• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

التذكير بالنعم المألوفة (5) {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}

التذكير بالنعم المألوفة (5) {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2022 ميلادي - 10/4/1444 هجري

الزيارات: 17400

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التذكير بالنعم المألوفة (5)

﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: نِعَمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَمِنْهَا نِعَمٌ دَائِمَةٌ يَنْسَاهَا الْعِبَادُ بِسَبَبِ إِلْفِهِمْ لَهَا، وَنِعَمٌ مُتَجَدِّدَةٌ رُبَّمَا لَا يَشْعُرُونَ بِهَا. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَشْعُرُونَ إِلَّا بِالنِّعَمِ الْحَادِثَةِ، وَيَنْسَوْنَ النِّعَمَ الدَّائِمَةَ وَالْمُتَجَدِّدَةَ بِطُولِ إِلْفِهِمْ لَهَا. وَهَذَا تَذْكِيرٌ بِنِعَمِ الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْقُلُوبِ، وَقَدْ أَلِفَهَا النَّاسُ لِدَوَامِهَا مَعَهُمْ. وَقَدْ كُرِّرَ فِي الْقُرْآنِ التَّذْكِيرُ بِهَا؛ لِئَلَّا يَغْفُلَ قَارِئُ الْقُرْآنِ عَنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا.

 

وَهَذِهِ النِّعَمُ الثَّلَاثُ: الْأَسْمَاعُ وَالْأَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْبَشَرِ؛ لِيَكُونُوا سَادَةَ الْأَرْضِ وَعُمَّارَهَا، وَالْقَائِمِينَ بِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُرَّاسَهُ، وَعَدَّدُ اللَّهُ تَعَالَى نِعَمًا كَثِيرَةً، بَدَأَهَا بِهَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 78].

 

وَفِي سِيَاقِ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِ الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَفْئِدَةِ لِأَهَمِّيَّتِهَا، وَعَظِيمِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْإِنْسَانِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 9].

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُذَكِّرَ النَّاسَ بِهَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الْمُلْكِ: 23].

 

وَخُتِمَتْ كُلُّ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الْمُذَكِّرَةِ بِهَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ وَفِي مَقَامٍ آخَرَ عُلِّلَتْ هَذِهِ النِّعَمُ الثَّلَاثُ بِالشُّكْرِ؛ وَذَلِكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 78]. فَأَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، سِوَى مَا فِيهِ مِنَ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، ثُمَّ بِالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَفْئِدَةِ يَكْتَسِبُ الْعُلُومَ وَالْمَعَارِفَ. وَأَعْلَى الْعُلُومِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَا يَجِبُ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عِبَادِهِ. وَأَهْلُ الشِّرْكِ لَمْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ؛ فَلَمْ يَتَوَصَّلُوا بِهَا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَهْلُ الْإِيمَانِ حَصَّلُوا الْإِيمَانَ -بَعْدَ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى- بِنِعَمِ الْأَسْمَاعِ الَّتِي سَمِعُوا بِهَا الْقُرْآنَ، وَأَرْكَانَ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمَهُ وَنَوَاقِضَهُ وَنَوَاقِصَهُ، وَبِالْأَبْصَارِ الَّتِي قَرَؤُوا بِهَا الْقُرْآنَ وَكُتُبَ الْإِيمَانِ، وَالْأَفْئِدَةِ الَّتِي عَقَلُوا بِهَا الْإِيمَانَ وَأَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ وَآيَاتِهِ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. كَمَا عَلِمُوا بِهَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ أُمُورَ دُنْيَاهُمْ فَأَصْلَحُوهَا. وَمَعَ ذَلِكَ يَضْعُفُ شُكْرُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَلِفُوهَا وَاعْتَادُوهَا؛ فَهِيَ نِعَمٌ دَائِمَةٌ مَعَهُمْ، وُلِدُوا بِهَا، وَنَشَؤُوا عَلَيْهَا، وَاسْتَفَادُوا مِنْهَا، وَلَا يَزَالُونَ يُسَخِّرُونَهَا فِي مَنَافِعِهِمُ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقِلُّ شُكْرُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَلَوْ فَقَدُوا وَاحِدَةً مِنْهَا لَعَلِمُوا قَدْرَهَا، وَفَدَاحَةَ فَقْدِهَا.

 

وَالْعُلُومُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتِي تَوَصَّلَ بِهَا الْبَشَرُ إِلَى الْمُخْتَرَعَاتِ وَالْمُكْتَشَفَاتِ، وَتَطَوَّرَتْ بِهَا الصِّنَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالزِّرَاعَةُ وَوَسَائِلُ الِاتِّصَالِ وَالْمُوَاصَلَاتِ إِنَّمَا أَدْرَكُوهَا بِعُقُولٍ تُفَكِّرُ، وَتُحَلِّلُ، وَتَسْتَنْتِجُ، وَتُبْدِعُ، وَتَخْتَرِعُ، وَبِأَسْمَاعٍ وَأَبْصَارٍ تَسْمَعُ، وَتَتَأَمَّلُ، وَتَقْرَأُ، وَتَكْتَشِفُ، وَتَبْحَثُ، حَتَّى وَصَلَ الْبَشَرُ إِلَى مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ، وَهَذَا يُحَتِّمُ عَلَيْهِمْ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا وَهَبَهُمْ مِنْ نِعَمِ الْعُقُولِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ. وَالْمَرْءُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ يَجِدُ نَفْعَ بَصَرِهِ وَسَمْعِهِ وَفُؤَادِهِ، وَلَوْ فَقَدَهُ أَوْ ضَعُفَ لَعَكَّرَ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، وَهَذَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ دَوَامَ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الدَّائِمَةِ الَّتِي قَدْ يَنْسَاهَا فَيَغْفُلُ عَنْ شُكْرِهَا.

 

وَيَكْفِي الْمُؤْمِنَ عِلْمًا بِعَظِيمِ نِعَمِ الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَفْئِدَةِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى حَالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ عَطَّلُوا هَذِهِ النِّعَمَ عَنْ وَظِيفَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَمْ يَتَوَصَّلُوا بِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْرِفَةِ مَا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عِبَادِهِ، حَتَّى كَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ؛ ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 179]، «يَعْنِي: لَيْسَ يَنْتَفِعُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْجَوَارِحِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى سَبَبًا لِلْهِدَايَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 26]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 18]، هَذَا فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ، وَقَالَ فِي حَقِّ الْكَافِرِينَ: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 171]، وَلَمْ يَكُونُوا صُمًّا بُكْمًا عُمْيًا إِلَّا عَنِ الْهُدَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 23]»، «وَقَالَ تَعَالَى فِي عَدَمِ فِقْهِهِمْ لِلْقُرْآنِ: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ﴾ [الْأَنْعَامِ: 25]، وَهَذِهِ الْآيَةُ جَمَعَتْ حِرْمَانَهُمْ لِهِدَايَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ». وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَانُوا شَرَّ الْخَلِيقَةِ: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 22]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 55]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 6].

 

وَقَدْ عَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِذْ لَمْ يَسْتَفِيدُوا مِمَّا وَهَبَهُمْ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ؛ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِآيَاتِهِ الْمَبْثُوثَةِ فِي خَلْقِهِ: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 46]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 39].كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَثْنَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حِينَ أَعْمَلُوا هَذِهِ النِّعَمَ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْرِفَةِ مُرَادِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ عِبَادِهِ، وَعَمِلُوا بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 73].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ؛ ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النَّحْلِ: 18].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَهَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ الْأَسْمَاعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ؛ لِيُسَخِّرُوهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا يَنْفَعُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ، وَهُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ هَذِهِ النِّعَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 36]. وَمِنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا أَنْ لَا تُسْتَخْدَمَ هَذِهِ النِّعَمُ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَلَا يَنْظُرُ الْعَبْدُ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَا يَسْمَعُهَا، وَلَا يُعْمِلُ عَقْلَهُ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ شَاهِدَةٌ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا؛ ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النُّورِ: 24]، ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فُصِّلَتْ: 20].

 

وَمَنْ عَمِيَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا، وَصُمَّ عَنِ التَّذْكِيرِ وَالْمَوَاعِظِ؛ حُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَصَمَّ أَبْكَمَ أَعْمَى؛ ﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 97]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 72]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124-126].

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنْ تَعْطِيلِ نِعَمِ الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَفْئِدَةِ عَنْ وَظَائِفِهَا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ مِنْ تَسْخِيرِهَا فِيمَا يُسْخِطُهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كُفْرَانِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْعَبْدِ، وَهَذَا مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْهُدَى، وَمِنْ رُكُوبِ الْهَوَى، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التذكير بالنعم المألوفة (3) الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار
  • التذكير بالنعم المألوفة (4) تذليل الأرض
  • التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)
  • التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب

مختارات من الشبكة

  • التذكير بأيام الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وجعل بينكم مودة ورحمة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • كفى بالموت واعظا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" = الجزء العاشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب