• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

علو الهمة ثمرات وفوائد (خطبة)

علو الهمة ثمرات وفوائد (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/11/2023 ميلادي - 25/4/1445 هجري

الزيارات: 20534

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عُلُوُّ الهِمَّة: ثَمَراتٌ وفَوائِدُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: امْتَدَحَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ أَصْحَابَ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ، وَالْمُسَارِعِينَ فِي الْخَيْرَاتِ، الْمُتَسَابِقِينَ لِلْوُصُولِ إِلَى النِّهَايَاتِ الْعَالِيَةِ، وَوَصَفَهُمْ بِأَحْسَنِ الْأَوْصَافِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (عُلُوُّ الْهِمَّةِ: أَلَّا تَقِفَ دُونَ اللَّهِ، وَلَا تَتَعَوَّضَ عَنْهُ بِشَيْءٍ سِوَاهُ، وَلَا تَرْضَى بِغَيْرِهِ بَدَلًا مِنْهُ، وَلَا تَبِيعَ حَظَّهَا مِنَ اللَّهِ، وَقُرْبِهِ وَالْأُنْسِ بِهِ، بِشَيْءٍ مِنَ ‌الْحُظُوظِ ‌الْخَسِيسَةِ الْفَانِيَةِ؛ فَالْهِمَّةُ الْعَالِيَةُ: كَالطَّائِرِ الْعَالِي عَلَى الطُّيُورِ، لَا يَرْضَى بِمَسَاقِطِهِمْ، وَلَا تَصِلُ إِلَيْهِ الْآفَاتُ الَّتِي تَصِلُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْهِمَّةَ كُلَّمَا عَلَتْ بَعُدَتْ عَنْ وُصُولِ الْآفَاتِ إِلَيْهَا. فَعُلُوُّ هِمَّةِ الْمَرْءِ: عُنْوَانُ فَلَاحِهِ، وَسُفُولُ هِمَّتِهِ: عُنْوَانُ حِرْمَانِهِ).

 

وَحَدِيثُنَا فِي ثَمَرَاتِ عُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَفَوَائِدِهَا، وَمِنْ أَهَمِّهَا:

1- صَلَاحُ الدُّنْيَا: عَالِي الْهِمَّةِ يَتَجَاوَزُ حُطَامَ الدُّنْيَا وَحَقَارَتَهَا، وَيُصَوِّبُ هَمَّهُ نَحْوَ الْآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا، وَيَرْجُو مِنَ اللَّهِ أَنْ يُحَقِّقَ لَهُ مَا يَتَمَنَّى؛ ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 257]. فَاللَّهُ وَلِيُّهُ وَنَاصِرُهُ وَمُعِينُهُ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْعَزَائِمِ وَالْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ أَنْ يُجَازِيَهُمْ بِالْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النَّحْلِ: 97]؛ فَبِقَدْرِ صَلَاحِ الْمَرْءِ، وَعُلُوِّ هِمَّتِهِ، وَقُوَّةِ عَزْمِهِ؛ يَنَالُ مِنَ الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا أَهْلَ الْعَزَائِمِ.

 

وَالنَّصْرُ وَالتَّوْفِيقُ حَلِيفُ الْمُؤْمِنِ صَاحِبِ الْهِمَّةِ الْعَظِيمَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غَافِرٍ: 51]. وَالْمَعْنَى: نَنْصُرُ رُسُلَنَا وَأَتْبَاعَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالظَّفَرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ؛ ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يُونُسَ: 62-64].

 

وَالِاسْتِعْمَارُ فِي الْأَرْضِ يَحْتَاجُ إِلَى هِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَعَزِيمَةٍ صَادِقَةٍ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هُودٍ: 61]؛ أَيْ: جَعَلَكُمْ مُعَمِّرِيهَا بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَعْمِيرًا لِلْأَرْضِ.

 

2- صَلَاحُ الْآخِرَةِ: الْمُؤْمِنُونَ لَيْسُوا طُلَّابَ دُنْيَا فَحَسْبُ؛ بَلْ هُمْ يَطْلُبُونَ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَكَثِيرًا مَا رَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ صَلَاحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ - فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 122]. قَالَ الشَّنْقِيطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّلَاحَ فِي الدُّنْيَا يَظْهَرُ بِالْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، ‌وَسَائِرِ ‌الطَّاعَاتِ، وَأَنَّهُ فِي الْآخِرَةِ يَظْهَرُ بِالْجَزَاءِ الْحَسَنِ).

 

فَاللَّهُ تَعَالَى يُكَافِئُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ حُسْنِ الْفِعَالِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمُكَافَأَةُ فِي الْآخِرَةِ أَعْظَمُ وَأَدْوَمُ، وَعَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْمَطْلُوبِ تَعْظُمُ الْهِمَّةُ: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 19].

 

3- عُلُوُّ الْمَطَالِبِ: قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يَطْلُبُهُ، وَعَالِي الْهِمَّةِ لَا يَرْضَى بِالدُّونِ، وَلَا يُرْضِيهِ إِلَّا مَعَالِي الْأُمُورِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى، فَهَا هُوَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَعْدَ كُلِّ مَا أَصَابَهُ مِنْ هُمُومٍ وَمَصَائِبَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِضَعْفٍ؛ بَلْ تَحَدَّى الصِّعَابَ، وَطَلَبَ الْمَعَالِيَ؛ بِأَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يُوسُفَ: 55].

 

وَالنَّاسُ يَتَمَايَزُونَ بِتَمَايُزِ هِمَمِهِمْ، فَمَنْ دَنَتْ هِمَّتُهُ فَاتَهُ الْقِطَارُ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشُّورَى: 20]. وَأَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ، وَالْمَطَالِبِ السَّامِيَةِ يُكَافِئُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُعْطِيهِمْ مِنَ النَّعِيمِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ [ق: 31-34].

 

وَكُلَّمَا قَوِيَ عَزْمُ الْمُؤْمِنِ كَانَتْ مَطَالِبُهُ أَسْمَى، وَصَغُرَتْ فِي عَيْنِهِ الْمَطَالِبُ الدُّنْيَا، وَيَتَجَلَّى ذَلِكَ فِي دُعَائِهِ: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 74]. فَهُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ فَحَسْبُ؛ بَلْ لَهُمْ رَغْبَةٌ مُلِحَّةٌ بِأَنْ يَكُونُوا أَئِمَّةً لَهُمْ، وَكُلَّمَا عَظُمَ الْهَدَفُ وَسَمَتِ النَّفْسُ إِلَيْهِ؛ ارْتَفَعَتِ الْهِمَّةُ، وَوُصِفَ صَاحِبُهَا بِأَنَّهُ عَالِي الْهِمَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 88-89]؛ فَالَّذِينَ يُرِيدُونَ أَمْثَالَ هَذَا الْفَوْزِ هُمْ مَنْ يَمْتَلِكُونَ هِمَمًا وَعَزَائِمَ تَبْلُغُ عَنَانَ السَّمَاءِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ ثَمَرَاتِ عُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَفَوَائِدِهَا:

4- الِاسْتِبَاقُ إِلَى الْخَيْرَاتِ: السَّبْقُ إِلَى الْخَيْرَاتِ يَكْشِفُ عَنِ الْمَعَادِنِ النَّفِيسَةِ الَّتِي تُوَاظِبُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَتَسْتَزِيدُ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَتُقْلِعُ عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَتُرَاقِبُ رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، فَوَقْتُ السَّبْقِ هُوَ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّكْلِيفِ، وَوَقْتُ الْعَمَلِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُنَافَسَةِ وَالِاسْتِبَاقِ إِلَى الْخَيْرَاتِ: مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ؛ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ - إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قُلْتُ: مِثْلَهُ. قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَالْأَمْثِلَةُ عَلَى تَنَافُسِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْعِبَادَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ كَثِيرَةٌ لَا يُحْصِيهَا عَادٌّ؛ مِمَّا جَعَلَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ثَنَاءَ اللَّهِ تَعَالَى.

 

5- الْعَزْمُ وَالْجِدُّ: هَذَا الدِّينُ عَظِيمٌ، وَلَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَمْلِهِ إِلَّا صَاحِبُ هِمَّةٍ انْطَلَقَ مُسْرِعًا بَعْدَ أَنِ امْتَطَى خَيْلَ الْهِمَّةِ وَالْعَزِيمَةِ وَالْجِدِّ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ ‌صَادِقَ ‌الرَّغْبَةِ، قَوِيَّ الْفَهْمِ، ثَاقِبَ النَّظَرِ، عَزِيزَ النَّفْسِ، عَالِيَ الْهِمَّةِ، أَلَّا يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِالدُّونِ، وَلَا يَقْنَعَ بِمَا دُونَ الْغَايَةِ، وَلَا يَقْعُدَ عَنِ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ الْمُبَلِّغَيْنِ لَهُ إِلَى أَعْلَى مَا يُرَادُ، وَأَرْفَعِ مَا يُسْتَفَادُ).

 

فَالْمُسْلِمُ يَقِفُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ عَالِيَ الْهِمَّةِ كَالطَّوْدِ الشَّامِخِ، لَا يَنْحَنِي وَلَا يَضْعُفُ، تَنْزِلُ بِهِ الْمِحَنُ فَلَا يَنْهَزِمُ؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ؛ يَشْعُرُ وَكَأَنَّ الْمِحَنَ تَنْزِلُ عَلَى قَلْبِهِ كَقَطَرَاتِ النَّدَى تُطَهِّرُ نَفْسَهُ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، اسْتِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لُقْمَانَ: 17]؛ أَيْ: مِنَ الْأُمُورِ الْحَازِمَةِ الْجَادَّةِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى إِلَّا بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، تَلْتَزِمُ بِهَا قَوْلًا وَعَمَلًا، وَتَثْبُتُ عَلَيْهَا.

 

6- الذِّكْرُ الْحَسَنُ: صَاحِبُ الْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ يُؤْثِرُ حُبَّ الْآخِرَةِ عَلَى حُبِّ الدُّنْيَا؛ وَلِهَذَا اسْتَحَقَّ الذِّكْرَ الْحَسَنَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 27]. فَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ سَعَادَةِ الدُّنْيَا الْمَوْصُولَةِ بِسَعَادَةِ الْآخِرَةِ؛ فَكَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا الرِّزْقُ الْوَاسِعُ الْهَنِيءُ، وَالْمَنْزِلُ الرَّحْبُ، وَالْمَوْرِدُ الْعَذْبُ، وَالزَّوْجَةُ الْحَسْنَاءُ، وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، وَالذِّكْرُ الْحَسَنُ، وَكُلُّ أَحَدٍ يُحِبُّهُ وَيَتَوَلَّاهُ.

 

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ ذِكْرُهُ؛ عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ بَصْمَتَهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكَافِئُهُ بِأَعْظَمَ مِمَّا قَدَّمَ، وَأَقَلُّهُ بِالذِّكْرِ الْحَسَنِ؛ ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 60].

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: علو الهمة
  • الشباب وعلو الهمة
  • علو الهمة بالرضا بأقدار الله تعالى
  • الخير والفضل في علو الهمة
  • علو الهمة في سيرة الإمام النووي رحمه الله
  • علو الهمة
  • علو الهمة يتحقق بعدم سؤال الناس

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة العلو للعلي العظيم (العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها) (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • علو الهمة وصلابة الإرادة في مواجهة الأزمات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسس وقواعد الإيمان بصفات الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفاوت الأولاد في الذكاء وعلو الهمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • علو الهمة في طلب الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواقف في علو الهمة في طلب العلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المرأة وعلو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة عن علو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب