قِلَّتِهَا، وَالتَّغَافُلَ عَنِ الْجَوَانِبِ الْإِيجَابِيَّةِ - مَعَ كَثْرَتِهَا؛ لِيُشِيعُوا جَوَّ الرَّذِيلَةِ وَالْفُحْشِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، وَيُبْعِدُوا النَّاسَ عَنْ جَوِّ الْفَضِيلَةِ، حَتَّى يَظْهَرَ الْمُجْتَمَعُ كَكُلٍّ فِي صُورَةٍ قَاتِمَةٍ وَمُزْرِيَةٍ، مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ - فِي مُعْظَمِ الْأَحْيَانِ.

 

فَلْيَكُنِ الْمُؤْمِنُ بَشِيرَ خَيْرٍ وَرَسُولَ حُبٍّ، لَا نَذِيرَ شُؤْمٍ وَعَامِلَ بُغْضٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ كُلِّ مَا يُشِيعُ الْيَأْسَ وَالْقُنُوطَ فِي النُّفُوسِ، وَيَعْمَلَ عَلَى إِشَاعَةِ الْحُبِّ وَالْخَيْرِ بَيْنَ النَّاسِ؛ حَتَّى يَسُودَ الْوُدُّ وَالتَّفَاهُمُ، وَتَصْفُوَ الْقُلُوبُ، وَيَعِيشَ الْجَمِيعُ فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَلَامٍ، وَيَشِيعَ بَيْنَهُمُ الْوِئَامُ.

 

وَلْيَكُنِ الدَّاعِيَةُ بَشِيرَ خَيْرٍ لِلنَّاسِ-إِذَا رَأَى مَا يُوجِبُ الْبِشَارَةَ- لِتَكُونَ حَافِزًا لَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَطَرِيقًا يَسْتَزِيدُونَ فِيهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَلْيَكُنِ الدَّاعِيَةُ نَذِيرَ خَيْرٍ لِلنَّاسِ-إِذَا رَأَى مَا يُوجِبُ الْإِنْذَارَ- مُتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِنْذَارِهِ لِأُمَّتِهِ. وَيَنْبَغِي لِلدَّاعِيَةِ مُرَاعَاةُ حَالِ النَّاسِ؛ فَأَحْيَانًا يَحْتَاجُونَ إِلَى الْإِنْذَارِ وَالتَّخْوِيفِ، وَأَحْيَانًا إِلَى التَّبْشِيرِ بِالْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ، وَإِلَيْهِمَا مَعًا فِي أَحْيَانٍ أُخْرَى، ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 269].

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْبِشَارَةِ:

1- حُصُولُ الْفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ.

 

2- انْشِرَاحُ الصُّدُورِ، وَسَعَادَةُ الْقُلُوبِ، فَكَمْ تَجْلِبُ الْبِشَارَةُ الطُّمَأْنِينَةَ، وَسُكُونَ النَّفْسِ، وَتَرْفَعُ الرُّوحَ الْمَعْنَوِيَّةَ.

 

3- الْبِشَارَةُ سَبَبٌ لِاسْتِقْرَارِ النَّفْسِ، وَرَاحَةِ الْبَالِ.

 

4- حُبُّ الْمُبَشَّرِ لِمَنْ يُبَشِّرُهُ، وَاسْتِئْنَاسُهُ بِهِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وبشر الصابرين
  • وبشر الصابرين (خطبة)
  • وبشر الصابرين (خطبة)
  • {وبشر المخبتين} (خطبة)
  • الصبر على الأقدار ﴿وبشر الصابـرين﴾
  • توجيهات وبشريات من الله للمؤمنين

مختارات من الشبكة

  • أول يوم في القبر حسرة وندامة على الكافرين وسرور وبشر للمؤمنين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبشر الصابرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبشر الصابرين: أنواع الصبر - ما يهون المصائب - ثمرات الصبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبشر الصابرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبشر الصابرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقفة مع قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا..} الآية(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب