• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / تقارير وحوارات
علامة باركود

حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين

حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين
د. عبدالرحمن أبو المجد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2014 ميلادي - 27/3/1435 هجري

الزيارات: 14409

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار مع " بول موجز "

حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين


لدينا فرصة جديدة للتفكير حول الحوار بين الأديان، عند هذه النقطة (بول موجز) الذي لبى دعوة مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة  وحوار الحضارات لمتابعة جلسات مؤتمر الحوار، وأثره في الدفاع عن النبي صلى الله  عليه وسلم، الذي انعقد في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمشاركة  أكثر من 250 شخصية عالمية، خلال الفترة من 7 إلى 8 صفر 1435 هـ، لن  يتحدث عن وجهات نظره بشأن الحوار الإسلامي المسيحي فحسب، بل أيضًا  يتحدث عن أبعاد الحوار أيضًا.

 

البروفيسور بول موجز:

الدكتور بول موجز، أستاذ الدراسات الدينية في كلية روزمونت.

 

مجاله العلمي والمعرفي متخصص في الدين في أوروبا الشرقية تحديدا، مؤلِّف العديد من الكتب حول أوروبا الشرقية والبلقان، رئيس تحرير "مجلة الدراسات المسكونية"، والمحرر المؤسس لمجلة الدين في أوروبا الشرقية، درس في كلية الحقوق في جامعة بلغراد، وحصل على AB بامتياز مع مرتبة الشرف في كلية جنوب فلوريدا، ودرجة الدكتوراه من جامعة بوسطن.

 

س: وضعت وسائل الإعلام الغربية الإسلام باعتباره تهديدًا كبيرًا للحضارة العالمية، ولكنك كنت ضد هذا النوع المعيب والمؤذي من التعميم حول الإسلام.


ماذا يجب القيام به من أجل إلغاء بعض الأحكام المسبقة، قبل أن يبدأ الحوار بين المسيحيين والمسلمين؟


لا شك أن هنالك دعوة للحوار الجديد بين الإسلام والمسيحية، وأود أن نتفق من حيث المبدأ حتى يكون الحوار حقيقيًّا، هل تتفق معي من حيث المبدأ: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 64]؟


بول موجز: أولاً ملاحظة أولية، علينا أن نكون حذرين، بعدم التعميم، إما عن المسيحية، أو عن الإسلام، أو عن وسائل الإعلام، سواء الغربية أو غير الغربية، ليس لدي أي مصلحة في الدفاع عن وسائل الإعلام، ولكن يجب أن نكون على علمٍ بأن وسائل الإعلام لديهم ميل إلى الإبلاغ عن الأشياء غير العادية، بدلاً من الحوادث اليومية العادية.

 

عندما تحدُث أشياء جيدة أو سيئة في المجال الديني، تمامًا كما يفعلون في الأعمال التجارية، والرياضة، والدبلوماسية، والسياسية، أو أي مجال آخر – يركز تقرير وسائل الإعلام على ذلك.

 

هذا هو السبب في أنه من المهم جدًّا بالنسبة للموظفين الدينيين الرئيسين أن تقول وتفعل الأشياء التي من الممكن أن تجعل الصحفيين تُقدِّم تقريرًا إيجابيًّا عن الدِّين.

 

كما نعلم جميعًا، فإنه من السهل جدًّا أن تدمِّر انطباعًا إيجابيًّا أو سمعة جيدة، عندما قرَّر رجل دين مجنون من كنيسة صغيرة في ولاية فلوريدا على حرق نسخٍ من القرآن الكريم علنًا، فإنه ليس من المستغرب أن العديد من وسائل الإعلام في العالم الإسلامي اهتمَّت بهذا، وهذا قد يُلقي الضوء السيِّئ للغاية على المسيحية، وحول مليارين من المسيحيين في جميع أنحاء العالم، كما تسببت في أعمال شغبٍ قام بها بعض المسلمين، نفسه يحدث عندما يفعل بعض المتطرِّفين المسلمين شيئًا صادمًا، للأسف هناك ملايين من الناس لا يعرفون كيفية تقييم وضع مثل هذه الأقلية الصغيرة من المتطرفين، الأحداث في منظور أكبر، وأنهم حصلوا على صورة سلبية عن المسلمين والإسلام، أو على العكس عن المسيحيين والمسيحية.

 

الغالبية العظمى من الناس في الغرب لا يعتبرون الإسلام تهديدًا، لكنهم خائفون من عدد قليل من الإرهابيين الإسلاميين الذين يُهدِّدون بالفتك، ليس فقط بعدد من الأهداف في الغرب، ولكن أيضًا في بلدك المملكة العربية السعودية، فضلاً عن العديد من البلاد ذات الأغلبية المسلمة.

 

علينا أن نواجه حقيقة أن الحزازات - سواء كانت بين المسيحيين والمسلمين، أو أي دين أو جنسية أخرى - كانت وللأسف لا تزالُ واسعة الانتشار، وهذا هو في الواقع، واحد من الأسباب الرئيسية الموجبة لإجراء حوار بين المسلمين والمسيحيين، حتى نتمكَّن من التعرف على بعضنا بشكل مباشر، وليس عن طريق بعض الكتب التي عفا عليها الزمن، أو كيف أن بعض السيَّاح أو المهاجرين أو وسائل الإعلام تبلغ عنه، ولكن من خلال اللقاء المباشر والشخصية والدراسة.

 

ولا يمكننا أن نتوقع أن الانطباعات الخاطئة عن بعضنا منذ الماضي سوف تختفي بسرعة، كان الإسلام والمسيحية في منافسة قوية لأكثر من ألف سنة، مع الكثير من الشكوك المتراكمة والمتبادلة، وعدم الثقة، وحتى الكراهية والعنف، لن ننجح على الفور لجعل ذلك يختفي، ولكن يمكن للجهود بالصبر والمثابرة أن تجلب تحسُّنًا في عَلاقاتنا.

 

شخصيًّا لا أعتقد أن هناك الكثير من الحوار الحقيقي في الماضي، من دراستي لتاريخ اللقاء المسيحي المسلم تعلَّمت أنه في بعض الأحيان كنا نعيش بجانب بعضنا، وحتى تعلم كيفية التعاون في مجالات معينة، ولكن في أوقات أخرى قاتلنا أو ناقشنا بعضنا، وكلا الجانبين مقتنع بالتفوق دينيًّا، الآن نحن بحاجة محترمة ومدروسة وصادقة إلى حوار منفتح وواقعي.

 

بالتأكيد واحدة من القناعات الأساسية نشتركُ بها، هي أن هناك إلهًا واحدًا فقط، هذا كلانا يعتقدُه، ونحن لا يمكن أن نفرض على أولئك الذين لا يؤمنون بالله ما عند المسلمين والمسيحيين من تبادل الأفكار والخبرات حول إله واحد، يكتشفون أن لديهم قدرًا كبيرًا من القواسم المشتركة، ولكن وبطبيعة الحال أفكارنا فيما هو الله تختلف، ليس فقط بين المسلمين والمسيحيين (واليهود الذين هم بالمثل من الموحدين)، ولكن داخل كل جماعة دينية، وهناك مجموعة متنوعة من الطرق التي يفهم الناس بها تجربتهم مع الله؛ فالمسلمون يُقرُّون بالشهادة، وعمومًا لا نختلف مع بعضنا حول هذا الموضوع.

 

لقد كان لدينا ميلٌ إلى المسيحيين في كتابة العديد من البيانات المتقنة إلى حد ما، (ونحن ندعوهم على العقيدة أو التأكيدات على الإيمان) بالله، بالنحو الذي نقوله لأنفسنا، غالبًا ما يختلفون فيه مع بعضهم البعض.

 

بالنسبة لي هذه ليست مفاجأة، الله هو هذا الإله النبيل والعظيم، لا يوجد إنسان يمكن أن يفهم الله تمامًا؛ لذلك نحن جميعًا نرى الله في أفضل طريقةٍ دينُنا وعقلنا يجعلها ممكنة.

 

في حوار المسيحيين: أن نتعلم من المسلمين عن رؤيتهم لله تعالى.. وإذا كنت تهتم بتجاربنا حول الله، نحن على استعداد لتقاسم ما يملأ قلوبنا.

 

س: أتساءل: في رأيك، ما المفاهيم الأساسية التي يحتاج إليها الحوار ليؤدي إلى المصالَحة؟

بول موجز: أي موضوع يتفق عليه الطرفان المسلم والمسيحي (أو مجموعة منهم) هو مقبول للحوار، نحتاج أن نلاحظ أن الحوار ليس بين الإسلام والمسيحية (تجريدات)، ولكن بين المسيحيين والمسلمين الملموسين.

 

في تجربتي أنه من الأفضل أن نبدأ بتلك الموضوعات التي يوجد فيها التشابه الأكبر، حتى نتمكن من المعرفة تدريجيًّا إلى الثقة وفهم بعضنا، حتى إذا قمنا ببناءِ الثقة والعلاقات الشخصية (حتى الصداقات)، فيمكن أن نتخذها أساسًا لمواضيع أكثر صعوبة وإثارة للجدل، فمن المهم أن يكون الحوار حول تلك المواضيع التي تتعلَّق بتحسين الظروف المعيشية الأساسية لحياة المسلمين في الأراضي ذات الغالبية المسيحية وحياة المسيحيين في البلاد ذات الأغلبية المسلمة.

 

كيف يمكنُنا تحسين كل من الشعور بالأمن والحرية للاعتقاد والممارسة، هذا هو أهم شيء بالنسبة لنا؟

العلماء فعلوا الكثير بتسليط الضوء على المعتقدات الأساسية لدينا، والكتب المقدَّسة، وفي الحوار حتى نتمكَّن من فهم بعضنا بشكل أفضل، لكيفية تنفيذ هذه المعتقدات في حياة متنوِّعة هائلة من أتباع الديانتين؛ هذا يحتاج إلى التوسَّعَ؛ لتشمل عددًا أكبر من أي وقت مضى من أتباع هذه الديانات الكبرى معًا.

 

س: أنت كعالم مسيحي، تهتم بالحوار وتمارسه، ما هي أفضل طريقة لصنع السلام مع الجيران (المسلمين)؟

بول موجز: أنا مثال من الآلاف، إن لم يكن الملايين، في كل مجتمعاتنا هناك من لا يعرف شيئًا عن المسلمين، هناك مجتمعات لا تعرف معنى كون الشخص مسلمًا (أو مسيحيًّا).

 

أنا شخصيًّا لقد نشأت دون أن أعرف حقًّا ما هو المسلم؟

على الرغم من أنني كفتًى أتذكَّر أنني كنت أشتري (آيس كريم) من أفضل من يصنعه في المدينة، من رجل يُدعَى مصطفى، دلالة الاسم تؤكِّد على هُوِيَّته الدينية المسلمة.

 

في وقت لاحقٍ، عندما كنت مراهقًا سافرتُ إلى مدينة غريبة، مدينة سراييفو في البوسنة وحصلت على معرفة حقيقية لم أكن أعرِفُها إلا بالتجربة، أنا شخصيًّا كنتُ أعرِفُ معنى المسلم، من واقع ما يدرس من الأحكام المسبقة المضادة للمسلمين في البيئة نتيجة لتاريخ منطقة البلقان.

 

فقط عندما كنتُ في الكلية، عندما وصلت الولايات المتحدة في عام 1957، بدأت أتعلم عن الإسلام، ثم بدأت تدريجيًّا الاجتماعات ومحاباة المسلمين.

 

كأستاذ شباب، قرَّرت في عام 1969 أنا وعائلتي أن نعيش في إسطنبول لمدة أربعة أشهر فقط؛ كي أتمكن من تجربة التفاعل مع المسلمين الأتراك.

 

قبل ذلك سافرت عبر ماليزيا، والهند، وأفغانستان، وإيران، والعراق، ولبنان.

 

في وقت لاحق سافرت إلى إندونيسيا، والأردن، والآن أخيرًا إلى المملكة العربية السعودية.

 

منذ ذلك الوقت وأنا أشارك في الحوارات (الرسمية وغير الرسمية)، ليس فقط مع العلماء المسلمين من مختلف البلاد، ولكن صادقتُ العديد من مسلمي البوسنة ومقدونيا وألبانيا، وساعدت بعضهم للتكيف في الولايات المتحدة عندما جاؤوا كلاجئين بعد الحروب في سنة 1990، فيما كان يعرف في السابق بيوغوسلافيا، لديَّ العديد من الطلاب في كلية روزمونت من المسلمين في ولاية بنسلفانيا.

 

لدينا الكنيسة الميثودية المحلية (طائفة بروتستانتية)، جنبًا إلى جنب مع الجماعة الإسلامية، وكنيس يهودي ننظِّم اجتماعات دورية حتى نتمكن من الفهم والتعاون الأفضل مع بعضنا، حتى الآن لقد كانت لي تجارِبُ جيِّدة فقط في التعاون مع المسلمين.

 

س: كان لديك تجارب جيدة فقط في التعاون مع المسلمين، هل يمكنك توضيح ذلك من فضلك؟

بول موجز: كأستاذ شباب، عندما أدركت أن مشاعري السلبية تجاه المسلمين لم تكن نابعةً عن تجربتي الشخصية، قررت بأنها يجبُ أن تُشكَّل من واقع تجربتي الشخصية مع الذين يعيشون لفترة من الوقت في بلد فيه الأغلبية مسلمة، ما اكتشفته - ينبغي ألا يكون مفاجأة - أن المسلمين هم مِثل الناس في أي مكان في العالم، معظمهم جيد، والعديد منهم مختلط، وبعضهم سيئ، ولكنهم كناسٍ في الأساس كانوا يتعاملون معي بودية وإفادة، وصدق وطموح جدير بالثقة، ويتبعون إرادة الله، هذا النوع من الناس الذين حثُّوني على تكوين صداقات جيدة وزملاء العمل.

 

بعض زملائي الأساتذة، زميل منهم من المسلمين، وبعض من العاملين في المجال الطبي الذي يقوم بعلاجي من المسلمين، وبعض الناس الذين يأتون لإجراء بعض الإصلاحات في بيتي هم من المسلمين، وكما ذكرت من قبلُ، وبعض طلابي من العديد من البلاد، وبعضهم من المسلمين، كل منهم يحاول أن يحقق الكمال الإنساني، لقد صاروا رقمًا بين إخواني وأخواتي، نشؤوا لطاعة الله نفسه.

 

نعم، أفضل الجميع، وكثير من أصدقائنا هم من المسلمين، نحن نعطيهم مفتاح منزلنا عندما نكون بعيدًا، ونحن نزور بعضنا البعض في الأيام المقدَّسة، احتفلنا بهذا العام الجديد معًا، هذه ليست سوى عدد قليل من الحالات التي تدلل على التجارِب الجيدة.

 

س: أنت لم تتبع بشكل أعمى صدام الحضارات (من ليس معنا فهو ضدنا)، هل يمكنك التوسع في ذلك من فضلك؟

بول موجز: من رؤية تجريبية يمكنُ ملاحظتها، وعلى نطاق عالمي، أنه ليس فقط بين المسيحيين والمسلمين، ولكن بين التجمعات الدينية والثقافية الكبيرة الأخرى، هناك التوتر والعنف، ينبغي للمرء ألا يبالغ في نطاق "صراع الحضارات"، ولا نقلل من ذلك، هو بالضبط بسبب هذه الصراعات والاشتباكات؛ لذا "الحوار بين الحضارات" أمرٌ بالغُ الأهمية لذلك.

 

ويجري الآن الاعترافُ بهذه الحاجة، ليس فقط من قِبَل العديد من القيادات الدينية، (للأسف ليس الكل)، ولكن أيضًا من قِبَل العديد من السياسيين وكثير من عامة الناس.

 

حوار الحضارات هو من الأهمية الكبيرة، والأمم المتحدة قد روَّجت له بطرق مختلفة.

 

"صراع الحضارات" يُشكِّل خطورة كبيرة جدًّا؛ لأن بعض الأفراد والجماعات في المجتمعات المختلفة مستعدون وقادرون على التلاعب في المجال السياسي والأيديولوجي والديني، الذي يمكن أن يثير بسهولة؛ لتفشِّي العنف الهائل في جميع أنحاء العالم، أنا لا أعتقد أنني بحاجة إلى إعطاء أمثلة، وهناك ببساطة الكثير منها.

 

وأعتقد أن لهذا السبب جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تحرَّك للحوار عالميًّا، وكذلك الرئيس باراك أوباما يفهم ذلك جيدًا، والأمير الحسن بن طلال من الأردن، والرئيس الراحل بوريس ترايكوفسكي في مقدونيا، إننا جميعًا بحاجة إلى متابعة هذه الجهود القوية، بحاجة لأمثلة مثل الرئيس المتوفَّى مؤخرًا نيلسون مانديلا من الدول الرائدة في المصالحة.

 

س: لماذا تعتقد أن الكتَّاب المسيحيين غالبًا ما تكون لهم نظرة سلبية عن القرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟

بول موجز: السبب ينبعُ من المعنى التقليدي للمنافسة مع الإسلام وتصور الخطر، في كثير من الأحيان العلماء تقاسَموا التحيُّز والأفكار المسبقة في المجتمع، وأنها بعض الآراء التقليدية غير المفحوصة التي تستمر، ومع ذلك، فإن عددًا كبيرًا جدًّا من الباحثين الغربيين والقادة الدينيين ينظرُ إلى القرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم من منظور التقدير.

 

الأسقف كينيث كراج الأنجليكاني المتوفى مؤخرًا، عاش في بعض البلاد المسلمة في فترات كبيرة من حياته، كتب بشكل إيجابي جدًّا عن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن، (وكان أشهرها كتابه: نداء المئذنة).

 

ولقد استخدمت في دوراتي منها عددًا كبيرًا بدلاً من الكتب المدرسية من مختلف الأديان في العالم، بما في ذلك الإسلام، ودون استثناء؛ لأنهم جميعًا عالجوا هذه المواضيع بشكل إيجابي وبالاحترام والتقدير.

 

قد يدهش القراء عندما يعرفون أن العديد من الطلبة الأميركيين لم يتعلموا جيدًا المسائل الدينية، العديد من الطلاب من خلفيات مسيحية قد لا يعرفُ إلا أقل القليل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما يعرفون عن يسوع والكتاب المقدس، هناك الأمية الدينية متزايدة في الغرب عن الدين الخاص بنا، والتي هي على حد سواء ظاهرة مؤسفة وخطيرة.

 

س: لا شك أنك درست القرآن، أريد أن أعرف كيف عرفته؟

بول موجز: لست باحثًا متخصصًا في الدراسات القرآنية، وأنا لم أقرأ سوى بعض مقاطع من القرآن هنا وهناك، يجب أن أعترف أن الترجمة الإنجليزية تجعل من الصعب جدًّا فهمه، (وأنا لا أعرف اللغة العربية).

 

مؤخرًا كانت لدي طالبة شابَّة مسلمة قادمة من إفريقيا، أخذت دورة معي، وأنه في كثير من الأحيان كنت أقول: كيف تم العثور على هذا أو ذاك من العهد القديم أو العهد الجديد، وأيضًا في القرآن، وأنها كانت تقرأ لنا بعض النصوص الموجودة في القرآن، والتي زادت من تقديري لهذا الكتاب المقدس الخاص بكم.

 

س: لقد لبيت الدعوة لحضور مؤتمر الحوار وأثره في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنا أسأل: كيف تجد هذا الحدَث؟

بول موجز: كانت هذه المرة الأولى التي أزور السعودية، للأسف كان الوقت قصيرًا جدًّا (يومين فقط)؛ لأني كنتُ على تسرُّع في العودة لإعطاء الامتحانات النهائية لطلابي، كان لدي القليل جدًّا من المعلومات حول المؤتمر قبل وصولي، لم تكن لدي أية فكرة عن تفاصيل البرنامج، وأنا لم أدرِك أنه سيكون مثل هذا الجمع الكبير جدًّا، ولكن بينهم عدد قليل جدًّا من غير المسلمين، ومع ذلك جعل الجميع منا يشعر بأنه موضع ترحيب، وشرفنا بالحضور، وقدمت لنا الترجمة إلى اللغة الإنجليزية.

 

مما فهمته من الترجمات، من الواضح أن بعض المشاركين في المؤتمر فهم "ما هو الحوار؟ ومتى؟ وكيف كان؟ وكيف يمارس؟

 

بعضهم يختلف كثيرًا عن الطريق، وأنا أتفهم ذلك، كان المؤتمر ليس حوارًا إسلاميًّا - مسيحيًّا، ولكن في مؤتمر ما قد يعني الحوار للمسلمين، وكيف ينبغي أن يجري عليه.

 

وبعبارة أخرى: كان نقاشا مسلمًا داخليًّا يؤكِّد على الحاجة والرغبة في الحوار، وكان واضحًا لي الإجماع على أنه يتعين على المسلمين الدخول في حوار، الشيء الوحيد الذي بدا مختلفًا هو أن معظم المتحدِّثين يبدو أنه تعمَّد أن يشير إلى نتائج معينة من هذه الحوارات، وهذا متوقع، في حين أعتقد أننا ينبغي أن نشارك في الحوار، ونرى أين نتبادل الأفكار التي تقودنا، بالتأكيد نحن لا نهدف إلى تقارب أو تطابق في وجهات النظر، ولكن نأمل في إغلاق بعض الثغرات فيما يفكر فيه بعضنا، وكيف يمكنُنا العمل بنجاح نيابةً عن العالم المضطرب، ووضع حدٍّ للمعاناة.

 

س: لقد تناقشنا عندما كنا في الرياض، لكن الوقت لم يسمح بالمزيد من الحوار، وأتساءل عما إذا كنت ترغب في إضافة أو استكمال تلك الكلمات.

بول موجز: نعم هناك الكثير من الانطباعات التي أنا متأكِّد من أن هناك العديد من القضايا الأخرى التي يمكن وينبغي مناقشتها، وآملُ بكل بساطة أن منظِّمي هذا الاجتماع وغيرها من العديد من الهيئات في المملكة العربية السعودية تواصل دعمها ومشاركتها في الأديان، والحوار بين الثقافات الدولية، وبين الحضارات، سواء في بلدك أو في أماكن أخرى في العالم، إذا كانت هناك أية مساعدة، فإنها تعطيني متعة كبيرة للقيام بذلك.

 

س: وماذا عن مستقبل الحوار بين المسيحيين والمسلمين؟

بول موجز: بالفعل كتبت عن العديد من الإنجازات التي حقَّقتها الحوارات السابقة التي تم نشرها.

 

في البداية شارك عددٌ قليل من العلماء المسلمين والمسيحيين ورجال الدين فقط، وكان هناك العديد من الذين لم يعتقدوا أنه فكرة جيدة، ولكن في السنوات العشر أو العشرين الماضية كان عددٌ أكبر من أي وقت مضى من الناس، من المختصِّين لأتباع المشترك في الديانات الإبراهيمية، وصلنا إلى فهم أن الحوار ليس ترفًا، بل ضرورة في عالمنا المعاصر.

 

هانز كويونغ اللاهوتي الكاثوليكي السويسري المعروف، قد صاغ عبارة "الحوار أو الموت" العبارة الشهيرة، ما كان يَعْنِيه من قوله، هو أنه ما لم نفعل الحوار (بدلاً من النقاش، أو تجنب بعضنا، أو تشويه سمعة بعضنا)، سوف نستمر في الأشكال الأكثر عنفًا من اللقاء الذي لا يؤدي إلى عدد أقل أو أكبر من الوَفَيَات، وحتى الإبادة الجماعية.

 

كل واحد يحتاج أن يقرأ ما يحدث في جميع أنحاء العالَم لمعرفةِ مدى خطورة ما هو عليه، وبطبيعة الحال، فإن العديد من هذه الحروب هي في الحقيقة ليست حروبَ الدين، ولكن هي الصراعات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والعِرْقية، أو القَبَلية، والتي تستخدم الدين كغطاءٍ، على أمل أن المزيد من الناس سوف يدعمُ العنف، لهذه الأسباب، الحوار والتعاون هو ضرورة لإنقاذ الحياة، وأنا واثق أنه سيستمر في التوسع أضعافًا مضاعفة.

 

عبدالرحمن أبو المجد: شكرًا جزيلاً لك، يا بروفيسور موجز.

بول موجز: شرف عظيم وسرور لتلبية دعوتكم الكريمة، آمل أن نتمكن من الاستمرار في التواصل، ومثل هذه التبادلات.

 

تعليق من الألوكة:

• الأفكار المذكورة في المقال تعبر عن رأي قائلها ووجهة نظره عن الإسلام، وقد يكون فيها ما ليس بصحيح.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار مع الممثلة النيبالية آمنة فاروقي بعد اعتناقها الإسلام
  • حوار مع د. عبدالرحمن ذاكر .. طبيب العلاج النفسي والتربوي
  • حوار مع النفس ( قصيدة )
  • حوار مع فضيلة الشيخ مصطفى العدوي حول الأضحية وبعض أحكامها
  • حوار مع الدكتور عبدالحميد القضاة المتخصص في الأمراض الجرثومية
  • حوار مع المستشرق البرتغالي أرنولد شوبرت
  • حوار مع د. أحمد بابكر: الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي
  • حوار مع البروفيسور كريستيان لانج حول الجنة والنار في القرآن الكريم
  • حوار مع الدكتور يوسف إبراهيم - مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر
  • حكم اتخاذ المسيحيين إخوانا

مختارات من الشبكة

  • الحوار المفروض والحوار المرفوض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البروفيسورة كاثرين بولوك وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول الحجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في مركب "حوار الحضارات": أي حوار وأية مقومات؟(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار المفقود (تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نتائج الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • حكم الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مفهوم الحوار لغة(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
1- الاسلام
احمد - الاردن 05-04-2015 01:36 AM

بمناسبة قدوم أعياد النصارى سأناقش العقيدة النصرانية بمعايير العقل و "الكتاب المقدس" ....... لعلهم يهتدون . غايتنا في ذلك إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد . "ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم" .
وسوف نفكك العقيدة النصرانية كاملة ونُبين بطلانها بالأدلة العقلية والأدلة الكتابية أي من كتاب النصارى ذاته ، ولكن سأبدأ بنبوءة بشّر بها المسيح عليه السلام بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يطابق ما جاء في القرآن الكريم : "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" . وفي الحقيقة أن القرآن وحده كافياً ليكون حجة على الناس إلى يوم القيامة لأنه ثبت بالدليل العقلي القاطع أنه كلام الله ، ولو فرضنا جدلاً أن النصرانية سَلِمتْ من التحريف فإن التحول عنها إلى الإسلام هو واجب عقدي يفرضه واقع النصرانية واختصاصها بزمان ومكان ، لأنها تفتقر إلى أدلة إثباتها في زمن غير زمن النبي الذي يمثل الحجة والشاهد على صحتها ، كما يفرضه ثبوت القرآن الذي يخاطب الأمم والأقوام بأن الدين عند الله هو الإسلام وأنه ناسخ لما قبله من الرسالات
2- من النبوءات الكتابية المتعلقة بمحمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء في "الكتاب المقدس" حول "المعزّي" حيث قال : (وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد) يوحنا 16:14 ، "ومتى جاء المُعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" يوحنا 26:15 ، ( و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم ) يوحنا 26:14 . وأصل كلمة المعزّي في اليونانية ، هو "باراكليتوس" ، وقد اختلف خبراء النقد النصي في أصل هذه الكلمة إن كانت "باراكليتوس" أم "بيريكليتوس" وفيما إذا كانت في أصلها إسما أم صفة ، كما دار جدلٌ فيما إذا كان المعزي هو الإله الثالث في الأقانيم _أقنوم الروح القدس_ أم هو بشر نبي كالمسيح عليه السلام . وبرغم أن القرائن تؤكد بأن الكلمة في أصلها إسم وليست صفة وأنها تقابل إسم "أحمد" أو محمد بالعربية إلا أن دلالة النصوص الكتابية تحسم المسألة بأن المعزّي هو بشر نبي وليس "أقنوم الروح القدس" كما يدّعي النصارى، ولذلك سنتجاوز عن مسألة الإسم ونناقش دلالة النصوص الكتابية.
3- فقد جرى التلاعب بالنصوص المتعلقة بالمعزّي لتجنب الإقرار بقدوم نبي آخر وخشية أن يتساوى المسيح "الإله" مع الأنبياء في الآدمية لأن قوله "معزياً آخر" تفيد تجانس المسيح مع المعزّي القادم فتنتفي عنه صفة الألوهية وتنهار العقيدة . وعندما نقول بأنهم تلاعبوا بالنصوص فلأن ذلك ظاهر في الآيات المتعلقة بالموضوع ، فقد تلاعبوا بعبارة "وأما المعزي الروح" وأدخلوا عليها لفظة "القدس" لتصبح "وأما المعزي الروح القدس" وبذلك نفوا الصفة البشرية عن المعزّي حتى لا تنطبق على محمد أو تساوي المسيح بالبشر، وبالرجوع الى المخطوطة السريانية المكتشفة سنة 1812 والتي ذكرها موريس بوكاي في كتابه "الكتاب المقدس" تبيّن أن النص الأصلي للآية يقول : "المعزي الروح " وليس "المعزي الروح القدس"، والفرق بين "الروح" و"الروح القدس" شاسع ، لأن معنى الروح في "الكتاب المقدس" هو النبي مثل قوله : (أيها الأحباء لا تصدقوا كل _روح_ بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن _أنبياء_ كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ، بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ : كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ) رسالة يوحنا الأولى 4 ، وأما "الروح القدس" فهو الأقنوم الثالث من "الأب والابن والروح القدس" أي أنه إله وليس نبياً، وذلك بحسب عقيدة النصارى التي تساوي الأب والابن والروح القدس في الجوهر أي في الألوهية ، ومما يؤكد التلاعب بكلمة روح القدس أنها وردت بنفس النبوءة غير مرة بلفظة "روح الحق" ولم ترد كلمة "القدس" سوى مرة واحدة واتضح بأنها مضافة إلى كلمة الروح كما بينت المخطوطة السريانية .
4- والمدقق في النصوص الكتابية يرى بوضوح شديد أن الروح القدس "الأقنوم الثالث" ليس هو المراد بالمعزّي وإنما هو نبي قادم ، فقد قال : (وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية) يوحنا 13:16 ، وقوله بأنه "يتكلم ويخبركم" وأنه "سيرسله الأب" يدل على أنه رجل له حضور مادي وجوارح وليس إلها ، ولا يقال بأنه سيأتي متجسدا بإنسان لأن التجسُّد ممتنع في غير المسيح _بحسب عقيدتهم_ إذ لو تكرر التجسد في غيره لتعددت الآلهة لأن ألوهية المسيح تقوم على فكرة التجسد الإلهي فإذا تجسد الله في غيره لأصبح لديهم إله آخر ، ومن هنا فأن المعزي المقصود في الآية هو ذات أخرى غير أقنوم "الروح القدس" ، ومن المعروف أن أقنوم "الروح القدس" في الثالوث كان موجودا منذ الأزل _حسب زعمهم_ وليس قادما في المستقبل، وكان يساعد المسيح والحواريين في التبشير برسالته وإشفاء الناس ، ولو كان المعزي هو أقنوم الروح القدس كما يزعمون لما قال "سيرسله الأب" ولما تطلب الأمر قدومه أصلاً لأنه قال : "وإن لم أنطلق لا يأتيكم" يوحنا 16: 7 ، كما إن تقدم أقنوم "الروح القدس" في الوجود على "المعزي" أمر يؤكده "الكتاب المقدس" حيث قال : (وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس ) [لوقا 1 : 67]. (..أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه ). [إشعياء 63 : 11]. فهذه الآيات الكتابية تدل بوضوح تامٍ على أن أقنوم "الروح القدس" كان موجودا في الأصل ولا يمكن أن يكون هو المعزّي الذي سيأتي بعد المسيح، وبما أن المعزي سيأتي بعد ذهاب المسيح فإن الآيآت الكتابية المتعلقة بالمعزي تفيد أحد أمرين : فإما أن كلمة القدس قد أضيفت على النص كما أثبت العالم موريس بوكاي ، وإما أن المراد بالروح القدس هو "نبي قدسي" وليس أقنوم "الروح القدس" وبخاصة أن "الكتاب المقدس" نصّ على أن القادم هو "معزّيا آخر" ، حيث قال : (وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزيّاً آخر ليمكث معكم إلى الأبد) "يوحنا 14 : 16" فمن هو المعزي الآخر إن لم يكن محمدا الذي امتُحِنَ صدقه ولم يظهر نبي صادق بعد المسيح غيره ؟ . وأما الاحتجاج بالأبدية _"ليمكث معكم إلى الأبد"_ على أن "الروح القدس" هو المقصود بالمعزي فإنه لا يصح لأن الأبدية هنا كناية عن بقاء رسالة المعزي وليس ذاته ، نحو قوله : (ويسكنون في الأرض التي أعطيت عبدي يعقوب إياها التي سكنها آباؤكم ويسكنون فيها هم وبنوهم وبني بنيهم إلى الأبد وعبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد ) "حزقيال 37 : 25" فوصف الأبدية كما ظهر لنا في هذا النص يفيد الديمومة أي إدامة المُلْكِ والملكية وليس بقاءهم أو بقاء داود ذاته إلى الأبد ، فالمعنى المراد في أبدية المعزي هو خلود رسالته وليس خلود ذاته وهذا ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته .
5- ومن هذا المنطلق لا يمكن أن يكون أقنوم "الروح القدس" هو المراد بالمعزي وإنما هو نبي قادم من جهة العرب كما أخبر "الكتاب المقدس" في نبوءات أخرى. وقد ذكرت النبوءة أيضا؛ أن المعزي سوف يخبر عن أمور آتية "ويخبركم بأمور آتية" ، وهذا ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم : " غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين" الروم 2 ، وقد انتصر الروم بالفعل في بضع سنين ، أي في غضون تسع سنوات ، فقد هزم الروم سنة 613 م ، وانتصروا على الفرس سنة 622 م كما جاء في كتاب المؤرخ "إدوارد جبن" (تاريخ سقوط واندحار الامبراطورية الرومانية – الجزء الخامس) ، كما أن محمدا أخبر عن فتح مكة وقد حصل ذلك أيضا : (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلّقين رؤوسكم ومقصّرين لا تخافون فعلَم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ) "الفتح : 27" . وبالتالي فإن ما ذكره "الكتاب المقدس" حول المعزي ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، وليس على أقنوم "الروح القدس" الذي يدعي النصارى أنه نزل على التلاميذ في اليوم الخمسين من انطلاق المسيح ، لأن المسيح عللَ نزول الروح القدس بأنه سيوبخهم على عدم إيمانهم به وهذا لا ينطبق على التلاميذ لأنهم يؤمنون به ، مما يدل على أن الجمع الذي سيأتي المعزّي ليوبخهم هم غير التلاميذ وأن المعزي القادم سيأتي في زمن غير زمانهم، وهو ما ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم ونصارى زمانه الذين فسد إيمانهم. وأما نفي النبوءة أو البشارة بمحمد بقرينة أن المعزَي " لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه" وأن محمداً رآه الناس وعرفوه وبالتالي لا تنطبق عليه نبوءة المعزي، فإنه استدلال خاطئ ، لأن المقصود بهذه العبارة أنه لا يستطيع العالم تقبل الحق فقد جاء في "الكتاب المقدس" : "سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا" (يو ١٤: ٢٧) ، أي أن العالم بطبعه يصدق بالمحسوسات ويميل للمتع الآنية ولا يتناغم مع الماورائيات ، وهذا ما واجه دعوة محمد صلى الله عليه وسلم لأن قومه قاوموا دعوته وأنكروا رسالته وعميت أبصارهم عن الحقيقة، كما أن هذا الأسلوب في التعبير دارج في "الكتاب المقدس" نحو قوله : "وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب، ولا من هو الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له (لوقا 10: 22) ، فهل يمكننا أن نقول بأن النصارى لم يعرفوا المسيح ؟! إذن فالرؤية والمعرفة المقصودة تعني المعرفة والإقرار وليس المشاهدة . وأما قوله : "أما أنتم فتعرفونه لأنه ماكثاً معكم ويكون فيكم" فتعني: أنكم _بنو إسرائيل_ ستعرفونه ، لأن ذكره ماكث فيكم أي في كتابكم ، وقدومه معلوم لديكم ، ولهذا قال تعالى : ".. الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل" الأعراف 157 ، ولذلك أوفدت قريش النضر بن الحارث وعقبة ابن ابي معيط ليسألوا اليهود عن شأن النبي . ولو كان قوله "ماكثا معكم" يعني موجودا أو باقٍ بينكم لما قال : "إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعزى" فتعليق قدوم المعزي على انطلاق المسيح يفيد بأنه المعزي ليس موجوداً وإنما هو قادم في المستقبل .
6- والمدقق في النصوص الكتابية يجد أن من مهمة المعزّي التذكير بما قاله المسيح : (يذكركم بكل ما قلته لكم) وهذا ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه ذكّرهم بأن المسيح بشّر به "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" وذكرهم بفساد إيمانهم وبألوهية الله ونبوة المسيح : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن "اعبدوا الله ربي وربكم" وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) المائدة 116 – 117 . كما أن من مهمة المعزّي أن يشهد للمسيح : "فهو يشهد لي" يوحنا 26:15 ، فهل يحتاج المسيح للشهادة من "الروح القدس" أو التلاميذ وهو بينهم وقد آمنوا به بعد تأييد الله له بالمعجزات؟! أم أنه يحتاج للشهادة عند قومه بعد رحيله وانحرافهم عن عقيدته ؟ من البديهي أن الشهادة لازمة له بعد انطلاقه حيث لا دليل على نبوته غير القرآن لأن معجزاته قد انقضت . وقال أيضاً : "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" ، وتمجيد المسيح عليه السلام وأمه في القرآن لا يحتاج إلى بيان ، بل إن ذكر المسيح عليه السلام كان أكثر من ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن ، فيما نجد اليهود في زمن المسيح رموه بشرب الخمر "وشريب خمر. محب للعشارين والخطأة ". [متى 11 : 19]. وقذفوا أمه التي وصفها القرآن "صِدّيقة" بالزنا " (فقالوا له اننا لم نولد من زنا. لنا اب واحد وهو الله) يوحنا 41:8 . ومن المفارقات الغريبة أن اليهود يشنعون على المسيح عليه السلام وأمه إلى يومنا هذا _"راجع الموسوعة اليهودية"_ بينما لا تجد النصارى ينتقدون اليهود أو يدافعون عن نبيهم ، وفوق ذلك يتحالفون معهم ضد المسلمين الذين دافعوا عن المسيح وأمه عليهما السلام .
كما أن المسيح عليه السلام وصف المعزي ورسالته قائلاً : " فهو يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته لكم...وهو يرشدكم إلى جميع الحق" وهذا ينطبق على رسالة الإسلام الخالدة لأنها تتناول جميع شؤون الحياة . وبالإضافة إلى ما تقدم ، لو كان مفهوم "المعزي" في الوعي النصراني هو أقنوم "الروح القدس" وليس "الروح" الذي هو نبي لما تجرأ كل من "مونتانوس" في القرن الثاني للميلاد و"ماني الفارسي" على الادعاء بأنهما "المعزي" الذي بشر به المسيح ، وهذا يؤكد أن المدلول العقدي للمعزي يرمز إلى شخصية بشرية ولو لم يكن كذلك لما نجح "ماني الفارسي" بالتطفل على عقيدة النصارى وادعاء النبوة وبخاصة أن قديساً بقامة اغوسيطينوس كان قد اعتنق عقيدته ثم تركها . ولذلك لا يمكن لأحد أن يدعي بأنه المعزي لو كان المعزي القادم هو أقنوم "الروح القدس" .
ومن الجدير بالذكر هنا أن تحريف الآية الكتابية بإضافة كلمة القدس إلى الروح لصرف المعنى عن قدوم محمد صلى الله عليه وسلم وتجنب شبهة نبوة المسيح وآدميته قد أوقع عقيدة التثليث في إشكال عويص لأنها فصلت بين الأب والإبن والروح القدس فصلا تاما، وهو ما ينقض عقيدة التثليث لأن قول المسيح بأنه يطلب من الآب أن يرسل معزيا تعني الانفصال بين الثلاثة لأن أحدهما يطلب من الآخر إرسال الثالث ، إذْ لا يُتصور أن يطلب الأول من نفسه أن يرسل نفسه ليدعو الناس ويعلمهم، فلا يستقيم ذلك عقلا ولا لغة وهو ما ينقض أصل العقيدة _التي تقوم على اتحاد الأقانيم الثلاثة _ ويجعل منها عقيدة وثنية. وبالتالي فإن محاولة تفسير "المعزّي" على أنه أقنوم "الروح القدس" ينسف عقيدة التثليث لأن قدوم المعزي في المستقبل يضع فواصل في الزمان والمكان فيجعل الثلاثة ثلاثة وليسوا ثلاثة في واحد ، وإزاء هذه الإشكالية التي تورط بها النصارى من جراء تحريف عبارة "المعزي الروح" الى "المعزي الروح القدس" نضع النصارى أمام أمرين : فإما أن يعترفوا بتحريف "الكتاب المقدس" وإعادة النص الى ما كان عليه وحينها يجب أن يقروا بنبوة محمد لأنه هو "المعزي الروح" وأن يعترفوا أيضا بنبوة المسيح وليس ألوهيته لأن لفظة المعزي تعلق به في مواطن أخرى في "الكتاب المقدس" ، وإما أن يعترفوا بأنهم يعبدون ثلاثة آلهة وليس إلها واحدا . وبذلك نكون قد أشهدنا عليهم كتابهم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب