• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: {ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون}

تفسير قوله تعالى: {ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون}
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/2/2022 ميلادي - 17/7/1443 هجري

الزيارات: 19470

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103]

 

قوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا ﴾ الواو: استئنافية، و"لو" كسابقتها، والضمير في "أنهم" يعود إلى الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وتعلموا السحر، واعتاضوا به عن الإيمان، من اليهود وغيرهم.

 

﴿ وَاتَّقَوْا ﴾ أي: واتقوا الله؛ بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.

 

والتقوى: أصلها "وقوى" فقلبت الواو تاء لعلة تصريفية، فقيل: "تقوى".

 

وهي مأخوذة من الوقاية، وهي أن تجعل بينك وبين الشيء المخوف وقاية، فتتقي الشوك بلبس النعلين ونحوهما، وتتقي البرد بلبس الملابس الثقيلة ونحو ذلك، وتتقي الحر، بالبعد عن الشمس، واستعمال وسائل التبريد ونحو ذلك.

 

وأعظم ذلك تقوى الله- عز وجل- وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه. قال الشاعر:

لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي
إذا هو لم يجعل له الله واقيا[1]

وقال الآخر:

خل الذنوب صغيرها
وكبيرها فهو التقى
كن مثل ماشٍ فوق أر
ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة
إن الجبال من الحصى[2]


والمعنى: ولو أنهم آمنوا، فصدقوا بقلوبهم وألسنتهم، وانقادوا بجوارحهم، لفعل ما أمرهم الله به، وترك ما نهاهم عنه، من السحر وغيره- فيما مضى وفيما يستقبل- وهذا يدل على أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، كما يدل على كفر مَن تعلَّموا السحر، وعدم إيمانهم.

 

﴿ لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ المثوبة: الأجر والجزاء، وسُمي أجرهم وجزاؤهم بالمثوبة، أخذاً من ثاب يثوب، إذا رجع؛ لأن ثمرة عملهم رجعت إليهم، كما قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ﴾ [فصلت: 46].

 

والمعنى: لكان لهم ثواب جزيل، وأجر عظيم، عند الله- عز وجل- في الدنيا والآخرة.

 

وفي وصف المثوبة بأنها من عند الله- عز وجل- تعظيم وتفخيم لها؛ لأنها من عند الله الجواد الكريم، فلا يدرك قدر عظمتها، إلا العظيم سبحانه.

 

وفي ذلك تأكيد ضمانها لهم؛ لأنها من عند الله- عز وجل- وهو الذي لا يخلف الميعاد.

 

وحقيقة هذه المثوبة التوفيق للسعادة في الدنيا تحت ظل الإيمان والتقوى، وفي الآخرة السعادة بدخول جنات النعيم، وما فيها من النعيم المقيم، الذي أعلاه النظر إلى وجه الله الكريم.

 

﴿ خَيْرٌ ﴾أي: أن مثوبة الله خير من كل شيء، خيرية مطلقة، خير مما باعوا به أنفسهم من تعلُّم السحر وتعليمه، ومما يحصلون عليه من متاع الدنيا، والثمن القليل، وغير ذلك.

 

﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ أي: لو كانوا من ذوي العلم النافع الذين ينتفعون بعلمهم، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 80]، وقوله تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [القصص: 60].

 

وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَرَوْحَةٌ في سبيل الله، أو غَدْوَةٌ، خير من الدنيا وما فيها، وَلَقَابُ قوس أحدكم من الجنة، أو موضع سوط أحدكم خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطَّلَعَت إلى أهل الأرض، لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحاً، وَلَنَصِيفُهَا على رأسها خير من الدنيا وما فيها"[3].

 

فمِن سعة حلمه- عز وجل- ورحمته- عرض على هؤلاء، وحضهم على الإيمان والتقوى، ووعدهم بالمثوبة العظمى، مع ما حصل منهم من اتباع الشياطين، وتعلُّم السحر والكفر، كما قال تعالى مخاطباً موسى وهارون- عليهما السلام- في دعوتهما فرعون: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].

 

وكما عرض عز وجل التوبة على الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 73، 74]، وعرض عز وجل التوبة على أصحاب الأخدود، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10].

 

قوله:﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ "لو" كسابقتيها، وجوابها دل عليه السياق، أي: لو كانوا يعلمون لآمنوا واتقوا.

 

وفي قوله هنا: ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾، تأكيد لشدة جهلهم، وعدم علمهم، وأن العلم الحقيقي الممدوح إنما هو ما انتفع به صاحبه، وأن من أعظم الجهل ترك الحق بعد معرفته والعلم به، وهذا من أخص أوصاف اليهود، ولهذا استحقوا غضب الله ومقته.

 

الفوائد والأحكام:

1- توبيخ أهل الكتاب والإنكار عليهم في تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم وردهم ما جاء به من الحق.

 

2- إثبات رسالته صلى الله عليه وسلم، وأنه مرسل من عند الله- عز وجل- للناس جميعاً، من أهل الكتاب وغيرهم؛ لقوله تعالى ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 101]: وفي هذا رد على مَن يزعم من أهل الكتاب أن رسالته صلى الله عليه وسلم خاصّة بالعرب، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158]، وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرْسِلت به؛ إلا كان من أصحاب النار"[4].

 

3- إخبار الكتب السماوية السابقة وبشارتها ببعثته صلى الله عليه وسلم، وتصديقه صلى الله عليه وسلم لما جاء فيها، فهو صلى الله عليه وسلم مصدِّق لها، ومصداق ما أخبرت وبشَّرت به.

 

4- شدة تكذيب أهل الكتاب للرسول صلى الله عليه وسلم، ونبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، واستهانتهم واستخفافهم به، وإعراضهم عنه، وقبح مسلكهم وسوء صنيعهم.

 

5- أن القرآن كلام الله- عز وجل-؛ لقوله تعالى: ﴿ كِتَابَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 101].

 

6- لا عذر ولا حجة لأهل الكتاب في تكذيب فريق منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونبذ القرآن وراء ظهورهم، لبشارة كتبهم به، وعلمهم التام بذلك، ومعرفتهم له كما يعرفون أبناءهم.

 

7- أن قيام الحجة على العالِـم أعظم من قيامها على الجاهل، فمن رد الحق مع علمه به ومعرفته له، فهو أعظم ذنباً وأشد عقوبة ممن رده عن جهل؛ لأن الجاهل قد يعذر؛ لقوله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 101].

 

8- أن مَن ترك الحق وأعرض عنه عناداً واستكباراً؛ ابتلي وعوقب باتباع الباطل، فهؤلاء اليهود الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ابتلوا باتباع ما تتلوه الشياطين من السحر والكفر، عقوبة لهم على نبذ ما جاءت به الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام.

 

9- ذم اليهود باتباعهم ما تتلوه الشياطين، وتمليه على ملك سليمان، من الأخبار الباطلة الكاذبة، ومن تعليم السحر.

 

10- إثبات نبوة سليمان- عليه السلام- وملكه العظيم.

 

11- أن السحر من تعليم الشياطين، وأعمالهم السيئة؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ﴾ [البقرة: 102]، وقوله: ﴿ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ [البقرة: 102].

 

12- تبرئة الله عز وجل سليمان- عليه السلام- مما عليه الشياطين، من الكفر، وتعليم السحر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ﴾ [البقرة: 102].

 

13- ابتلاء الناس وامتحانهم بإنزال السحر على الملكين، هاروت وماروت، ببابل، لتعليمه للناس، بعد بيانهما لمن يعلِّمانه أنهما فتنة، وتحذيرهما له من الكفر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102].

 

14- يجب على العاقل أن لا يغريه تيسر أسباب المعاصي للوقوع فيها، وأن يتأمل في عواقبها الوخيمة ويحذر منها، وأن يعلم أن ذلك من الابتلاء والامتحان له.

 

15- في تحذير الملكين لمن يعلِّمانه السحر من الكفر: إرشاد له لما خلق من أجله، وهو الإيمان بالله- عز وجل- وعبادته، مع اقتران ذلك بالابتلاء بالخير والشر، كما قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35] [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2].

 

16- يجب على المسلم النصح للآخرين، وإن أدَّى ذلك إلى إعراضهم عنه، ففي باب التعامل، يبيِّن صفة سلعته، وعيبها إن وجد، وفي باب قول الحق يقول الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم، وهكذا؛ لقوله تعالى: ﴿ ومَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102].

 

17- ليس فيما فعله الملكان من تعلُّم السحر وتعليمه منافاة لعصمة الملائكة؛ لأن الله- عز وجل- أباح لهما ذلك، وإن كان ذلك في حق غيرهما كفراً ومعصية، وذلك ابتلاء وامتحان للناس.

 

18- أن تعلم السحر وتعليمه كفر أكبر مخرج من الملة، وقد دلّت الآية على ذلك في عدة مواضع، منها ما يلي:

أ- قوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ [البقرة: 102] فهو كفر ومن عمل وتعليم الشياطين.

 

ب- قوله تعالى: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102] أي: فلا تكفر بتعلم السحر، والعمل به.

جـ- قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 102] والذي لا خلاق له ولا نصيب في الآخرة هو الكافر، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77].

 

د – قوله تعالى: ﴿ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [البقرة: 102] فأقسم- عز وجل- بأنهم باعوا أنفسهم بأسوأ وأقبح شيء، وليس هناك أسوأ ولا أقبح من الكفر.

 

هـ- قوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102] وفي هذا إشارة إلى أنهم لا علم عندهم، بل ليس عندهم إلا الجهل المطبق، وليس هناك أجهل ممن كفر بربه.

 

و- قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ﴾ [البقرة: 103] وهذا يدل على أنهم بتعلُّم السحر والعمل به جانبوا الإيمان والتقوى، أي: كفروا.

 

ز- تأكيد عدم علمهم وشدة جهلهم بما ينفعهم؛ لقوله تعالى في الآية الثانية: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103].

 

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرَّافاً أو كاهناً فقد كفر بما أُنزل على محمد"[5]، وإذا كان من أتاهما يكفر، فكفرهما من باب أولى. والعراف والكاهن والساحر كلهم يستخدمون الشياطين، ويدّعون علم الغيب، وكل ذلك كفر بالله عز وجل.

 

19- إثبات حقيقة السحر وتأثيره، وعظم شره وخطره، وذمه؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102]، كما قال تعالى عن سحرة فرعون: ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 116]، وقال تعالى: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66]، ولهذا يجب قتل الساحر، فعن بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ قال: "كتب عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاث سواحر"[6].

 

وصح عن حفصة أم المؤمنين- رضي الله عنها- "أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. فقُتِلَت"[7].

 

وعن الحسن عن جندب الأزدي- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حد الساحر ضربة بالسيف"[8].

 

وقد رُوي من طرق متعددة: "أن الوليد بن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه، فكان يضرب رأس الرجل، ثم يصيح به، فيرد إليه رأسه. فقال الناس: سبحان الله، يحيي الموتى، ورآه جندب بن كعب الأزدي، فلما كان من الغد جاء مشتملاً على سيفه. وذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط جندب سيفه، فضرب عنق الساحر. وقال: إن كان صادقاً فليحي نفسه، وتلا قوله تعالى: ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 3]، فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك، فحبسه، ثم أطلقه"[9].

 

وعن حارثة قال: "كان عند بعض الأمراء رجل يلعب فجاء جندب مشتملاً على سيفه فقتله، فقال: أراه كان ساحراً"[10].

 

قال الإمام أحمد: "صح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني: عمر، وحفصة، وجندباً- رضي الله عنهم[11].

 

فيُقتل الساحر- على الصحيح، رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو غير مسلم.

 

واختلفوا في قبول توبة الساحر، والصحيح أنها تقبل، كما تقبل توبة المشرك.

 

20- أن من أخبث أنواع السحر وأشده ضرراً، ما يفرق بين الأزواج، وهو المسمى بالصرف، ويقابله العطف، وهو أخبث منه وأشد.

 

21- حرص الشياطين وأتباعهم من السحرة على إفساد ما بين الأزواج.

 

22- أن نفوذ السحر وأثره وضرره لا يحصل إلا بإذن الله- عز وجل- الكوني؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 102].

 

وهكذا جميع الأسباب مهما عظمت وكثرت، لا تأثير لها إلا بإذن الله- عز وجل- وتقديره.

 

وفي هذا رد على القدرية في زعمهم أن أفعال العباد خارجة عن قدرة الله، وأنها مستقلة غير تابعة لمشيئته عز وجل.

 

23- أن تعلم السحر ضرر محض، لا نفع فيه بوجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ [البقرة: 102] فهو كفر، وسبب للشقاء في الدنيا والآخرة، وما يأخذه الساحر من أموال الناس بالباطل يذهب سحتاً، لا ينفعه لا في دينه ولا في دنياه.

 

24- علم اليهود بأن من اشترى السحر لا نصيب له في الآخرة، وإقدامهم مع ذلك على تعلمه وتعليمه والعمل به، جرأة منهم على الله- عز وجل-؛ ولهذا وصفوا في القرآن الكريم بالمغضوب عليهم؛ لتركهم الحق بعد معرفته، وارتكابهم الباطل مع العلم به.

 

25- توكيد ذم السحر وقبحه، وسوء عاقبة أهله الذين باعوا به أنفسهم، من اليهود وغيرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [البقرة: 102].

 

26- شدة جهل من تعلموا السحر من اليهود وغيرهم، وعدم علمهم علماً ينفعهم ويقودهم إلى الخير ويبعدهم من الشر، إذ لو كان عندهم أدنى علم بما ينفعهم ما تعلَّموا ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102].

 

27- سعة حلم الله- عز وجل- ورحمته- حيث عرض على هؤلاء الذين اتبعوا الشياطين، وتعلموا السحر والكفر أن يؤمنوا، ويتقوا، ورغَّبهم في ذلك، ووعدهم عليه بالمثوبة العظمى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 103].

 

28- أن الإيمان تصديق بالقلب واللسان، وعمل بالجوارح، بفعل الأوامر وترك النواهي، وفي هذا رد على المرجئة الذين يقولون يكفي مجرد الإيمان والتصديق بدون عمل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ﴾ [البقرة: 103].

 

29- أن ما عند الله من المثوبة والأجر العظيم لمن آمن به واتقاه خير من مكاسب الدنيا كلها، بل ومن الدنيا وما فيها؛ لقوله تعالى: ﴿ لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 103].

 

30- تأكيد شدة جهل من آثروا اتباع الشياطين، والكفر وتعلم السحر، على الإيمان والتقوى من اليهود وغيرهم، وعدم علمهم؛ لقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103].

 

31- أن التفضيل قد يقع بين شيئين لا فضل في أحدهما البتة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103]، ومعلوم أنه لا خير البتة في السحر والكفر، بل كل ذلك شر محض. وهذا كقوله تعالى: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان: 24]، إذ لا خير البتة ولا حسن في مصير أهل النار، وكقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27].

 

أن من أعظم الجهل، وآكده وأشده ضرراً، ترك الحق والعمل به، بعد معرفته والعلم به، ولهذا أكد عز وجل عدم علم المذكورين مرتين بقوله: ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103].


المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»



[1] البيت لأفيون التغلبي. انظر "لسان العرب" مادة: "وقى".

[2] الأبيات لابن المعتز. انظر: "ديوانه" (2/ 376)- تحقيق محمد بديع شريف- دار المعارف بمصر.

[3] أخرجه البخاري في الجهاد والسير (2796)، ومسلم في الإمارة (1880)، والترمذي في فضائل الجهاد (1651)، وابن ماجه في الجهاد (2757).

[4] أخرجه مسلم في الإيمان (153)- من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه.

[5] سبق تخريجه.

[6] أخرجه أحمد (1/ 90، 91).

[7] أخرجه مالك في "الموطأ"، وعبدالرزاق. وانظر: "أحكام القرآن للجصاص" (1/ 50)، "تفسير ابن كثير" (1/ 207)، "تيسير العزيز الحميد" ص(293).

[8] أخرجه الترمذي في الحدود (1460). وقال: "والصحيح عن جندب موقوف".

قال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 207): "قلت: رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن عن جندب مرفوعاً".

[9] ذكر هذا ابن كثير في "تفسيره" (1/ 207-208).

[10] أخرجه أبوبكر الخلال- فيما ذكر ابن كثير في "تفسيره" (1/ 208).

[11] انظر: "تيسير العزيز الحميد" ص(394).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: (أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا)
  • تفسير قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)
  • تفسير قوله تعالى: {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم}
  • تفسير قوله تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله }
  • تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه...}
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم}
  • تفسير قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا ...}
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (صراط الذين أنعمت عليهم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب