• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نعمة الطعام ومحنة الجوعى (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فضل الدعاء عند الرفع من الركوع
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (28) «وعظنا ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تفسير: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    النميمة مفتاح الفتن وباب للجريمة
    شعيب ناصري
  •  
    المفصل في المفضل في تلاوة صلاة الصبح
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    طهارة المرأة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الفرق بين الشبهة والشهوة
    عصام الدين أحمد كامل
  •  
    السجع في القرآن بين النفي والإثبات
    د. عبادل أحمد دار
  •  
    التوثيق القرآني لبيت المقدس
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا ...)

تفسير القرآن الكريم


تاريخ الإضافة: 4/4/2017 ميلادي - 8/7/1438 هجري

الزيارات: 76122

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا ...)


♦ الآية: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾.

♦ السورة ورقم الآية: النساء (6).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وابتلوا اليتامى ﴾ أَيْ: اختبروهم في عقولهم وأديانهم ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ﴾ أَيْ: حال النِّكاح من الاحتلام ﴿ فإن آنستم ﴾ أبصرتم ﴿ منهم رشدًا ﴾ صلاحًا للعقل وحفظًا للمال ﴿ ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ﴾ أَيْ: لا تبادروا بأكل مالهم كبرَهم ورشدهم حذر أن يبلغوا فيلزمكم تسليم المال إليهم ﴿ وَمَنْ كان غنيًّا ﴾ من الأوصياء ﴿ فليستعف ﴾ عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئًا ﴿ ومَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ﴾ يقدِّر أجرة عمله ﴿ فإذا دفعتم ﴾ أَيُّها الأولياء ﴿ إليهم ﴾ إلى اليتامى ﴿ أموالهم فأشهدوا عليهم ﴾ لكي إنْ وقع اختلافٌ أمكن الوليِّ أن يقيم البيِّنة على ردِّ المال إليه ﴿ وكفى بالله حسيبًا ﴾ محاسبًا ومجازيًا للمحسن والمسيء.

♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتامى ﴾، الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ رِفَاعَةَ وَفِي عَمِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ رِفَاعَةَ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَهُ ثَابِتًا وَهُوَ صَغِيرٌ، فَجَاءَ عَمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي يَتِيمٌ فِي حِجْرِي، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْ مَالِهِ وَمَتَى أَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه الآية وَابْتَلُوا الْيَتامى أي: اخْتَبِرُوهُمْ فِي عُقُولِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ وَحِفْظِهِمْ أَمْوَالَهُمْ، ﴿ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ﴾، أَيْ: مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِنْ آنَسْتُمْ، أبصرتم، مِنْهُمْ رُشْدًا، قال الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي: عَقْلًا وَصَلَاحًا فِي الدِّينِ وَحِفْظًا لِلْمَالِ وَعِلْمًا بِمَا يصلحه. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا حَتَّى يُؤْنِسَ مِنْهُ رُشْدَهُ، وَالِابْتِلَاءُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ فِي السُّوقِ فَيَدْفَعُ الْوَلِيُّ إِلَيْهِ شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْمَالِ وَيَنْظُرُ فِي تَصَرُّفِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لا يتصرف في السوق فيختبره فِي نَفَقَةِ دَارِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى عَبِيدِهِ وَأُجَرَائِهِ، وَتُخْتَبَرُ الْمَرْأَةُ فِي أَمْرِ بَيْتِهَا وَحِفْظِ مَتَاعِهَا وَغَزْلِهَا وَاسْتِغْزَالِهَا، فَإِذَا رَأَى حُسْنَ تَدْبِيرِهِ، وَتَصَرُّفِهِ فِي الْأُمُورِ مِرَارًا يَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ رُشْدُهُ، دَفَعَ الْمَالَ إِلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ زَوَالَ الْحَجْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَجَوَازَ دَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِ بِشَيْئَيْنِ: بالبلوغ والرّشد، والبلوغ يَكُونُ بِأَحَدِ أَشْيَاءَ أَرْبَعَةٍ: اثْنَانِ يَشْتَرِكُ فِيهِمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَاثْنَانِ مختصان بِالنِّسَاءِ، فَمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الرِّجَالُ والنساء أمران أَحَدُهُمَا السِّنُّ، وَالثَّانِي الِاحْتِلَامُ، أَمَّا السِّنُّ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حُكِمَ بِبُلُوغِهِ غُلَامًا كان أو جارية، لما: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي، قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: هذا فرق ما بَيْنَ الْمُقَاتَلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَكَتَبَ أَنْ يُفْرَضَ لِابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْمُقَاتَلَةِ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فِي الذُّرِّيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: بُلُوغُ الْجَارِيَةِ باستكمال سبع عشرة سنة، وَبُلُوغُ الْغُلَامِ بِاسْتِكْمَالِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَنَعْنِي بِهِ نُزُولَ الْمَنِيِّ سَوَاءً كَانَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْجِمَاعِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِذَا وجد ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ حُكْمٌ بِبُلُوغِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ﴾ [النور: 59]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ فِي الْجِزْيَةِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» وَأَمَّا الْإِنْبَاتُ، وَهُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ الْخَشِنِ حَوْلَ الْفَرَجِ، فَهُوَ بُلُوغٌ فِي أَوْلَادِ المشركين، لما: رُوِيَ عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ فَمَنْ أُنْبِتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبَتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ مِمَّنْ لَمْ يُنْبَتْ، وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بُلُوغًا فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يَكُونُ بُلُوغًا كَمَا فِي أَوْلَادِ الْكُفَّارِ، وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ بُلُوغًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى مَوَالِيدِ الْمُسْلِمِينَ بِالرُّجُوعِ إِلَى آبَائِهِمْ، وَفِي الْكُفَّارِ لَا يُوقَفُ عَلَى مَوَالِيدِهِمْ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ آبَائِهِمْ فِيهِ لِكُفْرِهِمْ، فَجُعِلَ الْإِنْبَاتُ الَّذِي هُوَ أَمَارَةُ البلوغ بلوغا في حقهم، وأما مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ فَالْحَيْضُ وَالْحَبَلُ، فَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا وَلَدَتْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَأَمَّا الرُّشْدُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُصْلِحًا فِي دِينِهِ وماله، والصلاح فِي الدِّينِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْمَعَاصِي الَّتِي تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ، وَالصَّلَاحُ فِي الْمَالِ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُبَذِّرًا، وَالتَّبْذِيرُ: هُوَ أَنْ يُنْفِقَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ مَحْمَدَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَلَا مَثُوبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ، أَوْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهَا، فَيَغِبْنُ فِي الْبُيُوعِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَهُوَ مُفْسِدٌ فِي دِينِهِ وَغَيْرُ مُصْلِحٍ لِمَالِهِ، دَامَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ، وَلَا يُنْفَذُ تَصَرُّفُهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ زَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا فِي دِينِهِ، وَإِذَا كَانَ مُفْسِدًا لِمَالِهِ قَالَ: لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْمَالُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، غَيْرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ يَكُونُ نَافِذًا قَبْلَهُ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لِمَنِ اسْتَدَامَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ﴾، أَمْرَ بِدَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ، وَالْفَاسِقُ لَا يَكُونُ رَشِيدًا وَبَعْدَ بُلُوغِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ مُفْسِدٌ لِمَالِهِ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرُ رَشِيدٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ إِلَيْهِ كَمَا قَبْلَ بُلُوغِ هَذَا السَّنِّ، وَإِذَا بَلَغَ وَأُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ زَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَدُفِعَ إِلَيْهِ الْمَالُ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ، وَعِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إِلَيْهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ دُفِعَ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ لَا يَنَفُذُ تَصَرُّفُهَا إِلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ، مَا لَمْ تَكْبُرْ وَتُجَرِّبُ، وإذا بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا وَزَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ سَفِيهًا نُظِرَ فَإِنَ عَادَ مُبَذِّرًا لِمَالِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ مُفْسِدًا فِي دِينِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: يُعَادُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَدَامُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَالثَّانِي: لَا يُعَادُ لِأَنَّ حُكْمَ الدَّوَامِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الِابْتِدَاءِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا حَجْرَ عَلَى الْحَرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ بِحَالٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَجْرِ مِنِ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، مَا رُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ابْتَاعَ أَرْضًا سَبْخَةٍ بِسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَآتِيَنَّ عُثْمَانَ فَلَأَحْجُرُنَّ عَلَيْكَ فَأَتَى ابْنُ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ الزبير: أنا شريكك في بيعك فَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ وَقَالَ احْجُرْ عَلَى هَذَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ فِي بَيْعٍ شَرِيكُهُ فِيهِ الزُّبَيْرُ، فَكَانَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ حَتَّى احْتَالَ الزُّبَيْرُ فِي دَفْعِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا تَأْكُلُوها ﴾، يَا مَعْشَرَ الْأَوْلِيَاءِ ﴿ إِسْرافًا ﴾، بِغَيْرِ حَقٍّ، ﴿ وَبِدارًا ﴾ أي: مبادرة، ﴿ أَنْ يَكْبَرُوا ﴾ وأَنْ في محل نصب، يَعْنِي: لَا تُبَادِرُوا كِبَرَهُمْ وَرُشْدَهُمْ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَبْلُغُوا فَيَلْزَمَكُمْ تَسْلِيمَهَا إِلَيْهِمْ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يحل لهم ومن مَالِهِمْ فَقَالَ: ﴿ وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ﴾، أَيْ: لِيَمْتَنِعْ مِنْ مَالِ اليتيم فلا يرزؤه قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَالْعِفَّةُ الِامْتِنَاعُ مِمَّا لَا يَحِلُّ، ﴿ وَمَنْ كانَ فَقِيرًا ﴾ مُحْتَاجًا إِلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَهُوَ يَحْفَظُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ، ﴿ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ السِّجْزِيُّ أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَّةَ التَّمَّارُ أَخْبَرَنَا أَبُو داود السِّجِسْتَانِيُّ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده رضي الله عنهم: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِيَ يَتِيمٌ، فَقَالَ: «كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مبذّر وَلَا مُتَأَثِّلٍ»، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هل يلزمه القضاء، فذهب قوم إلى أن يَقْضِي إِذَا أَيْسَرَ وَهُوَ الْمُرَادُ من قوله: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، والمعروف الْقَرْضُ، أَيْ: يَسْتَقْرِضُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَيْسَرَ قَضَاهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ الله تعالى بمنزلة وليّ الْيَتِيمِ: إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفَتُ وَإِنِ افْتَقَرَتُ أَكَلَتُ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذَا أَيْسَرْتُ قضيت. وقال الشافعي: لا يأكله إلا أن يُضْطَرَّ إِلَيْهِ كَمَا يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ هَذَا الْأَكْلِ بِالْمَعْرُوفِ، فَقَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ: يَأْكُلُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَلَا يسرف ولا يكتسي منه، وقال النخعي: لا يَلْبَسُ الْكَتَّانَ وَلَا الْحُلَلَ، وَلَكِنْ مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَوَارَى الْعَوْرَةَ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَجَمَاعَةٌ: يَأْكُلُ مِنْ تمر نَخِيلِهِ وَلَبَنِ مَوَاشِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَلَا فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ فعليه رَدَّهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَعْرُوفُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَخِدْمَةُ الْخَادِمِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، أخبرنا أبو إسحاق السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ لِي يَتِيمًا وَإِنَّ لَهُ إِبِلًا أَفَأَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ إِبِلِهِ؟ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَبْغِي ضَالَّةَ إِبِلِهِ وَتَهْنَأُ جَرْبَاهَا وَتَلِيطُ حَوْضَهَا وَتَسْقِيهَا يوم ورودها فَاشْرَبْ غَيْرَ مُضِرٍّ بِنَسْلٍ وَلَا نَاهِكٍ فِي الْحَلْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمَعْرُوفُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ بِقَدْرِ قِيَامِهِ وَأُجْرَةِ عَمَلِهِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، ﴿ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ﴾، هذا أمر وإرشاد، وليس بِوَاجِبٍ، أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَى دفع المال إلى اليتيم بعد ما بَلَغَ لِتَزُولَ عَنْهُ التُّهْمَةُ وَتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ، ﴿ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ مُحَاسِبًا ومجازيًا وشاهدًا.

 

تفسير القرآن الكريم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/3/1447هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب