• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان... }

تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان... }
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/3/2023 ميلادي - 27/8/1444 هجري

الزيارات: 57107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ... ﴾

 

قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

 

ســبب النزول:

عن عروة بن الزبير، قال: «كان الرجل أحق برجعة امرأته- وإن طلقها ما شاء، مادامت في العدة، وإن رجلًا من الأنصار غضب على امرأته، فقال: لا أؤويك ولا أفارقك، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، فإذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك، فإذا دنا أجلك راجعتك. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله- عز وجل: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ قال: فاستقبل الناس الطلاق، من كان طلق، ومن لم يكن طلق»[1].

 

قوله: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ الطلاق: فك وحل قيد النكاح، وسمي طلاقًا؛ لأن الزوجة قبله في قيد النكاح، الذي هو في يد الزوج، كما قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ﴾ [البقرة: 237]، ولهذا سمى عز وجل زوج امرأة العزيز سيدها، فقال تعالى: ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ [يوسف: 25].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا فاتقوا الله - عز وجل- بالنساء، فإنهن عندكم عوان»[2]، وفي رواية: «ألا فاستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم»[3]، أي: أسيرات.

 

ومعنى قوله: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾؛ أي: الطلاق الذي تمكن فيه الرجعة مادامت المطلقة في العدة.

 

﴿ مرتان ﴾ أي: طلقتان، بأن يطلق مرة، ثم يراجع، ثم يطلق مرة، ثم يراجع، وهو طلاق السنة، وهو كاف لمراجعة المطلِّق أمره في هذه المدة.

 

وقد كانوا في الجاهلية، بل وفي أول الإسلام يطلق الرجل امرأته ما شاء، وهو أحق برجعتها ما دامت في العدة، ولو طلقها مائة طلقة، فأبطل الله ذلك؛ لما فيه من الضرر على الزوجات، وبيَّن أن الطلاق الذي تمكن فيه الرجعة الطلقة والطلقتان فقط.

 

﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾؛ أي: فعليكم إذا طلقتم النساء إمساك ﴿ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾؛ أي: إمساك لهن بمراجعتهن ما دمن في العدة ﴿ بمعروف ﴾؛ أي: بما عرف في الشرع، وعند الناس من حسن العشرة، قولًا وفعلًا وبذلًا.

 

وقدِّم الإمساك بمعروف؛ لأنه أحب إلى الله- عز وجل- لما فيه من استمرار الحياة الزوجية، وذلك خير من الفراق.

 

﴿ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ التسريح: الإرسال والإطلاق للشيء، وتخلية سبيله، والمعنى: أو إطلاق لهن بإحسان، وذلك بتركهن حتى تنقضي عدتهن، وتخلية سبيلهن، وإعطائهن ما لهن من حقوق، وتمتيعهن، جبرًا لخواطرهن، وتطييبًا لقلوبهن، وتخفيفًا لمرارة الفراق عليهن.

 

كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 231]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].

 

وأمر عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لأزواجه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28].

 

﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾، لما أمر في الآية السابقة بالإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، أتبع ذلك ببيان أن من التسريح بإحسان ألا يأخذوا مما أعطوهن شيئًا؛ أي: ولا يحل لكم أيها الأزواج أن تأخذوا من الذي أعطيتموهنَّ من المهور والنفقات والهدايا وسائر الأعطيات ﴿ شَيْئًا ﴾.

 

و«شيئًا»: نكرة في سياق النفي تعم أي شيء؛ أي: لا يحل لكم أن تأخذوا مما أعطيتموهن أيّ شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلًا أو كثيرًا؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19].

 

لكن لو أعطت المرأة زوجها شيئًا مما دفعه إليها عن طيب نفس منها، حلَّ له أخذه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4].

 

﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ «إلا» أداة استثناء.

 

قرأ أبو جعفر ويعقوب وحمزة بضم الياء: «يُخافا» بالبناء للمفعول، أي: إلا أن يخاف الحاكم والقاضي، أو أهل الزوجين أو من علم حالهما من المسلمين ﴿ ألَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾، ولهذا قال بعده: ﴿ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾.

 

وقرأ الباقون بفتح الياء ﴿ يخافا ﴾ بالبناء للفاعل، أي: إلا أن يخاف الزوجان ﴿ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾.

 

والخوف: توقع حصول أمر مكروه؛ لأمارة معلومة أو مظنونة.

 

والمعنى على القراءة الأولى: إلا أن يُخاف أن لا يقيم الزوجان حدود الله فيما بينهما.

 

والمعنى على القراءة الثانية: إلا أن يخاف الزوجان أن لا يقيما حدود الله- فيما بينهما، وهي ما يجب على كل منهما من حقوق تجاه الآخر.

 

و﴿ حدود الله ﴾ في الأصل تعم جميع أوامر الله- عز وجل- ونواهيه، وسميت أوامر الله- عز وجل- ونواهيه «حدودًا» لوجوب القيام بأوامره- عز وجل- وعدم جواز تجاوزها، كما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ﴾ [البقرة: 229]، ولوجوب ترك نواهيه، وعدم قربها؛ كما قال عز وجل: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البقرة: 187].

 

﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ تصريح بمفهوم الجملة السابقة؛ لتأكيد عدم جواز أخذ الرجل شيئًا مما أعطاه لزوجته، إلا في حال الخوف من عدم إقامة حدود الله فيما بينهما.

 

والخطاب في قوله: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ لحكام المسلمين وقضاتهم، وأهل الزوجين، ومن علم حالهما من المسلمين، ممن يمكنه الإصلاح بينهما.

 

﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ أي: فلا حرج ولا إثم عليهما، أي: على الزوجين.

 

﴿ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾؛ أي: في الذي افتدت به نفسها منه، برد بعض ما أعطاها إليه، أو كله، أو أكثر منه؛ أي: فلا حرج عليها في طلب الطلاق والخلع، وبذل الفداء في هذه الحال، ولا حرج عليه في قبول ذلك وأخذه، والفدية والفداء: مال أو عرض يدفع مقابل الخلاص؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته»؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة، وطلقها تطليقه»[4].

 

وفي بعض الروايات أنها قالت: «لا أطيقه بغضًا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته»؟ قالت: نعم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد»[5].

 

هذا فيما إذا خافا ألا يقيما حدود الله بينهما، كما في قصة امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنهما؛ حيث وصلت بها كراهتها له إلى حالة تحوُّل بينها وبين القيام بحقه، فيجوز للمرأة في مثل هذه الحال أن تفدي نفسها منه، وله أخذ ذلك.

 

ومفهوم قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾: أنه إذا لم يخافا ألا يقيما حدود الله فيما بينهما، فلا يجوز لها أن تفتدي نفسها منه، ولا يجوز له قبول ذلك وأخذه.

 

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق، من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة»[6].

 

وفي تسميته «فدية»: دلالة على حصول البينونة في الخلع؛ لأن المرأة تفدي نفسها بما تبذله من مال.

 

تلك الإشارة لما سبق من الأحكام الشرعية في الطلاق والخلع وغيرهما.


﴿ حُدُودَ اللَّهِ ﴾ حدود جمع «حد»، وهو الفاصل بين شيئين، ومنه حدود الأرض ومراسيمها، وهي ما يفصل بعضها عن بعض.

 

و﴿ حُدُودَ اللَّهِ ﴾: أحكامه وشرائعه، وهي تنقسم إلى قسمين: حدود أوامر وواجبات، سميت حدودًا؛ لأنه يجب القيام بها، ولا يجوز تجاوزها ولا تعديها، كما قال تعالى هنا: ﴿ فَلَا تَعْتَدُوهَا ﴾.

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 14]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

والقسم الثاني: حدود نواهٍ ومحرمات، وسميت حدودًا؛ لأنه يجب تركها، وعدم قربها، كما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البقرة: 187]، وفي تسميتها حدود الله- تعظيم لها، وتحذير من مخالفتها.

 

﴿ فلا تعتدوها ﴾ أي: أقيموها، ولا تتجاوزوها؛ عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حدّ حدودًا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيِّعوها، وحرَّم محارم فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها»[7].

 

﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ ﴾ أي: ومن يتجاوز ﴿ حُدُودَ اللَّهِ ﴾ أي: أوامره، ويرتكب نواهيه.

 

﴿ فَأُولَئِكَ هم الظالمون ﴾: أشار إليهم بإشارة البعيد تحقيرًا لهم، وأكد الظلم فيهم بكون الجملة اسمية معرفة الطرفين، وبضمير الفصل «هم». أي: فأولئك الذين بلغوا الغاية في الظلم؛ ظلم أنفسهم وزوجاتهم، وغير ذلك، واقتحموا الحرام، ولم يسعهم الحلال.

 

والظلم في الأصل: النقص، قال تعالى: ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [الكهف: 33]؛ أي: ولم تنقص منه شيئًا.

 

وهو أيضًا وضع الشيء في غير موضعه على سبيل العدوان، وأظلم الظلم: الشرك، كما قال تعالى حكاية عن لقمان أنه قال لابنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

 

وهو قسمان:

1- ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه بالذنوب والمعاصي، وأعظم ذلك الشرك بالله.

 

2- ظلم الغير بالاعتداء على دمائهم وأموالهم وأعراضهم وغير ذلك، وهو أيضًا من ظلم النفس.

 

قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.

 

قوله: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾؛ أي: طلقة ثالثة، بعد أن طلقها مرتين.

 

﴿ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ﴾ أي: فلا تحل له من بعد الطلقة الثالثة.

 

﴿ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ أي: حتى تتزوج زوجًا غيره، ويطأها بعقد صحيح، لما روته عائشة رضي الله عنها: أن رفاعة القرظي طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزَّبير، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلقني، فبَتَّ طلاقي، وتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزَّبِيرِ، ولم يكن معه إلا مثل هُدْبَةِ الثوب، وقالت بثوبها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟! لا، حتى تذوقي عُسَيْلَتَهُ، ويذوق عُسَيْلَتَكِ»[8].

 

وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إن العسيلة الجماع»[9].

 

وفي اشتراط حلها لزوجها الأول بعد الطلقة الثالثة أن يعقد عليها زوج آخر ويطأها ردع للأزواج وتحذير للمطلق وتنفير له من إيقاع الطلقة الثالثة، ونوع من العقوبة له؛ لأن الرجل قد ينفر من اقتران زوجته بغيره، حتى لو كان لا يرغب مراجعتها، فكيف إذا كان يرغب في ذلك.

 

كما يشترط أن يكون النكاح الثاني نكاح رغبة، فإن كان قصد الزوج الثاني مجرد تحليلها للزوج الأول لم يصح ذلك؛ لبطلان النكاح؛ للحديث: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل والمحلَّل له»[10].

 

﴿ فإن طلَّقها ﴾؛ أي: الزوج الثاني، أو خالعها، أو مات عنها، وانقضت عدتها منه.

 

﴿ فَلَا جُنَاحَ ﴾؛ أي: فلا حرج ولا إثم على الزوج الأول وزوجته ﴿ أَنْ يَتَرَاجَعَا ﴾؛ أي: أن يرجع كل منهما إلى الآخر بعقد جديد.

 

واختلف هل تعود إلى زوجها الأول بما بقي من الطلقات، أو بالطلقات الثلاث كلها.

 

﴿ إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾؛ أي: إن غلب على ظنهما أنهما سيقيمان حدود الله فيما بينهما بحسن معاشرة كل منهما الآخر، وأداء حقه بالمعروف- وهذا شرط في تراجعهما.

 

ومفهوم هذا أنهما إن لم يظنا أن يقيما حدود الله فيما بينهما لم يجز أن يتراجعا.

 

﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ﴾ الواو: عاطفة، والإشارة إلى ما سبق من أحكام النكاح والطلاق، وغير ذلك، وأشار إليها بإشارة البعيد تعظيمًا لها، وسماها حدودًا؛ لأنه لا يجوز تجاوزها ولا تعديها.

 

﴿ يُبَيِّنُهَا ﴾؛ أي يفصِّلها ويوضحها بما أنزل من الوحي في الكتاب والسنة، كما قال تعالى: ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 97]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 52].

 

وقال تعالى: ﴿ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ﴾ [النور: 18]، وقال تعالى: ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44].

 

﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ أي: لقوم يعلمون العلم النافع الذي يهتدون به إلى العمل الصالح، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33]؛ أي: بالعلم النافع والعمل الصالح، فأعظم العلوم وأجلّها وأعلاها: علم معرفة الله- عز وجل- وعبادته كما شرع، والمسارعة والمسابقة إلى ذلك. وهم المعنيون بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]، وبقوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

أما من كان علمه دون ذلك سواء كان علمًا دينيًّا، أو علمًا دنيويًّا، فلا يوصف بوصف العلم على إطلاقه، لكن كما قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7]، وما أكثر هؤلاء حتى بين المنتسبين للعلوم الشرعية.

 

المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»


[1] أخرجه مالك في الطلاق- جامع الطلاق (2/ 588)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (5/ 260)، والطبري في «جامع البيان» (4/ 125، 126، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 418)، والبيهقي في «سننه» (7/ 333).

وأخرجه الترمذي في الطلاق (1192)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 279)، من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها. والأصح وقفه على عروة- كما قال البخاري والترمذي. انظر: «علل الترمذي الكبير» (1/ 470- رقم 180).

[2] سبق تخريجه.

[3] أخرجها الترمذي في الرضاع (1163)، وابن ماجه في النكاح (1851)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

[4] أخرجه البخاري في الطلاق (5273)، والنسائي في الطلاق (3463)، وابن ماجه في الطلاق (2056).

[5] جاء هذا في رواية ابن ماجه، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (1/ 403) من رواية ابن مردويه وابن ماجه، قال ابن كثير: «وهذا إسناد مستقيم».

[6] أخرجه أبوداود في الطلاق (2226)، والترمذي في الطلاق واللعان (1187)، وابن ماجه في الطلاق (2055)، وأحمد (5/ 277)، والطبري في «جامع البيان» (4/ 151)، من حديث ثوبان رضي الله عنه.

[7] أخرجه الدارقطني في «سننه» (4/ 297 – 298)، وأبونعيم في الحلية (9/ 17)، والحاكم في «المستدرك» (4/ 115)، والبيهقي في «سننه» (10/ 13)، وصححه ابن كثير في «تفسيره» (3/ 252).

وقد أخرجه الطبري في «جامع البيان» (9/ 24، والبيهقي (10/ 12)- موقوفًا على أبي ثعلبة رضي الله عنه.

[8] أخرجه البخاري في الشهادات (2639)، وفي الطلاق (5260)، ومسلم في النكاح (1433)، والنسائي في النكاح (3283)، والترمذي في النكاح (1118)، وابن ماجه في النكاح (1932)، وأحمد (6/ 37).

[9] أخرجها أحمد (6/ 62).

[10] أخرجه النسائي في الطلاق (3416)، والترمذي في النكاح (1120)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

وأخرجه الترمذي في النكاح (1119)، وابن ماجه في النكاح (1935)، من حديث علي رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه في النكاح (1934) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

وأخرجه أحمد (2/ 323) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه أيضًا (1936)، من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بالتيس المستعار»؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}
  • تفسير قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم...}
  • تفسير قوله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا...}
  • تفسير قوله تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك....}
  • تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ...}
  • تفسير قوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم}
  • تفسير قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم...}

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (صراط الذين أنعمت عليهم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وإياك نستعين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب