• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الخليل عليه السلام (6) {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}

الخليل عليه السلام (6) {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2022 ميلادي - 14/8/1443 هجري

الزيارات: 11063

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخليل عليه السلام (6)

﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَكَفَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ كُلُّ الْخَلْقِ عَبِيدُهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ رَبُّهُمْ، وَكُلُّهُمْ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ، وَكُلُّهُمْ تَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَيْهِمْ، الْقَاهِرُ فَوْقَهُمْ، وَلَا نَجَاةَ لَهُمْ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِي عَذَابِهِمْ ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 147]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِلَّةَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَتَبَ بَقَاءَ دِينِهِ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَحِينَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ خَاطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: «قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ؛ فَإِنَّهَا أَحْسَنُ الدِّينِ، وَدَعَا إِلَيْهَا كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 125].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِأَجْلِ الْمَقَامِ الْعَظِيمِ لِلْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْعَالَمِينَ، وَشُهْرَتِهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ كَثُرَ الْأَدْعِيَاءُ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِهِ وَمَنْهَجِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُحِقُّ وَمِنْهُمُ الْمُبْطِلُ:

فَكُفَّارُ قُرَيْشٍ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ الْخَلِيلِ، وَأَنَّهُمْ حُمَاةُ الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: «نَحْنُ بَنُو إِبْرَاهِيمَ، وَأَهْلُ الْحُرْمَةِ وَوُلَاةُ الْبَيْتِ، وَقَاطِنُو مَكَّةَ وَسَاكِنُوهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ مِثْلُ حَقِّنَا، وَلَا مِثْلُ مَنْزِلِنَا، وَلَا تَعْرِفُ لَهُ الْعَرَبُ مِثْلَ مَا تَعْرِفُ لَنَا». وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا؛ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا دِينَ الْخَلِيلِ، وَاسْتَبْدَلُوا الشِّرْكَ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَعَائِرَ الْوَثَنِيَّةِ بِشَعَائِرِ الْحَنِيفِيَّةِ، حِينَ جَلَبَ لَهُمُ الْأَصْنَامَ عَمْرُوُ بْنُ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ «خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ الَّتِي أَرَاكُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا لَهُ: هَذِهِ أَصْنَامٌ نَعْبُدُهَا، فَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا، وَنَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَفَلَا تُعْطُونَنِي مِنْهَا صَنَمًا، فَأَسِيرَ بِهِ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، فَيَعْبُدُوهُ؟ فَأَعْطَوْهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ هُبَلُ، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ، فَنَصَبَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ»، وَقَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَدَعْوَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ أَتْبَاعُ الْخَلِيلِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ كَذَّبَهَا وَاقِعُهُمْ وَمَوْقِفُهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ، حِينَ تَرَكُوا دِينَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَحِينَ نَاصَبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَدَاءَ؛ لِأَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهِيَ تُخَالِفُ مَا وَرِثُوهُ عَنْ آبَائِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالِانْحِرَافِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 170]. وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: «رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَكَمَا ادَّعَى الْمُشْرِكُونَ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ادَّعَى هَذَا الشَّرَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْحَاقَ بْنِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَتْبَاعُ النَّبِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَأَنَّ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ كَانَتْ فِيهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْخَلِيلِ: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 27]. وَأَمَّا الْعَرَبُ فَهُمْ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا مِنْ هَذَا الشَّرَفِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ جَاهِلِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ، وَلَا عِلْمَ لَدَيْهِمْ وَلَا كِتَابَ، وَكَانَ أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَرُهْبَانُ النَّصَارَى يَنْتَظِرُونَ بَعْثَ نَبِيٍّ يُجَدِّدُ مِلَّةَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَعْرِفُونَ صِفَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِهِمْ، وَكَانُوا عَازِمِينَ عَلَى اتِّبَاعِهِ ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 157]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصَّفِّ: 6]. بَلْ إِنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ مِثْلَ مَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 146]، وَلَكِنَّهُمْ كَتَمُوهُ حَسَدًا لِلْعَرَبِ أَنْ يَكُونَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ مِنْهُمْ ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 109].

 

وَلَوْ كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى صَادِقِينَ فِي اتِّبَاعِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَآمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا آمَنَ مِنْهُمْ عَدَدٌ قَلِيلٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ، ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَبْرَ الْقُرُونِ، بِسَبَبِ اكْتِشَافِهِمْ كَذِبَ أَحْبَارِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ أَحْبَارُهُمْ وَرُهْبَانُهُمْ قَبْلَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى دِينِ الْحَقِّ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَتْبَاعَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حِوَارُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مَعَ بَعْضِ أَئِمَّتِهِمْ، وَهُوَ قَدْ مَاتَ قُبَيْلَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ وَجَاءَ خَبَرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ، فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَرَبِ، وَمِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَأَنَّهُمْ وَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَوْلَى بِهِ فَهُمْ لَيْسُوا كَذَلِكَ، بَلْ هُمْ أَعْدَاءُ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَعْدَاءُ دِينِهِ وَأَتْبَاعِهِ؛ ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 135].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: دِينُ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ دِينُ مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ الدِّينُ الْحَقُّ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى بَقَاءَهُ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَكُلُّ مَا خَالَفَ الْإِسْلَامَ فَلَيْسَ مِنْ مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَحُجَّةُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 132-133].

 

وَلَمَّا ادَّعَى الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْخَلِيلِ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ كَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَى ادِّعَاءَهُمْ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْجِدَالِ فِيهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 65-67]. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمُ الْأَوْلَى بِالْخَلِيلِ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا مِلَّتَهُ، وَاتَّبَعُوا دِينَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 68]. وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ ذَاتَ الدِّينِ الْقَيِّمِ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ، غَيْرُ الْمُشْرِكَةِ وَلَا الْيَهُودِيَّةِ وَلَا النَّصْرَانِيَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلَمَّا زَعَمَ الْيَهُودُ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ نَبِيُّهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَكُلُّ دَعْوَى لِمُسَاوَاةِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِهِ فِي الصِّلَةِ بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهِيَ مِنْ لَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ. وَهِيَ إِلْبَاسُ الْبَاطِلِ لَبُوسَ الْحَقِّ، وَإِضْفَاءُ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ. وَهِيَ مُسَاوَاةٌ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ، وَمُسَاوَاةٌ بَيْنَ الدِّينِ الْمُنَزَّلِ الْمَحْفُوظِ، وَالْأَدْيَانِ الْمُحَرَّفَةِ وَالْمُخْتَرَعَةِ، وَمُسَاوَاةٌ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَعْدَائِهِ. وَهِيَ مُحَاوَلَةٌ مَآلُهَا الفَشَلُ، مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْإِثْمِ وَالتَّدْلِيسِ وَالتَّلْبِيسِ عَلَى النَّاسِ، وَالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 42].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخليل عليه السلام (1) (ملة إبراهيم حنيفا)
  • الخليل عليه السلام (2)
  • الخليل عليه السلام (3) (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله)
  • الخليل عليه السلام (4) ﴿ جاء ربه بقلب سليم ﴾
  • الخليل عليه السلام (5) تغيير دين الخليل
  • الخليل عليه السلام (7) ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من الببت ﴾
  • الخليل عليه السلام (8): {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (9): { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه }
  • بين الخليل عليه السلام وأبيه (خطبة)
  • الخليل عليه السلام (10) {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة}
  • الخليل عليه السلام (11) {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى}

مختارات من الشبكة

  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة البر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على خطى الخليل عليه السلام: قيمة الدعاء للذرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مثير الغرام وخلاصة الكلام في فضل زيارة سيدنا الخليل عليه السلام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ثناء الخليل عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من دعوات الخليل عليه السلام (٢) ويليه من فضل عشر ذي الحجة(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من دعوات الخليل عليه السلام ووصيته لبنيه (١)(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • مخطوطة فضل زيارة الخليل عليه السلام وموضع قبره وقبور أبنائه الكرام(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الصفات التي اتصف بها الخليل - عليه السلام - في مجتمعه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل -عليه السلام-(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رحلة مع الخليل عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب