• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    ومضات نبوية: "لا أنساها لها"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الإمتاع في تحقيق قولهم: طلع البدر علينا من ثنيات ...
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الذكر والدعاء
علامة باركود

خطبة: تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (3)

خطبة: تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (3)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2024 ميلادي - 18/9/1445 هجري

الزيارات: 8929

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (3)


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ غَوْثِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَفَرَجِ الْمَكْرُوبِينَ، وَسُلْوَانِ الْمَهْمُومِينَ، وَمُجِيبِ الدَّاعِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يَفِيضُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ بِرِّهِ وَخَيْرِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَيَدُلُّهُمْ عَلَى مَوَاطِنِ عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَيَجْزِيهِمْ عَلَى قَلِيلِ أَعْمَالِهِمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَظُنُّونَ وَيُؤَمِّلُونَ؛ فَأَيْنَ الْعَامِلُونَ؟ أَيْنَ الْعَامِلُونَ؟! وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَلَّمَنَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَنَا، وَنَصَحَنَا فَأَبْلَغَ فِي نُصْحِنَا، وَرَغَّبَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَرَهَّبَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَمَا فَارَقَ أُمَّتَهُ إِلَّا وَقَدْ عَرَفُوا دِينَهُمْ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا؛ فَقَدْ مَضَى ثُلُثَا الشَّهْرِ، وَبَقِيَ الثُّلُثُ وَهُوَ كَثِيرٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِلطَّاعَاتِ، وَاكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ، وَمُجَانَبَةِ السَّيِّئَاتِ، وَفِيمَا بَقِيَ خَيْرٌ مِمَّا مَضَى؛ إِذْ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ أَحْيَاهَا فَقُبِلَ مِنْهُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا ثَمَانِينَ سَنَةً وَنَيِّفًا، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الْحَجِّ:77].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دَعَوَاتٌ كَثِيرَةٌ، يُلِحُّ أَصْحَابُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا، وَيَرْجُونَ إِجَابَتَهَا، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ أَجْمَعُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَالْمَأْثُورُ عَنْهُ مِنَ الدُّعَاءِ هُوَ أَجْمَعُ الدُّعَاءِ، وَأَدْعِيَتُهُ مِنْهَا مَا هُوَ طَلَبٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ اسْتِعَاذَةٌ؛ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا.

 

وَمَنْ تَعَوُّذَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَوَرَدَ أَيْضًا عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْتِمُ وِتْرَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمُبَارَكِ.

 

وَهَذَا التَّعَوُّذُ تَعَوُّذٌ عَظِيمٌ؛ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ مَعَانٍ عَظِيمَةٍ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَحَاجَةُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ دَائِمًا وَأَبَدًا، وَفِرَارُهُ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ. وَالتَّعَوُّذُ هُوَ الِاعْتِصَامُ وَالتَّحَصُّنُ وَاللُّجُوءُ إِلَى الْمُتَعَوَّذِ بِهِ؛ «فَاسْتَعَاذَ بِصِفَةِ الرِّضَا مِنْ صِفَةِ الْغَضَبِ، وَبِفِعْلِ الْعَافِيَةِ مِنْ فِعْلِ الْعُقُوبَةِ»، وَاسْتَعَاذَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، بِاللَّهِ تَعَالَى؛ أَيِ: اسْتَعَاذَ مِنْ فِعْلِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَدَرِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ؛ ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الْأَعْرَافِ:54]، ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الزُّمَرِ:62-63]، «فَإِذَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ بِعَبْدِهِ سُوءًاً لَمْ يُعِذْهُ مِنْهُ إِلَّا هُوَ؛ فَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ مَا يَسُوؤُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ دَفْعَهُ عَنْهُ... ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:17]، فَهُوَ الَّذِي يَمَسُّ بِالضُّرِّ، وَهُوَ الَّذِي يَكْشِفُهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؛ فَالْمَهْرَبُ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَاللَّجَأُ مِنْهُ إِلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلَا مُدَبِّرَ لِلْعَبْدِ سِوَاهُ، فَهُوَ الَّذِي يُحَرِّكُهُ وَيُقَلِّبُهُ، وَيُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ».

 

ثُمَّ بَعْدَ التَّعَوُّذِ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ؛ أَيْ: «وَإِنِ اجْتَهَدْتُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ فَلَنْ أُحْصِيَ نِعَمَكَ وَثَنَاءَكَ وَإِحْسَانَكَ»؛ «فَفِيهِ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ عَنْ تَفْصِيلِ الثَّنَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى بُلُوغِ حَقِيقَتِهِ، وَرَدٌّ لِلثَّنَاءِ إِلَى الْجُمْلَةِ دُونَ التَّفْصِيلِ وَالْإِحْصَارِ وَالتَّعْيِينِ، فَوَكَلَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَكَمَا أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِصِفَاتِهِ لَا نِهَايَةَ لِلثَّنَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّنَاءَ تَابِعٌ لِلْمُثْنَى عَلَيْهِ، وَكُلُّ ثَنَاءٍ أَثْنَى بِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَثُرَ وَطَالَ وَبُولِغَ فِيهِ؛ فَقَدْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ، وَسُلْطَانُهُ أَعَزُّ، وَصِفَاتُهُ أَكْبَرُ وَأَكْثَرُ، وَفَضْلُهُ وَإِحْسَانُهُ أَوْسَعُ وَأَسْبَغُ»، «وَفِي قَوْلِهِ: أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ؛ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ وَصْفُهُ، وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ؛ تَبَارَكَ اسْمُهُ، وَتَعَالَى جَدُّهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ».

 

وَلِذَا يُلْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَقَامِ الشَّفَاعَةِ لِلْخَلْقِ مَحَامِدَ يَفْتَحُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِهَا، لَمْ تُفْتَحْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ الْآنَ، يُلْهِمُنِيهِ اللَّهُ»، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: «فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي، وَلَيْسَ يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي»؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْتَهِي، وَلَا يَبْلُغُ أَحَدٌ -مَهْمَا كَانَ- ثَنَاءً عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، «فَإِذَا كَانَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِرَبِّهِ -وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ دُونَهُ بِدَرَجَاتٍ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى؟!».

 

وَلَوْ تَفَكَّرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ لَعَلِمْنَا أَنَّ الْحَامِدِينَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ لَدُنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى آخِرِ مُؤْمِنٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، سِوَى حَمْدِ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجِنِّ، وَثَنَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَكُلُّهُمْ مَعَ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ يَحْمَدُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ بِصِيَغٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَعِبَارَاتٍ مُنَوَّعَةٍ، وَلُغَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَبْقَى حَمْدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُلْهِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ، وَمَحَامِدُ أُخْرَى وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تُفْتَحُ لِأَيِّ مَخْلُوقٍ؛ فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يُحْصِيهَا سِوَاهُ، فَمَا أَعْظَمَ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ حِينَ يَعْجِزُ كُلُّ الْخَلْقِ عَنْ إِحْصَاءِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّنَاءِ، وَلَا يُحْصِيهِ سِوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ!

 

وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ وَهُوَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمُبَارَكِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ مَعَانِيَهُ الْعَظِيمَةَ؛ لِيَعْتَرِفَ «بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ وَفَهْمِ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَبَيَانِ صَمَدِيَّتِهِ، وَقُدُوسِيَّتِهِ، وَعَظَمَتِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَجَبَرُوتِهِ، مَا لَا يُنْتَهَى إِلَى عَدِّهِ، وَلَا يُوصَلُ إِلَى حَدِّهِ، وَلَا يُحَصِّلُهُ عَقْلٌ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ فِكْرٌ»، فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادِ كَلِمَاتِهِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقْبِلُوا الْعَشْرَ الْأَخِيرَةَ مِنْ رَمَضَانَ بِمَا يَلِيقُ بِفَضْلِهَا وَبَرَكَتِهَا مِنْ تَجْدِيدِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَتَقْوِيَةِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَكَثْرَةِ التَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَخَاصَّةً الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقَطِعُ فِيهَا عَنِ الْخَلْقِ لِلْخَالِقِ؛ مُعْتَكِفًا مُصَلِّيًا دَاعِيًا ذَاكِرًا مُتَدَبِّرًا مُتَفَكِّرًا، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهَا فَهُوَ خَيْرٌ عَظِيمٌ، وَلَوِ اعْتَكَفَ بَعْضَهَا، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ حَثَّ أَهْلَهُ عَلَى قِيَامِهَا؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِهَا وَأَجْرِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».

 

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَأَمَرَ أُمَّتَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ -يَعْنِي: لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

إِنَّهَا لَيْلَةٌ عَظِيمَةٌ لَوْ قَامَ الْعَبْدُ حَوْلًا كَامِلًا يَلْتَمِسُهَا لَمَا كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا، فَكَيْفَ وَهِيَ فِي رَمَضَانَ، وَفِي عَشْرِهِ الْأَخِيرَةِ؟! مَنْ وَفِّقَ لِإِحْيَائِهَا فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ أَحْيَا أَلْفَ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ أَيْ: خَيْرٌ مِمَّنْ أَحْيَا ثَمَانِينَ سَنَةً لَمْ يَتْرُكْ لَيْلَةً مِنْهَا، فَلَا يُفَرِّطُ فِي هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ إِلَّا مَحْرُومٌ.

 

أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ‌لَيْلَةِ ‌الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ:1-5].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (2)

مختارات من الشبكة

  • الوصف الشجي لصبر الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بزوغ الفجر والصبح في بيت النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/7/1447هـ - الساعة: 16:11
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب