• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى

خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى
الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم


تاريخ الإضافة: 1/3/2014 ميلادي - 28/4/1435 هجري

الزيارات: 46913

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبودية الكائنات لله تعالى


ألقى فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "عبودية الكائنات لله تعالى"، والتي تحدَّث فيها عن عبودية الكائنات لرب الأرض والسماوات، وأنه ما من مخلوقٍ من مخلوقات الله من حجرٍ أو شجرٍ أو حيوان أو نباتٍ أو طيرٍ إلا وهو يعبُد الله ويسجد له ويُسبّحه. فحريٌّ بالمؤمن أن يكون خيرًا من هذه الكائنات والمخلوقات. وذكرَ في ثنايا خطبته أدلة ذلك من الكتاب والسنة.


 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فمن اتَّقى ربَّه ارتقَى درجات، وطابَ مآلُه بعد الممات.


أيها المسلمون:

اتَّصفَ الله تعالى بصفات الكمال والجمال، وتنزَّه من كل عيبٍ ونقصٍ، هو غنيٌّ عما سِواه من المخلوقات وهي مُفتقِرةٌ إليه، قال - سبحانه -:   ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 8].


ذو الجلال والكبرياء، ذلَّ له كل شيءٍ وأسلمَ طوعًا وكرهًا، استسلمَ له المؤمنُ بقلبِه وظاهره، والكافرُ مُستسلمٌ له كرهًا بالتسخير والقهر، قال - عز وجل -: ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾  [آل عمران: 83].


دانَ الجميعُ لله، فمن في السماوات والأرض والطير كلُّها تُصلِّي لله وتعبُد بحسب حالِها اللائِق بها، قال - عز وجل -:   ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ [النور: 41].


وتدخلُ الملائكةُ كل يومٍ البيتَ المعمور في السماء تُصلِّي فيه لله، قال - عليه الصلاة والسلام - في حديث الإسراء: «فرُفِع لي البيتُ المعمور، فسألتُ جبريلَ، فقال: هذا البيتُ المعمورُ يُصلِّي فيه كل يومٍ سبعون ألف ملَك إذا خرَجوا لم يعودوا إليه آخرَ ما عليهم»؛ متفق عليه.


وجميعُ الكائنات تسجُد خاضِعةً ذليلةً لله، قال - عز وجل -: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 18].


قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ولا يجبُ أن يكون سجود كل شيءٍ مثلَ سجود الإنسان".


والدوابُّ والملائكةُ تسجُد خوفًا من الله، قال تعالى:   ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 49، 50].


والشمسُ تذهبُ كل يومٍ تحت العرش وتسجُد لله، قال - عليه الصلاة والسلام - لأبي ذرٍّ حين غربَت الشمسُ: «أتدرِي أين تذهب؟». قلتُ: الله ورسولُه أعلم. قال: «فإنها تذهبُ حتى تسجُد تحت العرش»؛ متفق عليه.


قال ابن العربي - رحمه الله -: "ولا مانعَ من قُدرة الله أن يُمكَّن كلُّ شيءٍ من الحيوان والجمادات أن يسجُد له".


بل كلُّ ما له ظلٌّ في الكون يسجُد لله، قال - سبحانه -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾  [النحل: 48].


ومع صلاة المخلوقات لله وسُجودهم له فإنهم يُسبِّحونه، قال تعالى:   ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ﴾ [الإسراء: 44].


والرعد يُسبِّح بحمده وجلاً منه، والنملُ يُقدِّسُ الله ويُنزِّهُه عن الشريك والمثيل، قال - عليه الصلاة والسلام -: «قرصَت نملةٌ نبيًّا من الأنبياء، فأمرَ بقريةِ النمل فأُحرِقَت، فأوحَى الله إليه: أن قرصَتك نملةٌ أحرقتَ أمةً من الأمم تُسبِّح؟!»؛ متفق عليه.


والنباتُ يُسبِّح الله وحده، قال ابن القيم - رحمه الله -: "فتبارك الله ربُّ العالمين الذي يعلمُ مساقِط تلك الأوراق ومنابِتها، فلا تخرجُ منها ورقةٌ إلا بإذنه، ولا تسقُط إلا بعلمِه، ومع هذا فلو شاهَدَها العبادُ على كثرتها وتنوُّعها وهي تُسبِّح بحمد ربِّها مع الثمار والأفنان والأشجار لشاهَدوا من جمالِها أمرًا آخر، ولرأوا خِلقتَها بعينٍ أخرى، ولعلِموا أنها لشأنٍ عظيمٍ خُلِقَت".


وكان الصحابةُ - رضي الله عنهم - وهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمَعون تسبيحَ الطعام، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ولقد كُنَّا نسمعُ تسبيحَ الطعام وهو يُؤكَل"؛ رواه البخاري.


وكلُّ ذرَّةٍ في الكون تُوحِّدُ الله، قال تعالى:   ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: 44].


قال ابن كثيرٍ - رحمه الله -: "وهذا عامٌّ في الحيوانات والجمادات والنباتات".


وكيفيةُ التسبيح لا يعلمُها إلا الله، قال - عز وجل -: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].


ومع تسبيحِ الحجارة لله تهبِطُ من علوِّها خشيةً لله خاضعةً مُنكسِرةً له، قال - عز وجل -: ﴿ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 74].


والسماءُ والأرضُ مُطيعةٌ لله مُمتثلةٌ أمرَه، قال لهما: استجِيبَا لأمري طائعتَين أو مُكرهتَين ﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾  [فصلت: 11].


ولما عُرِض عليها وعلى الجبال حملُ الأمانة التي هي التكاليفُ الشرعية ولهنَّ ثوابٌ إن فعلن ذلك، وإن لم يقُمن بها فعليهنَّ العقاب، أبَيْن حملَها خوفًا ألا يقُمنَ بما حُمِّلنَهنَّ لا عِصيانًا لربِّهنَّ.


وجماداتٌ تحبُّ رسولَ الله ص تحبُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تُسلِّم عليه في حياته، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إني لأعرفُ حجرًا بمكّة كان يُسلِّم عليَّ قبل أن أُبعَث، إني لأعرفُه الآن»؛ رواه مسلم.


وجِذعُ نخلةٍ فارقَه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحنَّ له الجِذعُ وبكى؛ قال جابرٌ - رضي الله عنه -: "كان المسجدُ مسقوفًا على جُذوعٍ من نخلٍ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطبَ يقومُ إلى جِذعٍ منها، فلما صُنِع له المنبر وكان عليه - أي: وتركَ الجِذع -. قال: سمِعنا لذلك الجِذع صوتًا كصوتِ العِشار - أي: النُّوق الحوامِل - حتى جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعَ يدَه عليها فسكنَت"؛ رواه البخاري.


وكان الحسنُ البصريُّ - رحمه الله - إذا حدَّث بهذا الحديث يقول: "يا معشر المسلمين! الخشبةُ تحِنُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقًا إلى لقائِه، فأنتم أحقّ أن تشتاقوا إليه".


واتِّباعُ هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير غلوٍّ ولا تفريطٍ من صدقِ محبَّته.


وصخرةٌ تحرَّكت حين صعِد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكابرُ صحابته، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على حِراء - جبل بمكّة - هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزُّبير، فتحرَّكت الصخرةُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اهدأ فما عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شهيدٌ»؛ رواه مسلم.


بل اهتزَّ جبلٌ بأكمله لما صعِدَه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع خلفاء راشِدين، قال أنسٌ - رضي الله عنه -: صعِد النبي - صلى الله عليه وسلم - أُحُدًا ومعه أبو بكرٍ وعُمر وعُثمان، فرجَفَ بهم، فضربَه برِجلِه، قال: «اثبُت أُحُد، فما عليك إلا نبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شهِيدان»؛ رواه البخاري.


قال ابن المُنيِّر - رحمه الله -: "وهذه هزَّةُ الطرَب، ولهذا نصَّ على مقام النبُوَّة والصدِّيقيَّة والشهادة التي تُوجِبُ سُرورَ ما اتَّصَلت به".


ومن أطاعَ الله ورسولَه وهو مؤمنٌ فإن جبلَ أُحُد يُحبُّه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أُحُدٌ جبلٌ يُحبُّنا ونُحبُّه»؛ رواه البخاري.


قال النووي - رحمه الله -: "أُحُدٌ يُحبُّنا حقيقةً، جعلَ الله تعالى فيه تمييزًا يحبّ به".


وكان عند آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيوانٌ وحشيٌّ إذا دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيتَه لم يتحرَّك الحيوان لئلا يُؤذِي النبي - صلى الله عليه وسلم -.


 

قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحشٌ، فإذا خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعبَ واشتدَّ وأقبلَ وأدبرَ، فإذا أحسَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخلَ ربضَ - أي: جلسَ - فلم يترمرَم - أي: لم يتحرَّك - ما دامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت كراهيةَ أن يُؤذِيَه"؛ رواه أحمد.


وجميعُ المخلوقات سِوى العاصِي من الثَّقَلين يعلمُ أن محمدًا رسول الله، قال جابرٌ - رضي الله عنه -: أقبَلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفَرٍ، حتى إذا دفعنا إلى حائطٍ من حيطان بني النجار، إذا فيه جملٌ لا يدخلُ الحائطَ أحدٌ إلا شدَّ عليه - أي: هاجَ عليه -.


فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء حتى أتى الحائط، فدعا البعيرَ فجاء واضِعًا مِشفراه - وهي كالشَّفَة من الإنسان -، وضعَ مِشفراه إلى الأرض حتى بركَ بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هاتُوا خِطامَه» فخطمَه ودفعَه إلى صاحبِه، ثم التفتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس وقال: «إنه ليس شيءٌ بين السماء والأرض إلا يعلمُ أني رسولُ الله إلا عاصِي الجنّ والإنس»؛ رواه أحمد.


ومن كان من علماء الإسلام فإن من في السماوات والأرض والحِيتان تدعُو له بالمغفرة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «وإن العالِم ليستغفِرُ له من في السماوات ومن في الأرض، والحِيتان في جوف الماء»؛ رواه أبو داود.


وشجرُ الغرقَد يُوالِي المُؤمنين وينصُرُهم، قال - عليه الصلاة والسلام -: «تُقاتِلون اليهودَ حتى يختبِئَ أحدُهم وراءَ الحجر، فيقول: يا عبدَ الله! هذا يهوديٌّ ورائِي فاقتُله»؛ متفق عليه.


ومنا ما يُلبِّي بتلبِيَة المُسلم، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما من مُسلمٍ يُلبِّي - أي: في الحجّ أو العُمرة - إلا لبَّى من عن يمينِه أو عن شِماله من حجرٍ أو شجرٍ أو مَدَرٍ - أي: طين - حتى تنقطِع الأرضُ من ها هنا وها هنا»؛ رواه الترمذي.


وتبكِي السماءُ والأرضُ حُزنًا على فراقِ المؤمن، قال - سبحانه - عن قوم فرعون: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾  [الدخان: 29].


قال ابن عباس - رضي الله عنه -: "إذا فقدَ المؤمنُ مُصلاَّه من الأرض التي كان يُصلِّي فيها ويذكُر الله فيها بكَت عليه السماءُ والأرض".


وأما العُصاةُ فإن المخلوقات تتأذَّى منهم، وإذا ماتوا استراحَت منهم؛ مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازةٍ فقال: «مُستريحٌ ومُستراحٌ منه». قالوا يا رسول الله! ما المُستريحُ والمُستراحُ منه؟ قال: «العبدُ المؤمنُ يستريحُ من نصَب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبادُ الفاجرُ يستريحُ منه البلاد والعباد والشجرُ والدوابُّ»؛ متفق عليه.


والشركُ بالله أعظمُ الذنوب، وإذا سمعَت الجمادات شركًا به تعالى فزِعَت عظمةً لله لانتِقاص حقِّه في الألوهية، قال - سبحانه -: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 88- 90].


قال ابن كثيرٍ - رحمه الله -: "أي: يكادُ يكونُ ذلك عند سماعِهنَّ هذه المقالة من فجَرة بني آدم إعظامًا للربِّ وإجلالاً؛ لأنهم مخلوقاتٌ ومُؤسَّساتٌ على توحيده".


ونطقَ طائرٌ بالإنكار على المُشركين من بني آدم لشِركهم بالله، ودعاهم إلى التوحيد، قال الهُدهُد لسليمان - عليه السلام -:  ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ [النمل: 22- 25].


ولما كان الهُدهُد داعيًا إلى الخير وعبادة الله وحده والسجود له؛ "نُهِي عن قتله"؛ رواه أحمد.


وبعد، أيها المسلمون:

فالكلُّ من الملائكة والجمادات والنباتات والحيوانات نطقَ بتنزيه الله وتوحيده، وسجدَ لله وأطاعَه، وحقيقٌ ببني آدم أن يكون كذلك.


وإذا حقَّق الإنسانُ العبوديةَ كان أشرفَ المخلوقات، ومن أشركَ به كانت الدوابُّ أتمَّ منه، قال - سبحانه -:   ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ [الأعراف: 179].


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:  ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه.


 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنِه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا مزيدًا.


أيها المسلمون:

المخلوقاتُ ذليلةٌ لله قانتةٌ له، ويحرُم أن يُدعَى شيءٌ منها من دون الله، قال - سبحانه -: ﴿ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37].


ومع قُنوتها لله فهي مُسخَّرةٌ لنا لنستعينَ بها على طاعته، قال - عز وجل -:   ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ [الجاثية: 13].


ومن أطاعَ ربَّه رفعَه الله وأعلى مكانته.


ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، واصرِف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطَن، اللهم ولِّ عليهم خيارَهم، واصرِف عنهم شرَّ شِرارهم، واجعَل ديارَهم ديارَ أمنٍ وإيمانٍ يا قوي يا عزيز.

اللهم من أرادَنا أو أراد الإسلام أو المسلمين بسُوءٍ فأشغِله في نفسه، واجعل كيدَه في نجره، والقِ الرُّعبَ في قلبِه.


  ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


اللهم وفِّق إمامنا لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ووفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين للعملِ بكتابك، وتحكيمِ شرعك يا ذا الجلال والإكرام.


عباد الله:

 ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾   [النحل: 90].


فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسجد النبوي: عودة الأئمة إلى المحراب النبوي في الصلوات(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دفع ما يوهم التعارض في البيان النبوي: دراسة بلاغية تطبيقية على الحديث النبوي الشريف (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة المسجد النبوي 26/11/1433 هـ - عز العبد في عبوديته لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 19/9/1432 هـ - أسرار العبودية في رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب