• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    سنة التدافع وفقهها (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    علة حديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    لا تكونوا عجلا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الزهد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب)
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

غرس الإيمان في قلوب الأولاد (5)

غرس الإيمان في قلوب الأولاد (5)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/8/2019 ميلادي - 20/12/1440 هجري

الزيارات: 28790

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غرس الإيمان في قلوب الأولاد (5)


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْإِيمَانُ أَعْظَمُ مَا يَمْلِكُهُ الْمُؤْمِنُ، وَهُوَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ، وَخَيْرُ الْخَيْرَاتِ، وَأَرْبَحُ التِّجَارَاتِ؛ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ رِضَا الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ، وَالْخُلْدَ فِي الْجَنَّاتِ. وَتَرْكُ الْإِيمَانِ أَشَدُّ الْخِذْلَانِ، وَأَعْظَمُ الْخُسْرَانِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُخَلَّدُ فِي النِّيرَانِ، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ * كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 85 - 91] وَيَا لَخَسَارَةِ مَنْ دَخَلَ جَنَّةَ الْإِيمَانِ، وَذَاقَ حَلَاوَتَهَا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا، وَصَدَفَ عَنْهَا؛ لِشَهْوَةٍ مَلَكَتْهُ، أَوْ شُبْهَةٍ حَرَفَتْهُ، عَوْذًا بِاللَّهِ تَعَالَى عَوْذًا.

 

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْرِسُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِ شَبَابِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَيُنَمِّيهِ فِيهِمْ، وَيَتَعَاهَدُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَسْتَثْمِرُ كُلَّ فُرْصَةٍ يَخْلُو فِيهَا بِأَحَدِهِمْ لِيُعَلِّمَهُ الْإِيمَانَ، وَيُحَذِّرَهُ مِنْ ضِدِّهِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ فَحَسْبُ؛ بَلْ يُحَذِّرُهُمْ مِمَّا يَسْلُبُ الْإِيمَانَ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ مَا قَدْ يَرَوْنَهُ فِي مُسْتَقْبَلِهِمْ مِنْ لُصُوصِ الْإِيمَانِ، مِمَّنْ يَقْذِفُونَ الشُّبُهَاتِ فِي الْقُلُوبِ، وَقَدْ حَذَّرَهُمْ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ حَضَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آنَذَاكَ شَابًّا فِي عُنْفُوَانِ الشَّبَابِ؛ إِذْ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَتَجَاوَزُ السَّابِعَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ وَتُوَفِّي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي أَوَّلِ الثَّلَاثِينَ. وَالشَّبَابُ أَمْيَلُ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا مِنَ الْكُهُولِ وَالشِّيبِ؛ حَيْثُ الْقُوَّةُ، وَشِدَّةُ الرَّغْبَةِ، وَتَوَافُرُ الصِّحَّةِ، وَاكْتِمَالُ اللَّذَّةِ. كَمَا أَنَّ قَذْفَ الشُّبُهَاتِ فِي قُلُوبِ الشَّبَابِ أَيْسَرُ؛ حَيْثُ حُبُّ الْمَعْرِفَةِ وَالِاسْتِطْلَاعِ وَالِاكْتِشَافِ، وَالرَّغْبَةُ فِي الْمُغَامَرَةِ وَخَوْضِ الْمَجْهُولِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَجْهُولُ الْأَفْكَارِ.

 

وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُنَا عَنْ أَحَادِيثَ سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ الْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ-، تُحَذِّرُهُ مِنْ زِينَةِ الشَّهَوَاتِ الَّتِي تَسْلُبُ الْإِيمَانَ، وَذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ عَنْ فِتَنٍ يُعْرَضُ فِيهَا الْإِيمَانُ فِي مَزَادَاتِ الْبَيْعِ، وَرُبَّمَا بِيعَ الْإِيمَانُ بِأَبْخَسِ الْأَثْمَانِ -وَهُوَ أَعَزُّ مَا يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ-، وَرُبَّمَا بِيعَ بِالْمَجَّانِ، عَلَى أَمَلِ أَنْ يَجِدَ صَاحِبُهُ بِبَيْعِهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا ثُمَّ لَا يَجِدُهُ؛ فَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَصُوَرُ بَيْعِ الْإِيمَانِ لِأَجْلِ الدُّنْيَا كَثِيرَةٌ فِي وَلَاءٍ وَأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ وَمَوَاقِفَ يَبْذُلُهَا بَائِعُ إِيمَانِهِ، وَلَا يَشْعُرُ أَنَّهُ يَبِيعُ بِهَا إِيمَانَهُ؛ إِذْ مَا يَرْجُوهُ مِنْ دُنْيَا يُصِيبُهَا يَحْجُبُ عَقْلَهُ، وَيُزَيِّنُ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ، فَيَرَاهُ حَسَنًا وَهُوَ قَبِيحٌ.

 

وَلِذَا كَانَتْ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَادِرَةَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ سَبَبٌ لِصَلَاحِ الْقَلْبِ، وَتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّظَرِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَتَتَقَلَّصُ مِسَاحَةُ حُبِّ الدُّنْيَا فِي قَلْبِهِ، وَيَعْرِفُهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَيُوقِنُ بِأَنَّهُ زَائِلٌ عَنْهَا مَهْمَا مَلَكَ مِنْهَا، كَمَا أَنَّ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا إِلَى زَوَالٍ. فِي مُقَابِلِ أَنَّ نَفْعَ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ يَدُومُ وَلَا يَزُولُ، وَجَزَاؤُهُ خُلْدٌ فِي جِوَارِ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِالْإِيمَانِ وَأَجْزَائِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ فَرَاغٌ لِلدُّنْيَا كَيْ يُنَافِسَ فِيهَا، وَيُسَاوِمَ عَلَيْهَا بِإِيمَانِهِ. هَذَا فِي جَانِبِ الشَّهْوَةِ الَّتِي تَتَسَبَّبُ فِي بَيْعِ الْإِنْسَانِ إِيمَانَهُ.

 

وَأَمَّا جَانِبُ الشُّبْهَةِ الَّتِي قَدْ تَتَسَلَّلُ إِلَى قَلْبِ الْعَبْدِ فَتَفْتِكُ بِإِيمَانِهِ فَقَدْ سَمِعَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَهُوَ شَابٌّ دُونَ الثَّلَاثِينَ- إِرْشَادًا نَبَوِيًّا فِيهَا، وَكَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَهَا إِذَا أَوْرَدَهَا أَحَدٌ عَلَيْهِ، قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

بَلْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكُمُ الْإِرْشَادِ النَّبَوِيِّ؛ لِيَتَعَامَلَ مَعَ الشُّبْهَةِ الَّتِي تُلْقَى عَلَيْهِ بِمَا يَقْطَعُ دَابِرَهَا، وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَيُبْتَلَى بِأُنَاسٍ يَقْذِفُونَ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ عَلَيْهِ؛ فَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُونَ يَسْأَلُونَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَنِي نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا اللَّهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَأَخَذَ حَصًى بِكَفِّهِ فَرَمَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا قُومُوا، صَدَقَ خَلِيلِي».

 

لَيْسَ ذَلِكَ فَحَسْبُ؛ بَلْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى مَا يَدْفَعُونَ بِهِ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِهِ؛ لِئَلَّا تَتَحَوَّلَ هَذِهِ الْوَسَاوِسُ وَالْخَطَرَاتُ إِلَى أَفْكَارٍ، ثُمَّ إِلَى قَنَاعَاتٍ، فَيَضِلَّ بِهَا الْعَبْدُ، وَيَظْفَرَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ بِمَا أَرَادَ، وَيُحَدِّثُ عَنْ ذَلِكُمُ التَّوْجِيهِ النَّبَوِيِّ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: «جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَيْ: حُصُولُ هَذَا الْوَسْوَاسِ مَعَ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ الْعَظِيمَةِ لَهُ وَدَفْعِهِ عَنِ الْقَلْبِ هُوَ مِنْ صَرِيحِ الْإِيمَانِ؛ كَالْمُجَاهِدِ الَّذِي جَاءَهُ الْعَدُوُّ فَدَافَعَهُ حَتَّى غَلَبَهُ؛ فَهَذَا أَعْظَمُ الْجِهَادِ. وَالصَّرِيحُ الْخَالِصُ كَاللَّبَنِ الصَّرِيحِ. وَإِنَّمَا صَارَ صَرِيحًا لَمَّا كَرِهُوا تِلْكَ الْوَسَاوِسَ الشَّيْطَانِيَّةَ وَدَفَعُوهَا فَخَلَصَ الْإِيمَانُ فَصَارَ صَرِيحًا. وَلَا بُدَّ لِعَامَّةِ الْخَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْوَسَاوِسِ؛ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجِيبُهَا فَيَصِيرُ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ غَمَرَ قَلْبَهُ الشَّهَوَاتُ وَالذُّنُوبُ فَلَا يُحِسُّ بِهَا إِلَّا إِذَا طَلَبَ الدِّينَ، فَإِمَّا أَنْ يَصِيرَ مُؤْمِنًا وَإِمَّا أَنْ يَصِيرَ مُنَافِقًا».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى صَلَاحَ قُلُوبِنَا وَأَعْمَالِنَا وَنِيَّاتِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَأَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَحُثُّوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِمَّا حَفِظَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمِلَ بِهِ وَبَلَّغَهُ: كَيْفِيَّةُ التَّعَامُلِ مَعَ الْفِتَنِ الَّتِي قَدْ يَذْهَبُ فِيهَا الدِّينُ بِشُبْهَةٍ تَتَمَكَّنُ مِنَ الْقَلْبِ فَيَزِيغُ بِهَا، أَوْ بِشَهْوَةٍ تُسَهِّلُ بَيْعَ الْإِيمَانِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالتَّخَلِّي عَنْهُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا، فَرَوَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَأَرْشَدَ إِلَى التَّبَاطُؤِ فِي الْفِتْنَةِ، وَعَدَمِ السَّعْيِ فِيهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ فِي اسْتِشْرَافِهَا خَطَرَ الْوُقُوعِ فِيهَا، وَفِي الْبُعْدِ عَنْهَا نَجَاةً مِنْهَا. وَإِنَّمَا يَذْهَبُ الْإِيمَانُ أَوْ يَنْقُصُ بِالْوُقُوعِ فِي فِتَنِ السَّرَّاءِ الَّتِي تُزَيِّنُ الشَّهَوَاتِ، أَوْ فِي فِتَنِ الضَّرَّاءِ الَّتِي لَا يَقْوَى الْعَبْدُ عَلَى احْتِمَالِهَا فَيُسِيءُ الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ فِي شُبُهَاتٍ يُصْغِي بِأُذُنِهِ إِلَيْهَا -وَمَا أَكْثَرَ مَا يُقْذَفُ مِنْ شُبُهَاتٍ فِي الْبَرَامِجِ الْمُصَوَّرَةِ- أَوْ يَقْرَؤُهَا فِي كُتُبٍ أَوْ رِوَايَاتٍ أَوْ مَقَالَاتٍ، فَيَبْتَلِي نَفْسَهُ بِهَا، وَيُعَرِّضُ قَلْبَهُ لِلزَّيْغِ، وَإِيمَانَهُ لِلزَّوَالِ، وَقَدْ كَانَ فِي عَافِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ.

 

إِنَّ غَرْسَ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ الْأَوْلَادِ، وَتَعَاهُدَهُ بِالنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَتُحْصِينَهُ مِمَّا يَضُرُّهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ مِنْ أَهَمِّ مُهِمَّاتِ التَّرْبِيَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَالْمُرَبُّونَ وَالْمُرَبِّيَاتُ؛ فَإِنَّ أَبَالِسَةَ الْبَشَرِ لَنْ يَتَوَانَوْا عَنْ خَطْفِ الْإِيمَانِ مِنْ قُلُوبِ مَنِ اسْتَسْلَمُوا لِأَهْوَائِهِمْ، وَأَرْخَوْا أَسْمَاعَهُمْ لِشُبُهَاتِهِمْ، وَإِنَّ فِي حِفْظِ الْأَوْلَادِ مِنْ شَرِّهِمْ وِقَايَةً لَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ الْعَذَابِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التَّحْرِيمِ: 6].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غرس الإيمان في قلوب الأولاد (1)
  • غرس الإيمان في قلوب الأولاد (2)
  • غرس الإيمان في قلوب الأولاد (3)
  • غرس الإيمان في قلوب الأولاد (4)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرس الإيمان في قلوب الناشئة(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • طريقنا للقلوب: 35 وسيلة لكسب قلوب الناس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: تزويج الأولاد حق واجب فقهًا ونظاما(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • كتب غرس الإيمان في الأطفال(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرس القيم الإسلامية في نفوس الأطفال: استراتيجيات عملية لتربية الأطفال على الأخلاق الإسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الاضطرابات السلوكية وغرس القيم عند الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهمية غرس العقيدة في القلوب (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/5/1447هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب