• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ... }

تفسير قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء  ... }
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2023 ميلادي - 22/8/1444 هجري

الزيارات: 33522

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ... ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].

 

ســبب النــزول:

عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية رضي الله عنها «أنها طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله- عز وجل- حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق، فكانت أول من أنزلت فيها العدة للمطلقات»[1].

 

قوله: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ الواو: عاطفة، و«المطلقات»: جمع مطلقة، أي: اللاتي طلقهن أزواجهن.

 

﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾: خبر بمعنى الأمر، أي: عليهن أن ينتظرن بأنفسهن بعد طلاقهن ويصبرن عن الزواج.

 

وفي قوله: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ إشارة إلى شدة حاجة المرأة إلى الزواج، وقوة الداعي فيها إليه، فهي تُرَوِّض نفسها وتصبرها في هذه الحال.

﴿ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ القروء: جمع قرء، بفتح القاف، وبضمها، وهو: الحيض، كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ [الطلاق: 4]، فرتب العدة بالأشهر على عدم الحيض، مما يدل على أن أصل العدة بالحِيَض، والأشهر بدل منها.

 

وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة استحاض، فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك، فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي»[2].

 

وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، منهم بضعة عشر من الصحابة، منهم الخلفاء الأربعة وغيرهم[3].

 

وهو الصحيح؛ لأن الحيض هو الذي يدل على براءة الرحم، وخلوه من الحمل.

 

وإليه ذهب أبو حنيفة[4]، وأحمد في أصح الروايتين عنه. وقال: «الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: الأقراء الحيض»[5].

 

وعلى هذا، فإذا طهرت المطلقة من الحيضة الثالثة، انتهت عدتها، وجاز لها الزواج.

 

وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن المراد بالقرء الطهر، وهو قول عائشة رضي الله عنها، وابن عمر رضي الله عنهما، ورُوي عن ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وجمع من التابعين، والفقهاء بعدهم[6]، منهم مالك[7] والشافعي[8].

 

واستُشهد لهذا بقول الأعشى يمدح أحد أمراء العرب:

ففي كل عام أنت جاشم غزوة
تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالًا وفي الحي رفعة
لما ضاع فيها من قروء نسائكا

 

أي: إنه آثر الغزو على المقام، حتى ضاعت أيام الطهر من نسائه، لم يجامعهن فيها[9].

وعلى هذا فإذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد انتهت عدتها.

 

وذهب بعض أهل العلم من أهل اللغة وغيرهم إلى أن القُرء يطلق على الوقت لمجيء الشيء المعتاد أو إدباره، فيطلق على الحيض وعلى الطهر[10]، لكن على هذا يبقى الخلاف في المراد به في الآية.

 

ويستثنى من هذا الأَمَة، فعدتها قُرْآن فقط، أي: حيضتان، لما رُوي عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم قال: «عدة الأمة حيضتان»[11].

 

ولأن الأَمَة على النصف من الحرة، والقُرء لا يتبعض، فَكُمِّل لها قُـرْآن.

 

وقد جعل الله- عز وجل- العدة على المطلقة- لحكم عظيمة، منها: تعظيم حق الزوج، وإتاحة الفرصة له لمراجعتها، والتأمل في حاله، إذا كان الطلاق رجعيًّا، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1].

 

وفي هذا مراعاة حق الزوجين ومصلحتهما معًا.

 

ومنها: التأكد من براءة الرحم، وخلوه من الحمل؛ لئلا تختلط المياه، إذا تزوجت بعد الطلاق مباشرة.

 

ومنها: تعظيم أمر عقد النكاح، كما قال تعالى: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله»[12].

 

قوله: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ أي: ولا يجوز للمطلقات أن يخفين الذي أوجده الله من حمل أو حيض في أرحامهن؛ لأجل الاستعجال في انقضاء العدة أو إطالتها، ونحو ذلك، وذلك لما يترتب على الكتمان من محاذير شرعية عظيمة.

 

والأرحام: جمع رحم وهو موضع تَكَوُّن الجنين.

 

﴿ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ أي: إن كن يصدقن بالله واليوم الآخر، وفي هذا تخويف وتحذير لهن من الكتمان.

 

والإيمان بالله: هو الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته، وشرعه.

 

والإيمان باليوم الآخر: هو التصديق بالبعث والحساب، والجزاء على الأعمال. وسمي يوم القيامة باليوم الآخر؛ لأنه آخر الأيام، فآخر ليلة من الدنيا صبيحتها يوم القيامة، ولا يوم بعده.

 

وكثيرًا ما يقرن الله- عز وجل- بين الإيمان به واليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر من أعظم ما يحمل الناس على مراقبة الله عز وجل.

 

قال ابن كثير[13] في كلامه على الآية: «ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتهن، وتتعذر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فرد الأمر إليهن، وتوعدن فيه، لئلا تخبر بغير الحق، إما استعجالًا منها لانقضاء العدة، أو رغبة منها في تطويلها؛ لما لها في ذلك من المقاصد، فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك، من غير زيادة ولا نقصان».

 

﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ﴾ «بعولة»: جمع بعل، وهو: الزوج، كما قال الله- عز وجل- عن امرأة إبراهيم عليه السلام: ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ [هود: 72]؛ أي: زوجي.

 

أي: وأزواجهن ﴿ أحَقُّ ﴾ أي: أحق وأولى برجعتهن منهن ومن أوليائهن وغيرهم، فكما أن الطلاق بأيدي الأزواج، فكذلك الرجعة بأيديهم.

 

وقوله: ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ ﴾ يقتضي أنهن أزواج بعد الطلاق الرجعي.

 

﴿ فِي ذَلِكَ ﴾ الإشارة إلى التربص المفهوم من قوله تعالى: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ أي: في مدة التربص ثلاثة قروء.

 

والمعنى: وأزواجهن أحق بإرجاعهن، إذا رغبوا في ذلك، ما دُمنَ في العدة، وقوله: ﴿ أحق ﴾ اسم تفضيل، أي: أزواجهن أحق بردهن من أنفسهن.

 

﴿ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ﴾ «إن»: شرطية، و«أرادوا»: فعل الشرط، وجوابه يدل عليه ما سبق، أي: إن أرادوا إصلاحًا فهم أحق بردهن، والمعنى: وأزواجهن أحق وأولى برجعتهن إن أرادوا إصلاحًا لما بينهم وبينهن، وائتلافًا.

 

ويفهم من هذا أنهم إن لم يريدوا الإصلاح، بل أرادوا المضارة، وتطويل العدة عليهن، ونحو ذلك، فليسوا أحق بردهن، ولا تجوز لهم مراجعتهن، كما قال تعالى: ﴿ لَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [البقرة: 231]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6].

 

كما يجب أيضًا على الزوجات في هذه الحال إرادة الإصلاح، كما قال تعالى في سورة النساء: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

 

﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: وللزوجات على أزواجهن، قبل الطلاق وبعده، ما دُمنَ رجعيات، من الحقوق، وحسن العشرة مثل الذي لهم عليهن من ذلك ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: بما هو معروف شرعًا وعرفًا، لكل من الزوجين على الآخر.

 

فلهن عليهم تحصينهن بوطئهن، والإنفاق عليهن، وكسوتهن، وإسكانهن، وتعليمهن، ونحو ذلك.

 

ولهم عليهن طاعتهم بالمعروف، وتمكينهم من وطئهن، وحفظ أنفسهن، وأولادهم وأموالهم، وبيوتهم، ونحو ذلك.

 

قال ابن القيم[14]: «فأخبر أن للمرأة من الحق مثل الذي عليها، فإذا كان الجماع حقًّا للزوج عليها، فهو حق لها على الزوج، بنص القرآن، وأيضًا فإنه سبحانه أمر الأزواج أن يعاشروا الزوجات بالمعروف، ومن ضد المعروف أن يكون عنده شابة، شهوتها تعدل شهوة الرجل، أو تزيد عليها، بأضعاف مضاعفة، ولا يذيقها لذة الوطء مرة واحدة، ومن زعم أن هذا من المعروف كفاه طبعه ردًا عليه. والله- سبحانه وتعالى- إنما أباح للأزواج إمساك نسائهم على هذا الوجه، لا غيره، فقال تعالى: ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]».

 

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»[15].

 

وعن معاوية القشيري عن أبيه عن جده أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت»[16].

 

وهذه الحقوق على الزوجين لكل منهما على الآخر تشمل جميع حقوق المعاشرة بالمعروف قولًا وفعلًا وبذلًا وخلقًا، وغير ذلك.

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله يقول: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾»[17].

 

وقدَّم- في الذكر- حق النساء، فقال: ﴿ وَلَهُنَّ ﴾- والله أعلم- تأكيدًا لذلك، ولئلا يعتقد الرجال أن جعل القوامة فيهم، كما في قوله تعالى في سورة النساء: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34]، يبرر لهم التساهل في حقوقهن عليهم، بل إن القوامة من أعظم حقوقهن عليهم.

 

وقدّم حقهن أيضًا؛ لأن المرأة أسيرة عند الرجل، مهيضة الجناح، فلا يجوز التهاون في حقها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان، لا يملكن لأنفسهن شيئًا»[18].

 

وقوله: ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: بما هو معروف بين الناس، من حقوق الزوجات على أزواجهن، مع مراعاة اختلاف طبقات النساء، فلكل امرأة من الحقوق ما لأمثالها من النساء، حسب يسر زوجها وعسره، قال تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7].

 

﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ لما ذكر- عز وجل- أن للنساء مثل الذي عليهن بالمعروف أتبع ذلك بقوله: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ احترازًا من أن يظن مساواة النساء للرجال مطلقًا.

 

ومعنى ﴿ دَرَجَةٌ﴾ أي: زيادة في الفضيلة.

فلهم فضل عليهن في العقل والدين؛ لأنهم أكمل عقولًا ودينًا منهن من حيث العموم.

 

قال صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»، فسُئِل صلى الله عليه وسلم عن نقص دينهن؟ فقال: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم»، وسُئِل عن نقص عقولهن؟ فقال: «جُعِلت شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل»[19].

 

كما قال تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282].

 

ولهم فضل عليهن في خَلْقِهم، وخُلُقهم، فهم أشد خَلْقًا، وأقوى أجسامًا منهن، وهم أقدر منهن على الصبر والتحمل، ورباطة الجأش، والإمساك بزمام العاطفة، قال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18].

 

ولهم فضل عليهن في كون النبوة فيهم والقضاء والإمامة الصغرى والكبرى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»[20].

 

ولهم فضل عليهن في الميراث، فميراث الرجل بقدر ميراث امرأتين، قال تعالى: ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11].

 

ولهم فضل عليهن بشهود الجُمَع والجماعات وانعقادها بهم دونهن، وفي الجهاد.

 

ولهم فضل عليهن بقوامتهم عليهن، وإنفاقهم عليهن، كما قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34].

 

ولهم فضل عليهن في الحقوق بوجوب طاعتهن لهم، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 34].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفِظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها: ادخلي الجنة، من أي أبواب الجنة شئت»[21].

 

وليس على الرجال طاعة النساء، وإنما عليهم أداء حقوقهن.

﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ﴾ له العزة التامة بأنواعها الثلاثة.

﴿ حَكِيمٌ ﴾ له الحكم التام بأقسامه الثلاثة، وله الحكمة البالغة، بقسميها.

حكيم في خلقه وأمره وشرعه، يضع الأمور مواضعها.

 

وكثيرًا ما يقرن عز وجل في وصف نفسه بين هذين الوصفين؛ لأن باجتماعهما في حقه- عز وجل- زيادة كماله- عز وجل- إلى كمال، فعزته- عز وجل- مقرونة بالحكمة، وحكمه مقرون بالعزة. بخلاف المخلوق الضعيف فعزته- إن عز- مقرونة غالبًا بالغشم والجهل، وحكمه قد يقترن بالضعف.



[1] أخرجه أبوداود في الطلاق- عدة المطلقة (2281).

[2] أخرجه البخاري في الوضوء (228)، ومسلم في الحيض (333)، وأبو داود في الطهارة (282)، والنسائي في الحيض (359)، والترمذي في الطهارة (125)، وابن ماجه في الطهارة وسننها (621).

[3] انظر: «جامع البيان» (4/ 87- 95)، «تفسير ابن أبي حاتم» (2/ 415)، «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (2/ 34- 35)، «تفسير ابن كثير» (1/ 397).

[4] انظر: «مختصر الطحاوي» (ص217)، «شرح معاني الآثار» (3/ 64)، «فتح القدير» لابن الهمام (4/ 308- 309)، «تبيين الحقائق» (3/ 26)، «حاشية ابن عابدين» (3/ 505).

[5] انظر: «مسائل الإمام أحمد» رواية النيسابوري (1/ 245)، «المسائل الفقهية» لأبي يعلى (2/ 209)، «الإفصاح» لابن هبيرة (2/ 173)، «المغني» (7/ 452- 453)، «زاد المعاد» (5/ 601).

[6] انظر: «جامع البيان» (4/ 95- 100)، «تفسير ابن أبي حاتم» (2/ 414)، «تفسير ابن كثير» (1/ 396- 397).

[7] انظر: «المدونة» (2/ 419)، «الموطأ» ص(395)، «أحكام القرآن» لابن العربي (1/ 184).

[8] انظر: «الأم» (5/ 209- 210)، «المهذب» (2/ 14)، «تفسير ابن كثير» (1/ 397).

[9] انظر: «ديوان الأعشى» ص(91)، «لسان العرب» مادة «قرأ»، «تفسير ابن كثير» (1/ 397).

[10] انظر: «جامع البيان» (4/ 101)، «لسان العرب» مادة «قرأ»، «تفسير ابن كثير» (1/ 398).

[11] انظر: «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (2/ 43)، «تفسير ابن كثير» (1/ 396).

[12] سيأتي تخريجه.

[13] في «تفسيره» (1/ 398).

[14] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 405).

[15] أخرجه مسلم في الحج (1218)، وأخرجه من حديث أبي حرة الرقاشي أبوداود في المناسك (1905)، وابن ماجه في المناسك (3074).

[16] أخرجه أبوداود في النكاح (2142)، وابن ماجه في النكاح (1850).

[17] أخرجه الطبري في «جامع البيان» (4/ 120)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 417).

[18] أخرجه أحمد (5/ 72، 73)، من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه رضي الله عنه.

[19] سبق تخريجه.

[20] أخرجه البخاري في المغازي (4425)، والنسائي في آداب القضاة (5388)، والترمذي في الفتن (2262)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[21] أخرجه أحمد (1/ 191)، من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
  • تفسير قوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)
  • تفسير قوله تعالى: (قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ...)
  • تفسير قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)
  • تفسير قوله تعالى: أفعيينا بالخلق الأول
  • تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين}
  • تفسير قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف.....}
  • تفسير قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها }
  • تفسير قوله تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك....}
  • تفسير قوله تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ...}
  • تفسير قوله تعالى: { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى... }
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء... }
  • تفسير قوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ...}

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (صراط الذين أنعمت عليهم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وإياك نستعين)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب