• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عقيدة الحافظ ابن عبد البر في صفات الله تعالى
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    غياب الشورى.. وأثره في تفكك البيوت وضعف المجتمعات ...
    د. مراد باخريصة
  •  
    مشاركة الصحابيات في أعمال دولة النبي صلى الله ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    التوحيد: روح العبادة وأساس قبولها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الإيمان بالكتب وثمراته (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الكسب الحلال (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الحديث الثالث: الرفق في الأمور كلها
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد ...
    حسام الدين أبو صالحة
  •  
    خطبة: اسم الله الحليم
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أسباب البركة في المال
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطبة: فضل العناية باليتيم
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    يوم الحسرة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    هضم النفس في ذات الله (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الرجوع إلى الحق فضيلة (خطبة)

الرجوع إلى الحق فضيلة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2022 ميلادي - 25/11/1443 هجري

الزيارات: 29885

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرُّجوعُ إلى الحَقِّ فَضِيلَة

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: مِنْ أهَمِّ الآداب التي ينبغي للمسلم أنْ يَتَّصِفَ بها: أنْ يكون الحقُّ ضَالَّتَه، فحيثما وجَدَه أخَذَه، فقد يُخطِئُ الإنسان، ولكن العاقل هو الذي يُسَلِّم بِخَطَئِه، ويعود إلى الصواب؛ بل ويَفْرَح بظهور الحقِّ، ويَشْكُر لصاحبه إرشادَه ودلالَتَه إليه.

 

والتَّسلِيمُ بالخطأ شَاقٌّ على النَّفْس؛ فهو يحتاج إلى تَجَرُّدٍ لله وصِدْقٍ وإِخْلاص، ومُراغَمَةٍ للنَّفْسِ مع قُوَّةٍ وشجاعةٍ حتى يعتاد عليه. والإنسان بَشَرٌ يُخْطِئُ ويُصِيب، فعليه أنْ يكون من خَيرِ الخطَّائِين برجوعِه إلى الحقِّ، واعترافِه بالخطأ.

 

ومن أمْثِلَةِ الرُّجوعِ إلى الحقِّ في القرآن الكريم: ما جاء في شأنِ خَلْقِ آدمَ وذريته، حيثُ قال اللهُ سبحانه: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 30 - 32]. قال الطَّبَرِيُّ رحمه الله: (فَلَمَّا اتَّضَحَ لَهُمْ مَوْضِعُ خَطَأِ قِيلِهِمْ، وَبَدَتْ لَهُمْ هَفْوَةُ زَلِّتِهِمْ؛ أَنَابُوا إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ، فَقَالُوا: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ [البقرة: 32] فَسَارَعُوا الرَّجْعَةَ مِنَ الهَفْوَةِ، وَبَادَرُوا الإِنَابَةَ مِنَ الزَّلَّةِ).

 

ومِثْلُ هذا؛ ما وَقَعَ من آدمَ وزَوجِه من مَعْصِيةٍ، ثم ما تلاها من رُجوعٍ إلى الحقِّ، وتَسْلِيمٍ بالخطأ، حيث قال تعالى: ﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 22، 23].

 

ومِنْ صُوَرِ الاعترافِ بالخطأ والرُّجوعِ عنه: رجوعُ سَحَرَةِ فرعونَ، وإيمانُهم بِرَبِّ العالمين؛ لَمَّا عرفوا الحقَّ وأيقنوه، فتحوَّلوا من التَّحَدِّي السَّافِر، إلى التَّسليم المُطْلَق: ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الشعراء: 46-48].

 

وإِخْوَةُ يُوسُفَ اعترفوا بالخطيئة، وأقرُّوا بالذَّنب، بعدَ أنْ فَعَلوا به ما فَعَلوا، وقالوا لِيُوسُفَ – معترفين بِخَطَئِهِمْ، ومُقِرِّين بِذَنْبِهم: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾ [91]. ومن هذا الباب أيضًا: رجوعُ امرأةِ العزيزِ واعْتِرافُها بأنها هي التي راوَدَتْ يُوسُفَ عليه السلام عن نَفْسِه، وأنه بَرِيءٌ من التُّهْمَةِ التي سُجِنَ لأجلها: ﴿ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف: 51].

 

وقريب من هذا؛ رُجوعُ أصحابِ الجَنَّةِ، واعتِرافُهم بِخَطَئِهم؛ إذْ عزموا على مَنْعِ الفقراء والمساكين حَقَّهم، فعاقبهم اللهُ بإهلاك جَنَّتِهم، فعادوا إلى رُشْدِهم، وتابوا إلى ربِّهم: ﴿ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴾ [القلم: 29-32].

 

ومِثْلُ ذلك؛ رُجوعُ موسى عليه السلام وتوبَتُه إلى ربِّه بعدَ أنْ سألَ رُؤيَةَ ربِّه في الدنيا: ﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143].

 

ومن أمْثِلَةِ الاعتراف بالخطأِ والرُّجوعِ إلى الحقِّ: رُجوعُ نوحٍ عليه السلام عن مَسْئَلَتِه؛ حين سأل عن إغراقِ ابْنِه، فعاتبه اللهُ في ذلك، فسارع بالتَّوبةِ والاستغفار، والرَّجْعَةِ عن هذه الهَفْوَة: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هود: 45-47].

 

وأمْثِلَةُ ذلك في السُّنَّة النبويِّة كثيرةٌ جدًّا؛ فها هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُعَلِّمُ البشرية ومُرَبِّيها - على مِثْلِ هذه الآدابِ والفضائل - يَرْجِعُ إلى قَولِ امرأةٍ يهودِيَّة، بعدَ أنْ تبيَّن له بالوحي صِحَّةُ قَولِها: "بأنَّ أهلَ القبور يُفْتَنُونَ في قُبورِهم"؛ عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ اليَهُودِ، وَهْيَ تَقُولُ: هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ؟» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) رواه مسلم.

 

وإذا كان هذا خُلُقَ المُربِّي والمُعَلِّم؛ فكيف يكون التَّلاميذ؟ فإنَّهم على نَهْجِهِ يَسِيرُون، وسُنَّتِهِ يَقْتَفُون، وبِسِيرَتِه يَهْتَدُون، والأمْثِلَةُ خَيرُ شاهِدٍ على حُسْنِ ما كانوا يَصْنَعون؛ ومن أمْثِلَتِه: بعضُ الصحابةِ كانتْ تَخْفَى عليه بعضُ الأحكام، فإذا نُبِّهَ رَجَعَ إلى الصَّواب، فعندما (رأى ابنُ مَسعودٍ رضي الله عنه خَبَّابًّا رضي الله عنه - وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ – قَالَ له: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى؟ فقَالَ خَبَّابٌ: أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ اليَوْمِ، فَأَلْقَاهُ) رواه البخاري. كان خَبَّابٌ رضي الله عنه يعتقد أنَّ النَّهْي عن لُبْسِ الرجال خاتَمِ الذَّهَبِ للتَّنْزِيه، فنَبَّهَهُ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه على تَحْرِيمه، فرَجَعَ إليه مُسرعًا.

 

ومِثْلُ هذا؛ ما جاء مِنْ رُجوعِ عُمَرَ رضي الله عنه وتسليمِه بحديث «الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ؛ وَإِلاَّ فَارْجِعْ» رواه البخاري. بعدَ أنْ أنْكَرَه على أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، فلَمَّا تثَبَّتَ عُمَرُ من الخَبَر، وجاءه أبو سعيدٍ رضي الله عنه وأخْبَرَه بِصِحَّة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال عُمَرُ رضي الله عنه: (مَا كُنْتُ عَلِمْتُ بِهَذَا) صحيح – رواه الترمذي.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ...

أيها المسلمون.. لم يقتَصِر الأمرُ على هؤلاء الصَّحابة الكرام؛ فإنَّ كُلَّ مُتَجَرِّدٍ للحق، طالِبٍ للصواب، صادِقٍ مع نفسِه، فإنه لا بد وأنْ يُسَلِّمَ بخطَئِه متى عرَفَه، ويرجع إلى الحقِّ إذا تبَيَّنَ، وإلاَّ كان مُجادِلاً مُكابِرًا. وكان الإمامُ الشافعيُّ رحمه الله يقول: (مَا كَابَرَنِي أَحَدٌ عَلَى الحَقِّ وَدَافَعَ، إِلاَّ سَقَطَ مِنْ عَيْنِي، وَلاَ قَبِلَهُ إِلاَّ هِبْتُهُ، وَاعتَقَدْتُ مَوَدَّتَهُ). وها هو الإمامُ الشافعيُّ نفسُه يُعْلِنُ عن رجوعه عن أيِّ خطأٍ أو قولٍ يتبيَّن أنه مُخالِفٌ للصواب، فقال: (كُلُّ مَا قُلْتُهُ فَكَانَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خِلاَفُ قَوْلِي مِمَّا صَحَّ؛ فَهُوَ أَوْلَى، وَلاَ تُقَلِّدُوْنِي).

 

وإذا كان الاعترافُ بالحقِّ والرُّجوعُ إليه مطلوبًا؛ فمطلوبٌ أيضًا التَّسلِيمُ بعدم العِلْمِ، وعَدَمِ التَّحَرُّج من قول: "الله أعلم" أو "لا أدري"، فالواجب رَدُّ العلمِ إلى مَنْ هو أعلم، وعَدَمُ التَّعالُمِ أو الخَوضِ في مُناقشاتٍ ومُناظراتٍ بغير عِلم، أو الخَجَلِ مِنَ السُّؤال والاسْتِيضاحِ، والتَّسَتُّرِ على الجَهْل، فإنَّ ذلك ممقوتٌ مذموم، لا يَلِيقُ بعاقل.

 

فهاهم الملائكةُ الكرامُ البَرَرَةُ يَعْتَرِفون بقصورهم، ويُسَلِّمون لِرَبِّهم فيقولون: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ [البقرة: 32]. قال القرطبيُّ رحمه الله: (الوَاجِبُ عَلَى مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ أَنْ يَقُولَ - إِنْ لَمْ يَعْلَمْ: "اللَّهُ أَعْلَمُ" وَ"لَا أَدْرِي"؛ اقْتِدَاءً بِالمَلَائِكَةِ، وَالأَنْبِيَاءِ، وَالفُضَلَاءِ مِنَ العُلَمَاءِ).

 

وها هُم الرُّسُلُ يُقِرُّونَ بعدم عِلْمِهِم، ويُرْجِونَ العلمَ إلى ربِّهم، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 109]؛ بل إنَّ اللهَ تعالى عَلَّمَ رسولَه صلى الله عليه وسلم هذا الأدبَ، ووَجَّهَهُ بما يُجِيب به عند سُؤالِه عَمَّا لا يَعْلَمُه: ﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 63]. وقد تأدَّبَ به موسى عليه السلام - مع أنه كان في حالَةِ مُواجهةٍ ومُناظرةٍ مع الطاغية المُتَجَبِّرِ فرعونَ - فسأله قائلاً: ﴿ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ﴾ [طه: 51، 52].

 

قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: "اللَّهُ أَعْلَمُ"، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ - لِمَا لاَ يَعْلَمُ: "اللَّهُ أَعْلَمُ"، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]» رواه البخاري.

 

وسألَ رجلٌ ابنَ عمرَ رضي الله عنهما - عن مَسْأَلَةٍ - فَقَالَ: «لَا عِلْمَ لِي بِهَا»، فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: «نِعْمَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ» صحيح – رواه الدارمي. وَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ رحمه الله: (يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُورِثَ جُلَسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ "لَا أَدْرِي" حَتَّى يَكُونَ أَصْلًا فِي أَيْدِيهِمْ، فَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَمَّا لَا يَدْرِي قَالَ: "لَا أَدْرِي".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الثبات على القول بالحق
  • المفتي بين الحق والخواجة
  • من وحي الهجرة .. انتصار الحق
  • خطبة عن قبول الحق
  • الحق منصور
  • مقام الحق تعبدا ووجودا
  • وصار الحق أمنية (خطبة)
  • تقرير حول كتاب (إظهار الحق)

مختارات من الشبكة

  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتباع الحق معيار للأدب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرجوع إلى الحق والتسليم بالخطأ في الحوار(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون الأحدب(كتاب - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • معنى الحال ونصب المضارع بعد واو المعية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/3/1447هـ - الساعة: 16:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب