• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما تركتهن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة
    بكر البعداني
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

التوحيد: أهميته وفضائله (خطبة)

التوحيد: أهميته وفضائله (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2024 ميلادي - 12/4/1446 هجري

الزيارات: 7306

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوحيد: أهميته وفضائله

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ، ‌وَأَوَّلُ ‌مَنَازِلِ ‌الطَّرِيقِ، وَأَوَّلُ مَقَامٍ يَقُومُ فِيهِ السَّالِكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَوَّلُ الدِّينِ وَآخِرُهُ، وَظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَلِأَجْلِهِ خُلِقَتِ الْخَلِيقَةُ، وَأُرْسِلَتِ الرُّسُلُ، وَأُنْزِلَتِ الْكُتُبُ، وَلِأَجْلِهِ افْتَرَقَ النَّاسُ إِلَى مُؤْمِنِينَ وَكُفَّارٍ، وَأَهْلِ جَنَّةٍ وَأَهْلِ نَارٍ، وَهُوَ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَأَوَّلُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَآخِرُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَجَمِيعُ الرُّسُلِ افْتَتَحُوا دَعْوَتَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النَّحْلِ: 36]، وَلَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُأَبَا سُفْيَانَ عَمَّا يَقُولُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ: قَالَ: يَقُولُ: «اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَمَّا سَأَلَ النَّجَاشِيُّعَنْ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَجَابَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: «دَعَانَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ؛ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ كُلُّهُ دَعْوَةٌ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَنَهْيٌ عَمَّا يُنَاقِضُهُ؛ فَهُوَ إِمَّا إِخْبَارٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ - وَهَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ الْعِلْمِيُّ الْخَبَرِيُّ، وَإِمَّا دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ – وَهَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَإِمَّا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَإِلْزَامٌ بِطَاعَتِهِ – فَهَذَا مِنْ حُقُوقِ التَّوْحِيدِ وَمُكَمِّلَاتِهِ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ إِكْرَامِ اللَّهِ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ - فَهَذَا مِنْ فَضَائِلِ التَّوْحِيدِ وَثَمَرَاتِهِ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَمَا فُعِلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّكَالِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْعُقْبَى مِنَ الْعَذَابِ – فَهَذَا جَزَاءُ مَنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَتَبْرُزُ أَهَمِّيَّةُ التَّوْحِيدِ وَفَضَائِلُهُ فِيمَا يَأْتِي:

1- التَّوْحِيدُ أَحَبُّ أَمْرٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: كَمَا أَنَّ الشِّرْكَ – الَّذِي يُنَاقِضُهُ – أَبْغَضُ أَمْرٍ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لُقْمَانَ: 13].

 

2- التَّوْحِيدُ أَفْضَلُ مَا نَطَقَ بِهِ النَّاطِقُونَ: فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَتَعَبَّدُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَدْعُونَهُ بِأَفْضَلِ الدُّعَاءِ، وَخَيْرِ الدُّعَاءِ، وَأَحْسَنِهِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَفِي لَفْظٍ: «خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

3- التَّوْحِيدُ يُبْطِلُ كَيْدَ الشَّيْطَانِ، وَيَنْفِي سُلْطَانَهُ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 99-100]، فَيَبْقَى سُلْطَانُ الشَّيْطَانِ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ، وَعَلَى مَنْ تَوَلَّاهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82-83]، فَأَعْظَمُ أَمْرٍ يَظْفَرُ بِهِ الشَّيْطَانُ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَنْ يُجَرِّدَهُ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَيُلْقِي بِهِ فِي الشِّرْكِ.

 

4- التَّوْحِيدُ مَفْزَعُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ: فَأَمَّا أَوْلِيَاؤُهُ: فَيُنَجِّيهِمُ اللَّهُ بِالتَّوْحِيدِ مِنْ كُرُبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَشَدَائِدِهَا؛ وَلِذَلِكَ فَزِعَ إِلَيْهِ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَجَّاهُ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، فَمَا دُفِعَتْ شَدَائِدُ الدُّنْيَا بِمِثْلِ التَّوْحِيدِ، وَلِذَلِكَ كَانَ دُعَاءُ الْكَرْبِ بِالتَّوْحِيدِ، وَدَعْوَةُ ذِي النُّونِ؛ إِذْ قَالَ: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 87]، وَالَّتِي مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كَرْبَهُ بِالتَّوْحِيدِ.

 

وَأَمَّا أَعْدَاؤُهُ: فَيُنَجِّيهِمْ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا وَشَدَائِدِهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 65]، فَلَا يُلْقِي فِي الْكُرَبِ الْعِظَامِ إِلَّا الشِّرْكُ، وَلَا يُنَجِّي مِنْهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ.

 

5- لَا تَنْفَعُ الِاعْتِقَادَاتُ وَالْأَعْمَالُ وَالْأَقْوَالُ إِلَّا إِذَا أُسِّسَتْ عَلَى التَّوْحِيدِ: وَمَتَى فُقِدَ التَّوْحِيدُ؛ حَبِطَ ثَوَابُ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا صَاحِبُهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 65]؛ وَعَدَّدَ سُبْحَانَهُ جَمَاعَةً عَظِيمَةً مِنَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ؛ ثُمَّ قَالَ: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 88].

 

6- التَّوْحِيدُ يَجْلِبُ لِصَاحِبِهِ الْأَمْنَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 82]، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ؛ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ: بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لُقْمَانَ: 13]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

7- التَّوْحِيدُ أَعْظَمُ سَبَبٍ لِلِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النُّورِ: 55].

 

8- التَّوْحِيدُ يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَعَلَيْهِ تَجْتَمِعُ الْكَلِمَةُ: فَالْمُسْلِمُونَ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ، أَفْرَدُوا اَللَّهَ تَعَالَى بِالْعُبُودِيَّةِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا مَعَهُ سِوَاهُ، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَوَقَعَ بَيْنَهُمُ التَّفَرُّقُ وَالشَّتَاتُ، الَّذِي حَذَّرَهُمْ مَعْبُودُهُمْ سُبْحَانَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سِمَةٌ بَارِزَةٌ لِأَهْلِ الشِّرْكِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الرُّومِ: 31-32].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّيَّةِ التَّوْحِيدِ وَفَضَائِلِهِ:

9- عِصْمَةُ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ: فَلَا يُؤْخَذُ مَالُ الْمَرْءِ، وَلَا يُسْفَكُ دَمُهُ إِلَّا بِحَقٍّ شَرْعِيٍّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَهُ: «مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.

 

10- التَّوْحِيدُ أَعْظَمُ سَبَبٍ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَتَكْفِيرِهَا: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 48]، فَمَنْ نُقِضَ تَوْحِيدُهُ، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ؛ فَلَا يُغْفَرُ ذَنْبُهُ، وَلَا يُتَجَاوَزُ لَهُ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، وَأَمَّا الْمُوَحِّدُ:فَذُنُوبُهُ يُرْجَى لَهَا الْمَغْفِرَةُ؛ وَلَوْ بَلَغَتْ عَنَانَ السَّمَاءِ.

 

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مِنْ أَسْبَابِ ‌الْمَغْفِرَةِ: ‌التَّوْحِيدُ، وَهُوَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ. فَمَنْ فَقَدَهُ؛ فَقَدَ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ؛ فَقَدْ أَتَى بِأَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ... فَمَنْ جَاءَ مَعَ التَّوْحِيدِ بِقُرَابِ الْأَرْضِ- وَهُوَ مِلْؤُهَا، أَوْ مَا يُقَارِبُ مِلْأَهَا- خَطَايَا؛ لَقِيَهُ اللَّهُ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً، لَكِنَّ هَذَا مَعَ مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِذُنُوبِهِ، ثُمَّ كَانَ عَاقِبَتُهُ أَلَّا يُخَلَّدَ فِي النَّارِ، بَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا، ثُمَّ يُدْخَلَ الْجَنَّةَ... فَإِنَّ هَذَا التَّوْحِيدَ هُوَ الْإِكْسِيرُ الْأَعْظَمُ [أَيِ: الْكِيمْيَاءُ]، فَلَوْ وُضِعَ ذَرَّةٌ مِنْهُ عَلَى جِبَالِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا؛ لَقَلَبَتْهَا حَسَنَاتٍ).

 

11- التَّوْحِيدُ أَعْظَمُ سَبَبٍ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ: كَثِيرَةٌ هِيَ النُّصُوصُ الَّتِي تُفِيدُ أَنَّ الْمُوَحِّدَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؛ سَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، أَوْ يَدْخُلُهَا بَعْدَ مَا يَنَالُ قِسْطًا مِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ عَلَى مَعَاصِيهِ، الَّتِي مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ فَقَالَ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ إِلَّا الْمُشْرِكُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 72].

 

12- التَّوْحِيدُ أَعْظَمُ سَبَبٍ لِنَيْلِ الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: فَلَا تَقَعُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا إِذَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلشَّافِعِ، وَرَضِيَ عَنِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النَّجْمِ: 26]،س وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إِلَّا لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، الَّذِينَ جَرَّدُوا التَّوْحِيدَ، وَخَلَّصُوهُ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، فَهُمُ الَّذِينَ ارْتَضَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ: فَلَا يَرْضَاهُمْ، وَلَا يَرْضَى قَوْلَهُمْ، وَلَا يَأْذَنُ بِالشَّفَاعَةِ فِيهِمْ: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 48].

 

وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، لَا يُشْرِكُهُمْ فِيهَا سِوَاهُمْ، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّونَ بِهَا؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلمة التوحيد .. مقتضاها ومدلولها
  • التوحيد أولا (لو كانوا يعلمون)
  • ثمرات التوحيد
  • تذكير الرشيد لحماية التوحيد
  • كلمة التوحيد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حماية جناب التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تعريف توحيد الربوبية والأدلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات: أهميته وسير الثابتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/2/1447هـ - الساعة: 8:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب