• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

حبوط العمل (خطبة)

حبوط العمل (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2023 ميلادي - 6/12/1444 هجري

الزيارات: 19176

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حبوط العمل


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَوْعِدَ قَرِيبٌ، وَأَنَّ الْمَوْقِفَ عَظِيمٌ، وَأَنَّ النِّهَايَةَ خُلُودٌ فِي النَّعِيمِ أَوْ فِي الْجَحِيمِ؛ فَتَزَوَّدُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يُنْجِيكُمْ، وَاحْذَرُوا مَا يُوبِقُكُمْ وَيُرْدِيكُمْ؛ فَإِنَّهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 8-9].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا خُسْرَانَ أَعْظَمُ مِنْ خُسْرَانِ الْآخِرَةِ، وَلَا أَحَدَ أَشَدُّ غَبْنًا مِمَّنْ عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ حَبِطَ عَمَلُهُ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَلِذَا كَانَ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ حُبُوطَ عَمَلِهِ، بَلْ يَخَافُ بَخْسَهُ وَنَقْصَهُ وَرَدَّهُ، وَيَسْعَى جُهْدَهُ فِي كَمَالِهِ بِالْإِحْسَانِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ مِنَ الْحُبُوطِ. وَمُحْبِطَاتُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا مَا يُحْبِطُ كُلَّ مَا سَبَقَ مِنْ أَعْمَالِ الْعَامِلِ، وَمِنْهَا مَا يُحْبِطُ بَعْضَهُ؛ كَحُبُوطِ الْعَمَلِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ مُحْبِطَاتِ الْعَمَلِ وَمُفْسِدَاتِهِ.

 

وَحُبُوطُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ كُلُّهِ يَعُودُ لِسَبَبَيْنِ رَئِيسَيْنِ، تَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ مِنْ حُبُوطِ الْعَمَلِ:

فَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 88]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 65]، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الشِّرْكَ كَمَا خَافَهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَا رَبَّهُ قَائِلًا: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 35]. قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَنْ يَأْمَنُ الْبَلَاءَ بَعْدَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾»، وَكُلُّ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَشْرَكَ مَعَهُ غَيْرَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ عَمَلُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَوْ أَطْعَمَ أَهْلَ الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَفَلَ أَرَامِلَهُمْ وَأَيْتَامَهُمْ، وَلَوْ وَصَلَ نَفْعُهُ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يُحْبِطُ عَمَلَهُ كُلَّهُ ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 23]. وَقَدْ يَقَعُ الْمُصَلِّي فِي الشِّرْكِ وَهُوَ لَا يَدْرِي؛ كَمَنْ يَسْتَغِيثُ بِالْأَمْوَاتِ، أَوْ يَدْعُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا يَعْمَلُ، بَيْنَمَا هُوَ يَفْعَلُ مَا يُحْبِطُ عَمَلَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَيَا لَهَا مِنْ خَسَارَةٍ فَادِحَةٍ.

 

وَالسَّبَبُ الثَّانِي لِحُبُوطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ، بِالْوُقُوعِ فِيمَا يُبْطِلُ الْإِيمَانَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 217].

 

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْقَوْلِ كَشَتْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ الِاسْتِهْزَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِهِ ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 65-66]. وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْفِعْلِ كَالتَّعَبُّدِ لِأَهْلِ الْقُبُورِ بِالطَّوَافِ حَوْلَهَا، أَوِ الذَّبْحِ لَهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 162-163]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْقَلْبِ كَمَنْ كَرِهَ شَرِيعَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهَا ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 9]، أَوْ كَرِهَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوِ الْحُدُودَ الشَّرْعِيَّةَ، أَوْ أَيَّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، أَوْ كَرِهَتِ الْمَرْأَةُ بَعْضَ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا كَالْحِجَابِ، وَوُجُوبِ الْمَحْرَمِ لِلسَّفَرِ، وَوِلَايَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مُصَلٍّ وَمُصَلِّيَةٍ أَنْ يَقَعَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ حُبُوطَ الْعَمَلِ أَفْدَحُ خَسَارَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

 

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالْجُحُودِ؛ فَمَنْ جَحَدَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ارْتَدَّ، كَمَنْ يَجْحَدُ فَرْضَ الصَّلَاةِ، أَوْ تَحْرِيمَ الزِّنَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَتَكُونُ الرِّدَّةُ بِالشَّكِّ فِي شَيْءٍ مِنْ قَطْعِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ كَالشَّكِّ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِي الْفَرَائِضِ، أَوْ أَخْبَارِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، أَوْ بِالشَّكِّ فِي بُطْلَانِ أَدْيَانِ الْكُفَّارِ، أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا تُنَجِّيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَكْثَرَ الْوَاقِعِينَ فِي ذَلِكَ، تَجِدُ أَحَدَهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ الطُّرُقَ كُلَّهَا تُؤَدِّي إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْأَدْيَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 85].

 

وَتَكُونُ الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِالتَّرْكِ وَالِامْتِنَاعِ، كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ. وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيُّ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ».

 

وَقَدْ يُعْجَبُ الرَّجُلُ بِعَمَلِهِ، وَيَحْتَقِرُ غَيْرَهُ، فَيَتَأَلَّى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُنَازِعُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَا يَدْرِي أَنَّ ذَلِكَ مُحْبِطٌ لِلْعَمَلِ، كَمَا فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ مُحْبِطَاتِ الْأَعْمَالِ، وَنَسْأَلُهُ اكْتِسَابَ الْحَسَنَاتِ، وَمُجَانَبَةَ السَّيِّئَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، واذْكُرُوهُ كَثِيرًا فِي هَذِهِ الأَيَامِ المُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّهَا أَيَامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى، واحْرِصُوا عَلَى سَلَامَةِ أَعْمَالِكُمُ الصَّالِحَةِ مِمَّا يُبْطِلُهَا أَوْ يُنْقِصُهَا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾[مُحَمَّدٍ: 33].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثَمَّةَ أُمُورٌ تُحْبِطُ الْعَمَلَ الَّذِي تُدَاخِلُهُ؛ كَالْمَنِّ وَالْأَذَى فِي الصَّدَقَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 264]، وَكَذَلِكَ الرِّيَاءُ إِذَا دَاخَلَ الْعَمَلَ أَحْبَطَهُ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَإِتْيَانُ الْكَهَنَةِ أَوِ الْعَرَّافِينَ يُحْبِطُ صَلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَإِنْ صَدَّقَهُمْ بِمَا يَقُولُونَ حَبِطَ عَمَلُهُ كُلُّهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَتَرْكُ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بِلَا عُذْرٍ يُحْبِطُ عَمَلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ ذُنُوبَ الْخَلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا مُذْهِبَةُ الْحَسَنَاتِ؛ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلْيُجَانِبِ الْمُؤْمِنُ الْكَبَائِرَ وَالْمَعَاصِيَ فَإِنَّ السَّيِّئَةَ تُذْهِبُ الْحَسَنَةَ، كَمَا أَنَّ الْحَسَنَةَ تُذْهِبُ السَّيِّئَةَ ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هُودٍ: 114].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان شهر العمل والتغيير (خطبة)
  • العمل والإتقان (1) (خطبة)
  • العمل والإتقان (2) (خطبة)
  • الكسل في مواسم العمل (خطبة)
  • اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح (خطبة)
  • دوام العمل الصالح بعد رمضان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حتى لا يحبط عملك وأنت لا تشعر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة عن العبادة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمل والعمل بين اليقين والزهد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوسل إلى الله بصالح الأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب