• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / تقارير وحوارات
علامة باركود

حوار مارتن فورورد وعبدالرحمن أبو المجد حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم

د. عبدالرحمن أبو المجد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/2/2015 ميلادي - 5/5/1436 هجري

الزيارات: 12094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار مارتن فورورد

حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم


في هذه الفرصة الطيبة التي نتأمل فيها سيرةَ النبي صلى الله عليه وسلم، يحدثنا الأستاذُ مارتن فورورد عن آرائه حولَ النبي محمد صلى الله عليه وسلم.


التعريف بالبروفيسور مارتن فورورد:

مُحاضرٌ بريطاني، ينتمي إلى الكنيسة الميثودية البروتستانتية، ومؤلِّفٌ في مجال الكتب الدينية، وأستاذُ التاريخ بجامعة أرورا بولاية إلينوي الأمريكية، وقد درَّس الإسلام في جامعات: "ليكستر، وبريستول، وكامبريدج بإنجلترا"، وقضى فترةً من حياته في الهند؛ حيث عمل شمَّاسًا بكنيسة جنوب الهند، وكذلك شغل منصبَ كبير المعلمين والمحاضرين في اللاهوت الرعوي والنظامي في ويزلي هاوس، كامبريدج، وكان عضوًا بكلية اللاهوت بجامعة كامبريدج.

 

وفي الفترة ما بين 2001 إلى 2011 شغل منصبَ المدير التنفيذي لمركز Wackerlin بجامعة أرورا للإيمان والعمل (Aurora University's Wackerlin Center for Faith and Action)، وأستاذ الدراسات الدينية في مركز Helena Wackerlin، وشارك في العديد من الحوارات بين أتباع المعتقدات المختلفة، وقد ألَّف عددًا من الكتب المتعلقة بالإسلام والنصرانية؛ مثل كتاب: محمد سيرة ذاتية مختصرة "Muhammad:
A Short Biography"، وكتاب: المسيح سيرة ذاتية مختصرة "Jesus:
A Short Biography"، على التوالي.

 

س: في مستهل الحوار، كنت أتساءل عن الدافع وراء اهتمامكم بالتركيز على الدراسات الإسلامية؟

مارتن فورورد: لقد خدم والدي في القوات الجوية الملكية البريطانية لنحو 34 عامًا، وقضيت طفولتي في مناطق مختلفة حول العالم في الأعوام الأخيرة من حياة الإمبراطورية البريطانية في فترة الخمسينيات والستينيات، ومن عام 1961 إلى عام 1963 عاشت أسرتي في عدن الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية، وقد قابلنا بعضَ المسلمين الهنود ممن صحبوا الجيشَ البريطاني وأقاموا هناك، وقد تعرَّف والدي عليهم وصار صديقًا لهم، وذلك من خلال مناسبات مختلفة حدثَت بينهم سابقًا في عدن في الأربعينيات، وكانوا يتناولون معنا الطعام ويتحدثون إلينا، وقد أسرني الكرمُ الذي كانوا يتميزون به وعمق إخلاصهم لدينهم، وفي فترة السبعينيات، ذهبتُ إلى معهدٍ لاهوتيٍّ لكي أصبح أحدَ رجال الكهنوت المسيحي الميثودي؛ حيث درستُ الإسلامَ بعيدًا عن الدراسات التقليدية التي يُدرِّسها المعهدُ اللاهوتي، وبعد ذلك ذهبتُ إلى الهند، وأقمتُ بها في الفترة ما بين 1975 إلى 1977 للعمل في معهدِ هنري مارتن للدراسات الإسلامية (Henry Martyn Institute of Islamic Studies) بمدينة حيدرآباد.

 

وفي الهند، امتدَّت الصداقاتُ مع أشخاصٍ ينتمون لقطاعٍ واسعٍ من الديانات المختلفة؛ مثل الهندوسية، والإسلام، والنصرانية، والجاينية، والبارسيين، واليهود، والعلمانيين، علاوة على الإرساليات التنصيرية، وهذا لا يَعني إلاَّ أنه بدلاً من تكوين خبرة في مجالٍ واحد، أصبحتُ أكاديميًّا يتميز بالشمول والنهم تجاه معرفة كيف يرى الناسُ "الله" في هذا العالم الفسيح.

 

وفي سنوات لاحقة، عندما درَّست في اتحاد الدراسات اللاهوتية بكامبريدج، وفي كلية اللاهوت الجامعية (2001 - 1995)، كنت المؤسس المشارك لما أصبح يُعرف حاليًّا بمعهد وولف للأديان الإبراهيمية، وهو من نتاج أفكارِ صديقي اليهودي إدوارد كيسلر؛ وهو المعهد الذي يمثِّل مؤسسةً تعليميةً تجمع اليهودَ والنصارى والمسلمين حول دائرةِ الحوار، لقد كانت مساعدتي "إدوارد" في جعل أعماله ممكنة كأفضلِ شيء قمتُ به في حياتي، والشيء الذي يمنحني أكبرَ قدرٍ من السعادة حين التحدث عنه مع الله يوم القيامة، وبالتأكيد، أرى أن أتباع هذه المعتقدات العظيمة ينبغي أن يتبادلوا الآراءَ وأن يتعلَّم بعضُهم من بعض دون ازدراءٍ ولا تقاتلٍ.

 

وبالرغم من أن تركيز دراستي تمَحْور حول الفهم النصراني للإسلام، إلا أنه اتسع ليشمل قضايا أخرى، ومن وجهة نظري حيث قد دنا وقت التقاعد وبلغتُ سنًّا كبيرةً، آمل أن أقرأ العربيةَ وأن أتحدث الأردية بشكلٍ أفضلَ.

 

فاتساع مجالات التخصص له تَبعات تلحقه، ولكن منذ زمنٍ طويلٍ اكتشفتُ أن مواهبي الحقيقية ليست تلك الخاصة بالشخصية الأكاديمية، التي تقتصر على مجال تخصصٍ محدودٍ، ولكنها مواهب شخص قادر على توصيل المعرفة وتمكينِها في نفوس الآخرين، وأعني بهذه الطريقة تفضيلي للتفكير في قدرتي على تقديم الأفكار العميقة أحيانًا للأفراد غير المتخصصين بطرقٍ تمكِّنهم من فَهمِها، بالإضافة إلى ما سبق، أتمتعُ بموهبةِ العثور على الأفراد الذين يمكنُهم أداء الأشياء العظيمةِ من أجل الله والإنسانية، ومنحهم التشجيعَ المساعد على تنمية مواهبهم.

 

س: تقول: إنك تتمتعُ بموهبةِ العثور على الأفراد الذين يمكنهم أداء الأشياء العظيمة من أجل الله والإنسانية، ومنحهم التشجيع المساعد على تنميةِ مواهبهم، هل يمكن تفصيل هذا الأمر؟

مارتن فورورد:سأضرب لك ثلاثةَ أمثلة، لقد ذكرتُ للتوِّ صديقي إدوارد كيسلر، وأعمالَه الرائدة في تعزيز علاقات اليهود بالمسلمين والنصارى، علاوة على تمتُّعه بفطنةٍ وبصيرةٍ في التعامل مع المواقف أكثر مما لديَّ، ولديه قدرةٌ أكبرُ على جمع التبرعات، وموهبة تصور الأحلام ثم تحقيقها، ففي هذه الأمور وغيرها يتعذر عليَّ منافسته، ولا أريد ذلك؛ لأن موهبة كلِّ شخص تختلفُ عن مواهب الآخرين، ولكن كل إنسان يحتاج للتشجيع، وأنا لدي قدرةٌ أفضل على تشجيع "إدوارد" والعديدِ من الأصدقاء الآخرين، وكان معهدُه مكانًا ملائمًا؛ حيث استطعتُ العملَ والمساعدة على جعله مكانًا جامعيًّا تابعًا لاتحاد الدراسات اللاهوتية بكامبريدج.

 

وأفتخر أيضًا بجهودي في مساعدة مجلس ليكستر للأديان LCC عام 1985 والذي يتعاون مع المسلمين والهندوس والزملاء الآخرين من أجل إقامة عَلاقة بين رموز الأديان في كافَّة أرجاء المدينة من أجل العمل على تحقيق الصالح العام، وكنت أولَ أمينٍ مشترك للمجلس، وأصبح المجلس حاليًّا يتمتعُ بمكانةٍ مرموقة، ويُعد نموذجًا للمؤسسات المعنيَّة بالعلاقات بين أتباع الديانات المختلفة، لقد كنت أعملُ من خَلف الستار على تشجيع القادة الدينيين وأبذلُ لهم النصائحَ، وذات مرةٍ كتبتُ الخطابَ الذي ألقاه الشخصُ الذي أصبح لاحقًا رئيس أساقفة كانتربيري في أول زيارةٍ يقوم بها شخصٌ يشغل هذا المنصب لمعبدٍ هندوسيٍّ، وكذلك كتبتُ ردَّ القادة الهندوس على ذلك الخطاب، أقوم بعملي بشكلٍ جيد إذا ما عملتُ من خلف الستار؛ حيث أساعدُ الأفرادَ الذين يتمتعون بالطيبة والنيات الحسنةِ على تنفيذ الأعمال المهمة.

 

وعلى نحوٍ مماثل، أشعرُ بفخرٍ شديد بأولئك الطلاب لديَّ الذين انطلقوا يطبِّقون الأمورَ العظام، سواءٌ في الحياة الأكاديمية أو في غيرها، ويسعدني أن العديد منهم يرغبُ في البقاء على اتصالٍ بي، ولأن الكنيسة هيأتني لأشعر كأنه وُضع على عاتقي مسؤولية تشجيع الناس على فعل الأشياء البديعة، ومساعدتهم متى استطعتُ المساعدةَ، وأعتقد أيضًا أنه يلزمُني في بعض الأحيان الإشارة إلى الأشياء التي يرتكبُها بعضُ الأفراد، والتي تتَّصف بالحمق والتفاهة والخُبث أيضًا، حيث يعترضون طريقَ العدالة والحب والأمل، وجميع الفضائل التي يحبها الله ويريد أن نتعامل بها ونتبادلها.

 

س: من المعروف أن مجال تخصصك هو الدراسات الإسلامية، فما الذي دفعكم إلى الاشتغال بها؟

مارتن فورورد: حب الاستطلاع؛ لقد كنت على علاقة ببعض المسلمين في طفولتي، وبسبب تجربتي التي تضمنَت السفرَ حولَ العالم مع والدي، وبسبب الاهتمام الخاصِّ بالفروق بين الديانات، ولأنني كنتُ ولا زلت أحبُّ الاستطلاعَ أكثرَ من التزام الأحكام النقدية، وكذلك لم يكن لديَّ حُكم مسبق يقتضي أن الاختلافَ شر، وليس جديرًا بالشجب، ولا يجب أن يحل محلَّه تصور واحد للحقيقة؛ وهو التصور الذي أتبنَّاه، وقد أسعدتني تجاربي بالهند التي جعلَتني أهتم بالإسلام، والذي يُعدُّ مثل غيره من المعتقدات ظاهرة مغايرة إلى حدٍّ بعيدٍ، في كثير من المناطق الهندية عندما قضيتُ فترةً من حياتي كان بعضُ صوفية المسلمين يشاركون الهندوسَ مهرجاناتهم، وكذلك النصارى، وغيرُهم من المجموعات الدينية، وكانوا يبجِّلون الأولياءَ ويصلُّون عند قبورهم، وكانوا يَرقصون ويعزفون مقاطعَ موسيقية بديعة، ولكن بعض المسلمين المعاصرين يكرهون تقديس الأولياء الصوفيِّين والغناء والرقص ويتبنون آراءً صارمةً بشدةٍ ومعتقدات محافظة، وفي بعض الأحيان يصفون المسلمين الآخرين بالوقوع في الكفر، ولكن في الحقيقة، هذا ليس إلا بسبب تعصبهم، وأنهم لا يظهرون إلا القليل من الفهم لسماحة الإسلام الشاملة، إن ما أُحبه في أصدقائي المسلمين هو إيمانُهم القويُّ بالله الواحد الرحمن الرحيم العليم حق العلم، وإليه يُرجع أمر الفصل في الأمور.

 

س: هل يمكن أن تحدثنا أكثر عن المغازي؟ وهل تعتقد أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يقضي حياته في أعمال القتل وإعمال السيف دون أي شيء آخر؟

مارتن فورورد: لقد استغلَّ بعضُ خصوم النبي صلى الله عليه وسلم الغزوات التي قامَ بها أثناء حياته لرسمه بصوة الشخصِ العنيف المقاتل، وهذا خلافًا للحقيقة، على سبيل المثال للقادة الدينيِّين المسالمين مثل بوذا والمسيح عليه السلام، ويوجد بالطبع العديد من الأنواع المختلفة من القادة الدينيين، ومعظم الأديان بها بعضُ الشخصيات التاريخية التي رفعَت السيفَ، وبعضُ الشخصيات التي ابتعدت عن ذلك المنهج، واتخذت طريقًا بعيدًا عن العنف، ومن الممكن مناقشة وجود كِلا النوعين من القادة، وهذا بِناءً على ظروف العصر الذي عاشوا فيه والمواقف التي واجهتهم.

 

وفي السيرة الذاتية التي كتبتُها حول النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرتُ أو افترضتُ أنه لجأ إلى القوة من أجل نصرة دين الله، وفقط عندما لم يتوفَّر طريقٌ بديل لتحقيق إرادة الله، توجد قصة تُروى تشير إلى أنه في الطريق إلى أُحُد، قام أبو دجانة أحدُ المسلمين وأحد رجال الخزرج بوضع عصابةٍ حمراء وسار متفاخرًا بين صفوف المسلمين، وقد فهم أصحابُه أنه يَعني الإقدام على قتل الأعداء، وعندما رآه النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:((هذه مشية يبغضها الله، إلا في هذا الموضع))، ولكن بشكل عام، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يفضل الوصولَ إلى الغايات بطرقٍ أخرَى غير العنف؛ مثل: الوعظ والدبلوماسية في إدارة المواقف، وهو المثال المتوافق مع حياة المؤمن، وقد عامل خصومَه غالبًا أيضًا - إلا في حالاتٍ نادرة - بكرمٍ مثيرٍ للعجب، مثل واقعة عَودته منتصرًا من المدينة إلى مكة وقيامه بالتخلص من عددٍ قليلٍ من الأشخاص، ويمكن أن نقول: إن هذا تم لأسباب محددةٍ جدًّا، وبالطبع في ذلك الموقف سامح كثيرًا من الأشخاص ممن ظنوا أنه قاتِلُهم متى ما سُلِّط على رقابهم.

 

س: أتذكَّر أن الأديب توماس كارليل أصابته دهشة من قدرة محمد صلى الله عليه وسلم كرجل واحد، بمفرده دون مساعدة من أحد، استطاع رأب صدع القبائل المتناحرة، وتحويل البدو الرُّحَّل إلى أمَّة قوية متمدنة في أقل من عقدين من الزمان، ونعلم أنك كتبت كتابك السيرة الذاتية المختصرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأود أن أتساءل عن كيفية انعكاس دهشتك أنت في السيرة الذاتية التي كتبتها حول النبي صلى الله عليه وسلم؟

مارتن فورورد: حُق للأديب كارليل أن يندهش، لقد تمتع النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنِطاقٍ واسعٍ من المواهب، والتي استعملها في جمع الناس على عبادة إلهٍ واحدٍ، لقد تميَّز بالجمال الفاتن والإحساس القوي بالعدالة؛ من المحتمل بسبب فقدانه والديه في فترة مبكرة من حياته، وكذلك القدرة على جمع الأفراد المختلفين معًا للعمل من أجل المصلحة العامة، وهذا خلافًا للمهارات الأخرى التي اتَّسم بها، ووَفق ما ذكرتُ للتو، ما كان يَجنحُ إلى القوة إلا عند الضرورة، وفقط عند عدمِ جدوى التخطيطات الأخرى حيث كان بارعًا في وضع التخطيطات، وكانت تلك المواهبُ؛ نحوَ اتصافه بالقدرة على التخطيط، كانت لازمةً بشكلٍ بالغٍ، وكان محور رؤية النبي صلى الله عليه وسلم إيمانه بإلهٍ واحدٍ، وهذا قد سبَّب له الكثيرَ من المحن مع معاصريه، ممن لم يكن لديهم إيمانٌ ديني يتحدثون باسمه، أو ممن كانوا يمارسون الشعائرَ الوثنية، أو ممن كانوا يؤمنون بإله واحد ولكن رفضوا الإيمان بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم النبيُّ الخاتم، لم يكن الدِّين فحَسْب السببَ وراء انقسام المجتمع العربي، ولكن من الأسباب أيضًا الاختلافات بين العشيرة والقبيلة، والتي كانت تؤدِّي إلى نُشوب العنف، وبعضُ الأفراد مثل بلال، أول مؤذن، والذي كان عبدًا حبشيًّا، يمكن أن يُعد برهانًا على وجود التوترات الناجمة عن الاختلاف الطبقيِّ والعِرقي قبل الإسلام، لقد ألَّف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين أصناف البشر المختلفين، من الذين بذلوا لَه ولاءَهم خلالَ رسالته الدينية، ولكن تلك الخلافات كانت دائمًا تتسبب في نشوب النِّزاعات المحتملة؛ مثلما حدث وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عند تعلُّق الأمر باختيار الخليفة، ولكن بشكلٍ عام، كانت ميزاته الشخصية من نزاهةٍ وعطفٍ وسلطةٍ تمثِّل العواملَ التي ضمَّت المجتمعَ المتباعدَ في وحدةٍ واحدةٍ خلالَ حياته، ويمكن إثبات هذا من خلال قصة وفاةِ عُتبة بن ربيعة، والذي قتله حمزةُ عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم في معركة بدر، وعندما لاحظ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحزنَ على وجه ابنِه المسلم، أبي حذيفة، قال: ((يحزنك مقتل أبيك؟))، فأجاب الشابُّ قائلاً: "إنك تعلم أن أبي كان حكيمًا فاضلاً مهذبًا، وكنت آمل أن يموت على الإسلام، ويحزنني أنه مات على الكفر"، وعندما مات النبي صلى الله عليه وسلم أدى الحرمانُ من مواهبه إلى فتح الباب أمامَ الانشقاقات التي حدثَت في المجتمع الإسلامي، وتقريبًا أدَّت إلى تفرُّقه.

 

وفي الوقت الذي نتذكرُ فيه المواهبَ الإنسانية التي تحلَّى بها النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم، يجب الاعتراف أيضًا بالرسالة السماوية التي حملَها، إن فكرةَ أنه لا يوجد إلا إلهٌ واحدٌ له الخلق والأمر، كانت ولا تزال رسالةً قويةً، فبعضُ الأفراد لديهم شكوكٌ حولها وحول أنهم مخاطَبون بها، ولكنَّ البعضَ الآخر أثارَت الرسالةُ دهشتَه، وكرَّسوا حياتهم للإيمان بها ونصرتها والبرهنة عليها، وعلى ذلك، فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتمتع بالمواهب الإنسانية البديعة، والتي وظَّفها لخدمة الدعوة إلى إلهٍ واحدٍ، وهذا أمرٌ جليلٌ، وبالنسبة لكثير من الأفراد مزيج ملهم.

 

س: لقد طالعتَ السيرة النبوية، فكيف تراها؟

مارتن فورورد: تحتوي السيرةُ النبوية على العديد من الأنواع المختلفة لمادةِ السيرة الذاتية، إن العلماء النصارى أشد نقدًا بكثير؛ أكثر نقدًا مما يجب، من وجهة نظري تجاه الروايات التاريخية المبكرة لدينهم مقارنةً بالمسلمين وموقفهم من الروايات التاريخية الخاصة بهم، وهذا ما دفع الكثيرَ من المسلمين إلى البرهنة على أن الإسلام دينٌ أرسخ تاريخيًّا مقارنة بالنصرانية، ولكن هذه حجة لا يقتنع بها النصارى، وفي الواقع ذاته، نجد أن المسلمين أكثر تشككًا تجاه الأدوات التي يعتمد عليها المؤرخون المحدثون مقارنةً بموقف علماء النصارى واليهود والعلمانيين؛ ولذلك يعاملون الأصولَ الإسلامية بعنايةٍ وتبجيلٍ يراهما كثيرٌ من المؤرخين المحدثين عملاً في غير محله، وبالفعل، عندما فحص نحو هؤلاء العلماء الأصولَ الإسلامية، أصبحَت نتائجُهم أكثرَ ارتيابًا مقارنةً بموقف علماء المسلمين.

 

وهو ما دفعني إلى تشجيع العلماء المسلمين على الوثوقِ في أن الله يمكن أن يسخِّر أدوات التاريخ الحديثة لبيان حقائق جديدة حولَ الأحداث القديمة، حيث تحتاج النتائجُ ألاَّ يُنظر إليها على أنها مناقضة للدين، إذا كان لدينا إيمانٌ أن الله هو خالقُ الحقيقية بقطعِ النظر عن مصدرها، فيمكن أن يؤديَ نقدُ الأديان في بعض الأحيان إلى نتائجَ إيجابية صحية متوافقة مع الدين.

 

وفي موضوعٍ ذي صلة بحديثنا، يسعدني كثيرًا خبرُ مشروع الأحاديث التُّركي، وبالرغم من إثارته لغضب الكثير من العلماء أهلِ الأثر، فإن محاولةَ استعمال الأدوات الحديثة بما يشمَل التقنيات الحديثة، لفهم الحديث النبوي، لتمكين المسلمين من العيش في الحياة المعاصرة، بدلاً من التقيد بالماضي، ولتمييز الحديث الأصيل من حيث الدين والحديث المقيد بالظروف الثقافية، تمثِّل مشروعًا يثير إعجابي ويبدو ضروريًّا من وجهة نظري.

 

س: "وبالفعل، عندما فحص نحو هؤلاء العلماء الأصولَ الإسلامية، أصبحت نتائجهم أكثر ارتيابًا مقارنة بموقف علماء المسلمين"، هل يمكن شرح هذا الكلام وإعطاء بعض الأمثلة من فضلك؟

مارتن فورورد: عندما كنت طالبًا في جامعة كامبريدج، منذ أربعين عامًا مضَت، وكنت أدرس أصلَ الإسلام، تأثرت كثيرًا بالعمل الذي ألَّفه الباحثُ الفرنسيُّ: "ماكسيم رودينسون "MaximeRodinson حول الإسلام، فقد كان "رودينسون" ماركسيًّا وملحدًا، ولست أميل إلى تفسير المعلومات الدينية بالطريقة التي مارسها، لست موافقًا له على كثيرٍ من التحليل الذي ذكره حول الإسلام في فترته المبكرة، ولا مع نتائجه التي تشير إلى أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم كان مقتنعًا بصدقٍ بإلهية الوحي، حيث يراه كان مخطئًا، ويرى "رودينسون" أن العبارات المنسوبة إلى الوحي، التي تكلم بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم يمكن تفسيرها بمصداقية من خلال العُقد الخاصة بعلم النفس البشريِّ؛ حيث يمكن للعقل أن يَخدع الإنسانَ من خلال العديد من الطرق فيما يتعلق بالأمور التي نتفوَّه ونؤمن بها، ولكنني أميل إلى الاتفاق مع الباحث الأسكتلندي "وليم مونتجمري وات" (William Montgomery Watt) الذي يؤمنُ، بوصفه نصرانيًّا، أن تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم كانت تستنِد إلى مصدرٍ إلهيٍّ، ولو كان يصوغها بطريقةٍ تختلف عن طريقة المسلمين؛ ولكن ما جعلني أتأثر بالباحث "رودينسون"، وكذلك "وات"، أن خلافَه مع العلماء أهل الأثر كان يتسم بالأدب والسماحة، فلم يُوحِ للقارئ أنه يحاولُ أن يحرز نصرًا، أو في عالم الاستعمار أو ما بعد الاستعمار، يحاول افتراض أصالة تفوق تعاليمه على التعاليم التي لدى علماء المسلمين؛ فقد كان منشغلاً بالبحث عن الدقة والحقيقة، وقد حاولتُ في كتاباتي ومحاضراتي احترامَ اتِّخاذ موقف مماثل، وكنت أؤمن أن علماء الأديان المختلفة يمكن أن يختلفوا حقيقةً بعضهم مع بعضٍ حول الأمور المهمة، ولكن مع احترامِ آراءِ الآخرين وحكمتهم المعرفية، ولنخطُ خطوةً إضافيةً في هذا المضمار، فمثلما أحترِم آراءَ "رودينسون"، الذي تعلمت منه ودون موافقته على هذه الآراء، يمكن لعلماء المسلمين من أهل الأثر اتخاذ نفس الموقف أيضًا.

 

وقد تعلمت أيضًا من الباحثين في شؤون الإسلام من غير المسلمين من المتأخرين مثل "جون إسبوسيتو"، و"سكوت أليكسندر" (Scott Alexander)، و"كارين أرمسترونج"، ممن أظهروا الكياسة والاحترام في التعرف على أديان الآخرين، وفي الواقع - وخاصة لو كانوا لا يوافقون على الآراء المقررة - العديد من هؤلاء الباحثين قد يكونون إلى حدٍّ ما لديهم توجهٌ أصوليٌّ أو ليبرالي في مواقفه تجاه معتقدهم، ولكن تعلمتُ منهم عدمَ اعتبار أيِّ شيء مُسلَّمًا به، ولكن ينبغي دائمًا طرح الاستفسارات والتحفُّظات بأسلوبٍ لطيفٍ ودِّيٍّ، ومن أجل الحقيقة، وليس من أجل الاستعلاء والتباهي المخزي بتأييد معتقداتنا بازدراء معتقدات الآخرين، أو التقليل منها.

 

إن أفضلَ نُقَّاد الأديان ليسوا النقاد الخارجيين المنتمين للمعتقدات أو الأيديولوجيات الأخرى، ولكنِ النقاد الداخليون المنتمون للدين ذاتِه، ممن يكون مقصدهم إصلاح المنظومة التقليديَّة للقناعات، ونيتهم جعلها ملائمةً للحياة المعاصرة، وهذا ما يجعلُني سعيدًا بسبب خبر مشروع الأحاديث التركي، وسبب إعجابي بأعمال مسلمي جنوب إفريقيا والذين بسبب موقفهم ضد التفرقة العنصرية، لا يزالون يدافعون عن العدالةِ والتآلفِ بين أتباع المعتقدات المختلفة.

 

ولكن آخر ما أود ذِكرَه من تأمُّلاتٍ، أنه بالرغم من استفادة الفهم العملي الذي كان لديَّ حولَ الإسلام من أولئك المسلمين الذي لقيتهم وصادقتهم أثناء طفولتي، أشعرُ بالخجل عندما أذكر أن جميع أساتذتي الذين تعلمت منهم الإسلام مبكرًا كانوا من غير المسلمين، هذه كانَت من الآثار البغيضة المستمرة من أيام وجود الإمبراطورية، وأشعر بسعادة أن شمسَها قد غربَت، عندما كنت أدرِّس فصولاً دراسية حول الإسلام مؤخرًا، كنت دائمًا أطلبُ من الأصدقاء المسلمين الحضورَ والتحدث إلى طلابي، وكنت أصحبهم إلى المسجد وإلى المراكز الثقافية الإسلامية، إن وجهةَ نظر الباحث اللَّطيف، غير المنتمي للدين المحدد أمرٌ عظيم القيمة، ولكن لا شيء يضاهي الالتقاء بمؤمنٍ يمكنه التحدث من قلبِه ومن عقله أيضًا بطريقةٍ فريدةٍ لا تُقدَّر بثمن.

 

عبدالرحمن: أشكرك شكرًا جزيلاً، بروفيسور "مارتن فورورد".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كريستوفر سوبر وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول المسلمين الأوربيين
  • سعيد نسيبة وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول قبة الصخرة
  • حوار ميشيل كويبرس وعبدالرحمن أبو المجد حول نظم القرآن المذهلة!
  • عبدالرحمن أبو المجد وهنري فيركلر حول الهرمنيوطيقا: مبادئ وتطبيقات

مختارات من الشبكة

  • بافل بافلوفيتش وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول "الكلالة"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ديل باركنسون وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الكوربوس العربي Arabi Corpus(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار زينل قاسم وعبدالرحمن أبو المجد حول التكافل (التأمين الإسلامي) عالميا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار أغوستينو سيلاردو وعبدالرحمن أبو المجد حول الكلالة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هرلد موتسكي وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول علم الحديث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيتر رايت وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول التأويلات القرآنية الحديثة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رخسانا خان وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الأجيال الإسلامية الجديدة في كندا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • البروفيسورة كاثرين بولوك وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الحجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور "لؤي فتوحي" وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الدراسات القرآنية(مقالة - المترجمات)
  • الدكتور لورنس بي براون وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الدراسات الدينية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب