• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير سورة القدر

أبو عاصم البركاتي المصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2021 ميلادي - 8/10/1442 هجري

الزيارات: 37675

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة القدر


سورة القدر: مكية؛ وقيل مدنية في قول كثيرين؛ عدد الآيات: 5.

 

مناسبة السورة لما قبلها:

جاءت سورة القدر - المبينة لأمر إنزال القرآن وبيان شرف وقت إنزاله - في ترتيب المصحف بعد سورة العلق؛ التي هي أول ما نزل من القرآن إلى الأرض.

 

وقد اتصلت السورتان في المقاصد والمعاني فقد ورد الأمر بقراءة القرآن والأمر بعبادة الله وحده الذي إليه المرجع والمآل؛ والتحذير من محاربة المصلين؛ وكذا فيهما الدعوة إلى اغتنام الأوقات المفضلة والتي فيها يضاعف ثواب الأعمال.

 

مناسبة السورة لما بعدها:

بعدها سورة البينة؛ والبينة هي الرسول الذي يتلو كتاب الله الذي تقدم بيان شرف ليلة إنزاله وهي ليلة القدر؛ حتى يقيم به الحجة على من خالفه ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.

 

مقاصد سورة القدر:

(1) بيان أن القرآن كلام الله ووحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .

 

(2) بيان شرف وقت إنزال القرآن.

 

(3) بيان فضل العبادة في ليلة القدر.

 

(4) بيان تنزل الملائكة وجبريل عليهم السلام في ليلة القدر ولا تنزل إلا لأمر عظيم.

 

(5) بيان أن الله أخفاها في العشر الأواخر حتى لا يتكل الناس ويتركوا العبادة في غيرها.

♦   ♦   ♦


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) ﴾

﴿ إِنَّا ﴾: ضمير العظمة لله تعالى؛ وهي صيغة تأتي في مقام تعظيم الله لنفسه؛ نحو قوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾؛ وقوله:﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾.

 

وقوله: ﴿ أَنْزَلْنَاهُ ﴾: النزول يكون من علو؛ والضمير يعود إلى القرآن؛ وليلة القدر في رمضان لقوله تعالى ﴿ شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن ﴾؛ ورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوله: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي عِنْدَ رَبِّ الْعِزَّةِ حَتَّى وُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ جَعَلَ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ بِحِرَاءَ بِجَوَابِ كَلامِ الْعِبَادِ وَأَعَمَالِهِمْ"[1].

 

وعليه فالقرآن نزل جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا وكان ذلك في ليلة القدر؛ ثم ابتدأ نزوله في ليلة القدر بواسطة جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء بمكة، ثم توالى نزوله حتى تم في ثلاث وعشرين سنة مدة الدعوة قبل الهجرة وبعدها قال تعالى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106].

 

﴿ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ والقدر بمعنى الشرف والعظمة وعلو الشأن؛ ومنه قوله تعالى ﴿ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ أي ما عظموه بما يوافق قدره العظيم.

 

قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَعْنَاهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الْعَظِيمِ وَالشَّرَفِ، وَعِظَمُ الشَّأْنِ. ولِأَنَّهَا تُكْسِبُ مَنْ أَحْيَاهَا قَدْرًا عَظِيمًا عند الله تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه » متفق عليه.

 

وقيل القدر: بمعنى الحكم والتقدير؛ قال مجاهد: لَيْلَةُ الْحُكْمِ.

 

لِأَنَّهُ تُقَدَّرُ فِيهَا الْآجَالُ وَالْأَرْزَاقُ وَحَوَادِثُ الْعَالَمِ كُلُّهَا وَتُدْفَعُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ لِتَمْتَثِلَهُ؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَمُجَاهِدٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَفْصِلُ كُلَّ مَا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ مِنَ الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَكْتُبُ ذَلِكَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.

 

وقيل القدر: بمعنى التضييق ومنه قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ أي ضُيِق؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ فِيهَا بِالْمَلَائِكَةِ.

 

وليلة القدر في رمضان في العشر الأواخر لحديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» [متفق عليه].

 

وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوَتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» [متفق عليه].

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فليتحراها فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» [متفق عليه].

 

وأخرج البخاري برقم (2021) بسنده عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «التَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى».

 

وأخرج الإمام أحمد والترمذي وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»؛ من حديث أبي بَكْرَة قال: مَا أَنَا مُلْتَمِسُهَا لِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «التَمِسُوهَا فِي تِسْعٍ يَبْقَيْنَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ، أَوْ فِي خَمْسٍ يَبْقَيْنَ، أَوْ فِي ثَلَاثِ أَوَاخِرِ لَيْلَةٍ».

 

وأخرج مسلم في "صحيحه" بسنده إلى زِر بن حُبَيْشٍ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي، أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ؟ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، قَالَ: بِالْعَلَامَةِ، أَوْ بِالْآيَةِ الَّتِي «أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ، لَا شُعَاعَ لَهَا».

♦   ♦   ♦


تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) ﴾

﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ يَا مُحَمَّد تَعْظِيمًا لَهَا ﴿ مَا لَيْلَةُ الْقدر ﴾ مَا فضل لَيْلَة الْقدر.

 

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ وَما أَدْراكَ، فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ.

 

وأخفاها الله عن عباده لتفخيم شأنها وتضخيم أمرها، ليَجِدُّوا فِي الْعَمَلِ وَلَا يَتَّكِلُوا عَلَى فَضْلِهَا وَيُقَصِّرُوا فِي غَيْرِهَا.

♦   ♦   ♦


تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ﴾

خير: أي أفضل وأعظم.

ألف: والعرب غايتها ومنتهاها في الأعداد الألف؛ ثم تضاعفه إن احتاجت.

ومنه قوله تعالى: ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ يَعْنِي جَمِيعَ الدَّهْرِ.

والمعنى: عبادة الله في ليلة القدر خير من العبادة مدة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.

 

وَأخرج مَالك فِي "الْمُوَطَّأ" (1/ 321): أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرِي أَعمال النَّاس قبله أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل مثل مَا بلغ غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خيرا من ألف شهر.

 

وورد عَنْ مُجَاهِدٍ مرسلا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ؛ قَالَ: فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:

 

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ الَّتِي لَبِسَ ذَلِكَ الرَّجُلُ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ[2] .

♦   ♦   ♦


تفسير قوله تعالى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) ﴾

﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ أي تَهْبِطُ من السماء إلى الأرض فتضيق الأرض ليلتها بالملائكة؛ والتنزل: بالتشديد، دليل على الكثرة، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى؛ والتنزل يدل على التتابع فتنزل الملائكة شيئا فشيئا حتى تملأ الأرض؛ فَلا تَبْقَى بُقْعَةٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلا وَعَلَيْهَا مَلَكٌ، إِمَّا سَاجِدٌ وَإِمَّا قَائِمٌ، يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.

 

﴿ وَالرُّوحُ ﴾: هو جبريل عليه السلام خصه الله بالذكر لشرفه وفضله؛ قال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ .

 

﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ وقال: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ وقوله: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ﴾ [مريم: 17]

 

فقد تبين أن روح القدس والروح الأمين هو جبريل عليه السلام.

 

وَقِيلَ: الرُّوحُ الرَّحْمَةُ يَنْزِلُ بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، لقوله تعالى: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ﴾ [النحل: 2]

 

وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: «إِنَّهَا لَيْلَةُ سَابِعَةٍ - أَوْ تَاسِعَةٍ - وَعِشْرِينَ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى»[3].

 

﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ قال ابن عثيمين: وقوله تعالى: ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ أي بأمره، والمراد به الإذن الكوني؛ لأن إذن الله -أي أمره- ينقسم إلى قسمين: إذن كوني، وإذن شرعي، فقوله تعالى: ﴿ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى:21] أي: ما لم يأذن به شرعًا، لأنه قد أذن به قدرًا، فقد شرع من دون الله، لكنه ليس بإذن الله الشرعي، وإذن قدري كما في هذه الآية: ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ أي بأمره القدري، وقوله: ﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ قيل إن ﴿ مِنْ ﴾ بمعنى الباء أي بكل أمر مما يأمرهم الله به، وهو مبهم لا نعلم ما هو، لكننا نقول إن تنزل الملائكة في الأرض عنوان على الخير والرحمة والبركة[4].

 

قوله:﴿ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾: أي بِكُلِّ أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ وَقَضَاهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى قَابِلٍ، كقوله تعالى: ﴿ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11] أَيْ بِأَمْرِ اللَّهِ.

♦   ♦   ♦


تفسير قوله تعالى: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾

﴿ سَلَامٌ ﴾: أَيْ ذَاتُ سَلَامَةٍ؛ قال مُجَاهِدٌ: هِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سُوءًا وَلَا أَذًى.

 

قال الضّحاك: لا يقدر الله سبحانه في تلك الليلة إلّا السلامة، فأمّا في الليالي الأخر فيقضي الله تعالى فيهنّ البلاء والسلامة.

 

قلت ولعل لذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى العفو فعن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن وافت لَيْلَةُ الْقَدْرِ فما أقول؟ قال: « قولي: اللهمّ إنّك عفوّ تحب العفو فاعف عنّي».

 

وقيل ﴿ سَلَامٌ ﴾: لَا يحل لكوكب أَن يرْجم بِهِ فِيهَا حَتَّى يصبح.

 

وعَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿ سَلَامٌ ﴾ قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر لم تزل الْمَلَائِكَة تخفق بأجنحتها بِالسَّلَامِ من الله وَالرَّحْمَة من لدن صَلَاة الْمغرب إِلَى طُلُوع الْفجْر.

 

وأخرج ابن حبان في "صحيحه" بسنده عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ نُسِّيتُهَا، وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَجْرُهَا» [5].

 

وَأخرج الإمام أحمد وعنه البيهقي في "شعب الإيمان (5/ 276)" واللفظ له عن عُبَادَة بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضْلِ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ثُمَّ قَالَ: " وَمِنْ أَمَارَتِهَا أَنَّهَا لَيْلَةٌ بَلْجَةٌ صَافِيَةٌ سَاكِنَةٌ لَا حَارَّةٌ، وَلَا بَارِدَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا، وَإِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي صَبِيحَتِهَا مُسْتَوِيَةً لَا شُعَاعَ لَهَا " [6] .

 

انتهى تفسير سورة القدر



[1] "تفسير الدر المنثور" للسيوطي (8/ 569).

[2] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/146) رقم (8597)، وأخرجه أيضًا الواحدي في "أسباب النزول"( 1/ 303، 304 ).

[3] أخرجه الإمام أحمد (10734) والطيالسي (2668) وابن خزيمة (2194) والطبراني في "الأوسط" (2522 )، (4937 ) والبزار (9447 بحر) وإسناده حسن.

[4] "تفسير جزء عم" للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 271.

[5] أخرجه ابن حبان (3688) وابن خزيمة في صحيحه (2190) وهو حسن لشواهده.

[6] أخرجه أحمد (22765) والبيهقي في شعب الإيمان (5/ 276) وإسناده ضعيف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة القدر
  • تفسير سورة القدر
  • تفسير سورة القدر للأطفال
  • تأملات في سورة القدر
  • تفسير سورة القدر

مختارات من الشبكة

  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الكوثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الهمزة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الفيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة المسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الكافرون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي الأنبياء والمؤمنون (17 - 18) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب