• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...}

تفسير قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...}
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/7/2023 ميلادي - 4/1/1445 هجري

الزيارات: 5528

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ... ﴾


قال الله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 256، 257].


قوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

 

سبب النزول:

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كانت المرأة تكون مقلاة أي: لا يعيش لها ولد فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تُهوِّده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾»[1].

 

وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ قال: «نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف، يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلًا مسلمًا، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله تعالى فيه ذلك»[2].

 

والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- كما هو معلوم.

 

قوله: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ «لا»: نافية، ويحتمل أن يكون النفي على معناه، أي: لن يدخل أحد في دين الإسلام مكرهًا، بل عن اختيار، كما قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99].

 

ويحتمل أن يكون النفي بمعنى النهي، أي: لا تكرهوا أحدًا على الدين.

 

كما روي عن أُسَق قال: كنت مملوكًا نصرانيًّا لعمر بن الخطاب فكان يعرض عليَّ الإسلام، فآبى، فيقول: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾، ويقول: «يا أُسَق، لو أسلمت لاستعنا بك على بعض أمور المسلمين»[3].

 

قال ابن كثير[4]: «أي: لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام؛ فإنه بيِّنٌ واضح جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته، دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهًا مقسورًا».

 

ولا مانع من حمل الآية على المعنيين.

 

والإكراه: الإلزام والإرغام ضد الاختيار، و«أل» في «الدين» للعهد الذهني، أي: في الدين المعهود، دين الإسلام، أي: لا إكراه على الدخول في دين الإسلام.

 

﴿ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾: هذه الجملة فيها معنى التعليل للجملة التي قبلها، أي: لا إكراه في الدين؛ لأنه ﴿ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾، و«قد»: للتحقيق، و﴿ تَبَيَّنَ ﴾؛ أي: تميز الرشد من الحق.

 

﴿ الرُّشْدُ ﴾ في الأصل: الاهتداء إلى طرق الخير وحسن التصرف، وهو بالنسبة لكل شيء بحسبه، فالرشد في الدين الاهتداء إلى الإسلام وطريق الحق، والرشد في المال حسن التصرف في المال، والرشد في الولاية حسن التصرف فيها.. وهكذا.

 

والمراد بالرشد هنا: الرشد بالدين، وهو سلوك طريق الحق والهدى والإسلام، والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.

 

و﴿ الْغَيِّ ﴾: سلوك طريق الباطل والضلال والكفر، والشقاء والهلاك في الدنيا والآخرة.

 

والمراد: قد تميز الرشد من الغي، والهدى من الضلال، والحق من الباطل، بما أنزل الله تعالى من الوحي في كتابه العزيز وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بما فيه إقامة الحجة وإيضاح المحجة، كما قال تعالى: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 10]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3].

 

وقد ترك صلى الله عليه وسلم أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم مخاطبًا الناس في حجة الوداع: «ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت»، قالوا: نعم، قال: «اللهم اشهد»[5].

 

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا ﴾.

هذا تفسير وبيان للرشد والغي في الجملة السابقة، فالرشد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والغي: خلاف ذلك، وهو أيضًا: مقتضى معنى «لا إله إلا الله»؛ ولهذا قال: ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾.

 

كما قال صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله»[6].

 

قوله: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ﴾ الفاء: عاطفة، و«من»: شرطية، و﴿ يَكْفُرْ ﴾: فعل الشرط، و﴿ الطَّاغُوت ﴾ في اللغة: مأخوذ من الطغيان وهو تجاوز الحد، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [الحاقة: 11]؛ أي: لما جاوز الماء حده وعلا وارتفع.

 

«الطاغوت» في الشرع: الشيطان، وكل ما ينافي الإيمان بالله من الشرك وغيره، أي: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

«من معبود» كالأصنام والأوثان التي تُعبد من دون الله، وهي لا تنفع ولا تضر، كما قال تعالى: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ﴾ [الفرقان: 55]، وقال تعالى: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18].

 

«أو متبوع» كالأحبار والرهبان الذين يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله، كما قال تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، وفي حديث عدي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لسنا نعبدهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟» قال: نعم. قال: «فتلك عبادتهم»[7].

 

«أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله» كأمراء السوء الذين يأمرون بمعصية الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله تعالى، فإن أمر بمعصية الله تعالى فلا سمع ولا طاعة»[8].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة بالمعروف»[9].

 

ويدل على أن الطاغوت عام في كل ما ذكر أن الله عز وجل قابل في هذه الآية بين الكفر بالطاغوت والإيمان، فكل ما عبد من دون الله وهو راضٍ فهو طاغوت.

 

ومعنى ﴿ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ﴾، أي: يجحده وينكره ويتبرأ من كل معبود سوى الله تعالى.

 

﴿ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ﴾، والعطف بالواو يقتضي الجمع، فلا بد من الجمع بين الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله.

 

وقدم الكفر بالطاغوت؛ لأن التخلية قبل التحلية، إذ لا يجتمع الإيمان بالله مع عدم الكفر بالطاغوت.

 

والإيمان بالله يتضمن أمورًا أربعة: الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.

 

ومعنى ذلك أنه سبحانه واجب الوجود، متفرد بالربوبية والألوهية، وكمال الأسماء والصفات.

 

والإيمان بالله يستلزم القبول بتصديق الخبر، والانقياد بامتثال الطلب، فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور.

 

﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾: جواب الشرط «من»، وقرن بالفاء لاتصاله بـ«قد» التي تفيد التحقيق.

 

﴿ اسْتَمْسَكَ ﴾ السين والتاء للتأكيد، و«استمسك» أبلغ من «تمسك»؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى غالبًا، أي: فقد تمسك بقوة بالعروة الوثقى.

 

﴿ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ عروة الشيء: مقبضه، كعروة الدلو، وعروة الكوز، ونحو ذلك، وعروة الحبل شد طرفه إلى بعضه، وعقده فيصير مثل الحلقة يتمسك به.

 

و﴿ الْوُثْقَى ﴾: القوية المبرمة المحكمة الشد، التي هي أوثق العرى، وأقوى سبب للنجاة، وهي لا إله إلا الله، وهي عروة الإيمان والإسلام والقرآن، كما قال تعالى: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الزخرف: 43].

 

عن قيس بن عباد قال: «كنت جالسًا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد، قالوا: هذا رجل من أهل الجنة. قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لِـم ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، رأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها، وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارق، قلت: لا أستطيع، فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلاها، فأخذت بالعروة، فقيل له: استمسك، فاستيقظت وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «تلك الروضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت»، والرجل عبد الله بن سلام»[10].

 

﴿ لَا انْفِصَامَ لَهَا ﴾ هذه الجملة في محل نصب حال من «العروة»، أي: حال كونها لا انفصام لها، أي: لا انفكاك ولا انقطاع لها لشدة إحكامها وقوتها، والمراد أن من كفر بالطاغوت وآمن بالله فقد استمسك بحبل النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة ودخول الجنة والزحزحة عن النار.

 

﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ سبق الكلام عليه.

قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

 

قوله: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ (الله): مبتدأ ﴿ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾: خبره.

 

أي: متولي الذين آمنوا بولايته الخاصة، ولاية التوفيق والحفظ والنصر والتسديد لهم على الدوام دون الكافرين، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 11].

 

﴿ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ هذا تفسير لولاية الله تعالى للمؤمنين، فيه أعظم ثمرات ولاية الله تعالى لهم، وهي إخراجه لهم من ظلمات الجهل والضلال والكفر والشك والنفاق.

 

﴿ إِلَى النُّورِ ﴾ أي: إلى نور العلم والهدى والإيمان والقرآن، نسأل الله تعالى التوفيق، قال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15]، وقال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [التغابن: 8].

 

وجمع «الظلمات»، وهي: طرق الباطل والضلال والغي؛ لكثرتها واختلافها وتشعبها، وأفرد «النور»؛ لأن طريق الحق واحد، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

 

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾ «الطاغوت»: اسم جنس فيعم جميع أنواعه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ يُخْرِجُونَهُمْ ﴾ بضمير الجمع «الواو».

 

﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ ﴾؛ أي: نظراؤهم والذين يتولونهم، وجمع ﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ ﴾ لكثرتهم وتعددهم، كما قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 29]؛ أي: لا يستوي المشرك الذين يعبد آلهة مع الله، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فشتان بين هذا وهذا.

 

وقدم عز وجل في قوله: ﴿ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ اسمه؛ تعظيمًا لنفسه وتبركًا بالبداءة باسمه عز وجل، وإظهارًا لمنته على المؤمنين في توليه لهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

 

بينما قال في الجملة الثانية: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾، فقدم ذكر الذين كفروا إسراعًا في ذمهم، وأخر ذكر اسم الطاغوت تحقيرًا له من أن يكون في مقابلة اسم الله أو أن يبتدأ به.

 

﴿ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾؛ أي: يخرجونهم من نور الإيمان، ومن نور الفطرة التي فطر الله الناس عليها ﴿ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ أي: إلى ظلمات الجهل والكفر.

 

كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»[11].

 

وأيضًا يخرجون من آمن ﴿ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ بتزيين الردة والكفر له، فالآية تشمل هذا وهذا، قال ابن القيم[12]: «وهذا يتضمن إخراج الشياطين لهم من نور الفطرة إلى ظلمة الكفر والشرك، ومن النور الذي جاءت به الرسل من الهدى والعلم إلى ظلمات الجهل والضلال».

 

﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ الإشارة للذين كفروا وأوليائهم من الطواغيت وشياطين الإنس والجن، وأشار إليهم بإشارة البعيد «أولئك» تحقيرًا لهم.

 

﴿ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾؛ أي: ساكنو النار وملازموها.

﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ قدم الجار والمجرور ﴿ فِيهَا ﴾ لإفادة الحصر مع مراعاة الفواصل، أي: هم فيها مقيمون إقامة أبدية، لا يخرجون مها، ولا ينفكون عنها».

 


[1] أخرجه أبو داود في الجهاد، في الأسير يكره على الإسلام (2682)، والنسائي في «السنن الكبرى» في تفسير قوله تعالى: ﴿ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، (11048، 11049)، والطبري في «جامع البيان» (4/ 546)، والواحدي في «أسباب النزول» ص (52)، وإسناده صحيح.

[2] أخرجه الطبري في «جامع البيان» (4/ 548)، وذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 459)، من رواية ابن إسحاق.

[3] أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 493).

[4] في «تفسيره» (1/ 459).

[5] أخرجه البخاري في الحج (1741)، ومسلم في القسامة (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[6] أخرجه مسلم في الإيمان (23) من حديث أبي مالك عن أبيه رضي الله عنه.

[7] أخرجه الترمذي في التفسير (3095)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 106)، والطبري في «جامع البيان» (11/ 417)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (6/ 1784)، وقال الترمذي: «حديث غريب».

[8] أخرجه البخاري في الأحكام (7144)، ومسلم في الإمارة (1839)، وأبو داود في الجهاد (2626)، والترمذي في الجهاد (1707)، وابن ماجه في الجهاد (2864) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

[9] أخرجه البخاري في الأحكام (7145)، ومسلم في الإمارة (1840)، وأبو داود في الجهاد (2625)، والنسائي في البيعة (4205) من حديث علي رضي الله عنه.

[10] أخرجه البخاري في المناقب (3813)، ومسلم في فضائل الصحابة (2484).

[11] أخرجه البخاري في الجنائز (1358)، ومسلم في القدر (2658)، وأبو داود في السنة (4714)، والترمذي في القدر (2138).

[12] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 415).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين }
  • تفسير قوله تعالى: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار...}
  • تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم...}
  • تفسير قوله تعالى: {فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين}
  • تفسير قوله تعالى: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا...}
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ...}
  • فقه الرشد في زمن الفتن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • هل يتعارض حد الردة مع قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين ) ؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (صراط الذين أنعمت عليهم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وإياك نستعين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب